الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي التَّحْقِيقِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ جَوَازَ اقْتِدَاءِ الْمُنْفَرِدِ. قَالَ: وَاقْتِدَاءُ الْمَسْبُوقِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ كَغَيْرِهِ.
بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ
أَيْ كَيْفِيَّتِهَا مِنْ حَيْثُ الْقَصْرُ وَالْجَمْعُ الْمُخْتَصِّ هُوَ بِجَوَازِهِمَا. وَخَتَمَ بِجَوَازِ الْجَمْعِ بِالْمَطَرِ لِلْمُقِيمِ. (إنَّمَا تُقْصَرُ رُبَاعِيَّةٌ) مِنْ الْخَمْسِ فَلَا قَصْرَ فِي الصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ (مُؤَدَّاةٌ فِي السَّفَرِ الطَّوِيلِ الْمُبَاحِ) أَيْ الْجَائِزِ طَاعَةً كَانَ كَالسَّفَرِ لِلْحَجِّ وَزِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ غَيْرَهَا كَسَفَرِ التِّجَارَةِ (لَا فَائِتَةُ الْحَضَرِ) أَيْ لَا تُقْصَرُ إذَا قُضِيَتْ فِي السَّفَرِ (وَلَوْ قَضَى فَائِتَةَ السَّفَرِ) أَيْ أَرَادَ قَضَاءَهَا. (فَالْأَظْهَرُ قَصْرُهُ فِي السَّفَرِ دُونَ الْحَضَرِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلَّ قَصْرٍ، وَالثَّانِي: يَقْصُرُ فِيهِمَا، وَالثَّالِثُ: يُتِمُّ فِيهِمَا اعْتِبَارًا لِلْأَدَاءِ فِي الْقَصْرِ. وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْحَصْرِ فِي الْمُؤَدَّاةِ دُونَ مَا قَبْلَهُ، فَالْمُرَادُ مِنْ نَفْيِ الْحَصْرِ لِلْقَصْرِ فِي الْمَقْضِيَّةِ مَا ذَكَرَ فِيهَا مِنْ التَّفْصِيلِ عَلَى الرَّاجِحِ فَيَضُمُّ مِنْهُ إلَى الْمُؤَدَّاةِ مَقْضِيَّةَ فَائِتَةِ السَّفَرِ فِيهِ، وَلَوْ شَكَّ فِي أَنَّ الْفَائِتَةَ فَائِتَةُ حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ
ــ
[حاشية قليوبي]
بَابُ كَيْفِيَّةِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ وَمَا يَتْبَعُهَا وَشُرِعَتْ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ قَالَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ. وَقِيلَ: فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ قَالَهُ الدُّولَابِيُّ. وَقِيلَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا. وَأَوَّلُ الْجَمْعِ كَانَ فِي سَفَرِ غَزْوَةِ تَبُوكَ سَنَةَ تِسْعٍ مِنْ الْهِجْرَةِ.
قَوْلُهُ: (الْمُخْتَصِّ هُوَ بِجَوَازِهِمَا) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُمَا مُبَاحَانِ وَفِيهِ مَا مَرَّ فِي مَسْحِ الْخُفِّ وَسَيَأْتِي بَعْضُهُ وَمِنْ وُجُوبِ الْجَمْعِ مَا لَوْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الْأُولَى قَدْرٌ لَوْ لَمْ يَنْوِ الْجَمْعَ فِيهِ عَصَى وَمِنْ وُجُوبِ الْقَصْرِ مَا لَوْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الثَّانِيَةِ قَدْرٌ لَوْ لَمْ يَقْصِرْهُمَا فِيهِ لَخَرَجَ شَيْءٌ مِنْهُمَا خُرُوجًا يَأْثَمُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْجَمْعَ فِي وَقْتِ الْأُولَى.
(فَرْعٌ) لَوْ أَدْرَكَ جَمَاعَةً فِي وَقْتٍ لَا يَسَعُهَا فُرَادَى، وَلَوْ أَحْرَمَ مَعَهُمْ أَدْرَكَهَا كُلَّهَا فِي الْوَقْتِ لِسُقُوطِ الْفَاتِحَةِ عَنْهُ مَثَلًا لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ مَعَهُمْ لِخُرُوجِهِ مِنْ الْإِثْمِ وَإِنْ كَانَ لَوْ أَحْرَمَ مَعَهُمْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِحْرَامُ مَعَهُمْ لِأَنَّ كَوْنَهَا أَدَاءً لَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ الْإِثْمِ وَلَوْ كَانَ فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا مُنْفَرِدًا لَا جَمَاعَةً فَلَهُ الْإِحْرَامُ مَعَهُمْ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَدِّ وَهُوَ جَائِزٌ. قَوْلُهُ:(مِنْ الْخَمْسِ) وَلَوْ بِحَسْبِ الْأَصْلِ فَشَمِلَ صَلَاةَ الصَّبِيِّ وَصَلَاةَ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ فَلَهُ الْقَصْرُ كَغَيْرِهِ، وَشَمِلَ الْمُعَادَةَ وُجُوبًا لِغَيْرِ إفْسَادٍ وَإِنْ كَانَ أَتَمَّ أَصْلَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَشَمِلَ الْمُعَادَةَ نَدْبًا لَكِنْ إنْ قَصَرَ أَصْلَهَا كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ قَصْرُهَا. كَمَا لَوْ شَرَعَ فِيهَا تَامَّةً ثُمَّ أَفْسَدَهَا وَخَرَجَ النَّافِلَةُ وَلَوْ مُطْلَقَةً وَالْمَنْذُورَةُ.
