الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(يَجُوزُ فِي الْوُضُوءِ) بَدَلًا عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، فَالْوَاجِبُ عَلَى لَابِسِهِ الْغَسْلُ وَالْمَسْحُ وَالْغَسْلُ أَفْضَلُ. كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي آخِرِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ، وَاحْتَرَزُوا بِالْوُضُوءِ عَنْ الْغَسْلِ فَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ فِيهِ وَاجِبًا كَانَ أَوْ مَنْدُوبًا كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ مَأْخُوذٌ مِنْ حَدِيثِ الْجَنَابَةِ الْأَتْيِ آخِرَ الْبَابِ
(لِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَلِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةً بِلَيَالِيِهَا) لِحَدِيثِ ابْنَيْ خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَرْخَصَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً إذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا» . وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ: سَأَلْت عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَ: «جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ» . (مِنْ الْحَدَثِ بَعْدَ لُبْسٍ) لِأَنَّ وَقْتَ الْمَسْحِ يَدْخُلُ بِالْحَدَثِ
ــ
[حاشية قليوبي]
وَعَلَى إحْدَاهُمَا، فَيَجُوزُ لُبْسُهَا وَالْمَسْحُ عَلَيْهَا حَيْثُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْأُخْرَى شَيْءٌ، مِنْ نَحْوِ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ، وَبِذَلِكَ سَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْخُفَّيْنِ أَوْلَى كَمَا فِي الْمَنْهَجِ، وَلِرِجْلٍ مِنْ خَشَبٍ حُكْمُ الْأَصْلِيَّةِ إنْ وَجَبَ غَسْلُهَا، وَالْعَلِيلَةُ كَالصَّحِيحَةِ، فَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الصَّحِيحَةِ فَقَطْ لِوُجُوبِ التَّيَمُّمِ عَنْ الْعَلِيلَةِ، وَلِزَائِدَةٍ وَجَبَ غَسْلُهَا حُكْمُ الْأَصْلِيَّةِ أَيْضًا، وَيَجُوزُ ضَمُّ أَكْثَرَ مِنْ رِجْلٍ فِي فَرْدَةٍ، أَيْ مِنْ خُفٍّ، وَيَكْفِي عَلَيْهِ مَسْحٌ وَاحِدٌ، وَمَسْحُ الْخُفِّ رَافِعٌ لَا مُبِيحٌ، وَهُوَ رُخْصَةٌ، وَلَا يَضُرُّ جَوَازُهُ لِلْمُقِيمِ الْعَاصِي كَالتَّيَمُّمِ، وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ. وَأَوَّلُ مَشْرُوعِيَّتِهِ فِي سَنَةِ الْهِجْرَةِ، وَالرُّخَصُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالسَّفَرِ ثَمَانِيَةٌ أَرْبَعَةٌ خَاصَّةٌ بِالطَّوِيلِ مَسْحُ الْخُفِّ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالْقَصْرُ وَالْجَمْعُ وَفِطْرُ رَمَضَانَ، وَأَرْبَعَةٌ عَامَّةٌ: أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَالنَّافِلَةُ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَتَرْكُ الْجُمُعَةِ وَإِسْقَاطُ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ، فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (يَجُوزُ) بِمَعْنَى لَا يَحْرُمُ فِعْلُهُ وَلَا يَجِبُ تَرْكُ الْغُسْلِ إلَيْهِ لَا بِمَعْنًى يُبَاحُ الَّذِي رَتَّبَ عَلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ مَا فِيهِ تَكَلُّفٌ، وَأَصْلُهُ النَّدْبُ وَمَتَى وَقَعَ كَانَ وَاجِبًا كَمَا يَأْتِي، فَيَعْتَرِيهِ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ بِأَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ بَلْ مُتَوَاتِرَةٍ.
قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: حَدَّثَنِي سَبْعُونَ صَحَابِيًّا «بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ» . قَالَ بَعْضُهُمْ: وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ إنْكَارُهُ كُفْرًا. قَوْلُهُ (بَدَلًا) بِمَعْنَى أَنَّهُ كَافٍ عَنْ الْغُسْلِ لِأَنَّهُ أَصْلٌ كَمَا يَأْتِي فِي خِصَالِ الْكَفَّارَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْبَدَلِيَّةِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَى تَعَذُّرِ الْأَصْلِ، فَمَتَى وَقَعَ كَانَ وَاجِبًا كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (وَالْغُسْلُ أَفْضَلُ) كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الْجَوَازِ وَالْبَدَلِيَّةِ، وَصَرَّحَ بِهِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ حَقِيقَةِ الْبَدَلِيَّةِ، وَلَا يَجِبُ لُبْسُهُ ابْتِدَاءً اتِّفَاقًا وَلَوْ مَعَ ضِيقِ وَقْتٍ، وَتَذَكُّرِ فَائِتَةٍ، وَقِلَّةِ مَاءٍ، وَقَدْ يَجِبُ عَلَى لَابِسِهِ دَوَامُهُ كَمَنْ مَعَهُ مَاءٌ يَكْفِي الْمَسْحَ وَلَوْ مَعَ سَعَةِ وَقْتٍ، أَوْ لِنَاقِلَةٍ.
قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ، وَقَدْ يَجِبُ الْمَسْحُ لِعَارِضٍ كَمَنْ خَافَ وَلَوْ بِظَنٍّ غَيْرِ مُؤَكَّدٍ فَوْتَ عَرَفَةَ أَوْ الرَّمْيِ أَوْ طَوَافِ الْوَدَاعِ أَوْ جَمَاعَةٍ مُتَعَيِّنَةٍ كَالْجُمُعَةِ أَوْ خُرُوجِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا، وَالْمَعْنَى فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا مَسَحَ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ فِي وَقْتِهَا، وَأَدْرَكَ مَا ذَكَرَ، وَلَوْ غَسَلَ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ فَقَطْ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْمَسْحُ، وَيَحْرُمُ الْغُسْلُ، وَقَدْ يُنْدَبُ دَوَامُهُ فَيُكْرَهُ نَزْعُهُ كَخَوْفِ فَوْتِ جَمَاعَةٍ غَيْرِ مُتَعَيِّنَةٍ، وَقَدْ يُنْدَبُ الْمَسْحُ فَيُكْرَهُ الْغُسْلُ كَالِاقْتِدَاءِ بِهِ أَوْ لِرَغْبَةٍ عَنْ السُّنَّةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُرَجِّحُ الْغُسْلَ عَلَيْهِ لِنَظَافَتِهِ مَثَلًا لَا بِمَعْنَى عَدَمِ اعْتِقَادِ سُنِّيَّتِهِ، لِأَنَّهُ كُفْرٌ، أَوْ لِشَكٍّ فِي جَوَازِهِ بِمَعْنَى عَدَمِ طُمَأْنِينَةِ نَفْسِهِ إلَيْهِ أَوْ لِمُعَارَضَةِ دَلِيلٍ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ، لَا بِمَعْنَى الشَّكِّ فِي طَلَبِهِ شَرْعًا لِمَا مَرَّ، وَقَدْ يُكْرَهُ الْمَسْحُ كَمَا لَوْ كَرَّرَهُ، وَقَدْ يَحْرُمُ كَمَغْصُوبٍ، وَيَصِحُّ أَوْ يَحْرُمُ بِلَا عُذْرٍ، وَلَا يَصِحُّ. قَوْلُهُ:(عَنْ الْغُسْلِ) وَكَذَا إزَالَةِ النَّجَاسَةِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ عَدَمُ كِفَايَةِ الْمَسْحِ عَنْ الْغُسْلِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْجَنَابَةِ نَصًّا وَمِنْ غَيْرِهَا قِيَاسًا.
قَوْلُهُ: (لِلْمُقِيمِ إلَخْ) وَعِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ لَا يَتَقَيَّدُ الْمَسْحُ بِمُدَّةٍ لِمُقِيمٍ وَلَا لِمُسَافِرٍ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ لِلْمُقِيمِ أَصْلًا. قَوْلُهُ: (أَرْخَصَ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ رُخْصَةٌ وَلَوْ لِلْمُقِيمِ الْعَاصِي كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) مَنْصُوبٌ عَلَى التَّوَسُّعِ بِإِقَامَتِهِ مَقَامَ الْمَصْدَرِ الْمُضَافِ الْمَحْذُوفِ لَا مَعْمُولَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَعْمَلُ مَحْذُوفًا وَلَا لِقَوْلِهِ أَنْ يَمْسَحَ بَعْدَهُ لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْحَرْفِ الْمَصْدَرِيِّ لَا يَعْمَلُ فِيمَا قَبْلَهُ، وَأَنْ يَمْسَحَ بَدَلٌ مِنْ الْمَصْدَرِ الْمَحْذُوفِ. قَوْلُهُ:(مِنْ الْحَدَثِ) أَيْ مِنْ آخِرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ فِي جَمِيعِ الْأَحْدَاثِ، وَهُوَ الْوَجْهُ وِفَاقًا لِوَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا مُخَالِفًا لِمَا فِي حَاشِيَتِهِ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْأَحْدَاثِ الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مِنْ أَنَّهُ فِي النَّوْمِ وَاللَّمْسِ وَالْمَسِّ وَالسُّكْرِ تَحْسُبُ الْمُدَّةُ مِنْ أَوَّلِهِ، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ آخِرِهِ، لِعَدَمِ مَا ذَكَرَ لِأَنَّ شَأْنَهَا أَنْ تَكُونَ عَنْ اخْتِيَارٍ.
