الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَقْصُرَ مَنْ لَا يَعْلَمُ جَوَازَهُ.
(وَالْقَصْرُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِتْمَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ إذَا بَلَغَ) السَّفَرُ (ثَلَاثَ مَرَاحِلَ) فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهَا فَالْإِتْمَامُ أَفْضَلُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، فَإِنَّ الْإِمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ يُوجِبُ الْقَصْرَ فِي الْأَوَّلِ وَالْإِتْمَامَ فِي الثَّانِي. وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّ الْإِتْمَامَ أَفْضَلُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَأَكْثَرُ عَمَلًا وَيُسْتَثْنَى عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَلَّاحُ الَّذِي يُسَافِرُ فِي الْبَحْرِ وَمَعَهُ أَهْلُهُ وَأَوْلَادُهُ فِي سَفِينَتِهِ فَالْأَفْضَلُ لَهُ الْإِتْمَامُ لِأَنَّهُ فِي وَطَنِهِ. وَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ.
(وَالصَّوْمُ) أَيْ صَوْمُ رَمَضَانَ لِلْمُسَافِرِ سَفَرًا طَوِيلًا (أَفْضَلُ مِنْ الْفِطْرِ إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ) أَيْ بِالصَّوْمِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَبْرِئَةِ الذِّمَّةِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى فَضِيلَةِ الْوَقْتِ فَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ.
(فَصْلٌ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ تَقْدِيمًا) فِي وَقْتِ الْأُولَى (وَتَأْخِيرًا) فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ (وَ) بَيْنَ (الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ كَذَلِكَ فِي السَّفَرِ الطَّوِيلِ: وَكَذَا الْقَصِيرُ فِي قَوْلٍ فَإِنْ كَانَ سَائِرًا وَقْتَ الْأُولَى فَتَأْخِيرُهَا أَفْضَلُ وَإِلَّا فَعَكْسُهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ سَائِرًا وَقْتَ الْأُولَى فَتَقْدِيمُهَا أَفْضَلُ. رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ
ــ
[حاشية قليوبي]
النِّيَّةِ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (وَالْقَصْرُ) أَيْ مِنْ ابْتِدَاءِ السَّفَرِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: بَلَغَ السَّفَرُ وَلَمْ يَقُلْ الْمُسَافِرَ، نَعَمْ الْإِتْمَامُ لِمُدِيمِ السَّفَرِ وَلِمَلَّاحِ السَّفِينَةِ أَفْضَلُ مُطْلَقًا مُرَاعَاةً لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه، وَقَدَّمَ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ عِنْدَنَا. قَوْلُهُ:(فَالْإِتْمَامُ أَفْضَلُ) فَالْقَصْرُ خِلَافُ الْأَوْلَى لَا مَكْرُوهٌ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ بِالْكَرَاهَةِ أَيْ غَيْرِ الشَّدِيدَةِ. وَكَذَا الْإِتْمَامُ أَفْضَلُ فِيمَا زَادَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ لِحَاجَةٍ يَتَوَقَّعُهَا كُلَّ وَقْتٍ، وَقَدْ يُكْرَهُ الْإِتْمَامُ فِي نَحْوِ مَنْ يَخْلُو عَنْ حَدَثِهِ مَعَ الْقَصْرِ أَوْ مَنْ يَقْتَدِي بِهِ، أَوْ كَرِهَتْ نَفْسُهُ الْقَصْرَ أَوْ لَمْ تَطْمَئِنَّ إلَيْهِ أَوْ زَادَتْ صَلَاتُهُ مَعَ الْقَصْرِ بِفَضِيلَةٍ نَحْوِ جَمَاعَةٍ وَقَدْ يَحْرُمُ الْإِتْمَامُ كَمَنْ يَخَافُ بِهِ فَوْتَ عَرَفَةَ أَوْ إنْقَاذَ أَسِيرٍ أَوْ ضِيقَ وَقْتٍ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (صَوْمُ رَمَضَانَ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَمِثْلُهُ كُلُّ صَوْمٍ وَاجِبٍ كَنَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ، وَمِنْهُ مَا مَرَّ فِي الْوَاجِبِ بِأَمْرِ الْإِمَامِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، بَلْ تَقَدَّمَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِطْرُهُ فِيهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَأَلْحَقَ الزَّرْكَشِيُّ النَّفَلَ الْمُؤَقَّتَ مِنْ الصَّوْمِ بِالْفَرْضِ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ:(فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَالصَّوْمُ خِلَافُ الْأَوْلَى عَلَى نَظِيرِ مَا مَرَّ فِي الْقَصْرِ أَوْ مَكْرُوهٌ فَإِنْ تَحَقَّقَ الضَّرَرُ بِالصَّوْمِ وَجَبَ الْفِطْرُ، وَقَدْ يُكْرَهُ الصَّوْمُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي كَرَاهَةِ الْإِتْمَامِ وَشَمِلَ الضَّرَرُ مَا فِي الْحَالِ أَوْ الْمُسْتَقْبَلِ خُصُوصًا فِي الْجِهَادِ وَالْحَجِّ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(فَصْلٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ) سَفَرًا وَحَضَرًا. قَوْلُهُ: (يَجُوزُ) أَيْ يُبَاحُ وَقَدْ يُطْلَبُ فِعْلُهُ أَوْ تَرْكُهُ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي الْقَصْرِ، وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْمُزَنِيِّ الْجَمْعَ مُطْلَقًا إلَّا فِي عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ لِلْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ لِأَنَّهُ عِنْدَهُمَا لِلنُّسُكِ لَا لِلسَّفَرِ.
