الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (قَضَى) مَعَ مَسْحِهِ بِالْمَاءِ (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِانْتِفَاءِ شَبَهِهِ حِينَئِذٍ بِالْخُفِّ. وَالثَّانِي لَا يَقْضِي لِلْعُذْرِ.
وَالْخِلَافُ فِي الْقِسْمَيْنِ فِيمَا إذَا كَانَ السَّاتِرُ عَلَى غَيْرِ مَحَلِّ التَّيَمُّمِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى مَحَلِّهِ قَضَى قَطْعًا لِنَقْصِ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ جَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَالرَّافِعِيِّ عَنْ جَمَاعَةٍ، ثُمَّ قَالَ: إطْلَاقُ الْجُمْهُورِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ، انْتَهَى. وَابْنُ الْوَكِيلِ قَالَ: الْخِلَافُ فِي الْقَضَاءِ إذَا لَمْ نَقُلْ يَتَيَمَّمُ، فَإِنْ قُلْنَا يَتَيَمَّمُ وَتَيَمَّمَ فَلَا قَضَاءَ قَطْعًا، وَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ بِتَعْبِيرِهِ بِالْمَشْهُورِ الْمُشْعِرُ بِضَعْفِ الْخِلَافِ عَنْ تَعْبِيرِ الْمُحَرَّرِ كَالشَّرْحِ بِأَصَحِّ الطَّرِيقَيْنِ. وَالثَّانِيَةُ حَاكِيَةٌ لِلْقَوْلَيْنِ، وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ حِكَايَةُ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، الْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ وُضِعَ عَلَى طُهْرٍ فَلَا إعَادَةَ وَإِلَّا وَجَبَتْ، انْتَهَى. وَعَلَى الْمُخْتَارِ السَّابِقِ لَهُ لَا تَجِبُ.
(بَابُ الْحَيْضِ)
وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ (أَقَلُّ سِنِّهِ تِسْعُ سِنِينَ) قَمَرِيَّةٍ تَقْرِيبًا، فَلَوْ رَأَتْ الدَّمَ قَبْلَ تَمَامِ التِّسْعِ بِمَا لَا يَسَعُ
ــ
[حاشية قليوبي]
لَمْ يُمْكِنْهُ إمْسَاسُ مَحَلِّ الْعِلَّةِ بِالتُّرَابِ، أَنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ:(وَاسْتَغْنَى إلَخْ) أَيْ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْمَشْهُورِ يُشْعِرُ بِأَنَّ مُقَابِلَهُ مِنْ الْخِلَافِ غَيْرُ قَوِيٍّ، سَوَاءٌ كَانَ طُرُقًا أَوْ أَقْوَالًا فَآثَرَ التَّعْبِيرَ بِهِ عَنْ التَّعْبِيرِ بِالْمَذْهَبِ، أَوْ الْأَظْهَرِ، كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ.
بَابُ الْحَيْضِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ، فَهُوَ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى التَّرْجَمَةِ وَلَيْسَ مَعِيبًا. وَالْحَيْضُ لُغَةً السَّيَلَانُ، يُقَالُ: حَاضَ الْوَادِي إذَا سَالَ. وَشَرْعًا دَمُ جِبِلَّةٍ أَيْ طَبِيعَةٍ يَخْرُجُ مِنْ أَقْصَى رَحِمِ الْمَرْأَةِ فِي أَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ، وَتَعَدُّدُ الْفَرْجِ يُعْتَبَرُ بِمَا فِي الْحَدَثِ وَحِكْمَتُهُ الْأَصْلِيَّةُ، أَنَّهُ لَمَّا سَالَ مَاءُ الشَّجَرَةِ حِينَ كَسَرَتْهَا حَوَّاءُ فِي الْجَنَّةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهَا: لَأُدْمِيَنَّكِ كَمَا أَدْمَيْتهَا، فَأَوَّلُ وُجُودِهِ كَانَ فِيهَا، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ أَوَّلُ وُجُودِهِ فِي بَنِي إسْرَائِيلَ يُحْمَلُ عَلَى أَوَّلِ ظُهُورِهِ وَانْتِشَارِهِ. وَالِاسْتِحَاضَةُ. وَيُقَالُ لَهَا: دَمُ فَسَادٍ لُغَةً كَالْحَيْضِ وَشَرْعًا دَمُ عِلَّةٍ يَخْرُجُ مِنْ أَدْنَى رَحِمِ الْمَرْأَةِ مِنْ عِرْقٍ يُقَال لَهُ: الْعَاذِلُ بِمُعْجَمَةٍ أَوْ مُهْمَلَةٍ، وَبِالرَّاءِ بَدَلَ اللَّامِ مَعَ الْإِعْجَامِ.
وَالنِّفَاسُ لُغَةً الْوِلَادَةُ وَاصْطِلَاحًا الدَّمُ الْخَارِجُ عَقِبَ فَرَاغِ الرَّحِمِ مِنْ الْحَمْلِ، وَقَبْلَ مُضِيِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَمَا بَيْنَ التَّوْأَمَيْنِ حَيْضٌ فِي وَقْتِهِ، وَدَمُ فَسَادٍ فِي غَيْرِهِ، وَكَذَا مَا يَخْرُجُ مَعَ الْوَلَدِ وَسُمِّيَ نِفَاسًا لِأَنَّهُ عَقِبُ نَفْسٍ غَالِبًا يُقَالُ: نَفِسَتْ الْمَرْأَةُ بِضَمِّ النُّونِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا وَكَسْرِ الْفَاءِ، وَيُقَالُ لِلْحَائِضِ: نَفِسَتْ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ، وَلِلْحَيْضِ عَشْرَةُ أَسْمَاءٍ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:
حَيْضُ نِفَاسٌ دِرَاسٌ طَمْسُ إعْصَارٍ
…
ضَحِكٌ عِرَاكٌ طَمْثُ إكْبَارِ
وَاَلَّذِي يَحِيضُ مِنْ الْحَيَوَانِ ثَمَانِيَةٌ، كَمَا ذَكَرَهُ الْجَاحِظُ بِجِيمٍ ثُمَّ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ وَظَاءٍ مُشَالَةٍ، أَرْبَعَةٌ بِاتِّفَاقٍ وَهِيَ الْمَرْأَةُ وَالْأَرْنَبُ وَالضَّبُعُ وَالْخُفَّاشُ، وَأَرْبَعَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَهِيَ النَّاقَةُ وَالْحُجْرَةُ أَيْ الْأُنْثَى مِنْ الْخَيْلِ. وَالْكَلْبَةُ وَالْوَزَغَةُ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَعَلَّ مَعْنَى حَيْضِ غَيْرِ الْمَرْأَةِ رُؤْيَةُ دَمِهَا، وَلَيْسَ حَيْضًا حَقِيقَةً فَلَا يُعْتَبَرُ لَهُ أَقَلُّ وَلَا أَكْثَرُ وَلَا غَيْرُهُمَا مِنْ الْأَحْكَامِ وَقَدْ جَمَعَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:
ثَمَانِيَةٌ فِي جِنْسِهَا الْحَيْضُ يَثْبُتُ
…
وَلَكِنْ فِي غَيْرِ النِّسَاءِ لَا يُوَقَّتُ
نِسَاءٌ وَخُفَّاشٌ وَضَبُعٌ وَأَرْنَبٌ
…
كَذَا نَاقَةٌ وَزَغٌ وَحُجْرَةُ كَلْبَةِ
ــ
[حاشية عميرة]
وَضَعَ اللُّصُوقَ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ثُمَّ أَجْنَبَ فَهُوَ وَضَعَ عَلَى طُهْرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَضَى عَلَى الْمَشْهُورِ) الَّذِي فِي الشَّرْحَيْنِ، وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَأَشْعَرَتْ بِهِ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ حِكَايَةَ طَرِيقَيْنِ أَظْهَرُهُمَا الْقَطْعُ بِالْوُجُوبِ. وَالثَّانِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْوَضْعِ عَلَى الطُّهْرِ لِلضَّرُورَةِ بِخِلَافِ الْخُفِّ، فَكَانَ يَنْبَغِي التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُ الشَّارِحِ:(وَابْنُ الْوَكِيلِ إلَخْ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّ كَلَامَهُ هَذَا فِي الْمَوْضُوعَةِ عَلَى حَدَثٍ.
[بَابُ الْحَيْضِ]
نَقَلَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْحَيْضَ أَوَّلُ وُقُوعِهِ فِي بَنِي إسْرَائِيلَ انْتَهَى، وَقِيلَ: بَلْ وَقَعَ لِأُمِّنَا حَوَّاءَ عِنْدَ قَطْعِ
حَيْضًا وَطُهْرًا فَهُوَ حَيْضٌ، أَوْ بِمَا يَسَعُهُمَا فَلَا. (وَأَقَلُّهُ) زَمَنًا (يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ) أَيْ قَدْرُ ذَلِكَ مُتَّصِلًا كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ مَسْأَلَةٍ تَأْتِي آخِرَ الْبَابِ. (وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ) يَوْمًا (بِلَيَالِيِهَا) وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ أَخْذًا مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ، وَغَالِبُهُ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ كُلُّ ذَلِكَ بِالِاسْتِقْرَاءِ مِنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه (وَأَقَلُّ طُهْرٍ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ) زَمَنًا (خَمْسَةَ عَشَرَ) يَوْمًا لِأَنَّ الشَّهْرَ لَا يَخْلُو عَادَةً عَنْ حَيْضٍ وَطُهْرٍ، وَإِذَا كَانَ أَكْثَرُ الْحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ أَقَلُّ الطُّهْرِ كَذَلِكَ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ عَنْ الطُّهْرِ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا تَقَدَّمَ الْحَيْضُ كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ أَوْ تَأَخَّرَ بِأَنْ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (أَقَلُّ سِنِّهِ تِسْعُ سِنِينَ) . وَغَالِبُهُ عِشْرُونَ سَنَةً وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ، وَقِيلَ سِتُّونَ سَنَةً وَلَفْظُ " تِسْعُ " فِي كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ مَرْفُوعٌ.
مِنْ الْخَبَرِ الْمُفْرَدِ عَنْ أَقَلَّ لَا مَنْصُوبٌ ظَرْفًا مِنْ الْخَبَرِ الْجُمْلَةِ عَنْهُ، خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِمْ وَرَتَّبَ عَلَيْهِ عَدَمَ مَعْرِفَةِ قَدْرِ الْأَقَلِّ، لِكَوْنِهِ مَظْرُوفًا فِي التِّسْعِ، وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي الْمَنْهَجِ فَقَوْلُهُ فِيهِ وَالتِّسْعُ مُبْتَدَأٌ وَلَيْسَتْ ظَرْفًا خَبَرُهُ، وَمَا قِيلَ مُبْتَدَأٌ أَيْضًا وَلَيْسَ بِشَيْءٍ خَبَرُهُ، وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(قَمَرِيَّةٍ) مَنْسُوبَةٍ إلَى الْقَمَرِ لِاعْتِبَارِهَا بِهِ مِنْ حَيْثُ اجْتِمَاعُهُ مَعَ الشَّمْسِ، لَا مِنْ حَيْثُ رُؤْيَتُهُ هِلَالًا وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَخُمُسُ يَوْمٍ وَسُدُسُهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَخَرَجَ بِهَا الشَّمْسِيَّةُ الْمَنْسُوبَةُ إلَى الشَّمْسِ، لِاعْتِبَارِهَا بِهَا مِنْ حَيْثُ حُلُولُهَا فِي نُقْطَةِ رَأْسِ الْحَمْلِ إلَى عَوْدِهَا إلَيْهَا، وَهِيَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَرُبْعُ يَوْمٍ عَلَى الْأَصَحِّ إلَّا جُزْءًا مِنْ ثَلَثِمِائَةِ جُزْءٍ مِنْ الْيَوْمِ. قَوْلُهُ:(أَوْ بِمَا يَسَعُهُمَا فَلَا) أَيْ فَلَيْسَ حَيْضًا وَإِنْ اتَّصَلَ بِدَمٍ قَبْلَهُ، فَلَوْ رَأَتْ دَمًا عِشْرِينَ يَوْمًا مِنْ آخِرِ التَّاسِعَةِ، فَأَرْبَعَةُ أَيَّامٍ وَجُزْءُ يَوْمٍ مِنْ أَوَّلِ الْعِشْرِينَ فَسَادٌ.
(تَنْبِيهٌ) ذَكَرَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ هُنَا فِي شَرْحِهِ أَنَّ سِنَّ الْمَنِيِّ فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى تَقْرِيبِيٌّ كَالْحَيْضِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُهُمَا مَنِيًّا فِي زَمَنٍ لَا يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا حُكِمَ بِبُلُوغِهِ وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ الشَّرْحِ فِي بَابِ الْحَجْرِ أَنَّهُ تَحْدِيدِيٌّ فِيهِمَا، وَهُوَ الْوَجْهُ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا لِأَنَّ الشَّيْءَ يُرَجَّحُ بِذِكْرِهِ فِي بَابِهِ، وَالْمَنِيُّ لَا يُقَدَّرُ بِوَقْتٍ مَحْدُودٍ. قَوْلُهُ:(يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ) أَيْ مُتَوَالِيَيْنِ سَوَاءٌ اعْتَدَلَا أَوْ لَا، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ قَدْرَهُمَا إلَى دُخُولِ مَا لَوْ طَرَأَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ، وَبِقَوْلِهِ مُتَّصِلًا إلَى أَنَّ الْأَقَلَّ حَقِيقَةً لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا مَعَ الِاتِّصَالِ. قَوْلُهُ:(كَمَا يُؤْخَذُ إلَخْ) . هُوَ رَاجِعٌ لِاعْتِبَارِ ذَلِكَ الْقَدْرِ، حَيْثُ اعْتَبَرُوا فِيمَا لَوْ تَخَلَّلَ نَقَاءٌ أَنْ لَا تَنْقُصَ أَوْقَاتُ الدِّمَاءِ عَنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَاعَةً، قَدْرَ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، بِحَيْثُ لَوْ أُدْخِلَتْ قُطْنَةٌ فِي الْمَحَلِّ تَلَوَّثَتْ بِالدَّمِ، وَقَوْلُهُ: كَمَا يُؤْخَذُ إلَخْ. لَوْ قَالَ كَمَا يَأْتِي إلَخْ لَكَانَ حَسَنًا إذْ لَا يُؤْخَذُ الشَّيْءُ مِنْ نَفْسِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِالِاسْتِقْرَاءِ) أَيْ التَّامِّ فَلَوْ اطَّرَدَتْ عَادَةُ امْرَأَةٍ بِأَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ، لَمْ تُعْتَبَرْ وَاعْتِبَارُ الِاسْتِقْرَاءِ لِعَدَمِ ضَابِطٍ هُنَا، لِذَلِكَ شَرْعًا أَوْ لُغَةً فَلَيْسَ مُخَالِفًا لِقَوْلِ الْأُصُولِيِّينَ بِتَقْدِيمِ الشَّرْعِ، ثُمَّ الْعُرْفِ ثُمَّ اللُّغَةِ.
قَوْلُهُ: (لَا يَخْلُو عَادَةً) وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ غَالِبًا أَيْ جَرَتْ عَادَةُ النِّسَاءِ وَغَلَبَ فِيهِنَّ لِاشْتِمَالِ كُلِّ شَهْرٍ عَلَى حَيْضٍ، وَطُهْرٍ وَأَمَّا كَوْنُ الْحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عَادَةٍ وَلَا غَلَبَةٍ لِثُبُوتِ الْحُكْمِ، بِالْفَرْدِ النَّادِرِ فَاللُّزُومُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُنَافِي الْحُكْمَ فِي اعْتِبَارِ السِّنِينَ بِالْقَمَرِيَّةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(بَيْنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ) وَكَذَا بَيْنَ النِّفَاسَيْنِ كَأَنْ وَطِئَ عَقِبَ الْوِلَادَةِ، وَأَلْقَتْ عَلَقَةً بَعْدَ السِّتِّينَ أَكْثَرَ النِّفَاسِ لِدُونِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. قَوْلُهُ:(تَقَدَّمَ الْحَيْضُ) الْأَنْسَبُ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ
ــ
[حاشية عميرة]
الشَّجَرَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تِسْعُ سِنِينَ) أَيْ إتْمَامُ التَّاسِعَةِ، وَقِيلَ: نِصْفُهَا، وَقِيلَ: الطَّعْنُ فِيهَا، وَهِيَ جَارِيَةٌ فِي إمْكَانِ بُلُوغِهَا بِالْإِنْزَالِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ، فَتَمَامُ التَّاسِعَةِ، وَقِيلَ نِصْفُ الْعَاشِرَةِ، وَقِيلَ تَمَامُهَا، وَالْفَرْقُ حَرَارَةُ طَبْعِ النِّسَاءِ، ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.
