الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالنِّكَاحُ يَنْتَهِي بِالْمَوْتِ ثُمَّ كُلُّ مَنْ قُدِّمَ شَرْطُهُ الْإِسْلَامُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ قَاتِلًا لِلْمَيِّتِ.
(وَلَا يَقْرَبُ الْمُحْرِمُ طِيبًا) كَالْكَافُورِ فِي غُسْلِهِ وَكَفَنِهِ. (وَلَا يُؤْخَذُ شَعْرُهُ وَظُفْرُهُ) إبْقَاءً لِأَثَرِ الْإِحْرَامِ، «قَالَ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي مَاتَ وَهُوَ وَاقِفٌ مَعَهُ بِعَرَفَةَ: لَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (وَتُطَيَّبُ الْمُعْتَدَّةُ) الَّتِي كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهَا الطِّيبُ بِأَنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ. (فِي الْأَصَحِّ) لِزَوَالِ الْمَعْنَى الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ تَحْرِيمُ الطِّيبِ وَهُوَ التَّفَجُّعُ عَلَى زَوْجِهَا وَالتَّحَرُّزُ عَنْ الرِّجَالِ، وَالثَّانِي يُسْتَصْحَبُ التَّحْرِيمُ قِيَاسًا عَلَى الْمُحْرِمِ، وَرُدَّ بِأَنَّ التَّحَرُّمَ فِي الْمُحْرِمِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَزُولُ بِالْمَوْتِ (وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ أَخْذُ ظُفْرِهِ وَشَعْرِ إبْطِهِ وَعَانَتِهِ وَشَارِبِهِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ كَالرُّويَانِيِّ: وَلَا يُسْتَحَبُّ، وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَوْ الْكَثِيرِينَ الْجَدِيدُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَالْحَيِّ، وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِأَنَّ مَصِيرَهُ إلَى الْبِلَى. (قُلْت: الْأَظْهَرُ كَرَاهَتُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ أَجْزَاءَ الْمَيِّتِ مُحْتَرَمَةٌ فَلَا تُنْتَهَكُ، بِهَذَا قَالَ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالصَّحَابَةِ فِيهِ شَيْءٌ مُعْتَمَدٌ، وَنَقَلَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَرَاهَتَهُ عَنْ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ، وَلِذَلِكَ عَبَّرَ هُنَا بِالْأَظْهَرِ وَفِي الرَّوْضَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَتُفْعَلُ هَذِهِ الْأُمُورُ قَبْلَ الْغُسْلِ.
(فَصْلٌ: يُكَفَّنُ بِمَا لَهُ لُبْسُهُ حَيًّا)
مِنْ حَرِيرٍ وَغَيْرِهِ لِلْمَرْأَةِ وَغَيْرِ حَرِيرٍ لِلرَّجُلِ، وَيَحْرُمُ تَكْفِينُهُ بِالْحَرِيرِ، وَيُكْرَهُ تَكْفِينُهَا بِهِ لِلسَّرَفِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيُعْتَبَرُ فِيهِ حَالُ الْمَيِّتِ، فَإِنْ كَانَ مُكْثِرًا فَمِنْ جِيَادِ الثِّيَابِ أَوْ مُتَوَسِّطًا فَمِنْ وَسَطِهَا، أَوْ مُقِلًّا فَمِنْ -
ــ
[حاشية قليوبي]
الْأَجْنَبِيَّاتِ. قَوْلُهُ: (شَرْطُهُ الْإِسْلَامُ) وَالْحُرِّيَّةُ الْكَامِلَةُ وَعَدَمُ الْقَتْلِ، وَعَدَمُ عَدَاوَةٍ وَفِسْقٍ وَصِبًا وَجُنُونٌ وَوِصَايَةٌ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَقْرَبُ الْمُحْرِمَ إلَخْ) أَيْ فَيَحْرُمُ تَطْيِيبُهُ لَا الْبَخُورُ عِنْدَهُ، وَيَحْرُمُ أَخْذُ شَعْرِهِ. وَلَوْ مِنْ رَأْسِهِ فَلَا يَحْلِقُ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَيَحْرُمُ أَخْذُ ظُفْرِهِ وَلَا فِدْيَةَ عَلَى فَاعِلِ مَا ذَكَرَ. وَكُلُّ ذَلِكَ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ بَعْدَهُ كَغَيْرِهِ وَيَحْرُمُ أَخْذُ الْقُلْفَةِ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مُحْرِمٍ، وَإِنْ عَصَى بِتَأْخِيرِهَا، وَإِذَا تَعَذَّرَ إزَالَةُ مَا تَحْتَهَا أَوْ غَسْلُهُ، دُفِنَ بَعْدَ غَسْلِ بَقِيَّةِ بَدَنِهِ بِلَا صَلَاةٍ، خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، حَيْثُ قَالَ: يُصَلَّى عَلَيْهِ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ، عَمَّا تَحْتَهَا أَوْ تُزَالُ، نَعَمْ يُزَالُ شَعْرٌ وَظُفْرٌ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ، زَوَالُ نَجَاسَةٍ، أَوْ غَسْلُ مَا تَحْتَهُ وَلَوْ مِنْ مُحْرِمٍ.