وَيَحْسُبُ مِنْ الْمُدَّةِ زَمَنُ الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ
ــ
[حاشية عميرة]
الْخُفِّ» ، انْتَهَى.
قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: الْقِرَاءَتَانِ فِي الْأَرْجُلِ بِالنَّصْبِ وَالْجَرِّ، كَالْآيَتَيْنِ فَقِرَاءَةُ النَّصْبِ لِلْغَسْلِ وَقِرَاءَةُ الْجَرِّ لِلْمَسْحِ، وَهُوَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الزَّوَائِدِ خِلَافًا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ.
[مُدَّة الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]
قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَرْخَصَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلَخْ) أَيْ مَسْحَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ حَذَفَ الْمُضَافَ فَانْتَصَبَ الْمُضَافُ إلَيْهِ انْتِصَابَهُ عَلَى التَّوَسُّعِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِضَعْفِ عَمَلِ الْمَصْدَرِ مَحْذُوفًا، وَلِأَنَّ صِلَةَ أَنَّ وَهُوَ يَمْسَحُ الْآتِيَ لَا يَعْمَلُ فِيمَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا بَدَلٌ مِنْ الْمَصْدَرِ الْمُقَدَّرِ، ثُمَّ
فَاعْتُبِرَتْ مُدَّتُهُ مِنْهُ، وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَوْلَ أَبِي ثَوْرٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْمُدَّةِ مِنْ الْمَسْحِ لِأَنَّ قُوَّةَ الْأَحَادِيثِ تُعْطِيهِ، وَالْمُرَادُ بِلَيَالِيِهِنَّ ثَلَاثُ لَيَالٍ مُتَّصِلَةٌ بِهِنَّ سَوَاءٌ سَبَقَ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ لَيْلَتُهُ بِأَنْ أَحْدَثَ وَقْتَ الْغُرُوبِ أَمْ لَا، كَأَنْ أَحْدَثَ وَقْتَ الْفَجْرِ، فَلَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ أَوْ النَّهَارِ اُعْتُبِرَ قَدْرُ الْمَاضِي مِنْهُ مِنْ اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ أَوْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ، وَعَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ يُقَالُ فِي مُدَّةِ الْمُقِيمِ ثُمَّ مَسْحُ الْمُسَافِرِ ثَلَاثَةً يَسْتَدْعِي أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ قَدْرَهَا وَلَوْ ذَهَابًا وَإِيَابًا، فَإِنْ كَانَ دُونَهَا مَسَحَ فِي الْقَصْرِ مُدَّةَ الْمُقِيمِ وَفِيمَا فَوْقَهُ إلَى أَنْ يُقِيمَ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ عَكَسَ، وَالْعَاصِي بِسَفَرِهِ يَمْسَحُ مُدَّةَ الْمُقِيمِ، وَصَاحِبُ الضَّرُورَةِ كَالْمُسْتَحَاضَةِ يَمْسَحُ لِفَرْضٍ وَنَوَافِلَ أَوْ لِنَوَافِلَ فَقَطْ كَمَا سَيَأْتِي
(فَإِنْ مَسَحَ حَضَرًا ثُمَّ سَافَرَ أَوْ عَكَسَ) أَيْ مَسَحَ
ــ
[حاشية قليوبي]
إنْ وُجِدَا فِي أَثْنَائِهَا، وَلَوْ اجْتَمَعَ حَدَثَانِ بِاخْتِيَارِهِ وَغَيْرُهُ حُسِبَتْ الْمُدَّةُ مِنْ آخِرِ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا، وَعَلَى مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ تَحْسُبُ مِنْ أَوَّلِ الَّذِي بِاخْتِيَارِهِ وَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْآخَرِ كَلَمْسٍ فِي أَثْنَاءِ جُنُونِهِ، وَلَوْ تَقَطَّعَ بَوْلُهُ مَعَ تَوَاصُلٍ فَمِنْ آخِرِهِ وَإِلَّا فَمِنْ آخِرِ أَوَّلِهِ وَغُسْلُ رِجْلَيْهِ، وَلَوْ عَنْ حَدَثٍ فِي الْخُفِّ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ لَا يَقْطَعُهَا. قَوْلُهُ:(لِأَنَّ وَقْتَ الْمَسْحِ) أَيْ الرَّافِعَ لِلْحَدَثِ فَلَا يُنَافِي نَدْبُ تَجْدِيدِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. قَوْلُهُ: (فَاعْتُبِرَتْ مُدَّتُهُ مِنْهُ) لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِوَقْتِ الْعِبَادَةِ إلَّا مَا يَجُوزُ فِعْلُهَا فِيهِ كَوَقْتِ الصَّلَاةِ، وَهَذَا هُوَ الْمُقْتَضِي لِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ مِنْ آخِرِ الْحَدَثِ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(وَالْمُرَادُ إلَخْ) يُقَيَّدُ بِهِ مَعْنَى الْإِضَافَةِ وَإِلَّا فَلَيْلَةُ الْيَوْمِ سَابِقَةٌ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِأَنْ لِأَنَّهُ عَكْسُ مَا قَبْلَهُ بِحَمْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِيِ الْكَوَامِلِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ أَحْدَثَ) هِيَ مِنْ أَفْرَادِ مَا دَخَلَ تَحْتَ الْمَنْفِيِّ بِقَوْلِهِ أَمْ لَا، وَرُبَّمَا يَشْمَلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ الْجَوَابَ بَعْدَهُ، وَلَا فَائِدَةَ لِذِكْرِ الْكَافِ إذْ لَمْ يَبْقَ فَرْدٌ آخَرُ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ مَسْحُ الْمُسَافِرِ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا عَسَاهُ أَنْ يُتَوَهَّمَ وَهُوَ أَنَّ السَّفَرَ الطَّوِيلَ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ يَوْمَيْنِ لِأَنَّهُمَا أَوَّلُهُ فَكَيْفَ يَمْسَحُ فِيهِمَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، كَذَا قِيلَ وَفِيهِ إبْهَامُ مَنْعِ مَسْحِ الثَّلَاثَةِ فِي الْيَوْمَيْنِ لِطُولِهِمَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْوَجْهُ إنْ ذَكَرَهُ لِيُفِيدَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّفَرِ مَا يَقَعُ فِيهِ الْمَسْحُ لَا مَا قَصَدَهُ الْمُسَافِرُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ ذَهَابًا وَإِيَابًا، وَصُورَتُهُ أَنْ يَرْجِعَ الْمُسَافِرُ بَعْدَ يَوْمٍ وَنِصْفٍ مَثَلًا إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ لِحَاجَةٍ، ثُمَّ يَعُودَ وَلَوْ أَبْدَلَ لَفْظَ قَدْرَهَا بِدَوَامِ سَفَرِهِ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ:(وَالْعَاصِي إلَخْ) فَهُوَ مُقِيمٌ حُكْمًا وَغَايَةً مَا يَسْتَبِيحُهُ صَلَوَاتٍ إنْ لَمْ يَجْمَعْ بِالْمَطَرِ تَقْدِيمًا وَإِلَّا فَسَبْعَةٌ، وَغَايَةُ مَا يُبَاحُ لِلْمُسَافِرِ سِتَّةَ عَشَرَ صَلَاةٍ إنْ لَمْ يَجْمَعْ تَقْدِيمًا وَإِلَّا فَسَبْعَةَ عَشَرَ. قَوْلُهُ:(كَالْمُسْتَحَاضَةِ) .
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: غَيْرُ الْمُتَحَيِّرَةِ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ لِكُلِّ فَرْضٍ، وَهُوَ مُوجِبٌ لِلنَّزْعِ.
نَعَمْ لَوْ لَبِسَتْ الْخُفَّ بَعْدَ غُسْلِهَا وَأَخَّرَتْ بِمَا يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ وَجَبَ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ لِهَذَا الْفَرْضِ وَلَهَا الْمَسْحُ فِيهِ.
قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَهَا الْمَسْحُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُسَافِرَةً أَوْ يَوْمًا وَلَيْلَةً مُقِيمَةً إنْ تَرَكَتْ الْفَرْضَ وَصَلَتْ النَّوَافِلَ فَقَطْ، فَعُلِمَ أَنَّ مُدَّةَ مَنْ دَامَ حَدَثُهُ كَغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا نَقَصَتْ لِوُجُوبِ النَّزْعِ عَلَيْهِ إنْ نَزَعَ هَكَذَا ذَكَرَهُ وَفِيهِ بَحْثٌ بِمَا يَأْتِي أَنَّ وُجُوبَ الْغُسْلِ مُبْطِلٌ لِلْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَنْزِعْ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَاكَ فِيمَا يَتَيَقَّنُ فِيهِ وُجُوبُ الْغُسْلِ فَتَأَمَّلْ، وَكَالْمُسْتَحَاضَةِ مُتَيَمِّمٌ لَا لِفَقْدِ مَاءٍ، وَصُورَتُهُ أَنْ يَلْبَسَ الْخُفَّ عَلَى تَيَمُّمٍ مَحْضٍ ثُمَّ يُحْدِثُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ غُسْلُ رِجْلَيْهِ فِي هَذَا الْوُضُوءِ فَيَمْسَحُ عَنْهُ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْوُضُوءُ لِلضَّرَرِ لِبَقَاءِ عِلَّتِهِ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي بَقَاءِ طَهَارَتِهِ الْأُولَى بِالتَّيَمُّمِ مَعَ اسْتِعْمَالِهِ الْمَاءَ بِالْفِعْلِ، وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ لِبَقَاءِ الْعُذْرِ فِيهِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَسَحَ حَضَرًا إلَخْ) حَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا لَبِسَ الْخُفَّ حَضَرًا، ثُمَّ سَافَرَ قَبْلَ الْحَدَثِ، ثُمَّ أَحْدَثَ أَتَمَّ مُدَّةَ سَفَرٍ وَإِنْ لَمْ يَمْسَحْ فِيهِ، وَإِنْ أَحْدَثَ قَبْلَهُ فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ الْحَضَرِ وَجَبَ النَّزْعُ، وَإِنْ لَمْ يَمْسَحْ فِيهِ،
ــ
[حاشية عميرة]
الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَدَّمَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَلَى رِوَايَةِ مُسْلِمٍ لِأَنَّهَا أَتَمُّ فَائِدَةً، وَفِيهَا التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ رُخْصَةٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ:(لِأَنَّ وَقْتَ الْمَسْحِ يَدْخُلُ بِذَلِكَ فَاعْتُبِرَتْ مُدَّتُهُ مِنْهُ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي عَدَمَ جَوَازِ الْمَسْحِ فِي تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ قَبْلَ الْحَدَثِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (الْيَوْمَ الْأَوَّلَ لَيْلَتُهُ) الْيَوْمَ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ وَلَيْلَتُهُ فَاعِلٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَأَنْ أَحْدَثَ وَقْتَ الْفَجْرِ) عَبَّرَ فِي هَذَا بِالْكَافِ وَفِي الَّذِي قَبْلَهُ بِالْبَاءِ لِأَنَّ عَدَمَ سَبْقِ اللَّيْلَةِ لِيَوْمِهَا صَادِقٌ بِغَيْرِ مَدْخُولِ الْكَافِ كَمَا لَا يَخْفَى.