قَوْلُ الشَّارِحِ: (قَمَرِيَّةٌ) أَيْ هِلَالِيَّةٌ وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَسُدُسُ يَوْمٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ} [البقرة: 189] .
قَوْلُ الشَّارِحِ: (تَقْرِيبًا) وَقِيلَ تَحْدِيدًا، وَعَلَيْهِ فَقِيلَ يَضُرُّ بَقِيَّةُ الْيَوْمِ، وَقِيلَ إنْ رَأَتْ قَبْلَ التِّسْعِ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَبَعْدَهَا يَوْمًا وَلَيْلَةً فَالْجَمِيعُ حَيْضٌ، وَإِنْ انْعَكَسَ فَلَيْسَ بِحَيْضٍ، وَإِنْ كَانَ يَوْمًا وَلَيْلَةً بَعْضُهُ قَبْلُ وَبَعْضُهُ بَعْدُ فَفِيهِ وَجْهَانِ وَالثَّانِي قَوْلُ الْمُتَوَلِّي وَرَجَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ. قَوْلُهُ:(كَمَا يُؤْخَذُ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ مُتَّصِلًا. قَوْلُهُ أَيْضًا: (كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ مَسْأَلَةٍ تَأْتِي) هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالنَّقَاءُ بَيْنَ الْحَيْضِ إذْ قَضِيَّةُ جَعْلِ أَقَلِّ النَّقَاءِ الْمُتَخَلَّلِ بَيْنَ دِمَاءِ أَقَلِّ الْحَيْضِ حَيْضًا أَنْ لَا تَكُونَ دِمَاءُ الْأَقَلِّ الَّتِي تَخَلَّلَهَا ذَلِكَ النَّقَاءُ أَقَلَّ الْحَيْضِ فِي حَالَةِ تَخَلُّلِهِ بَلْ الْحَيْضُ هِيَ مَعَ ذَلِكَ النَّقَاءِ فَيُعْلَمُ بِلَا رَيْبٍ أَنَّ شَرْطَ تَحَقُّقِ أَقَلِّ الْحَيْضِ حَيْضًا فَقَطْ أَنْ يَكُونَ دِمَاءً مُتَّصِلَةً قَدْرَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ تَحَقُّقَ وُجُودِ الْأَقَلِّ فَقَطْ لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ الِاتِّصَالِ إذْ لَوْ فُرِضَ نَقَاءٌ فِي خِلَالِ دَمِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ زَادَ الْحَيْضُ عَنْ الْأَقَلِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(خَمْسَةَ عَشَرَ) ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّ أَكْثَرَ الْحَيْضِ عَشَرَةٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَخْذًا
رَأَتْ النُّفَسَاءُ أَكْثَرَ النِّفَاسِ وَانْقَطَعَ الدَّمُ ثُمَّ عَادَ قَبْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا؛ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ) أَيْ الطُّهْرِ، وَغَالِبُهُ بَقِيَّةُ الشَّهْرِ بَعْدَ غَالِبِ الْحَيْضِ
(وَيَحْرُمُ بِهِ) أَيْ بِالْحَيْضِ (مَا حَرُمَ بِالْجَنَابَةِ) مِنْ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا (وَعَبُورُ الْمَسْجِدِ إنْ خَافَتْ تَلْوِيثَهُ) بِالْمُثَلَّثَةِ بِالدَّمِ لِغَلَبَتِهِ أَوْ عَدَمِ إحْكَامِهَا الشَّدَّ، فَإِنْ أَمِنَتْ جَازَ لَهَا الْعُبُورُ كَالْجُنُبِ، (وَالصَّوْمُ وَيَجِبَ قَضَاؤُهُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ) فَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا لِلْمَشَقَّةِ فِيهِ بِكَثْرَتِهَا (وَمَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا) أَيْ مُبَاشَرَتُهُ بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ
ــ
[حاشية قليوبي]
شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (مِنْ الصَّلَاةِ إلَخْ) وَتُثَابُ الْحَائِضُ عَلَى تَرْكِ مَا حَرُمَ عَلَيْهَا إذَا قَصَدَتْ امْتِثَالَ الشَّارِعِ فِي تَرْكِهِ لَا عَلَى الْعَزْمِ عَلَى الْفِعْلِ لَوْلَا الْحَيْضُ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِمَا عَزَمَ عَلَيْهِ حَالَةَ عَزْمِهِ. قَوْلُهُ: (وَعُبُورُ الْمَسْجِدِ إنْ خَافَتْ تَلْوِيثَهُ) . الْمُرَادُ بِالْخَوْفِ مَا يَشْمَلُ التَّوَهُّمَ، وَأَمَّا عُبُورُ غَيْرِ الْمَسْجِدِ كَالرِّبَاطِ، وَمِلْكِ الْغَيْرِ فَإِنَّمَا يَحْرُمُ مَعَ الظَّنِّ، وَيُكْرَهُ لَهَا عُبُورُ الْمَسْجِدِ مَعَ الْأَمْنِ لِغِلَظِ حَدَثِهَا، وَلِذَلِكَ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى فِي الْجُنُبِ. نَعَمْ لَا كَرَاهَةَ وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى إذَا كَانَ لِحَاجَةٍ، كَقُرْبِ طَرِيقٍ.
(تَنْبِيهٌ) كُلُّ مَنْ بِهِ نَجَاسَةٌ تُلَوِّثُ كَجِرَاحَةٍ نَضَّاحَةٍ لَهُ حُكْمُ الْحَائِضِ، فِيمَا ذُكِرَ سَوَاءٌ فِي بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ، أَوْ فِعْلِهِ وَيَحْرُمُ إدْخَالُ النَّجَاسَةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِبْقَاؤُهَا فِيهِ، وَمِنْهُ نَحْوُ قَمْلٍ مَيِّتٍ فِي مَلْبُوسٍ. نَعَمْ يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ فِي نَحْوِ نَعْلِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَيَحْرُمُ إلْقَاءُ نَحْوِ الْقَمْلِ حَيًّا مُطْلَقًا عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِمَا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ يَتَأَذَّى أَوْ يُؤْذِي وَإِلَّا فَيُكْرَهُ كَإِلْقَائِهِ فِي مَحَلٍّ فِيهِ تُرَابُ مَسْجِدٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَيَجُوزُ قَتْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ إنْ أَسْرَعَ بِإِخْرَاجِهِ وَيَجُوزُ الْفَصْدُ فِيهِ إنْ لَمْ يُلَوِّثْ، وَأَسْرَعَ بِإِخْرَاجِهِ وَفَارَقَ حُرْمَةَ الْبَوْلِ فِيهِ، مُطْلَقًا وَلَوْ فِي إنَاءٍ لِلْعَفْوِ عَنْ جِنْسِ الدَّمِ، وَيَحْرُمُ تَقْذِيرُهُ بِالطَّاهِرَاتِ كَقُشُورِ الْبِطِّيخِ، وَإِلْقَاءِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِيهِ، وَيَجُوزُ الْوُضُوءُ فِيهِ، وَإِنْ وَقَعَ مَاؤُهُ فِي أَرْضِهِ لِعَدَمِ الِامْتِهَانِ فِي ذَلِكَ، وَيَحْرُمُ غَسْلُ نَجَاسَةٍ فِيهِ، وَبُصَاقٌ وَلَوْ بِقَطْعِ هَوَائِهِ لَا أَخَذَ مِنْ فَمِهِ بِثَوْبِهِ مَثَلًا، وَدَفْنُ الْبُصَاقِ فِيهِ مُكَفِّرٌ لِإِثْمِهِ.
قَالَ شَيْخُنَا: ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَلَوْ فِي تُرَابِ مَنْ وَقَفَهُ أَوْ فِي حَصِيرِهِ أَوْ فِي خَزَائِنِهِ أَوْ غَيْرِهَا، وَإِنْ حَرُمَ مِنْ حَيْثُ اسْتِعْمَالُهُ لِمِلْكِ غَيْرِهِ.
(تَنْبِيهٌ آخَرُ) سَيَأْتِي أَنَّهُ يَحِلُّ لَهَا الطُّهْرُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ لَا قَبْلَهُ، فَيَحْرُمُ إلَّا لِاغْتِسَالٍ نِحْو حَجِّ وَعِيدٍ وَحُضُورِ جَمَاعَةٍ.
قَالَ شَيْخُنَا: وَلَهَا الْوُضُوءُ لِتِلْكَ الْأَغْسَالِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ، فَإِنْ قِيلَ: إنَّ الْجُنُبَ كَالْحَائِضِ لَا يَصِحُّ طُهْرُهُ حَالَةَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ، أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَنْعَ فِي الْحَيْضِ لِذَاتِهِ، وَلِذَلِكَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى خُرُوجِهِ كَزَمَنِ الْتِقَاءٍ بَيْنَ دِمَائِهِ وَالْمَنْعُ فِي الْجُنُبِ لِوُجُودِ الْمُنَافِي، وَلِذَلِكَ صَحَّ مَعَ وُجُودِهِ فِي سَلَسِهِ وَيَجُوزُ لَهَا كُلُّ عِبَادَةٍ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ غَيْرُ مَا اُسْتُثْنِيَ. قَوْلُهُ:(وَالصَّوْمُ) فَرْضًا وَنَفْلًا أَدَاءً وَقَضَاءً وَتَحْرِيمُهُ تَعَبُّدِيٌّ، وَقِيلَ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَيْهَا مُضْعِفَانِ. قَوْلُهُ:(وَيَجِب قَضَاؤُهُ) أَيْ الصَّوْمِ أَيْ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ، لِانْعِقَادِ سَبَبِهِ فِي حَقِّهَا، كَمَا فِي نَحْوَ النَّوْمِ. قَوْلُهُ:(بِخِلَافِ الصَّلَاةِ) لَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا وَفَارَقَتْ الصَّوْمَ بِالْمَشَقَّةِ بِكَثْرَتِهَا وَبِأَنَّهَا لَمْ تُبْنَ عَلَى أَنْ تُؤَخَّرَ ثُمَّ تُقْضَى بَلْ إمَّا أَنْ لَا تَجِبَ أَوْ تَجِبَ وَلَا تُؤَخَّرُ، وَنَفْيُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ يُوهِمُ جَوَازَ قَضَائِهَا، لَكِنْ مَعَ كَرَاهَتِهَا تَنْزِيهًا خِلَافًا لِقَوْلِ الْبَيْضَاوِيِّ بِحُرْمَتِهَا، وَعَلَى كُلٍّ لَا تَنْعَقِدُ لَوْ فَعَلَتْهَا لِأَنَّ الْعِبَادَةَ إذَا لَمْ تُطْلَبْ لَمْ تَنْعَقِدْ، وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا: كَالْخَطِيبِ وَغَيْرِهِ، وَخَالَفَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. فَقَالَ بِصِحَّتِهَا وَانْعِقَادِهَا عَلَى قَوْلِ الْكَرَاهَةِ الْمُعْتَمَدِ، وَسَيَأْتِي الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ، وَعَلَى الصِّحَّةِ فَلَهَا جَمْعُ صَلَوَاتٍ بِتَيَمُّمٍ، لِأَنَّهَا دُونَ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (أَيْ مُبَاشَرَتُهُ) أَيْ مَسُّهُ بِلَا حَائِلٍ، وَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ فَخَرَجَ النَّظَرُ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ، وَخَرَجَ نَفْسُ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ. وَلَفْظُ " مُبَاشَرَةُ " يَقْتَضِي حِلَّ وَطْئِهَا بِحَائِلٍ، وَمَسَّ شَعْرِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيهِمَا بِخِلَافِ مَسِّهَا بِشَعْرِهِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا مُبَاشَرَتُهُ بِشَيْءٍ مِمَّا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا فِي جَمِيعِ بَدَنِهِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ تَمْكِينُهَا مِنْهَا، وَعَكْسُهُ وَلَوْ أَخْبَرَتْهُ بِالْحَيْضِ حَرُمَ عَلَيْهِ مُبَاشَرَتُهَا إنْ صَدَّقَهَا، وَإِلَّا فَلَا وَإِذَا صَدَّقَهَا وَادَّعَتْ دَوَامَهُ صُدِّقَتْ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا حُضُورُ الْمُحْتَضَرِ، وَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ مَا مَسَّتْهُ بِطَبْخٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا فِعْلُهَا لَهُ وَلَا غَسْلُ الثِّيَابِ.
ــ
[حاشية عميرة]
مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالصَّوْمُ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَهُوَ تَعَبُّدٌ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ كَوْنُهُ يُضْعِفُهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَمَا بَيْنَ سُرَّتِهَا) أَيْ لِأَنَّهُ حَرِيمٌ لِلْوَطْءِ، وَأَمَّا الْوَطْءُ فَظَاهِرٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا جَوَازُ الِاسْتِمْتَاعِ بِهِمَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ مُبَاشَرَتُهُ) هُوَ مُوَافِقٌ فِي ذَلِكَ لِعِبَارَةِ التَّحْقِيقِ، وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ، فَيَجُوزُ الِاسْتِمْتَاعُ بِالنَّظَرِ خِلَافًا لَمَّا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحَيْنِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ الْمَنْعِ حَيْثُ عَبَّرُوا بِالِاسْتِمْتَاعِ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْقِيَاسُ تَحْرِيمُ
غَيْرُ الْوَطْءِ) وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ، وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ حُرْمَتُهُ فِي حَيْضِ مَمْسُوسَةٍ لِتَضَرُّرِهَا بِطُولِ الْمُدَّةِ، فَإِنَّ زَمَانَ الْحَيْضِ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا لَمْ يَحْرُمْ طَلَاقُهَا لِأَنَّ عِدَّتَهَا إنَّمَا تَنْقَضِي بِوَضْعِ الْحَمْلِ.
(فَإِذَا انْقَطَعَ) أَيْ الْحَيْضُ (لَمْ يَحِلَّ قَبْلَ الْغُسْلِ) مِمَّا حَرُمَ (غَيْرُ الصَّوْمِ وَالطَّلَاقِ) فَيَحِلَّانِ لِانْتِفَاءِ مَانِعِ الْأَوَّلِ، وَالْمَعْنَى الَّذِي حَرُمَ لَهُ الثَّانِي، وَلَفْظَةُ الطَّلَاقِ زَادَهَا عَلَى الْمُحَرَّرِ، وَقَالَ: إنَّهَا زِيَادَةٌ حَسَنَةٌ.
