الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزِّينَةِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِالْمَرْأَةِ، وَالْمُزَعْفَرُ أَيْضًا (وَ) تُكْرَهُ (الْمُغَالَاةُ فِيهِ) أَيْ فِي الْكَفَنِ بِارْتِفَاعِهِ فِي الثَّمَنِ، وَيُسْتَحَبُّ تَحْسِينُهُ فِي الْبَيَاضِ وَالنَّظَافَةِ وَسُبُوغُهُ وَكَثَافَتُهُ ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَغَالَوْا فِي الْكَفَنِ فَإِنَّهُ يُسْلَبُهُ سَلْبًا سَرِيعًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«إذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَالْمَغْسُولُ) بِأَنْ لُبِسَ (أَوْلَى مِنْ الْجَدِيدِ) كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِأَنَّهُ لِلصَّدِيدِ، وَالْحَيُّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ كَمَا قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
. (وَالصَّبِيُّ كَبَالِغٍ فِي تَكْفِينِهِ بِأَثْوَابٍ) فَيُسْتَحَبُّ تَكْفِينُهُ بِثَلَاثَةٍ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَالْحَنُوطُ) أَيْ ذَرُّهُ كَمَا تَقَدَّمَ. (مُسْتَحَبٌّ، وَقِيلَ وَاجِبٌ) كَالْكَفَنِ، وَعَبَّرَ الرَّافِعِيُّ بِالتَّحْنِيطِ
(وَلَا يَحْمِلُ الْجِنَازَةَ إلَّا الرِّجَالُ وَإِنْ كَانَتْ أُنْثَى) لِضَعْفِ النِّسَاءِ عَنْ حَمْلِهَا (وَيَحْرُمُ حَمْلُهَا عَلَى هَيْئَةٍ مُزْرِيَةٍ) كَحَمْلِهَا فِي غِرَارَةٍ (وَهَيْئَةٍ يُخَافُ مِنْهَا سُقُوطُهَا) ذَكَرَ الْمَسْأَلَتَيْنِ الرَّافِعِيُّ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَيُحْمَلُ الْمَيِّتُ عَلَى سَرِيرٍ أَوْ لَوْحٍ أَوْ مَحْمَلٍ وَأَيُّ شَيْءٍ حُمِلَ عَلَيْهِ أَجْزَأَ، فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ وَانْفِجَارُهُ قَبْلَ أَنْ يُهَيَّأَ لَهُ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْأَيْدِي وَالرِّقَابِ حَتَّى يُوصَلَ إلَى الْقَبْرِ. (وَيُنْدَبُ لِلْمَرْأَةِ مَا يَسْتُرُهَا كَتَابُوتٍ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَالْخَيْمَةِ وَالْقُبَّةِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: عَلَى سَرِيرٍ، وَفِيهِ عِزٌّ، وَالتَّعْبِيرُ بِالْخَيْمَةِ لِصَاحِبِ الْبَيَانِ، وَبِالْقُبَّةِ لِصَاحِبِ الْحَاوِي، وَبِالْمُكِبَّةِ وَأَنَّهَا تُغَطَّى بِثَوْبٍ لِلشَّيْخِ نَصْرِ الْمَقْدِسِيَّ، وَأَنَّهُمْ اسْتَدَلُّوا بِقِصَّةِ جِنَازَةِ زَيْنَبَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها، وَأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ رَوَى أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْصَتْ أَنْ يُتَّخَذَ لَهَا ذَلِكَ فَفَعَلُوهُ، وَهِيَ قَبْلَ زَيْنَبَ بِسِنِينَ كَثِيرَةٍ، فَقَوْلُهُ: كَتَابُوتٍ، أَيْ لَهَا فَإِنَّهُ مُشْتَمِلٌ فِي الْعَادَةِ عَلَى مَا هُوَ كَالْقُبَّةِ وَعَلَى تَغْطِيَتِهِ بِسِتَارَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
(وَلَا يُكْرَهُ الرُّكُوبُ فِي الرُّجُوعِ مِنْهَا) هُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَا بَأْسَ بِهِ، رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى ابْنِ الدَّحْدَاحِ، وَحِينَ انْصَرَفَ أُتِيَ بِفَرَسٍ مُعْرَوْرًى فَرَكِبَهُ» ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ بِفَرَسٍ عُرْيٍ، قَالَ الْمُصَنِّفُ: هُوَ بِمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ الثَّانِيَةِ مَنُونَةً
ــ
[حاشية قليوبي]
شَيْخُنَا: وَالْوَجْهُ رُجُوعُهُ لِلْأَوَّلِ أَيْضًا لِيَخْرُجَ مَا لَوْ كَانَ مَوْصُوفًا بِالْخَيْرِ، وَرَأَى عَلَيْهِ بَعْضَ عَلَامَاتِ أَهْلِ الْبِدْعَةِ فَيُسَنُّ عَدَمُ ذِكْرِهِ.
قَوْلُهُ: (أَقْرَعَ) قَالَ شَيْخُنَا وُجُوبًا وَلَوْ عَلَى يَدِ قَاضٍ رُفِعَ إلَيْهِ الْأَمْرُ
[الْأَحَقّ بِتَغْسِيلِ الْكَافِر]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْكَافِرُ أَحَقُّ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73] .
. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْمَرْأَةُ) وَمِثْلُهَا الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى فِي الْمُعَصْفَرِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا الْمُزَعْفَرُ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَقَدْ مَرَّ. قَوْلُهُ:(وَتُكْرَهُ الْمُغَالَاةُ فِي الْكَفَنِ) بَلْ تَحْرُمُ مِنْ التَّرِكَةِ، وَفِي الْوَرَثَةِ مَحْجُورٌ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. قَوْلُهُ:(وَكَثَافَتُهُ) أَيْ صَفَاقَتُهُ وَالْقُطْنُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ) وَفِي رِوَايَةٍ «حَسِّنُوا أَكْفَانَ مَوْتَاكُمْ فَإِنَّهُمْ يَتَزَاوَرُونَ بِهَا فِي قُبُورِهِمْ»
. قَوْلُهُ: (بِثَلَاثَةٍ) يَقْتَضِي أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الذَّكَرِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: كَبَالِغِ وَالصَّبِيَّةُ وَالْخُنْثَى فِي خَمْسَةٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِالتَّحْنِيطِ) وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ مُسْتَحَبٌّ
. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْمِلُ إلَخْ) أَيْ نَدْبًا فَيُكْرَهُ لِغَيْرِهِمْ مَعَ وُجُودِهِمْ، وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِنَّ وَتَقَدَّمَ مَا يَنْدُبُ لَهُنَّ.
قَوْلُهُ: (كَتَابُوتٍ) وَهُوَ فِي اللُّغَةِ سَرِيرُ الْمَيِّتِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْقُبَّةُ وَالْخَيْمَةُ وَالْمُكِبَّةُ الْمَذْكُورَاتُ، وَالْمُكِبَّةُ هِيَ الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ. قَوْلُهُ:(زَيْنَبَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ) أَيْ لِابْنَتِهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا تَوَهَّمَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُهُ: (فَفَعَلُوهُ) وَهُوَ أَوَّلُ نَعْشٍ غُطِّيَ فِي الْإِسْلَامِ، وَأَوَّلُ مَنْ فُعِلَ لَهُ ذَلِكَ بِنْتُهُ فَاطِمَةُ بِأَمْرِ زَيْنَبَ زَوْجَتِهِ صلى الله عليه وسلم الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهَا رَأَتْهُ بِالْحَبَشَةِ، ثُمَّ فُعِلَ بِزَوْجَتِهِ الْمَذْكُورَةِ
ــ
[حاشية عميرة]
لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ جَعَلَ مُرَادَ الْمَتْنِ بَيَانَ الْكَرَاهَةِ الْحَاصِلَةِ بِسَبَبِ الْمَوْتِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لُبِسَ) قِصَّةُ أَبِي بَكْرٍ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ حَيْثُ أَوْصَى أَنْ يُكَفَّنَ فِي ثَوْبِهِ الْخَلِقِ، وَزِيَادَةُ ثَوْبَيْنِ. قَوْلُهُ:(كَمَا قَالَهُ) مَرْجِعُ الضَّمِيرِ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لِلصَّدِيدِ إلَخْ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُسْتَحَبٌّ) أَيْ كَمَا أَنَّ الْمُفْلِسَ تَجِبُ لَهُ الْكِسْوَةُ دُونَ الطِّيبِ
. قَوْلُهُ: (كَحَمْلِهَا فِي غِرَارَةٍ) وَكَذَا حَمْلُ الْكَبِيرِ عَلَى الْأَيْدِي وَالْكَتِفِ مِنْ غَيْرِ نَعْشٍ، وَوَضْعُ النَّعْشِ بِالْأَرْضِ وَجَرُّهُ بِالْحِبَالِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(كَتَابُوتٍ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ سَرِيرٌ فَوْقَهُ قُبَّةٌ أَوْ خَيْمَةٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ، قَالَ: وَأَوَّلُ مَنْ فَعَلَهُ زَيْنَبُ زَوْجَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَتْ قَدْ رَأَتْهُ فِي الْحَبَشَةِ لَمَّا هَاجَرَتْ، وَأَوْصَتْ بِهِ يَعْنِي إلَى أُخْتِهَا أُمِّ حَبِيبَةَ رضي الله عنهما، انْتَهَى. وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي: وَهِيَ قَبْلَ زَيْنَبَ فِيهِ رَدٌّ عَلَى الْإِسْنَوِيِّ فِي قَوْلِهِ: وَأَوَّلُ مَنْ فَعَلَهُ زَيْنَبُ. قَوْلُهُ: (عَلَى السَّرِيرِ) مُتَعَلِّقٌ بِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ كَالْخَيْمَةِ وَالْقُبَّةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَهَا) أَيْ لِلْمَرْأَةِ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِ ذَلِكَ) كَانَ الْمُرَادُ بِهِ نَفْسَ السَّرِيرِ،
انْتَهَى.
وَفِي الصَّحَاحِ اعْرَوْرَيْتُ الْفَرَسَ رَكِبْتُهُ عُرْيَانًا، وَفَرَسٌ عُرْيٌ لَيْسَ عَلَيْهِ سَرْجٌ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَبِعَ جِنَازَةَ ابْنِ الدَّحْدَاحِ مَاشِيًا، وَرَجَعَ عَلَى فَرَسٍ» ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَالدَّحْدَاحُ بِمُهْمَلَاتٍ وَفَتْحِ الدَّالِ.
(وَلَا بَأْسَ بِاتِّبَاعِ الْمُسْلِمِ) بِتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ (جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ) هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ: لَا يُكْرَهُ، رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ:«أَتَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْت: إنَّ عَمَّك الضَّالَّ قَدْ مَاتَ، فَقَالَ اذْهَبْ فَوَارِهِ» قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: حَسَنٌ
(وَيُكْرَهُ اللَّغْطُ فِي الْجِنَازَةِ) وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فِي الْمَشْيِ مَعَهَا وَالْحَدِيثُ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا، بَلْ الْمُسْتَحَبُّ الْفِكْرُ فِي الْمَوْتِ وَمَا بَعْدَهُ وَفَنَاءِ الدُّنْيَا وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ أَنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم كَانُوا يَكْرَهُونَ رَفْعَ الصَّوْتِ عِنْدَ الْجَنَائِزِ، وَعَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ خَفْضَ الصَّوْتِ عِنْدَهَا.
(وَإِتْبَاعُهَا) بِسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ (بِنَارٍ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي مِجْمَرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: يُكْرَهُ الْبَخُورُ فِي الْمِجْمَرَةِ بَيْنَ يَدَيْهَا إلَى الْقَبْرِ وَعِنْدَهُ حَالَ الدَّفْنِ لِأَنَّهُ يَتَفَاءَلُ بِذَلِكَ فَأْلَ السَّوْءِ، وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد مَرْفُوعًا:«لَا تُتْبَعُ الْجِنَازَةُ بِصَوْتٍ وَلَا نَارٍ» لَكِنْ فِيهِ مَجْهُولَانِ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ وَصَّى: لَا تُتْبِعُونِي بِصَارِخَةٍ وَلَا مِجْمَرَةٍ، وَلَا تَجْعَلُوا بَيْنِي وَبَيْنَ الْأَرْضِ شَيْئًا. وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: إذَا أَنَا مِتُّ فَلَا تَصْحَبُنِي نَارٌ وَلَا نَائِحَةٌ
. (وَلَوْ اخْتَلَطَ مُسْلِمُونَ بِكَفَّارٍ) كَأَنْ انْهَدَمَ عَلَيْهِمْ سَقْفٌ وَلَمْ يَتَمَيَّزُوا (وَجَبَ) لِلْخُرُوجِ عَنْ الْوَاجِبِ (غُسْلُ الْجَمِيعِ وَالصَّلَاةُ) عَلَيْهِمْ (فَإِنْ شَاءَ، صَلَّى عَلَى الْجَمِيعِ) دَفْعَةً (بِقَصْدِ الْمُسْلِمِينَ) مِنْهُمْ (وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَالْمَنْصُوصُ أَوْ عَلَى وَاحِدٍ فَوَاحِدٍ نَاوِيًا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا) وَيُغْتَفَرُ التَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَالْمَنْصُوصُ، زَادَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى الرَّافِعِيِّ وَقَالَ:
ــ
[حاشية قليوبي]
مِثْلُهُ. وَصُورَتُهُ مَا يُعْهَدُ فِي بِلَادِ الرِّيفِ عِنْدَ الْعَوَامّ مِنْ كَوْنِهِ ثَوْبًا عَلَى جَرِيدٍ
. قَوْلُهُ: (وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ إلَخْ) أَفَادَ بِهِ أَنَّ الِانْصِرَافَ بَعْدَ الدَّفْنِ لَا بَعْدَ الصَّلَاةِ كَمَا يُفْهِمُهُ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ
. قَوْلُهُ: (وَلَا بَأْسَ) فَهُوَ مُبَاحٌ، وَعَلَيْهِ حُمِلَ الْأَمْرُ فِي الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ:(بِتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ) لِأَنَّهُ التَّابِعُ لَا بِإِسْكَانِهَا الْمُوهِمُ أَنَّ التَّابِعَ غَيْرُهُ يَأْمُرُهُ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (قَرِيبِهِ الْكَافِرِ) وَكَالْقَرِيبِ الزَّوْجُ وَالْجَارُ وَالصَّدِيقُ وَالْوَلِيُّ وَالْعَبْدُ وَزِيَارَةُ قَبْرِهِ كَذَلِكَ، وَخَرَجَ غَيْرُهُمْ مِنْ الْأَجَانِبِ فَيَحْرُمُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْظِيمِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ جَوَازَ زِيَارَةِ قُبُورِهِمْ أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الِاتِّعَاظِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ بِالْحُرْمَةِ فِيهَا أَيْضًا وَضُعِّفَ.
قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ اللَّغْطُ) هُوَ بِسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِهَا: الْأَصْوَاتُ الْمُرْتَفِعَةُ. وَيُقَالُ: فِيهِ لِغَاطٌ بِوَزْنِ كِتَابٍ وَسَوَاءٌ كَانَ بِالْقِرَاءَةِ أَوْ الذِّكْرِ أَوْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَيُنْدَبُ الْقِرَاءَةُ وَالذِّكْرُ سِرًّا
. قَوْلُهُ: (بِنَارٍ) أَيْ إلَّا لِحَاجَةٍ كَسِرَاجٍ وَشَمْعَةٍ لِمَشْيٍ أَوْ دَفْنٍ لَيْلًا، وَالتَّبْخِيرُ لِنَحْوِ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ. وَقَدْ مَرَّ نَدْبُ التَّبْخِيرِ عِنْدَهُ مِنْ أَوَّلِ مَوْتِهِ إلَى دَفْنِهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَتَمَيَّزُوا) لَيْسَ الْجَمْعُ فِي هَذَا وَمَا قَبْلَهُ قَيْدًا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَيَكْفِي التَّمْيِيزُ بِالِاجْتِهَادِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(لِلْخُرُوجِ عَنْ الْوَاجِبِ) أَيْ مَعَ جَوَازِ ضِدِّهِ فَلَا مُعَارَضَةِ فِيهِ، وَلَا مُعَارَضَةَ فِي الصَّلَاةِ أَيْضًا. قَوْلُهُ:(غَسْلُ الْجَمِيعِ) وَمَا يَجِبُ مِنْ ثَمَنِ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ مِنْ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ مِنْ كَفَنٍ وَحَمْلٍ وَدَفْنٍ فِي تِرْكَةِ كُلٍّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا فِي الْكَافِرِ لِلضَّرُورَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تِرْكَةً فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، ثُمَّ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، ثُمَّ عَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا مَرَّ.
وَفِي ابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قُرْعَةٍ وَأَنَّهُ يُغْتَفَرُ التَّفَاوُتُ لِلضَّرُورَةِ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ فَإِنَّ فِيهِ نَظَرًا ظَاهِرًا. قَوْلُهُ: (اغْفِرْ لَهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ
ــ
[حاشية عميرة]
أَوْ ارْتِفَاعَهُ
قَوْلُهُ: (رَوَى أَبُو دَاوُد إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ لِمُطْلَقِ الْقَرَابَةِ، لِأَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِمُؤْنَتِهِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا زِيَارَةُ قَبْرِهِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ نَقْلًا عَنْ الْأَكْثَرِينَ.
قَوْلُهُ: (بَلْ الْمُسْتَحَبُّ إلَخْ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَلَا يُرْفَعُ صَوْتٌ بِقِرَاءَةٍ وَلَا ذِكْرٍ وَلَا غَيْرِهَا.
(فَائِدَةٌ) اللَّغَطُ بِسُكُونِ الْغَيْنِ وَفَتْحِهَا: هُوَ الْأَصْوَاتُ الْمُرْتَفِعَةُ، وَيُقَالُ: فِيهِ لِغَاطٌ عَلَى وَزْنِ كِتَابٍ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ اخْتَلَطَ إلَخْ) اُنْظُرْ الْمُؤْنَةَ هُنَا عَلَى مَنْ وَمَاذَا يَجِبُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ عَدَمِ مَعْرِفَةِ أَعْيَانِ الْمَوْتَى؟ . قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُسْلِمُونَ) أَيْ وَلَوْ وَاحِدًا. قَوْلُهُ: (وَيُغْتَفَرُ) أَيْ كَمَا اُغْتُفِرَ ذَلِكَ فِي الزَّكَاةِ نَحْوَ: نَوَيْت هَذَا عَنْ مَالِي الْغَائِبِ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَإِلَّا
وَاخْتِلَاطُ الشُّهَدَاءِ بِغَيْرِهِمْ كَاخْتِلَاطِ الْكُفَّارِ (وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ تَقَدُّمُ غُسْلِهِ وَتُكْرَهُ قَبْلَ تَكْفِينِهِ فَلَوْ مَاتَ بِهَدْمٍ وَنَحْوِهِ) كَأَنْ وَقَعَ فِي بِئْرٍ (وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ وَغُسْلُهُ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) لِفَقْدِ الشَّرْطِ، وَقَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ قَبْلَ تَكْفِينِهِ زَادَهُ وَجَوَازُهَا فِي الرَّوْضَةِ عَلَى الرَّافِعِيِّ، وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: تَصِحُّ وَتُكْرَهُ، صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَآخَرُونَ. (وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَى الْجِنَازَةِ الْحَاضِرَةِ وَلَا الْقَبْرِ) فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِمَا (عَلَى الْمَذْهَبِ فِيهِمَا) وَالرَّافِعِيُّ قَالَ: حَرُمَتْ الصَّلَاةُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَعِبَارَةُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ، وَلَوْ تَقَدَّمَ عَلَى الْجِنَازَةِ الْحَاضِرَةِ أَوْ الْقَبْرِ لَمْ تَصِحَّ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَالرَّافِعِيُّ هُنَا اقْتَصَرَ عَلَى التَّقَدُّمِ عَلَى الْجِنَازَةِ، وَقَالَ: قَالَ فِي النِّهَايَةِ: خَرَّجَهُ الْأَصْحَابُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَقَدُّمِ الْمَأْمُومِ عَلَى الْإِمَامِ، وَنَزَّلُوا الْجِنَازَةَ مَنْزِلَةَ الْإِمَامِ قَالَ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: تَجْوِيزُ التَّقَدُّمِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَوْلَى فَإِنَّهَا لَيْسَتْ إمَامًا مَتْبُوعًا يَتَعَيَّنُ تَقَدُّمُهُ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ إشَارَةٌ إلَى تَرْتِيبِ الْخِلَافِ وَإِلَّا فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْأَصَحَّ الْمَنْعُ انْتَهَى. فَأَقَامَ النَّوَوِيُّ بَحْثَ الْإِمَامِ طَرِيقَةً قَاطِعَةً بِالْجَوَازِ، وَطَرَدَهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مُقْتَضَى اصْطِلَاحِهِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْمَذْهَبِ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي تَقَدُّمِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ أَصَحُّهُمَا بُطْلَانُ صَلَاتِهِ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَجَمَاعَةٌ: إنْ جَوَّزْنَا تَقَدُّمَ الْمَأْمُومِ عَلَى الْإِمَامِ جَازَ هَذَا وَإِلَّا فَلَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَاحْتَرَزُوا بِالْحَاضِرَةِ عَنْ الْغَائِبَةِ عَنْ الْبَلَدِ فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَتْ خَلْفَ ظَهْرِ الْمُصَلِّي لِلْحَاجَةِ إلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهَا لِنَفْعِ الْمُصَلِّي وَالْمُصَلَّى عَلَيْهِ.
(وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَيِّتِ (فِي الْمَسْجِدِ) بِلَا كَرَاهَةٍ كَمَا صَرَّحَ
ــ
[حاشية قليوبي]
الدُّعَاءَ لِلْكَافِرِ بِالْمَغْفِرَةِ جَائِزٌ، إلَّا إنْ كَانَ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ كَمَا تَقَدَّمَ، أَوْ يُقَالُ: إنَّ الْعُمُومَ يَشْمَلُ ذَنْبَ الْكُفْرِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ.
قَوْلُهُ: (وَاخْتِلَاطُ الشُّهَدَاءِ إلَخْ) . نَعَمْ هُنَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ بِالْمَغْفِرَةِ لِلْجَمِيعِ، وَيُدْفَنُونَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَيُدْفَنُ غَيْرُهُمْ بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ، وَيَلْحَقُ بِهِمْ مَنْ شَكَّ فِي كُفْرِهِ وَإِسْلَامِهِ كَتَعَارُضِ بَيِّنَتَيْنِ مَثَلًا وَيُصَلَّى عَلَيْهِ بِالْكَيْفِيَّةِ الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ:(كَاخْتِلَاطِ الْكُفَّارِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ وُجُوبُ غُسْلِ كُلٍّ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَغُسْلُ الشَّهِيدِ حَرَامٌ كَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَ وُجُوبَ الْغُسْلِ عَلَى حُرْمَتِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ وُجُوبُ الْغُسْلِ مَعَ أَنَّ بَابَ الْغُسْلِ أَوْسَعُ، بِدَلِيلِ غُسْلِ الْكَافِرِ وَغُسْلِ النَّجَاسَةِ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى زَوَالِ دَمِ الشَّهَادَةِ، وَلَا تَعَارُضَ فِي الصَّلَاةِ لِتَقَيُّدِ نِيَّتِهَا بِغَيْرِ الشَّهِيدِ مِنْهُمْ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(وَغُسْلُهُ) أَيْ طُهْرُهُ وَلَوْ بِالتَّيَمُّمِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَفَارَقَ صِحَّةَ صَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ فِي الصَّلَوَاتِ بِحُرْمَةِ الْوَقْتِ. قَوْلُهُ:(وَجَوَازَهَا) مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى ضَمِيرِ زَادَهُ دُفِعَ بِهِ مَا مَرَّ بِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الْكَرَاهَةِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (مَنْزِلَةَ الْإِمَامِ) عُلِمَ مِنْهُ اعْتِبَارُ الْمَسَافَةِ وَعَدَمُ الْحَائِلِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ تُكْرَهُ الْمُسَاوَاةُ. وَتَقَدَّمَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ مَا الْمُرَادُ بِالْحَاضِرَةِ وَالْغَائِبَةِ؟ وَكَيْفِيَّةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا سَائِرَةٌ. قَوْلُهُ:(وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) لَوْ قَدَّمَ الشَّارِحُ هَذَا عَلَى مَا قَبْلَهُ وَجَعَلَهُ جَوَابًا عَنْ الْمُصَنِّفِ لَكَانَ مُسْتَقِيمًا.
قَوْلُهُ: (مُسْتَحَبَّةٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ
ــ
[حاشية عميرة]
فَعَنْ الْحَاضِرِ. وَفِي الصَّوْمِ كَأَنْ يَنْوِيَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ صَوْمَ غَدٍ إنْ كَانَ مِنْهُ، وَفِي الْحَجِّ كَأَنْ يَنْوِيَ إحْرَامًا كَإِحْرَامِ زَيْدٍ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَدْ تَتَعَيَّنُ الْكَيْفِيَّةُ الْأُولَى إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ لِاجْتِمَاعِهِمْ يُخْشَى مِنْهُ التَّغَيُّرُ، وَاعْتَرَضَ مَسْأَلَةَ اخْتِلَاطِ الشُّهَدَاءِ بِأَنَّ غُسْلَهُ حَرَامٌ فَدَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ فِعْلٍ حَرَامٍ وَتَرْكٍ وَاجِبٍ، قَالَ: وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ امْتِنَاعُ الْغُسْلِ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ امْتِنَاعُ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ:(وَاخْتِلَاطُ الشُّهَدَاءِ إلَخْ) أَيْ وَلَكِنْ فِي الدُّعَاءِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَيُطْلِقُ، وَلَا يَقُولُ: إنْ كَانَ غَيْرَ شَهِيدٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَقَدَّمَ غُسْلُهُ) أَيْ كَصَلَاةِ الْمَيِّتِ نَفْسِهِ وَلِأَنَّهُ الْمَأْثُورُ. قَوْلُهُ: (لِفَقْدِ الشَّرْطِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ مُشْكِلٌ وَالْقِيَاسُ وُجُوبُ الْمُمْكِنِ كَمَا فِي الْحَيِّ.
قَوْلُهُ: (وَجَوَازَهَا) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلصَّلَاةِ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ، وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(عَلَى الْجِنَازَةِ الْحَاضِرَةِ) فِي الْقُوتِ لَوْ صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ وَهِيَ سَائِرَةٌ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ، فَفِي صِحَّتِهَا وَجْهَانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(عَلَى الْمَذْهَبِ فِيهِمَا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: عَبَّرَ بِالْمَذْهَبِ لِأَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا تَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ طَرِيقَيْنِ أَصَحُّهُمَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَقَدُّمِ الْمَأْمُومِ عَلَى إمَامِهِ، وَالثَّانِيَةُ الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ.
(فَرْعٌ) لَوْ تَقَدَّمَ الْإِمَامُ لِكَوْنِهِ يَرَى ذَلِكَ، فَالْوَجْهُ عَدَمُ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ اعْتِبَارًا بِعَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ. قَوْلُهُ:(قَالَ: وَلَا تَنْفُذُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَجَمَاعَةٌ) لَعَلَّ الْإِمَامَ مِنْهُمْ، فَإِنَّ هَذَا مُوَافِقٌ لِمَا سَلَفَ عَنْهُ.
قَوْلُهُ: (لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ
بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَقَالَ فِيهِ: بَلْ هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ، وَفِيهَا: بَلْ هِيَ فِيهِ أَفْضَلُ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى سُهَيْلِ ابْنِ بَيْضَاءَ وَأَخِيهِ فِي الْمَسْجِدِ» وَاسْمُهُ سَهْلٌ، وَالْبَيْضَاءُ وَصْفُ أُمِّهِمَا وَاسْمُهَا دَعْدُ، وَفِي تَكْمِلَةِ الصَّغَانِيِّ: إذَا قَالَتْ الْعَرَبُ فُلَانٌ أَبْيَضُ وَفُلَانَةُ بَيْضَاءُ فَالْمَعْنَى نَقَاءُ الْعِرْضِ مِنْ الدَّنَسِ وَالْعُيُوبِ. (وَيُسَنُّ جَعْلُ صُفُوفِهِمْ) أَيْ الْمُصَلِّينَ عَلَيْهِ (ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِيهِ، وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: إنَّهُ حَسَنٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَالَ الْحَاكِمُ هُوَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَفْظُهُ «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ إلَّا غُفِرَ لَهُ» وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مَعْنَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ " إلَّا أَوْجَبَ " أَيْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ الْجَنَّةَ. (وَإِذَا صَلَّى عَلَيْهِ فَحَضَرَ مَنْ لَمْ يُصَلِّ صَلَّى)«لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بَعْدَ الدَّفْنِ» كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الدَّفْنَ إنَّمَا كَانَ بَعْدَ صَلَاةٍ، وَتَقَعُ الصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ فَرْضًا كَالْأُولَى وَسَوَاءٌ كَانَتْ قَبْلَ الدَّفْنِ أَمْ بَعْدَهُ جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فَيَنْوِي بِهَا الْفَرْضَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْمُتَوَلِّي (وَمَنْ صَلَّى لَا يُعِيدُ) أَيْ لَا تُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِعَادَةُ. (عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي تُسْتَحَبُّ فِي جَمَاعَةٍ لِمَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَفِيهِ تَوْجِيهُ النَّفْيِ بِأَنَّ الْمُعَادَةَ تَكُونُ تَطَوُّعًا، وَهَذِهِ الصَّلَاةُ لَا تَطَوُّعَ فِيهَا، وَنَقَضَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِصَلَاةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ عَلَى الْجِنَازَةِ فَإِنَّهَا تَقَعُ نَافِلَةً فِي حَقِّهِنَّ، وَهِيَ صَحِيحَةٌ، وَقَالَ فِيهِ عَلَى الصَّحِيحِ لَوْ صَلَّى ثَانِيًا صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُسْتَحَبَّةٍ وَتَقَعُ نَفْلًا.
وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فَرْضًا، وَحَكَى فِيهِ وَجْهًا مُطْلَقًا بِاسْتِحْبَابِ الْإِعَادَةِ وَوَجْهًا بِكَرَاهَتِهَا (وَلَا تُؤَخَّرُ لِزِيَادَةِ مُصَلِّينَ) ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ (وَقَاتِلُ نَفْسِهِ كَغَيْرِهِ فِي الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ) عَلَيْهِ، قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ
(وَلَوْ نَوَى الْإِمَامُ صَلَاةَ غَائِبٍ وَالْمَأْمُومُ صَلَاةَ حَاضِرٍ أَوْ عَكَسَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (جَازَ) ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَضَمَّ إلَيْهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَوْ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (فِي الْمَسْجِدِ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مِنْ ضَمِيرِ صَلَّى الرَّاجِعِ لَهُ صلى الله عليه وسلم وَمِنْ سُهَيْلٍ لِأَنَّهُمَا أَبَوَا حَيَّيْنِ، وَمَا قِيلَ: إنَّهُ مِنْ الْأَوَّلِ فَقَطْ، أَوْ أَنَّهُ مُحْتَمَلٌ، أَوْ أَنَّهُ لِعُذْرٍ مَرْدُودٍ بِمَا وَرَدَ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها صَلَّتْ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَهِيَ مَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ، فَاعْتَرَضَ عَلَيْهَا بَعْضُ الصَّحَابَةِ فَقَالَتْ لَهُمْ: مَا أَسْرَعُ مَا نَسِيتُمْ فِعْلَهُ صلى الله عليه وسلم بِسُهَيْلٍ. وَلَعَلَّ الْمُعْتَرِضَ لَمْ يَكُنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ، وَتَوَهَّمَتْ أَنَّهُ بَلَغَهُ. قَوْلُهُ:(ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ) وَالثَّلَاثَةُ فِي الْفَضِيلَةِ سَوَاءٌ فَيَتَخَيَّرُ الْمَسْبُوقُ بَيْنَهَا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَيُحْسَبُ الْإِمَامُ صَفًّا إنْ كَانَ مَعَهُ اثْنَانِ لِأَنَّهُ يَقِفُ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ خَلْفَهُمَا، فَلَوْ حَضَرَ مَعَ الْإِمَامِ ثَلَاثَةُ أَشْخَاصٍ صَفَّ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ وَوَاحِدٌ بَعْدَهُ خَلْفَ الْإِمَامِ وَالثَّالِثُ خَلْفَ هَذَا. قَوْلُهُ:(فَرْضًا كَالْأُولَى) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (لَا تُسْتَحَبُّ إلَخْ) أَيْ فَتَكُونُ خِلَافَ الْأُولَى. نَعَمْ قَدْ تَجِبُ كَمَا لَوْ صَلَّى فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا. قَوْلُهُ:(لَا يَتَطَوَّعُ بِهَا) قَالَ النَّوَوِيُّ: أَيْ لَا يُؤْتَى بِصُورَتِهَا تَطَوُّعًا مِنْ غَيْرِ جِنَازَةٍ، وَعَلَى هَذَا فَالنَّقْضُ الْمَذْكُورُ غَيْرُ وَارِدٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(ثَانِيًا) أَوْ أَكْثَرَ. قَوْلُهُ: (وَتَقَعُ نَفْلًا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَجْهًا مُطْلَقًا) أَيْ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِالْجَمَاعَةِ فِي صَلَاتِهِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ، وَكَذَا الْوَجْهُ بِكَرَاهَتِهَا الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (وَلَا تُؤَخَّرُ) أَيْ لَا يُنْدَبُ تَأْخِيرُهَا وَإِنْ لَمْ يَخَفْ تَغَيُّرَ الْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَ الْمُصَلِّي وَاحِدًا حَيْثُ يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ. نَعَمْ تُؤَخَّرُ لِوَلِيٍّ قَرُبَ حُضُورُهُ. قَوْلُهُ: (وَقَاتِلُ نَفْسِهِ كَغَيْرِهِ إلَخْ) خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم مَنْسُوخٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الزَّجْرِ
. قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَوَى الْإِمَامُ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ نَوَى كُلُّ أَحَدِ حَاضِرِينَ، أَوْ جَمَعَ كُلٌّ فِي نِيَّتِهِ غَائِبًا وَحَاضِرًا، أَوْ غَائِبِينَ أَوْ حَاضِرِينَ سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ
ــ
[حاشية عميرة]
إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا حَدِيثُ: «مَنْ صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ» ، فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ وَأَيْضًا فَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ فِيهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مِمَّنْ ضَعَّفَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. بَلْ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: إنَّهُ حَدِيثٌ بَاطِلٌ. قَوْلُهُ: (فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ) قَالَ فِيهِ أَيْضًا، وَالسَّاقِطُ بِالْأَوْلَى عَنْ الْبَاقِينَ خَرَجَ الْفَرْضُ لَا نَفْسُهُ، وَلِأَنَّ بَعْضَهُمْ لَيْسَ أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ بِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِفِعْلِهِ. قَوْلُهُ:(أَيْ لَا تُسْتَحَبُّ إلَخْ) هِيَ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُعِيدَ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَقَاتِلُ نَفْسِهِ كَغَيْرِهِ) خَالَفَ فِي ذَلِكَ أَحْمَدُ رضي الله عنه مُحْتَجًّا بِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُصَلِّ عَلَى الَّذِي قَتَلَ نَفْسَهُ» . وَأَجَابَ ابْنُ حِبَّانَ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَلَنَا حَدِيثُ:«الصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بَرًّا أَوْ فَاجِرًا وَإِنْ عَمِلَ الْكَبَائِرَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ. وَقَالَ: هُوَ أَصَحُّ مَا فِي الْبَابِ إلَّا أَنَّهُ مُرْسَلٌ، وَالْمُرْسَلُ حُجَّةٌ إذَا اُعْتُضِدَ بِقَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ هُنَا
. قَوْلُ الْمَتْنِ: (جَازَ) أَيْ كَمَا لَوْ اقْتَدَى فِي الظُّهْرِ بِالْعَصْرِ مَثَلًا. وَقَوْلُ الشَّارِحِ: كُلٌّ مِنْهُمَا دَفْعٌ لِمَا قِيلَ: إفْرَادُ الضَّمِيرِ فِي عَكْسٍ مُشْكِلٌ. قَوْلُهُ: (لَوْ نَوَى الْإِمَامُ