قَوْلُ الشَّارِحِ: (ثُمَّ مَسْحُ الْمُسَافِرِ ثَلَاثَةٌ) أَيْ وَهُوَ سَفَرُ الْقَصْرِ يَسْتَدْعِي أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ قَدْرَهَا وَلَوْ ذَهَابًا وَإِيَابًا، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمَقْصِدُ سَفَرَ قَصْرٍ لِأَنَّ الْأَيَّامَ مُعْتَبَرَةٌ بِلَيَالِيِهَا، وَكَأَنَّهُ حَاوَلَ بِذَلِكَ دَفْعَ اعْتِرَاضِ الْإِسْنَوِيِّ حَيْثُ قَالَ: شَرْطُ جَوَازِ الثَّلَاثَةِ أَنْ يَكُونَ السَّفَرُ طَوِيلًا، فَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْ السَّفَرَ بِالطَّوِيلِ لِأَنَّ الْقَصِيرَ وَهُوَ مَا دُونَ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ لَا يُتَصَوَّرُ الْمَسْحُ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهِنَّ، قُلْنَا: مَمْنُوعٌ فَإِنَّ اسْمَ السَّفَرِ شَامِلٌ لِلذَّهَابِ وَلِلْإِيَابِ وَلِلْإِقَامَةِ بَيْنَهُمَا إذَا كَانَتْ دُونَ ثَلَاثَةٍ، انْتَهَى. وَقَوْلِي يَقْتَضِي إلَخْ مَحَلُّ وَقْفَةٍ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ مَسَحَ حَضَرًا ثُمَّ سَافَرَ) خَرَجَ بِالْمَسْحِ مَا لَوْ حَصَلَ الْحَدَثُ فِي الْحَضَرِ وَلَمْ يَمْسَحْ فِيهِ فَإِنَّهُ إنْ مَضَتْ مُدَّةُ الْإِقَامَةِ قَبْلَ السَّفَرِ وَجَبَ تَجْدِيدُ
سَفَرًا ثُمَّ أَقَامَ (لَمْ يَسْتَوْفِ مُدَّةَ سَفَرٍ) تَغْلِيبًا لِلْحَضَرِ، فَيَقْتَصِرُ عَلَى مُدَّتِهِ فِي الْأَوَّلِ، وَكَذَا فِي الثَّانِي إنْ أَقَامَ قَبْلَ مُضِيِّهَا، فَإِنْ أَقَامَ بَعْدَهَا لَمْ يَمْسَحْ، وَيُجْزِئُهُ مَا مَضَى، وَإِنْ زَادَ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَوْ مَسَحَ سَفَرًا بَعْدَ حَدَثِهِ حَضَرًا اسْتَوْفَى مُدَّةَ السَّفَرِ. وَلَوْ مَسَحَ أَحَدَ الْخُفَّيْنِ حَضَرًا ثُمَّ الْآخَرَ سَفَرًا مَسَحَ مُدَّةَ السَّفَرِ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ تَبَعًا لِلْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالْبَغَوِيِّ. وَصَحَّحَ الْمُصَنِّفُ مَقَالَةَ الْمُتَوَلِّي وَالشَّاشِيِّ أَنَّهُ يَمْسَحُ مُدَّةَ الْإِقَامَةِ فَقَطْ.
(وَشَرْطُهُ أَنْ يُلْبَسَ بَعْدَ كَمَالِ طُهْرٍ) لِلْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، فَلَوْ لَبِسَهُ قَبْلَ غَسْلِ رِجْلَيْهِ وَغَسَلَهُمَا فِيهِ لَمْ يُجْزِئْ الْمَسْحُ إلَّا أَنْ يَنْزِعَهُمَا مِنْ مَوْضِعِ الْقَدَمِ ثُمَّ يُدْخِلُهُمَا فِيهِ، وَلَوْ أَدْخَلَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ غَسْلِهَا ثُمَّ غَسَلَ الْأُخْرَى وَأَدْخَلَهَا لَمْ يُجْزِئْ الْمَسْحُ إلَّا أَنْ يَنْزِعَ الْأُولَى مِنْ مَوْضِعِ الْقَدَمِ ثُمَّ يُدْخِلُهَا فِيهِ، وَلَوْ غَسَلَهُمَا فِي سَاقِ الْخُفِّ ثُمَّ أَدْخَلَهُمَا مَوْضِعَ الْقَدَمِ جَازَ الْمَسْحُ، وَلَوْ ابْتَدَأَ اللُّبْسَ بَعْدَ غَسْلِهِمَا ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ وُصُولِهِمَا إلَى مَوْضِعِ الْقَدَمِ لَمْ يُجْزِئْ الْمَسْحُ وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ طُهْرُ وُضُوءِ دَائِمِ الْحَدَثِ كَالْمُسْتَحَاضَةِ، وَالْوُضُوءُ الْمَضْمُومُ إلَيْهِ التَّيَمُّمُ لِمَرَضٍ فَيَجُوزُ بِنَاءُ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا وَيُسْتَفَادُ بِهِ مَا كَانَ يُسْتَفَادُ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ لَوْ بَقِيَ مِنْ فَرْضٍ وَنَوَافِلَ أَوْ نَوَافِلَ فَقَطْ إنْ كَانَ فُعِلَ بِهِ فَرْضٌ، وَيَجِبُ النَّزْعُ فِي الْوُضُوءِ لِفَرْضٍ آخَرَ. (سَاتِرًا مَحَلَّ فَرْضِهِ) وَهُوَ الْقَدَمُ بِكَعْبَيْهِ مِنْ كُلِّ الْجَوَانِبِ غَيْرِ الْأَعْلَى فَلَوْ رُئِيَ مِنْهُ بِأَنْ يَكُونَ وَاسِعَ