(وَالِاسْتِحَاضَةُ) وَهِيَ أَنْ يُجَاوِزَ الدَّمُ أَثَرَ الْحَيْضِ وَيَسْتَمِرَّ (حَدَثٌ دَائِمٌ كَالسَّلَسِ) أَيْ سَلَسِ الْبَوْلِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَنْقَطِعَ (فَلَا تَمْنَعُ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ) لِلضَّرُورَةِ، (فَتَغْسِلُ الْمُسْتَحَاضَةُ فَرْجَهَا وَتَعْصِبُهُ) وُجُوبًا بِأَنْ تَشُدَّهُ بَعْدَ حَشْوِهِ مَثَلًا بِخِرْقَةٍ مَشْقُوقَةِ الطَّرَفَيْنِ تُخْرِجُ أَحَدَهُمَا إلَى بَطْنِهَا، وَالْآخَرَ إلَى صُلْبِهَا، وَتَرْبِطُهُمَا بِخِرْقَةٍ تَشُدُّهَا عَلَى وَسَطِهَا كَالتِّكَّةِ، وَإِنْ تَأَذَّتْ بِالشَّدِّ تَرَكَتْهُ، وَإِنْ كَانَ الدَّمُ قَلِيلًا يَنْدَفِعُ بِالْحَشْوِ فَلَا حَاجَةَ لِلشَّدِّ، وَإِنْ كَانَتْ صَائِمَةً تَرَكَتْ الْحَشْوَ نَهَارًا وَاقْتَصَرَتْ عَلَى الشَّدِّ فِيهِ. (وَتَتَوَضَّأُ وَقْتَ الصَّلَاةِ) كَالْمُتَيَمِّمِ (وَتُبَادِرُ
ــ
[حاشية قليوبي]
تَنْبِيهٌ) الْوَطْءُ فِي الْحَيْضِ كَبِيرَةٌ وَيَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهُ وَلَوْ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ إلَّا فِي زَمَنٍ. يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ بِجَوَازِهِ، نَعَمْ قَالَ بَعْضُهُمْ بِجَوَازِهِ لِمَنْ خَافَ الْعَنَتَ فَرَاجِعْهُ، وَيُنْدَبُ لِمَنْ وَطِئَ فِيهِ وَلَوْ بِزِنًا أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ أَوْ مَا يُسَاوِيهِ إنْ وَطِئَ فِي إقْبَالِهِ، وَبِنِصْفِ دِينَارٍ فِي إدْبَارِهِ كَذَلِكَ، وَيَتَكَرَّرُ التَّصَدُّقُ بِتَكْرَارِ الْوَطْءِ، وَالْمُرَادُ بِإِدْبَارِهِ زَمَنُ ضَعْفِهِ وَتَنَاقُضِهِ، وَبَعْدَهُ إلَى الْغُسْلِ كَذَلِكَ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَمَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ بِلَا عُذْرٍ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِهِ، وَعَمَّمَهُ بَعْضُهُمْ فِي إتْيَانِ كُلِّ مَعْصِيَةٍ. قَوْلُهُ:(وَسَيَأْتِي إلَخْ) هُوَ تَوْطِئَةٌ لِمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْحَيْضُ) وَمِثْلُهُ النِّفَاسُ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْغُسْلِ) الْأَوْلَى الطُّهْرُ لِيَشْمَلَ التَّيَمُّمَ. قَوْلُهُ: (غَيْرُ الصَّوْمِ وَالطَّلَاقِ) أَيْ وَالطُّهْرُ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ وَعَلَّلَ الشَّارِحُ الْأَوَّلَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الثَّالِثَ، وَعَلَّلَ الثَّلَاثَةَ فِي الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ التَّحْرِيمِ، وَهِيَ الْمَانِعُ فِي الصَّوْمِ وَطُولُ الْمُدَّةِ فِي الطَّلَاقِ وَالتَّلَاعُبُ فِي الطُّهْرِ، وَقِيلَ عِلَّةُ الْأَوَّلِ اجْتِمَاعُ الْمُضْعِفَيْنِ كَمَا مَرَّ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ فِي عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ. تَهَافُتٌ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى الطُّهْرَ مِنْ نَفْسِهِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَحِلَّ قَبْلَ الطُّهْرِ إلَّا الطُّهْرُ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَثْنَاهُ مِنْ عُمُومِ مَا حَرُمَ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَهِيَ أَنْ تُجَاوِزَ إلَخْ) فِيهِ قُصُورٌ لِأَنَّ كُلَّ دَمٍ لَيْسَ فِي زَمَنِ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ اسْتِحَاضَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِمَا، وَلَعَلَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ إشَارَةً إلَى تَقْدِيمِهَا عَلَى النِّفَاسِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(حَدَثٌ دَائِمٌ) هُوَ بَيَانٌ لِحُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِهَا لَا تَفْسِيرٌ لَهَا لِئَلَّا يَلْزَمَ أَنَّ سَلَسَ الْمَذْيِ أَوْ الْبَوْلِ أَوْ نَحْوِهِ يُسَمَّى اسْتِحَاضَةً وَلَا قَائِلَ بِهِ، كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ هَذَا كَقَوْلِنَا الْإِنْسَانُ حَيَوَانٌ ذُو رِجْلَيْنِ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ ذِي رِجْلَيْنِ إنْسَانًا تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(فَلَا تَمْنَعُ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ) وَلَوْ نَفْلًا وَلَا غَيْرَهُمَا. فَلَهُ الْوَطْءُ وَلَوْ مَعَ جَرَيَانِ الدَّمِ، وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ إلَّا فِي مُتَحَيِّرَةٍ عَلَى مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ:(فَتَغْسِلُ) بِالْمَاءِ أَوْ تُمْسَحُ بِالْأَحْجَارِ. قَوْلُهُ: (وُجُوبًا) بَيَانٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الطَّلَبِ. قَوْلُهُ: (مَشْقُوقَةِ الطَّرَفَيْنِ) أَيْ أَوْ الطَّرَفِ الْمُقَدَّمِ فَقَطْ.
قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَا بُدَّ فِي الْحَشْوِ أَنْ لَا يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ الْقُطْنَةِ مَثَلًا بَارِزًا إلَى مَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ، لِئَلَّا تَصِيرَ حَامِلَةً لِمُتَّصِلٍ بِنَجَسٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(وَإِنْ تَأَذَّتْ) أَيْ وَلَوْ بِمُجَرَّدِ الْحَرْقَانِ تَرَكَتْهُ، وَكَلَامُهُ فِي الشَّدِّ وَمِثْلُهُ الْحَشْوُ وَلَا يَضُرُّ خُرُوجُ الدَّمِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَوَّثَ مَلْبُوسَهَا فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ خَاصَّةً، وَلَا يَجُوزُ لِنَحْوِ السَّلِسِ تَعْلِيقُ نَحْوِ قَارُورَةٍ لِيَقْطُرَ فِيهَا بَوْلُهُ مَثَلًا وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ بَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِهِ.
قَوْلُهُ: (صَائِمَةً) أَيْ وَلَوْ نَفْلًا تَرَكْت الْحَشْوَ نَهَارًا وَإِنْ احْتَاجَتْ إلَيْهِ وَتَحْشُو لَيْلًا، فَلَوْ أَصْبَحَتْ صَائِمَةً وَالْحَشْوُ بَاقٍ، فَهَلْ لَهَا نَزْعُهُ بِإِدْخَالِ أَصَابِعِهَا لِأَجْلِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ حَرِّرْهُ، كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ. وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ مَا مَرَّ فِي شَرْطِ الْحَشْوِ.
ــ
[حاشية عميرة]
مُبَاشَرَتِهَا لَهُ فِيمَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بِوَطْءٍ) وَهُوَ كَبِيرَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ غَيْرُ الْوَطْءِ) أَيْ وَلَكِنْ يُكْرَهُ.
قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إلَّا النِّكَاحَ» وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْوَطْءُ فِي الْفَرْجِ.
قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ إلَخْ) تَوْطِئَةٌ لِصِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ الطَّلَاقِ أَيْ إذَا كَانَتْ حُرْمَتُهُ مَعْلُومَةٌ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ، فَكَأَنَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا.
قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَهِيَ أَنْ يُجَاوِزَ الدَّمُ أَكْثَرَ الْحَيْضِ وَيَسْتَمِرَّ) فَسَّرَهَا بِهَذَا لِيُعْلِمَك أَنَّ قَوْلَهُ حَدَثٌ دَائِمٌ لَيْسَ تَفْسِيرًا لِلِاسْتِحَاضَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَدَثٌ دَائِمٌ) .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَيْسَ تَفْسِيرًا لِلِاسْتِحَاضَةِ بَلْ هُوَ حُكْمٌ إجْمَالِيٌّ، وَلَا يَلْزَمُ أَنَّ السَّلَسَ وَنَحْوَهُ اسْتِحَاضَةٌ، وَالسَّلَسُ بِفَتْحِ اللَّامِ مَصْدَرٌ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ ذَلِكَ: وَقَوْلُهُ كَسَلَسٍ لِلتَّشْبِيهِ لَا لِلتَّمْثِيلِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَهُوَ أَنْ لَا يَنْقَطِعَ) يُفِيدُك أَنَّ السَّلَسَ فِي الْمَتْنِ بِفَتْحِ اللَّامِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بِأَنْ تَشُدَّهُ إلَخْ) يُسَمَّى ذَلِكَ تَلَجُّمًا وَاسْتِثْفَارًا.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مِنْ اللِّجَامِ وَثُفْرِ الدَّابَّةِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُهُمَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَإِنْ كَانَتْ صَائِمَةً تَرَكَتْ الْحَشْوَ نَهَارًا) أَيْ وَإِنَّمَا لَمْ
بِهَا) تَقْلِيلًا لِلْحَدَثِ (فَلَوْ أَخَّرْتَ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ كَسِتْرٍ، وَانْتِظَارِ جَمَاعَةٍ لَمْ يَضُرَّ وَإِلَّا فَيَضُرُّ عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي لَا يَضُرُّ كَالْمُتَيَمِّمِ (وَيَجِبُ الْوُضُوءُ لِكُلِّ فَرْضٍ) كَالْمُتَيَمِّمِ لِبَقَاءِ الْحَدَثِ. (وَكَذَا تَجْدِيدُ الْعِصَابَةِ فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ لَمْ تَزُلْ عَنْ مَوْضِعِهَا وَلَا ظَهَرَ الدَّمُ جَوَانِبَهَا قِيَاسًا عَلَى تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ. وَالثَّانِي لَا يَجِبُ تَجْدِيدُهَا إلَّا إذَا زَالَتْ عَنْ مَوْضِعِهَا زَوَالًا لَهُ وَقْعٌ، أَوْ ظَهَرَ الدَّمُ بِجَوَانِبِهَا، وَحَيْثُ قِيلَ بِتَجْدِيدِهَا فَتُجَدِّدُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ غَسْلِ الْفَرْجِ وَإِبْدَالِ الْقُطْنَةِ الَّتِي بِفَمِهِ. (وَلَوْ انْقَطَعَ دَمُهَا بَعْدَ الْوُضُوءِ وَلَمْ تَعْتَدْ انْقِطَاعَهُ وَعَوْدَهُ أَوْ اعْتَادَتْ) ذَلِكَ (وَوَسِعَ زَمَنُ الِانْقِطَاعِ) بِحَسَبِ الْعَادَةِ (وُضُوءًا وَالصَّلَاةَ) بِأَقَلَّ مَا يُمْكِنُ (وَجَبَ الْوُضُوءُ) أَمَّا فِي الْحَالَةِ الْأُولَى فَلِاحْتِمَالِ الشِّفَاءِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ عَوْدِ الدَّمِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِإِمْكَانِ أَدَاءِ الْعِبَادَةِ مِنْ غَيْرِ مُقَارَنَةِ حَدَثٍ، فَلَوْ عَادَ الدَّمُ قَبْلَ إمْكَانِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ فِي الْحَالَتَيْنِ فَوَضْؤُهَا بَاقٍ بِحَالِهِ تُصَلِّي بِهِ، وَلَوْ لَمْ يَسَعْ زَمَنُ
ــ
[حاشية قليوبي]
تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ صَلَاةَ الصَّائِمَةِ مَعَ تَرْكِ الْحَشْوِ صَحِيحَةٌ؛ كَصَوْمِهَا، فَمُرَاعَاةُ الصَّوْمِ إنَّمَا حَصَلَتْ بِتَرْكِ الْحَشْوِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ سُقُوطُ اسْتِشْكَالِ مَا هُنَا بِمَسْأَلَةِ الْخَيْطِ الْآتِيَةِ فِي الصَّوْمِ الَّتِي فِيهَا لُزُومُ بُطْلَانِ أَحَدِهِمَا، وَهِيَ مَا لَوْ ابْتَلَعَ خَيْطًا قَبْلَ الْفَجْرِ، وَأَصْبَحَ صَائِمًا وَطَرَفُهُ خَارِجٌ حَيْثُ رَاعَوْا فِيهَا الصَّلَاةَ، بِنَزْعِهِ لِصِحَّتِهَا لَا الصَّوْمَ بِبَقَائِهِ وَبُطْلَانِهَا، فَلَا حَاجَةَ لِلْجَوَابِ عَنْهَا لِأَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ عِلَّةٌ مُزْمِنَةٌ، رُبَّمَا يَتَعَذَّرُ مَعَهَا قَضَاءُ الصَّوْمِ فَتَأَمَّلْ.
(فَرْعٌ) قَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي وُضُوءِ دَائِمِ الْحَدَثِ تَقَدُّمُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، لِأَنَّ الطَّهَارَةَ بِالْمَاءِ قَوِيَّةٌ فَتَكُونُ طَهَارَةُ الْمُسْتَحَاضَةِ كَذَلِكَ، بَلْ إنَّهَا مِنْ أَفْرَادِهِ. قَوْلُهُ:(وَتَتَوَضَّأُ) أَوْ تَتَيَمَّمُ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْفَاءِ فِي الْحَشْوِ وَالْعَصْبِ وَالْوُضُوءِ لَكَانَ أَوْلَى، كَمَا فَعَلَ، شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ لِإِفَادَةِ الْفَوْرِيَّةِ الْوَاجِبَةِ. قَوْلُهُ:(وَقْتَ الصَّلَاةِ) تَنَازَعَهُ مَا قَبْلَهُ مِنْ الْغُسْلِ وَمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (كَالْمُتَيَمِّمِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ النِّيَّةُ وَمَا يُسْتَبَاحُ بِهِ، وَالْوَقْتُ وَتَثْلِيثُ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ وَنَحْوِهَا خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ، وَعُلِمَ مِنْ التَّشْبِيهِ أَنَّهَا لَا تَغْتَسِلُ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ، وَهُوَ يُخَالِفُ مَا سَيَأْتِي فِي الْمُتَحَيِّرَةِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ تَحَقُّقُ عَدَمِ الْحَيْضِ فَرَاجِعْهُ، وَعُلِمَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا صَلَاةُ الْفَرْضِ الَّذِي تَطَهَّرَتْ لَهُ فَلَوْ تَطَهَّرَتْ لِحَاضِرَةٍ فَتَذَكَّرَتْ فَائِتَةً أَوْ عَكْسُهُ، فَلَهَا فِعْلُ أَيِّهِمَا شَاءَتْ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ. قَوْلُهُ:(وَتُبَادِرُ) أَيْ وُجُوبًا وَيُغْتَفَرُ قَدْرُ مَا بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ، وَلَهَا فِعْلُ الرَّوَاتِبِ الْقَبَلِيَّةِ قَبْلَ الْفَرْضِ. قَوْلُهُ:(تَقْلِيلًا لِلْحَدَثِ) أَيْ لِلدَّمِ النَّازِلِ عَلَيْهَا.
قَوْلُهُ: (وَانْتِظَارِ جَمَاعَةٍ) أَيْ كَوْنِ صَلَاتِهَا جَمَاعَةً وَلَوْ بِوَاحِدٍ مَعَهَا وَذَهَابٍ لِمَسْجِدٍ وَنَحْوِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَإِجَابَتِهِمَا وَالْمُرَادُ بِالْأَذَانِ فِي حَقِّهَا إجَابَتُهُ أَوْ زَمَنُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَضُرَّ) أَيْ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ. وَإِنْ خَرَجَ بِهِ الْوَقْتُ. وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهَا. نَعَمْ إنْ كَانَتْ عَادَتُهَا الِانْقِطَاعَ بِقَدْرِ الطُّهْرِ وَالصَّلَاةِ امْتَنَعَ التَّأْخِيرُ.