قَوْلُهُ: (الظُّهْرِ) وَمِثْلُهَا الْجُمُعَةُ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ) عَدَلَ عَنْهُ فِي الْمَنْهَجِ إلَى الْمَغْرِبَيْنِ اخْتِصَارًا وَغَلَّبَ الْمَغْرِبَ لِلنَّهْيِ عَنْ تَسْمِيَتِهَا عِشَاءً، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّغْلِيبَ. لَوْ قَالَ: الْعِشَاءَيْنِ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْكَرَاهَةِ. وَفِي الْأَنْوَارِ خِلَافُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (سَائِرًا فِي وَقْتِ الْأُولَى) أَوْ لَوْ مَعَ الثَّانِيَةِ أَوْ نَازِلًا فِيهِمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِسُهُولَةِ جَمْعِ التَّأْخِيرِ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) أَيْ
ــ
[حاشية عميرة]
وَالْقَصْرُ أَفْضَلُ) لِحَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ» . كَذَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثَلَاثَ مَرَاحِلَ) هِيَ مُدَّةُ الْقَصْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّيْخِ بَلَغَ ثَلَاثَ مَرَاحِلَ أَيْ كَانَ مُدَّةُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْهَا بِالْفِعْلِ. قَوْلُهُ: (خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ أَفْضَلُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: فَالْإِتْمَامُ أَفْضَلُ.
قَوْلُهُ: (لِلْمُسَافِرِ سَفَرًا طَوِيلًا) أَيْ مَرْحَلَتَيْنِ فَأَكْثَرَ أَمَّا الْقَصِيرُ فَلَا يَجُوزُ الْفِطْرُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (لِمَا فِيهِ إلَخْ) بِهَذَا فَارَقَ كَوْنَ الْقَصِيرِ فَاضِلًا عَلَى مَا سَلَفَ.
[فَصْلٌ الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ كَذَلِكَ فِي السَّفَرِ]
(فَصْلٌ يَجُوزُ الْجَمْعُ إلَخْ) قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَجُوزُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ تَرْكَ الْجَمْعِ أَفْضَلُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَسَدَتْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَكِنْ تَنْعَقِدُ نَفْلًا. كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَحْرِ، نَظِيرَ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ الْوَقْتِ جَاهِلًا. قَوْلُ الْمَتْنِ:(بِالْعُرْفِ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ ضَابِطٌ. قَوْلُهُ: (رَوَى الشَّيْخَانِ إلَخْ) حِكْمَةُ ذَلِكَ أَنَّ الثَّانِيَةَ تَابِعَةٌ وَالتَّبَعِيَّةُ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْمُوَالَاةِ.
تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ زَاغَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، ثُمَّ رَكِبَ» وَرَوَيَا أَيْضًا وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ:«أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ» . وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا عَجَّلَ بِهِ السَّيْرُ يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ» . وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ مُعَاذٍ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ إذَا غَابَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَإِنْ ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَنْزِلَ لِلْعِشَاءِ، ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَهُمَا» وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هُوَ مَحْفُوظٌ، وَدَلِيلُ الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ إطْلَاقُ السَّفَرِ فِي الْأَحَادِيثِ. وَالرَّاجِحُ قَيَّدَهُ بِالطَّوِيلِ كَمَا فِي الْقَصْرِ بِجَامِعِ الرُّخْصَةِ، وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ وَلَا جَمْعُ الصُّبْحِ إلَى غَيْرِهَا وَلَا الْعَصْرِ إلَى الْمَغْرِبِ.
(وَشُرُوطُ التَّقْدِيمِ ثَلَاثَةٌ الْبُدَاءَةُ بِالْأُولَى) لِأَنَّ الْوَقْتَ لَهَا وَالثَّانِيَةُ تَبَعٌ فَلَوْ صَلَّى الْعَصْرَ قَبْلَ الظُّهْرِ لَمْ يَصِحَّ، وَيُعِيدُهَا بَعْدَ الظُّهْرِ. وَكَذَا لَوْ صَلَّى الْعِشَاءَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ (فَلَوْ صَلَّاهُمَا) مُبْتَدِئًا بِالْأُولَى (فَبَانَ فَسَادُهَا) بِفَوَاتِ شَرْطٍ أَوْ رُكْنٍ (فَسَدَتْ الثَّانِيَةُ) أَيْضًا لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا مِنْ الْبُدَاءَةِ بِالْأُولَى لِفَسَادِهَا (وَنِيَّةُ الْجَمْعِ) لِيَتَمَيَّزَ التَّقْدِيمُ الْمَشْرُوعُ عَنْ التَّقْدِيمِ سَهْوًا (وَمَحَلُّهَا) الْفَاضِلُ (أَوَّلُ الْأُولَى وَيَجُوزُ فِي أَثْنَائِهَا فِي الْأَظْهَرِ) لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ. وَالثَّانِي لَا. كَالْقَصْرِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَجُوزُ مَعَ التَّحَلُّلِ مِنْهَا فِي الْأَصَحِّ (وَالْمُوَالَاةُ بِأَنْ لَا يَطُولَ بَيْنَهُمَا فَصْلٌ فَإِنْ طَالَ وَلَوْ بِعُذْرٍ) كَالسَّهْوِ وَالْإِغْمَاءِ (وَجَبَ تَأْخِيرُ الثَّانِيَةِ إلَى وَقْتِهَا، وَلَا يَضُرُّ فَصْلٌ يَسِيرٌ وَيُعْرَفُ طُولُهُ) وَقِصَرُهُ (بِالْعُرْفِ) وَمِنْ الْيَسِيرِ قَدْرُ الْإِقَامَةِ. رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أُسَامَةَ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَالَى بَيْنَهُمَا وَتَرَكَ الرَّوَاتِبَ بَيْنَهُمَا وَأَقَامَ الصَّلَاةَ بَيْنَهُمَا» .
(وَلِلْمُتَيَمِّمِ الْجَمْعُ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ طَلَبٍ خَفِيفٍ) وَالتَّيَمُّمُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ وَالْمَانِعُ يَقُولُ تَخَلُّلُ ذَلِكَ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ يُطَوِّلُ الْفَصْلَ بَيْنَهُمَا.
قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لَوْ صَلَّى بَيْنَهُمَا رَكْعَتَيْنِ سُنَّةً رَاتِبَةً بَطَلَ الْجَمْعُ.
(وَلَوْ جَمَعَ) بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ (ثُمَّ عَلِمَ) بَعْدَ فَرَاغِهِمَا
ــ
[حاشية قليوبي]
بِأَنْ كَانَ نَازِلًا فِي وَقْتِ الْأُولَى فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَيْضًا. وَأَلْحَقَ ابْنُ حَجَرٍ بِهِ النَّازِلَ فِيهِمَا. وَظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ الْآتِيَةِ يُوَافِقُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اخْتِصَاصُ التَّأْخِيرِ بِالنَّازِلِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ أَوْ بِهِ وَبِالسَّائِرِ فِيهِمَا، وَظَاهِرُ الْمَنْهَجِ قَرِيبٌ مِنْهُ، نَعَمْ لَوْ اقْتَرَنَ بِأَحَدِ الْجَمْعَيْنِ فَضِيلَةٌ كَجَمَاعَةٍ أَوْ سِتْرٍ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْآخَرِ مُطْلَقًا وَالْأَفْضَلِيَّةُ فِي أَحَدِ الْجَمْعَيْنِ إذَا جَمَعَ لَا تُنَافِي أَنَّ تَرْكَ الْجَمْعِ أَفْضَلُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ:(عَجَّلَ) هُوَ بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ.