قَوْلُهُ: (مُؤَدَّاةٌ) أَيْ يَقِينًا كَمَا يَأْتِي وَلَوْ مَجَازًا بِأَنْ شَرَعَ فِيهَا بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي السَّفَرِ وَأَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ شَرْحُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ تَبَعًا لِوَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يَكْفِي إدْرَاكُ زَمَنٍ يَسَعُ رَكْعَةً مِنْ الْوَقْتِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي السَّفَرِ، مُرَادُهُمَا أَنَّهُ يَجُوزُ قَصْرُهَا لِكَوْنِهَا فَائِتَةَ سَفَرٍ خِلَافًا لِلْعَلَّامَةِ الْخَطِيبِ مِنْ مَنْعِ قَصْرِهَا لِأَنَّهَا عِنْدَهُ فَائِتَةُ حَضَرٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا عِنْدَهُمَا مُؤَدَّاةٌ بِذَلِكَ الزَّمَنِ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَدَمُ صِحَّةِ وَصْفِ الصَّلَاةِ بِالْقَضَاءِ وَلِمَا مَرَّ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى الْقَضَاءِ فِيمَا لَوْ لَمْ يُوقِعْ مِنْهَا رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَ شُرُوعُهُ فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا فَأَكْثَرَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْجَائِزِ) فَالْمُرَادُ بِالْمُبَاحِ غَيْرُ الْحَرَامِ. قَوْلُهُ: (طَاعَةً) شَمِلَ الْوَاجِبَ وَالْمَنْدُوبَ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ سَفَرُ الْحَجِّ مِثَالًا لَهُمَا لِوُجُوبِهِ فِي حَالَةٍ وَنَدْبِهِ فِي أُخْرَى. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهَا) مُبَاحًا أَوْ مَكْرُوهًا وَيَصِحُّ كَوْنُ سَفَرِ التِّجَارَةِ مِثَالًا لَهُمَا لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَكْرُوهًا كَالتِّجَارَةِ فِي أَكْفَانِ
ــ
[حاشية عميرة]
يَعْنِي مَنَعَ مِنْهُ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ مَكْرُوهٌ مَانِعٌ مِنْ الْفَضِيلَةِ كَمَا سَلَفَ. فَلِهَذَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ هَذَا مُرَادُهُ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ كَانَ الْمُلَائِمُ لَهُ أَنْ يَقُولَ مِنْ حَيْثُ فَوَاتِ الْفَضِيلَةِ.
[بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنَّمَا تُقْصَرُ) قَدَّمَ الْقَصْرَ لِلْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا قَصْرَ فِي الصُّبْحِ) تَعَرَّضَ لِمُحْتَرَزِ هَذَا الْقَيْدِ دُونَ الْقُيُودِ الْآتِيَةِ لِأَنَّ الْخَارِجَ بِهَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْجَائِزِ) أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ مَعْنَاهُ الْأُصُولِيَّ وَحِينَئِذٍ فَالْخَارِجُ بِهِ الْحَرَامُ لَا غَيْرُهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَكْرُوهُ كَسَفَرِ الْمُنْفَرِدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا فَائِتَةُ الْحَضَرِ) لِأَنَّهَا قَدْ تَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّتِهِ أَرْبَعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَظْهَرُ قَصْرُهُ إلَخْ) نَظَرًا إلَى قِيَامِ الْعُذْرِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَقْصُرُ فِيهِمَا) أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ فِي الْقَضَاءِ مَا كَانَ يَلْزَمُهُ فِي الْأَدَاءِ. قَوْلُهُ:
أَتَمَّ فِيهِ احْتِيَاطًا.
(وَمَنْ سَافَرَ مِنْ بَلْدَةٍ) لَهَا سُورٌ (فَأَوَّلُ سَفَرِهِ مُجَاوَزَةُ سُورِهَا) الْمُخْتَصِّ بِهَا وَإِنْ كَانَ دَاخِلَهُ مَوَاضِعُ خَرِبَةٌ وَمَزَارِعُ لِأَنَّ جَمِيعَ مَا هُوَ دَاخِلُهُ مَعْدُودٌ مِنْ الْبَلْدَةِ. (فَإِنْ كَانَ وَرَاءَهُ عِمَارَةٌ) أَيْ دُورٌ مُتَلَاصِقَةٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.
وَفِي الْمُحَرَّرِ عِمَارَاتٌ وَدُورٌ (اُشْتُرِطَ مُجَاوَزَتُهَا) أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) لِتَبَعِيَّتِهَا لِلْبَلَدِ بِالْإِقَامَةِ فِيهَا (قُلْتُ: الْأَصَحُّ لَا يُشْتَرَطُ) مُجَاوَزَتُهَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ مِنْ الْبَلَدِ، وَهَذَا التَّصْحِيحُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ شَرْحِ الرَّافِعِيِّ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ. (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) لَهَا (سُورٌ) مُطْلَقًا أَوْ فِي صَوْبِ سَفَرِهِ (فَأَوَّلُهُ مُجَاوَزَةُ الْعُمْرَانِ) حَتَّى لَا يَبْقَى بَيْتٌ مُتَّصِلٌ وَلَا مُنْفَصِلٌ وَالْخَرَابُ الَّذِي يَتَخَلَّلُ الْعِمَارَاتِ حُدُودٌ مِنْ الْبَلَدِ كَالنَّهْرِ بَيْنَ جَانِبَيْهَا (لَا الْخَرَابُ) الَّذِي لَا عِمَارَةَ وَرَاءَهُ فَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْضِعَ إقَامَةٍ. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ لِأَنَّهُ مَعْدُودٌ مِنْ الْبَلَدِ. وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (وَ) لَا (الْبَسَاتِينُ) وَالْمَزَارِعُ الْمُتَّصِلَةُ بِالْبَلَدِ فَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا وَإِنْ كَانَتْ مَحُوطَةً لِأَنَّهَا لَمْ تُتَّخَذْ لِلسُّكْنَى. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ لِمَا ذَكَرَ فَإِنْ كَانَ
ــ
[حاشية قليوبي]
الْمَوْتَى وَالسَّفَرِ مُنْفَرِدًا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَلَا تَزُولُ الْكَرَاهَةُ إلَّا بِثَلَاثَةٍ. قَوْلُهُ: (يَقْصُرُ فِيهِمَا) اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الْفَوَاتِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ وَلَوْ بِرُجْحَانٍ. قَوْلُهُ: (احْتِيَاطًا) أَيْ بِالرُّجُوعِ إلَى الْأَصْلِ مِنْ لُزُومِهَا ذِمَّةً تَامَّةً.