(فَرْعٌ) لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ النَّوَافِلَ الْمُؤَقَّتَةَ فِي الْوَقْتِ، وَبَعْدَهُ وَالْمُطْلَقَةُ فِي الْوَقْتِ فَقَطْ، قَالَ وَالِدُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(وَلَا ظَهَرَ الدَّمُ) نَعَمْ يُعْفَى عَنْ قَلِيلٍ سَالَ مِنْهُ فَلَا يَجِبُ تَجْدِيدُ الْعَصَبِ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْعِصَابَةِ فِيهِ تَجَوُّزٌ وَالْأَوْلَى الْعَصَبُ، وَلَوْ زَالَتْ الْعِصَابَةُ لِضَعْفِ الشَّدِّ أَوْ خَرَجَ الدَّمُ فِي الْحَشْوِ أَوْ شُفِيَتْ بَطَلَ الْوُضُوءُ، سَوَاءٌ وُجِدَ ذَلِكَ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ:(وَلَوْ انْقَطَعَ دَمُهَا) وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ اعْتَادَتْ) أَيْ أَوْ أَخْبَرَهَا ثِقَةٌ.
قَوْلُهُ: (وَوَسِعَ) رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ قَبْلَهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ بَعْدُ. قَوْلُهُ: (بِأَقَلَّ إلَخْ) أَيْ بِأَخَفَّ مُمْكِنٌ عَلَى الْعَادَةِ، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ يُعْتَبَرُ فِي الْمُسَافِرَةِ رَكْعَتَانِ رُبَّمَا يُوهِمُ وُجُوبَ الْقَصْرِ عَلَيْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَوْله:(وَجَبَ الْوُضُوءُ) وَكَذَا إعَادَةُ مَا صَلَّتْهُ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَلَوْ عَادَ الدَّمُ إلَخْ) فَلَوْ كَانَتْ تَوَضَّأَتْ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ هَذَا الْوُضُوءِ الثَّانِي لِبَقَاءِ الْأَوَّلِ، وَلِأَنَّ هَذَا الْوُضُوءَ كَانَ لِزَوَالِ الْحَدَثِ، وَقَدْ تَبَيَّنَ
ــ
[حاشية عميرة]
تُرَاعِ مَصْلَحَةَ الصَّلَاةِ لِدَوَامِ الِاسْتِحَاضَةِ، وَأَنَّ الْحَشْوَ لَا يُزِيلُ الدَّمَ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْخَيْطِ الْمُبْتَلَعِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَطَرَفُهُ خَارِجٌ، فَإِنَّ الْأَصَحَّ مُرَاعَاةُ الصَّلَاةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ:(وَالثَّانِي لَا يَجِبُ تَجْدِيدُهَا) أَيْ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْأَمْرِ بِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ مَعَ اسْتِمْرَارِهَا بِخِلَافِ الْأَمْرِ بِالطَّهَارَةِ مَعَ اسْتِمْرَارِ الْحَدَثِ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْوَجْهَانِ جَارِيَانِ فِيمَا لَوْ انْتَقَضَتْ طَهَارَتُهَا بِلَمْسٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ نَحْوِهِ كَمَا لَوْ أَرَادَتْ صَلَاةَ فَرْضٍ ثَانٍ، فَإِنَّ بَالَتْ وَجَبَ التَّجْدِيدُ قَطْعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ:(بَعْدَ الْوُضُوءِ) أَيْ وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ. قَوْل الشَّارِحِ: (فَوُضُوءُهَا بَاقٍ بِحَالِهِ) .
قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: إلَّا إذَا جَدَدْت الْوُضُوءَ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ بِهَذَا الْعَوْدِ لِأَنَّهُ وُضُوءٌ أَزَالَ الْحَدَثَ فَتَأَثَّرَ بِهِ.
الِانْقِطَاعِ إعَادَةَ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ صَلَّتْ بِوُضُوئِهَا، فَلَوْ امْتَدَّ الزَّمَنُ بِحَيْثُ يَسَعُ مَا ذُكِرَ وَقَدْ صَلَّتْ بِوُضُوئِهَا تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ.
(فَصْلٌ) إذَا (رَأَتْ) دَمًا (لِسِنِّ الْحَيْضِ أَقَلُّهُ) فَأَكْثَرُ (وَلَمْ يَعْبُرْ أَكْثَرُهُ) أَيْ لَمْ يُجَاوِزْهُ (فَكُلُّهُ حَيْضٌ) أَسْوَدَ كَانَ أَوْ أَحْمَرَ أَوْ أَشْقَرَ مُبْتَدَأَةً كَانَتْ أَوْ مُعْتَادَةً تَغَيَّرَتْ عَادَتُهَا أَوْ لَا إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا بَقِيَّةُ طُهْرٍ كَأَنْ رَأَتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ دَمًا ثُمَّ اثْنَيْ عَشَرَ نَقَاءً ثُمَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ دَمًا ثُمَّ انْقَطَعَ، فَالثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ دَمُ فَسَادٍ لَا حَيْضٌ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مُفَرَّقًا (وَالصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (حَيْضٌ فِي الْأَصَحِّ) مُطْلَقًا لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيمَا تَرَاهُ الْمَرْأَةُ فِي زَمَنِ الْإِمْكَانِ، وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى لَوْنِ الدَّمِ الْمُعْتَادِ إلَّا فِي أَيَّامِ الْعَادَةِ فَهُوَ فِيهَا حَيْضٌ اتِّفَاقًا، وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ فِي كَوْنِهِ حَيْضًا فِي غَيْرِهَا تَقَدُّمُ دَمٍ قَوِيٍّ مِنْ سَوَادٍ أَوْ حُمْرَةٍ عَلَيْهِ.
وَقِيلَ: وَتَأَخُّرُهُ عَنْهُ وَعَلَى هَذَيْنِ يَكْفِي أَيُّ قَدْرٍ مِنْ الْقَوِيِّ، وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. هَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَا فَرْقَ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ بَيْنَ الْمُبْتَدَأَةِ وَالْمُعْتَادَةِ. وَحِكَايَةُ وَجْهٍ فِي الْوَاقِعِ فِي أَيَّامِ الْعَادَةِ بِاشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ
ــ
[حاشية قليوبي]
بَقَاؤُهُ. قَوْلُهُ: (تَبَيَّنَ إلَخْ) نَعَمْ إنْ كَانَتْ شَرَعَتْ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ الِانْقِطَاعِ فِي هَذِهِ، وَمَا قَبْلَهَا لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهَا.
(تَنْبِيهٌ) مَحَلُّ بُطْلَانِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ، فِيمَا ذُكِرَ إنْ خَرَجَ مِنْهَا دَمٌ فِي الْوُضُوءِ أَوْ بَعْدَهُ، قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ فِيهَا وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلُ طَهَارَتُهَا وَتُصَلِّي بِهَا، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهَا وَلَا تَجِبُ إعَادَتُهَا لِعَدَمِ الْمَانِعِ تَأَمَّلْ.
(تَنْبِيهٌ) مَنْ بِهِ جِرَاحَةٌ نَضَّاحَةٌ كَالْمُسْتَحَاضَةِ فِي وُجُوبِ الْغَسْلِ، وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. (فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَأَقْسَامِهَا)
وَهِيَ سَبْعَةٌ كَمَا ذَكَرُوهَا بِقَوْلِهِمْ لِأَنَّهَا إمَّا مُبْتَدَأَةٌ أَوْ مُعْتَادَةٌ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا مُمَيِّزَةٌ أَوْ لَا، وَهَذِهِ إمَّا حَافِظَةٌ لِلْقَدْرِ وَالْوَقْتِ، أَوْ نَاسِيَةٌ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا، وَسَتَأْتِي زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(رَأَتْ) أَيْ الْأُنْثَى وَلَوْ بِوُجُودِهِ كَالْخُنْثَى إذَا حَاضَ لِأَنَّهُ يَتَّضِحُ بِهِ. قَوْلُهُ: (أَقَلَّهُ) أَيْ قَدْرَ أَقَلِّهِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ سَاعَةً كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَعْبُرْ) أَيْ الدَّمُ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ أَقَلَّهُ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِسِنِّ الْحَيْضِ زَمَنُهُ الَّذِي يُمْكِنُ وُجُودُهُ فِيهِ وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ. بِقَوْلِهِ وَأَقَلُّ الطُّهْرِ إلَخْ، فَلَيْسَ وَارِدًا عَلَى كَلَامِهِ خِلَافًا لِمَنْ ادَّعَاهُ.
قَوْلُهُ: (كَأَنْ رَأَتْ إلَخْ) فَلَوْ رَأَتْ ثَلَاثَةً دَمًا ثُمَّ ثَلَاثَةً نَقَاءً ثُمَّ اثْنَيْ عَشَرَ دَمًا أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ دَمًا ثُمَّ ثَلَاثَةً نَقَاءً، ثُمَّ ثَلَاثَةً دَمًا فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ فِيهِمَا أَنَّ حَيْضَهَا السَّابِقُ فَقَطْ، وَهُوَ الثَّلَاثَةُ فِي الْأُولَى، وَالِاثْنَا عَشَرَ فِي الثَّانِيَةِ، فَرَاجِعْهُ ثُمَّ أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأُولَى بِأَنَّهَا حَيْضٌ فَقَطْ رُبَّمَا يُنَافِيهِ، مَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ مِنْ انْتِفَاءِ الْحَيْضِ، فَمَا لَوْ زَادَتْ أَوْقَاتُ الدِّمَاءِ مَعَ النَّقَاءِ بَيْنَهَا عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا سَيَأْتِي مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَوْقَاتِ الدِّمَاءِ، مِقْدَارُ حَيْضٍ كَامِلٍ كَمَا صَوَّرُوهُ أَوْ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَزِدْ أَوْقَاتُ الدَّمِ، وَالنَّقَاءِ عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ فَرَاجِعْهُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ ثُمَّ انْقَطَعَ مَا لَوْ اسْتَمَرَّ فَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ كُلِّهِ حَيْضًا بِأَنْ لَمْ يَعْبُرْ مَا زَادَ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ، فَلَا يَبْعُدُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كُلَّهُ حَيْضٌ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وَكَانَتْ مُبْتَدَأَةً لَا مُمَيِّزَةً فَحَيْضُهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ فَقَطْ، أَوْ كَانَتْ مُعْتَادَةً لَا مُمَيَّزَةً رُدَّتْ لِعَادَتِهَا، فَرَاجِعْ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (وَالصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ حَيْضٌ) فَهُمَا مِنْ الدِّمَاءِ سَوَاءٌ اجْتَمَعَا مَعَ غَيْرِهِمَا، أَوْ انْفَرَدَا أَوْ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُجَاوِزْ الْمَجْمُوعُ خَمْسَةَ عَشَرَ. قَوْلُهُ:(وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إلَخْ) أَيْ فَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا فِي الرَّوْضَةِ عَلَيْهِ الْمُنَزَّلِ عَلَيْهَا، مَا فِي الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ:(بِاشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ إلَخْ) وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنْ يُقَالَ وَتَأَخُّرِهِ عَنْهُ، وَعَلَى هَذَيْنِ يَكْفِي إنْ قُدِّرَ مِنْ الْقَوِيِّ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَاقْتِصَارُ الشَّارِحِ
ــ
[حاشية عميرة]
(فَصْلٌ) قَوْلُ الشَّارِحِ: (فَأَكْثَرَ) انْدَفَعَ بِهَذَا مَا قِيلَ: أَقَلُّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْبُرَ أَكْثَرُهُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَوْ مُعْتَادَةً) رَأَتْ الدَّمَ بِصِفَةٍ أَوْ بِصِفَتَيْنِ وَلَوْ تَأَخَّرَ الْقَوِيُّ لِأَنَّ الْفَرْضَ عَدَمُ عُبُورِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فِي غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ أَيَّامِ الْمُعْتَادَةِ هَذَا بِعُمُومِهِ يُفِيدُك أَنَّ الْخِلَافَ ثَابِتٌ فِي الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ الْوَاقِعَتَيْنِ لِلْمُعْتَادَةِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ عَادَتِهَا وَلِلْمُبْتِدَأَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَغَيْرِهَا، وَظَاهِرُهُ اقْتِضَاءُ اسْتِوَاءِ الْخِلَافِ فِي الْكُلِّ وَاَلَّذِي فِي الْقِطْعَةِ الْحَالُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ مُبْتَدَأَةً فَإِذَا رَأَتْ صُفْرَةً أَوْ كُدْرَةً فَلِلْوَاقِعِ فِي مَرَدِّهَا حُكْمُ الْوَاقِعِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْعَادَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَقِيلَ حُكْمُ الْوَاقِعِ فِي الْعَادَةِ كَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَظَاهِرُ هَذَا التَّصْوِيرِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ، فَلَوْ رَأَتْ الْمُبْتَدِأَةُ ذَلِكَ وَلَمْ يُجَاوِزْ أَكْثَرَ الْحَيْضِ فَهَلْ يَتَخَرَّجُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ أَوْ يُقْطَعُ بِأَنَّهُ كَالْوَاقِعِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْعَادَةِ مَحَلُّ نَظَرٍ، انْتَهَى.
قَوْلُ الشَّارِحِ: (مِنْ سَوَادٍ أَوْ حُمْرَةٍ) اقْتِصَارُهُ عَلَيْهِمَا يَقْتَضِي أَنَّ تَقَدُّمَ الشُّقْرَةِ لَا يَكْفِي. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بَيْنَ
دَمٍ أَسْوَدَ أَوْ أَحْمَرَ عَلَيْهِ مُعْتَرِضًا بِذَلِكَ عَلَى الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ فِي نَفْيِهِمْ الْخِلَافَ فِيهِ (فَإِنْ عَبَرَهُ) أَيْ عَبَرَ الدَّمُ أَكْثَرَ الْحَيْضِ أَيْ جَاوَزَهُ (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ مَنْ عَبَرَ دَمُهَا أَكْثَرَ الْحَيْضِ وَهِيَ الْمُسْتَحَاضَةُ (مُبْتَدَأَةً) أَيْ أَوَّلَ مَا ابْتَدَأَهَا الدَّمُ (مُمَيِّزَةً بِأَنْ تَرَى قَوِيًّا وَضَعِيفًا) بِشُرُوطِهِمَا الْآتِيَةِ كَالْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ، فَهُوَ ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَسْوَدِ قَوِيٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَشْقَرِ وَالْأَشْقَرُ أَقْوَى مِنْ الْأَصْفَرِ، وَمِنْ الْأَكْدَرِ إذَا جُعِلَا حَيْضًا، وَمَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ أَقْوَى مِمَّا لَا رَائِحَةَ لَهُ وَالثَّخِينُ أَقْوَى مِنْ الرَّقِيقِ، فَالْمُنْتِنُ أَوْ الثَّخِينُ مِنْ الْأَسْوَدَيْنِ مَثَلًا أَقْوَاهُمَا، وَالْمُنْتِنُ الثَّخِينُ مِنْهُمَا أَقْوَى مِنْ الْمُنْتِنِ أَوْ الثَّخِينِ (فَالضَّعِيفُ اسْتِحَاضَةٌ وَالْقَوِيُّ حَيْضٌ إنْ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ أَقَلِّهِ وَلَا عَبَرَ أَكْثَرُهُ وَلَا نَقَصَ الضَّعِيفُ عَنْ أَقَلِّ الطُّهْرِ) بِأَنْ يَكُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مُتَّصِلَةً فَأَكْثَرَ تَقَدَّمَ الْقَوِيُّ
ــ
[حاشية قليوبي]
عَلَى الْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَكْفِي تَقَدُّمُ الْأَصْغَرِ وَإِلَّا كُدِّرَ، وَلَعَلَّهُ لِمَحَلِّ الِاتِّفَاقِ وَالدَّمُ الْخَارِجُ مَعَ طَلْقِهَا، لَيْسَ بِحَيْضٍ إنْ لَمْ يَقَعْ فِي زَمَنِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، كَمَا لَوْ مَاتَتْ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ قَبْلَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَلِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَلِدْ لَاسْتَمَرَّ حُكْمُ الْحَيْضِ، وَإِنَّمَا انْقَطَعَ ذَلِكَ الْحُكْمُ بِالنِّفَاسِ، لِأَنَّهُ عَارِضٌ قَوِيٌّ وَلَا يُوصَفُ الدَّمُ الْوَاحِدُ بِكَوْنِهِ حَيْضًا وَنِفَاسًا مَعًا، كَذَا قَالُوهُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ:(أَيْ أَوَّلَ مَا ابْتَدَأَهَا الدَّمُ) أَيْ فَهِيَ بِفَتْحِ الدَّالِ اسْمُ مَفْعُولٍ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ فِي كَلَامِهِمْ ابْتَدَأَهُ الشَّيْءُ، وَإِنَّمَا هِيَ بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ مُبْتَدِئَةً فِي الدَّمِ. قَوْلُهُ:(بِشُرُوطِهِمَا) هُوَ قَيْدٌ لِلْحُكْمِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَالضَّعِيفُ إلَخْ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالشَّارِحِ أَنَّهُ قَيْدٌ لِتَسْمِيَتِهَا مُمَيِّزَةً كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَقْوَاهُمَا) وَالْأَصْفَرُ أَقْوَى مِنْ الْأَكْدَرِ، فَإِنْ تَسَاوَى الدَّمَانِ عُمِلَ بِالْأَسْبَقِ. قَوْلُهُ:(وَالضَّعِيفُ اسْتِحَاضَةٌ) أَيْ وَإِنْ طَالَ وَتَمَادَى سِنِينَ، كَمَا لَوْ رَأَتْ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَسْوَدَ ثُمَّ أَطْبَقَتْ الْحُمْرَةُ. نَعَمْ لَوْ رَأَتْ قَوِيًّا وَضَعِيفًا وَأَضْعَفَ فَالْقَوِيُّ مَعَ مَا يُنَاسِبُهُ فِي الْقُوَّةِ مِنْ الضَّعِيفِ، حَيْضٌ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ، تَقَدُّمُ الْقَوِيِّ وَاتِّصَالُ الْمُنَاسِبِ لَهُ بِهِ، وَصَلَاحِيَّتُهُمَا مَعًا لِلْحَيْضِ كَخَمْسَةٍ أَسْوَدَ ثُمَّ خَمْسَةٍ أَحْمَرَ ثُمَّ أَطْبَقَتْ الصُّفْرَةُ، وَإِلَّا كَعَشْرَةٍ أَسْوَدَ ثُمَّ سِتَّةٍ أَحْمَرَ، ثُمَّ أَطْبَقَتْ الصُّفْرَةُ أَوْ خَمْسَةٍ أَحْمَرَ ثُمَّ خَمْسَةٍ أَسْوَدَ، ثُمَّ أَطْبَقَتْ الصُّفْرَةُ أَوْ خَمْسَةٍ أَسْوَدَ ثُمَّ خَمْسَةٍ أَصْفَرَ، ثُمَّ أَطْبَقَتْ الْحُمْرَةُ فَالْحَيْضُ فِي الْكُلِّ هُوَ الْأَسْوَدُ فَقَطْ، وَالْحُكْمُ عَلَى الْقَوِيِّ بِالْحَيْضِ وَالضَّعِيفِ بِالِاسْتِحَاضَةِ فِي أَيِّ زَمَنٍ وُجِدَا، بِهَذِهِ الشُّرُوطِ إذْ الْكَلَامُ فِيمَنْ دَامَ دَمُهَا، كَمَا يُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ عَبَرَهُ إلَخْ. أَمَّا لَوْ انْقَطَعَ فَلَا تَأْتِي فِيهِ الشُّرُوطُ، وَلَا تَرِدُ عَلَيْهِ كَأَنْ رَأَتْ عَشْرَةً أَسْوَدَ وَعَشْرَةً أَحْمَرَ، وَانْقَطَعَ فَالْحَيْضُ الْعَشَرَةُ الْأَسْوَدُ وَثَبَتَ لَهَا بِهِ عَادَةٌ. قَوْلُهُ:(وَالْقَوِيُّ حَيْضٌ) أَيْ وَإِنْ تَخَلَّلَهُ نَقَاءٌ أَوْ ضَعِيفٌ، أَوْ عَقَبَهُ ضَعِيفٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَنْقُصْ إلَخْ) هَذِهِ الشُّرُوطُ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْمُعْتَادَةِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَلَا نَقَصَ الضَّعِيفُ إلَخْ) أَيْ لِإِمْكَانِ جَعْلِهِ طُهْرًا
ــ
[حاشية عميرة]
الْمُبْتَدَأَةِ وَالْمُعْتَادَةِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ وَاقِعَتَيْنِ فِي أَيَّامِ الْعَادَةِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُ وَحِكَايَةَ وَجْهٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ الْوَاقِعَ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْعَادَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الَّذِي فِي الْإِسْنَوِيِّ عَنْ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ حِكَايَةُ وَجْهَيْنِ فِي أَيَّامِ الْعَادَةِ، أَحَدُهُمَا هَذَا الَّذِي نَقَلَهُ الشَّارِحُ رحمه الله عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَالثَّانِي اشْتِرَاطُ دَمٍ قَوِيٍّ سَابِقٍ عَلَى الصُّفْرَةِ أَوْ لَاحِقٍ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا الْقَطْعُ بِعَدَمِ الْخِلَافِ فِي الْوَاقِعِ فِي أَيَّامِ الْعَادَةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ:(أَيْ أَوَّلَ مَا ابْتَدَأَهَا الدَّمُ) أَيْ فَهِيَ بِفَتْحِ الدَّالِ فِي عِبَارَةِ الْمَتْنِ، وَتَوَقَّفَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي قَوْلِك: ابْتَدَأَهُ الشَّيْءُ، وَقَالَ: لَمْ أَجِدْهُ فِي اللُّغَةِ، وَعَلَيْهِ فَيَقْرَأُ فِي الْمَتْنِ بِكَسْرِ الدَّالِ، أَيْ ابْتَدَأَتْ فِي الدَّمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(بِأَنْ تَرَى قَوِيًّا وَضَعِيفًا) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ مُمَيَّزَةً.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالضَّعِيفُ اسْتِحَاضَةٌ) أَيْ وَإِنْ تَمَادَى سِنِينَ لِأَنَّ أَكْثَرَ الطُّهْرِ لَا حَدَّ لَهُ، صَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حَبَشٍ «إذَا كَانَ دَمُ الْحَيْضَةِ فَإِنَّهُ أَسْوَدُ يُعْرَفُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنْ الصَّلَاةِ، وَإِذَا كَانَ الْآخَرُ فَتَوَضَّئِي وَصَلِّي فَإِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. (فَرْعٌ) لَوْ رَأَتْ خَمْسَةً أَسْوَدَ ثُمَّ أُطْلِقَتْ الْحُمْرَةُ فَالْعَشَرَةُ حَيْضٌ، وَكَذَا كُلُّ دَوْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ إذَا مِنْ نَظِيرِهِ فِي الْمُعْتَادَةِ الْمُمَيَّزَةِ كَمَا يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَالْقَوِيُّ حَيْضٌ) أَيْ مَعَ لَاحِقٍ لَهُ نِسْبِيٍّ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ أَقَلِّهِ إلَخْ) هَذِهِ الثَّلَاثَةُ شُرُوطٌ فِي تَحَقُّقِ التَّمْيِيزِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ تَمْيِيزُ مُبْتَدَأَةٍ أَوْ مُعْتَادَةٍ فَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْ ذِكْرِهَا هُنَا عَدَمُ جَرَيَانِهَا فِي تَمْيِيزِ الْمُعْتَادَةِ الْآتِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا نَقَصَ الضَّعِيفُ إلَخْ) .
قَالَ الرَّافِعِيُّ رحمه الله لِأَنَّا نُرِيدُ أَنْ نَجْعَلَ الضَّعِيفَ طُهْرًا وَالْقَوِيَّ بَعْدَهُ حَيْضَةً أُخْرَى، وَإِنَّمَا يُمْكِنُ ذَلِكَ إذَا بَلَغَ الضَّعِيفُ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَمَثَّلَ الْإِسْنَوِيُّ لِذَلِكَ بِمَا لَوْ رَأَتْ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَسْوَدَ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ أَحْمَرَ، ثُمَّ عَادَ السَّوَادُ، فَلَوْ أَخَذْنَا بِالتَّمْيِيزِ هُنَا وَاعْتَبَرْنَاهُ فَجَعَلْنَا الْقَوِيَّ حَيْضًا وَالضَّعِيفَ طُهْرًا وَالْقَوِيَّ بَعْدَهُ حَيْضًا آخَرَ يَلْزَمُ نُقْصَانُ الطُّهْرِ عَنْ أَقَلِّهِ، انْتَهَى.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَيْضًا وَلَا نَقَصَ الضَّعِيفُ عَنْ أَقَلِّ الطُّهْرِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ
عَلَيْهِ أَوْ تَأَخَّرَ أَوْ تَوَسَّطَ كَأَنْ رَأَتْ خَمْسَةَ أَيَّامٍ أَسْوَدَ ثُمَّ أَطْبَقَ الْأَحْمَرُ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَحْمَرَ، ثُمَّ خَمْسَةَ عَشَرَ أَسْوَدَ، أَوْ خَمْسَةً أَحْمَرَ ثُمَّ خَمْسَةً أَسْوَدَ، ثُمَّ بَاقِيَ الشَّهْرِ أَحْمَرَ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَأَتْ يَوْمًا أَسْوَدَ وَيَوْمَيْنِ أَحْمَرَ.
وَهَكَذَا إلَى آخِرِ الشَّهْرِ لِعَدَمِ اتِّصَالِ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ الضَّعِيفِ فَهِيَ فَاقِدَةٌ شَرْطَ تَمْيِيزٍ، وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا، وَفِي وَجْهٍ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ أَنَّ خَمْسَةَ الْأَحْمَرِ مَعَ خَمْسَةِ الْأَسْوَدِ حَيْضٌ (أَوْ مُبْتَدَأَةً لَا مُمَيِّزَةً بِأَنْ رَأَتْهُ بِصِفَةٍ أَوْ) بِصِفَتَيْنِ مَثَلًا لَكِنْ (فَقَدَتْ شَرْطَ تَمْيِيزٍ) مِنْ شُرُوطِهِ السَّابِقَةِ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّ حَيْضَهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَطُهْرَهَا تِسْعٌ وَعِشْرُونَ) بَقِيَّةُ الشَّهْرِ. وَالثَّانِي تُحَيَّضُ غَالِبَ الْحَيْضِ سِتَّةً أَوْ سَبْعَةً، وَقِيلَ: تَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا، وَالْأَصَحُّ النَّظَرُ إلَى عَادَةِ النِّسَاءِ إنْ كَانَتْ سِتَّةً فَسِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةً فَسَبْعَةٌ، وَبَقِيَّةُ الشَّهْرِ طُهْرُهَا.
وَالْعِبْرَةُ بِنِسَاءِ عَشِيرَتِهَا مِنْ الْأَبَوَيْنِ، وَقِيلَ: بِنِسَاءِ عَصَبَاتِهَا خَاصَّةً، وَقِيلَ: بِنِسَاءِ بَلَدِهَا وَنَاحِيَتِهَا، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَمَعْنَى مِنْ الْأَبَوَيْنِ، بِقَرِينَةِ الثَّانِي الْمُعْتَبَرُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ مَا فِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَقَارِبِ مِنْ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ (أَوْ مُعْتَادَةٌ بِأَنْ
ــ
[حاشية قليوبي]
بَيْنَ حَيْضَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَأَخَّرَ) لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ الْأَضْعَفُ بِالْأَقْوَى إلَّا إنْ تَقَدَّمَ الْأَقْوَى كَمَا مَرَّ. كَأَنْ رَأَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ أَحْمَرَ، ثُمَّ خَمْسَةَ عَشَرَ أَسْوَدَ، ثُمَّ أَطْبَقَتْ الصُّفْرَةُ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَتَتْرُكُ الصَّلَاةَ شَهْرًا وَلَيْسَ لَنَا مَنْ تَتْرُكُهَا شَهْرًا إلَّا هَذِهِ، وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ، بِأَنَّهَا قَدْ تَتْرُكُهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَنِصْفًا، كَأَنْ تَرَى خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْأَكْدَرِ ثُمَّ الْأَصْفَرِ ثُمَّ الْأَشْقَرِ، ثُمَّ الْأَحْمَرِ ثُمَّ الْأَسْوَدِ السَّاذَجِ، ثُمَّ الْأَسْوَدِ الْمُنْتِنِ فَقَطْ، ثُمَّ الْأَسْوَدِ الْمُنْتِنِ الثَّخِينِ، وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ حَجَرٍ بِأَنَّ الدَّوْرَ شَهْرٌ، وَقَدْ تَمَّ فَلَمْ يُنْظَرْ إلَى الْقُوَّةِ بَعْدَ تَمَامِهِ، فَهِيَ فَاقِدَةٌ شَرْطَ تَمْيِيزٍ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَحَيْضُهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَطُهْرُهَا تِسْعٌ وَعِشْرُونَ انْتَهَى، وَفِيهِ بَحْثٌ فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (مِنْ شُرُوطِهِ) شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ رَأَتْ عَشَرَةً أَسْوَدَ ثُمَّ عَشَرَةً أَحْمَرَ، ثُمَّ عَشَرَةً أَسْوَدَ، وَهَكَذَا فَيَقْتَضِي أَنَّ حَيْضَهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا قَالُوهُ، فِيمَا لَوْ رَأَتْ خَمْسَةً دَمًا ثُمَّ عَشْرَةً نَقَاءً ثُمَّ عَشْرَةً دَمًا، حَيْضُهَا الْخَمْسَةُ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةُ لِوُقُوعِهِمَا فِي زَمَنِ الْحَيْضِ، وَهَلْ فَرْقٌ بَيْنَ النَّقَاءِ وَالدَّمِ الضَّعِيفِ، رَاجِعْهُ وَهَذَا فِيمَنْ عَرَفَتْ وَقْتَ ابْتِدَاءِ الدَّمِ، وَإِلَّا فَمُتَحَيِّرَةٌ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ:(أَوْ بِصِفَتَيْنِ) يُفِيدُ أَنَّ فَقَدَتْ عَطْفٌ عَلَى صِفَةٍ فَهِيَ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ، وَقِيلَ عَطْفٌ عَلَى لَا مُمَيِّزَةً فَهِيَ مُمَيِّزَةٌ مُقَيَّدَةٌ، بِفَقْدِ شَرْطٍ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْمِنْهَاجِ وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا وَالْخِلَافُ فِي الِاسْمِ مُبْتَدَأٌ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ وَالثَّانِي أَقْعَدُ. قَوْلُهُ:(يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ) أَيْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْله: (وَطُهْرُهَا) مَرْفُوعٌ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَا بَعْدَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَهُ، وَقِيلَ مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى حَيْضِهَا فَهُوَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْكِتَابِ، وَأَصْلِهِ، وَتَرَكَ التَّاءَ مِنْ الْعَدَدِ، لِأَنَّ الْمَعْدُودَ مَحْذُوفٌ أَوْ تَغْلِيبًا لِلَّيَالِيِ.
قَوْلُهُ: (بَقِيَّةُ الشَّهْرِ) لَمْ يَقُلْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ قَبْلَهُ، لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُنَا الشَّهْرُ الْهِلَالِيُّ كَمَا مَرَّ.