قَوْلُهُ: (وَشُرُوطُ جَمْعِ التَّقْدِيمِ ثَلَاثَةٌ) بَلْ أَكْثَرُ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضًا بَقَاءُ السَّفَرِ إلَى عَقْدِ الثَّانِيَةِ وَعَدَمُ دُخُولِ وَقْتِهَا قَبْلَ فَرَاغِهَا وَتَيَقُّنُ صِحَّةِ الْأُولَى وَتَيَقُّنُ نِيَّةِ الْجَمْعِ. قَوْلُهُ: (الْبُدَاءَةُ بِالْأُولَى) أَيْ وَكَوْنُهَا صَحِيحَةً يَقِينًا وَإِنْ وَجَبَتْ إعَادَتُهَا فَيَجْمَعُ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ مَثَلًا إذَا أَيِسَ فِي وَقْتِ الْأُولَى مِنْ وُجُودِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ فَوَاتِ الثَّانِيَةِ، سَوَاءٌ جَمْعُ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَلَا تَجْمَعُ الْمُتَحَيِّرَةُ تَقْدِيمًا وَلَهَا الْجَمْعُ تَأْخِيرًا وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ طُهْرِهَا وَقْتَ الْأُولَى. قَوْلُهُ:(لَمْ تَصِحَّ) أَيْ فَرْضًا مُطْلَقًا وَلَا نَفْلًا لِلْعَالِمِ. قَوْلُهُ: (فَسَدَتْ الثَّانِيَةُ) أَيْ فَسَدَ كَوْنُهَا فَرْضًا عَلَى مَا ذَكَرَ. قَوْلُهُ: (وَنِيَّةُ الْجَمْعِ يَقِينًا) أَيْ حَالَ تَلَبُّسِهِ بِالسَّفَرِ وَإِنْ شَرَعَ فِيهِ فِي أَثْنَاءِ الْأُولَى. قَوْلُهُ: (وَمَحَلُّهَا الْفَاضِلُ) أَيْ لَا الْجَائِزُ فَانْتَفَى الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْحَصْرِ فِي كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (مَعَ التَّحَلُّلِ مِنْهَا) أَيْ فِي التَّسْلِيمَةِ وَإِنْ كَانَ رَفَضَهَا قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ قَصَدَ تَرْكَهَا، أَمَّا بَعْدَ التَّحَلُّلِ وَمِنْهُ التَّسْلِيمَةُ الثَّانِيَةُ فَلَا يَكْتَفِي بِالنِّيَّةِ فِيهَا وَلَا بَعْدَهَا، وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ. نَعَمْ إنْ رَفَضَهَا بَعْدَ التَّحَلُّلِ وَقَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ ارْتَدَّ كَذَلِكَ ثُمَّ عَادَ لَهَا أَوْ أَسْلَمَ عَلَى الْفَوْرِ فَلَهُ الْجَمْعُ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، إنْ رَفَضَهَا فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ بَطَلَتْ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَلَوْ شَكَّ هَلْ نَوَى فِي الْأُولَى أَوْ لَا فَلَا جَمْعَ إلَّا إنْ تَذَّكَّرهَا عَنْ قُرْبٍ.
قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْيَسِيرِ قَدْرُ الْإِقَامَةِ) وَكَذَا قَدْرُ تَيَمُّمٍ وَوُضُوءٍ وَلَوْ مُجَدَّدًا وَطَلَبٍ خَفِيفٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ الْمَصْرُوفُ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ رَكْعَتَيْنِ مَعَ الِاعْتِدَالِ فَزَمَنُ هَذِهِ الْأُمُورِ مُغْتَفَرٌ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فِيهِ أَوْ وُجِدَ فِيهِ غَيْرُ مَطْلُوبٍ مِنْهُ كَأَذَانِ امْرَأَةٍ أَوْ خُنْثَى وَالِاعْتِبَارُ بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ لَا بِفِعْلِ الشَّخْصِ بِنَفْسِهِ فَلَا يَرُدُّ بَطِيءَ الْحَرَكَةِ.