(فَصْلٌ فِي التَّكْفِينِ) أَيْ كَيْفِيَّتِهِ، وَمَا يُكَفَّنُ بِهِ وَمَا يَتْبَعُهُمَا. قَوْلُهُ:(يُكَفَّنُ) وَلَوْ ذِمِّيًّا. قَوْلُهُ: (بِمَا لَهُ لُبْسُهُ حَيًّا) أَيْ بِمَا يَجُوزُ لَهُ لُبْسُهُ، لَا لِحَاجَةٍ فَلَا يُكَفَّنُ بِالْحَرِيرِ مِنْ لُبْسِهِ، لِحَكَّةٍ أَوْ قَمْلٍ، وَكَذَا الْقِتَالُ وَجَوَّزَهُ شَيْخُنَا فِي الشَّهِيدِ فِي الْقِتَالِ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الرَّمْلِيِّ، وَيُكَفَّنُ بِهِ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ، وَإِنْ كُرِهَ كَالْمَرْأَةِ وَيُقَدَّمُ الْحَرِيرُ عَلَى الْجِلْدِ، وَهُوَ عَلَى الْحَشِيشِ وَهُوَ عَلَى الطِّينِ وَالْمُزَعْفَرِ، كَالْحَرِيرِ وَيُكْرَهُ الْمُعَصْفَرُ، وَلَوْ لِلْمَرْأَةِ وَيُكَفَّنُ بِالنَّجَسِ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، عَارِيًّا إنْ لَمْ يُوجَدْ نَحْوَ طِينٍ، وَكُلُّ كَفَنٍ نَقَصَ عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ تُمِّمَ مِمَّا بَعْدَهُ، وَسِتْرُ التَّابُوتِ كَالتَّكْفِينِ. قَوْلُهُ:(الْعَوْرَةَ) وَهِيَ هُنَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فِي الذَّكَرِ، وَمَا عَدَا الْوَجْهَ، وَالْكَفَّيْنِ فِي الْأُنْثَى وَلَوْ رَقِيقَةً، لِأَنَّ الرِّقَّ يَزُولُ هُنَا بِالْمَوْتِ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. قَوْلُهُ:(وَيُعْتَبَرُ) قَالَ شَيْخُنَا: نَدْبًا وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقِلَّةِ وَالتَّوَسُّطِ، -
ــ
[حاشية عميرة]
وَهُوَ عَكْسُ مَا سَلَفَ فِي غُسْلِ الرَّجُلِ، فَمَا الْفَرْقُ؟ وَلَعَلَّهُ قُوَّةُ الذُّكُورِ بِدَلِيلِ عَقْلِهِمْ عَنْهُ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ كُلُّ مَنْ قَدَّمَ شَرْطَهُ الْإِسْلَامُ) لَا يُقَالُ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي تَقَدُّمِهِ الْبُلُوغُ وَلَا الْحُرِّيَّةُ وَلَا الْعَدَالَةُ لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ أَحَالُوا عَلَى الصَّلَاةِ، وَسَيَأْتِي فِي الصَّلَاةِ أَنَّ الْحُرَّ الْبَعِيدَ يُقَدَّمُ عَلَى الرَّقِيقِ الْقَرِيبِ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ أَيْضًا
. قَوْلُهُ: (لِمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) وَأَيْضًا فَقِيَاسًا عَلَى عَدَمِ خَتْنِهِ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ) أَيْ فَهُوَ جَدِيدٌ أَيْضًا، وَلِذَا عَبَّرَ بِالْأَظْهَرِ، وَلَمْ يَقُلْ: قُلْت: الْقَدِيمُ أَظْهَرُ.
[فَصْلٌ يُكَفَّنُ بِمَا لَهُ لُبْسُهُ حَيًّا]
(فَصْلٌ: يُكَفَّنُ إلَخْ) قَوْلُهُ: (بِالْحَرِيرِ) بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اسْتِثْنَاءَ الْحَرِيرِ إذَا كَانَ عَلَى قَتِيلِ الْمَعْرَكَةِ وَلَا سِيَّمَا إذَا تَلَطَّخَ بِالدَّمِ فَيُدْفَنُ فِيهِ كَمَا هُوَ.
(فَرْعٌ) يَجُوزُ تَكْفِينُ الْمُحَدَّةِ فِيمَا حَرُمَ عَلَيْهَا لُبْسُهُ كَمَا يَجُوزُ تَطْيِيبُهَا. قَوْلُهُ: (فَمِنْ جِيَادِ الثِّيَابِ) لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ
خَشِنِهَا وَسَيَأْتِي فِي الزِّيَادَةِ كَلَامٌ آخَرُ. (وَأَقَلُّهُ ثَوْبٌ) وَهُوَ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ أَوْ جَمِيعَ الْبَدَنِ إلَّا رَأْسَ الْمُحْرِمِ وَوَجْهَ الْمُحْرِمَةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْأَوَّلُ فَيَخْتَلِفُ قَدْرُهُ فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ، وَجَزَمَ بِالثَّانِي الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ.
(وَلَا تُنَفَّذُ) بِالتَّشْدِيدِ (وَصِيَّتُهُ بِإِسْقَاطِهِ) أَيْ الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الثَّوْبِ الثَّانِي، وَالثَّالِثِ الْآتِي ذِكْرُهُمَا فِي الْأَفْضَلِ فَإِنَّهُمَا حَقٌّ لِلْمَيِّتِ تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ بِإِسْقَاطِهِمَا، وَلَوْ أَوْصَى بِسَائِرِ الْعَوْرَةِ فَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ وَالْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمْ لَمْ تَصِحَّ وَصِيَّتُهُ وَيَجِبُ تَكْفِينُهُ بِسَاتِرٍ لِجَمِيعِ بَدَنِهِ، وَلَوْ لَمْ يُوصِ، فَقَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ يُكَفَّنُ بِثَوْبٍ يَسْتُرُ جَمِيعَ الْبَدَنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَبَعْضُهُمْ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ فَقَطْ، وَقُلْنَا بِجَوَازِهِ كُفِّنَ بِثَوْبٍ أَوْ ثَلَاثَةٍ، ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَلَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ يُكَفَّنُ بِثَوْبٍ وَبَعْضُهُمْ بِثَلَاثَةٍ كُفِّنَ بِهَا وَقِيلَ بِثَوْبٍ، وَلَوْ اتَّفَقُوا عَلَى ثَوْبٍ، فَفِي التَّهْذِيبِ يَجُوزُ، وَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: قَوْلُ التَّتِمَّةِ أَقْيَسُ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَقَالَ الْغُرَمَاءُ ثَوْبٌ وَالْوَرَثَةُ ثَلَاثَةٌ أُجِيبَ الْغُرَمَاءُ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ إلَى إبْدَاءِ ذِمَّتُهُ أَحْوَجُ مِنْهُ إلَى زِيَادَةِ السِّتْرِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَلَوْ قَالَ الْغُرَمَاءُ: يُكَفَّنُ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ، وَالْوَرَثَةُ بِسَاتِرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ، نَقَلَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ الِاتِّفَاقَ عَلَى سَاتِرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ، وَلَوْ اتَّفَقَتْ الْوَرَثَةُ وَالْغُرَمَاءُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ جَازَ بِلَا خِلَافٍ، صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَآخَرُونَ، وَقَدْ يَتَشَكَّكُ فِيهِ إنْسَانٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ ذِمَّتَهُ تَبْقَى مُرْتَهَنَةً بِالدَّيْنِ، انْتَهَى.