ــ
[حاشية قليوبي]
وَإِنْ سَافَرَ قَبْلَ مُضِيِّهَا فَإِنْ مَسَحَ وَلَوْ أَحَدَ خُفَّيْهِ حَضَرًا أَتَمَّ مُدَّةَ مُقِيمٍ وَإِلَّا أَتَمَّ مُدَّةَ سَفَرٍ وَإِنْ لَمْ يَمْسَحْ فِيهِ وَإِنَّهُ إذَا لَبِسَ الْخُفَّ فِي السَّفَرِ ثُمَّ أَقَامَ فَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ أَوْ لَمْ يَمْضِ قَدْرُ مُدَّةِ الْحَضَرِ أَتَمَّهَا وَإِنْ لَمْ يَمْسَحْ فِي السَّفَرِ، وَإِنْ أَقَامَ بَعْدَهَا اقْتَصَرَ عَلَى مَا مَضَى فِي السَّفَرِ، وَإِنْ لَمْ يَمْسَحْ فِيهِ أَيْضًا، فَعُلِمَ أَنَّ اللُّبْسَ وَدُخُولَ وَقْتِ الصَّلَاةِ غَيْرُ مُعْتَبَرَيْنِ مُطْلَقًا وَأَنَّ اعْتِبَارَ الْمُدَّةِ مِنْ الْحَدَثِ مُطْلَقًا، وَأَنَّ قَصْرَ الْمُدَّةِ مُقَيَّدٌ بِالْمَسْحِ فِي الْحَضَرِ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْإِقَامَةِ مِنْ السَّفَرِ مُطْلَقًا، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ كَلَامُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ.
(تَنْبِيهٌ) سَفَرُ الْمَعْصِيَةِ كَالْحَضَرِ فَلَوْ مَسَحَ عَاصِيًا ثُمَّ تَابَ أَتَمَّ مُدَّةَ حَضَرٍ أَوْ مَضَتْ مُدَّةُ مُقِيمٍ، ثُمَّ تَابَ وَجَبَ النَّزْعُ، وَلَوْ تَخَلَّلَتْ إقَامَةٌ بَيْنَ مِسْحَيْنِ فِي سَفَرٍ كَأَنْ مَسَحَ فِي السَّفَرِ ثُمَّ أَقَامَ وَلَمْ يَمْسَحْ، ثُمَّ سَافَرَ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْمُقِيمِ، ثُمَّ مَسَحَ فِيهَا، فَهَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى مُدَّةِ مُقِيمٍ لِأَنَّ الْمَسْحَ الْأَوَّلَ كَأَنَّهُ فِي الْحَضَرِ لِوُجُودِ الْإِقَامَةِ بَعْدَهُ أَوْ يَسْتَوْفِي مُدَّةَ الْمُسَافِرِ لِوُقُوعِ الْمِسْحَيْنِ فِي السَّفَرِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ؟ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ فَرَاجِعْهُ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ لَفْظَ أَوْ عَكْسُ مُضِرٍّ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ. قَوْلُهُ:(بَعْدَ حَدَثِهِ حَضَرًا) أَيْ وَسَفَرُهُ قَبْلَ مُدَّةِ الْمُقِيمِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (اسْتَوْفَى مُدَّةَ السَّفَرِ) وَإِنْ لَمْ يَمْسَحْ فِيهِ أَصْلًا أَوْ مَسَحَ بَعْدَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مِنْ الْحَدَثِ الْمَذْكُورِ كَمَا تَقَدَّمَ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ الْحَدَثِ فِي الْحَضَرِ كَمَا مَرَّ آنِفًا. قَوْلُهُ:(أَوْ عَكَسَ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى وُجُودِ الْمَسْحِ فِي هَذَا كَمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَ الْمُصَنِّفُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (وَشَرْطُهُ) أَيْ الْخُفِّ، أَيْ شَرْطُ صِحَّةِ الْمَسْحِ عَلَيْهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ، وَتَفْسِيرُ بَعْضِهِمْ بِالْجَوَازِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ، وَالْمُرَادُ مَا يُسَمَّى خُفًّا