الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِلْمَرِيضِ مُتَعَهِّدٌ، وَلَوْ كَانَ الْمُتَعَهِّدُ مَشْغُولًا بِشِرَاءِ الْأَدْوِيَةِ مَثَلًا عَنْ الْخِدْمَةِ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَهِّدٌ.
(فَصْلٌ: لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِمَنْ يَعْلَمُ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ) كَعِلْمِهِ بِحَدَثِهِ أَوْ نَجَاسَةِ ثَوْبِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ (أَوْ يَعْتَقِدُهُ) أَيْ الْبُطْلَانَ (كَمُجْتَهِدَيْنِ اخْتَلَفَا فِي الْقِبْلَةِ أَوْ) فِي (إنَاءَيْنِ) مِنْ الْمَاءِ طَاهِرٍ وَنَجِسٍ بِأَنْ أَدَّى اجْتِهَادُ أَحَدِهِمَا إلَى غَيْرِ مَا أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُ الْآخَرِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَتَوَضَّأَ كُلٌّ مِنْ إنَائِهِ فِي الثَّانِيَةِ، فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَقْتَدِيَ بِالْآخَرِ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ لِاعْتِقَادِهِ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ. (فَإِنْ تَعَدَّدَ الطَّاهِرُ) مِنْ الْآنِيَةِ كَأَنْ كَانَتْ ثَلَاثَةً، وَالطَّاهِرُ مِنْهَا اثْنَانِ، وَالْمُجْتَهِدُونَ ثَلَاثَةٌ، وَظَنَّ كُلٌّ مِنْهُمْ طَهَارَةَ إنَائِهِ فَقَطْ (فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ) أَيْ صِحَّةُ اقْتِدَاءِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ (مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ إنَاءُ الْإِمَامِ لِلنَّجَاسَةِ) وَهُوَ فِي الثَّلَاثَةِ الثَّالِثُ، فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِصَاحِبِهِ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ لِتَرَدُّدِ كُلٍّ مِنْهُمْ فِي اسْتِعْمَالِ غَيْرِهِ لِلنَّجِسِ (فَإِنْ ظَنَّ) وَاحِدٌ (طَهَارَةَ إنَاءِ غَيْرِهِ اقْتَدَى بِهِ قَطْعًا) أَوْ نَجَاسَتَهُ لَمْ يَقْتَدِ بِهِ قَطْعًا (فَلَوْ اشْتَبَهَ خَمْسَةٌ) مِنْ الْأَوَانِي (فِيهَا نَجِسٌ
ــ
[حاشية قليوبي]
الْمُحَرَّرِ) بِخِلَافِ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ لِأَنَّ الْأُنْسَ لَيْسَ عُذْرًا فِي الْأَجْنَبِيِّ بِخِلَافِ التَّمْرِيضِ.
(تَنْبِيهٌ) مِنْ الْأَعْذَارِ زَلْزَلَةٌ وَنُعَاسٌ وَسَعْيٌ فِي تَحْصِيلِ مَالٍ وَلَوْ لِغَيْرِهِ وَدُخُولُ هَمٍّ عَلَيْهِ أَوْ اشْتِغَالٌ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِمَيِّتٍ، وَنِسْيَانٌ وَإِكْرَاهٌ وَتَطْوِيلُ قِرَاءَةِ إمَامٍ وَبُطْءُ قِرَاءَتِهِ وَتَرْكُهُ سُنَّةً مَقْصُودَةً، وَكَرَاهَةُ الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَفِسْقُهُ وَلَوْ بِالتُّهْمَةِ وَاشْتِغَالٌ بِمَنْدُوبٍ نَحْوُ مُنَاضَلَةٍ وَمُسَابَقَةٍ وَسَمْنٍ مُفْرِطٍ وَخَشْيَةِ فِتْنَةٍ لَهُ أَوْ بِهِ وَوُجُودِ مُؤْذٍ لَهُ وَلَوْ بِالشَّتْمِ وَعَمًى، وَإِنْ أَحْسَنَ الْمَشْيَ بِالْعَصَا إلَّا إنْ وَجَدَ قَائِدًا لَائِقًا بِهِ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ قَدَرَ عَلَيْهَا بِمَا فِي الْفِطْرَةِ وَبَرَصٍ وَجُذَامٍ، وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ مَنْعُ صَاحِبِهِمَا مِنْ الْمَسْجِدِ وَمُخَالَطَةُ النَّاسِ وَالْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ.