(وَالْأَفْضَلُ لِلرَّجُلِ ثَلَاثَةٌ) قَالَتْ عَائِشَةُ: «كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَّةٍ بِيضٍ لَيْسَ فِيهَا
ــ
[حاشية قليوبي]
وَالْإِكْثَارِ الْعُرْفُ. قَوْلُهُ: (فَمِنْ جِيَادِ الثِّيَابِ) وَإِنْ كَانَ مُقَتِّرًا عَلَى نَفْسِهِ، إلَّا أَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ، لِأَنَّ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ أَوْلَى، وَيَبْقَى الْمُفْلِسُ عَلَى مَا كَانَ لِرِضَاهُ لِنَفْسِهِ بِالرَّذَالَةِ. قَوْلُهُ:(فَمِنْ خَشِنِهَا) وَإِنْ اعْتَادَ الْجِيَادَ فِي حَيَاتِهِ. قَوْلُهُ: (وَجَزَمَ بِالثَّانِي الْإِمَامُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
قَوْلُهُ: (أَيْ الثَّوْبِ الْوَاحِدِ) وَهُوَ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ جَمِيعَ الْبَدَنِ عَلَى الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَعْنَى كَوْنِ الثَّوْبِ أَقَلُّ، هُوَ مِنْ حَيْثُ سُقُوطُ الْوَاجِبِ بِهِ، فِي نَحْوِ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ:(لِأَنَّهُ) أَيْ الثَّوْبَ الْوَاحِدَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى أَيْ مَحْضُ حَقِّهِ فِي سَاتِرِ الْعَوْرَةِ، وَمَعَ الْآدَمِيِّ فِيمَا بَقِيَ مِنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ. قَوْلُهُ:(حَقٌّ لِلْمَيِّتِ) أَيْ مَحْضُ حَقِّهِ، وَسَوَاءٌ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرَ. قَوْلُهُ:(لَمْ تَصِحَّ وَصِيَّتُهُ) أَيْ إنْ قُلْنَا بِأَنَّ الْوَاجِبَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فَقَطْ، لِأَنَّ النَّقْصَ عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ مَكْرُوهٌ، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ:(فَقَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ إلَخْ) . هُمَا مَسْأَلَتَانِ: إحْدَاهُمَا: لَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ يُكَفَّنُ بِثَوْبٍ، وَبَعْضُهُمْ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ. ثَانِيَتُهُمَا: لَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ يُكَفَّنُ بِثَلَاثَةٍ، وَبَعْضُهُمْ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ، فَالْمُجَابُ طَالِبُ الثَّوْبِ فِي الْأُولَى، وَطَالِبُ الثَّلَاثَةِ فِي الثَّانِيَةِ، لِأَنَّهُ طَلَبُ الْأَكْثَرِ فِيهِمَا، وَهَذَا لَا يُنَافِي وُجُوبَ الثَّلَاثَةِ، وَلَوْ بِلَا طَلَبٍ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ:(كُفِّنَ بِهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (قَوْلُ التَّتِمَّةِ أَقِيسُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيُكَفَّنُ بِثَلَاثٍ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُ.
قَوْلُهُ: (أُجِيبَ الْغُرَمَاءُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (نَقَلَ صَاحِبُ الْحَاوِي إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ يَتَشَكَّكُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: رِضَا الْغُرَمَاءِ بِذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى رَجَاءِ إبْرَائِهِمْ لَهُ، أَوْ عَدَمِ مُطَالَبَتِهِ فِي الْآخِرَةِ، فَلَا تَكُونُ ذِمَّتُهُ مَرْهُونَةً فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ:
ــ
[حاشية عميرة]
مُسْتَغْرِقٌ وَمِنْ عَادَتِهِ التَّقْتِيرُ عَلَى نَفْسِهِ فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ مِنْ التَّقْتِيرِ وَلَا يَكُونُ مِنْ جِيَادِ الثِّيَابِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثَوْبٌ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ جَوَازِ التَّطْيِينِ وَهُوَ ظَاهِرٌ نَعَمْ إنْ تَعَذَّرَ الثَّوْبُ فُعِلَ، وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ تَقْدِيمَ الْإِذْخِرِ وَنَحْوِهِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ:(أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ) اُسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِأَنَّ كِسْوَةَ الرَّقِيقِ لَا يَكْفِي فِيهَا سَتْرُ الْعَوْرَةِ لِأَنَّهُ تَحْقِيرٌ وَإِذْلَالٌ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، فَالْمَيِّتُ أَوْلَى، ثُمَّ هَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافٍ غَرِيبٍ، وَهُوَ أَنَّ الشَّخْصَ بِمَوْتِهِ هَلْ يَصِيرُ كُلُّهُ عَوْرَةً أَمْ عَوْرَتُهُ مَا كَانَ فِي حَيَاتِهِ كَذَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ شَارِحُ التَّعْجِيزِ
. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِإِسْقَاطِهِ) بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ إسْقَاطَ الزَّائِدِ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَصِحَّ وَصِيَّتُهُ إلَخْ) قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ سَتْرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ. قَوْلُهُ: (كُفِّنَ بِثَوْبٍ) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي عَنْ التَّتِمَّةِ الَّذِي قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ أَقْيَسُ. قَوْلُهُ (إنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ) قَضِيَّتُهُ وُجُوبُ الثَّلَاثِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِمْ: أَقَلُّ الْكَفَنِ ثَوْبٌ أَوْ سَاتِرُ الْعَوْرَةِ، لِأَنَّ مَعْنَى ذَاكَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي إسْقَاطِ الْفَرْضِ إلَى زِيَادَةٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا عِنْدَ اتِّسَاعِ التَّرِكَةِ فَتَسْتَوْفِي الثَّلَاثُ وُجُوبًا. قَوْلُهُ:(وَقَدْ يَتَشَكَّكُ فِيهِ إنْسَانٌ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ الْمَيِّتُ خَرِبَتْ ذِمَّتُهُ وَقَدْ تَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِالتَّرِكَةِ فَأَذِنَ الْغُرَمَاءُ فِي صَرْفِهَا فِي الْكَفَنِ، وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ مُتَضَمِّنٌ لِلْمُسَامَحَةِ بِمَا يَتَعَلَّقُ مِنْ الدَّيْنِ بِذَلِكَ، فَلَا أَثَرَ لِتَعَلُّقِهِ بِالذِّمَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَمْنَعَ الْمُطَالَبَةَ بِهِ فِي الْآخِرَةِ، وَيُجَابُ مِنْ طَرَفِ النَّوَوِيِّ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ الدَّيْنَ عَنْ ذِمَّتِهِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ، ثُمَّ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي قَبْلَهَا قَابِلَةٌ لِهَذَا التَّشْكِيكِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ سَتْرُ
قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (وَيَجُوزُ رَابِعٌ وَخَامِسٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ. (وَلَهَا) أَيْ وَالْأَفْضَلُ لِلْمَرْأَةِ. (خَمْسَةٌ) رِعَايَةً لِزِيَادَةِ السِّتْرِ فِيهَا وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْخَمْسَةِ مَكْرُوهَةٌ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ لِلسَّرَفِ وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ فِيمَا ذُكِرَ. (وَمَنْ كُفِّنَ مِنْهُمَا بِثَلَاثَةٍ فَهِيَ لَفَائِفُ) يَسْتُرُ كُلٌّ مِنْهَا جَمِيعَ الْبَدَنِ (وَإِنْ كُفِّنَ) الرَّجُلُ (فِي خَمْسَةٍ زِيدَ عِمَامَةٌ وَقَمِيصٌ تَحْتَهُنَّ) رَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَفَّنَ ابْنًا لَهُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ قَمِيصٍ وَعِمَامَةٍ وَثَلَاثِ لَفَائِفَ. (وَإِنْ كُفِّنَتْ فِي خَمْسَةٍ فَإِزَارٌ وَخِمَارٌ وَقَمِيصٌ وَلِفَافَتَانِ وَفِي قَوْلٍ ثَلَاثُ لَفَائِفَ فَإِزَارٌ وَخِمَارٌ) وَالْإِزَارُ وَالْمِئْزَرُ مَا تُسْتَرُ بِهِ الْعَوْرَةُ وَالْخِمَارُ مَا يُغَطَّى بِهِ الرَّأْسُ وَيُجْعَلُ بَعْدَ الْقَمِيصِ وَهُوَ بَعْدَ الْإِزَارِ، ثُمَّ يُلَفُّ. رَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى الْغَاسِلَاتِ فِي تَكْفِينِ ابْنَتِهِ أُمِّ كُلْثُومٍ رضي الله عنها الْحِقَاءَ ثُمَّ الدِّرْعَ ثُمَّ الْخِمَارَ ثُمَّ الْمِلْحَفَةَ، ثُمَّ أُدْرِجَتْ بَعْدُ فِي الثَّوْبِ الْآخَرِ» . وَالْحِقَاءُ بِكَسْرِ الْحَاءِ. الْإِزَارُ، وَالدِّرْعُ: الْقَمِيصُ
(وَيُسَنُّ الْأَبْيَضُ) قَالَ صلى الله عليه وسلم «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا خَيْرُ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَسَيَأْتِي فِي الزِّيَادَةِ أَنَّ الْمَغْسُولَ أَوْلَى مِنْ الْجَدِيدِ.
(وَمَحَلُّهُ أَصْلُ التَّرِكَةِ) يَبْدَأُ بِهِ فِي جُمْلَةِ مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ مِنْهَا كَمَا سَيَأْتِي أَوَّلَ الْفَرَائِضِ أَنَّهُ يَبْدَأُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِمُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ حَقٌّ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْأَصْلِ مَنْ لِزَوْجِهَا مَالٌ فَكَفَنُهَا عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ الْآتِي (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) لِلْمَيِّتِ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ تَرِكَةٌ (فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ مِنْ قَرِيبٍ وَسَيِّدٍ) سَوَاءٌ فِي الْمَيِّتِ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ لِعَجْزِهِ بِالْمَوْتِ وَالْقِنُّ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبُ لِانْفِسَاخِ كِتَابَتِهِ بِمَوْتِهِ. (وَكَذَا الزَّوْجُ) مَعْطُوفٌ عَلَى أَصْلِ التَّرِكَةِ أَيْ عَلَيْهِ كَفَنُ زَوْجَتِهِ فِي جُمْلَةِ مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهَا
ــ
[حاشية قليوبي]
وَالْأَفْضَلُ) أَيْ مِنْ الزِّيَادَةِ الْآتِيَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا وَاجِبَةٌ، وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ. قَوْلُهُ:(مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ) بَلْ هِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَتَحْرُمُ إنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، أَوْ غَائِبٌ أَوْ امْتَنَعَ مِنْهَا بَعْضُهُمْ. قَوْلُهُ:(مَكْرُوهَةٌ) أَوْ حَرَامٌ بِالْأَوْلَى مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَهِيَ لَفَائِفُ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ نَدْبًا.
وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وُجُوبًا، وَلَا تُجَابُ الْوَرَثَةُ لَوْ طَلَبُوا غَيْرَهَا، أَوْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا عِنْدَ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا فَلَا يُنَافِي مَا بَعْدَهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْأُولَى وَاجِبَةٌ لِذَاتِهَا، وَالْأُخْرَيَانِ وَاجِبَتَانِ لِأَدَاءِ الْمُسْتَحَبِّ، وَلِذَلِكَ صَحَّ إسْقَاطُهُمَا بِالْوَصِيَّةِ مَثَلًا، وَمَنْعُ الْوَرَثَةِ مِنْ النَّقْصِ عَنْهُمَا لِأَدَاءِ الْمُسْتَحَبِّ، لَا لِذَاتِهِمَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(لَا مَكْرُوهٌ) الْمُعْتَمَدُ كَرَاهَتُهُ.
قَوْلُهُ: (فَإِزَارٌ إلَخْ) أَيْ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ. قَوْلُهُ: (الْمِلْحَقَةُ) هِيَ لِفَافَةٌ، وَكَذَا الثَّوْبُ الْمَذْكُورُ مَعَهَا.
قَوْلُهُ: (يَبْدَأُ بِهِ) أَيْ يَقْدُمُ بِهِ مِنْهَا عَلَى مَالِ الْوَارِثِ، أَوْ الْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ طَلَبَاهُ. نَعَمْ إنْ رَضِيَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ بِتَكْفِينِهِ مِنْ مَالِ الْأَجْنَبِيِّ جَازَ، وَلَا يَجُوزُ لِلْوَرَثَةِ إبْدَالُهُ، وَيَلْزَمُهُمْ رَدُّهُ إنْ أَبْدَلُوهُ، إلَّا إنْ عَلِمُوا جَوَازَهُ مِنْ دَافِعِهِ، وَلَوْ سُرِقَ الْكَفَنُ قَبْلَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ وَجَبَ إبْدَالُهُ مِنْهَا، أَوْ بَعْدَهَا، فَكَذَلِكَ إنْ كُفِّنَ فِي دُونِ ثَلَاثَةٍ، وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لَوْ كَانَ حَيًّا، أَوْ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَفَنَاءُ الْكَفَنِ كَسَرِقَتِهِ إنْ ظَهَرَ مِنْ الْمَيِّتِ شَيْءٌ، وَلَوْ فُتِحَ قَبْرٌ فَوَجَدَ الْكَفَنَ قَدْ بَلِيَ وَجَبَ بِدَالُهُ، قَبْلَ سَدِّ الْقَبْرِ وَيَكْفِي وَضْعُهُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ لَفٍّ فِيهِ إنْ لَزِمَ عَلَى لَفِّهِ تَمَزُّقُ الْمَيِّتِ، وَإِلَّا لُفَّ فِيهِ وَلَوْ أَكَلَ الْمَيِّتَ سَبْعٌ مَثَلًا، قَبْلَ بَلَاءِ الْكَفَنِ عَادَ لِلْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ كَفَّنَهُ أَجْنَبِيٌّ. قَوْلُهُ:(مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ) وَلَوْ فِي وَقْتِ الْمَوْتِ فَدَخَلَ الِابْنُ الْكَبِيرُ الْفَقِيرُ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ لِعَجْزِهِ بِالْمَوْتِ.
نَعَمْ
ــ
[حاشية عميرة]
الْعَوْرَةِ، وَقَدْ يُمْنَعُ الْغَرِيمُ مِنْ الزَّائِدِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجُوزُ رَابِعٌ وَخَامِسٌ) أَيْ وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ خِلَافُهُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ نَحْوَ صَغِيرٍ امْتَنَعَ الزَّائِدُ عَلَى الثَّلَاثِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَهِيَ لَفَائِفُ) فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى لِفَافَةٍ مَعَ قَمِيصٍ وَعِمَامَةٍ لِلرَّجُلِ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى لَا مَكْرُوهٌ، قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَفِي قَوْلٍ إلَخْ) تَوْجِيهُهُ أَنَّ الْخَمْسَةَ فِيهَا كَالثَّلَاثَةِ فِي الرَّجُلِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَحَلُّهُ أَصْلُ التَّرِكَةِ) دَلِيلُهُ الْإِجْمَاعُ «وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَفَّنَ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ فِي نَمِرَةٍ وَالرَّجُلَ الَّذِي مَاتَ مُحْرِمًا فِي ثَوْبَيْهِ، وَلَمْ يَسْأَلْ هَلْ هُنَاكَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَمْ لَا» . قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْأَبَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَكْفِينُ الِابْنِ الْبَالِغِ الْفَقِيرِ، لِأَنَّ نَفَقَتَهُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، لَكِنْ نُقِلَ فِي الْكَبِيرِ عَنْ التَّتِمَّةِ وُجُوبُ تَكْفِينِهِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ نَفَقَتَهُ تَجِبُ إذَا كَانَ عَاجِزًا وَالْمَيِّتُ عَاجِزٌ، وَجَزَمَ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ. وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: لِعَجْزِهِ بِالْمَوْتِ. قَوْلُهُ: (وَالْقِنُّ إلَخْ) لَوْ كَانَ مُبَعَّضًا فَعَلَيْهِ وَعَلَى السَّيِّدِ فِيمَا يَظْهَرُ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ ثُمَّ مَاتَ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لِبُطْلَانِ الْمُهَايَأَةِ كَمَا فِي الْكِتَابَةِ، وَيُحْتَمَلُ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِذِي النَّوْبَةِ. قَوْلُهُ:(مَعْطُوفٌ عَلَى أَصْلِ التَّرِكَةِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ مَحَلَّ التَّعَلُّقِ
(فِي الْأَصَحِّ) لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ فِي الْحَيَاةِ، وَالثَّانِي قَالَ صَارَتْ بِالْمَوْتِ أَجْنَبِيَّةً، وَعَلَى الْأَصَحِّ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ مَالٌ وَجَبَ فِي مَالِهَا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ وَلَا كَانَ لَهُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ يَجِبُ كَفَنُهُ وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَنَفَقَتِهِ فِي الْحَيَاةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَالٌ فَعَلَى عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَلْزَمُهُمْ التَّكْفِينُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَوْبٍ، وَكَذَا بَيْتُ الْمَالِ وَمَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، وَقِيلَ يَلْزَمُهُمَا التَّكْفِينُ بِثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ.
(وَتُبْسَطُ أَحْسَنُ اللَّفَائِفِ وَأَوْسَعُهَا وَالثَّانِيَةُ فَوْقَهَا وَكَذَا الثَّالِثَةُ) أَيْ فَوْقَ الثَّانِيَةِ. (وَيُذَرُّ) بِالْمُعْجَمَةِ (عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ حَنُوطٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ نَوْعٌ مِنْ الطِّيبِ وَكَافُورٌ يُذَرُّ عَلَى الْأُولَى قَبْلَ وَضْعِ الثَّانِيَةِ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ قَبْلَ وَضْعِ الثَّالِثَةِ. (وَيُوضَعُ الْمَيِّتُ فَوْقَهَا مُسْتَلْقِيًا) عَلَى ظَهْرِهِ. (وَعَلَيْهِ حَنُوطٌ وَكَافُورٌ) وَيُسْتَحَبُّ تَبْخِيرُ الْكَفَنِ بِالْعُودِ أَوَّلًا (وَتُشَدُّ أَلْيَاهُ) بِخِرْقَةٍ بَعْدَ أَنْ يُدَسَّ بَيْنَهُمَا قُطْنٌ عَلَيْهِ حَنُوطٌ وَكَافُورٌ (وَيُجْعَلُ عَلَى مَنَافِذِ بَدَنِهِ) مِنْ الْمَنْخِرَيْنِ وَالْأُذُنَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ (قُطْنٌ) عَلَيْهِ حَنُوطٌ وَكَافُورٌ (وَتُلَفُّ عَلَيْهِ اللَّفَائِفُ) بِأَنْ يُثْنَى كُلٌّ مِنْهَا مِنْ طَرَفِ شِقِّهِ الْأَيْسَرِ عَلَى الْأَيْمَنِ ثُمَّ مِنْ طَرَفِ شِقِّهِ الْأَيْمَنِ عَلَى الْأَيْسَرِ كَمَا يَفْعَلُ الْحَيُّ بِالْقَبَاءِ، وَيُجْمَعُ الْفَاضِلُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ وَيَكُونُ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِهِ أَكْثَرَ (وَتُشَدُّ) بِشِدَادٍ خَوْفَ الِانْتِشَارِ عِنْدَ الْحَمْلِ. (فَإِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ نُزِعَ الشِّدَادُ) عَنْهُ (وَلَا يُلْبَسُ الْمُحْرِمُ الذَّكَرُ مَخِيطًا، وَلَا
ــ
[حاشية قليوبي]
لَا يَلْزَمُ الْفَرْعَ كَفَنُ زَوْجَةِ أَبِيهِ، وَلَوْ مَاتَ مَنْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ بَعْدَ مَوْتِ غَيْرِهِ وَضَاقَ مَالُهُ، قُدِّمَ هُوَ عَلَى غَيْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ:(وَالْقِنُّ إلَخْ) وَالْمُبَعَّضُ يُوَزَّعُ كَفَنُهُ بِحَسَبِ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ لِبُطْلَانِهَا، وَيُحْتَمَلُ اخْتِصَاصُهُ بِذِي النَّوْبَةِ. قَوْلُهُ:(وَكَذَا الزَّوْجُ) أَيْ عَلَيْهِ كَفَنُهَا مَعَ بَقِيَّةِ مُؤَنِ تَجْهِيزِهَا، وَمَحَلُّهُ فِي الزَّوْجِ الْمُوسِرِ وَلَوْ بِمَا خَصَّهُ مِنْ التَّرِكَةِ، أَوْ بِمَالٍ حَصَلَ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ دَفْنِهَا، وَيُعْتَبَرُ الْيَسَارُ بِمَا فِي الْفِطْرَةِ.
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ بِمَا فِي الْفَلَسِ وَفِيهِ نَظَرٌ، بِمَا مَرَّ فِي زَوْجَتِهِ لِاسْتِوَائِهَا فِي زَوَالِ الْإِعْفَافِ وَالْخِدْمَةِ بِمَوْتِهِمَا فَرَاجِعْهُ.
(فَرْعٌ) لَوْ أَوْصَتْ الزَّوْجَةُ بِأَنْ تُكَفَّنَ مِنْ تَرِكَتِهَا فَهِيَ وَصِيَّةُ الْوَارِثِ، فَتَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ. قَوْلُهُ:(لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا) شَمِلَ الْحُرَّةَ وَالْأَمَةَ، وَالْبَائِنَ وَالْحَامِلَ، وَالرَّجْعِيَّةَ لَا النَّاشِزَةَ مَثَلًا، وَخَادِمُ الزَّوْجَةِ بِالنَّفَقَةِ مِثْلُهَا، وَلَوْ مَاتَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ زَوْجَةٍ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا قَدَّمَ مَنْ يَخَافُ تَغَيُّرُهُ فِيهِمَا، وَإِلَّا فَبِالْقُرْعَةِ فِي الْأُولَى وَبِالسَّبْقِ فِي الثَّانِيَةِ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ. نَعَمْ يُقَدِّمُ فِي الْمَعِيَّةِ الْأَبَ أَوْ الْأُمَّ ثُمَّ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ، وَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ الْبَرَّ عَلَى الْفَاجِرِ. قَوْلُهُ:(عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ الْمُوسِرِينَ مِنْهُمْ بِمَا فِي الْكَفَّارَةِ، وَلَوْ كَفَّنَهُ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ كَفَى عَنْهُمْ.