عُرْفًا، وَسَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ. قَوْلُهُ:(بَعْدَ كَمَالِ طُهْرٍ) مِنْ الْحَدَثَيْنِ جَمِيعًا، وَمِنْهُ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ لِمَنْ طَهَارَتُهُ بِالتَّيَمُّمِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ بَعْدَ تَمَامِ طُهْرٍ، وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّ التَّمَامَ مُعْتَبَرٌ فِيهِ عَدَمُ نَقْصِ الْوَاجِبِ مِنْ الذَّاتِ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلشَّرْطِيَّةِ وَالْكَمَالَ مُعْتَبَرٌ فِيهِ عَدَمُ نَقْصِ الْأَوْصَافِ، وَهُوَ يُنَاسِبُ الْأَوْلَوِيَّةَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(إلَّا أَنْ يَنْزِعَهُمَا إلَخْ) وَلَمْ يَجْعَلُوا الِاسْتِدَامَةَ هُنَا لُبْسًا كَمَا فِي الْإِيمَانِ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ كَذَا قَالُوهُ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّ هَذَا لَا يُخَالِفُ مَا فِي الْإِيمَانِ وَأَنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى لُبْسًا هُنَا أَيْضًا وَإِنَّمَا لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ هُنَا لِفَوَاتِ شَرْطِهِ وَهُوَ كَوْنُ ابْتِدَائِهِ بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ ابْتَدَأَ إلَخْ) وَفِي عَكْسِ هَذِهِ لَهُ الْمَسْحُ بِأَنْ نَزَعَهُمَا بَعْدَ اللُّبْسِ إلَى سَاقِ الْخُفِّ ثُمَّ أَحْدَثَ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (كَالْمُسْتَحَاضَةِ) وَلَوْ مُتَحَيِّرَةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى وُضُوءِ دَائِمِ الْحَدَثِ وَالْوُضُوءِ الْمَضْمُومِ إلَيْهِ التَّيَمُّمُ لِمَرَضٍ يَعْنِي إذَا لَبِسَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْخُفَّ بَعْدَ تَمَامِ وُضُوئِهِ غُسْلًا وَتَيَمُّمًا ثُمَّ أَحْدَثَ فَلَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ كَوُضُوئِهِ الْأَوَّلِ إلَّا غَسْلَ رِجْلَيْهِ، فَلَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ الَّذِي لَبِسَهُ بَعْدَ الْوُضُوءِ الْأَوَّلِ، وَيُصَلِّي بِهَذَا الْمَسْحِ نَوَافِلَ فَقَطْ إنْ كَانَ صَلَّى بِالْأَوَّلِ فَرْضًا، وَإِلَّا فَيُصَلِّي بِهِ فَرْضًا وَنَوَافِلَ. قَوْلُهُ:(وَيَجِبُ النَّزْعُ لِفَرْضٍ آخَرَ) أَيْ إنْ أَرَادَ فِعْلَهُ وَإِلَّا فَتَسْتَمِرُّ الْمُدَّةُ كَمَا مَرَّ، وَيَجِبُ مَعَ النَّزْعِ الْوُضُوءُ كَامِلًا عَلَى دَائِمِ الْحَدَثِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْدِثًا وَقْتَ النَّزْعِ لِأَنَّ وُضُوءَهُ مُبِيحٌ لَا رَافِعٌ، وَكَذَا الْوُضُوءُ
ــ
[حاشية عميرة]
اللُّبْسِ، وَإِنْ مَضَى يَوْمٌ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ مَسْحٍ ثُمَّ سَافَرَ وَمَضَتْ لَيْلَةٌ مِنْ غَيْرِ مَسْحٍ فَلَهُ اسْتِيفَاءُ مُدَّةِ الْمُسَافِرِينَ وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ الْحَدَثِ الَّذِي فِي الْحَضَرِ، هَكَذَا ظَهَرَ لِي مِنْ كَلَامِهِمْ، وَهُوَ وَاضِحٌ نَبَّهْت عَلَيْهِ وَلَا يَذْهَبُ الْوَهْمُ إلَى خِلَافِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَلَوْ مَسَحَ سَفَرًا بَعْدَ حَدَثِهِ حَضَرًا إلَخْ) أَيْ وَلَا يَضُرُّ فِي ذَلِكَ كَوْنُ ابْتِدَاءِ الْمُدَّةِ مِنْ الْحَدَثِ، كَمَا لَوْ سَافَرَ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