(فَصْلٌ فِي صِفَاتِ الْأَئِمَّةِ) الْوَاجِبَةِ عَلَى مَعْنَى الشُّرُوطِ وَالْمَنْدُوبَةِ عَلَى مَعْنَى الْكَمَالِ، وَقَدْ يَتَعَيَّنُ كَوْنُ الْإِنْسَانِ إمَامًا كَأَعْمَى أَصَمَّ لَا يَهْتَدِي بِغَيْرِهِ أَوْ مَأْمُومًا كَأَلْثَغَ مَعَ قَارِئٍ. قَوْلُهُ:(أَوْ يَعْتَقِدُهُ أَيْ الْبُطْلَانَ) كَمَا يَأْتِي. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ كَوْنُ صَلَاةِ الْإِمَامِ مُشْتَمِلَةً عَلَى مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ عِنْدَ الْمَأْمُومِ، وَلَا يَضُرُّ اعْتِقَادُ نَدْبِ بَعْضِهَا النَّاشِئِ عَنْ تَقْلِيدِ الْمَذْهَبِ، بِخِلَافِ الْمُوَافِقِ فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَلَوْ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ وَتُدْفَعُ الْفِتْنَةُ بِصُورَةِ الْمُتَابَعَةِ مِنْ غَيْرِ رَبْطٍ، وَبِهَذَا عُلِمَ صِحَّةُ اقْتِدَاءِ شَافِعِيٍّ نَوَى الْإِتْمَامَ بِحَنَفِيٍّ نَوَى الْقَصْرَ وَقَدْ نَوَيَا إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، مَعَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَرَى الْقَصْرَ فِي الْجُمْلَةِ وَصِحَّةَ الْحُكْمِ بِاسْتِعْمَالِ مَاءِ طَهَارَةِ الْحَنَفِيِّ بِلَا نِيَّةٍ، مَعَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَرَى ذَلِكَ فِي غَسْلِ النَّجَاسَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ إلَخْ) فَلَوْ اقْتَدَى ثَالِثٌ بِأَحَدِهِمَا مَعَ ظَنِّ طَهَارَتِهِ فَلَهُ الِاقْتِدَاءُ بِالْآخَرِ إذَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ فِيهِ عَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةِ الثَّوْبَيْنِ، وَلَا وَجْهَ لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ. قَوْلُهُ:(فَقَطْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَظُنَّ فِي وَاحِدٍ مِنْ الْإِنَاءَيْنِ الْآخَرَيْنِ طَهَارَةً وَلَا نَجَاسَةً. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الْإِنَاءُ لَا صَاحِبُهُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ بِصَاحِبِهِ. قَوْلُهُ: (الثَّالِثُ) الْمُرَادُ بِهِ ثَالِثٌ دَائِرٌ فِي الثَّلَاثَةِ وَهُوَ إنَاءُ إمَامِ الثَّالِثَةِ مَعَ إمَامِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَإِنَاءُ إمَامِ الثَّانِيَةِ مَعَ إمَامِ الثَّالِثَةِ.
قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ) وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ كَمَا فِي نِسْيَانِ وَاحِدَةٍ مِنْ الْخَمْسِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ مَكْرُوهٌ فَلَا فَضِيلَةَ فِيهِ، وَظَاهِرُ عِبَارَةِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مُخَالَفَتُهُ لِكَوْنِهِ عَنْهُ. قَوْلُهُ:(لِتَرَدُّدِ إلَخْ) كَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ لِتَرَدُّدِهِ فِي طَهَارَةِ
ــ
[حاشية عميرة]
أَنَّ حُكْمَهُ كَالْقَرِيبِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمُحَرَّرِ مِنْ الْأَعْذَارِ غَلَبَةُ النُّعَاسِ وَالسَّمْنُ الْمُفْرِطُ.