وَقَالَ شَيْخُنَا: الْمُرَادُ شَهْرُ الْمُسْتَحَاضَةِ لِأَنَّ دَوْرَهَا ثَلَاثُونَ دَائِمًا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ هِلَالٍ، وَلَوْ طَرَأَ لَهَا تَمْيِيزٌ رُدَّتْ إلَيْهِ نَسْخًا لِلْمَاضِي بِالْمُنَجَّزِ. قَوْلُهُ:(تُحَيَّضُ) هُوَ بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ. قَوْلُهُ: (فَسَبْعَةٌ) فَإِنْ نَقَصَ كُلُّهُنَّ عَنْ السِّتَّةِ أَوْ زِدْنَ عَنْ السَّبْعَةِ حُيِّضَتْ مِثْلَهُنَّ، أَوْ اخْتَلَفْنَ فَسَبْعَةٌ أَيْضًا وَفِي كَلَامِ شَيْخِ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْأَغْلَبُ إنْ وُجِدَ، وَإِلَّا حُيِّضَتْ سِتًّا احْتِيَاطًا فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وَهِيَ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ) أَيْ بِأَنْ تَرَاهُ بِصِفَةٍ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (قَدْرًا وَوَقْتًا) وَإِنْ بَلَغَتْ سِنَّ الْيَأْسِ أَوْ زَادَتْ عَادَتُهَا عَلَى تِسْعِينَ يَوْمًا
ــ
[حاشية عميرة]
وَلَا نَقَصَ إلَخْ لِيُمْكِنَ جَعْلُهُ طُهْرًا بَيْنَ حَيْضَتَيْنِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (ثُمَّ خَمْسَةَ عَشَرَ أَسْوَدَ) أَيْ فَهِيَ الْحَيْضُ فَلَوْ جَاوَزَ الْأَسْوَدُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَلَوْ مَعَ نَتِنٍ تُجَدِّدُ فِي الْخَمْسَةَ عَشَرَ الْأَخِيرَةَ فَهِيَ فَاقِدَةٌ شَرْطَ تَمْيِيزٍ خِلَافًا لِمَا فِي الْمُهِمَّاتِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْخَمْسَةَ عَشَرَ الْأَخِيرَةُ أَغْلَظَ مِمَّا قَبْلَهَا، نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَوْلُ الشَّارِحِ:(بِخِلَافِ مَا لَوْ رَأَتْ يَوْمًا أَسْوَدَ إلَخْ) أَيْ فَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّمْيِيزِ الْمُعْتَبَرِ وَإِنْ كَانَتْ جُمْلَةُ الضَّعِيفِ لَا تَنْقُصُ عَنْ خَمْسَةَ عَشَرَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَفِي وَجْهٍ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ إلَخْ) عَلَتْهُ الْحُمْرَةُ قَوِيَتْ بِالسَّبَقِ وَالسَّوَادُ بِاللَّوْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَظْهَرُ أَنَّ حَيْضَهَا إلَخْ) عِلَّةُ ذَلِكَ أَنَّ سُقُوطَ الصَّلَاةِ عَنْهَا فِي هَذَا الْقَدْرِ مُحَقَّقٌ، وَفِيمَا عَدَاهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَلَيْسَ ثَمَّ أَمَارَةٌ ظَاهِرَةٌ مِنْ تَمْيِيزٍ أَوْ عَادَةٍ ثُمَّ مَحَلٍّ، هَذَا إذَا عَلِمْت وَقْتَ ابْتِدَاءِ الدَّمِ وَإِلَّا فَمُتَحَيِّرَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَطُهْرُهَا) يَنْبَغِي أَنْ يُقْرَأَ بِالنَّصْبِ لِأَنَّا وَإِنْ فَرَّعْنَا عَلَى الْأَظْهَرِ لَنَا قَوْلٌ بِأَنَّ طُهْرَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ احْتِيَاطًا.
قَوْلُ الشَّارِحِ: (بَقِيَّةَ الشَّهْرِ) أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالثَّانِي تُحَيَّضُ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ كَمَا ضَبَطَهُ الشَّارِحُ رحمه الله. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالْعِبْرَةُ بِنِسَاءِ عَشِيرَتِهَا إلَخْ) .
قَالَ الرَّافِعِيُّ فَهَلَّا اُعْتُبِرَ عَادَتُهُنَّ فِي الطُّهْرِ دُونَ بَقِيَّةِ الشَّهْرِ، وَلَوْ حَاضَتْ بَعْضُ الْعَشِيرَاتِ سِتًّا وَبَعْضُهُنَّ سَبْعًا اُعْتُبِرَ الْأَغْلَبُ فَإِنْ اسْتَوَى الْبَعْضَانِ أَوْ حَاضَ الْبَعْضُ دُونَ السِّتِّ وَالْبَعْضُ فَوْقَ السَّبْعِ
سَبَقَ لَهَا حَيْضٌ وَطُهْرٌ) وَهِيَ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ (فَتُرَدُّ إلَيْهِمَا قَدْرًا وَوَقْتًا) بِأَنْ كَانَتْ حَافِظَةً لِذَلِكَ. (وَتَثْبُتُ الْعَادَةُ) الْمُرَتَّبُ عَلَيْهَا مَا ذُكِرَ (بِمَرَّةٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الِابْتِدَاءِ، وَالثَّانِي بِمَرَّتَيْنِ لِأَنَّهَا مِنْ الْعَوْدِ، فَمَنْ حَاضَتْ خَمْسَةً فِي شَهْرٍ ثُمَّ سِتَّةً فِي آخَرَ، ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ رُدَّتْ إلَى الْخَمْسَةِ عَلَى الثَّانِي لِتَكَرُّرِهَا وَإِلَى السِّتَّةِ عَلَى الْأَوَّلِ. وَمَنْ حَاضَتْ خَمْسَةً ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ رُدَّتْ إلَيْهَا عَلَى الْأَوَّلِ، وَهِيَ كَمُبْتَدَأَةٍ عَلَى الثَّانِي، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُهَذَّبِ
(وَيُحْكَمُ لِلْمُعْتَادَةِ الْمُمَيِّزَةِ بِالتَّمْيِيزِ لَا الْعَادَةِ) الْمُخَالِفَةِ لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهَا بِظُهُورِهِ، وَالثَّانِي يُحْكَمُ بِالْعَادَةِ، فَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا خَمْسَةً مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَبَقِيَّتُهُ طُهْرٌ فَرَأَتْ عَشَرَةً أَسْوَدَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَبَقِيَّتَهُ أَحْمَرَ حُكِمَ بِأَنَّ حَيْضَهَا الْعَشَرَةُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَالْخَمْسَةُ الْأُولَى مِنْهَا عَلَى الثَّانِي، وَالْبَاقِي عَلَيْهِمَا طُهْرٌ (أَوْ) كَانَتْ (مُتَحَيِّرَةً بِأَنْ نَسِيَتْ عَادَتَهَا قَدْرًا وَوَقْتًا) وَلَا تَمْيِيزَ (فَفِي قَوْلٍ كَمُبْتَدَأَةٍ) غَيْرِ مُمَيِّزَةٍ
ــ
[حاشية قليوبي]
كَأَنْ لَمْ تَحِضْ فِي كُلِّ سَنَةٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ فَبَقِيَّةُ السَّنَةِ طُهْرٌ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْعَوْدِ إلَخْ) .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ اسْتِدْلَالٌ بَاطِلٌ لِأَنَّ لَفْظَ الْعَادَةِ لَمْ يَرِدْ بِهِ نَصٌّ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ انْتَهَى. وَمَحَلُّ اعْتِبَارِ الْعَادَةِ إنْ لَمْ تَخْتَلِفْ، وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ اخْتِلَافِهَا، وَقَدْ ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ: أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَتْ فَإِنْ تَكَرَّرَ الدَّوْرُ وَانْتَظَمَتْ عَادَتُهَا وَنَسِيَتْ انْتِظَامَهَا، أَوْ لَمْ تَنْتَظِمْ أَوْ لَمْ يَتَكَرَّرْ الدَّوْرُ وَنَسِيَتْ النَّوْبَةَ الْأَخِيرَةَ فِيهِمَا حُيِّضَتْ أَقَلَّ النُّوَبِ وَاحْتَاطَتْ فِي الزَّائِدِ، انْتَهَى.
وَمَعْنَى التَّكَرُّرِ عَوْدُ الدَّوْرِ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ نَظْمِ الْأَوَّلِ، وَمَعْنَى الِانْتِظَامِ كَوْنُ كُلِّ شَهْرٍ أَكْثَرَ مِمَّا قَبْلَهُ أَوْ أَقَلَّ مِمَّا قَبْلَهُ، فَلَوْ رَأَتْ فِي شَهْرٍ خَمْسَةً ثُمَّ فِي شَهْرٍ سِتَّةً ثُمَّ فِي شَهْرٍ سَبْعَةً أَوْ عَكْسَهُ فَهَذَا انْتِظَامٌ فَإِنْ عَادَ الدَّوْرُ كَذَلِكَ فَهُوَ تَكْرَارٌ أَيْضًا، وَلَوْ رَأَتْ فِي شَهْرٍ سِتَّةً ثُمَّ فِي شَهْرٍ خَمْسَةً، ثُمَّ فِي شَهْرٍ سَبْعَةً فَهَذَا عَدَمُ انْتِظَامٍ، فَإِنْ عَادَ الدَّوْرُ كَذَلِكَ فَهُوَ تَكْرَارٌ أَيْضًا، وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَيْنِ مِنْ الِانْتِظَامِ أَيْضًا لِتَوَافُقِ الدَّوْرَيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ الدَّوْرُ بِأَنْ أَطْبَقَ الدَّمُ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا تَكَرُّرَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَا انْتِظَامَ فِي الْأَخِيرِ، وَفِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ كُلِّهَا تُرَدُّ فِي كُلِّ شَهْرِ لِمَا يُقَابِلُهُ إنْ حَفِظَتْ ذَلِكَ وَإِلَّا حُيِّضَتْ أَقَلَّ النُّوَبِ وَهُوَ الْخَمْسَةُ فِيمَا ذُكِرَ، وَاحْتَاطَتْ بِالْغُسْلِ بَعْدَ السِّتَّةِ وَالسَّبْعَةِ، وَلَوْ تَكَرَّرَ الدَّوْرُ مِنْ غَيْرِ تَوَافُقٍ كَأَنْ رَأَتْ فِي شَهْرٍ سَبْعَةً ثُمَّ فِي شَهْرٍ خَمْسَةً ثُمَّ فِي شَهْرٍ سِتَّةً ثُمَّ رَأَتْ فِي الشَّهْرِ الرَّابِعِ سِتَّةً ثُمَّ فِي الْخَامِسِ سَبْعَةً ثُمَّ فِي السَّادِسِ خَمْسَةً وَهَكَذَا رُدَّتْ إلَى النَّوْبَةِ الْأَخِيرَةِ إنْ حَفِظَتْهَا لِأَنَّهَا نَسَخَتْ مَا قَبْلَهَا وَإِلَّا احْتَاطَتْ كَمَا مَرَّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَنْهَجِ الْمَذْكُورِ أَنَّهَا تَرُدُّ إلَى النَّوْبَةِ الْأَخِيرَةِ فِي قِسْمَيْ عَدَمِ الِانْتِظَامِ السَّابِقَيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ فِيهِمَا إلَى قِسْمَيْ عَدَمِ الِانْتِظَامِ وَعَدَمِ التَّكَرُّرِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِهِ فِيهَا بِضَمِيرِ الْجَمَاعَةِ، وَالْوَجْهُ الْأُولَى وَشُمُولُ كَلَامِهِ لِبَعْضِ صُوَرٍ لَيْسَتْ فِي كَلَامِهِمْ صَرِيحًا غَيْرُ مُضِرٍّ خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (بِالتَّمْيِيزِ لَا الْعَادَةِ) أَيْ إنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا نَقَاءٌ أَوْ ضَعِيفٌ قَدْرَ أَقَلِّ الطُّهْرِ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِمَا، فَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا خَمْسَةً مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ ثُمَّ رَأَتْ فِي شَهْرٍ عِشْرِينَ ضَعِيفًا ثُمَّ خَمْسَةٍ قَوِيًّا فَهَذِهِ الْخَمْسَةُ حَيْضٌ لِقُوَّتِهَا وَالْخَمْسَةُ الْأُولَى مِنْ الْعِشْرِينَ حَيْضٌ أَيْضًا لِوُقُوعِهَا فِي مَحَلِّ الْعَادَةِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِي الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ: أَمَّا إذَا تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ طُهْرٍ كَأَنْ رَأَتْ بَعْدَ خَمْسَتِهَا أَيْ السَّابِقَةِ الَّتِي ثَبَتَتْ بِهَا الْعَادَةُ عِشْرِينَ ضَعِيفًا ثُمَّ خَمْسَةً قَوِيًّا ثُمَّ ضَعِيفًا فَقَدْرُ الْعَادَةِ أَيْ مِنْ أَوَّلِ الْعِشْرِينَ وَهُوَ خَمْسَةٌ حَيْضٌ أَيْ لِوُقُوعِهِ فِي مَحَلِّ الْعَادَةِ وَالْقَوِيُّ حَيْضٌ آخَرُ أَيْ لِقُوَّتِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (حُكِمَ بِأَنَّ حَيْضَهَا الْعَشَرَةُ) ثُمَّ إنْ انْقَطَعَ الدَّمُ بَعْدَ شَهْرِ تِلْكَ الْعَشَرَةِ ثَبَتَ لَهَا بِهَا عَادَةٌ نَاسِخَةٌ لِلْأُولَى، فَلَوْ رَأَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ حُكِمَ بِأَنَّ حَيْضَهَا عَشَرَةٌ مِنْهُ فِي مَحَلِّ تِلْكَ الْعَشَرَةِ، فَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ الدَّمُ رَجَعَتْ إلَى خَمْسَتِهَا الْأُولَى فَقَطْ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْعَادَةِ بِهَا مُحَقَّقٌ بِوُجُودِ الطُّهْرِ بَعْدَهَا بِخِلَافِ الْعَشَرَةِ فَقَوْلُهُمْ وَيَثْبُتُ لِلْمُعْتَادَةِ بِالتَّمْيِيزِ عَادَةٌ نَاسِخَةٍ لِلْأُولَى مَحْمُولٌ مَا إذَا انْقَطَعَ الدَّمُ بَعْدَهَا، وَبِذَلِكَ عُلِمَ سُقُوطُ مَا أَطَالَ بِهِ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (أَوْ مُتَحَيِّرَةً) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَحَيُّرِهَا فِي أَمْرِهَا فَهِيَ بِكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ وَقِيلَ
ــ
[حاشية عميرة]
رُدَّتْ إلَى السِّتِّ احْتِيَاطًا، فَإِنْ نَقَصَتْ عَادَتُهُنَّ كُلُّهُنَّ عَنْ السِّتِّ أَوْ زَادَتْ عَلَى السَّبْعِ فَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ السِّتِّ فِي صُورَةِ النَّقْصِ وَالسَّبْعِ فِي الزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى عَادَتِهِنَّ. قَوْلُ الشَّارِحِ:(ثُمَّ سِتَّةٌ فِي آخَرَ ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ) أَيْ فِي آخَرَ.
قَوْلُ الشَّارِحِ: (حُكِمَ بِأَنَّ حَيْضَهَا الْعَشَرَةُ عَلَى الْأَوَّلِ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُبْتَدَأَةَ الْمُمَيِّزَةَ ذَكَرُوا فِي شَأْنِهَا أَنَّ مَا بَعْدَ الْقَوِيِّ اسْتِحَاضَةٌ وَإِنْ تَمَادَى سِنِينَ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ هُنَا أَنَّ التَّمْيِيزَ يَنْسَخُ الْعَادَةَ السَّابِقَةَ وَيَثْبُتُ بِهِ عَادَةٌ جَدِيدَةٌ أَنَّ الْأَشْهُرَ الَّتِي تَلِي شَهْرَ التَّمْيِيزِ تَحِيضُ الْمَرْأَةُ فِيهَا عَلَى قَدْرِ مَا ثَبَتَ لَهَا بِالتَّمْيِيزِ، وَإِنْ أَطْبَقَتْ الدِّمَاءُ فِيهَا بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَدْ يَشْكُلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْمُبْتَدَأَةِ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: فَلْيُحْمَلْ قَوْلُهُمْ تَثْبُتُ الْعَادَةُ بِالتَّمْيِيزِ عَلَى مَنْ ثَبَتَ لَهَا بِهِ مَعَ الْحَيْضِ طُهْرٌ مُمَيَّزٌ عَنْ الدَّمِ الْمُطْبِقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ مُتَحَيِّرَةٍ إلَخْ) .
