الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَالْحَاصِلِ وَالْفَوَاتُ طَارٍّ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ وَيُحَصِّلُ الْوُقُوفَ لِأَنَّ قَضَاءَ الْحَجِّ صَعْبٌ وَقَضَاءُ الصَّلَاةِ هَيِّنٌ وَالثَّانِي يُصَلِّي مُتَمَكِّنًا وَيُفَوِّتُ الْحَجَّ لِعِظَمِ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ، وَهَذَا أَشْبَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَأَقْرَبُ فِي الصَّغِيرِ، وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ الصَّوَابُ الْأَوَّلُ (وَلَوْ صَلَّوْا) هَذَا النَّوْعَ (لِسَوَادٍ ظَنُّوهُ عَدُوًّا فَبَانَ) بِخِلَافِ ظَنِّهِمْ كَإِبِلٍ أَوْ شَجَرٍ (قَضَوْا فِي الْأَظْهَرِ) لِتَرْكِهِمْ فُرُوضًا مِنْ الصَّلَاةِ بِظَنِّهِمْ الَّذِي تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ وَالثَّانِي لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ لِوُجُودِ الْخَوْفِ عِنْدَ الصَّلَاةِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] وَسَوَاءٌ فِي جَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ كَانُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ أَمْ دَارِ الْإِسْلَامِ اسْتَنَدَ ظَنُّهُمْ إلَى إخْبَارٍ أَمْ لَا، وَقِيلَ إنْ كَانُوا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ لَمْ يَسْتَنِدْ ظَنُّهُمْ إلَى إخْبَارٍ وَجَبَ الْقَضَاءُ قَطْعًا.
(فَصْلٌ: يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ بِفَرْشٍ وَغَيْرِهِ)
كَلُبْسِهِ وَالتَّدَثُّرِ بِهِ وَاتِّخَاذِهِ سِتْرًا. رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ حُذَيْفَةَ حَدِيثَ «لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَلَا الدِّيبَاجَ» وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْهُ أَيْضًا: «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ، وَأَنْ نَجْلِسَ
ــ
[حاشية قليوبي]
كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْعُمْرَةَ الْمَنْذُورَةَ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ كَالْحَجِّ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ:(فَوْتَ مَا هُوَ حَاصِلٌ) أَيْ لَهُ فَلَا يُرَدُّ أَنَّهُمْ أَلْحَقُوا بِالْحَجِّ فِي جَوَازِ التَّرْكِ إنْقَاذَ غَرِيقٍ، أَيْ لَيْسَ عَبْدَهُ وَلَا دَابَّتَهُ وَنَحْوَهُمَا، وَخَوْفَ صَائِلٍ أَيْ عَلَى غَيْرِ نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ، وَخَوْفَ انْفِجَارِ مَيِّتٍ، وَأَمَّا نَحْوُ عَبْدِهِ وَمَالِهِ وَنَفْسِهِ فَهِيَ كَخَطْفِ نَعْلِهِ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(أَحَدُهُمَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ أَعْوَامًا. قَوْلُهُ: (هَذَا النَّوْعَ) وَكَذَا مَا قَبْلَهُ مِمَّا يَمْتَنِعُ فِي الْأَمْنِ قَوْلُهُ: (ظَنُّوهُ عَدُوًّا) وَلَوْ بِخَيَرِ عَدْلٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ، الشَّامِلِ لِلشَّكِّ. قَوْلُهُ:(بِخِلَافِ ظَنِّهِمْ إلَخْ) وَكَذَا يَجِبُ الْقَضَاءُ لَوْ بَانَ كَمَا ظَنُّوا أَنَّهُ عَدُوٌّ لَكِنْ ظَهَرَ بَيْنَهُمْ مَانِعٌ كَخَنْدَقٍ أَوْ مَاءٍ أَوْ حِصْنٍ أَوْ بَانَ الْعَدُوُّ، قَدْرَ ضِعْفِهِمْ فَأَقَلَّ. نَعَمْ لَوْ بَانَ أَنَّ قَصْدَ الْعَدُوِّ الصُّلْحُ فَلَا قَضَاءَ لِعَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَى النِّيَّةِ، فَقَوْلُهُ الَّذِي تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ يَعْنِي بِمَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا يَحِلُّ وَمَا لَا يَحِلُّ مِنْ الْمَلْبُوسِ، الَّذِي مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُقَاتِلُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ. قَوْلُهُ:(عَلَى الرِّجَالِ) جَمْعُ رَجُلٍ، وَهُوَ الذَّكَرُ وَلَوْ احْتِمَالًا، فَيَشْمَلُ الْخُنْثَى الْبَالِغَ الْعَاقِلَ، وَلَوْ كَافِرًا وَإِنْ لَمْ نَمْنَعْهُ مِنْهُ. قَوْلُهُ:(اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ) الشَّامِلِ لِلْقَزِّ، كَمَا يَأْتِي بِمَا يُتَعَارَفُ فِيهِ فِي الْبَدَنِ بِلَا حَائِلٍ بِغِطَاءٍ، أَوْ فَرْشٍ أَوْ لُبْسٍ. فَشَمِلَ الْجُلُوسَ تَحْتَ نَامُوسِيَّةٍ وَإِنْ بَعُدَتْ أَوْ بُشْخَانَةٍ وَالْغِطَاءَ بِلِحَافٍ، وَلَوْ مَعَ حَائِلٍ تَحْتَهُ، وَخَرَجَ الْجُلُوسُ عَلَيْهِ عَلَى حَائِلٍ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ رَقِيقًا وَاتِّخَاذُهُ لَا بِقَصْدِ اسْتِعْمَالِ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَالْمَشْيُ عَلَيْهِ وَلَوْ بِغَيْرِ حَائِلٍ وَسَتْرُ حَيَوَانٍ بِهِ، وَيَحْرُمُ سَتْرُ جُدْرَانٍ وَنَحْوِهَا، بِهِ كَسَتْرِ ضَرَائِحِ الْأَوْلِيَاءِ إلَّا الْكَعْبَةَ وَقُبُورَ الْأَنْبِيَاءِ، نَعَمْ لَا يَحْرُمُ سَتْرُ الْجُدْرَانِ بِهِ فِي أَيَّامِ الزِّينَةِ، بِقَدْرِ مَا يَدْفَعُ الضَّرَرَ وَيَحْرُمُ الْمُرُورُ وَالْفُرْجَةُ عَلَيْهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ.
(تَنْبِيهٌ) يُعْلَمُ مِمَّا هُنَا وَمِمَّا يَأْتِي فِي زَكَاةِ النَّقْدِ أَنَّ الْمَحْمَلَ الْمَشْهُورَ غَيْرُ جَائِزٍ، وَلَا تَحِلُّ الْفُرْجَةُ عَلَيْهِ، وَلَا يَصِحُّ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ كِسْوَةُ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم. وَكَذَا الذَّهَبُ الَّذِي عَلَى الْكِسْوَةِ وَالْبُرْقُعُ. فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ وَيَحِلُّ لُبْسُ خُلَعِ الْمُلُوكِ، لِمَنْ خَافَ مِنْ تَرْكِهَا ضَرَرًا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَلَا يَحِلُّ غِطَاءُ عِمَامَةٍ. قَالَ شَيْخُنَا: لِلرَّجُلِ وَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ. وَلَا يَحِلُّ كِتَابَةٌ عَلَيْهِ وَلَوْ لِصَدَاقِ امْرَأَةٍ أَوْ اسْمِهَا وَلَا يَحِلُّ الرَّسْمُ عَلَيْهِ وَتَحِلُّ خِيَاطَتُهُ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ اسْتِعْمَالًا.
ــ
[حاشية عميرة]
يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ) أَيْ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ قَضَاءَ الْحَجِّ إلَخْ) أَيْ وَلِأَنَّهُ عُهِدَ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ لِمَا هُوَ الْيَسِيرُ مِنْ هَذَا كَمَا فِي الْجُمَعِ، وَلَوْ أَمْكَنَهُ مَعَ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَالْمُتَّجِهُ الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ.
قَوْلُهُ: (هَذَا النَّوْعَ) مِثْلُهُ كَمَا نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ صَلَاةُ عُسْفَانَ وَذَاتِ الرِّقَاعِ اهـ. لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَصَّ الْبُطْلَانُ فِي صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ بِالْفِرْقَةِ الْأَخِيرَةِ، وَفِي صَلَاة عُسْفَانَ بِغَيْرِ الْإِمَامِ.
[فَصْلٌ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ بِفَرْشٍ وَغَيْرِهِ]
(فَصْلٌ: يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ إلَخْ) قَوْلُهُ: (وَلَا الدِّيبَاجَ) وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْحَرِيرِ، وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَيَجُوزُ فِيهِ الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ،
عَلَيْهِ» ، (وَيَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ لُبْسُهُ) لِحَدِيثِ «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَالْخُنْثَى كَالرَّجُلِ (وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ افْتِرَاشِهَا) إيَّاهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْفَرْشِ مَا فِي اللُّبْسِ مِنْ التَّزَيُّنِ لِلزَّوْجِ الْمَطْلُوبِ (وَأَنَّ لِلْوَلِيِّ إلْبَاسُهُ الصَّبِيَّ) إذْ لَيْسَ لَهُ شَهَامَةٌ تُنَافِي خُنُوثَةَ الْحَرِيرِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ. (قُلْت: الْأَصَحُّ حِلٌّ افْتِرَاشِهَا) إيَّاهُ وَبِهِ. (قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي فِي الصَّبِيِّ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ إلْبَاسُهُ الْحَرِيرَ، بَلْ يَمْنَعُهُ مِنْهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ. وَالثَّالِثُ الْأَصَحُّ فِي الشَّرْحِ لَهُ إلْبَاسُهُ قَبْلَ سَبْعِ سِنِينَ دُونَ مَا بَعْدِهَا كَيْ لَا يَعْتَادَهُ، وَتَعَقَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّ الْأَصَحَّ الْجَوَازُ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، قَالَ: وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه وَالْأَصْحَابُ عَلَى تَزْيِينِ الصِّبْيَانِ يَوْمَ الْعِيدِ بِحُلِيِّ الذَّهَبِ وَالْمُصَبَّغِ وَيَلْحَقُ بِهِ الْحَرِيرُ.
(وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ لُبْسُهُ لِلضَّرُورَةِ كَحَرٍّ وَبَرْدٍ مُهْلِكَيْنِ أَوْ فُجَاءَةِ حَرْبٍ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَلِلْحَاجَةِ كَجَرَبٍ وَحَكَّةٍ وَدَفْعِ قُمَّلٍ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «رَخَّصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ لِحَكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا» ، وَأَنَّهُ رَخَّصَ لَهُمَا لَمَّا شَكَوَا إلَيْهِ الْقُمَّلَ فِي قُمُصِ الْحَرِيرِ، وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ السَّفَرُ
ــ
[حاشية قليوبي]
فُرُوعٌ) يَحِلُّ مِنْهُ الْأَزْرَارُ بِالْعَادَةِ، كَالتَّطْرِيفِ الْآتِي وَخَيْطِ خِيَاطَةٍ وَخَيْطِ سُبْحَةٍ لَا شَرَارِيبِهَا، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ جَوَازُ الشَّرَارِيبِ تَبَعًا لِلْخَيْطِ. وَيَحِلُّ خَيْطُ مُصْحَفٍ وَكِيسِهِ لَا كِيسِ دَرَاهِمَ، وَيَحِلُّ خَيْطُ غِطَاءِ كُوزٍ وَغِطَاؤُهُ لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ، وَخَيْطُ مِيزَانٍ وَخَيْطُ مِنْطَقَةٍ وَقِنْدِيلٍ وَلِيقَةِ دَوَاةٍ وَنَحْوِ تِكَّةِ لِبَاسٍ، وَخَيْطُ مِفْتَاحٍ وَيَحِلُّ اتِّخَاذُ وَرَقِ الْكِتَابَةِ مِنْهُ لِأَنَّهُ اسْتِحَالَةٌ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ حِلُّ مِنْدِيلِ فِرَاشِ الزَّوْجَةِ لِلرَّجُلِ. قَالَ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا كَالِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَرِيرِ الْمُتَقَدِّمِ حِلُّهُ لَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(الْحَرِيرِ) وَمِنْهُ الْقَزُّ وَمِثْلُهُ الْمُزَعْفَرُ إنْ صُبِغَ أَكْثَرُهُ وَيُكْرَهُ الْمُعَصْفَرُ. قَوْلُهُ: (وَالتَّدَثُّرِ بِهِ) وَلَوْ مَعَ حَائِلٍ كَمَا مَرَّ إلَّا إنْ كَانَ حَشْوًا وَلَوْ لِمِخَدَّةٍ أَوْ لِحَافٍ، وَمِنْهُ مَا لَوْ خَاطَ ثَوْبًا عَلَى وَجْهِ اللِّحَافِ، أَوْ خَاطَ ثَوْبَ حَرِيرٍ بَيْنَ ثَوْبَيْنِ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ خِيَاطَةٍ حَرُمَ فِيهِمَا. قَوْلُهُ:(وَاتِّخَاذِهِ سِتْرًا) وَمِنْهُ النَّامُوسِيَّةُ وَنَحْوُهَا كَمَا مَرَّ حَيْثُ عُدَّ مُسْتَعْمِلًا عُرْفًا وَلَوْ مَعَ حَائِلٍ.
(فَائِدَةٌ) اسْتِعْمَالُ الذَّهَبِ كَالْحَرِيرِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعُرْفُ، فَيَحْرُمُ الْجُلُوسُ تَحْتَ السُّقُوفِ الْمُذَهَّبَةِ إنْ حَصَلَ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ شَيْءٌ مِنْهَا، وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي الْأَوَانِي الْمُمَوَّهَةِ، وَأَمَّا النَّعْلُ فَحَرَامٌ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ فِيهَا أَيْضًا. قَوْلُهُ:(وَيَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ لُبْسُهُ) وَلَوْ مُزَرْكَشًا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَلَوْ فِي الْمَدَارِسِ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ النَّوْمُ مَعَهَا وَلَا عُلُوُّهَا وَلَا مُعَانَقَتُهَا مَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الثَّوْبِ مَعَهَا.
قَوْلُهُ: (وَأَنَّ لِلْوَلِيِّ) وَلَوْ غَيْرَ أَبٍ وَجَدٍّ إلْبَاسُهُ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ وَالنَّعْلُ مِنْ الْمَلْبُوسِ. قَوْلُهُ: (حِلُّ افْتِرَاشِهَا) وَمِثْلُهُ تَدَثُّرُهَا. نَعَمْ يَحْرُمُ فِيهِمَا الْمُزَرْكَشُ بِمَا مَرَّ آنِفًا. قَوْلُهُ: (بِأَنَّ الْأَصَحَّ الْجَوَازُ مُطْلَقًا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (يَوْمَ الْعِيدِ) أَيْ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَالْمُصَبَّغِ) بِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ الْمَصْبُوغُ.
قَوْلُهُ: (لُبْسُهُ) وَفَرْشُهُ وَالتَّدَثُّرُ بِهِ. قَوْلُهُ: (مُهْلِكَيْنِ) الْمُرَادُ ضَرَرٌ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ يُبَحْ التَّيَمُّمُ.
قَوْلُهُ: (لِلْحَاجَةِ) وَلَوْ بِتَعَمُّمٍ أَوْ تَقَمُّصٍ حَيْثُ لَا إزَارَ، وَمِنْهَا سَتْرُ الْعَوْرَةِ فِي الْخَلْوَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ قَطْعُ مَا زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ مِنْهُ. قَوْلُهُ:(وَحَكَّةٍ) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ لِأَنَّهَا جَرَبٌ يَابِسٌ، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ أَنَّ آذَاهُ غَيْرُهُ، وَلَا يَضُرُّ قُدْرَتُهُ عَلَى إزَالَتِهَا بِدَوَاءٍ مَثَلًا. قَوْلُهُ:
ــ
[حاشية عميرة]
وَأَصْلُهُ دِيبَاهْ بِالْهَاءِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (افْتِرَاشِهَا) مِثْلُهُ التَّدَثُّرُ بِالْأَوْلَى، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْفُرُشِ إلَخْ أَيْ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا التَّحَلِّي بِالذَّهَبِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا الْأَكْلُ فِي الْأَوَانِي مِنْهُ. قَوْلُهُ:(وَالْوَجْهُ الثَّانِي إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ رحمه الله الْأَوْجُهُ فِي الصَّبِيِّ جَارِيَةٌ فِي اسْتِعْمَالِ الْحُلِيِّ أَيْضًا، وَنُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الصَّبِيِّ فِي غَيْرِ يَوْمَيْ الْعِيدِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ) اسْتَثْنَى ثَلَاثَ صُوَرٍ حَالَةَ الضَّرُورَةِ وَالْحَاجَةِ وَالْقِتَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لُبْسُهُ) أَفْهَمَ جَوَازَ غَيْرِ اللُّبْسِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُهْلِكَيْنِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مِثْلُ ذَلِكَ الْخَوْفُ عَلَى الْعُضْوِ وَالْمَنْفَعَةُ قَالَ: بَلْ الْمُتَّجِهُ إلْحَاقُ الْأَلَمِ الشَّدِيدِ بِذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَيْدًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ.
(تَنْبِيهٌ) خَطَرَ بِذِهْنِي أَنْ يُقَالَ هَلَّا جُوِّزَ التَّزَيُّنُ بِالْحَرِيرِ فِي الْحُرُوبِ غَيْظًا لِلْكُفَّارِ وَلَوْ وُجِدَ غَيْرُهُ كَتَحْلِيَةِ الْآلَةِ لِأَنَّ بَابَ الْحَرِيرِ أَوْسَعُ، وَالْجَوَابُ: أَنَّ التَّحْلِيَةَ مُسْتَهْلَكَةٌ غَيْرُ مُسْتَقِلَّةٍ، وَفِي الْآلَةِ الْمُنْفَصِلَةِ عَنْ الْبَدَنِ بِخِلَافِ التَّزَيُّنِ بِالْحَرِيرِ فِيهِمَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، عَلَى أَنَّ ابْنَ كَجٍّ جَوَّزَ اتِّخَاذَ الْقَبَاءِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَصْلُحُ لِلْقِتَالِ مِنْ الْحَرِيرِ وَإِنْ وُجِدَ غَيْرُهُ لِلْمَعْنَى السَّابِقِ، وَقَدْ عَلِمْت جَوَابَهُ.
وَالْحَضَرُ. وَفُجَاءَةُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمَدِّ وَبِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ. (وَلِلْقِتَالِ كَدِيبَاجٍ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ) فِي دَفْعِ السِّلَاحِ قِيَاسًا عَلَى دَفْعِ الْقُمَّلِ
(وَيَحْرُمُ الْمُرَكَّبُ مِنْ إبْرَيْسَمٍ) أَيْ حَرِيرٍ (وَغَيْرِهِ إنْ زَادَ وَزْنُ الْإِبْرَيْسَمِ وَيَحِلُّ عَكْسُهُ) تَغْلِيبًا لِلْأَكْثَرِ فِيهِمَا. (وَكَذَا) يَحِلُّ (إنْ اسْتَوَيَا) وَزْنًا (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَغْلِبُ الْحَرَامُ وَإِبْرَيْسَمٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ وَبِكَسْرِهِمَا وَبِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ.
(وَيَحِلُّ مَا طُرِّزَ أَوْ طُرِّفَ بِحَرِيرٍ قَدْرَ الْعَادَةِ) فِي التَّطْرِيفِ وَقَدْرَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ فِي الطِّرَازِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَإِنْ جَاوَزَ ذَلِكَ حَرُمَ، رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عُمَرَ قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إلَّا مَوْضِعَ أُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ» ، وَرَوَى مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ لَهُ جُبَّةٌ يَلْبَسُهَا لَهَا لِبْنَةٌ مِنْ دِيبَاجٍ وَفَرْجَاهَا مَكْفُوفَانِ بِالدِّيبَاجِ» ، وَاللِّبْنَةُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا نُونٌ رُقْعَةٌ فِي جَيْبِ الْقَمِيصِ أَيْ طَوْقِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد «مَكْفُوفَةُ الْجَيْبِ وَالْكُمَّيْنِ وَالْفَرْجَيْنِ بِالدِّيبَاجِ» ، وَالْمَكْفُوفُ الَّذِي جُعِلَ لَهُ كُفَّةٌ بِضَمِّ الْكَافِ، أَيْ سِجَافٌ.
(وَ) يَحِلُّ (لُبْسُ الثَّوْبِ النَّجِسِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا) كَالطَّوَافِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ لُبْسِهِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ فَرْضٌ فَيَحْرُمُ لِقَطْعِهِ الْفَرْضَ بِخِلَافِ النَّفْلِ
ــ
[حاشية قليوبي]
وَلِلْقِتَالِ) وَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْفَجْأَةِ فَهُوَ أَعَمُّ، وَمَا فِي ابْنِ حَجَرٍ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. قَوْلُهُ:(كَدِيبَاجٍ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَجِيمُهُ بَدَلٌ مِنْ هَاءٍ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّدْبِيجِ، وَهُوَ النَّقْشُ وَالتَّحْسِينُ وَجَمْعُهُ دَيَابِيجُ أَوْ دَبَابِيجُ.
قَوْلُهُ: (إنْ زَادَ وَزْنُ الْإِبْرَيْسَمِ) وَلَوْ احْتِمَالًا لِأَنَّهُ لَيْسَ طَارِئًا عَلَى الثَّوْبِ، وَلِذَلِكَ لَوْ شَكَّ فِي زِيَادَةِ وَزْنِ الْمُطَرَّزِ لَمْ يَحْرُمْ كَمَا فِي الضَّبَّةِ وَلَفْظُ الْإِبْرَيْسَمِ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ مَا تَمُوتُ دُودَتُهُ فِيهِ، فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْهُ حَيَّةً فَهُوَ الْقَزُّ، وَاسْمُ الْحَرِيرِ يَعُمُّهُمَا. قَوْلُهُ:(يَحِلُّ إنْ اسْتَوَيَا وَزْنًا فِي الْأَصَحِّ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بِخِلَافِ الْقُرْآنِ مَعَ التَّفْسِيرِ نَظَرًا لِأَصْلِهِ مَعَ التَّعْظِيمِ.
قَوْلُهُ: (مَا طُرِّزَ أَوْ طُرِّفَ بِحَرِيرٍ) خَرَجَ مَا طُرِّزَ أَوْ طُرِّفَ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فَحَرَامٌ مُطْلَقًا، كَالْمَنْسُوجِ بِهِمَا نَعَمْ لَا يَحْرُمُ لُبْسُ نَحْوِ شَاشٍ فِي طَرَفِهِ: نَحْوِ قَصَبٍ لَمْ يَحْصُلْ بِوَضْعِهِ عَلَى النَّارِ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ مَنْسُوجًا فِيهِ. قَوْلُهُ: (فِي التَّطْرِيفِ) وَهُوَ التَّسْجِيفُ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ وَزْنٌ بَلْ عَادَةُ أَمْثَالِهِ، فَلَوْ فَعَلَهُ زَائِدًا لَزِمَهُ قَطْعُهُ، وَلَا يَسْقُطُ الْقَطْعُ بِبَيْعِهِ لِمَنْ هُوَ عَادَتُهُ كَمَا لَوْ بَاعَ كَافِرٌ دَارًا بَنَاهَا عَالِيَةً لِمُسْلِمٍ، وَلَوْ اشْتَرَى زَائِدًا عَلَى عَادَةِ أَمْثَالِهِ مِنْ أَهْلِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَطْعُ لِأَنَّهُ دَوَامٌ كَمَا لَوْ اشْتَرَى كَافِرٌ دَارًا عَالِيَةً مِنْ مُسْلِمٍ. قَوْلُهُ:(وَقَدْرُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ) أَيْ عَرْضًا وَلَوْ احْتِمَالًا وَإِنْ زَادَ طُولًا. قَوْلُهُ: (فِي الطِّرَازِ) وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ الْوَزْنُ وَأَصْلُهُ مَا عَلَى الْكَتِفِ. وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ الشَّامِلُ لِمَا فِي دَاخِلِ الثَّوْبِ وَخَارِجِهِ وَلَوْ بِالْإِبْرَةِ وَسَوَاءٌ فِي الْمَنْسُوجِ مَا لَحْمَتُهُ الْحَرِيرُ أَوْ سُدَاهُ أَوْ بَعْضُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَخَرَجَ بِالْحَرِيرِ الْكَتَّانُ وَالْقُطْنُ وَالصُّوفُ وَنَحْوُهَا وَإِنْ غَلَّتْ أَثْمَانُهَا عَنْهُ.
(فُرُوعٌ) تُسَنُّ الْعَذَبَةُ بِطَرَفِ الْعِمَامَةِ وَكَوْنُهَا بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ وَلَا يُكْرَهُ تَرْكُهَا وَيَحْرُمُ إطَالَتُهَا فَاحِشًا، وَيُسَنُّ فِي كُمِّ الرَّجُلِ إلَى رُسْغِهِ وَفِي ذَيْلِهِ إلَى نِصْفِ سَاقِهِ وَيُكْرَهُ زِيَادَتُهُ عَلَى الْكَعْبِ وَيَحْرُمُ مَعَ الْخُيَلَاءِ وَفِي كُمِّ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى مَا يَحْصُلُ بِهِ احْتِيَاطُ السَّتْرِ، وَفِي ذَيْلِهَا زِيَادَةٌ نَحْوُ رُبْعِ ذِرَاعٍ عَنْ الْكَعْبِ وَيُنْدَبُ التَّقَنُّعُ وَالتَّسَرْوُلُ وَالْإِزَارُ وَلَوْ لِلرِّجَالِ، وَيَحْرُمُ إفْرَاطُ سَعَةِ الْأَكْمَامِ أَوْ الثِّيَابِ أَوْ طُولِهَا مَعَ الْخُيَلَاءِ، وَيُكْرَهُ بِغَيْرِهَا إلَّا لِمَنْ صَارَتْ شِعَارًا لَهُ لِنَحْوِ عِلْمٍ، بَلْ يُنْدَبُ إنْ كَانَ سَبَبًا لِامْتِثَالِ أَمْرٍ أَوْ اجْتِنَابِ نَهْيٍ وَيُنْدَبُ التَّعَمُّمُ قَائِمًا وَالتَّسَرْوُلُ جَالِسًا لِأَنَّ عَكْسَهُمَا يُورِثُ الْفَقْرَ وَالنِّسْيَانَ، وَيُكْرَهُ الْمَشْيُ فِي نَعْلٍ أَوْ خُفٍّ وَاحِدٍ وَالِانْتِعَالُ قَائِمًا لِغَيْرِ نَحْوَ مَدَاسٍ خَشْيَةَ السُّقُوطِ.
وَيُنْدَبُ خَلْعُ النَّعْلِ أَوْ الْخُفِّ لِلْجُلُوسِ وَجَعْلُهُ فِي غَيْرِ أَمَامِهِ إلَّا لِخَوْفٍ عَلَيْهِ.
(فَائِدَةٌ) لَمْ يَتَحَرَّرُ فِي طُولِ عِمَامَتِهِ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ إزَارُهُ أَرْبَعَةَ أَذْرُعٍ وَنِصْفًا تَقْرِيبًا فِي عَرْضِ ذِرَاعَيْنِ تَقْرِيبًا. وَكَذَا رِدَاؤُهُ وَقِيلَ كَانَ سِتَّةَ أَذْرُعٍ فِي عَرْضِ ثَلَاثَةٍ وَكُلُّهَا مِنْ صُوفٍ.
قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ لُبْسُ الثَّوْبِ النَّجِسِ) أَيْ الْمُتَنَجِّسِ لِمَا يَأْتِي، وَكَاللُّبْسِ
ــ
[حاشية عميرة]
فَائِدَةٌ) تَجُوزُ كِتَابَةُ الصَّدَاقِ فِي الْحَرِيرِ كَنَسْجِهِ وَخِيَاطَتِهِ لِلْمَرْأَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ فَخْرُ الدِّينِ بْنُ عَسَاكِرَ مُفْتِي الشَّامِ، وَتَبِعَهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْبَارِزِيُّ، لَكِنْ أَفْتَى النَّوَوِيُّ بِالتَّحْرِيمِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْكِتَابَةَ اسْتِعْمَالٌ مِنْ الْكُتَّابِ لِلْحَرِيرِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ إبْرَيْسَمٍ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ هُوَ الَّذِي حَلَّ مِنْ عَلَى الدُّودَةِ بَعْدَ مَوْتِهَا فِيهِ، وَالْقَزُّ مَا قَطَعَتْهُ وَخَرَجَتْ مِنْهُ حَيَّةً فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ حَلُّهُ، وَيُغْزَلُ كَالْكَتَّانِ، قَالَ: كَذَا رَأَيْته فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْإِبْرَيْسَمُ) فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا إنْ اسْتَوَيَا فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَنَافِعِ الْإِبَاحَةُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ طُرِّفَ إلَخْ) الْمُطَرَّفُ هُوَ الَّذِي جُعِلَ فِي طَرَفِهِ حَرِيرٌ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: سَوَاءٌ كَانَ مِنْ خَارِجٍ أَمْ مِنْ دَاخِلٍ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (النَّجِسِ) أَيْ الْمُتَنَجِّسِ، وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الطَّهَارَةِ تَشُقُّ خُصُوصًا
(لَا جِلْدُ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ) أَيْ لَا يَحِلُّ لُبْسُهُ (إلَّا لِضَرُورَةٍ كَفَجْأَةِ قِتَالٍ) وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ لِأَنَّ الْخِنْزِيرَ لَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي حَيَاتِهِ بِحَالٍ، وَكَذَا الْكَلْبُ إلَّا لِأَغْرَاضٍ مَخْصُوصَةٍ فَبَعْدَ مَوْتِهِمَا أَوْلَى. (وَكَذَا جِلْدُ الْمَيْتَةِ) لَا يَحِلُّ لُبْسُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ. (فِي الْأَصَحِّ) كَجِلْدِ الْكَلْبِ وَالثَّانِي يَحِلُّ مُطْلَقًا بِخِلَافِ جِلْدِ الْكَلْبِ لِغِلَظِ نَجَاسَتِهِ.
(وَيَحِلُّ الِاسْتِصْبَاحُ بِالدُّهْنِ النَّجِسِ عَلَى الْمَشْهُورِ) سَوَاءٌ عَرَضَتْ لَهُ النَّجَاسَةُ كَالزَّيْتِ أَمْ لَا كَوَدَكِ الْمَيْتَةِ، وَالثَّانِي لَا لِمَا يُصِيبُ بَدَنَ الْإِنْسَانِ وَثِيَابَهُ مِنْ الدُّخَانِ عِنْدَ الْقُرْبِ مِنْ السِّرَاجِ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ قَلِيلٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ. وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ فِي بَيَانِ الْمُشْكِلِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:«سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَقَالَ: إنْ كَانَ جَامِدًا فَخُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَأَلْقُوهُ، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَاسْتَصْبِحُوا بِهِ، أَوْ فَانْتَفِعُوا بِهِ» وَقَالَ: إنَّ رِجَالَهُ ثِقَاتٌ. وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ " اسْتَصْبِحُوا بِهِ وَلَا تَأْكُلُوهُ " وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ.
ــ
[حاشية قليوبي]
الِافْتِرَاشُ وَالتَّدَثُّرُ بِهِ وَتَوَسُّدُهُ وَلَوْ فِي مَسْجِدٍ كَمَا يَأْتِي وَلِغَيْرِ آدَمِيٍّ، نَعَمْ يَحْرُمُ إنْ لَزِمَ تَنَجُّسٌ بِغَيْرِ عَرَقٍ. قَوْلُهُ:(مُطْلَقًا) هُوَ تَعْمِيمٌ لِيَشْمَلَ الصَّلَاةَ وَنَحْوَهَا كَمَا يَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ: لِقَطْعِهِ إلَخْ، وَقِيلَ هُوَ تَعْمِيمٌ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا كَانَ لِحَاجَةٍ أَوْ لَا. قَوْلُهُ:(كَالطَّوَافِ) هُوَ مِثَالٌ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا لَا لِنَحْوِهَا كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ قَطْعُهُ وَلَوْ فَرْضًا وَمِثْلُهُ خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا.
قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) أَيْ الصَّلَاةِ أَوْ نَحْوِهَا، وَلَوْ أَسْقَطَهُ الْمُصَنِّفُ لَكَانَ صَوَابًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَنْهَجِ إذْ اللُّبْسُ مِنْ حَيْثُ هُوَ جَائِزٌ، وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ وَالْمَسْجِدِ وَحُرْمَتُهُ فِيهِمَا لِقَطْعِ الْفَرْضِ وَصَوْنِ الْمَسْجِدِ عَنْ النَّجَاسَةِ. وَالْمُرَادُ بِنَحْوِهَا نَفْلُ صَلَاةِ نَذْرِهِ لِحُرْمَةِ قَطْعِهِ حِينَئِذٍ، وَلَمْ يُمَثِّلْ لَهُ الشَّارِحُ لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ كَمَا عَلِمْت. قَوْلُهُ:(لِقَطْعِهِ الْفَرْضَ) مِنْ الصَّلَاةِ كَمَا عُلِمَ وَبِخِلَافِ النَّفْلِ مُطْلَقًا إلَّا إنْ اسْتَمَرَّ فِيهِ لِتَلَبُّسِهِ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَا يَحِلُّ لُبْسُهُ) أَيْ جِلْدِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ لِغَيْرِهِمَا وَلَوْ غَيْرَ آدَمِيٍّ، وَيَحِلُّ لَهُمَا وَخَرَجَ بِلُبْسِهِ افْتِرَاشُهُ وَالتَّدَثُّرُ بِهِ فَهُمَا حَلَالٌ مُطْلَقًا. وَكَالْجِلْدِ بَقِيَّةُ الْأَجْزَاءِ، فَيَحْرُمُ تَسْمِيدُ الْأَرْضِ وَدَبْغُ الْجِلْدِ بِدُهْنِهِمَا نَعَمْ يَحِلُّ اسْتِعْمَالُ الشِّيتَةِ الْمَعْرُوفَةِ لِمُشْطِ الْكَتَّانِ مَا لَمْ تَكُنْ رُطُوبَةٌ. قَوْلُهُ:(إلَّا لِضَرُورَةٍ) أَوْ حَاجَةٍ كَمَا مَرَّ فِي الْحَرِيرِ.
قَوْلُهُ: (وَكَذَا جِلْدُ الْمَيْتَةِ لَا يَحِلُّ لُبْسُهُ) وَكَذَا لَا يَحِلُّ اسْتِعْمَالُ بَقِيَّةِ أَجْزَائِهَا نَعَمْ يَحِلُّ الِامْتِشَاطُ بِمُشْطٍ مِنْ نَحْوَ الْعَاجِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ حَيْثُ لَا رُطُوبَةً، وَمَحَلُّ حُرْمَةُ لُبْسِهِ لِلْآدَمِيِّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ فَوْقَ الثِّيَابِ كَفِرَاءِ الذِّئَابِ، وَيَحِلُّ لِغَيْرِ آدَمِيٍّ افْتِرَاشُهُ مُطْلَقًا وَالتَّدَثُّرُ بِهِ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ الِاسْتِصْبَاحُ بِهِ) إلَّا فِي مَسْجِدٍ مُطْلَقًا وَفِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَمَوْقُوفٍ إنْ لَوَّثَ فِيهِمَا وَيَحِلُّ طِلَاءُ السُّفُنِ بِهِ وَإِطْعَامُهُ لِبَهِيمَةٍ وَجَعْلِهِ صَابُونًا مَثَلًا.
(تَنْبِيهٌ) يَجُوزُ تَنْجِيسُ الْبَدَنِ لِغَرَضِ كَعَجْنِ سِرْجِينٍ وَوَطْءِ مُسْتَحَاضَةِ وَإِصْلَاحِ فَتِيلَةٍ فِي زَيْتٍ نَجِسٍ بِنَحْوِ أُصْبُعٍ وَإِنْ وُجِدَ غَيْرُهُ وَالتَّدَاوِي بِهِ وَيَحِلُّ تَنْجِيسُ مِلْكِهِ كَوَضْعِ زَيْتٍ نَجِسٍ فِي إنَاءٍ طَاهِرٍ مَا لَمْ يُضَيِّعْ بِهِ مَالًا وَتَنْجِيسُ مِلْكِ غَيْرِهِ وَمَوْقُوفٍ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ كَالْوُقُودِ بِالسِّرْجِينِ فِي الْبُيُوتِ، وَتَرْبِيَةُ نَحْوَ الدَّجَاجِ فِيهَا وَتَسْمِيدُ الْأَرْضِ وَدَبْغُ الْجِلْدِ بِغَيْرِ مُغَلَّظٍ كَمَا مَرَّ.
(فَرْعٌ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: يَحْرُمُ إلْقَاءُ الْقُمَّلَ وَنَحْوَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ حَيًّا لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِمَوْتِهِ فِيهِ وَيَحْرُمُ إلْقَاءُ الْحَيِّ فِي غَيْرِهِ إنْ تَأَذَّى أَوْ آذَى، وَخَالَفَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَجَوَّزَ إلْقَاءَهُ حَيًّا بِلَا أَذًى وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ:(كَوَدَكِ الْمَيْتَةِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ مُغَلَّظٍ كَمَا مَرَّ.
ــ
[حاشية عميرة]
عَلَى الْفَقِيرِ وَفِي اللَّيْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا جِلْدُ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ) لِنَجَاسَةِ عَيْنِهِمَا.