[فَصْلٌ اقْتِدَاؤُهُ بِمَنْ يَعْلَمُ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ]
(فَصْلٌ: لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ) قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ يَعْتَقِدُهُ) أَيْ يَعْتَقِدُ الْبُطْلَانَ مِنْ حَيْثُ اجْتِهَادِ نَفْسِهِ كَمَا فِي الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ وَالْأَوَانِي، أَوْ مِنْ حَيْثُ اخْتِلَافِ الْأَئِمَّةِ فِي الْفُرُوعِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْحَنَفِيِّ الَّذِي مَسَّ ذَكَرَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ الْإِمَامِ صَحِيحَةً فِي اعْتِقَادِهِ وَغَيْرَ صَحِيحَةٍ فِي اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ النَّاشِئِ عَمَّا ذَكَرْنَاهُ، بِخِلَافِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا اعْتِدَادَ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ أَصْلًا وَنَبَّهَ الْإِسْنَوِيُّ رحمه الله: أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاعْتِقَادِ هُنَا الظَّنُّ الْغَالِبُ لَا مُصْطَلَحُ الْأُصُولِيِّ فِي الْحُكْمِ الْجَازِمِ لِغَيْرِ دَلِيلٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَمُجْتَهِدَيْنِ) مِثْلُ الِاثْنَيْنِ فِي الْقِبْلَةِ الْأَكْثَرُ مِنْهُمَا، كَمَا أَنَّ مِثْلَ الْإِنَاءَيْنِ الْأَكْثَرُ مِنْهُمَا إذَا كَانَ الطَّاهِرُ وَاحِدًا.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ فِي الثَّلَاثَةِ الثَّالِثُ) أَيْ بِخِلَافِ الثَّانِي لِأَنَّهُ جَاهِلٌ بِحَالِهِ. وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُصُولِ النَّجَسِ إلَى إنَائِهِ فَسُومِحَ فِي
عَلَى خَمْسَةٍ) مِنْ الرِّجَالِ (فَظَنَّ كُلٌّ طَهَارَةَ إنَاءٍ فَتَوَضَّأَ بِهِ وَأَمَّ كُلٌّ) مِنْهُمْ (فِي صَلَاةٍ) مِنْ الْخَمْسِ بِالْبَاقِي مُبْتَدَئِينَ بِالصُّبْحِ (فَفِي الْأَصَحِّ) السَّابِقُ (يُعِيدُونَ الْعِشَاءَ إلَّا إمَامَهَا فَيُعِيدُ الْمَغْرِبَ) لِتَعَيُّنِ إنَائِهِمَا لِلنَّجَاسَةِ فِي حَقِّ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْمُقْتَدِينَ فِيهِمَا، وَالثَّانِي يُعِيدُ كُلٌّ مِنْهُمْ مَا صَلَّاهُ مَأْمُومًا وَهُوَ أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ لِعَدَمِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَوْ اقْتَدَى شَافِعِيٌّ بِحَنَفِيٍّ مَسَّ فَرْجَهُ أَوْ افْتَصَدَ فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ) أَيْ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ (فِي الْفَصْدِ دُونَ الْمَسِّ اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الْمُقْتَدِي) أَيْ بِاعْتِقَادِهِ، وَالثَّانِي عَكْسُ ذَلِكَ اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِ الْمُقْتَدَى بِهِ أَنْ يَنْقُضَ الْوُضُوءَ دُونَ الْمَسِّ، وَلَوْ تَرَكَ الِاعْتِدَالَ أَوْ الطُّمَأْنِينَةَ، أَوْ قَرَأَ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاءُ الشَّافِعِيِّ بِهِ، وَقِيلَ يَصِحُّ اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ، وَلَوْ حَافَظَ عَلَى وَاجِبَاتِ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ، وَلَوْ شَكَّ فِي إتْيَانِهِ بِهَا فَكَذَلِكَ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِهِ فِي تَوَقِّي الْخِلَافِ.
(وَلَا تَصِحُّ قُدْوَةٌ بِمُقْتَدٍ) لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِغَيْرِهِ
ــ
[حاشية قليوبي]
إمَامِهِ وَإِنَّمَا أُلْغِيَ هَذَا التَّرَدُّدُ لِمُعَارَضَتِهِ بِالِاجْتِهَادِ عِنْدَ الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (السَّابِقُ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُمَا الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ خِلَافًا لِمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ كَالْمِنْهَاجِ مِنْ أَنَّهُمَا غَيْرُهُمَا.