قَالَ الرَّافِعِيُّ:
فَتُحَيَّضُ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَطُهْرُهَا بَقِيَّةُ الشَّهْرِ عَلَى الْأَظْهَرِ السَّابِقِ (وَالْمَشْهُورُ وُجُوبُ الِاحْتِيَاطِ) وَلَيْسَتْ كَالْمُبْتَدَأَةِ لِاحْتِمَالِ كُلِّ زَمَنٍ يَمُرُّ عَلَيْهَا لِلْحَيْضِ وَالطُّهْرِ. (فَيَحْرُمُ الْوَطْءُ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ وَالْقِرَاءَةُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ) لِاحْتِمَالِ الْحَيْضِ (وَتُصَلِّي الْفَرَائِضَ أَبَدًا) لِاحْتِمَالِ الطُّهْرِ. (وَكَذَا النَّفَلُ فِي الْأَصَحِّ) اهْتِمَامًا بِهِ وَالثَّانِي يَقُولُ: لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ (وَتَغْتَسِلُ لِكُلِّ فَرْضٍ) بَعْدَ
ــ
[حاشية قليوبي]
بِفَتْحِهَا مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ وَالْأَصْلُ مُتَحَيَّرٌ فِي أَمْرِهَا، وَيُقَالُ لَهَا مُحَيِّرَةٌ بِكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ لِأَنَّهَا حَيَّرَتْ الْفَقِيهَ فِي أَمْرِهَا وَبِفَتْحِهَا لِأَنَّ الشَّارِعَ حَيَّرَهَا فِيهِ وَهِيَ مِنْ الْمُعْتَادَةِ لَكِنَّهَا نَاسِيَةٌ لِعَادَتِهَا قَدْرًا وَوَقْتًا أَوْ أَحَدُهُمَا، وَيَلْحَق بِهَا مَنْ شَكَّتْ فِي الْوَقْتِ أَوْ فِي أَنَّهَا مُبْتَدَأَةٌ أَوْ مُعْتَادَةٌ، فَلَوْ قَالَ كَأَنْ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ هَذِهِ الْأَقْسَامَ لَكِنَّهُ نَاظِرٌ إلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ إنَّ إطْلَاقَ الْمُتَحَيِّرَةِ عَلَى غَيْرِ النَّاسِيَةِ لَهُمَا مَجَازٌ أَيْ مِنْ حَيْثُ الِاسْمُ لَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(فَتُحَيَّضُ) بِالتَّشْدِيدِ وَالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (يَوْمًا وَلَيْلَةً) أَيْ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ الْهِلَالِيِّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ لِتَعَذُّرِ مَعْرِفَةِ وَقْتِ ابْتِدَائِهِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ شَهْرَ الْمُسْتَحَاضَةِ ثَلَاثُونَ يَوْمًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وُجُوبُ الِاحْتِيَاطِ) .
قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: قَبْلَ سِنِّ الْيَأْسِ فَلَا يَجِبُ بَعْدَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا مَرَّ مِنْ رَدِّهَا لِعَادَتِهَا وَإِنَّ بَلَغَتْ سِنَّ الْيَأْسِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ لَهَا هُنَاكَ وَقْتَ حَيْضٍ مَعْلُومٍ فَاسْتُصْحِبَ بِخِلَافِهِ هُنَا فَتَأَمَّلْ. نَعَمْ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فِي الْحَالِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ.
قَوْلُهُ: (فَيَحْرُمُ الْوَطْءُ) قَالَ بَعْضُهُمْ: إلَّا لِمَنْ خَافَ الْعَنَتَ بِالْأَوْلَى مِنْ جَوَازِهِ حِينَئِذٍ مَعَ الْحَيْضِ الْمُحَقَّقِ كَمَا مَرَّ وَغَيْرُ الْوَطْءِ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ حَرَامٌ أَيْضًا وَإِنَّمَا خُصَّ الْوَطْءُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الِاتِّفَاقِ، وَتَجِبُ نَفَقَتُهَا عَلَى زَوْجِهَا، وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي الْفَسْخِ لِتَوَقُّعِ الْوَطْءِ بِالشِّفَاءِ. قَوْلُهُ:(وَالْقِرَاءَةُ) أَيْ بِقَصْدِ الْقُرْآنِ فَلَا حُرْمَةَ فِي الْإِطْلَاقِ أَوْ قَصْدِ الذِّكْرِ كَمَا فِي الْجُنُبِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِمْ وَتَدْفَعُ النِّسْيَانَ بِالنَّظَرِ فِي الْمُصْحَفِ أَوْ بِإِجْرَائِهِ عَلَى الْقَلْبِ أَوْ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ لِجَوَازِهَا فِيهَا وَلَوْ لِجَمِيعِ الْقُرْآنِ لِطَلَبِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ الْمَانِعِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ الْجُنُبَ، لَا يُقَالُ: يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِقِرَاءَتِهَا الْفَاتِحَةَ فِي الصَّلَاةِ بِغَيْرِ قَصْدِ الْقِرَاءَةِ لِأَنَّا نَقُولُ إنْ كَانَتْ حَائِضًا فَصَلَاتُهَا غَيْرُ مُعْتَدٍ بِهَا، فَلَا فَائِدَةَ فِي قَصْدِهَا وَإِلَّا فَقِرَاءَتُهَا مُعْتَدٌّ بِهَا بِلَا قَصْدٍ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ طَلَبَهُمْ قَصْدَ الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ اللَّازِمَ عَلَى قَوْلِهِمْ يَجُوزُ لَهَا قِرَاءَةُ جَمِيعِ الْقُرْآنِ فِيهَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، بَلْ الْوَجْهُ تَرْكُهُ، وَلَيْسَ طَلَبُ السُّورَةِ مِنْهَا أَوْ إرَادَةُ الثَّوَابِ لَهَا مُحْوِجًا لِذَلِكَ مَعَ احْتِمَالِ الْحُرْمَةِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَتُصَلِّي) أَيْ وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُ كَمَا فِي الْجَنَابَةِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا كَمَا مَرَّ وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ شَيْخِنَا إنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا دُخُولُهُ إلَّا لِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَالتَّحِيَّةِ وَالطَّوَافِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(الْفَرَائِضَ) وَلَوْ نَذْرًا وَكِفَايَةً فَتَكْفِي صَلَاةُ الْجِنَازَةِ مِنْهَا وَيَسْقُطُ بِهَا الْحَرَجُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ مُتَطَهِّرٍ كَامِلٍ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَأَتْبَاعُهُ، وَيَتَّجِهُ خِلَافُهُ مُوَافَقَةً لِلْخَطِيبِ وَمَنْ تَبِعَهُ تُؤَخِّرُ لِمَا بَعْدُ. قَوْلُهُ:(وَكَذَا النَّفَلُ) مِنْ رَاتِبٍ وَغَيْرِهِ قَبْلَ الْفَرْضِ وَبَعْدَهُ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ إلَّا النَّفَلَ الْمُطْلَقَ بَعْدَ الْوَقْتِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ وَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَغَيْرُ الصَّلَاةِ مِثْلُهَا كَاعْتِكَافٍ وَطَوَافٍ مِنْ فَرْضٍ وَنَفْلٍ. قَوْلُهُ:(وَتَغْتَسِلُ) أَيْ تَتَطَهَّرُ لِكُلِّ
ــ
[حاشية عميرة]
إنَّمَا تَخْرُجُ الْحَافِظَةُ لِلْقَدْرِ عَنْ التَّحَيُّرِ الْمُطْلَقِ بِحِفْظِ قَدْرِ الدَّوْرِ وَابْتِدَائِهِ وَقَدْرِ الْحَيْضِ، انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ:(بِأَنْ نَسِيَتْ) يَعْنِي لَمْ تَعْلَمْ لِيَشْمَلَ مَنْ اعْتَرَاهَا الْجُنُونُ فِي الصِّغَرِ وَثَبَتَ لَهَا عَادَةً ثُمَّ أَفَاقَتْ وَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَلَا تَمْيِيزَ) أَمَّا مَعَ التَّمْيِيزِ فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَفِي قَوْلٍ كَمُبْتَدَأَةٍ) أَيْ فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا عِبْرَةَ بِالتَّحَيُّرِ بَلْ يُقْضَى بِأَنَّ حَيْضَهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَطُهْرَهَا فِي بَاقِيهِ، وَلَا يَلْزَمُهَا احْتِيَاطٌ. نَعَمْ تُخَالِفُ الْمُبْتَدَأَةُ السَّابِقَةَ فِي أَنَّ حَيْضَ تِلْكَ مِنْ أَوَّلِ رُؤْيَةِ الدَّمِ، وَحَيْضَ هَذِهِ مِنْ أَوَّلِ الْهِلَالِ لِعَدَمِ عِلْمِ هَذِهِ بِأَوَّلِ ابْتِدَائِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ:(فَتُحَيَّضُ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَيْ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْمَنْسِيَّةَ لَا يُمْكِنُ اسْتِفَادَةُ الْحُكْمِ مِنْهَا فَتَكُونُ كَالْمَعْدُومَةِ، كَمَا أَنَّ التَّمْيِيزَ إذَا فَقَدَ بَعْضَ الشُّرُوطِ كَانَ كَالْعَدَمِ وَلِمَا فِي الْقَوْلِ الثَّانِي مِنْ الْمَشَقَّةِ، وَقَوْلُهُ: يَوْمًا وَلَيْلَةً، أَيْ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهِيَ دَعْوَى مُخَالَفَةٍ لِلْحِسِّ قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْعُمْدَةُ فِي تَزْيِيفِ هَذَا الْقَوْلِ.
قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَطُهْرُهَا بَقِيَّةُ الشَّهْرِ) أَيْ الْهِلَالِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمَشْهُورُ وُجُوبُ الِاحْتِيَاطِ) لَكِنْ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فِي الْحَالِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيَحْرُمُ الْوَطْءُ) أَيْ وَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ، وَلَا خِيَارَ لِأَنَّ وَطْأَهَا يُتَوَقَّعُ.
(تَنْبِيهٌ) حُكْمُ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا بِغَيْرِ الْوَطْءِ كَالْحَائِضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْقِرَاءَةُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ) بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَلَوْ لِغَيْرِ الْفَاتِحَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا النَّفَلُ فِي الْأَصَحِّ) خِلَافُ نَفْلِ الصَّلَاةِ جَارٍ فِي نَفْلِ الصَّوْمِ وَالطَّوَافِ أَيْضًا لَكِنْ مَحَلُّ جَوَازِ النَّفْلِ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُ الْفَرِيضَةِ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ وَشَرْحِ مُسْلِمٍ خِلَافًا لِمَا فِي الزَّوَائِدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِكُلِّ فَرْضٍ)
دُخُولِ وَقْتِهِ لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِ الدَّمِ حِينَئِذٍ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ: فَإِنْ عَلِمَتْ وَقْتَ انْقِطَاعِهِ كَعِنْدَ الْغُرُوبِ لَزِمَهَا الْغُسْلُ كُلَّ يَوْمٍ عَقِبَ الْغُرُوبِ وَتُصَلِّي بِهِ الْمَغْرِبَ، وَتَتَوَضَّأُ لِبَاقِي الصَّلَوَاتِ، لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ عِنْدَ الْغُرُوبِ دُونَ مَا سِوَاهُ. (وَتَصُومُ رَمَضَانَ) لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ طَاهِرَةً جَمِيعَهُ (ثُمَّ شَهْرَيْنِ كَامِلَيْنِ) بِأَنْ يَكُونَ رَمَضَانُ ثَلَاثِينَ، وَتَأْتِي بَعْدَهُ بِثَلَاثِينَ يَوْمًا مُتَوَالِيَةً (فَيَحْصُلُ) لَهَا (مِنْ كُلٍّ) مِنْهُمَا (أَرْبَعَةَ عَشَرَ) يَوْمًا، لِاحْتِمَالِ أَنْ تَحِيضَ فِيهِمَا أَكْثَرَ الْحَيْضِ، وَيَطْرَأَ الدَّمُ فِي يَوْمٍ، وَيَنْقَطِعَ فِي آخَرَ فَتَفْسُدَ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ رَمَضَانُ نَاقِصًا حَصَلَ لَهَا مِنْهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا. (ثُمَّ تَصُومُ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) يَوْمًا (ثَلَاثَةً أَوَّلَهَا وَثَلَاثَةً آخِرَهَا فَيَحْصُلُ الْيَوْمَانِ الْبَاقِيَانِ) لِأَنَّ الْحَيْضَ إنْ طَرَأَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ صَوْمِهَا
ــ
[حاشية قليوبي]
فَرْضٍ وَلَوْ كِفَايَةً وَلَا يَلْزَمُهَا الْمُبَادَرَةُ بِهِ وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُهُ وَحَرُمَ عَلَيْهَا. نَعَمْ إنْ أَخَّرَتْ إلَّا لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ لَزِمَهَا الْوُضُوءُ.
(تَنْبِيهٌ) اكْتِفَاؤُهُمْ بِالْغُسْلِ صَرِيحٌ فِي انْدِرَاجِ وُضُوئِهَا فِيهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ غُسْلُهَا بَعْدَ الِانْقِطَاعِ فِي الْوَاقِعِ فَهُوَ مُنْدَرِجٌ فِيهِ قَطْعًا وَإِلَّا فَهُوَ وُضُوءٌ بِصُورَةِ الْغُسْلِ، فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: بِعَدَمِ انْدِرَاجِهِ فِي غُسْلِهَا لِأَنَّهُ لِلِاحْتِيَاطِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وَيَرُدُّهُ أَيْضًا قَوْلُهُمْ إنَّهَا لَوْ نَوَتْ فِيهِ الْأَكْبَرَ كَفَاهَا لِأَنَّ جَهْلَ حَدَثِهَا جَعَلَهَا كَالْغَالِطَةِ، وَلَهَا فِعْلُ النَّفْلِ بِغُسْلِ الْفَرْضِ كَمَا عُلِمَ.
(فَرْعٌ) قَالَ الشَّيْخُ الطَّبَلَاوِيُّ: لَوْ لَمْ تُحْدِثْ بَيْنَ الْغُسْلَيْنِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ إرَادَةَ غَيْرِ حَدَثِهَا الدَّائِمِ لَا يَسْتَقِيمُ، وَحَيْثُ وَجَبَ الْغُسْلُ بِحَدَثِهَا الدَّائِمِ مَعَ احْتِمَالِ كَوْنِهِ لَيْسَ حَيْضًا فَأَوْلَى أَنْ يَجِبَ الْوُضُوءُ لِتَحَقُّقِ كَوْنِهِ خَارِجًا وَلَوْ غَيْرَ حَيْضٍ وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَ وُجُودُهُ فِي الْمُعْتَادَةِ لِلضَّرُورَةِ، وَحَيْثُ بَطَلَ بِالنِّسْبَةِ لِلْغُسْلِ فَأَوْلَى أَنْ يَبْطُلَ بِالنِّسْبَةِ لِلْوُضُوءِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ) وَإِنَّمَا أَلْغَوْا هَذَا الِاحْتِمَالَ حَالَةَ الطَّهَارَةِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ وَفِيهَا لِأَنَّهُ لَا حِيلَةَ فِي دَفْعِهِ كَمَا أَلْغَوْا احْتِمَالَ طُرُوُّ الْحَيْضِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلَمْ يُوجِبُوا تَرْكَهَا وَلَا الْمُبَادَرَةَ بِهَا، وَقَبْلَ الطَّلَاقِ فَلَمْ يُحَرِّمُوهُ كُلَّ وَقْتٍ نَعَمْ قَدْ مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّ حَيْضَهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ الْهِلَالِيِّ، وَمُقْتَضَاهُ الْحُرْمَةُ فِيهِ قَطْعًا، وَالْجَوَازُ فِي بَقِيَّةِ الشَّهْرِ قَطْعًا، وَسَيَأْتِي فِي الْعَدَدِ أَنَّهَا لَوْ طَلُقَتْ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الشَّهْرِ أَكْثَرُ مِمَّا يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِشَهْرَيْنِ بَعْدَ تِلْكَ الْبَقِيَّةِ، وَمُقْتَضَاهُ الْحُرْمَةُ فِيهَا وَفِيمَا يُقَابِلُهَا مِنْ الشَّهْرَيْنِ قَطْعًا، وَأَلَحَّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ قَطْعًا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ اعْتِبَارَ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ قِيَامِ الِاحْتِمَالِ مُطْلَقًا فَتَأَمَّلْ.