قَوْلُهُ: (لَهَا سُورٌ) هُوَ بِالْهَمْزَةِ اسْمٌ لِبَقِيَّةِ الشَّيْءِ وَبِعَدَمِهِ اسْمٌ لِلْمُرَادِ هُنَا بِمَعْنَى الْمُحِيطِ بِالشَّيْءِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَخْتَصُّ بِالْبَلَدِ وَلَوْ مِنْ نَحْوِ تُرَابٍ لِمَنْعِ الْعَدُوِّ أَوْ جَبَلٍ، وَإِنْ تَعَدَّدَ إنْ لَمْ يُهْجَرْ وَسَافَرَ مِنْ جِهَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ اُعْتُبِرَ الْخَنْدَقُ وَهُوَ مَا يُحْفَرُ حَوْلَ الْبَلَدِ اسْتِغْنَاءً بِهِ عَنْ السُّورِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَاءٌ فَإِنْ فُقِدَا اُعْتُبِرَتْ الْقَنْطَرَةُ وَهِيَ مَا عُقِدَ خَارِجَ الْبَابِ فِي عَرْضِ حَائِطِهِ لَا مَا زَادَ عَلَى عَرْضِهَا، وَسَوَاءٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ سَافَرَ فِي الْبَرِّ أَمْ فِي الْبَحْرِ فِي عَرْضِ الْبَلَدِ أَوْ فِي طُولِهِ، وَمَا فِي شَرْحِ الْمُعْسِرِ الرَّمْلِيِّ مِمَّا يُوهِمُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مَعَ السُّورِ مَا يُعْتَبَرُ مَعَ الْعُمْرَانِ فِي سَيْرِ الْبَحْرِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ. قَوْلُهُ:(دُورٌ مُتَلَاصِقَةٌ) أَفَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُلَاصَقَتِهَا لِلسُّورِ وَأَنَّهَا الْمُرَادُ بِالْعِمَارَةِ فَعَطْفُ الْمُحَرَّرِ لَهَا تَفْسِيرٌ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا التَّصْحِيحُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ) وَهُوَ مَا اخْتَصَرَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ عِبَارَةِ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ لِلرَّافِعِيِّ. وَهَذَا تَمْهِيدٌ لِلِاعْتِرَاضِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُحْتَمِلٌ) أَيْ عِبَارَةُ الشَّرْحِ مُحْتَمِلَةٌ لِلِاشْتِرَاطِ وَعَدَمِهِ وَلَيْسَ فِيهَا تَصْحِيحٌ لِأَحَدِهِمَا فَنِسْبَةُ التَّصْحِيحِ إلَيْهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ الْمَذْكُورِ.
وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَمَا قِيلَ خِلَافُ هَذَا مَرْجُوحٌ عَنْهُ. قَوْلُهُ:(مُجَاوَزَةُ الْعُمْرَانِ) أَيْ خُرُوجُهُ مِنْهَا إنْ سَافَرَ مِنْ دَاخِلِهَا وَخُرُوجُهُ مِنْ مُحَاذَاتِهَا، إنْ سَافَرَ مِنْ جَانِبِهَا وَسَيْرُ السَّفِينَةِ فِي الْبَحْرِ كَذَلِكَ، فَيُشْتَرَطُ خُرُوجُ السَّفِينَةِ مِنْ مُحَاذَاةِ الْعُمْرَانِ لِمَنْ سَافَرَ فِي طُولِ الْبَحْرِ وَجَرْيُهَا أَوْ جَرْيُ الزَّوْرَقِ إلَيْهَا آخِرَ مَرَّةٍ لِمَنْ سَافَرَ فِي عَرْضِهِ ابْتِدَاءً، وَإِنْ سَافَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي طُولِهِ فَلِمَنْ فِي السَّفِينَةِ بَعْدَ جَرْيِ الزَّوْرَقِ آخِرَ مَرَّةٍ أَنْ يَتَرَخَّصَ وَإِنْ كَانَتْ وَاقِفَةً. قَوْلُهُ:(وَقِيلَ يُشْتَرَطُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْكَلَامُ فِي خَرَابٍ لَمْ يُدَرَّسْ وَلَمْ يُهْجَرْ بِالتَّحْوِيطِ عَلَى الْعَامِرِ، وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ قَطْعًا وَفِي كَلَامِ الْعَلَّامَةِ السَّنْبَاطِيِّ مَا يُصَرِّحُ بِخِلَافِ هَذَا وَلَعَلَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ. قَوْلُهُ:(الْمُتَّصِلَةِ) رَاجِعٌ لِلْبَسَاتِينِ وَالْمَزَارِعِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (لِمَا ذُكِرَ) بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ مَعْدُودٌ
ــ
[حاشية عميرة]
اعْتِبَارًا لِلْأَدَاءِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ رُدَّتْ إلَى رَكْعَتَيْنِ فَإِذَا فَاتَتْ يَأْتِي بِأَرْبَعٍ كَالْجُمُعَةِ.
قَوْلُهُ: (فَالْمُرَادُ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ يَرُدُّ عَلَيْهَا حُكْمُ فَوَائِتِ الْحَضَرِ الْمُسْتَفَادُ مِنْ حَصْرِ الْقَصْرِ فِي الْمُؤَدَّاةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالتَّفْصِيلِ مَا يَشْمَلُ قَوْلَ الْمَتْنِ لَا فَائِتَةَ الْحَضَرِ فَلَا إيرَادَ حِينَئِذٍ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (سُورِهَا) هُوَ بِالْهَمْزِ الْبَقِيَّةُ وَبِعَدَمِهِ الْمُحِيطُ بِالْبَلَدِ. قَوْلُهُ: (أَيْ دُورٌ مُتَلَاصِقَةٌ) .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَيْ تَلَاصُقًا مُعْتَادًا وَنَقَلَ عَنْ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى بَابِ الْبَلَدِ قَنْطَرَةٌ اُشْتُرِطَ مُجَاوَزَتُهَا. قَوْلُهُ: (وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ) يَعْنِي حُكِيَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ شَرْحِ الرَّافِعِيِّ هَذَا التَّصْحِيحُ.
قَالَ الشَّارِحُ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ ثُمَّ رَاجَعْت الرَّافِعِيَّ فَوَجَدْت آخِرَ كَلَامِهِ قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ تَرْجِيحُ الِاشْتِرَاطِ. وَلِذَا نَسَبَ الْإِسْنَوِيُّ إلَى الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ ذَلِكَ وَقَالَ اعْتَمِدْهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُحْتَمَلٌ) هُوَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّارِحَ يَقُولُ هَذَا الَّذِي نَسَبَهُ النَّوَوِيُّ لِشَرْحِ الرَّافِعِيِّ مِنْ تَرْجِيحِ عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ كَلَامُ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ يَحْتَمِلُهُ.
قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ) هَذَا الَّذِي نَسَبَهُ لِشَرْحِ الْمُهَذَّبِ صَوَّرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَهْجُرُوهُ بِالتَّحْوِيطِ عَلَى الْعَامِرِ دُونَهُ، وَلَا اتَّخَذَ مَزَارِعَ وَنَفَى ابْنُ النَّقِيبِ الْخِلَافَ فِي الْمَهْجُورِ وَالْمُتَّخَذِ مَزَارِعَ.
قَوْلُهُ: (لِمَا ذَكَرَ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ مَعْدُودٌ مِنْ الْبَلَدِ. وَقَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَجْتَمِعُونَ لِلسَّمَرِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَوْ مُتَفَرِّقَةٌ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِذَا رَجَعَ)
فِيهَا قُصُورٌ أَوْ دُورٌ تُسْكَنُ فِي بَعْضِ فُصُولِ السَّنَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَتِهَا. كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا.
قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ الرَّافِعِيِّ: وَفِيهِ نَظَرٌ. وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْجُمْهُورُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْبَلَدِ.
(وَالْقَرْيَةُ كَبَلْدَةٍ) فَيُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْعُمْرَانِ فِيهَا لَا الْخَرَابِ وَالْبَسَاتِينِ وَالْمَزَارِعِ وَإِنْ كَانَتْ مَحُوطَةً.
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْمَحُوطَةِ. وَكَذَا قَالَ الْإِمَامُ فِي الْبَسَاتِينِ دُونَ الْمَزَارِعِ وَالْقَرْيَتَانِ لَا انْفِصَالَ بَيْنَهُمَا: يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُمَا وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ.
وَالْمُنْفَصِلَتَانِ يَكْفِي مُجَاوَزَةُ إحْدَاهُمَا. وَاشْتَرَطَ ابْنُ سُرَيْجٍ مُجَاوَزَةَ الْمُتَقَارِبَتَيْنِ وَلَوْ جَمَعَ سُورَ قُرًى مُتَفَاصِلَةٍ أَوْ بَلْدَتَيْنِ مُتَقَارِبَتَيْنِ لَمْ يُشْتَرَطْ مُجَاوَزَةُ السُّورِ.
(وَأَوَّلُ سَفَرِ سَاكِنِ الْخِيَامِ) كَالْأَعْرَابِ وَالْأَكْرَادِ. (مُجَاوَزَةُ الْحِلَّةِ) مُجْتَمَعَةً كَانَتْ أَوْ مُتَفَرِّقَةً بِحَيْثُ يَجْتَمِعُونَ لِلسَّمَرِ فِي نَادٍ وَاحِدٍ، وَيَسْتَعِيرُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَهِيَ كَأَبْنِيَةِ الْقَرْيَةِ وَالْحِلَّتَانِ كَالْقَرْيَتَيْنِ الْمُتَقَارِبَتَيْنِ، وَيُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ مَرَافِقِهَا كَمَطْرَحِ الرَّمَادِ وَمَلْعَبِ الصِّبْيَانِ وَالنَّادِي وَمَعَاطِنِ الْإِبِلِ فَإِنَّهَا مَعْدُودَةٌ مِنْ مَوَاضِعِ إقَامَتِهِمْ.
(وَإِذَا رَجَعَ) مِنْ السَّفَرِ (انْتَهَى سَفَرُهُ بِبُلُوغِهِ مَا شُرِطَ مُجَاوَزَتُهُ ابْتِدَاءً) مِنْ سُورٍ أَوْ عُمْرَانٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَيَنْتَهِي تَرَخُّصُهُ.
(وَلَوْ نَوَى) الْمُسَافِرُ (إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِمَوْضِعٍ) عَيَّنَهُ (انْقَطَعَ سَفَرُهُ بِوُصُولِهِ) أَيْ بِوُصُولِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَلَوْ نَوَى بِمَوْضِعٍ وَصَلَ إلَيْهِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ
ــ
[حاشية قليوبي]
مِنْ الْبَلَدِ.
قَوْلُهُ: (فِي بَعْضِ فُصُولِ السَّنَةِ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ فَصْلٌ مِنْهَا فَأَكْثَرُ أَوْ بَعْضُ كُلِّ فَصْلٍ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ مَطْرَحِ الرَّمَادِ وَالْمَقَابِرِ وَنَحْوِهَا فِي الْبَلَدِ وَالْقَرْيَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ الْحِلَّةِ.
قَوْلُهُ: (لَا انْفِصَالَ بَيْنَهُمَا) أَيْ عُرْفًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُمَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ اخْتَلَفَ اسْمُهُمَا وَكَالْقَرْيَتَيْنِ الثَّلَاثُ وَالْأَكْثَرُ. قَوْلُهُ:(يَكْفِي) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَاشْتَرَطَ ابْنُ سُرَيْجٍ) مَرْجُوحٌ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَشْتَرِطْ مُجَاوَزَةَ السُّورِ) فَلَهُ الْقَصْرُ فِي جِدَارِهِ حَيْثُ فَارَقَ الْعُمْرَانَ، وَإِنْ سَافَرَ مِنْ جِهَتِهِ.
قَوْلُهُ: (مُجَاوَزَةُ الْحِلَّةِ) وَإِنْ اتَّسَعَتْ كَالْبَلَدِ، وَهِيَ بِكَسْرِ الْحَاءِ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِلْحَيِّ النَّازِلِ فِيهَا أَوْ لِمَنْزِلِهِ، وَمِنْهُ الْمَرَافِقُ الْمَذْكُورَةُ وَالْخَيْمَةُ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِأَرْبَعَةِ أَعْوَادٍ تُنْصَبُ وَيُسْقَفُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ، وَجَمْعُهَا خِيَمٌ وَجَمْعُهُ خِيَامٌ كَقَلْعَةٍ وَقِلَعٍ وَقِلَاعٍ. وَإِطْلَاقُ الْخَيْمَةِ عَلَى الْمُتَعَارَفِ مِنْ الثِّيَابِ وَنَحْوِهَا مَجَازٌ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا.
قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: هُوَ قَيْدٌ فِي الْمُتَفَرِّقَةِ لِتَصِيرَ كَالْمُجْتَمِعَةِ فَرَاجِعْهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْحِلَّةُ فِي بَعْضِ وَادٍ أَوْ بَعْضِ مِصْعَدٍ أَوْ بَعْضِ مَهْبِطٍ اُشْتُرِطَ مُجَاوَزَةُ بَقِيَّةِ ذَلِكَ فِي الثَّلَاثَةِ إنْ اعْتَدَلَتْ. وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ. وَلَوْ كَانَ لِكُلِّ حِلَّةٍ مَرَافِقُ خَاصَّةٌ بِهَا فَهِيَ فِي اعْتِبَارِ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِمَا لَهَا عَلَى حِدَتِهَا كَالْقُرَى فِيمَا مَرَّ وَمَنْ كَانَ نَازِلًا وَحْدَهُ اُعْتُبِرَ مُجَاوَزَةُ رَحْلِهِ.