قَوْلُهُ: (لِتَعَيُّنِ إنَائِهِمَا) أَيْ إمَامَيْ الْعِشَاءِ وَالْمَغْرِبِ لِلنَّجَاسَةِ بِحَسْبِ فِعْلِهِمْ لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ الِاقْتِدَاءِ مَعَ احْتِمَالِ الطَّهَارَةِ وَعَدَمِ ظَنِّ النَّجَاسَةِ، وَبِالِاقْتِدَاءِ لَزِمَتْ الطَّهَارَةُ، وَلَمْ يَبْقَ فِي الْأَخِيرِ احْتِمَالُهَا فَامْتَنَعَ الِاقْتِدَاءُ فِيهِ فَحَيْثُ خَالَفَ لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ، وَالضَّابِطُ أَنْ يُقَالَ يُعِيدُ كُلٌّ مِنْهُمْ مَا صَلَّاهُ مَأْمُومًا آخِرًا بِعَدَدِ النَّجِسِ، فَلَوْ كَانَ النَّجِسُ اثْنَيْنِ أَعَادَ كُلٌّ مِنْهُمْ صَلَاتَيْنِ وَهَكَذَا. قَوْلُهُ:(لِمَا تَقَدَّمَ) وَهُوَ التَّرَدُّدُ الْمَذْكُورُ.
قَوْلُهُ: (أَيْ بِاعْتِقَادِهِ) أَيْ فَاعْتِقَادُ الْمَأْمُومِ الصِّحَّةَ أَلْغَى اعْتِقَادَ الْإِمَامِ الْبُطْلَانَ، وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ عَالِمًا بِحَالِ نَفْسِهِ بِدَلِيلِ تَعْلِيلِ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ بِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ، وَحَمَلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ الْأَصَحَّ عَلَى أَنَّ الْحَنَفِيَّ غَيْرُ عَالِمٍ بِحَالِ نَفْسِهِ، وَحَمْلُ التَّلَاعُبِ عَلَى صُورَةِ الْمُتَلَاعِبِ غَيْرُ مُتَّجَهٍ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ:(وَلَوْ تَرَكَ) أَيْ يَقِينًا لِأَنَّهُ وَمَا بَعْدَهُ مَفْهُومُ الظَّنِّ السَّابِقِ، وَالْمُرَادُ التَّرْكُ بِالْفِعْلِ فَالِاقْتِدَاءُ بِهِ قَبْلَ التَّرْكِ صَحِيحٌ وَإِنْ عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ التَّرْكُ لِاحْتِمَالِ مُخَالَفَةِ الْعَادَةِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ أَيْ دَوَامُهُ بِالْمُتَابَعَةِ بَلْ تَجِبُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ حَالًا إنْ عُلِمَ أَنَّهُ تَرَكَ عَمْدًا وَإِلَّا فَعِنْدَ انْتِقَالِهِ إلَى رُكْنٍ بَعْدَهُ لِاحْتِمَالِ السَّهْوِ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا بِعَدَمِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ مِنْ الِابْتِدَاءِ يَرُدُّهُ مَسْأَلَةُ الْجَيْبِ الْمَفْتُوحِ لِاحْتِمَالِ دَوَامِ الصِّحَّةِ، نَعَمْ إنْ عُلِمَ أَنَّهُ قَاصِدٌ لِلتَّرْكِ حَالَ إحْرَامِهِ لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ ابْتِدَاءً. قَوْلُهُ:(وَلَوْ حَافَظَ) أَيْ يَقِينًا كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَكَّ إلَخْ) هَذَا الْحُكْمُ يَأْتِي فِي الْمُوَافِقِ فِي الْمَذْهَبِ أَيْضًا وَإِذَا وُجِدَ التَّرْكُ فَفِيهِ مَا مَرَّ إنْ عُلِمَ حَالًا وَإِلَّا فَفِيهِ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ بَانَ إمَامُهُ امْرَأَةً إلَخْ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ أَنْ يَبْحَثَ عَنْ حَالِ الْإِمَامِ وَلَوْ فَاسِقًا، كَمَا لَا يَلْزَمُهُ الْبَحْثُ عَنْ طَهَارَةِ الْمَاءِ وَلَوْ رَأَى مَنْ أَغْفَلَ لَمْعَةً فِي أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ، وَحَمْلُهُ عَلَى التَّجْدِيدِ بَعِيدٌ وَلَوْ طَوَّلَ الْإِمَامُ الِاعْتِدَالَ لِكَوْنِ مَذْهَبِهِ يَرَاهُ دُونَ مَذْهَبِ الْمَأْمُومِ فَلَهُ مُوَافَقَتُهُ فِيهِ كَمَنْ اقْتَدَى فِيهِ بِمَنْ فِي الْقِيَامِ، وَلَهُ السُّجُودُ وَانْتِظَارُهُ فِيهِ لِأَنَّهُ رُكْنٌ طَوِيلٌ. وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ يَتَعَيَّنُ الثَّانِي غَيْرُ مُتَّجَهٍ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ. قَوْلُهُ:(فِي تَوَقِّي الْخِلَافِ) أَيْ فِي مُرَاعَاتِهِ بِفِعْلِ مَا يُطْلَبُ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (بِمُقْتَدٍ) وَلَوْ احْتِمَالًا حَالَ قُدْوَتِهِ وَلَوْ حُكْمًا فَلَوْ وَقَفَ اثْنَانِ سَوَاءٌ يُصَلِّيَانِ جَمَاعَةً فَمَنْ ظَنَّ مِنْهُمَا أَنَّهُ إمَامٌ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ مَأْمُومٌ أَوْ
ــ
[حاشية عميرة]
ذَلِكَ، وَجَوَّزَ كَمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُومُ حَالَ الْإِمَامِ فِي الطَّهَارَةِ وَعَدَمِهَا. وَهَذَا بِخِلَافِ الثَّالِثِ فَإِنَّا بَعْدَ أَنْ حَكَمْنَا بِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ الثَّانِي لَمَّا ذَكَرَ تَعَيُّنَ الثَّالِثِ لِلنَّجَاسَةِ إذْ لَا سَبِيلَ إلَى الْحُكْمِ بِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِالْكُلِّ لِتَيَقُّنِ النَّجَاسَةِ فِي أَحَدِ الْآنِيَةِ. قَوْلُهُ:(فَفِي الْأَصَحِّ) عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ فَعَلَى الْأَصَحِّ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَتَبِعَهُ ابْنُ النَّقِيبِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ مُرَادَ الْمُحَرَّرِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عُدُولُهُ إلَى الْفَاءِ إشَارَةً إلَى أَنَّ هَذَا خِلَافٌ فِي قَدْرِ الْمَقْضِيِّ، مُفَرَّعٌ عَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُرْشِدُ إلَى الثَّانِي إتْيَانُهُ بِالْفَاءِ فِي قَوْلِهِ فَلَوْ اشْتَبَهَ إلَخْ انْتَهَى. فَلْيُتَأَمَّلْ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ إلَى قَوْلِهِ اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الْمُقْتَدِي) أَيْ فَهُوَ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَ الِاجْتِهَادُ فِي الْقِبْلَةِ أَوْ الْأَوَانِي لَا يَقْتَدِي أَحَدُ الْمُخْتَلِفَيْنِ بِالْآخَرِ نَظَرًا إلَى اعْتِقَادِهِ. وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ قَالَ بِهِ الْقَفَّالُ وَعَلَّلَ بِأَنَّ الْحَنَفِيَّ مُتَلَاعِبٌ فِي الْفَصْدِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَقَعُ مِنْهُ نِيَّةٌ صَحِيحَةٌ بِخِلَافِ الْمَسِّ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَعَلَّهُ الْحَقُّ اهـ وَأُجِيبَ مِنْ طَرَفِ الْأَصَحِّ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا نَسِيَ الْإِمَامُ الْفَصْدَ وَدَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِنِيَّةٍ جَازِمَةٍ. نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْخَوَاطِرِ السَّرِيعَةِ وَاسْتَحْسَنَهُ، أَقُولُ لَوْ عَلِمَ الْمَأْمُومُ فَصْدَهُ ثُمَّ صَلَّى إمَامًا فَالظَّاهِرُ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ نَسِيَ وَإِنْ فُرِضَ دُخُولُ الْحَنَفِيِّ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْفَصْدِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ تَرُدُّ عَلَى الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ جَازِمٌ بِاعْتِبَارِ مَا عِنْدَ الْمَأْمُومِ. قَوْلُ الْمَتْنِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: