المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ طلب الموت لضر نزل به) - حاشيتا قليوبي وعميرة - جـ ١

[القليوبي]

فهرس الكتاب

- ‌أحمد سلامة القليوبي

- ‌أحمد البرلسي عميرة

- ‌[المقدمة]

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌[الْمَاء الْمُشْمِس]

- ‌[الْمَاء الْمُسْتَعْمَل فِي الطَّهَارَة]

- ‌[حُكْمُ الْمَاءِ الْجَارِي]

- ‌ اشْتَبَهَ مَاءٌ طَاهِرٌ بِنَجِسٍ)

- ‌[اشْتَبَهَ مَاءٌ وَبَوْلٌ]

- ‌ اسْتَعْمَلَ مَا ظَنَّهُ) الطَّاهِرَ مِنْ الْمَاءَيْنِ بِالِاجْتِهَادِ

- ‌بَابُ أَسْبَابِ الْحَدَثِ

- ‌(فَصْلٌ فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ)

- ‌بَابُ الْوُضُوءِ

- ‌[سُنَن الْوُضُوء]

- ‌بَابُ مَسْحِ الْخُفِّ

- ‌[مُدَّة الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[وَشَرْط الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ]

- ‌بَابُ الْغُسْلِ

- ‌[مُوجِبَاتُ الْغُسْلِ]

- ‌[وَأَقَلّ الْغُسْلِ عَنْ الْجَنَابَةِ]

- ‌بَابُ النَّجَاسَةِ

- ‌[المولاة فِي الْغُسْل]

- ‌بَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌(فَصْلٌ) : (يُتَيَمَّمُ بِكُلِّ تُرَابٍ طَاهِرٍ)

- ‌[أَرْكَان التَّيَمُّمِ]

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ)

- ‌(وَأَقَلُّ النِّفَاسِ)

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌(وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ لِأَوَّلِ الْوَقْتِ)

- ‌[فَصْلٌ عَلَى مَنْ تَجِبُ الصَّلَاةُ]

- ‌[فَصْلُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَة]

- ‌(فَصْلُ: اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ)

- ‌بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ

- ‌[سُنَن الصَّلَاة]

- ‌[الْقُنُوت فِي صَلَاة الصُّبْح]

- ‌[الْقُنُوتُ فِي سَائِرِ الْمَكْتُوبَاتِ]

- ‌[جلسة الِاسْتِرَاحَة]

- ‌[بَاب شُرُوطُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ مُبْطِلَات الصَّلَاةُ]

- ‌ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[بَاب سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌بَابٌ فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ

- ‌[بَاب صَلَاةُ النَّفْلِ]

- ‌(تَخْصِيص لَيْلَة الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ)

- ‌كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ

- ‌[فَصْلٌ اقْتِدَاؤُهُ بِمَنْ يَعْلَمُ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ]

- ‌[قُدْوَةُ أُمِّيٍّ بِمِثْلِهِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌فَصْلٌ (لَا يَتَقَدَّمُ) الْمَأْمُومُ (عَلَى إمَامِهِ

- ‌ ارْتِفَاعُ الْمَأْمُومِ عَلَى إمَامِهِ وَعَكْسُهُ

- ‌(فَصْلٌ شَرْطُ الْقُدْوَةِ)

- ‌ تَعْيِينُ الْإِمَامِ) فِي النِّيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ

- ‌(تَتِمَّةٌ) إذَا رَكَعَ الْمَأْمُومُ قَبْلَ الْإِمَامِ وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ

- ‌(فَصْلٌ) إذَا (خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ) بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

- ‌(فَصْلٌ طَوِيلُ السَّفَرِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا هَاشِمِيَّةً)

- ‌[فَصْلٌ الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ كَذَلِكَ فِي السَّفَرِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ الْغُسْلُ لِمَنْ يُرِيدُ حُضُورَ الْجُمُعَةَ]

- ‌[فَصْلٌ أَدْرَكَ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ وَاسْتَمَرَّ مَعَهُ إلَى أَنْ سَلَّمَ]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌(فَصْلٌ: يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ بِفَرْشٍ وَغَيْرِهِ)

