المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كتاب صلاة الجماعة - حاشيتا قليوبي وعميرة - جـ ١

[القليوبي]

فهرس الكتاب

- ‌أحمد سلامة القليوبي

- ‌أحمد البرلسي عميرة

- ‌[المقدمة]

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌[الْمَاء الْمُشْمِس]

- ‌[الْمَاء الْمُسْتَعْمَل فِي الطَّهَارَة]

- ‌[حُكْمُ الْمَاءِ الْجَارِي]

- ‌ اشْتَبَهَ مَاءٌ طَاهِرٌ بِنَجِسٍ)

- ‌[اشْتَبَهَ مَاءٌ وَبَوْلٌ]

- ‌ اسْتَعْمَلَ مَا ظَنَّهُ) الطَّاهِرَ مِنْ الْمَاءَيْنِ بِالِاجْتِهَادِ

- ‌بَابُ أَسْبَابِ الْحَدَثِ

- ‌(فَصْلٌ فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ)

- ‌بَابُ الْوُضُوءِ

- ‌[سُنَن الْوُضُوء]

- ‌بَابُ مَسْحِ الْخُفِّ

- ‌[مُدَّة الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[وَشَرْط الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ]

- ‌بَابُ الْغُسْلِ

- ‌[مُوجِبَاتُ الْغُسْلِ]

- ‌[وَأَقَلّ الْغُسْلِ عَنْ الْجَنَابَةِ]

- ‌بَابُ النَّجَاسَةِ

- ‌[المولاة فِي الْغُسْل]

- ‌بَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌(فَصْلٌ) : (يُتَيَمَّمُ بِكُلِّ تُرَابٍ طَاهِرٍ)

- ‌[أَرْكَان التَّيَمُّمِ]

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ)

- ‌(وَأَقَلُّ النِّفَاسِ)

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌(وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ لِأَوَّلِ الْوَقْتِ)

- ‌[فَصْلٌ عَلَى مَنْ تَجِبُ الصَّلَاةُ]

- ‌[فَصْلُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَة]

- ‌(فَصْلُ: اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ)

- ‌بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ

- ‌[سُنَن الصَّلَاة]

- ‌[الْقُنُوت فِي صَلَاة الصُّبْح]

- ‌[الْقُنُوتُ فِي سَائِرِ الْمَكْتُوبَاتِ]

- ‌[جلسة الِاسْتِرَاحَة]

- ‌[بَاب شُرُوطُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ مُبْطِلَات الصَّلَاةُ]

- ‌ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[بَاب سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌بَابٌ فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ

- ‌[بَاب صَلَاةُ النَّفْلِ]

- ‌(تَخْصِيص لَيْلَة الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ)

- ‌كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ

- ‌[فَصْلٌ اقْتِدَاؤُهُ بِمَنْ يَعْلَمُ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ]

- ‌[قُدْوَةُ أُمِّيٍّ بِمِثْلِهِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌فَصْلٌ (لَا يَتَقَدَّمُ) الْمَأْمُومُ (عَلَى إمَامِهِ

- ‌ ارْتِفَاعُ الْمَأْمُومِ عَلَى إمَامِهِ وَعَكْسُهُ

- ‌(فَصْلٌ شَرْطُ الْقُدْوَةِ)

- ‌ تَعْيِينُ الْإِمَامِ) فِي النِّيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ

- ‌(تَتِمَّةٌ) إذَا رَكَعَ الْمَأْمُومُ قَبْلَ الْإِمَامِ وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ

- ‌(فَصْلٌ) إذَا (خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ) بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

- ‌(فَصْلٌ طَوِيلُ السَّفَرِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا هَاشِمِيَّةً)

- ‌[فَصْلٌ الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ كَذَلِكَ فِي السَّفَرِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ الْغُسْلُ لِمَنْ يُرِيدُ حُضُورَ الْجُمُعَةَ]

- ‌[فَصْلٌ أَدْرَكَ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ وَاسْتَمَرَّ مَعَهُ إلَى أَنْ سَلَّمَ]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌(فَصْلٌ: يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ بِفَرْشٍ وَغَيْرِهِ)

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(فَصْلٌ: يُنْدَبُ التَّكْبِيرُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَتَيْ الْعِيدِ)

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌[بَابٌ تَرَكَ الْمُكَلَّفُ الصَّلَاةَ الْمَعْهُودَةَ الصَّادِقَةَ بِإِحْدَى الْخَمْسِ جَاحِدًا وُجُوبَهَا]

- ‌كِتَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌[تَتِمَّةٌ تَارِكُ الْجُمُعَةِ]

- ‌(فَصْلٌ: يُكَفَّنُ بِمَا لَهُ لُبْسُهُ حَيًّا)

- ‌[فَصْلٌ أَرْكَانٌ صَلَاة الْجِنَازَةُ]

- ‌الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌[فَرْعٌ الْوَلِيَّ أَوْلَى بِإِمَامَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ الْوَالِي]

- ‌(فَصْلٌ: أَقَلُّ الْقَبْرِ

- ‌ الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌ طَلَبُ الْمَوْتِ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ)

- ‌[الْأَحَقّ بِتَغْسِيلِ الْكَافِر]

- ‌(وَالدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ

- ‌ سَتْرُ الْقَبْرِ بِثَوْبٍ) عِنْدَ الدَّفْنِ

- ‌[الدّفن فِي تَابُوت]

- ‌(الدَّفْنُ لَيْلًا

- ‌ تَجْصِيصُ الْقَبْرِ وَالْبِنَاءُ) عَلَيْهِ (وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ)

الفصل: ‌كتاب صلاة الجماعة

‌كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ

أَقَلُّ الْجَمَاعَةِ فِيهَا إمَامٌ وَمَأْمُومٌ، وَسَيَأْتِي مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْإِعَادَةِ.

(هِيَ) أَيْ الْجَمَاعَةُ (فِي الْفَرَائِضِ غَيْرَ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) قَالَ صلى الله عليه وسلم «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَوَاظَبَ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ بَعْدِ الْهِجْرَةِ، وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ هَيْئَةِ الْجُمُعَةِ أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي عَشْرَةِ آلَافٍ لَهُ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً، وَمَنْ صَلَّى فِي اثْنَيْنِ لَهُ كَذَلِكَ، لَكِنَّ دَرَجَاتِ الْأَوَّلِ أَكْمَلُ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْجُمُعَةِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا، فَتَكُونُ فِيهَا فَرْضَ عَيْنٍ كَمَا عَبَّرُوا بِهِ هُنَا، وَقَوْلُهُ غَيْرَ بِالنَّصْبِ بِمَعْنَى إلَّا أُعْرِبَتْ إعْرَابَ الْمُسْتَثْنَى وَأُضِيفَتْ إلَيْهِ كَمَا نُقَرِّرُ فِي عِلْمِ النَّحْوِ (وَقِيلَ: فَرْضُ كِفَايَةٍ لِلرِّجَالِ فَتَجِبُ بِحَيْثُ يَظْهَرُ الشِّعَارُ فِي الْقَرْيَةِ) مَثَلًا فَفِي الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ يَكْفِي إقَامَتُهَا فِي مَوْضِعٍ، وَفِي الْكَبِيرَةِ وَالْبَلَدِ تُقَامُ فِي الْمَحَالِّ، فَلَوْ أَطْبَقُوا عَلَى إقَامَتِهَا فِي الْبُيُوتِ لَمْ يَسْقُطْ الْفَرْضُ. (فَإِنْ امْتَنَعُوا

ــ

[حاشية قليوبي]

كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أَيْ بَيَانُ أَحْكَامِ الْجَمَاعَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَفْضَلُ الْجَمَاعَةِ مَا فِي الْجُمُعَةِ ثُمَّ فِي صُبْحِهَا، ثُمَّ فِي صُبْحِ غَيْرِهَا، ثُمَّ الْعِشَاءِ، ثُمَّ الْعَصْرِ وَلَوْ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ فِي الظُّهْرِ، ثُمَّ فِي الْمَغْرِبِ كَذَا عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. وَجَعَلَ ابْنُ قَاسِمٍ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ تَابِعًا لِفَضْلِ الصَّلَوَاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَوْلَى تَفْضِيلُ جَمَاعَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى غَيْرِهَا.

قَوْلُهُ: (فِيهَا) وَكَذَا فِي غَيْرِهَا لِأَنَّ أَقَلَّ الْجَمَاعَةِ لُغَةً: اثْنَانِ وَأَقَلُّ الْجَمْعِ: ثَلَاثَةٌ. قَوْلُهُ: (إمَامٌ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ إذْ لَا تَتَوَقَّفُ الْجَمَاعَةُ وَلَا فَضْلُهَا لِلْمَأْمُومِ عَلَى نِيَّتِهَا مِنْهُ كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ) يَدُلُّ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ قَوْلُهُ: تُقَامُ فِيهِمْ دُونَ يُقِيمُونَ.

قَوْلُهُ: (سُنَّةٌ) أَيْ عَلَى الْكِفَايَةِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُعَاتِبْ مَنْ تَرَكَهَا، وَاسْتِحْوَاذُ الشَّيْطَانِ يَكُونُ فِي تَرْكِ الْمَنْدُوبِ كَالْوَاجِبِ. قَوْلُهُ:(الْفَذِّ) بِالْفَاءِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْمُنْفَرِدِ.

قَوْلُهُ: (دَرَجَةً) أَيْ صَلَاةً وَقُدِّمَتْ رِوَايَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ نَظَرًا لِلِاهْتِمَامِ بِالْفَصَائِلِ.

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَحِكْمَتُهَا أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرَةِ أَمْثَالِهَا، فَهِيَ ثَلَاثُونَ يَرْجِعُ لِكُلٍّ رَأْسُ مَالِهِ وَاحِدٌ فَيَبْقَى مَا ذَكَرَ، انْتَهَى. أَيْ وَالْحِكْمَةُ فِي شَيْءٍ لَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا فِي غَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْهِجْرَةِ) مُتَعَلِّقٌ، بِوَاظَبَ لِأَنَّهُ لَمْ تَقَعْ جَمَاعَةٌ بِمَكَّةَ، وَلَمْ تُشْرَعْ إلَّا بَعْدَ الْهِجْرَةِ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُ، وَلَعَلَّهُ بَعْدَ الْيَوْمَيْنِ اللَّذَيْنِ صَلَّى فِيهِمَا جِبْرِيلُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(أَكْمَلُ) أَيْ أَكْثَرُ ثَوَابًا مِنْ حَيْثُ الْكَيْفِيَّةِ.

قَوْلُهُ: (بِالنَّصْبِ) أَيْ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى إلَّا، وَيَجُوزُ عَلَى الْحَالِيَّةِ لِأَنَّ غَيْرَ لَا يَتَعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ إلَّا إذَا وَقَعَتْ بَيْنَ ضِدَّيْنِ، وَيَجُوزُ فِيهَا الْجَرُّ بِجَعْلِ اللَّامِ لِلْجِنْسِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ نَكِرَةً فِي الْمَعْنَى. قَوْلُهُ:(الشِّعَارُ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ الْمُعْجَمِ وَفَتْحِهِ جَمْعُ شَعِيرَةٍ بِمَعْنَى عَلَامَةٍ، أَيْ بِحَيْثُ يَظْهَرُ عِنْدَ أَهْلِ الْبَلَدِ إقَامَتُهَا فِيهَا.

قَوْلُهُ: (فَفِي الْقَرْيَةِ إلَخْ) بَيَانٌ لِبَعْضِ أَفْرَادِ مَا يَظْهَرُ بِهِ الشِّعَارُ، وَالْمُرَادُ الْمَحَالُّ الَّتِي يَطْلُبُ الِاثْنَانِ حُضُورَ الْجَمَاعَةِ إلَيْهَا.

ــ

[حاشية عميرة]

[كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

ِ قَوْلُهُ: (أَقَلُّ الْجَمَاعَةِ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ الرَّجُلُ مَعَ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ رَفِيقِهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ» . وَهَذَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مَأْخَذُهُ التَّوْقِيفُ، فَلَا يُنَافِي مَا اُشْتُهِرَ فِي الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ، لِأَنَّ الْبَحْثَ عَنْ أَقَلِّ الْجَمْعِ بَحْثٌ لُغَوِيٌّ مَأْخَذُهُ اللِّسَانُ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ.