(تَتِمَّةٌ) قَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه وَالْأَصْحَابُ قَاطِبَةً عَلَى أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَى الْمُتَحَيِّرَةِ وَإِنْ صَلَّتْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَوَالِدِهِ وَالْخَطِيبُ وَغَيْرُهُمْ، وَقَالَ الشَّيْخَانِ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهَا، وَفِي كَيْفِيَّتِهِ طُرُقٌ تُطْلَبُ مِنْ الْمُطَوَّلَاتِ. قَوْلُهُ:(وَتَصُومُ رَمَضَانَ) أَيْ وُجُوبًا وَكَذَا كُلُّ صَوْمِ فَرْضٍ وَلَوْ نَذْرًا مُوَسَّعًا وَلَهَا صَوْمُ النَّفْلِ بِالْأَوْلَى مِنْ صَلَاتِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَامِلَيْنِ) حَالٌ مُؤَسِّسَةٌ وَصَحَّ مَجِيئُهَا مِنْ النَّكِرَةِ لِجَمْعِهَا مَعَ الْمَعْرِفَةِ، وَاعْتِبَارُ الْكَمَالِ فِيهِمَا لِقَوْلِهِ فَيَحْصُلُ مِنْ كُلٍّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ نَعَمْ إنْ سُبِقَتْ عَادَتُهَا بِانْقِطَاعِ الدَّمِ لَيْلًا حَصَلَ مِنْ كُلٍّ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَلَا يَبْقَى عَلَيْهَا شَيْءٌ. قَوْلُهُ:(وَيَطْرَأُ الدَّمُ فِي يَوْمٍ إلَخْ) وَهَذَا مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ، قَالُوا: وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ عَلَى أَنَّهُ يَحْصُلُ مِنْ كُلٍّ خَمْسَةَ عَشَرَ لِأَنَّ تَقْدِيرَ طَرَيَان الْحَيْضِ نَهَارًا تَقْدِيرٌ لِلْمُفْسَدِ بَعْدَ الِانْعِقَادِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عَلِمَتْ الِانْقِطَاعَ لَيْلًا كَمَا تَقَدَّمَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ هَذَا الْحَمْلَ لَا يُنَاسِبُ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُمْ إنَّهُ مِنْ تَقْدِيرِ طَرَيَان الْمُفْسَدِ إنَّمَا يُنَاسِبُ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ، وَإِنَّمَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ إنَّهُ مِنْ سَبْقِ الْمَانِعِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ فَسَادُ غَيْرِ الْأَوَّلِ مُرَتَّبًا عَلَى الطُّرُوِّ فِيهِ جُعِلَ طُرُوًّا فِي الْجَمِيعِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ
ــ
[حاشية عميرة]
نَعَمْ يَكْفِي غُسْلٌ وَاحِدٌ لِلطَّوَافِ وَرَكْعَتَيْهِ إذَا أَوْجَبْنَاهُمَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهَا الْبِدَارُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَكَرُّرُ الِانْقِطَاعِ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ، وَأَمَّا احْتِمَالُ وُقُوعِ الْفِعْلِ فِي الْحَيْضِ وَالِانْقِطَاعِ بَعْدَهُ فَلَا حِيلَةَ فِي دَفْعِهِ، وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ وُجُوبَ الْبِدَارِ لِأَنَّ فِيهِ تَعْلِيلَ الِاحْتِمَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(كَامِلَيْنِ) وَلَوْ قَالَ كَامِلًا كَانَ أَوْلَى نَعَمْ حُصُولُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مِنْ كُلٍّ تَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِ رَمَضَانَ ثَلَاثِينَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ تَصُومُ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى طَرِيقَةٍ مَذْكُورَةٍ فِي الْحَاوِي وَغَيْرِهِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدُ، وَيُمْكِنُ قَضَاءُ يَوْمٍ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى طَرِيقَةٍ أُخْرَى، كَذَلِكَ ذَكَرَ صَاحِبُ الْبَهْجَةِ الْأُولَى بِقَوْلِهِ:
أَوْ فَلْتَصُمْ مِثْلَ الَّذِي فَاتَ وَلَا
…
ثَمَّ مِنْ السَّابِعَ عَشْرَ تَبَعَا
وَبَيْنَ ذَيْنِ اثْنَيْنِ كَيْفَ وَقَعَا
…
هَذَا الضَّعْفُ سَبْعَةُ أَيَّامٍ
فَغَايَتُهُ أَنْ يَنْقَطِعَ فِي السَّادِسَ عَشَرَ، فَيَصِحَّ لَهَا الْيَوْمَانِ الْأَخِيرَانِ. وَإِنْ طَرَأَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي صَحَّ لَهَا الْأَوَّلَ وَالْأَخِيرَ، أَوْ فِي الثَّالِثِ صَحَّ لَهَا الْأَوَّلَانِ، أَوْ فِي السَّادِسَ عَشَرَ صَحَّ لَهَا الثَّانِي وَالثَّالِثُ، أَوْ فِي السَّابِعَ عَشَرَ صَحَّ السَّادِسَ عَشَرَ وَالثَّالِثَ، أَوْ فِي الثَّامِنَ عَشَرَ صَحَّ السَّادِسَ عَشَرَ وَالسَّابِعَ عَشَرَ. (وَيُمْكِنُ قَضَاءُ يَوْمٍ بِصَوْمِ يَوْمٍ ثُمَّ الثَّالِثِ وَالسَّابِعَ عَشَرَ) مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْحَيْضَ إنْ طَرَأَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ سَلِمَ السَّابِعَ عَشَرَ أَوْ فِي الثَّالِثِ سَلِمَ الْأَوَّلُ، وَإِنْ كَانَ آخِرُ الْحَيْضِ الْأَوَّلَ سَلِمَ الثَّالِثُ، أَوْ الثَّالِثَ سَلِمَ السَّابِعَ عَشَرَ.
(وَإِنْ حَفِظَتْ شَيْئًا) مِنْ عَادَتِهَا دُونَ شَيْءٍ كَأَنْ حَفِظَتْ الْوَقْتَ دُونَ الْقَدْرِ أَوْ عَكْسَ ذَلِكَ (فَلِلْيَقِينِ) مِنْ حَيْضٍ وَطُهْرٍ (حُكْمُهُ وَهِيَ فِي الْمُحْتَمَلِ) لِلْحَيْضِ وَالطُّهْرِ (كَحَائِضٍ فِي الْوَطْءِ وَطَاهِرٍ فِي الْعِبَادَةِ وَإِنْ احْتَمَلَ انْقِطَاعًا وَجَبَ الْغُسْلُ لِكُلِّ فَرْضٍ) احْتِيَاطًا، وَيُسَمَّى مُحْتَمَلُ الِانْقِطَاعِ طُهْرًا مَشْكُوكًا فِيهِ وَاَلَّذِي لَا يَحْتَمِلُهُ حَيْضًا مَشْكُوكًا فِيهِ. وَالْحَافِظَةُ لِلْوَقْتِ كَأَنْ تَقُولَ كَانَ حَيْضِي يَبْتَدِئُ أَوَّلَ الشَّهْرِ فَيَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْهُ حَيْضٌ بِيَقِينٍ، وَنِصْفُهُ الثَّانِي طُهْرٌ بِيَقِينٍ، وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ الْحَيْضَ وَالطُّهْرَ وَالِانْقِطَاعَ. وَالْحَافِظَةُ لِلْقَدْرِ كَأَنْ تَقُولَ حَيْضِي خَمْسَةٌ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ
ــ
[حاشية قليوبي]
تُرْسَمُ بِالْأَلِفِ مَعَ إثْبَاتِ هَاءِ التَّأْنِيثِ، وَمَعَ حَذْفِهَا وَإِثْبَاتِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ مَفْتُوحَةً وَسَاكِنَةً وَمَعَ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ النُّونِ وَفَتْحِهَا، وَيُرْسَمُ بِحَذْفِ الْأَلِفِ مَعَ إثْبَاتِ الْمُثَنَّاةِ هَكَذَا ثَمَانِي عَشْرَةَ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ تَصُومُ إلَخْ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَقَعَ قَدْرُ مَا بَقِيَ عَلَيْهَا فِي طُهْرٍ يَقِينًا سَابِقٍ عَلَى الْحَيْضِ أَوْ مُتَأَخِّرٍ عَنْهُ وَلَهُ قَوَاعِدُ مِنْهَا مَا يُمْكِنُ فِيهَا قَضَاءُ أَرْبَعَةَ عَشَرَةَ يَوْمًا فَأَقَلَّ، وَهِيَ أَنْ يُقَالَ: تَصُومُ قَدْرَ مَا عَلَيْهَا مُتَوَالِيًا ثُمَّ تَصُومُ قَدْرَهُ كَذَلِكَ مِنْ سَابِعَ عَشَرَ أَوَّلَ صَوْمِهَا وَتَصُومُ يَوْمَيْنِ بَيْنَ الصَّوْمَيْنِ سَوَاءٌ وَصَلَتْهُمَا بِالصَّوْمِ الْأَوَّلِ أَوْ بِالثَّانِي أَوْ لَمْ تَصِلْهُمَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ وَصَلَتْ أَحَدُهُمَا بِالْأَوَّلِ وَالْآخَرُ بِالثَّانِي وَمِنْ هَذَا الْأَخِيرِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي قَضَاءِ الْيَوْمَيْنِ.
(تَنْبِيهٌ) أَوْصَلَ بَعْضُهُمْ صُوَرَ قَضَاءِ الْيَوْمَيْنِ إلَى أَلْفِ صُورَةٍ وَصُورَةٍ وَاحِدَةٍ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وَيُمْكِنُ قَضَاءُ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى طَرِيقَةٍ ذَكَرَهَا الدَّارِمِيُّ اسْتِدْرَاكًا عَلَى الْأَصْحَابِ فِي اقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْأُولَى مَعَ أَنَّ الصَّوْمَ عَلَيْهَا أَقَلُّ مِنْهُ عَلَى الْأُولَى، لَكِنَّهَا إنَّمَا تَأْتِي فِي قَضَاءِ سَبْعَةِ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ وَهِيَ أَنْ يُقَالَ تَصُومُ قَدْرَ مَا عَلَيْهَا مَعَ زِيَادَةِ يَوْمٍ مُفَرَّقًا فِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، ثُمَّ تَصُومُ قَدْرَهُ أَيْضًا مُفَرَّقًا بَعْدَ سَادِسَ عَشَرَ أَوَّلَ صَوْمِهَا بِشَرْطِ أَنْ تَتْرُكَ بَيْنَ هَذَيْنِ الصَّوْمَيْنِ بِقَدْرِ مَا بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ فَأَقَلَّ، وَيُمْكِنُ قَضَاءُ الْيَوْمَيْنِ عَلَيْهَا بِصَوْمِ خَمْسَةِ أَيَّامٍ فَقَطْ بِأَنْ تَصُومَ يَوْمًا وَثَالِثَهُ وَخَامِسَهُ وَسَابِعَ عَشَرَهُ وَتَاسِعَ عَشَرَهُ، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهَا فِي الْمَنْهَجِ فَرَاجِعْهُ.
(تَنْبِيهٌ) هَذَا الَّذِي تَقَدَّمَ فِي صَوْمٍ غَيْرِ مُتَتَابِعٍ، أَمَّا الْمُتَتَابِعُ بِنَحْوِ نَذْرٍ فَإِنْ كَانَ سَبْعَةً فَأَقَلَّ صَامَتْ قَدْرَهُ مُتَوَالِيًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِشَرْطِ كَوْنِ الثَّالِثِ مِنْ سَابِعَ عَشَرَ الْأَوَّلِ، وَأَنْ تَفْصِلَ بَيْنَ الصَّوْمَيْنِ بِيَوْمٍ فَأَكْثَرَ، وَإِنْ كَانَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَأَقَلَّ صَامَتْ قَدْرَهُ كَذَلِكَ بِالشَّرْطِ الْأَوَّلِ مَعَ زِيَادَةِ صَوْمِ يَوْمَيْنِ مُتَّصِلَيْنِ بِالصَّوْمِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ شَهْرَيْنِ صَامَتْ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا مُتَوَالِيَةً، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ حَفِظَتْ) أَيْ الْمُتَحَيِّرَةُ لَا بِقَيْدِهَا السَّابِقِ. قَوْلُهُ: (شَيْئًا) أَيْ الْوَقْتَ فَقَطْ أَوْ الْقَدْرَ فَقَطْ بِقَيْدِهِ الْآتِي وَأَخَّرَ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ عَنْ حُكْمِ الصَّوْمِ فِي الْقِسْمِ السَّابِقِ لِمُخَالَفَتِهِمَا لَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ فِيهِمَا حَيْضًا مُحَقَّقًا وَطُهْرًا مُحَقَّقًا. قَوْلُهُ: (حَيْضٌ بِيَقِينٍ) أَيْ بِاعْتِبَارِ إخْبَارِهَا، وَكَذَا الطُّهْرُ. قَوْلُهُ:(فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ) قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنْ قَالَتْ خَمْسَةٌ وَلَا أَعْلَمُ ابْتِدَاءَهَا فَهِيَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَنَبَّهَ بِالْوَطْءِ عَلَى مَا أُلْحِقَ بِهِ مِمَّا مَرَّ وَبِالْعِبَادَةِ عَلَى مَا أُلْحِقَ بِهَا مِمَّا تَقَدَّمَ أَيْضًا، وَمَحَلُّ غُسْلِهَا لِكُلِّ فَرْضٍ فِيمَا فِيهِ احْتِمَالُ الِانْقِطَاعِ
ــ
[حاشية عميرة]
وَأَنْزَلَ إلَخْ وَالثَّانِيَةُ بِقَوْلِهِ قَبْلَ ذَلِكَ: وَمَرَّةً تَأْتِي بِفَوْتِ الصَّوْمِ مَعَ وَاحِدٍ تَزِيدُهُ فِي عَشْرَةٍ مَعَ خَمْسَةٍ مُفَرَّقًا وَمَرَّةً:
سَابِعَ عَشَرَ كُلُّ صَوْمٍ وَإِلَى
…
خَامِسَ عَشَرَ الثَّانِي عَنْهُ فُعِلَا
إلَخْ ثُمَّ اقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى قَضَاءِ الصَّوْمِ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ وُجُوبِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ، لَكِنَّهُ رَجَّحَ كَالرَّافِعِيِّ الْوُجُوبَ. قَوْلُ الشَّارِحِ:(صَحَّ لَهَا الثَّانِي وَالثَّالِثُ) أَيْ لِأَنَّ الْحَيْضَ السَّابِقَ يَنْقَطِعُ فِي الْأَوَّلِ فَيَفْسُدُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالسَّابِعَ عَشَرَ) إشَارَةٌ إلَى طَرِيقِ الدَّارِمِيِّ، وَعَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى إنَّمَا تَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ الْيَوْمِ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ.
قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَأَنْ تَقُولَ إلَخْ) هَذَا الْمِثَالُ يُرْشِدُك