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(فَصْلٌ: يُنْدَبُ التَّكْبِيرُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَتَيْ الْعِيدِ)

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌[بَابٌ تَرَكَ الْمُكَلَّفُ الصَّلَاةَ الْمَعْهُودَةَ الصَّادِقَةَ بِإِحْدَى الْخَمْسِ جَاحِدًا وُجُوبَهَا]

- ‌كِتَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌[تَتِمَّةٌ تَارِكُ الْجُمُعَةِ]

- ‌(فَصْلٌ: يُكَفَّنُ بِمَا لَهُ لُبْسُهُ حَيًّا)

- ‌[فَصْلٌ أَرْكَانٌ صَلَاة الْجِنَازَةُ]

- ‌الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌[فَرْعٌ الْوَلِيَّ أَوْلَى بِإِمَامَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ الْوَالِي]

- ‌(فَصْلٌ: أَقَلُّ الْقَبْرِ

- ‌ الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌ طَلَبُ الْمَوْتِ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ)

- ‌[الْأَحَقّ بِتَغْسِيلِ الْكَافِر]

- ‌(وَالدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ

- ‌ سَتْرُ الْقَبْرِ بِثَوْبٍ) عِنْدَ الدَّفْنِ

- ‌[الدّفن فِي تَابُوت]

- ‌(الدَّفْنُ لَيْلًا

- ‌ تَجْصِيصُ الْقَبْرِ وَالْبِنَاءُ) عَلَيْهِ (وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ)

الفصل: ‌ طلب الموت لضر نزل به)

وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ» ، وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ حَدِيثُ «فَإِذَا وَجَبَتْ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ. قَالُوا وَمَا الْوُجُوبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الْمَوْتُ» اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ: الْمُرَادُ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ

. (وَيَحْرُمُ النَّدْبُ بِتَعْدِيدِ شَمَائِلِهِ) نَحْوَ وَا كَهْفَاهُ وَاجَبَلَاهُ (وَالنَّوْحُ) وَهُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالنَّدْبِ (وَالْجَزَعُ بِضَرْبِ الصَّدْرِ وَنَحْوِهِ) كَشَقِّ الثَّوْبِ وَنَشْرِ الشَّعْرِ وَضَرْبِ الْخَدِّ، قَالَ صلى الله عليه وسلم «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ بِلَفْظِ " أَوْ " بَدَلَ الْوَاوِ، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«النَّائِحَةُ إذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالسِّرْبَالُ الْقَمِيصُ كَالدِّرْعِ، وَالْقَطِرَانُ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَسُكُونِهَا دُهْنُ شَجَرٍ يُطْلَى بِهِ الْإِبِلُ الْجُرْبُ وَيُسْرَجُ بِهِ، وَهُوَ أَبْلَغُ فِي اشْتِعَالِ النَّارِ فِي النَّائِحَةِ.

(قُلْت: هَذِهِ مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ) مُتَعَلِّقَةٌ بِالْبَابِ (يُبَادَرُ بِقَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ وَ) تَنْفِيذِ (وَصِيَّتِهِ) كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ تَعْجِيلًا لِلْخَيْرِ، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَحَسَّنَهُ حَدِيثَ:«نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» قَالَ الْمُصَنِّفُ: الْمُرَادُ بِالنَّفْسِ الرُّوحُ، وَمُعَلَّقَةٌ مَحْبُوسَةٌ عَنْ مَقَامِهَا الْكَرِيمِ.

(وَيُكْرَهُ‌

‌ طَلَبُ الْمَوْتِ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ)

ــ

[حاشية قليوبي]

إرْسَالُ الدُّمُوعِ بِلَا بُكَاءٍ.

قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ النَّدْبُ) وَلَوْ بِغَيْرِ بُكَاءٍ وَهُوَ صَغِيرَةٌ كَبَقِيَّةِ الْمُحَرَّمَاتِ الْآتِيَةِ، وَلَيْسَ مِنْهُ مَا نُقِلَ عَنْ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ أَنَّهَا قَالَتْ يَوْمَ مَوْتِ أَبِيهَا صلى الله عليه وسلم: يَا أَبَتَاهُ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ، يَا أَبَتَاهُ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ، يَا أَبَتَاهُ إلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهُ. قَوْلُهُ:(بِتَعْدِيدٍ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ لِأَنَّ التَّعْدِيدَ هُوَ النَّدْبُ مَعَ قَرِينَةِ تَأَسُّفٍ، وَيَحْرُمُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالنَّدْبِ وَلَوْ بِغَيْرِ بُكَاءٍ. قَوْلُهُ:(وَضَرْبِ الْخَدِّ) الْمَعْرُوفُ بِاللَّطْمِ، وَكَذَا التَّضَمُّخُ بِنَحْوِ رَمَادٍ وَطِينٍ وَصَبْغٍ بِسَوَادٍ فِي مَلْبُوسٍ وَفِعْلُ كُلِّ مَا يُنَافِي الِانْقِيَادَ، وَالِاسْتِسْلَامُ لِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ.

(فَرْعٌ) لَا بَأْسَ بِالرِّثَاءِ بِالْقَصَائِدِ كَقَوْلِ السَّيِّدَةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:

مَاذَا عَلَى مَنْ شَمَّ تُرْبَةَ أَحْمَدَ

أَنْ لَا يَشُمَّ مَدَى الزَّمَانِ غَوَالِيَا

صُبَّتْ عَلَيَّ مَصَائِبُ لَوْ أَنَّهَا

صُبَّتْ عَلَى الْأَيَّامِ عُدْنَ لَيَالِيَا

وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَى تَجْدِيدِ حُزْنٍ أَوْ تَأَسُّفٍ، أَوْ مُجَاوَزَةِ حَدٍّ أَوْ تَبَرُّمٍ أَوْ كَثْرَةٍ مِنْهَا، وَلَا يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ إلَّا بِمَا أَوْصَى بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

. قَوْلُهُ: (قُلْت هَذِهِ مَسَائِلُ مَنْشُورَةٌ) أَيْ مُتَفَرِّقَةٌ تَشْبِيهًا بِنَثْرِ الدُّرَرِ أَوْ الْجَوَاهِرِ. قَوْلُهُ: (يُبَادَرُ) أَيْ نَدْبًا فِي الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ إنْ لَمْ يَكُنْ طَلَبَ، وَإِلَّا فَوُجُوبًا. وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا بَعْدَهُ اهْتِمَامًا بِقَضَائِهِ. قَوْلُهُ:(مَحْبُوسَةٌ) أَيْ إنَّ قَصَّرَ

ــ

[حاشية عميرة]

ذَرْفًا كَضَرَبَ يَضْرِبُ ضَرْبًا. قَوْلُهُ: (مَنْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مَحَلُّ الْخِلَافِ الْبُكَاءُ الِاخْتِيَارِيُّ. قَالَ: وَالْبُكَاءُ بِالْقَصْرِ الدَّمْعُ، وَبِالْمَدِّ رَفْعُ الصَّوْتِ. قَالَ: وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ، انْتَهَى. قُلْت: لَكِنْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ بِتَحْرِيمِ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْبُكَاءِ

قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِتَعْدِيدٍ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَا مَعْنَى لِلْبَاءِ لِأَنَّهُ نَفْسُ التَّعْدِيدِ، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ التَّعْدَادُ مَعَ الْبُكَاءِ كَمَا قَيَّدَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لِئَلَّا يَدْخُلَ الْمَادِحُ وَالْمُؤَرِّخُ قَالَ: وَيَحْرُمُ أَيْضًا الْبُكَاءُ إذَا انْضَمَّ إلَى النَّدْبِ كَعَكْسِهِ، وَالشَّمَائِلُ: جَمْعُ شِمَالٍ بِكَسْرِ الشِّينِ وَهُوَ مَا اتَّصَفَ بِهِ الشَّخْصُ مِنْ الطِّبَاعِ كَالْكَرَمِ وَنَحْوِهِ، انْتَهَى. وَمَا حَاوَلَهُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْبُكَاءِ بَعِيدٌ، وَقَوْلُهُ: يَدْخُلُ إلَخْ عَلَيْهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ الْمَادِحَ وَالْمُؤَرِّخَ لَا نُدْبَةَ فِي وَصْفِهِمَا، وَالْمُحَرَّمُ هُنَا هُوَ النُّدْبَةُ وَلَهَا صِيَغٌ مَخْصُوصَةٌ، وَالْوَجْهُ فِيهَا التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(بِضَرْبِ الصَّدْرِ إلَخْ) أَلْحَقَ بِذَلِكَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ الْمُبَالَغَةَ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ مَعَ الْبُكَاءِ، فَقَالَ: إنَّهُ حَرَامٌ، انْتَهَى. وَسَبَبُ تَحْرِيمِ ذَلِكَ وَحِكْمَتُهُ أَنَّهُ يُشْبِهُ مِنْ الْمَظَالِمِ وَاَلَّذِي وَقَعَ عَدْلٌ مِنْ اللَّهِ سبحانه وتعالى، وَلَا يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَّا إذَا أَوْصَى بِهِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (يُبَادَرُ إلَخْ) قَالَ الْأَصْحَابُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ جِنْسُ الدَّيْنِ سَأَلَ وَلِيَّهُ الْغُرَمَاءُ أَنْ يُحَلِّلُوهُ وَيَحْتَالُوا بِهِ عَلَيْهِ، انْتَهَى. وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ هَذِهِ الْحَوَالَةَ مُبَرِّئَةٌ لِلذِّمَّةِ لِلضَّرُورَةِ. وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ الْكَلَامَ عَلَى مَوْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ، أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ مَرْهُونَةً بِدَيْنِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ تَرِكَةٌ. قَوْلُهُ:(تَعْجِيلًا لِلْخَيْرِ) أَيْ لِلْمَيِّتِ وَلِلْمُوصَى لَهُ.

[طَلَبُ الْمَوْتِ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ]

قَوْلُهُ: (بِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: لَا يُكْرَهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ ظَاهِرٌ

ص: 402

كَذَا فِي الرَّوْضَةِ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لِضُرٍّ فِي بَدَنِهِ أَوْ ضِيقٍ فِي دُنْيَاهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:«لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ لِضُرٍّ أَصَابَهُ فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي إذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (إلَّا لِفِتْنَةِ دِينٍ) أَيْ لَا يُكْرَهُ لِخَوْفِ فِتْنَةٍ فِي دِينِهِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَقَالَ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَآخَرُونَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مَفْهُومٌ مِنْ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ الرَّوْضَةِ لَا بَأْسَ.

(وَيُسَنُّ التَّدَاوِي) كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:«مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَصَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ «أَنَّ الْأَعْرَابَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَتَدَاوَى؟ فَقَالَ: تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ الْهَرَمِ» قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: فَإِنْ تَرَكَ التَّدَاوِيَ تَوَكُّلًا فَهُوَ فَضِيلَةٌ. (وَيُكْرَهُ إكْرَاهُهُ) أَيْ الْمَرِيضِ (عَلَيْهِ) أَيْ التَّدَاوِي، وَفِي الرَّوْضَةِ عَلَى تَنَاوُلِ الدَّوَاءِ أَيْ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّشْوِيشِ عَلَيْهِ، وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: حَدِيثُ «لَا تُكْرِهُوا مَرَضَاكُمْ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَإِنَّ اللَّهَ يُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيهِمْ» ضَعِيفٌ ضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَادَّعَى التِّرْمِذِيُّ أَنَّهُ حَسَنٌ

. (وَيَجُوزُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ وَنَحْوِهِمْ) وَفِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَأَصْدِقَائِهِ بَدَلَ وَنَحْوِهِمْ. (تَقْبِيلُ وَجْهِهِ) رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَبَّلَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ بَعْدَ مَوْتِهِ» ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه قَبَّلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَوْتِهِ

. (وَلَا بَأْسَ بِالْإِعْلَامِ بِمَوْتِهِ لِلصَّلَاةِ) عَلَيْهِ (وَغَيْرِهَا) ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَصَحَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ. (بِخِلَافِ نَعْيِ الْجَاهِلِيَّةِ) فَإِنَّهُ يُكْرَهُ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَهُوَ النِّدَاءُ بِمَوْتِ الشَّخْصِ وَذِكْرُ مَآثِرِهِ وَمَفَاخِرِهِ، رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي إنْسَانٍ كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ أَوْ

ــ

[حاشية قليوبي]

فِي وَفَاتِهِ حَالَ حَيَاتِهِ وَلَمْ يَخْلُفْ وَفَاءً وَلَيْسَ نَبِيًّا وَمِنْهُ رَهْنُ دِرْعِهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ افْتَكَّهُ قَبْلَ مَوْتِهِ كَمَا يَأْتِي، وَيَنْبَغِي لِوَلِيِّهِ إذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ وَفَاؤُهُ حَالًا أَنْ يَسْأَلَ غُرَمَاءَهُ قَبْلَ غُسْلِهِ أَنْ يَحْتَالُوا بِهِ عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُهُمْ إجَابَتُهُ وَبِهَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمَيِّتِ، وَيُنْدَبُ أَنْ يُحَلِّلُوهُ لِيَبْرَأَ حَقِيقَةً لِأَنَّهَا حَوَالَةٌ مَجَازِيَّةٌ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَالْأَجْنَبِيُّ كَالْوَلِيِّ فِيمَا ذَكَرَ. قَالَ شَيْخُنَا: إلَّا فِي لُزُومِ الْإِجَابَةِ

. قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ تَمَنِّي الْمَوْتِ إلَخْ) وَلَا يُكْرَهُ تَمَنِّيهِ لِغَيْرِ ضُرٍّ، وَلَا تَمَنِّيهِ لِغَرَضٍ أُخْرَوِيٍّ كَتَمَنِّي الشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا بِمَكَانٍ شَرِيفٍ نَحْوِ مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ. بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: بِالنَّدْبِ فِي الْمَكَانِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الضَّرَرِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (فَلْيَقُلْ) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ الْخَفِيفَةِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَذَكَرَ مَا لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْمُدَّةِ بِخِلَافِ إذَا. قَوْلُهُ:(لَا يُكْرَهُ) بَلْ نُقِلَ عَنْ الْمُصَنِّفِ نَدْبُهُ

. قَوْلُهُ: (إلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً) زَادَ فِي رِوَايَةٍ «جَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ، وَعَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ» ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ لِعَدَمِ الْقَطْعِ بِنَفْعِهِ، وَقَدْ فَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ لِقَوِيِّ التَّوَكُّلِ تُكْرَهُ كَعَكْسِهِ، بَلْ يُكْرَهُ تَرْكُهُ.

وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يَحْرُمُ تَرْكُهُ فِي نَحْوِ جُرْحٍ يُظَنُّ فِيهِ التَّلَفُ كَالْقَصْدِ، وَيَجُوزُ اعْتِمَادُ قَوْلِ الْكَافِرِ فِي الطِّبِّ مَا لَمْ يُخَالِفْ الشَّرْعَ. قَوْلُهُ:(لَا تُكْرِهُوا إلَخْ) لَيْسَ فِي الدَّلِيلِ مُطَابَقَةٌ لِلْمَدْلُولِ لِأَنَّ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ فِي غَيْرِ التَّدَاوِي، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُمَا يَعُمَّانِ مَا فِيهِ الدَّوَاءُ، أَوْ أَنَّهُ لَا فَارِقَ بَيْنَ التَّدَاوِي وَغَيْرِهِ فِي طَلَبِ التَّرْكِ. قَوْلُهُ:(ضَعِيفٌ) أَيْ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْحُرْمَةِ بَلْ وَلَا عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَإِنَّمَا دَلِيلُهَا التَّشْوِيشُ

. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ) أَيْ وَيُنْدَبُ فِي نَحْوِ صَالِحٍ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ تَكُنْ تُهْمَةٌ كَمُرُودَةٍ. وَتَقْبِيلُ مَحَلِّ السُّجُودِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ وَكَوْنُهُ بِلَا حَائِلٍ

. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهَا) كَاسْتِغْفَارِهِمْ لَهُ، وَبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، وَالتَّرَحُّمِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ:(مُسْتَحَبٌّ) أَيْ إنْ كَانَ لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ يُكْرَهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى النَّدْبِ كَمَا مَرَّ، وَتَقَدَّمَ مَا فِي الْمُرَائِي. قَوْلُهُ:(وَهُوَ النِّدَاءُ بِمَوْتِ الشَّخْصِ وَذِكْرُ مَآثِرِهِ وَمَفَاخِرِهِ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ النَّعْيَ اسْمٌ لِمَجْمُوعِ مَا ذَكَرَ.

وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ: إنَّهُ اسْمٌ لِلْأَوَّلِ فَقَطْ وَضَمُّ

ــ

[حاشية عميرة]

إلَخْ) وَقَعَ لِلنَّوَوِيِّ رحمه الله فِي أَجْوِبَةِ مَسَائِلَ سُئِلَ عَنْهَا التَّصْرِيحُ بِالِاسْتِحْبَابِ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ النَّصِّ.

قَوْلُهُ: (تَدَاوَوْا) هَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي الطَّلَبِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ فَضِيلَةٌ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ عَقِبَ هَذَا، وَقِيلَ: إذَا كَانَ بِهِ جُرْحٌ يُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ وَجَبَ، حَكَاهُ الْمُتَوَلِّي انْتَهَى.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجُوزُ) صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ بِالِاسْتِحْبَابِ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُنْدَبَ لَهُمْ، وَيَجُوزُ لِغَيْرِهِمْ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَغَيْرِهَا) أَيْ كَالِاسْتِغْفَارِ لَهُ وَبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ. قَوْلُهُ: (إنَّهُ مُسْتَحَبٌّ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ بَلْ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ بِالنِّدَاءِ وَنَحْوِهِ، كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الصَّلَاةِ اهـ.

وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَيْضًا وَإِنَّمَا يُكْرَهُ ذِكْرُ الْمَفَاخِرِ وَالْمَآثِرِ وَهِيَ نَعْيُ الْجَاهِلِيَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (نَعْيِ الْجَاهِلِيَّةِ) اعْلَمْ أَنَّ النَّعْيَ هُوَ الْإِخْبَارُ بِالْمَوْتِ، وَكَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ إذَا مَاتَ فِيهِمْ كَبِيرٌ بَعَثُوا رَاكِبًا

ص: 403

يَكْنُسُهُ فَمَاتَ فَدُفِنَ لَيْلًا أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ وَفِي رِوَايَةٍ مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُعْلِمُونِي» وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: «سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنْ النَّعْيِ» ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَمُرَادُهُ نَعْيُ الْجَاهِلِيَّةِ لَا مُجَرَّدُ الْإِعْلَامِ بِالْمَوْتِ، وَهُوَ بِسُكُونِ الْعَيْنِ وَبِكَسْرِهَا مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ مَصْدَرُ نَعَاهُ يَنْعِيهِ.

(وَلَا يَنْظُرُ الْغَاسِلُ مِنْ بَدَنِهِ إلَّا قَدْرَ الْحَاجَةِ مِنْ غَيْرِ الْعَوْرَةِ) بِأَنْ يُرِيدَ مَعْرِفَةَ الْمَغْسُولِ مِنْ غَيْرِهِ أَيْ يُكْرَهُ نَظَرُ الزَّائِدِ عَلَى ذَلِكَ، وَيَحْرُمُ نَظَرُ الْعَوْرَةِ أَيْ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ الْأَوَّلَ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَقِيلَ مَكْرُوهٌ، وَأَنَّ الْمَسَّ فِيهِ كَالنَّظَرِ، وَأَنَّ نَظَرَ الْمُعِينِ فِيهِ مَكْرُوهٌ، وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: لَا يَنْظُرُ الْمُعِينُ إلَّا لِضَرُورَةٍ. (وَمَنْ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ) كَأَنْ احْتَرَقَ وَلَوْ غُسِّلَ لَتَهَرَّى (يُمِّمَ) وَلَا يُغَسَّلُ مُحَافَظَةً عَلَى جُثَّتِهِ لِتُدْفَنَ بِحَالِهَا، ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ: وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ قُرُوحٌ وَخِيفَ مِنْ غُسْلِهِ تَسَارُعُ الْبِلَى إلَيْهِ بَعْدَ الدَّفْنِ غُسِّلَ وَلَا مُبَالَاةَ بِمَا يَكُونُ بَعْدَهُ، فَالْكُلُّ صَائِرُونَ إلَى الْبِلَى.

(وَيُغَسِّلُ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ الْمَيِّتَ بِلَا كَرَاهَةٍ) ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَكَرِهَهُمَا الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ، دَلِيلُنَا أَنَّهُمَا طَاهِرَانِ كَغَيْرِهِمَا. (وَإِذَا مَاتَا غُسِّلَا غُسْلًا وَاحِدًا فَقَطْ) ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَالْغُسْلُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِمَا سَقَطَ بِالْمَوْتِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَقَالَ الْحَسَنُ وَحْدَهُ: يُغَسَّلَانِ غُسْلَيْنِ

(وَلْيَكُنْ الْغَاسِلُ أَمِينًا) أَيْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَمِينًا كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَالرَّوْضَةِ، وَقَالَ فِيهِ: فَإِنْ غَسَّلَهُ فَاسِقٌ وَقَعَ الْمَوْقِعَ.

(فَإِنْ رَأَى خَيْرًا ذَكَرَهُ) اسْتِحْبَابًا كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ. (أَوْ غَيْرَهُ حَرُمَ ذِكْرُهُ إلَّا لَمَصْلَحَةٍ) كَذَا فِي الرَّوْضَةِ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ الْجُمْهُورَ أَطْلَقُوا وَأَنَّ صَاحِبَ الْبَيَانِ قَالَ: لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ مُبْتَدِعًا مُظْهِرًا لِبِدْعَتِهِ وَرَأَى الْغَاسِلُ فِيهِ مَا يَكْرَهُ، فَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ أَنْ يَتَحَدَّثَ بِهِ فِي النَّاسِ زَجْرًا عَنْ بِدْعَتِهِ، وَإِنَّ مَا قَالَهُ مُتَعَيِّنٌ لَا عُدُولَ عَنْهُ، وَأَنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ خَرَجَ عَلَى الْغَالِبِ انْتَهَى. وَهَذَا الْبَحْثُ هُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ: إلَّا لِمَصْلَحَةٍ.

(وَلَوْ تَنَازَعَ أَخَوَانِ أَوْ زَوْجَتَانِ) فِي الْغُسْلِ وَلَا مُرَجِّحَ لِأَحَدِهِمَا (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا قَطْعًا لِلنِّزَاعِ، وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي الرَّوْضَةِ. (وَالْكَافِرُ أَحَقُّ بِقَرِيبِهِ الْكَافِرِ) مِنْ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ فِي غُسْلِهِ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَمِثْلُهُ التَّكْفِينُ وَالدَّفْنُ.