(تَنْبِيهٌ) شَمِلَ مَا ذَكَرَ جَوَازَ التَّرَخُّصِ لِمَنْ قَصَدَ سَفَرَ قَصْرٍ إذَا جَاوَزَ مَا تُعْتَبَرُ مُجَاوَزَتُهُ وَإِنْ قَصَدَ إقَامَةً بَعْدَهُ وَلَوْ بِمَوْضِعٍ قَرِيبٍ فَلَهُ التَّرَخُّصُ قَبْلَهُ. وَكَذَا فِيهِ إنْ نَوَى إقَامَةً لَا تَقْطَعُ السَّفَرَ وَسَيَأْتِي مَنْ نَوَى الرُّجُوعَ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا رَجَعَ) هُوَ قَيْدٌ لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ وَإِلَّا فَمَحَلُّ الِانْتِهَاءِ لَا يَتَقَيَّدُ بِالرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ. قَوْلُهُ: (بِبُلُوغِهِ) أَيْ وُصُولِهِ إلَى السُّورِ أَوْ الْعُمْرَانِ أَوْ مَرَافِقِ الْحِلَّةِ، وَمَنْ نَوَى رُجُوعًا إلَى وَطَنِهِ وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ الْإِقَامَةَ بِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ سَافَرَ مِنْهُ أَوْ لِحَاجَةٍ أَوْ لِغَيْرِ وَطَنِهِ لَا لِحَاجَةٍ انْقَطَعَ سَفَرُهُ بِمُجَرَّدِ نِيَّتِهِ فَلَيْسَ لَهُ التَّرَخُّصُ فِي مَوْضِعِهِ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لِلْإِقَامَةِ وَلَا فِي رُجُوعِهِ إنْ لَمْ يَبْلُغْ سَفَرَ قَصْرٍ.
قَوْلُهُ: (بِمَوْضِعٍ) سَيَذْكُرُ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ وَفِيمَا
ــ
[حاشية عميرة]
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَيْ مِنْ سَفَرِ الْقَصْرِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا الرُّجُوعُ مِنْ دُونِهِ فَإِنْ كَانَ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ انْتَهَى سَفَرُهُ بِعَزْمِهِ عَلَى الْعَوْدِ وَإِنْ رَجَعَ لِحَاجَةٍ فَإِنْ كَانَ لِمَحَلِّ وَطَنِهِ لَمْ يَتَرَخَّصْ وَإِنْ كَانَ مَحَلَّ إقَامَتِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِيطَانٍ فَلَهُ التَّرَخُّصُ. قَالَ: وَحَيْثُ قُلْنَا لَا يَتَرَخَّصُ إذَا عَادَ فَإِنَّهُ يَصِيرُ عَائِدًا بِالنِّيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ اهـ. أَقُولُ: لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ نِيَّةِ الرُّجُوعِ مِنْ السَّفَرِ الطَّوِيلِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ لِحَاجَةٍ فِي غَيْرِ وَطَنِهِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى الْقَصْرِ وَلَا تُؤَثِّرُ النِّيَّةُ وَإِنْ كَانَ لِوَطَنِهِ فَيَنْقَطِعُ التَّرَخُّصُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الرُّجُوعِ وَبَعْدَ سَفَرٍ جَدِيدٍ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمِنْهَاجِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي مَا يُوَافِقُ هَذَا عِنْدَ التَّأَمُّلِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ بِحُكْمِ الْعَوْدِ لِحَاجَةٍ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِبُلُوغِهِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ رحمه الله لَوْ أَنْشَأَ سَفَرًا مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى مَكَّةَ وَنَوَى أَنَّهُ إذَا قَضَى مَنَاسِكَهُ رَجَعَ إلَى الشَّامِ عَنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ فَلَا يَتَرَخَّصُ فِي الْمَدِينَةِ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ اهـ.
وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَتْ الْمَدِينَةُ وَطَنَهُ ثُمَّ رَأَيْت نُسْخَةً فِيهَا إسْقَاطُ (لَا) مِنْ لَا يَتَرَخَّصُ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ) مِنْهُ مَرَافِقُ الْحِلَّةِ وَقَوْلُهُ فَيَنْتَهِي تَرَخُّصُهُ هُوَ الْحُكْمُ الْمُرَادُ مِنْ الْمَتْنِ.
قَوْلُهُ: (عَيَّنَهُ) لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ عَلَى دُونِ
أَيَّامٍ انْقَطَعَ سَفَرُهُ بِالنِّيَّةِ، وَلَوْ نَوَى إقَامَةَ مَا دُونَ الْأَرْبَعَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ لَمْ يَنْقَطِعْ سَفَرُهُ وَلَوْ أَقَامَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ بِلَا نِيَّةٍ انْقَطَعَ سَفَرُهُ بِتَمَامِهَا. وَأَصْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ حَدِيثُ:«يُقِيمُ الْمُهَاجِرُ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ «وَكَانَ يَحْرُمُ عَلَى الْمُهَاجِرِ الْإِقَامَةُ بِمَكَّةَ وَمُسَاكَنَةُ الْكُفَّارِ» . كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَالتَّرْخِيصُ بِالثَّلَاثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ بِخِلَافِ الْأَرْبَعَةِ وَأَلْحَقَ بِإِقَامَتِهَا نِيَّةَ إقَامَتِهَا، وَتُعْتَبَرُ بِلَيَالِيِهَا (وَلَا يُحْسَبُ مِنْهَا يَوْمَا دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ فِيهِمَا الْحَطَّ وَالرَّحِيلَ، وَهُمَا مِنْ أَشْغَالِ السَّفَرِ، وَالثَّانِي يُحْسَبَانِ مِنْهَا كَمَا يُحْسَبُ مِنْ مُدَّةِ مَسْحِ الْخُفِّ يَوْمُ الْحَدَثِ وَيَوْمُ النَّزْعِ، فَلَوْ دَخَلَ يَوْمَ السَّبْتِ وَقْتَ الزَّوَالِ بِنِيَّةِ الْخُرُوجِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَقْتَ الزَّوَالِ صَارَ مُقِيمًا عَلَى الثَّانِي، وَلَوْ دَخَلَ لَيْلًا لَمْ تُحْسَبْ بَقِيَّةُ اللَّيْلَةِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَوْ نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ الْعَبْدُ أَوْ الزَّوْجَةُ أَوْ الْجَيْشُ وَلَمْ يَنْوِ السَّيِّدُ وَلَا الزَّوْجُ وَلَا الْأَمِيرُ فَأَقْوَى الْوَجْهَيْنِ لَهُمْ الْقَصْرُ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَقِلُّونَ، فَنِيَّتُهُمْ كَالْعَدَمِ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَعَبَّرَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِالْأَصَحِّ، وَلَوْ نَوَى إقَامَةَ الْأَرْبَعَةِ الْمُحَارِبُ أَيْ الْمُقِيمُ عَلَى الْقِتَالِ فَكَغَيْرِهِ. وَفِي قَوْلٍ يَقْصُرُ أَبَدًا لِأَنَّهُ قَدْ يُضْطَرُّ إلَى الِارْتِحَالِ فَلَا يَكُونُ لَهُ قَصْدٌ جَازِمٌ، وَلَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ مُطْلَقًا انْقَطَعَ سَفَرُهُ وَفِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَوْضِعُ صَالِحًا لَهَا كَالْمَفَازَةِ قَوْلٌ إنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ، وَنِيَّتُهُ لَغْوٌ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَلَوْ نَوَاهَا وَهُوَ سَائِرٌ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا لِوُجُودِ السَّفَرِ ذَكَرَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ انْتَهَى. وَذَكَرَ فِي التَّهْذِيبِ أَنَّهُ يَصِيرُ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِقَامَةُ فَيَعُودُ إلَيْهَا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ.
(وَلَوْ أَقَامَ بِبَلَدٍ) أَوْ قَرْيَةٍ (بِنِيَّةِ أَنْ يَرْحَلَ إذَا حَصَلَتْ حَاجَةٌ يَتَوَقَّعُهَا كُلَّ وَقْتٍ قَصَرَ
ــ
[حاشية قليوبي]
بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (بِوُصُولِهِ. . .) وَإِنْ لَمْ يَمْكُثْ فِيهِ وَلَهُ التَّرَخُّصُ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ وَإِنْ بَقِيَ مِنْ مَقْصِدِهِ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ. وَكَذَا بَعْدَ إقَامَةِ الْأَرْبَعَةِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: (يُقِيمُ) أَيْ يَمْكُثُ وَلَوْ لَحْظَةً. قَوْلُهُ: (وَكَانَ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى يُقِيمُ فَهُوَ حَدِيثٌ آخَرُ. قَوْلُهُ: (رَوَاهُ) أَيْ الْمَذْكُورَ وَالْأَنْسَبُ رَوَاهُمَا كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (وَتُعْتَبَرُ بِلَيَالِيِهَا) فَهِيَ تَابِعَةٌ لِلْأَيَّامِ فَلَوْ دَخَلَ فِي أَثْنَاءِ لَيْلَةٍ لَغَا الْيَوْمُ قَبْلَهَا وَبَاقِيهَا. قَوْلُهُ: (يُحْسَبَانِ مِنْهَا) أَيْ تُحْسَبُ مُدَّةُ إقَامَتِهِ فِيهِمَا مِنْهَا. قَوْلُهُ: (فَأَقْوَى الْوَجْهَيْنِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فَكَغَيْرِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ عَنْ التَّقْيِيدِ بِمُدَّةٍ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَوَاهَا وَهُوَ سَائِرٌ) أَيْ لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ فِي بَلَدٍ بَعْدَ دُخُولِهِ أَوْ فِي مَوْضِعٍ هُوَ فِيهِ، وَاسْتَمَرَّ سَائِرًا فِيهِمَا لَمْ يَنْقَطِعْ سَفَرُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
(تَنْبِيهٌ) سَكَتَ عَنْ إقَامَةِ مَا بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَأَرْبَعَةٍ لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ، وَمَا فِي الْمَنْهَجِ مَحْمُولٌ عَلَى نِيَّةِ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (كُلَّ وَقْتٍ) مُرَادُهُ مُدَّةٌ لَا تَقْطَعُ السَّفَرَ. قَوْلُهُ: (قَصَرَ) أَيْ فَيُجْزِئهُ بِغَيْرِ سُقُوطِ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ وَالتَّوَجُّهِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فِي النَّافِلَةِ. قَوْلُهُ:
ــ
[حاشية عميرة]
مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ مَبْدَأِ سَفَرِهِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ مِنْ التَّرَخُّصِ إلَى وُصُولِهِ اعْتِبَارًا بِقَصْدِهِ أَوَّلًا مَسَافَةَ الْقَصْرِ. قُلْت: وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا لَوْ قَصَدَ بَعْدَ أَنْ سَارَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ الرُّجُوعَ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي سَارَ مِنْهُ لِيُقِيمَ بِهِ وَكَانَ مَحَلَّ إقَامَتِهِ فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَطَنَهُ ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي الصَّالِحِ فِي الْإِقَامَةِ وَغَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَوَى إلَخْ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ مُجَرَّدَ وُصُولِ الْمَقْصِدِ مِنْ غَيْرِ إقَامَةِ الْأَرْبَعَةِ وَلَا نِيَّتِهَا لَا يُؤَثِّرُ شَيْئًا فِي التَّرَخُّصِ. قَوْلُهُ: (الْإِقَامَةُ بِمَكَّةَ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ رحمه الله قَبْلَ الْفَتْحِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) .
قَالَ السُّبْكِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ إقَامَتِهِمَا مَا يُكْمَلُ بِهِ الرَّابِعُ. قَوْلُهُ: (يُحْسَبَانِ) أَيْ يُحْسَبُ مِنْهُمَا مُدَّةُ الْإِقَامَةِ مِنْهُمَا. وَقَوْلُهُ: كَمَا يُحْسَبُ مِنْ مُدَّةِ مَسْحِ الْخُفِّ إلَخْ يَعْنِي مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْحَدَثُ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ مَثَلًا حُسِبَ بَاقِي النَّهَارِ مِنْ الْمُدَّةِ وَلَا نُهْمِلُهُ وَنَبْدَأُ مِنْ الْغَدِ.
قَالَ السُّبْكِيُّ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَعْنِي الصَّحِيحَ الَّذِي فِي الْمَتْنِ لَا يَضُرُّ انْضِمَامُ إقَامَةِ يَوْمِ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ إلَى الثَّلَاثَةِ، وَلَوْ زَادَتْ بِالتَّلْفِيقِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ. قَوْلُهُ:(صَارَ مُقِيمًا عَلَى الثَّانِي) أَيْ بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ وَإِنْ دَخَلَ صَحْوَةَ يَوْمِ السَّبْتِ عَلَى عَزْمِ عَشِيَّةِ الْأَرْبِعَاءِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّخْصَ لَوْ نَوَى إقَامَةً تَزِيدُ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَهِيَ دُونَ الْأَرْبَعَةِ لَمْ يَصِرْ مُقِيمًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ كَمَا سَلَفَ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ. لَكِنَّهُ قَدْ يُخَالِفُ قَوْلَ الْغَزَالِيِّ كَشَيْخِهِ إذَا نَوَى زِيَادَةً عَلَى الثَّلَاثِ صَارَ مُقِيمًا.
قَالَ الرَّافِعِيُّ رحمه الله: هُوَ مُخَالِفٌ فِي الصُّورَةِ، وَلَا مُخَالَفَةَ فِي الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ الْجُمْهُورَ احْتَمَلُوا زِيَادَةً لَا تَبْلُغُ الْأَرْبَعَةَ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ، وَهُمَا لَمْ يَحْتَمِلَا زِيَادَةً عَلَى الثَّلَاثِ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ، وَفَرْضُ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ بِحَيْثُ لَا تَبْلُغُ الْأَرْبَعَةَ وَيَكُونُ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ مِمَّا لَا يُمْكِنُ اهـ.
وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ كَالْجُمْهُورِ تُغْتَفَرُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثِ إذَا كَانَتْ دُونَ الْأَرْبَعِ مَعْنَاهُ الزِّيَادَةُ مِنْ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ. قَوْلُهُ: (لَمْ تُحْسَبْ بَقِيَّةُ اللَّيْلَةِ عَلَى الْأَوَّلِ) وَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَيْلَةُ دُخُولِهِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ
ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا) لِأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم أَقَامَهَا بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ لِحَرْبِ هَوَازِنَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. (وَقِيلَ:) قَصَرَ (أَرْبَعَةً) فَقَطْ أَيْ غَيْرَ تَامَّةٍ لِأَنَّ الْقَصْرَ يَمْتَنِعُ بِنِيَّةِ إقَامَةِ الْأَرْبَعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَبِفِعْلِهَا أَوْلَى لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ النِّيَّةِ. (وَفِي قَوْلٍ) قَصَرَ (أَبَدًا) أَيْ بِحَسْبِ الْحَاجَةِ لِظُهُورِ أَنَّهُ لَوْ زَادَتْ حَاجَتُهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ لَقَصَرَ فِي الزَّائِدِ أَيْضًا. (وَقِيلَ: الْخِلَافُ) الْمَذْكُورُ وَهُوَ فِي الزَّائِدِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ (فِي خَائِفِ الْقِتَالِ) وَالْمُقَاتِلِ (لَا التَّاجِرِ وَنَحْوِهِ) كَالْمُتَّفِقَةِ فَلَا يَقْصُرَانِ فِي الزَّائِدِ عَلَيْهَا قَطْعًا وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلْحَرْبِ أَثَرًا فِي تَغْيِيرِ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ فَلَهُ الْقَصْرُ إلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ كَمَا وَصَفْنَا، وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ الْقَصْرَ إلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِذَا زَادَ لَمْ يَقْصُرْ. وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ النَّافِي لِلزَّائِدِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ مَحْكِيٌّ قَوْلًا فِي طَرِيقَةٍ مَنْفِيٌّ فِي أُخْرَى أَسْقَطَهَا مِنْ الرَّوْضَةِ، فَسَاغَ تَعْبِيرُهُ فِيهِ هُنَا بِقِيلَ نَظَرًا لِلطَّرِيقَةِ الْحَاكِيَةِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ مُشَوِّشًا لِلْفَهْمِ عَلَى أَنَّهَا الْمُصَحَّحَةُ فَلَوْ قَالَ بَدَلَ قِيلَ: وَفِي قَوْلٍ كَانَ حَسَنًا. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأَرْبَعَةَ لَا يُحْسَبُ مِنْهَا يَوْمُ الدُّخُولِ. وَكَذَا يُقَالُ فِي الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ.
(وَلَوْ
ــ
[حاشية قليوبي]
لِحَرْبِ هَوَازِنَ) وَهِيَ غَزْوَةُ الطَّائِفِ حِينَ حَاصَرَهُمْ صلى الله عليه وسلم تِلْكَ الْمُدَّةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ، وَقَدْ أَقَامَ فِي فَتْحِ مَكَّةَ تِلْكَ الْمُدَّةَ يَقْصُرُ أَيْضًا. قَوْلُهُ:(ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) وَرُوِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ وَتِسْعَةَ عَشَرَ وَعِشْرِينَ وَحُمِلَ الْأَخِيرُ عَلَى حُسْبَانِ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا وَالْأَوَّلُ عَلَى فَوَاتِ يَوْمٍ قَبْلَ حُضُورِ الرَّاوِي لَهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ غَيْرَ تَامَّةٍ) لِأَنَّ التَّامَّةَ دَاخِلَةٌ فِي خِلَافِ الْمُحَارِبِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ إلَخْ) أَشَارَ بِذِكْرِهَا إلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ تَمَامِ الْأَرْبَعَةِ فَهِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ وَتَعْبِيرُ الْمُحَرَّرِ بِالْأَصَحِّ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ اصْطِلَاحٌ فِي التَّعْبِيرِ عَنْ الْخِلَافِ وَتَعْبِيرُ الشَّارِحِ بِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ مُجَارَاةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ فِي الْمِنْهَاجِ بِنَوْعِ الْخِلَافِ.