قَوْلُهُ: (لَوْ صَلَّى إلَخْ) وَغَيْرُ الرَّاتِبَةِ كَذَلِكَ وَلَوْ فِي الزَّمَنِ الْمُغْتَفَرِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ صَلَّى مَا لَوْ لَمْ يُصَلِّ فَلَا يَضُرُّ وَإِنْ كَانَ الزَّمَنُ قَدْرَ زَمَنِ رَكْعَتَيْنِ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ، وَهَلْ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ كَالصَّلَاةِ؟ رَاجِعْهُ وَالْقَلْبُ إلَى عَدَمِ
ــ
[حاشية عميرة]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(تَرْكَ رُكْنٍ مِنْ الْأُولَى بَطَلَتَا) الْأُولَى لِتَرْكِ الرُّكْنِ وَتَعَذُّرِ التَّدَارُكِ بِطُولِ الْفَصْلِ، وَالثَّانِيَةُ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا مِنْ الِابْتِدَاءِ بِالْأُولَى لِبُطْلَانِهَا. (وَيُعِيدُهُمَا جَامِعًا) إنْ شَاءَ (أَوْ) عَلِمَ تَرْكَهُ (مِنْ الثَّانِيَةِ فَإِنْ لَمْ يَطُلْ) الْفَصْلُ (تَدَارَكَ) وَصَحَّتَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ طَالَ (فَبَاطِلَةٌ وَلَا جَمْعَ) لِطُولِ الْفَصْلِ بِهَا فَيُعِيدُهَا فِي وَقْتِهَا (وَلَوْ جَهِلَ) أَيْ لَمْ يَدْرِ أَنَّ التَّرْكَ مِنْ الْأُولَى أَمْ مِنْ الثَّانِيَةِ (أَعَادَهُمَا لِوَقْتَيْهِمَا) رِعَايَةً لِلِاحْتِمَالَيْنِ إذْ بِاحْتِمَالِ التَّرْكِ مِنْ الْأُولَى يَبْطُلَانِ وَبِاحْتِمَالِهِ مِنْ الثَّانِيَةِ يَمْتَنِعُ الْجَمْعُ لِمَا تَقَدَّمَ، وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى عُلِمَتْ مِمَّا تَقَدَّمَ.
وَذَكَرْت هُنَا مَبْدَأً لِلتَّقْسِيمِ (وَإِذَا أَخَّرَ الْأُولَى) إلَى وَقْتِ الثَّانِيَةِ (لَمْ يَجِبْ التَّرْتِيبُ) بَيْنَهُمَا (وَالْمُوَالَاةُ وَنِيَّةُ الْجَمْعِ) فِي الْأُولَى (عَلَى الصَّحِيحِ) وَيُسْتَحَبُّ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَالثَّانِي يَجِبُ ذَلِكَ كَمَا فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْوَقْتَ فِي جَمْعِ التَّأْخِيرِ لِلثَّانِيَةِ وَالْأُولَى تَبَعٌ لَهَا عَلَى خِلَافِهِ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ فَلَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ، وَإِذَا انْتَفَى انْتَفَتْ الْمُوَالَاةُ وَنِيَّةُ الْجَمْعِ وَعَلَى الثَّانِي لَوْ أَخَلَّ بِالتَّرْتِيبِ أَوْ أَتَى بِهِ وَأَخَلَّ بِالْمُوَالَاةِ أَوْ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ، صَارَتْ الْأُولَى قَضَاءً يَمْتَنِعُ قَصْرُهَا فِي وَجْهٍ تَقَدَّمَ.
(وَيَجِبُ كَوْنُ التَّأْخِيرِ) إلَى وَقْتِ الثَّانِيَةِ (بِنِيَّةِ الْجَمْعِ) قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الْأُولَى بِزَمَنٍ لَوْ اُبْتُدِئَتْ فِيهِ كَانَتْ أَدَاءً نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْأَصْحَابِ.
وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْهُمْ بِزَمَنٍ
ــ
[حاشية قليوبي]
الْمَنْعِ أَمْيَلُ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ الْمَنْعِ أَيْضًا فِي صَلَاةِ رَكْعَةٍ فَقَطْ أَوْ جِنَازَةٍ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ فَرَاغِهِمَا) قَيَّدَ بِهِ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ تَذَّكَّرهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ فَرَاغِ الْأُولَى أَتَمَّهَا، وَلَهُ الْجَمْعُ أَوْ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ لَغَا إحْرَامُهُ بِهَا وَيُكَمِّلُ الْأُولَى إنْ لَمْ يَطُلْ فَصْلٌ بَيْنَ سَلَامِهِ مِنْهَا وَتَذَكُّرِهِ وَلَهُ الْجَمْعُ أَيْضًا وَإِلَّا بَطَلَتَا، وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ أَيْضًا.
وَقَوْلُهُمْ: إنْ لَمْ يَطُلْ فَصْلٌ يُفِيدُ أَنَّ مَا فَعَلَهُ مِنْ الثَّانِيَةِ قَبْلَ تَذَكُّرِهِ لَغْوٌ لَا تَكْمُلُ بِهِ الْأُولَى لِبِنَائِهِ عَلَى إحْرَامٍ لَاغٍ.
وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إنَّهُ لَا يَلْغُو مِنْهُ إلَّا مَا قَبْلَ مِثْلِ الْمَتْرُوكِ وَهُوَ الَّذِي فِيهِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ طُولِ الْفَصْلِ وَعَدَمِهِ فَرَاجِعْهُ. وَفِي ابْنِ حَجَرٍ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ يَجْرِي فِيمَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (بَطَلَتَا) أَيْ الْأُولَى مُطْلَقًا وَالثَّانِيَةُ فَرْضًا وَتَقَعُ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا. كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ) أَيْ بَيْنَ سَلَامِهِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَتَذَكُّرِ الْمَتْرُوكِ.
قَوْلُهُ: (لِطُولِ الْفَصْلِ بِهَا) أَيْ بِالثَّانِيَةِ الْبَاطِلَةِ فَلَا يُعِيدُهَا جَامِعًا وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ مَا مَرَّ أَنَّ وُجُودَ الصَّلَاةِ بَيْنَهُمَا مُضِرٌّ مُطْلَقًا. فَلَوْ قَالَ لِفِعْلِ الثَّانِيَةِ لَكَانَ أَوْلَى إلَّا أَنْ يُقَالَ لِشُبْهَةِ بُطْلَانِهَا. قَوْلُهُ: (لِوَقْتَيْهِمَا) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ تَأْخِيرًا. وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَاعْتَمَدَهُ.
وَفِي الْمَنْهَجِ خِلَافُهُ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ.
قَوْلُهُ: (انْتَفَتْ الْمُوَالَاةُ) أَيْ وُجُوبُهَا كَالنِّيَّةِ. قَوْلُهُ: (فِي وَجْهٍ تَقَدَّمَ) صَوَابُهُ فِي قَوْلٍ لِمَا مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبَابِ فِي قَضَاءِ الْفَائِتَةِ فَتَجِبُ إعَادَتُهَا إنْ كَانَ صَلَّاهَا مَقْصُورَةً لِتَبَيُّنِ بُطْلَانِهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.
قَوْلُهُ: (بِنِيَّةِ الْجَمْعِ) أَيْ بِنِيَّةِ التَّأْخِيرِ لِأَجْلِ الْجَمْعِ فَلَا يَكْفِي نِيَّةُ التَّأْخِيرِ مُطْلَقًا. فَلَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ لَمْ يَبْطُلْ
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (بَعْدَ فَرَاغِهِمَا) كَذَا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ، فَلَوْ عَلِمَ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ تَرْكَ رُكْنٍ مِنْ الْأُولَى فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ فَهُوَ كَمَا بَعْدَ الْفَرَاغِ وَإِلَّا بَنَى عَلَى الْأُولَى وَبَطَلَ إحْرَامُهُ بِالثَّانِيَةِ، وَبَعْدَ الْبِنَاءِ يَأْتِي بِهَا أَوْ مِنْ الثَّانِيَةِ تَدَارَكَهُ وَبَنَى. وَإِنَّمَا قَيَّدَ الشَّارِحُ رحمه الله كَلَامَ الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِمَا لِهَذَا التَّفْصِيلِ الَّذِي لَا يَصِحُّ مَعَهُ عُمُومُ قَوْلِهِ بَطَلَتَا وَيُعِيدُهُمَا، وَلَا قَوْلُهُ وَإِلَّا فَبَاطِلَةٌ وَلَا جَمْعَ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الصَّحِيحِ) هُمَا فِي الْجَمْعِ مَبْنِيَّانِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ شَرْحَيْ الرَّافِعِيِّ رحمه الله.
(تَنْبِيهٌ) لَوْ جَمَعَ تَأْخِيرًا فَتَذَكَّرَ فِي تَشَهُّدِ الْعَصْرِ تَرْكَ سَجْدَةٍ لَا يَعْلَمُ مَكَانَهَا مِنْ الْعَصْرِ أَوْ الظُّهْرِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَةً أُخْرَى ثُمَّ يُعِيدَ الظُّهْرَ، وَيَكُونُ جَامِعًا فَإِنْ كَانَ أَحْرَمَ بِالْعَصْرِ عَقِبَ فَرَاغِهِ مِنْ الظُّهْرِ امْتَنَعَ الْبِنَاءُ وَوَجَبَ إعَادَةُ الصَّلَاتَيْنِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مِنْ الظُّهْرِ، فَلَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ بِالْعَصْرِ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ. قَوْلُهُ:(وَإِذَا انْتَفَى إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ انْتِفَاءُ التَّرْتِيبِ الَّذِي اعْتَبَرَهُ الْوَجْهُ الثَّانِي فَيَلْزَمُ مِنْ نَفْيِهِ نَفْيُ الْمُوَالَاةِ، وَنِيَّةُ الْجَمْعِ اللَّذَيْنِ اعْتَبَرَهُمَا الْوَجْهُ الثَّانِي أَيْضًا فَإِنَّ وُجُوبَهُمَا عِنْدَهُ إنَّمَا هُوَ مَعَ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ فَإِذَا انْتَفَى انْتَفَيَا. وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا وَأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ مَعَ عَدَمِ لُزُومِ التَّرْتِيبِ، وَحَيْثُ انْتَفَتْ الْمُوَالَاةُ انْتَفَى نِيَّةُ الْجَمْعِ. قَوْلُهُ:(انْتَفَتْ الْمُوَالَاةُ) اسْتَدَلَّ أَصْحَابُنَا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم لَمَّا دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ إلَى الْمُزْدَلِفَةِ نَزَلَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ» . رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أُسَامَةَ رضي الله عنه وَلِأَنَّ الْأُولَى بِخُرُوجِ وَقْتِهَا الْأَصْلِيِّ أَشْبَهَتْ الْفَائِتَةَ، ثُمَّ إذَا أَوْجَبْنَا التَّرْتِيبَ وَالْمُوَالَاةَ لَوْ تَرَكَهُمَا صَحَّتْ الثَّانِيَةُ لِوُقُوعِهَا فِي وَقْتِهَا، وَصَارَتْ الْأُولَى قَضَاءً كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ رحمه الله. قَوْلُهُ:(فِي وَجْهٍ تَقَدَّمَ) فِيهِ تَجَوُّزٌ فَإِنَّ الْمُتَقَدِّمَ قَوْلُ لَا وَجْهَ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِنِيَّةِ الْجَمْعِ) لَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ
يَسَعُهَا أَوْ أَكْثَرَ وَهُوَ مُبَيِّنٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَدَاءِ فِي الرَّوْضَةِ الْأَدَاءُ الْحَقِيقِيُّ بِأَنْ يَأْتِيَ بِجَمِيعِ الصَّلَاةِ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا بِخِلَافِ الْإِتْيَانِ بِرَكْعَةٍ مِنْهَا فِي الْوَقْتِ: وَالْبَاقِي بَعْدَهُ فَتَسْمِيَتُهُ أَدَاءً بِتَبَعِيَّةِ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ لِمَا فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ أَخَّرَ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْجَمْعِ أَوْ بِنِيَّتِهِ فِي زَمَنٍ لَا تَكُونُ الصَّلَاةُ فِيهِ أَدَاءً عَلَى مَا ذَكَرَ (فَيَعْصِي وَتَكُونُ قَضَاءً) يَمْتَنِعُ قَصْرُهَا فِي وَجْهٍ تَقَدَّمَ.