قَوْلُهُ: «دَرَجَةً» ) قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: الْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّرَجَةِ الصَّلَاةُ لِأَنَّهُ وَرَدَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، وَفِي بَعْضِهَا التَّعْبِيرُ بِالضِّعْفِ وَهُوَ مُشْعِرٌ بِذَلِكَ، انْتَهَى. وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ عَلَى النِّسْبَةِ يُسْتَفَادُ مِنْ الْمُوَاظَبَةِ وَمِنْ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ أَيْضًا، وَأَمَّا عَدَمُ الْوُجُوبِ فَمِنْ لَفْظِ أَفْضَلُ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْهِجْرَةِ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ: مَعْلُومٌ. قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى إلَّا إلَى آخِرِهِ) أَعْرَبَهُ الْإِسْنَوِيُّ حَالًا، وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَقْعَدَ، وَأَمَّا جَعْلُهَا صِفَةً فَمُمْتَنِعٌ لِعَدَمِ كَوْنِهَا مَعْرِفَةً. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَقِيلَ فَرْضُ كِفَايَةٍ) هَذَا وَقَوْلُ

ص: 253

كُلُّهُمْ) مِنْ إقَامَتِهَا عَلَى مَا ذَكَرَ (قُوتِلُوا) أَيْ قَاتَلَهُمْ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ وَعَلَى السُّنَّةِ لَا يُقَاتَلُونَ، وَقِيلَ نَعَمْ حَذَرًا مِنْ إمَاتَتِهَا. (وَلَا يَتَأَكَّدُ النَّدْبُ لِلنِّسَاءِ تَأَكُّدَهُ لِلرِّجَالِ فِي الْأَصَحِّ) لِمَزِيَّتِهِمْ عَلَيْهِنَّ، قَالَ تَعَالَى {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228] وَالثَّانِي نَعَمْ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ، فَيُكْرَهُ تَرْكُهَا لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَيْسَتْ فِي حَقِّهِنَّ فَرْضًا جَزْمًا. (قُلْت الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ) كَمَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ (وَقِيلَ) فَرْضُ (عَيْنٍ) وَلَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) الْأَوَّلُ لِحَدِيثِ «مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ أَوْ بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمْ الصَّلَاةُ إلَّا اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ» أَيْ غَلَبَ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَالثَّانِي وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا لِحَدِيثِ «لَقَدْ هَمَمْت أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ بِدَلِيلِ السِّيَاقِ وَرَدَ فِي قَوْمٍ مُنَافِقِينَ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ الْجَمَاعَةِ وَلَا يُصَلُّونَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْخِلَافُ فِي الْمُؤَدَّاةِ. أَمَّا الْمَقْضِيَّةُ فَلَيْسَتْ الْجَمَاعَةُ فِيهَا فَرْضَ عَيْنٍ وَلَا كِفَايَةٍ قَطْعًا وَلَكِنَّهَا سُنَّةٌ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِأَصْحَابِهِ الصُّبْحَ جَمَاعَةً حِينَ فَاتَتْهُمْ بِالْوَادِي» . وَبَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ سُنِّيَّتَهَا فِي مِثْلِ ذَلِكَ مِمَّا

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (فِي الْبُيُوتِ) وَمِثْلُهَا مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَسْقُطْ الْفَرْضُ) أَيْ إنْ لَمْ يَظْهَرْ بِهِ الشِّعَارُ. قَوْلُهُ: (عَلَى مَا ذَكَرَ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ بِهِ الشِّعَارُ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهَا إذْ لَا عِبْرَةَ بِظُهُورِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ. قَوْلُهُ (قُوتِلُوا) أَيْ كَالْبُغَاةِ. قَوْلُهُ: (فَيُكْرَهُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهَا غَيْرُ مُؤَكَّدَةٍ فِي حَقِّ النِّسَاءِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْعُبَابِ وَغَيْرِهِ، فَيُحْمَلُ التَّأْكِيدُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مُجَرَّدِ النَّدْبِ.

قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ) هُوَ نَصُّ الْإِمَامِ فَالْأَصَحُّ بِمَعْنَى الرَّاجِحِ وَالتَّعْبِيرُ عَنْهُ أَوَّلًا بِقِيلَ حِكَايَةٌ لِكَلَامِ أَصْلِهِ، وَحِكَايَةُ مُقَابِلِهِ بِقِيلَ صَحِيحَةٌ لِأَنَّهُ وَجْهٌ لِلْأَصْحَابِ، وَكَانَ الْأَنْسَبُ بِكَلَامِهِ التَّعْبِيرَ بِالنَّصِّ.

قَوْلُهُ: (إنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمُهَذَّبِ، وَعَلَيْهِ يُشْتَرَطُ فِي الْوُجُوبِ كَوْنُهُ عَلَى الْأَحْرَارِ الذُّكُورِ الْبَالِغِينَ الْعُقَلَاءِ الْمُقِيمِينَ غَيْرِ الْمَعْذُورِينَ بِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ، وَكَوْنُهُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْمُؤَدَّاةِ مِنْ الْخَمْسِ، وَإِنْ لَمْ تُغْنِ عَنْ الْقَضَاءِ، وَتُنْدَبُ لِلرَّقِيقِ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَلِذِي سَفَرٍ وَامْرَأَةٍ لَا لِبُصَرَاءَ عُرَاةٍ فِي ضَوْءٍ، فَهِيَ وَالِانْفِرَادُ فِي حَقِّهِمْ سَوَاءٌ، وَلِذِي عُذْرٍ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ، وَلِأَجِيرٍ إنْ رَضِيَ مُؤَجِّرُهُ، وَيُظْهِرُ حُرْمَةَ الْإِجَارَةِ بُطْلَانُهَا عَلَى مَنْ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ الشِّعَارُ، وَحُرْمَةُ السَّفَرِ كَذَلِكَ قَوْلُهُ:(إلَّا اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ) وَبَقِيَّةُ الْحَدِيثِ «فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ مِنْ الْغَنَمِ الْقَاصِيَةَ» أَيْ الْبَعِيدَةَ. قَوْلُهُ: (حُزَمٌ) بِضَمِّ الْحَاءِ، وَرُوِيَ بِكَسْرِهَا مَعَ فَتْحِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ فِيهِمَا: جَمْعُ حُزْمَةٍ أَيْ جُمْلَةٍ مِنْ أَعْوَادِ الْحَطَبِ.

قَوْلُهُ: (فَأُحَرِّقَ إلَخْ) هُوَ إمَّا لِلزَّجْرِ، أَوْ قَبْلَ تَحْرِيمِ حَرْقِ الْحَيَوَانِ، أَوْ لِخُصُوصِ هَؤُلَاءِ، أَوْ بِاجْتِهَادٍ ثُمَّ نُقِضَ، أَوْ أَنَّهُ يُحَرِّقُ الْبُيُوتَ دُونَ أَصْحَابِهَا كَقَوْلِهِمْ لِمَنْ أَحْرَقَ مَالَ غَيْرِهِ. أَحْرَقَ عَلَى فُلَانٍ مَالَهُ أَوْ الْمُرَادُ إتْلَافُ الْمَالِ كَمَا يُقَالُ لِمَنْ أَتْلَفَ مَالَهُ: أَحْرَقَهُ بِالنَّارِ تَعْزِيرًا لَهُمْ.

قَوْلُهُ (السِّيَاقِ) وَهُوَ أَوَّلُ الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ: «أَثْقَلُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا وَلَقَدْ هَمَمْت» إلَخْ. قَوْلُهُ (وَلَا يُصَلُّونَ) أَيْ فَالتَّحْرِيقُ عَلَيْهِمْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِتَرْكِهِمْ الصَّلَاةَ لَا الْجَمَاعَةَ، أَوْ لِتَرْكِهِمْ الْجَمَاعَةَ مَعَ تَوَقُّفِ الشِّعَارِ عَلَيْهِمْ فَسَقَطَ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى كَوْنِ الْجَمَاعَةِ فَرْضَ عَيْنٍ.

ــ

[حاشية عميرة]

الْمُغْنِي: لَا يَجْرِيَانِ فِي الْمُعَادَةِ.

قَوْلُهُ: (فِي الْمَحَالِّ) جَمْعُ مَحَلَّةٍ وَهِيَ الْحَارَةُ. قَوْلُهُ: (لِمَزِيَّتِهِمْ عَلَيْهِنَّ) وَلِمَا فِي اجْتِمَاعِهِنَّ مِنْ الْعُسْرِ وَالْمَشَقَّةِ. قَوْلُهُ: (فَيُكْرَهُ تَرْكُهَا) قَضِيَّتُهُ فَوَاتُ ثَوَابِ الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا حَيْثُ تَرَكَ الْجَمَاعَةَ لِغَيْرِ عُذْرٍ.

(فَرْعٌ) إذَا قُلْنَا بِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ وَفَعَلَهَا مَنْ يَحْصُلُ بِهِ الشِّعَارُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مُتَأَكِّدَةٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ بِحَيْثُ يُكْرَهُ تَرْكُهَا أَيْضًا، كَمَا يُرْشِدُ لِذَلِكَ عُمُومُ قَوْلِهِمْ وَعُذْرُ تَرْكِهَا كَذَا كَذَا إلَخْ. وَقَوْلُ الْمِنْهَاجِ الْآتِي: وَلَا رُخْصَةَ فِي تَرْكِهَا وَإِنْ قُلْنَا سُنَّةٌ إلَّا لِعُذْرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت الْأَصَحُّ إلَخْ) .

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَاَلَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ الْأَوَّلُونَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا لِقِيَامِ غَيْرِهِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ، انْتَهَى. وَمُرَادُهُ بِدَلِيلِهِمْ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ» . إذْ الْمُرَادُ بِالْفَذِّ فِيهِ مَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا لِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ الْأَوَّلُ:(لِحَدِيثِ " مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ " إلَخْ) كَانَ وَجْهُ حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى الْكِفَايَةِ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْجَمَاعَةِ إظْهَارُ الشِّعَارِ، وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِفِعْلِ الْبَعْضِ، وَالصَّوَابُ اسْتِفَادَةُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ فِيهِمْ.

قَوْلُهُ: (بِدَلِيلِ السِّيَاقِ) يُرِيدُ صَدْرَ الْحَدِيثِ وَهُوَ مَا فِي الْبُخَارِيِّ «إنَّ أَثْقَلَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا وَلَقَدْ هَمَمْت» وَإِلَخْ. وَاسْتَدَلَّ الرَّافِعِيُّ عَلَى عَدَمِ

ص: 254

يَتَّفِقُ فِيهِ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ، كَأَنْ يَفُوتَهُمَا ظُهْرٌ أَوْ عَصْرٌ، وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ، وَالْمَنْذُورَةُ لَا تُشْرَعُ الْجَمَاعَةُ فِيهَا أَيْ لَا تُسْتَحَبُّ كَمَا فَسَّرَهُ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَتَقَدَّمَ مَا تُسَنُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ مِنْ النَّفْلِ فِي بَابِهِ.

(وَ) الْجَمَاعَةُ (فِي الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ أَفْضَلُ) مِنْهَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ كَالْبَيْتِ وَجَمَاعَةُ الْمَرْأَةِ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي الْمَسْجِدِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ:«أَفْضَلُ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» أَيْ فَهِيَ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ. وَقَالَ: «لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. وَإِمَامَةُ الرَّجُلِ لَهُنَّ أَفْضَلُ مِنْ إمَامَةِ الْمَرْأَةِ، وَحُضُورُهُنَّ الْمَسْجِدَ فِي جَمَاعَةِ الرِّجَالِ يُكْرَهُ لِلشَّوَابِّ دُونَ الْعَجَائِزِ خَوْفَ الْفِتْنَةِ.

(وَمَا كَثُرَ جَمْعُهُ) مِنْ الْمَسَاجِدِ (أَفْضَلُ) مِمَّا قَلَّ جَمْعُهُ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:«صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ، وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ، وَمَا كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ تَعَالَى» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ. (إلَّا لِبِدْعَةِ إمَامِهِ) كَالْمُعْتَزِلِيِّ (أَوْ تَعَطُّلِ مَسْجِدٍ قَرِيبٍ لِغَيْبَتِهِ) عَنْهُ بِكَوْنِهِ إمَامَهُ أَوْ يَحْضُرُ النَّاسُ بِحُضُورِهِ، فَقَلِيلُ الْجَمْعِ أَفْضَلُ مِنْ كَثِيرِهِ فِي ذَلِكَ.

(وَإِدْرَاكُ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (أَيْ لَا تُسْتَحَبُّ) أَيْ إنْ لَمْ تُنْدَبْ الْجَمَاعَةُ فِيهَا قَبْلَ النَّذْرِ، وَإِلَّا فَهِيَ عَلَى أَصْلِهَا كَالْعِيدِ، وَإِذَا فُعِلَتْ الْجَمَاعَةُ فِيمَا لَمْ تُسَنَّ فِيهِ مَعَ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ مَحَلُّهَا أَصَالَةً فِيهِمَا، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا كَفَرْضٍ خَلْفَ نَفْلٍ وَلَوْ مُطْلَقًا، أَوْ عَكْسُهُ حَصَلَ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ فِيمَا أَصْلُهُ الْجَمَاعَةُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ، وَيَصِحُّ نَذَرَ الْجَمَاعَةِ مِمَّنْ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الشِّعَارُ لِأَنَّهَا مُتَأَكِّدَةٌ فِي حَقِّهِ نَدْبًا أَوْ كِفَايَةً أَوْ مُطْلَقًا نَظَرًا لِأَصْلِهَا، وَيُكْرَهُ تَرْكُهَا وَإِذَا نَذَرَهَا وَلَمْ تَتَيَسَّرْ لَهُ سَقَطَتْ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ وَإِنْ قَلَّتْ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ، وَإِنْ كَثُرَتْ وَالْمُرَادُ بِغَيْرِ الْمَرْأَةِ الذُّكُورُ يَقِينًا وَلَوْ غَيْرَ بَالِغِينَ.

قَوْلُهُ: (وَجَمَاعَةُ الْمَرْأَةِ فِي الْبَيْتِ) وَإِنْ قَلَّتْ: أَفْضَلُ مِنْهَا فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَثُرَتْ وَأُلْحِقَ بِهَا الْخُنْثَى وَالْأَمْرَدُ الْجَمِيلُ عِنْدَ شَيْخِنَا.

قَوْلُهُ: (أَفْضَلُ صَلَاةِ الْمَرْءِ) سَوَاءٌ طُلِبَتْ فِيهَا الْجَمَاعَةُ أَوْ لَا فِي بَيْتِهِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا إلَّا الْمَكْتُوبَةَ، وَمِثْلُهَا مَا طُلِبَتْ فِيهِ الْجَمَاعَةُ، وَأَلْحَقَ بِهَا صَلَاةَ الضُّحَى وَسُنَّةَ الْإِحْرَامِ، وَالطَّوَافَ، وَالِاسْتِخَارَةَ، وَقُدُومَ السَّفَرِ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الِانْفِرَادَ بِالْمَكْتُوبَةِ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِيهَا فِي غَيْرِهِ وَهُوَ وَجِيهٌ، وَلَمْ يُوَافِقْ عَلَيْهِ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ.

قَوْلُهُ: (لَا تَمْنَعُوا) فَيُكْرَهُ مَنْعُهُنَّ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (وَإِمَامَةُ الرَّجُلِ) أَيْ الذَّكَرِ ثُمَّ الْخُنْثَى لَهُنَّ أَفْضَلُ، وَلَوْ مَعَ خَلْوَةٍ مُحَرَّمَةٍ، وَحُرْمَتُهَا لِخَارِجٍ.

قَوْلُهُ: (الْمَسْجِدَ) أَيْ مَحَلَّ الْجَمَاعَةِ وَلَوْ مَعَ غَيْرِ الرِّجَالِ، فَذِكْرُ الْمَسْجِدِ وَالرِّجَالِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَمِثْلُ الشَّوَابِّ ذَوَاتُ الْهَيْئَاتِ أَوْ الرِّيحِ مِنْ الْعَجَائِزِ، وَيَحْرُمُ الْحُضُورُ عَلَى ذَاتِ الْخَلِيلِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْإِذْنُ لَهَا مَعَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ مِنْهَا أَوْ عَلَيْهَا، وَيُسَنُّ الْحُضُورُ لِلْعَجَائِزِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَالْعِيدِ، وَحِينَئِذٍ تَكُونُ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ لَهُنَّ أَفْضَلَ مِنْ الِانْفِرَادِ فِي بُيُوتِهِنَّ.

قَوْلُهُ: (مِنْ الْمَسَاجِدِ) وَكَذَا غَيْرُ الْمَسَاجِدِ، وَلَعَلَّ تَقْيِيدَهُ بِهَا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: أَوْ تَعَطُّلِ مَسْجِدٍ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ قَيْدًا أَيْضًا. نَعَمْ جَمَاعَةُ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَإِنْ قَلَّتْ، بَلْ الِانْفِرَادُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ جَمَاعَةِ غَيْرِهَا، وَأَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ الِانْفِرَادَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَأَنَّ الِانْفِرَادَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي الْأَقْصَى، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ: فَضِيلَةُ الذَّاتِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى فَضِيلَةِ الْمَكَانِ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ فَضِيلَةُ الْمَكَانِ مُتَضَاعِفَةً، فَتَأَمَّلْ. وَتَوَقَّفَ شَيْخُنَا كَالْعَلَّامَةِ ابْنِ قَاسِمٍ فِي الثَّانِي وَلِي بِهِمَا أُسْوَةٌ، لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ بِصَلَاتَيْنِ فِي الْأَقْصَى وَالْجَمَاعَةُ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ.

قَوْلُهُ: (كَالْمُعْتَزِلِيِّ) وَالْقَدْرِيِّ وَالرَّافِضِيِّ وَالْمُجَسِّمِ وَكُلِّ بِدْعَةٍ لَا يُكْفَرُ بِهَا، وَمِثْلُهُ الْفَاسِقُ وَالْمُتَّهَمُ بِهِ، وَالْمُخَالِفُ كَالْمَالِكِيِّ وَالْحَنَفِيِّ، إذَا لَمْ يَأْتِ بِمُبْطِلٍ، وَلَا يَضُرُّ اعْتِقَادُهُمْ سُنِّيَّةَ بَعْضِ الْوَاجِبَاتِ كَالِاقْتِدَاءِ بِالْمُتَنَفِّلِ، وَتَحْصُلُ الْفَضِيلَةُ خَلْفَ هَؤُلَاءِ مُطْلَقًا وَلَا كَرَاهَةَ إنْ تَعَذَّرَتْ الْجَمَاعَةُ بِغَيْرِهِمْ، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ لِخَارِجٍ فَلَا يُنَافِي بَقَاءَ الْكَرَاهَةِ فِيهِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَيُنْظَرُ مَا مَعْنَى الْخَارِجِ هُنَا. قَوْلُهُ:(مَسْجِدٍ قَرِيبٍ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ جَمَاعَةُ بَيْتِهِ إذَا

ــ

[حاشية عميرة]

الْوُجُوبِ بِحَدِيثِ: «صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ، وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الْوَاحِدِ» .

قَوْلُ الْمَتْنِ ": (وَفِي الْمَسْجِدِ إلَخْ) لَوْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ فِي بَيْتِهِ أَكْثَرَ مِنْهَا فِي الْمَسْجِدِ، فَفِي الْحَاوِي: الْمَسْجِدُ أَوْلَى، وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي: الْبَيْتُ أَوْلَى.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ قَضِيَّةُ تَقْدِيمِهِمْ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعِبَادَةِ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِمَكَانِهَا، انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ صَلَاتَهُ فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةً أَوْلَى، وَإِنْ لَزِمَ عَلَى ذَلِكَ صَلَاةُ أَهْلِهِ عَلَى الِانْفِرَادِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ.

قَوْلُهُ: (وَحُضُورُهُنَّ إلَخْ) كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ صَرِيحٌ فِي اسْتِحْبَابِ تَرْكِ الْخُرُوجِ لِلْعَجَائِزِ، وَقَالَ فِي خُرُوجِهِنَّ لِلْجُمُعَةِ: لَا بَأْسَ بِهِ إذَا احْتَرَزْنَ عَنْ الطِّيبِ:

ص: 255

تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ) مَعَ الْإِمَامِ (فَضِيلَةٌ وَإِنَّمَا تَحْصُلُ بِالِاشْتِغَالِ بِالتَّحَرُّمِ عَقِبَ تَحَرُّمِ إمَامِهِ) بِخِلَافِ الْمُتَرَاخِي عَنْهُ. (وَقِيلَ:) تَحْصُلُ (بِإِدْرَاكِ بَعْضِ الْقِيَامِ وَقِيلَ بِأَوَّلِ رُكُوعٍ) أَيْ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ الْبَسِيطِ، وَأَقَرَّهُ الْوَجْهُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ فِيمَنْ لَمْ يَحْضُرْ إحْرَامَ الْإِمَامِ، فَأَمَّا مَنْ حَضَرَهُ وَأَخَّرَ فَقَدْ فَاتَتْهُ فَضِيلَةُ التَّكْبِيرَةِ وَإِنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ.

(وَالصَّحِيحُ إدْرَاكُ الْجَمَاعَةِ مَا لَمْ يُسَلِّمْ) أَيْ الْإِمَامُ وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ مَعَهُ بِأَنْ سَلَّمَ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ، وَالثَّانِي لَا تُدْرَكُ إلَّا بِرَكْعَةٍ لِأَنَّ مَا دُونَهَا لَا يُحْسَبُ مِنْ صَلَاتِهِ، وَدُفِعَ بِحُسْبَانِ التَّحَرُّمِ، فَتَحْصُلُ بِهِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ.

قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لَكِنْ دُونَ فَضِيلَةِ مَنْ أَدْرَكَهَا مِنْ أَوَّلِهَا.

(وَلْيُخَفِّفْ الْإِمَامُ) نَدْبًا (مَعَ فِعْلِ الْأَبْعَاضِ) وَالْهَيْئَاتِ أَيْ السُّنَنِ غَيْرَ الْأَبْعَاضِ فَيُخَفِّفُ فِي الْقِرَاءَةِ وَالْأَذْكَارِ كَمَا فِي الْمُهَذَّبِ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْأَقَلِّ وَلَا يَسْتَوْفِي الْأَكْمَلَ الْمُسْتَحَبَّ لِلْمُنْفَرِدِ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَأَوْسَاطِهِ وَأَذْكَارِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَالْأَصْلُ فِي التَّخْفِيفِ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ «إذَا أَمَّ أَحَدُكُمْ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ» وَغَيْرُهُ. (إلَّا أَنْ يَرْضَى بِتَطْوِيلِهِ مَحْصُورُونَ) أَيْ لَا يُصَلِّي وَرَاءَهُ غَيْرُهُمْ، فَلَا بَأْسَ بِالتَّطْوِيلِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَفِي

ــ

[حاشية قليوبي]

تَعَطَّلَتْ لِغَيْبَتِهِ وَإِنْ قَلَّتْ أَفْضَلُ مِنْ الْمَسْجِدِ.

نَعَمْ مَنْ عَلَيْهِ إمَامَةٌ فِي مَسْجِدٍ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ يُصَلِّي مَعَهُ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ الْمَيْسُورُ بِالْمَعْسُورِ بِخِلَافِ مُدَرِّسٍ لَمْ يَحْضُرْ طَلَبَتُهُ لِأَنَّهُ لَا تَعْلِيمَ بِلَا مُتَعَلِّمٍ.

قَوْلُهُ: (بِالِاشْتِغَالِ بِالتَّحَرُّمِ) وَلَا يُنْدَبُ الْإِسْرَاعُ لِإِدْرَاكِهَا أَوْ غَيْرِهَا، وَلَوْ جَمِيعَ الرَّكَعَاتِ إلَّا لِخَوْفِ فَوْتِ الْوَقْتِ أَوْ الْجَمَاعَةِ أَوْ الْجُمُعَةِ، بَلْ يَجِبُ عَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ وَتَوَقَّفَ إدْرَاكُهَا عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْمُتَرَاخِي عَنْهُ) مُطْلَقًا لِغَيْرِ وَسْوَسَةٍ خَفِيفَةٍ، أَوْ بِقَدْرِ رُكْنَيْنِ مِنْهَا. قَوْلُهُ:(أَيْ بِإِدْرَاكِ إلَخْ) هُوَ دَفْعٌ لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ إدْرَاكَ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ رُكُوعٍ كَافٍ فِي الْفَضِيلَةِ.

قَوْلُهُ: (قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) يُفِيدُ حُصُولَ الْفَضِيلَةِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ حَضَرَ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ أَوْ لَا، وَهُوَ وَاضِحٌ فَرَاجِعْهُ.

(فَرْعٌ) يُقَدَّمُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ عَلَى فَضِيلَةِ التَّحَرُّمِ وَعَلَى إدْرَاكِ غَيْرِ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ.

قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يُسَلِّمْ) أَيْ يَشْرَعُ فِي التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى، وَإِلَّا فَلَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ جَمَاعَةً وَلَا فُرَادَى عِنْدَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَإِنْ كَانَ شَرْحُهُ لَا يُفِيدُهُ، وَعِنْدَ الْخَطِيبِ تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ فُرَادَى، وَعِنْدَ ابْنِ حَجَرٍ تَنْعَقِدُ جَمَاعَةً. نَعَمْ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِسَلَامِ الْإِمَامِ إلَّا بَعْدَ عَوْدِهِ لِلصَّلَاةِ لِنَحْوِ سُجُودِ سَهْوٍ، فَالْوَجْهُ انْعِقَادُ صَلَاتِهِ جَمَاعَةً لِتَبَيُّنِ أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الصَّلَاةِ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (دُونَ فَضِيلَةِ إلَخْ) وَلِهَذَا لَوْ رَجَا جَمَاعَةً يُدْرِكُهَا مِنْ أَوَّلِهَا نُدِبَ لَهُ انْتِظَارُهَا مَا لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ وَقْتِ فَضِيلَةٍ أَوْ اخْتِيَارٍ، إنَّمَا أَدْرَكَ الْفَضِيلَةَ فِي هَذِهِ مَنْ أَوَّلُ صَلَاتِهِ لِانْسِحَابِ الْجَمَاعَةِ عَلَيْهَا، وَبِهَذَا فَارَقَ الْإِمَامُ إذَا نَوَى الْإِمَامَةَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ حَيْثُ لَا تَنْعَطِفُ الْجَمَاعَةُ عَلَى مَا مَضَى، وَفَارَقَتْ نِيَّةُ الصَّوْمِ قَبْلَ الزَّوَالِ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ.

قَوْلُهُ: (مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَأَوْسَاطِهِ) أَيْ فَلَا يَأْتِي بِهِمَا بَلْ بِالْقِصَارِ، وَلَا يَأْتِي بِبَعْضِ السُّورَةِ مِنْ الطِّوَالِ مَثَلًا لِأَنَّ السُّورَةَ أَكْمَلُ مِنْ بَعْضِهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَيُنْقِصُ مِنْ الْأَذْكَارِ قَدْرًا يُظْهِرُ بِهِ التَّخْفِيفَ. نَعَمْ الم تَنْزِيلُ وَهَلْ أَتَى فِي

ــ

[حاشية عميرة]

وَصَحَّحَ اسْتِحْبَابَهُ فِي الْعِيدِ وَالْمُدْرِكُ فِي الْجَمِيعِ وَاحِدٌ قَالَ وَلَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ الْإِذْنُ لِعَجُوزٍ وَلَا شَابَّةٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِدْرَاكُ تَكْبِيرَةِ إلَخْ) دَلِيلُهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى كُتِبَ لَهُ بَرَاءَتَانِ: بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ وَبَرَاءَةٌ مِنْ النِّفَاقِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ مُرْسَلٌ لِأَنَّ عِمَارَةَ لَمْ يُدْرِكْ أَنَسًا رضي الله عنه. كَذَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ لَا يَحْسُنُ الِاسْتِدْلَال بِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالِاشْتِغَالِ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ حَضَرَ التَّكْبِيرَةَ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْحُصُولَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِي الْحَاشِيَةِ عَلَى الْإِدْرَاكِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا «فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا» . انْتَهَى. أَقُولُ: وَهُوَ يَحْسُنُ أَنْ يَكُونَ عَاضِدًا لِلْمُرْسَلِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَاشِيَةِ أَيْ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ بِإِدْرَاكِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّكْبِيرِ وَتَعْلِيلُ الثَّالِثِ الْقِيَاسَ عَلَى إدْرَاكِهِ بِالرُّكُوعِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ مَعَهُ إلَخْ) عَلَّلَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُدْرِكْ الْجَمَاعَةَ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِجَوَازِ الِاقْتِدَاءِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَعْنًى، وَلَوْ أَحْرَمَ مُعْتَقِدًا إدْرَاكَ الْإِمَامِ فَتَبَيَّنَ سَبْقُ الْإِمَامِ لَهُ بِالسَّلَامِ ثُمَّ عَادَ الْإِمَامُ عَنْ قُرْبٍ لِسُجُودِ سَهْوٍ فَالظَّاهِرُ انْعِقَادُ الْقُدْوَةِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلْيُخَفِّفْ الْإِمَامُ فَإِنْ طَوَّلَ كُرِهَ) ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهُوَ يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي، وَيُكْرَهُ التَّطْوِيلُ لِيَلْحَقَ آخَرُونَ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(إلَّا أَنْ يَرْضَى بِتَطْوِيلِهِ إلَخْ) .

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: فَإِنْ جَهِلَ حَالَهُمْ أَوْ اخْتَلَفُوا فِي الِاخْتِيَارِ أَوْ كَانَ الْمَسْجِدُ مَطْرُوقًا بِحَيْثُ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ أَوْ لَا لَمْ يُطَوِّلْ بِالِاتِّفَاقِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ:

ص: 256

شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ جَمَاعَةٍ: يُسْتَحَبُّ.

(وَيُكْرَهُ التَّطْوِيلُ) لِيَلْحَقَ آخَرُونَ، أَوْ رَجُلٌ شَرِيفٌ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ لِتَضَرُّرِ الْمُقْتَدِينَ بِهِ.

قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: سَوَاءٌ كَانَ الْمَسْجِدُ فِي سُوقٍ أَوْ مَحَلَّةٍ وَعَادَةُ النَّاسِ يَأْتُونَهُ بَعْدَ الْإِقَامَةِ فَوْجًا فَوْجًا أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الرَّجُلُ الْمُنْتَظِرُ مَشْهُورًا بِعِلْمِهِ وَدِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ.

(وَلَوْ أَحَسَّ) الْإِمَامُ (فِي الرُّكُوعِ أَوْ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ بِدَاخِلٍ) يَقْتَدِي بِهِ. (لَمْ يُكْرَهْ انْتِظَارُهُ فِي الْأَظْهَرِ إنْ لَمْ يُبَالِغْ فِيهِ) أَيْ الِانْتِظَارِ. (وَلَمْ يَفْرُقْ) بِضَمِّ الرَّاءِ (بَيْنَ الدَّاخِلِينَ) بِانْتِظَارِ بَعْضِهِمْ لِصَدَاقَةٍ أَوْ سِيَادَةٍ مَثَلًا دُونَ بَعْضٍ، بَلْ يُسَوِّي بَيْنَهُمْ فِي الِانْتِظَارِ لِلَّهِ تَعَالَى، لَا لِلتَّوَدُّدِ إلَيْهِمْ وَاسْتِمَالَةِ قُلُوبِهِمْ. (قُلْت: الْمَذْهَبُ اسْتِحْبَابُ انْتِظَارِهِ) بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ. (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَأَصْلُ الْخِلَافِ هَلْ يَنْتَظِرُهُ أَوْ لَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا نَعَمْ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ حَكَاهُمَا كَمَا.

قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَثِيرُونَ مِنْ الْأَصْحَابِ فِي الْكَرَاهَةِ نَافِينَ الِاسْتِحْبَابَ، وَآخَرُونَ فِي الِاسْتِحْبَابِ نَافِينَ الْكَرَاهَةَ، فَمَعْنَى لَا يَنْتَظِرُ عَلَى الْأَوَّلِ يُكْرَهُ، وَعَلَى الثَّانِي لَا يُسْتَحَبُّ، فَحَصَلَ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ أَقْوَالٌ يُكْرَهُ يُسْتَحَبُّ لَا يُكْرَهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ، وَهُوَ مُرَادُ الرَّافِعِيِّ بِمَا رَجَّحَهُ أَيْ يُبَاحُ كَمَا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَجْهُ الْكَرَاهَةِ مَا فِيهِ مِنْ التَّطْوِيلِ الْمُخَالِفِ لِلْأَمْرِ بِالتَّخْفِيفِ، وَوَجْهُ الِاسْتِحْبَابِ الْإِعَانَةُ عَلَى إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالْجَمَاعَةِ فِي الثَّانِيَةِ، وَوَجْهُ الْإِبَاحَةِ الرُّجُوعُ إلَى الْأَصْلِ لِتَسَاقُطِ الدَّلِيلَيْنِ بِتَعَارُضِهِمَا وَدُفِعَ التَّعَارُضُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ التَّخْفِيفِ عَدَمُ الْمَشَقَّةِ، وَالِانْتِظَارُ

ــ

[حاشية قليوبي]

صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ يُنْدَبُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُمَا مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (يُسْتَحَبُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْأَرِقَّاءِ وَالْأُجَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ، فَلَا عِبْرَةَ بِرِضَاهُمْ بِغَيْرِ إذْنٍ لَهُمْ فِي التَّطْوِيلِ وَلَوْ رَضِيَ الْمَأْمُومُونَ إلَّا وَاحِدًا أَوْ اثْنَيْنِ مَثَلًا رَاعَاهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُلَازِمًا، وَالْمُرَادُ بِالْمَحْصُورِينَ أَنْ لَا يُصَلِّيَ وَرَاءَهُ غَيْرُهُمْ وَلَوْ غَيْرَ مَحْصُورِينَ بِالْعَدَدِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ.

قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ التَّطْوِيلُ) وَكَذَا تَأْخِيرُ الْإِحْرَامِ وَلَوْ قَبْلَ الْإِقَامَةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَحَسَّ الْإِمَامُ) وَمِثْلُهُ الْمُنْفَرِدُ، وَلَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يَأْتِي: قَوْلُهُ (فِي الرُّكُوعِ) أَيْ غَيْرِ الثَّانِي مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ.

قَوْلُهُ: (بِدَاخِلٍ) أَيْ فِي مَحَلِّ الصَّلَاةِ وَإِنْ بَعُدَ لَا خَارِجَهُ، وَإِنْ قَرُبَ وَهُوَ الْمَسْجِدُ أَوْ الْبَيْتُ الْمُعَدُّ لِإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ، أَوْ مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ عُرْفًا فِي الصَّحْرَاءِ.

قَوْلُهُ: (يَقْتَدِي بِهِ) أَيْ وَهُوَ يَعْتَقِدُ إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ بِالرُّكُوعِ، وَإِدْرَاكَ الْجَمَاعَةِ بِالتَّشَهُّدِ، وَلَمْ يَكُنْ بِهِ وَسْوَسَةٌ وَلَمْ يَخَفْ الْإِمَامُ خُرُوجَ الْوَقْتِ أَوْ بُطْلَانَ صَلَاةِ الدَّاخِلِ كَأَنْ يَرْكَعَ قَبْلَ تَمَامِ التَّكْبِيرَةِ، وَيَحْرُمُ الِانْتِظَارُ عِنْدَ خَوْفِ خُرُوجِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ مُطْلَقًا، وَفِي غَيْرِهَا إنْ امْتَنَعَ الْمَدُّ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يُبَالِغْ فِيهِ) بِأَنْ يُطَوِّلَ زَمَنًا لَوْ وُزِّعَ عَلَى جَمِيعِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ لَظَهَرَ أَثَرُهُ، وَلَوْ بِانْضِمَامِ مَأْمُومٍ لِآخَرَ.

قَوْلُهُ: (بَلْ يُسَوِّي بَيْنَهُمْ فِي الِانْتِظَارِ لِلَّهِ) هَذَا يُوَافِقُ مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ مَعْنَى الِانْتِظَارِ لِلَّهِ هُوَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ، وَفِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ مَا يُخَالِفُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ فَيَخْرُجُ مَا لَوْ سَوَّى بَيْنَهُمْ فِي الِانْتِظَارِ لِتَوَدُّدٍ أَوْ نَحْوِهِ.

قَوْلُهُ: (أَحَدُهُمَا نَعَمْ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ وَالثَّانِي لَا بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ أَيْضًا أَخْذًا مِمَّا سَيَذْكُرُهُ، وَصَرَّحَ بِهِ الْخَطِيبُ.

قَوْلُهُ: (فَمَعْنَى لَا يَنْتَظِرُ عَلَى الْأَوَّلِ يُكْرَهُ) وَمَعْنَى يَنْتَظِرُ عَلَيْهِ لَا يُكْرَهُ أَيْ يُبَاحُ.

قَوْلُهُ: (وَعَلَى الثَّانِي) أَيْ وَمَعْنَى لَا يَنْتَظِرُ عَلَيْهِ لَا يُسْتَحَبُّ أَيْ فَيُبَاحُ، وَمَعْنَى يَنْتَظِرُ عَلَيْهِ يُسْتَحَبُّ. قَوْلُهُ:(أَقْوَالٌ) أَيْ ثَلَاثَةٌ أَحَدُهَا يُكْرَهُ وَهُوَ مَعْنَى لَا يَنْتَظِرُ عَلَى الْأَوَّلِ وَثَانِيهَا يُسْتَحَبُّ وَهُوَ مَعْنَى يَنْتَظِرُ عَلَى الثَّانِي، وَثَالِثُهَا لَا يُكْرَهُ وَهُوَ مَعْنَى يَنْتَظِرُ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَا يُسْتَحَبُّ، وَهُوَ مَعْنَى لَا يَنْتَظِرُ عَلَى

ــ

[حاشية عميرة]

وَيُكْرَهُ التَّطْوِيلُ إلَخْ) لَوْ حَضَرَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ وَالْإِمَامُ يَرْجُو زِيَادَةً فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُؤَخِّرَ الْإِحْرَامَ.

قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَلَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ الِانْتِظَارُ بِلَا خِلَافٍ وَقَوْلُهُ: لِيَلْحَقَ آخَرُونَ أَيْ لَمْ يُحِسَّ بِهِمْ هَذَا مُرَادُهُ فَلَا يَكُونُ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي، وَلَا يَنْتَظِرُ فِي غَيْرِهِمَا لِأَنَّ ذَاكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ أَحَسَّ بِدَاخِلٍ، وَمِنْ ثَمَّ جَرَى الْخِلَافُ فِيهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَحَسَّ) هِيَ اللُّغَةُ الْمَعْرُوفَةُ، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى بِدُونِ هَمْزَةٍ وَمِنْ الْأُولَى قَوْلُهُ {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} [مريم: 98] . قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ لَمْ يُبَالِغْ) لَوْ لَحِقَ آخَرُ وَكَانَ انْتِظَارُهُ يُؤَدِّي إلَى الْمُبَالَغَةِ مَعَ ضَمِيمَةِ مَا حَصَلَ قَبْلَ دُخُولِهِ فَحُكْمُهُ كَمَا لَوْ كَانَ يُؤَدِّي إلَى الْمُبَالَغَةِ عَلَى انْفِرَادِهِ.

قَالَهُ الْإِمَامُ. قَوْلُهُ: (لَا لِلتَّوَدُّدِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هِيَ وَارِدَةٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ يَعْنِي لَوْ سَوَّى بَيْنَهُمْ فِي التَّوَدُّدِ كَانَ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمْ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَوَّلِ يُكْرَهُ) أَيْ لِأَنَّ فِيهِ تَشْرِيكًا فِي الْعِبَادَةِ وَلِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّطْوِيلِ. قَوْلُهُ: (أَيْ يُبَاحُ) مِثْلُ هَذَا فِي الْإِسْنَوِيِّ. قَوْلُهُ: (وَوَجْهُ الِاسْتِحْبَابِ الْإِعَانَةُ إلَخْ) قَدْ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ أَيْضًا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْحُكْمِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَأْنِ

ص: 257

الْمَذْكُورُ لَا يَشُقُّ عَلَى الْمَأْمُومِينَ، وَحَيْثُ انْتَفَى شَرْطٌ مِنْ الْمَشْرُوطِ الْمَذْكُورَةِ يُجْزَمُ بِكَرَاهَةِ الِانْتِظَارِ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ، وَبِعَدَمِ اسْتِحْبَابِهِ أَيْ بِإِبَاحَتِهِ عَلَى الثَّانِي (وَلَا يَنْتَظِرُ فِي غَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ الرُّكُوعِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مِنْ الْقِيَامِ وَغَيْرِهِ جَزْمًا أَيْ يُجْزَمُ بِكَرَاهَتِهِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَقِيلَ: يُطْرَدُ الْخِلَافُ فِيهِ لِإِفَادَةِ بَرَكَةِ الْجَمَاعَةِ.

(وَيُسَنُّ لِلْمُصَلِّي) صَلَاةٌ مِنْ الْخَمْسِ (وَحْدَهُ، وَكَذَا جَمَاعَةٌ فِي الْأَصَحِّ إعَادَتُهَا مَعَ جَمَاعَةٍ يُدْرِكُهَا) فِي الْوَقْتِ «قَالَ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ صَلَاتِهِ الصُّبْحَ لِرَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ، وَقَالَا:

ــ

[حاشية قليوبي]

الثَّانِي وَهُمَا بِمَعْنَى يُبَاحُ، فَالْقَوْلَانِ الْأَوَّلَانِ صَرِيحَانِ وَالثَّالِثُ ضِمْنِيٌّ، وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ طُرُقٍ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ الشَّارِحُ بَعْدُ، فَتَعْبِيرُهُ بِالْمَذْهَبِ صَحِيحٌ وَالْمُرَادُ بِالْإِبَاحَةِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فَهِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَنْتَظِرُ فِي غَيْرِهِمَا) نَعَمْ يُنْدَبُ الِانْتِظَارُ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ لِنَحْوِ مَزْحُومٍ، أَوْ لِمُوَافِقٍ تَخَلَّفَ لِإِتْمَامِ الْفَاتِحَةِ خَوْفًا مِنْ فَوَاتِ الرَّكْعَةِ عَلَيْهِ، وَفِي الْقِيَامِ لِمَأْمُومٍ أَحَسَّ بِهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَظَنَّ عَدَمَ عِلْمِهِ بِشُرُوطِ التَّكْبِيرَةِ.

(تَنْبِيهٌ) شَمِلَ الِانْتِظَارُ الْمَذْكُورُ، وَعَدَمُهُ الْجَمَاعَةَ الْمَطْلُوبَةَ وَالْمَكْرُوهَةَ بِنَاءً عَلَى حُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا، وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُهُمْ إشَارَةٌ إلَى الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ شَارِحِ الْأَصْلِ وَمَا فَهِمَهُ الْجَلَالُ هُوَ الْوَجْهُ الْوَجِيهُ، إذْ الطَّرِيقَةُ الَّتِي فِي الْمَجْمُوعِ هِيَ طَرِيقَةُ الْغَزَالِيِّ الَّتِي اعْتَمَدَهَا فِي وَجِيزِهِ.

وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّهَا كَالْمُرَكَّبَةِ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَلَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهَا.

قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ لِلْمُصَلِّي) صَلَاةٌ لَا تَلْزَمُ إعَادَتُهَا، وَلَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى، أَوْ صَبِيًّا أَوْ رَقِيقًا فِي مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ:(مِنْ الْخَمْسِ) وَمِنْهَا الْجُمُعَةُ فَيُعِيدُهَا جُمُعَةً مَنْ أَدْرَكَهَا فِي مَحَلٍّ آخَرَ مِنْ بَلَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا، وَلَا تَصِحُّ إعَادَتُهَا ظُهْرًا وَلَا عَكْسَهُ. نَعَمْ لَوْ أَدْرَكَهَا مَعْذُورٌ بَعْدَ أَنْ صَلَّى ظُهْرَهُ صَلَّاهَا، لَكِنْ لَا يُقَالُ لَهَا مُعَادَةٌ.

قَالَ شَيْخُنَا: لِأَنَّهَا فَرْضُهُ الْآنَ وَتَنْقَلِبُ ظُهْرُهُ نَفْلًا مُطْلَقًا، وَلِذَلِكَ تَنْعَقِدُ بِهِ لَوْ كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ فَرَاجِعْهُ، وَمِنْهَا صَلَاةُ الْخَوْفِ وَصَلَاةُ السَّفَرِ وَتَجُوزُ إعَادَةُ الْمَقْصُورَةِ تَامَّةً، وَعَكْسُهُ حَضَرًا وَسَفَرًا عَلَى مَا ذَكَرَ فِي مَحَلِّهِ، وَخَرَجَ بِالْخَمْسِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ كَمَا يَأْتِي، وَالْوِتْرُ وَإِنْ طُلِبَتْ فِيهِ الْجَمَاعَةُ أَوْ نَذْرُهُ، وَالنَّفَلُ الْمُطْلَقُ وَإِنْ نَذَرَهُ فَلَا تَصِحُّ إعَادَةُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَمِثْلُهُ مَا لَهُ سَبَبٌ كَالتَّحِيَّةِ وَلَا تُنْدَبُ إعَادَةُ النَّفْلِ الْمُؤَقَّتِ وَإِنْ نَذَرَهُ، لَكِنْ تَصِحُّ إعَادَتُهُ. نَعَمْ تُنْدَبُ إعَادَةُ مَا تُسَنُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ وَإِنْ نَذَرَهُ.

قَوْلُهُ (مَعَ جَمَاعَةٍ) أَيْ فِي جَمَاعَةٍ فَيَكْفِي مَعَهُ إمَامٌ أَوْ مَأْمُومٌ وَإِنْ كَانَا مُعِيدَيْنِ. قَوْلُهُ: (يُدْرِكُهَا) أَيْ الْجَمَاعَةَ فِي جَمِيعِهَا بِأَنْ لَا يَنْفَرِدَ بِجُزْءٍ مِنْهَا كَتَأْخِيرِ إحْرَامِ إمَامٍ مُعِيدٍ، أَوْ تَأْخِيرِ سَلَامِ مَأْمُومٍ مُعِيدٍ عَنْ سَلَامِ إمَامِهِ، وَلَوْ لِتَمَامِ تَشَهُّدٍ وَاجِبٍ، أَوْ لِإِرَادَةِ سُجُودِ سَهْوٍ أَوْ لِتَدَارُكِ نَحْوِ رُكْنٍ فَاتَهُ فَتَبْطُلُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَلَا يَنْعَقِدُ إحْرَامُ مَسْبُوقٍ بِرَكْعَةٍ مِنْهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ يَكْفِي إدْرَاكُ الْجَمَاعَةِ وَلَوْ بِجُزْءٍ مِنْهَا، وَلَا بُدَّ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ فَأَكْثَرَ مَعَ الْجَمَاعَةِ.

وَقَالَ الْخَطِيبُ: لَا بُدَّ مِنْ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ فَأَكْثَرَ مَعَ الْجَمَاعَةِ مُطْلَقًا فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا.

(تَنْبِيهٌ) ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ وَالْخَطِيبِ أَنَّهُ لَا تَتَقَيَّدُ الْإِعَادَةُ بِمَرَّةٍ وَسَيَأْتِي، وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: لَا تَجُوزُ الْإِعَادَةُ إلَّا مَرَّةً فَقَطْ، وَإِنْ جَرَى خِلَافٌ فِي صِحَّةِ الْأُولَى.

وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: إذَا جَرَى خِلَافٌ فِي صِحَّةِ الْأُولَى وَلَوْ مَذْهَبِيًّا قَوِيَ مُدْرِكُهُ جَازَتْ إعَادَتُهَا، وَلَوْ بِالِانْفِرَادِ إذَا أَتَى بِمَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ كَخُرُوجٍ مِنْ حَمَّامٍ صَلَّى فِيهِ، وَتَجُوزُ إعَادَتُهَا ثَالِثًا بِالْجَمَاعَةِ.

وَقَالَ الشَّيْخُ الطَّبَلَاوِيُّ وَغَيْرُهُ كَالْمُزَنِيِّ مِنْ أَئِمَّتِنَا: تَجُوزُ الْإِعَادَةُ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ وَلَا تَتَقَيَّدُ بِعَدَدٍ وَلَا بِجَمَاعَةٍ. قَوْلُهُ: (فِي الْوَقْتِ) أَيْ فِي وَقْتِهَا وَإِنْ كَانَ وَقْتَ كَرَاهَةٍ، وَيَكْفِي فِيهِ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ لَا دُونَهَا لِوُجُودِ الْأَدَاءِ فِيهَا، وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ الْجَمَاعَةُ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. وَنُقِلَ عَنْهُ

ــ

[حاشية عميرة]

الرَّجُلِ الَّذِي دَخَلَ الْمَسْجِدَ بَعْدَ الصَّلَاةِ «مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا؟» . قَوْلُهُ: (يُجْزَمُ بِكَرَاهَةِ الِانْتِظَارِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ بَعْدَ ذِكْرِ قَوْلَيْ الْكَرَاهَةِ، وَلَهُمَا شُرُوطٌ الثَّانِي أَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَ الدَّاخِلِينَ فَإِنْ خَصَّ بَعْضَهُمْ بِهِ لِصَدَاقَتِهِ أَوْ شَرَفِهِ كَانَ مَمْنُوعًا جَزْمًا. وَكَذَا إذَا عَمَّهُمْ وَلَمْ يَقْصِدْ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بَلْ التَّوَدُّدَ وَالِاسْتِمَالَةَ. قَالَ وَحَيْثُ انْتَظَرَ لَا بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِالِاتِّفَاقِ نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ لِلتَّشْرِيكِ انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ. فَقَدْ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ عَلَى قَوْلِ الْكَرَاهَةِ. قَوْلُهُ:(أَيْ بِإِبَاحَتِهِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنْ يُرَادَ بِالشَّرْطِ الْمَنْفِيِّ عَوْدُ الرُّكُوعِ وَالتَّشَهُّدِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْجَزْمِ بِالْكَرَاهَةِ فِي غَيْرِهِمَا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَعَ جَمَاعَةٍ) لَوْ فُرِضَ أَنَّ شَخْصَيْنِ صَلَّى كُلٌّ مِنْهُمَا فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَصَدَا الْإِعَادَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمَا أَحَدٌ لَمْ يَحْضُرْ الْجَمَاعَةَ، فَالظَّاهِرُ الِاسْتِحْبَابُ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ.

(فَرْعٌ) رُبَّمَا يُسْتَفَادُ مِنْ شَرْطِ الْجَمَاعَةِ وُجُوبُ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ كَالْجُمُعَةِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ صَلَاتِهِ الصُّبْحَ) مِنْ فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ

ص: 258

صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا: إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَاهَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ بِالِانْفِرَادِ وَالْجَمَاعَةِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يُقْصِرُهُ عَلَى الِانْفِرَادِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ فِي جَمَاعَةٍ قَدْ حَصَلَ فَضِيلَتُهَا فَلَا تُطْلَبُ مِنْهُ الْإِعَادَةُ، وَجَوَابُهُ مَنْعُ ذَلِكَ، وَسَوَاءٌ عَلَى الْأَصَحِّ اسْتَوَتْ الْجَمَاعَتَانِ أَمْ زَادَتْ الثَّانِيَةُ بِفَضِيلَةٍ، كَكَوْنِ الْإِمَامِ أَعْلَمَ أَوْ أَوْرَعَ، أَوْ الْجَمْعِ أَكْثَرَ، أَوْ الْمَكَانِ أَشْرَفَ، وَقِيلَ: لَا تُسَنُّ الْإِعَادَةُ فِي الْمُسْتَوِيَتَيْنِ، وَالْعِبَارَةُ تَصْدُقُ بِمَا إذَا كَانَتْ الْأُولَى أَفْضَلَ مِنْ الثَّانِيَةِ، وَسَيَأْتِي مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الِاسْتِحْبَابُ فِي ذَلِكَ. (وَفَرْضُهُ) فِي الصُّورَتَيْنِ. (الْأُولَى فِي الْجَدِيدِ) لِمَا سَبَقَ فِي الْحَدِيثِ، وَفِي الْقَدِيمِ إحْدَاهُمَا لَا بِعَيْنِهَا يَحْتَسِبُ اللَّهَ بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا فَيَنْوِي بِالثَّانِيَةِ الْفَرْضَ. (وَالْأَصَحُّ) عَلَى الْجَدِيدِ (أَنَّهُ يَنْوِي بِالثَّانِيَةِ الْفَرْضَ) أَيْضًا، وَالثَّانِي وَاخْتَارَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ يَنْوِي الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ مَثَلًا، وَلَا يَتَعَرَّضُ لِلْفَرْضِ.

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الرَّاجِحُ اخْتِيَارُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ، قَالَ: وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ صَلَّى إذَا رَأَى مَنْ يُصَلِّي تِلْكَ الْفَرِيضَةَ وَحْدَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَهُ لِتَحْصُلَ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ، وَهَذَا اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ فِي الْمُهَذَّبِ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى الْمَسْجِدِ بَعْدَ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ؟ فَصَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ: فِيهِ اسْتِحْبَابُ إعَادَةِ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ لِمَنْ صَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ أَقَلَّ مِنْ الْأُولَى وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الشَّفَاعَةُ إلَى مَنْ يُصَلِّي مَعَ الْحَاضِرِ مِمَّنْ لَهُ عُذْرٌ فِي عَدَمِ الصَّلَاةِ مَعَهُ وَأَنَّ الْجَمَاعَةَ تَحْصُلُ بِإِمَامٍ وَمَأْمُومٍ وَأَنَّ الْمَسْجِدَ الْمَطْرُوقَ لَا تُكْرَهُ فِيهِ جَمَاعَةٌ بَعْدَ جَمَاعَةٍ.

(وَلَا رُخْصَةَ فِي تَرْكِهَا) أَيْ الْجَمَاعَةِ. (وَإِنْ قُلْنَا) هِيَ (سُنَّةٌ) لِتَأَكُّدِهَا

ــ

[حاشية قليوبي]

اعْتِبَارُ إيقَاعِ جَمِيعِهَا فِي الْوَقْتِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ) وَكَانَ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ بِمِنًى. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ جَمَاعَةَ الثَّانِيَةِ لَا تَنْقَلِبُ إلَى الْأُولَى قَطْعًا، وَاسْتِدْرَاكُ جَابِرٍ لِمَا فَاتَ مِنْ الْكَمَالِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى جَمَاعَةٍ فِي الثَّانِيَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُقَابِلُ مَبْنِيًّا عَلَى الْقَدِيمِ، فَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنَّ جَوَابَهُ الْمَذْكُورَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. قَوْلُهُ:(مَنَعَ ذَلِكَ) أَيْ مَنَعَ عَدَمَ الطَّلَبِ الْمَذْكُورِ، لَا حُصُولَ الْفَضِيلَةِ. قَوْلُهُ:(أَفْضَلَ مِنْ الثَّانِيَةِ) وَكَذَا لَوْ خَلَتْ الثَّانِيَةُ عَنْ الْفَضِيلَةِ كَعُرَاةٍ بُصَرَاءَ فِي ضَوْءٍ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْقَدِيمِ إلَخْ) وَقِيلَ: فَرْضُهُ الثَّانِيَةُ، وَقِيلَ: كُلٌّ مِنْهُمَا فَرْضٌ لِلْأَمْرِ فِي الْحَدِيثِ فَيَنْوِي الْفَرْضَ فِيهِمَا، وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالنَّافِلَةِ فِي الْحَدِيثِ مُطْلَقُ الزِّيَادَةِ. قَوْلُهُ:(يَنْوِي بِالثَّانِيَةِ الْفَرْضَ) لَكِنْ لَا يَقْصِدُ أَنَّهُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ فَيَكْفِيهِ الْإِطْلَاقُ أَوْ كَوْنُهَا فَرْضًا فِي الْجُمْلَةِ أَوْ عَلَى الْمُكَلَّفِ.

(تَنْبِيهٌ) لَوْ تَبَيَّنَ لَهُ الْفَسَادُ فِي الْأُولَى لَمْ تُجْزِئْهُ الثَّانِيَةُ عَنْهَا، وَتَقَعُ نَفْلًا مُطْلَقًا، وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ بِالِاكْتِفَاءِ حَمَلَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَى الْقَوْلِ الْقَدِيمِ بِأَنَّ الْفَرْضَ إحْدَاهُمَا لَا بِعَيْنِهَا.

وَقَالَ شَيْخُنَا بِالِاكْتِفَاءِ إنْ أَطْلَقَ فِيهَا نِيَّةَ الْفَرْضِيَّةِ وَهُوَ وَجِيهٌ، وَيَحْتَمِلُ عَلَيْهِ مَا فِي الْمَنْهَجِ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ حَتَّى لَا تَكُونَ نَفْلًا مُبْتَدَأً، أَيْ نَفْلًا يُسَمَّى ظُهْرًا، مَثَلًا لَوْ فُرِضَ وُجُودُهُ. نَعَمْ إنْ نَسِيَ الْأُولَى عِنْدَ فِعْلِ الثَّانِيَةِ كَفَتْ عَنْهَا، وَحَمَلَ عَلَيْهَا شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مَا فِي الْمَنْهَجِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ. قَوْلُهُ:(الرَّاجِحُ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَا أَنَّهُ الْمَذْهَبُ قَوْلُهُ: (وَهَذَا) أَيْ اسْتِحْبَابُ الصَّلَاةِ مَعَ الثَّانِي.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ) أَيْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. قَوْلُهُ: (فَصَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ) هُوَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه. قَوْلُهُ: (مِمَّنْ لَهُ عُذْرٌ) مُتَعَلِّقٌ بِالشَّفَاعَةِ وَلَيْسَ قَيْدًا، لَكِنْ مَا مَعْنَى الْعُذْرِ هُنَا؟ . قَوْلُهُ:(وَأَنَّ الْمَسْجِدَ الْمَطْرُوقَ) وَهُوَ مَا تُكَرَّرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَلَوْ فُرَادَى، وَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ جَمَاعَةً قَبْلَ الرَّاتِبِ وَلَا بَعْدَهُ وَلَا مَعَهُ، وَتُكْرَهُ فِي غَيْرِ الْمَطْرُوقِ إلَّا بِإِذْنِ الرَّاتِبِ، وَهُوَ مَا لَا يُصَلَّى فِيهِ إلَّا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَيُقْفَلُ إلَى صَلَاةٍ أُخْرَى، وَأَخْذُ الْمُصَنِّفِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحَدِيثِ فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْوَاقِعَةَ فِيهِ بِالْإِذْنِ وَلَا يَثْبُتُ بِهَا الطُّرُوقُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا رُخْصَةَ) أَيْ لَا تَسْقُطُ الْكَرَاهَةُ عَلَى قَوْلِ النَّدْبِ، أَوْ الْحُرْمَةِ عَلَى قَوْلِ الْوُجُوبِ عَمَّنْ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الشِّعَارُ فِيهِمَا إلَّا بِعُذْرٍ. نَعَمْ يَحْصُلُ لِمَنْ قَصَدَ فِعْلَهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ لَوْلَا الْعُذْرُ ثَوَابُ

ــ

[حاشية عميرة]

الرَّدُّ عَلَى الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِالِاسْتِحْبَابِ فِيمَا عَدَا الصُّبْحَ وَالْعَصْرَ. قَوْلُهُ: (مَنَعَ ذَلِكَ) وَيُؤَيِّدُ الْمَنْعَ قِصَّةُ مُعَاذٍ فِي إمَامَتِهِ بِقَوْمِهِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْقَدِيمِ إلَخْ) لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَوْ تَعَيَّنَتْ لِلنَّفْلِيَّةِ لَمْ يُسْتَحَبَّ فِعْلُهَا فِي جَمَاعَةٍ. وَقِيلَ كِلَاهُمَا فَرْضٌ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ مَأْمُورٌ بِهَا وَالْأُولَى مُسْقِطَةٌ لِلْحَرَجِ كَمَا يَفْعَلُ فَرْضَ الْكِفَايَةِ. ثَانِيًا بَعْدَ فِعْلِهِ أَوْ لَا وَلَوْ تَذَكَّرَ خَلَلًا فِي الْأُولَى أَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِإِجْزَاءِ الثَّانِيَةِ. لَكِنْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ، وَأَقَرَّهُ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تَطَوُّعٌ مَحْضٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(يَنْوِي بِالثَّانِيَةِ الْفَرْضَ) خَطَرَ لِي فِي تَوْجِيهِ ذَلِكَ الْقِيَاسُ عَلَى فَرْضِ الْكِفَايَةِ إذَا فَعَلَهُ فِرْقَةٌ ثَانِيَةٌ بَعْدَ سُقُوطِهِ بِالْأُولَى، لَكِنْ يُفَرِّقُ بِأَنَّهَا تَقَعُ لَهُمْ فَرْضًا بِخِلَافِ الْإِعَادَةِ هُنَا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا رُخْصَةَ) هِيَ بِالسُّكُونِ وَيَجُوزُ الضَّمُّ، وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَهُوَ الشَّخْصُ الْمُتَرَخِّصُ، وَالرُّخْصَةُ

ص: 259

(إلَّا بِعُذْرٍ) لِحَدِيثِ «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَقَوْلُهُ «لَا صَلَاةَ» أَيْ كَامِلَةٌ، (عَامٍّ كَمَطَرٍ) لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا لِبَلِّهِ الثَّوْبَ وَمِثْلُهُ ثَلْجٌ يَبُلُّ الثَّوْبَ. (أَوْ رِيحٍ عَاصِفٍ) أَيْ شَدِيدَةٍ (بِاللَّيْلِ) لِعِظَمِ مَشَقَّتِهَا فِيهِ دُونَ النَّهَارِ. (وَكَذَا وَحَلٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ (شَدِيدٌ عَلَى الصَّحِيحِ) لِتَلْوِيثِهِ الرِّجْلَ بِالْمَشْيِ فِيهِ، وَالثَّانِي قَالَ يُعْتَدُّ لَهُ بِالْخُفِّ وَنَحْوِهِ. (أَوْ خَاصٍّ كَمَرَضٍ) لِمَشَقَّةِ الْمَشْيِ مَعَهُ (وَحَرٍّ وَبَرْدٍ شَدِيدَيْنِ) لِمَشَقَّةِ الْحَرَكَةِ فِيهِمَا لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ، وَاقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ عَلَى الظُّهْرِ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ أَوَّلَ الْكَلَامِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ التَّسْوِيَةِ فِي شِدَّةِ الْبَرْدِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ فِي مَعْنَاهَا، وَلَمْ يُذْكَرْ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَذُكِرَا هُنَا كَالْمُحَرَّرِ مِنْ الْخَاصِّ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحِ مِنْ الْعَامِّ لِأَنَّهُمَا قَدْ يُحِسُّ بِهِمَا ضَعِيفُ الْخِلْقَةِ دُونَ قَوِيِّهَا، فَيَكُونَانِ مِنْ الْخَاصِّ بِخِلَافِ مَا إذَا أَحَسَّ بِهِمَا قَوِيُّ الْخِلْقَةِ، فَيُحِسُّ بِهِمَا ضَعِيفُهَا مِنْ بَابِ أَوْلَى، فَيَكُونَانِ مِنْ الْعَامِّ.

(وَجُوعٍ وَعَطَشٍ ظَاهِرَيْنِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَحَضَرَهُ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَتَاقَتْ نَفْسُهُ إلَيْهِ فَيَبْدَأُ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، فَيَأْكُلُ لُقَمًا تَكْسِرُ حِدَّةَ الْجُوعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ مِمَّا يُؤْتَى عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً كَالسَّوِيقِ وَاللَّبَنِ. (وَمُدَافَعَةِ حَدَثٍ) مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ رِيحٍ، فَيَبْدَأُ بِتَفْرِيغِ نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تُكْرَهُ مَعَ هَذِهِ الْأُمُورِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي آخِرِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ، فَلَا تُطْلَبُ مَعَهَا فَضْلًا عَنْ طَلَبِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا، وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ شَدِيدَيْنِ إلَى مَا هُوَ بِمَعْنَاهُ لِيُخَالِفَ التَّعْبِيرَ بِهِ فِيمَا قَبْلَهُ، وَعَنْ قَوْلِهِ وَغَيْرِهِ أَيْضًا الْأَخْبَثَيْنِ، بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ إلَى حَدَثٍ لِيَشْمَلَ الرِّيحَ الْمُصَرَّحَ بِهِ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ.

(وَخَوْفِ ظَالِمٍ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ) لَهُ أَوْ لِمَنْ يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْخَوْفِ مِمَّنْ يُطَالِبُهُ بِحَقٍّ هُوَ ظَالِمٌ فِي

ــ

[حاشية قليوبي]

قَصْدِهِ، وَالرُّخْصَةُ بِسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ لُغَةً: السُّهُولَةُ، وَعُرْفًا: انْتِقَالٌ مِنْ صُعُوبَةٍ إلَى سُهُولَةٍ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ الْأَصْلِيِّ. قِيلَ: وَبِفَتْحِ الْخَاءِ اسْمٌ لِلشَّخْصِ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِعُذْرٍ) وَهُوَ مَا يُذْهِبُ الْخُشُوعَ أَوْ كَمَالَهُ، وَالتَّعْلِيلُ بِغَيْرِهِ لِلُزُومِهِ لَهُ.

قَوْلُهُ: (عَامٌّ) وَهُوَ مَا لَا يَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ. قَوْلُهُ: (كَمَطَرٍ) لِمَنْ لَمْ يَجِدْ كِنًّا يَمْشِي فِيهِ، وَتَقَاطُرُ السُّقُوفِ كَالْمَطَرِ. قَوْلُهُ:(وَحَلٌ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِهَا لُغَةٌ رَدِيئَةٌ. قَوْلُهُ: (عَاصِفٌ) وَصْفٌ لِلرِّيحِ بِاعْتِبَارِ لَفْظِهَا لِأَنَّهَا مُؤَنَّثَةٌ، وَمِثْلُهَا الْبَارِدَةُ وَشِدَّةُ الظُّلْمَةِ. قَوْلُهُ:(بِاللَّيْلِ) وَمِنْهُ مَا بَعْدَ الْفَجْرِ.

قَوْلُهُ: (لِتَلْوِيثِهِ الرِّجْلَ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلشِّدَّةِ، وَسَوَاءٌ فِيهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ. قَوْلُهُ:(وَاقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ) هُوَ ضَعِيفٌ. قَوْلُهُ: (فِي مَعْنَاهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَذُكِرَا) أَيْ الْحَرُّ وَالْبَرْدُ مِنْ الْخَاصِّ هُنَا أَيْ فِي الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ، وَهُوَ يُخَالِفُ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَأَشَارَ إلَى الْجَوَابِ عَنْهُ. قَوْلُهُ:(وَتَاقَتْ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلظُّهُورِ الْمُسَاوِي لِلِاشْتِيَاقِ، وَخَرَجَ بِهِ الشَّوْقُ وَهُوَ الْمَيْلُ إلَى الْأَطْعِمَةِ اللَّذِيذَةِ فَلَيْسَ عُذْرًا وَمَا قَرُبَ حُضُورُهُ كَالْحَاضِرِ. قَوْلُهُ:(فَيَأْكُلُ لُقَمًا إلَخْ) .

قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ: بَلْ يَأْكُلُ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى حَالَةٍ لَا يُعْذَرُ فِيهَا ابْتِدَاءً. قَوْلُهُ: (فَيَبْدَأُ) أَيْ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِنْ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ، وَإِلَّا حَرُمَ قَطْعُ الْفَرْضِ إنْ لَمْ يَخْشَ ضَرَرًا يَقِينًا أَوْ ظَنًّا وَإِلَّا وَجَبَ قَطْعُهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ. وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ طَرَأَ فِي أَثْنَائِهَا. قَوْلُهُ:(ظَالِمٍ) لَيْسَ قَيْدًا إذًا لِمُعْتَبَرِ فَوَاتِ مَعْصُومٍ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ.

وَإِنْ قَلَّ أَوْ اخْتِصَاصٍ، وَمِنْهُ فَوَاتُ وَقْتِ بَذْرٍ بِتَأْخِيرِهِ وَفَوَاتُ تَمَلُّكٍ مُبَاحٍ كَصَيْدٍ وَفَوَاتُ رِيحٍ لِمُتَوَقِّعِهِ وَأَكْلُ طَيْرٍ لِبَذْرٍ أَوْ زَرْعٍ، وَتَلَفُ خُبْزٍ فِي تَنُّورٍ. قَوْلُهُ (أَوْ لِمَنْ يَلْزَمُهُ الذَّبُّ) أَيْ الدَّفْعُ عَنْهُ لَيْسَ قَيْدًا، وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ، وَخَرَجَ بِالْمَعْصُومِ

ــ

[حاشية عميرة]

لُغَةً: التَّسْهِيلُ وَشَرْعًا مَعْرُوفَةٌ. قَوْلُهُ: (إلَّا مِنْ عُذْرٍ) زَادَ الدَّمِيرِيِّ: وَمَا الْعُذْرُ قَالَ خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ انْتَهَى. وَصَحَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَدَمَ حُصُولِ الثَّوَابِ عِنْدَ الْعُذْرِ، وَخَالَفَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ. وَنَقَلُوا الْحُصُولَ عَنْ الْأَحَادِيثِ وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أَقُولُ: وَقَدْ يُؤَيَّدُ بِأَنَّ مَنْ صَلَّى قَاعِدًا لِعَجْزٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ الْقَائِمِ. وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ فِيمَنْ كَانَ لَهُ عَادَةٌ ثُمَّ حَبَسَهُ الْعُذْرُ. قَوْلُهُ. (أَيْ شَدِيدَةٍ) أَفَادَ بِهَذَا أَنَّ الرِّيحَ مُؤَنَّثَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا قَالَ (عَاصِفٍ) نَظَرًا لِلَّفْظِ. قَوْلُهُ:(بِفَتْحِ الْحَاءِ) وَإِسْكَانُهَا لُغَةٌ رَدِيئَةٌ. قَوْلُهُ: (لِتَلْوِيثِهِ) قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ أَشَقُّ الْمَطَرِ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْمُرَادُ مَا لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ التَّلْوِيثُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَحَلُ مُتَفَاحِشًا. قَوْلُهُ:(لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا) رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كَانَ مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُنَادِي بِالْمَدِينَةِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ وَالْغَدَاةِ الْقَرَّةِ: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ» . وَالْقَرَّةُ بِالْفَتْحِ الْبَارِدَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْقُرِّ بِالضَّمِّ وَهُوَ الْبَرْدُ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَالَ) أَيْ الرَّافِعِيُّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الصَّلَاةَ تُكْرَهُ مَعَ هَذِهِ الْأُمُورِ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَجُوعٍ وَعَطَشٍ وَمُدَافَعَةِ حَدَثٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ) .

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمِنْ الْخَوْفِ عَلَى الْمَالِ أَنْ يَكُونَ خُبْزُهُ فِي التَّنُّورِ وَقِدْرُهُ عَلَى النَّارِ وَلَا تَعْوِيضَ. قَالَ فَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَ ظَالِمٍ لَشَمِلَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ

ص: 260

مَنْعِهِ بَلْ عَلَيْهِ الْحُضُورُ وَتَوْفِيَةُ ذَلِكَ الْحَقِّ. (وَ) خَوْفِ (مُلَازَمَةِ غَرِيمٍ مُعْسِرٍ) بِإِضَافَةِ غَرِيمٍ كَمَا قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: الْمَعْنَى أَنْ يَخَافَ مُلَازَمَةَ غَرِيمٍ لَهُ بِأَنْ يَرَاهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ لَا يَجِدُ وَفَاءً لِدَيْنِهِ.

قَالَ فِي الْبَسِيطِ: وَعَسُرَ عَلَيْهِ إثْبَاتُ ذَلِكَ، وَالْغَرِيمُ يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى الْمَدِينِ وَالدَّائِنِ، وَلَفْظُ الْمُحَرَّرِ أَوْ خَافَ مِنْ حَبْسِ الْغَرِيمِ وَمُلَازَمَتِهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَطَفَ الْمُلَازَمَةَ بِأَوْ. (وَعُقُوبَةٍ يُرْجَى تَرْكُهَا إنْ تَغَيَّبَ أَيَّامًا) بِأَنْ يُعْفَى عَنْهَا كَالْقِصَاصِ مَجَّانًا، أَوْ عَلَى مَالٍ، وَكَحَدِّ الْقَذْفِ بِخِلَافِ مَا لَا يَقْبَلُ الْعَفْوَ كَحَدِّ السَّرِقَةِ، وَاسْتَشْكَلَ الْإِمَامُ جَوَازَ التَّغَيُّبِ لِمَنْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ بِأَنَّ مُوجِبَهُ كَبِيرٌ وَالتَّخْفِيفُ يُنَافِيهِ، وَأَجَابَ بِأَنَّ الْعَفْوَ عَنْهُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَهَذَا التَّغَيُّبُ طَرِيقٌ إلَيْهِ (وَعُرْيٍ) وَإِنْ وُجِدَ سَاتِرَ الْعَوْرَةِ لِأَنَّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً فِي خُرُوجِهِ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَعْتَادَهُ (وَتَأَهُّبٍ لِسَفَرٍ مَعَ رُفْقَةٍ) تَرْحَلُ لِلْمَشَقَّةِ فِي التَّخَلُّفِ عَنْهُمْ. (وَأَكْلِ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ) كَبَصَلٍ وَكُرَّاثٍ وَثُومٍ نِيءٍ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إزَالَةُ رِيحِهِ بِغَسْلٍ وَمُعَالَجَةٍ لِلتَّأَذِّي بِهِ بِخِلَافِ الْمَطْبُوخِ لِقِلَّةِ مَا يَبْقَى مِنْ رِيحِهِ فَيُغْتَفَرُ، وَأَسْقَطَ مِنْ الْمُحَرَّرِ " وَهُوَ نِيءٌ " اسْتِغْنَاءً عَنْهُ بِكَرِيهٍ، وَلَوْ ذَكَرَهُ كَانَ أَوْضَحَ وَأَحْسَنَ.

(وَحُضُورِ قَرِيبٍ مُحْتَضَرٍ) أَيْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَإِنْ كَأَنْ لَهُ مُتَعَهِّدٌ لِتَأَلُّمِ قَرِيبِهِ بِغَيْبَتِهِ عَنْهُ (أَوْ مَرِيضٍ) عَطْفٌ عَلَى مُحْتَضَرٍ. (بِلَا مُتَعَهِّدٍ أَوْ) لَهُ مُتَعَهِّدٌ، لَكِنْ (يَأْنَسُ بِهِ) أَيْ بِالْحَاضِرِ لِتَضَرُّرِ الْمَرِيضِ بِغَيْبَتِهِ، فَحِفْظُهُ أَوْ تَأْنِيسُهُ أَفْضَلُ مِنْ حِفْظِ الْجَمَاعَةِ وَالْمَمْلُوكِ الزَّوْجَةِ وَكُلِّ مَنْ لَهُ مُصَاهَرَةٌ، وَالصَّدِيقُ كَالْقَرِيبِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ الَّذِي لَهُ مُتَعَهِّدٌ، أَمَّا الَّذِي لَا مُتَعَهِّدَ لَهُ فَالْحُضُورُ عِنْدَهُ عُذْرٌ كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُ الْمُحَرَّرِ التَّمْرِيضُ عُذْرٌ إذَا لَمْ يَكُنْ

ــ

[حاشية قليوبي]

نَفْسُ مُرْتَدٍّ أَوْ حَرْبِيٍّ وَزَانٍ مُحْصِنٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ وَأَمْوَالِهِمْ. قَوْلُهُ: (بِإِضَافَةِ غَرِيمٍ) أَيْ لِيَكُونَ الْمَخُوفُ مِنْهُ مَذْكُورًا وَإِلَّا فَيَجُوزُ تَنْوِينُهُ وَمَا بَعْدَهُ صِفَةٌ لَهُ أَوْ حَالٌ، وَلَكِنْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا يُسَاعِدُهُ وَيُرَادُ بِالْغَرِيمِ الْمَدِينُ وَالدَّائِنُ وَالْمَخُوفُ مِنْهُ مَحْذُوفٌ. قَوْلُهُ:(وَعَسُرَ إلَخْ) فَلَوْ قَدَرَ عَلَى إثْبَاتِ إعْسَارِهِ وَلَوْ بِيَمِينٍ مِنْ غَيْرِ حَبْسٍ لَمْ يَكُنْ عُذْرًا. قَوْلُهُ: (أَيَّامًا) وَإِنْ كَثُرَتْ وَبَلَغَتْ شُهُورًا أَوْ سِنِينَ مَا دَامَ يَرْجُو الْعَفْوَ كَصَبِيٍّ حَتَّى يَبْلُغَ. قَوْلُهُ: (كَالْقِصَاصِ) وَمِثْلُهُ التَّعْزِيرُ وَلَوْ لِلَّهِ. قَوْلُهُ: (كَحَدِّ السَّرِقَةِ) وَكُلِّ مَا لَا يَقْبَلُ الْعَفْوَ كَحَدِّ الزِّنَى وَالشُّرْبِ. قَوْلُهُ: (وَالتَّخْفِيفُ) أَيْ بِجَوَازِ الْغَيْبَةِ الْمُؤَدِّي لِلتَّأْخِيرِ. قَوْلُهُ: (وَأَجَابَ) أَيْ الْإِمَامُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْإِشْكَالُ أَقْوَى.

قَوْلُهُ: (وَعُرِّيَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مَعَ تَخْفِيفِ التَّحْتِيَّةِ، وَبِكَسْرِهَا مَعَ التَّشْدِيدِ، وَالْمُرَادُ بِهِ عَدَمُ وُجُودِ لِبَاسٍ لَائِقٍ بِهِ وَمِثْلُهُ عَدَمُ وُجُودِ مَرْكُوبٍ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ:(لِسَفَرٍ لِغَيْرِ نُزْهَةٍ) وَيَكْفِي مُجَرَّدُ الْوَحْشَةِ. قَوْلُهُ: (وَأَكْلِ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ) كَثُومٍ وَكُرَّاثٍ وَبَصَلٍ وَفُجْلٍ وَأَكْلُهَا مَكْرُوهٌ فِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الرَّاجِحِ. وَكَذَا فِي حَقِّنَا وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، وَيُكْرَهُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ لِمَنْ أَكَلَهَا.

نَعَمْ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ لَا يُكْرَهُ أَكْلُهَا لِمَنْ قَدَرَ عَلَى إزَالَةِ رِيحِهَا وَلَا لِمَنْ لَمْ يُرِدْ الِاجْتِمَاعَ مَعَ النَّاسِ، وَيَحْرُمُ أَكْلُهَا بِقَصْدِ إسْقَاطِ وَاجِبٍ مِنْ ظُهُورِ شِعَارٍ أَوْ جُمُعَةٍ. وَيَجِبُ السَّعْيُ فِي إزَالَةِ رِيحِهَا وَيَجِبُ الْحُضُورُ وَإِنْ تَأَذَّى النَّاسُ بِهِ، وَيُصَلِّي مُعْتَزِلًا وَحْدَهُ. وَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ بِالنَّيْءِ تَبِعَ فِيهِ الْجُمْهُورَ.

وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إنَّ الْحُكْمَ مُعَلَّقٌ بِظُهُورِ رِيحِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ نِيئَةً أَوْ مَطْبُوخَةً أَوْ مَشْوِيَّةً.

(تَنْبِيهٌ) يَلْحَقُ بِذَلِكَ مَنْ بِهِ رِيحٌ كَرِيهٌ فِي بَدَنِهِ أَوْ مَلْبُوسِهِ كَبَخَرٍ وَصُنَانٍ وَجِرَاحٍ مُنْتِنَةٍ.

(فَائِدَةٌ) ذَكَرَ بَعْضُ الثِّقَاتِ أَنَّ مَنْ أَكَلَ الْفُجْلَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً فِي نَفَسٍ وَاحِدٍ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى النَّبِيِّ الطَّاهِرِ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ رِيحُهُ وَلَا يَتَجَشَّى مِنْهُ.

وَقَالَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ لَوْ عَلِمَ آكِلُ رُءُوسِ الْفُجْلِ مَا فِيهَا مِنْ الضَّرَرِ لَمْ يَعَضَّ عَلَى رَأْسِ فُجْلَةٍ، قَالَ: وَمَنْ أَكَلَ عُرُوقَهُ مُبْتَدِئًا بِأَطْرَافِهَا لَا يَتَجَشَّى مِنْهُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لِتَأَلُّمِ قَرِيبِهِ) أَيْ الْحَيِّ بِغَيْبَتِهِ عَنْ الْمَرِيضِ. قَوْلُهُ: (أَيْ بِالْحَاضِرِ) وَلَوْ بِظَنِّ الْحَاضِرِ. قَوْلُهُ: (وَالصَّدِيقُ) وَمِثْلُهُ الزَّوْجَةُ وَالْمَمْلُوكُ وَالْمُعْتِقُ وَالْعَتِيقُ وَالْأُسْتَاذُ. قَوْلُهُ: (كَمَا يَشْمَلُهُ قَوْلُ

ــ

[حاشية عميرة]

بِإِضَافَةِ غَرِيمٍ) أَيْ فَيَكُونُ مَفْعُولُ الْمَصْدَرِ مَحْذُوفًا تَقْدِيرُهُ وَخَوْفِ مُلَازَمَةِ غَرِيمٍ مُعْسِرٍ إيَّاهُ أَيْ الْمُعْسِرِ. وَيَجُوزُ أَيْضًا التَّنْوِينُ مَعَ نَصْبِ مُعْسِرٍ أَوْ مَعَ جَرِّهِ أَيْضًا وَعَلَى الْأَخِيرَةِ يَكُونُ فَاعِلُ الْمَصْدَرِ مَحْذُوفًا. قَوْلُ الْمَتْنِ:

(وَعُرْيٍ) يُقَالُ فَرَسٌ عُرْيٌ أَيْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ أَيْضًا عَرِيَ مِنْ ثِيَابِهِ إذَا تَعَرَّى كَعَمِيَ، يَعْرَى عَرِيًّا بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ، ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَيَجُوزُ قِرَاءَةُ عِبَارَةِ الْكِتَابِ بِالْوَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَأَحْسَنَ) أَيْ لِأَنَّ الْمَطْبُوخَ مِنْ الثُّومِ مَثَلًا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ، وَلَكِنْ اُغْتُفِرَتْ لِقِلَّتِهَا أَيْ فَفِي الِاكْتِفَاءِ بِالْكَرِيهِ نَوْعُ خَفَاءٍ. قَوْلُهُ:(عَطْفٌ عَلَى مُحْتَضَرٍ) يَلْزَمُ عَلَى هَذَا إخْرَاجُ الْأَجْنَبِيِّ الْمُحْتَاجِ إلَى الْمُتَعَهِّدِ مَعَ

ص: 261