وَحَكَى مُقَابِلَيْهِ تَارَةً بِقِيلَ وَتَارَةً بِقَوْلٍ وَمُرَادُ الشَّارِحِ بِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ مَا عَبَّرَ عَنْهُ الْمِنْهَاجُ بِقِيلَ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ. وَمُرَادُهُ بِالطَّرِيقَةِ الْمَحْكِيِّ فِيهَا قَوْلًا مَا ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَالْمُحَرِّرُ لِأَنَّ مُقَابِلَهَا الَّتِي هِيَ مَنْفِيٌّ فِيهَا غَيْرُ مَذْكُورَةٍ. وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ لَهَا لِيُبَيِّنَ بِهَا شِدَّةَ ضَعْفِ هَذَا الْقَوْلِ بِنَفْيِهِ فِيهَا الْمُسَوِّغَ لِلتَّعْبِيرِ فِيهِ بِقِيلَ فِي الطَّرِيقَةِ الْحَاكِيَةِ لَهُ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: نَظَرًا لِلطَّرِيقَةِ الْحَاكِيَةِ لَهُ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا اعْتَنَى بِذِكْرِ الطَّرِيقَةِ الْحَاكِيَةِ لَهُ احْتَاجَ لِذِكْرِهِ، وَلَكِنْ تَعْبِيرُهُ فِيهِ بِقِيلَ مُشَوِّشٌ لِلْفَهْمِ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ وَجْهٌ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: عَلَى أَنَّهَا الْمُصَحِّحَةُ إلَى سَبَبِ اعْتِنَاءِ الْمُصَنِّفِ بِهَا دُونَ الطَّرِيقَةِ الْأُخْرَى وَفِيهِ تَقْوِيَةٌ لِلتَّشْوِيشِ أَيْضًا. قَوْلُهُ (لَكَانَ حَسَنًا) فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ لَا حُسْنَ فِيهَا أَصْلًا وَاقْتِصَارُهُ عَلَى عَدَمِ حُسْبَانِ يَوْمِ
ــ
[حاشية عميرة]
يَوْمِهِ بِخِلَافِهِ عَلَى الثَّانِي فَإِنَّ الْبَعْضَ الَّذِي أَقَامَهُ مِنْهَا مِنْ الْأَرْبَعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَصَرَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا) يُحْتَمَلُ اطِّرَادُ هَذَا فِي الرُّخَصِ مِنْ الْفِطْرِ وَغَيْرِهِ، وَيُحْتَمَلُ اخْتِصَاصُهُ بِالْقَصْرِ لِأَنَّهُمْ مَنَعُوهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ لِعَدَمِ وُرُودِهِ مَعَ أَنَّ أَصْلَهُ قَدْ وَرَدَ فَالْمَنْعُ فِيمَا لَمْ يَرِدْ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْلَى.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ رحمه الله وَهَذَا أَقْوَى. وَقَوْلُهُ: فَالْمَنْعُ فِيمَا لَمْ يَرِدْ أَيْ يَمْنَعُ مِنْهُ فِي الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ كَمَا امْتَنَعَ الْقَصْرُ بَعْدَهَا لِعَدَمِ وُرُودِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ قَصَرَ أَرْبَعَةً) عِبَارَةُ السُّبْكِيّ: ثُمَّ يَعُودُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَا تَقَدَّمَ فِي كَيْفِيَّةِ احْتِسَابِهَا قَالَ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ مَجِيءُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا يَقْصُرُ إلَى أَرْبَعَةٍ مُلَفَّقَةٍ يَعْنِي وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالثَّانِي يَعْنِي وَهُوَ الْأَصَحُّ إلَى أَسْبَقِ غَايَتَيْنِ إمَّا أَرْبَعَةٌ تَامَّةٌ أَوْ خَمْسَةٌ مُلَفَّقَةٌ. قَوْلُهُ: (غَيْرُ تَامَّةٍ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ الصَّوَابُ التَّعْبِيرُ بِدُونِ الْأَرْبَعَةِ كَمَا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ يَرَى أَنَّ الْمُقِيمَ لِحَاجَةٍ كَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ:(لِأَنَّ الْقَصْرَ يَمْتَنِعُ بِنِيَّةِ إقَامَةِ الْأَرْبَعَةِ) أَيْ التَّامَّةِ.
قَوْلُهُ: (إلَى أَرْبَعَةٍ) الْغَايَةُ خَارِجَةٌ وَقَوْلُهُ كَمَا وَصَفْنَا أَيْ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ. قَوْلُهُ: (مَحْكِيٌّ قَوْلًا فِي طَرِيقَةٍ) أَيْ مَحْكِيٌّ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقَةِ عَلَى حَالَةٍ هُوَ فِيهَا مُقَابِلُ الْقَوْلِ الْمُصَحَّحِ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقَةِ فَهُوَ مَرْجُوحٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَزَادَهُ ضَعْفًا نَفْيُهُ مِنْ الطَّرِيقَةِ الْأُخْرَى. وَقَوْلُهُ: فَسَاغَ التَّعْبِيرُ فِيهِ بِقِيلَ نَظَرًا لِلطَّرِيقَةِ الْحَاكِيَةِ لَهُ كَانَ مُرَادُهُ مِنْهُ أَنَّ نَفْيَهُ فِي الطَّرِيقَةِ الْقَاطِعَةِ لَمَّا مَنَعَ نِسْبَتَهُ لِلْإِمَامِ سَاغَ التَّعْبِيرُ فِيهِ بِقِيلَ، كَأَنَّهُ مِنْ تَخْرِيجِ الْحَاكِيَةِ. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مُشَوِّشًا لِلْفَهْمِ أَيْ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ وَجْهٌ وَقَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهَا إلَخْ بَاعِثٌ آخَرُ عَلَى التَّشْوِيشِ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الطَّرِيقَةَ الْحَاكِيَةَ لَهُ هِيَ الرَّاجِحَةُ. وَحِكَايَتُهُ بِقِيلَ مَعَ اقْتِضَائِهَا أَنَّهُ وَجْهٌ يُوهِمُ أَنَّهُ طَرِيقَةٌ مَرْجُوحَةٌ هَذَا مُرَادُهُ رحمه الله وَمَنْشَؤُهُ الْكَاشِفُ لَك عَمَّا قَرَّرْنَاهُ فِي بَيَانِ مُرَادِهِ قَوْلَ الرَّافِعِيِّ رحمه الله فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَانِ أَظْهَرُهُمَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَيْسَ لَهُ الْقَصْرُ يَعْنِي فِيمَا بَلَغَ الْأَرْبَعَةَ فَأَكْثَرَ لِأَنَّ نَفْسَ الْإِقَامَةِ أَبْلَغُ مِنْ نِيَّتِهَا، وَأَصَحُّهُمَا يَقْصُرُ لِقِصَّةِ هَوَازِنَ وَعَلَيْهِ كَمْ يَقْصُرُ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا الْمُدَّةُ الْوَارِدَةُ فِي الْقِصَّةِ وَبَيَّنَهَا وَالثَّانِي أَبَدًا، وَذَكَرَ دَلِيلَهُ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي يَقْصُرُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ جَزْمًا وَبَعْدَهَا قَوْلَانِ. وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّهَا الْمُصَحِّحَةُ أَيْ مَعَ أَنَّ حِكَايَتَهُ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ يَقْتَضِي كَوْنَهُ لَيْسَ مِنْ الطَّرِيقَةِ الرَّاجِحَةِ وَإِنْ كَانَ هُوَ فِيهَا مُقَابِلَ الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ:(يَوْمُ الدُّخُولِ) لَمْ يَقُلْ وَيَوْمُ الْخُرُوجِ كَأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِكَوْنِ الْفَرْضِ أَنَّهُ يَتَوَقَّعُ حَاجَةً، وَقَدْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