(وَيُكْرَهُ الْكَفَنُ الْمُعَصْفَرُ) وَالْمُزَعْفَرُ لِمَنْ لَا يُكْرَهُ لَهُ فِي الْحَيَاةِ وَهُوَ الْمَرْأَةُ لِمَا فِيهِ مِنْ

ــ

[حاشية قليوبي]

مَا بَعْدَهُ إلَيْهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ إنَّمَا فَسَّرَهُ بِمَا ذَكَرَهُ لِأَجْلِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ، إذْ الْأَوَّلُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ:(آذَنْتُمُونِي) بِالْمَدِّ أَيْ أَعْلَمْتُمُونِي

. قَوْلُهُ: (يُكْرَهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ) أَيْ فِي غَيْرِ صَغِيرٍ لَا يُشْتَهَى وَغَيْرِ الزَّوْجَيْنِ، وَلَا يَحْرُمُ فِيهِمَا وَلَا فِي غَيْرِهِمَا لِضَرُورَةٍ. قَوْلُهُ:(وَإِنَّ الْمَسَّ كَالنَّظَرِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَلَا يَحْرُمُ فِي الزَّوْجَيْنِ بَلْ يُكْرَهُ وَلَوْ مَعَ الشَّهْوَةِ.

وَقَالَ السَّنْبَاطِيُّ: يَحْرُمُ مَعَ الشَّهْوَةِ فِيهِمَا، وَكَلَامُ الْخَطِيبِ يُوَافِقُهُ. قَوْلُهُ:(يُمِّمَ) وَلَا تَجِبُ نِيَّتُهُ كَالْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ

قَوْلُهُ: (وَكَرِهَهُمَا الْحَسَنُ) وَالْمُرَادُ بِهِ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ

. قَوْلُهُ: (وَلِيَكُنْ الْغَاسِلُ أَمِينًا) وَكَذَا فَمُعِينُهُ، وَمَعْنَى يَنْبَغِي يُسْتَحَبُّ. وَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ نَصْبُ غَيْرِ أَمِينٍ وَتَفْوِيضُهُ لَهُ، وَيُكْرَهُ لِلْقَرِيبِ تَفْوِيضُهُ لِفَاسِقٍ. قَوْلُهُ:(فَإِنْ غَسَّلَهُ فَاسِقٌ أَجْزَأَ) وَلَوْ أَخْبَرَ أَنَّهُ غَسَّلَهُ كَفَى، وَلَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ غَسَلَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إخْبَارٌ عَنْ فِعْلٍ لِنَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَتَحَدَّثَ بِهِ) أَيْ نَدْبًا إنْ لَمْ يَخَفْ وُقُوعَ النَّاسِ فِي بِدْعَتِهِ، وَإِلَّا وَجَبَ. قَوْلُهُ:(وَهَذَا الْبَحْثُ إلَخْ) صَرِيحُ كَلَامِهِ كَالْمَنْهَجِ رُجُوعُ الِاسْتِثْنَاءِ لِلثَّانِي. قَالَ

ــ

[حاشية عميرة]

إلَى الْقَبَائِلِ يُنَادِي بِمَوْتِهِ ذَاكِرًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَنَاقِبِ وَالْمَفَاخِرِ. قَوْلُهُ: (وَمُرَادُهُ نَعْيُ الْجَاهِلِيَّةِ) فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَخَرَجَ إلَى الْمُصَلَّى فَصَلَّى عَلَيْهِ» . قَوْلُهُ: (مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَبِكَسْرِهَا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَنْ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ إلَخْ) لَوْ يُمِّمَ لِفَقْدِ الْمَاءِ، ثُمَّ وُجِدَ الْمَاءُ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَبْلَ دَفْنِهِ، وَجَبَ غُسْلُهُ دُونَ إعَادَةِ الصَّلَاةِ قَالَهُ السَّرَخْسِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَقَعَ الْمَوْقِعَ) نَعَمْ الْمُتَّجِهُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِإِخْبَارِهِ فِي أَنَّهُ غَسَّلَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَرُمَ إلَخْ) فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» . وَوَرَدَ «كُفُّوا عَنْ مُسَاوِيهِمْ يَعْنِي الْمَوْتَى» ، وَضَعَّفَهُ بَعْضُهُمْ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَابْنُ حِبَّانَ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْمَرْأَةُ) أَمَّا الرَّجُلُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ فِي حَقِّهِ حَيًّا وَمَيِّتًا. وَقِيلَ: حَرَامٌ فِيهِمَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُعَمِّمْ الشَّارِحُ الْمُعَصْفَرَ

ص: 404