قَوْلُهُ: (وَكَذَا بَيْتُ الْمَالِ) بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا زَادَ عَلَى الثَّوْبِ، وَنَحْوَ الْحَنُوطِ. قَوْلُهُ:(وَمَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ) وَمِنْهُ الزَّوْجَةُ، وَلَا يَجِبُ فِي تَرِكَتِهَا مَا زَادَ عَلَى الثَّوْبِ، وَلَوْ كَفَّنَهَا غَيْرُهُ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ لِغِيبَتِهِ مَثَلًا رَجَعَ عَلَيْهِ إنْ كَفَّنَ بِإِذْنِ حَاكِمٍ أَوْ أَشْهَدَ
. قَوْلُهُ: (عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ إلَخْ) فَالْمُرَادُ بِالتَّسَاوِي كَوْنُهَا تَسْتُرُ جَمِيعَ الْبَدَنِ، وَكَذَا لِمَا زِيدَ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ:(نَوْعٌ مِنْ الطِّيبِ) وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: هُوَ صَنْدَلٌ وَكَافُورٌ وَذَرِيرَةُ قَصَبٍ مَخْلُوطَةٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: كُلُّ مَا خُلِطَ لِأَجْلِ الْمَيِّتِ فَهُوَ حَنُوطٌ، وَعَلَى هَذَيْنِ فَعَطْفُ الْكَافُورِ عَلَيْهِ مِنْ عَطْفِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ. قَوْلُهُ:(عَلَى ظَهْرِهِ) وَيَدَاهُ عَلَى صَدْرِهِ، أَوْ مُرْسَلَتَانِ بِجَنْبِهِ. قَوْلُهُ:(بِخِرْقَةٍ) كَالْمُسْتَحَاضَةِ، وَإِدْخَالُ الْقُطْنِ فِي دُبُرِهِ وَاجِبٌ لِعُذْرٍ وَإِلَّا فَمَكْرُوهٌ، وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ بَعْضُهُ خَارِجًا مُطْلَقًا.
وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: تَصِحُّ مَعَ الْعُذْرِ. قَوْلُهُ: (مَنَافِذِ بَدَنِهِ) وَمِنْهَا الْجِرَاحَةُ فِيهِ، وَيُسَنُّ وَضْعُهُ أَيْضًا عَلَى مَوَاضِعِ السُّجُودِ إكْرَامًا لَهَا.
قَوْلُهُ: (وَتُشَدُّ) أَيْ فِي غَيْرِ مُحْرِمٍ لِأَنَّهُ مِنْ الْعَقْدِ الْمُحَرَّمِ عَلَيْهِ.
(فَرْعٌ) قَالُوا: يَحْرُمُ كِتَابَةُ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ اسْمٍ مُعَظَّمٍ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْمَيِّتِ، لِأَنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِالصَّدِيدِ. قَوْلُهُ:(نُزِعَ الشِّدَادُ) أَيْ شِدَادُ اللَّفَائِفِ فَقَطْ تَفَاؤُلًا بِانْحِلَالِ الشِّدَّةِ عَنْهُ، وَقِيلَ: جَمِيعُ مَا فِيهِ تَعَقُّدٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فِي -
ــ
[حاشية عميرة]
بِالزَّوْجِ إذَا لَمْ تَكُنْ تَرِكَةٌ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَيَاةِ) وَكَانَتْ مَعَهُ كَالْأَبِ وَالِابْنِ لَكِنْ تَكْفِينُهَا وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهَا وَاجِبٌ عَلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ غَنِيَّةً. قَوْلُهُ:(وَمَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ) دَخَلَ فِيهِ الزَّوْجُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالثَّانِيَةَ فَوْقَهَا إلَخْ) الْمُرَادُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ فِي الرُّتْبَةِ، فَيُفِيدُ اعْتِبَارَ السِّعَةِ وَالْحُسْنِ فَيُوَافِقُ مَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(نُزِعَ الشِّدَادُ) الظَّاهِرُ اخْتِصَاصُ النَّزْعِ بِشِدَادِ اللَّفَائِفِ دُونَ
يُسْتَرُ رَأْسُهُ وَلَا وَجْهُ الْمُحْرِمَةِ) إبْقَاءً لِأَثَرِ الْإِحْرَامِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَقْرَبُ طِيبًا
(وَحَمْلُ الْجِنَازَةِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ التَّرْبِيعِ فِي الْأَصَحِّ) كَحَمْلِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ «وَحَمْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ» ، رَوَاهُمَا الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ، الْأَوَّلُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، وَالثَّانِي بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، وَالثَّانِي التَّرْبِيعُ أَفْضَلُ، وَالثَّالِثُ هُمَا سَوَاءٌ. (وَهُوَ) أَيْ الْحَمْلُ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ (أَنْ يَضَعَ الْخَشَبَتَيْنِ الْمُقَدَّمَتَيْنِ) وَهُمَا الْعَمُودَانِ (عَلَى عَاتِقِيهِ وَرَأْسُهُ بَيْنَهُمَا وَيَحْمِلُ الْمُؤَخَّرَتَيْنِ رَجُلَانِ) أَحَدُهُمَا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَالْآخَرُ مِنْ الْأَيْسَرِ، وَلَوْ تَوَسَّطَ الْمُؤَخَّرَتَيْنِ وَاحِدٌ كَالْمُقَدَّمَتَيْنِ لَمْ يَرَ مَا بَيْنَ قَدَمَيْهِ بِخِلَافِ الْمُقَدَّمَتَيْنِ (وَالتَّرْبِيعُ أَنْ يَتَقَدَّمَ رَجُلَانِ وَيَتَأَخَّرَ آخَرَانِ) فِي حَمْلِهَا يَضَعُ أَحَدُ الْمُتَقَدِّمَيْنِ الْعَمُودَ الْأَيْمَنَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَالْآخِرُ الْعَمُودَ الْأَيْسَرَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ وَالْمُتَأَخِّرَانِ كَذَلِكَ
(وَالْمَشْيُ أَمَامُهَا بِقُرْبِهَا) بِحَيْثُ لَوْ الْتَفَتَ رَآهَا (أَفْضَلُ) مِنْهُ بِبَعْدِهَا فَلَا يَرَاهَا لِكَثْرَةِ الْمَاشِينَ مَعَهَا، وَالْمَشْيُ أَمَامَهَا أَفْضَلُ مِنْهُ خَلْفَهَا لِلرَّاكِبِ وَالْمَاشِي، وَفِي الرَّوْضَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْكَبَ فِي ذَهَابِهِ مَعَهَا إلَّا لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ أَوْ ضَعْفٍ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: فَلَا بَأْسَ، بِهِ وَهُوَ لِغَيْرِ عُذْرٍ يُكْرَهُ، رَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ عَنْ «ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ» ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَرَوَى الْحَاكِمُ عَنْ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الرَّاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ وَالْمَاشِي عَنْ يَمِينِهَا وَشِمَالِهَا قَرِيبًا مِنْهَا، وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَالرَّحْمَةِ» وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ
(وَيُسْرَعُ بِهَا) نَدْبًا لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ، وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» (إنْ لَمْ يُخَفْ تَغَيُّرُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ بِالْإِسْرَاعِ فَيَأْتِي بِهِ حِينَئِذٍ، وَالْإِسْرَاعُ فَوْقَ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ، وَدُونَ الْخَبَبِ لِئَلَّا يَنْقَطِعَ الضُّعَفَاءُ، فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُ الْمَيِّتِ مِنْ غَيْرِ الْإِسْرَاعِ أَوْ انْفِجَارِهِ أَوْ انْتِفَاخِهِ زِيدَ فِي الْإِسْرَاعِ.
ــ
[حاشية قليوبي]
الْقَبْرِ شَيْءٌ مَعْقُودٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُلْبَسُ وَلَا يُسْتَرُ أَيْ فَهُمَا حَرَامٌ) .
(فَرْعٌ) يُكْرَهُ إعْدَادُ الْكَفَنِ إلَّا مِنْ وَجْهٍ حَلَالٍ أَوْ أَثَرٍ صَالِحٍ، وَلَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مِمَّا ذَكَرَ مُرَاعَاةً لِغَرَضِ الْمَيِّتِ، وَبِهَذَا فَارَقَ إبْدَالَ ثِيَابِ الشَّهِيدِ.
قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ التَّرْبِيعِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْكَيْفِيَّتَيْنِ تَارَةً وَتَارَةً أَفْضَلُ، وَمَنْ حَمَلَهَا تَبَرُّكًا قُدِّمَ الْمُقَدَّمُ عَلَى الْمُؤَخَّرِ، وَالْأَيْمَنُ مِنْ الْحَامِلِ عَلَى الْأَيْسَرِ.
قَوْلُهُ: (وَالْمَشْيُ أَمَامَهَا بِقُرْبِهَا) لَوْ قَالَ: وَبِأَمَامِهَا وَبِقُرْبِهَا لَكَانَ أَوْلَى، لِإِفَادَةِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ كَمَا صَنَعَ الشَّارِحُ، وَالْحَاصِلُ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَشْيَ أَفْضَلُ وَلَوْ خَلْفَهَا، أَوْ بَعِيدًا مِنْ الرُّكُوبِ وَلَوْ أَمَامَهَا، أَوْ قَرِيبًا وَأَنَّهُ أَمَامَهَا أَفْضَلُ مِنْهُ خَلْفَهَا، وَلَوْ مَشَى بِالْقُرْبِ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ وُقُوعِ التَّعَارُضِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(قَالَ الرَّاكِبُ إلَخْ) وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَأَى نَاسًا رُكْبَانًا فِي جِنَازَةٍ فَقَالَ: أَلَا تَسْتَحْيُونَ إنَّ مَلَائِكَةَ اللَّهِ يَمْشُونَ عَلَى أَقْدَامِهِمْ، وَأَنْتُمْ عَلَى ظُهُورِ الدَّوَابِّ»
. قَوْلُهُ: (وَدُونَ الْخَبَبِ) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ فَمُوَحَّدَتَيْنِ: هُوَ الْمَشْيُ عَلَى الْهَيِّنَةِ وَالتَّأَنِّي. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ الْإِسْرَاعِ) هُوَ مَفْهُومُ تَقْيِيدِهِ الْخَوْفَ قَبْلَهُ بِالْإِسْرَاعِ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ لَوْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ مَعَ الْإِسْرَاعِ مِنْ غَيْرِهِ كَشِدَّةِ حَرٍّ طُلِبَتْ الزِّيَادَةُ فِي الْإِسْرَاعِ، وَلِذَلِكَ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ زِيدَ فِي الْإِسْرَاعِ وَلَمْ يَقُلْ: أَسْرَعَ، وَيَلْزَمُ مِنْ خَوْفِ التَّغَيُّرِ بِمَا ذَكَرَ مَعَ الْإِسْرَاعِ أَنْ يَكُونَ الْخَوْفُ مَعَ التَّأَنِّي أَوْلَى، وَلِذَلِكَ سَكَتَ عَنْهُ. قَوْلُهُ:(فِي الْإِسْرَاعِ) أَيْ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ.
(فَائِدَةٌ) يَنْدُبُ الْقِيَامُ لِلْجِنَازَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَأَنْ يَدْعُوَ لَهَا وَيُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًا إنْ كَانَتْ أَهْلًا لَهُ، وَأَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، أَوْ سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ، أَوْ {هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [الأحزاب: 22] ، اللَّهُمَّ زِدْنَا إيمَانًا وَتَصْدِيقًا وَتَسْلِيمًا، أَوْ اللَّهُ أَكْبَرُ {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} [يس: 52] لِأَنَّهُ وَرَدَ أَنَّ مَنْ قَالَ ذَلِكَ كُتِبَ لَهُ عِشْرُونَ حَسَنَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
[حاشية عميرة]
شِدَادِ الْأَلْيَيْنِ السَّابِقِ وَنَحْوِهِ
. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِقُرْبِهَا) لَوْ تَعَارَضَتْ هَذِهِ الصِّفَاتُ فَانْظُرْ مَاذَا يُرَاعَى
. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ الْإِسْرَاعِ) يَعْنِي لَوْ أَتَى بِالسُّنَّةِ، وَهِيَ الْإِسْرَاعُ وَلَكِنْ خِيفَ التَّغَيُّرُ لَا مِنْ الْإِسْرَاعِ، بَلْ مِنْ أَمْرِ غَيْرِهِ كَشِدَّةِ الْحَرِّ. وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّارِحُ: فِيمَا يَأْتِي زِيدَ فِي الْإِسْرَاعِ، وَلَمْ يَقُلْ أَسْرَعَ بِهَا. قَوْلُهُ:(زِيدَ فِي الْإِسْرَاعِ) .