(وَلَوْ جَمَعَ تَقْدِيمًا) بِأَنْ صَلَّى الْأُولَى فِي وَقْتِهَا نَاوِيًا الْجَمْعَ (فَصَارَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ) أَوْ فِي الْأُولَى كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ (مُقِيمًا) بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ أَوْ بِانْتِهَاءِ السَّفِينَةِ إلَى مَقْصِدِهِ (بَطَلَ الْجَمْعُ) لِزَوَالِ الْعُذْرِ فَيَتَعَيَّنُ تَأْخِيرُ الثَّانِيَةِ إلَى وَقْتِهَا وَلَا تَتَأَثَّرُ الْأُولَى بِمَا اتَّفَقَ (وَفِي الثَّانِيَةِ وَبَعْدَهَا) لَوْ صَارَ مُقِيمًا (لَا يَبْطُلُ) الْجَمْعُ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْعِقَادِهَا أَوْ تَمَامِهَا قَبْلَ زَوَالِ الْعُذْرِ، وَالثَّانِي يَقُولُ هِيَ مُعَجَّلَةٌ عَلَى وَقْتِهَا لِلْعُذْرِ وَقَدْ زَالَ الْعُذْرُ قَبْلَهُ وَأَدْرَكَهُ الْمُصَلِّي فَلْيُعِدْهَا فِيهِ.
(أَوْ) جَمَعَ (تَأْخِيرًا فَأَقَامَ بَعْدَ فَرَاغِهِمَا لَمْ يُؤَثِّرْ) مَا ذَكَرَ لِتَمَامِ الرُّخْصَةِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ (وَقَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ فَرَاغِهِمَا (يَجْعَلُ الْأُولَى قَضَاءً) لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلثَّانِيَةِ فِي الْأَدَاءِ لِلْعُذْرِ، وَقَدْ زَالَ قَبْلَ تَمَامِهَا، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: إذَا أَقَامَ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْأُولَى أَدَاءً.
(وَيَجُوزُ الْجَمْعُ) بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ (بِالْمَطَرِ تَقْدِيمًا) لِلْمُقِيمِ بِشُرُوطِ التَّقْدِيمِ السَّابِقَةِ. رَوَى
ــ
[حاشية قليوبي]
الْجَمْعُ قَالَهُ فِي الْإِحْيَاءِ: وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ إنْ أَرَادَ أَنَّ الْأُولَى أَدَاءٌ وَإِلَّا فَظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (الْأَدَاءُ الْحَقِيقِيُّ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ مَا يَسَعُ رَكْعَتَيْنِ إنْ أَرَادَ الْقَصْرَ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ بَعْدُ أَوْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَأَكْثَرَ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ:(بِأَنْ يَأْتِيَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الزَّمَنُ يَسَعُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْإِتْيَانِ بِرَكْعَةٍ) أَيْ بِالْفِعْلِ وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ هُنَا لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَجْمَعَ تَأْخِيرًا وَإِدْرَاكُ الزَّمَنِ لَا تَبَعِيَّةَ فِيهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي زَمَنٍ إلَخْ) بِأَنْ لَمْ يَسَعْ الزَّمَنُ إيقَاعَ جَمِيعِهَا فَيَعْصِي بِتَأْخِيرِهَا إلَى وَقْتِ الْحُرْمَةِ، وَتَكُونُ قَضَاءً لِأَنَّهُ لَمْ يُوقِعْ مِنْهَا فِي الْوَقْتِ شَيْئًا بِالْفِعْلِ، وَلَا عِبْرَةَ بِإِدْرَاكِ الزَّمَنِ كَمَا مَرَّ. وَهَذَا مِمَّا لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ إدْرَاكَ الزَّمَنِ كَافٍ فِي الْأَدَاءِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ) وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِالْأُولَى فَالْمُرَادُ يَجْمَعُ شَرَعَ فِيهِ كَمَا يُعْلَمُ أَيْضًا مِنْ كَلَامِهِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَتَأَثَّرُ إلَخْ) أَيْ وَلَا تَصِيرُ قَضَاءً وَلَا تَبْطُلُ بِمَا وَجَدَ.
قَوْلُهُ: (قَبْلَ زَوَالِ الْعُذْرِ) أَيْ فَالتَّبَعِيَّةُ بَاقِيَةٌ بِذَلِكَ. وَلِهَذَا لَوْ خَرَجَ وَقْتُ التَّبَعِيَّةِ بِأَنْ دَخَلَ وَقْتُهَا الْحَقِيقِيُّ فِي أَثْنَائِهَا بَطَلَ الْجَمْعُ فَتَبْطُلُ. وَيَجِبُ اسْتِئْنَافُهَا.
قَوْلُهُ: (قَبْلَ فَرَاغِهِمَا) سَوَاءٌ قَدَّمَ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةَ وَسَوَاءٌ زَالَ الْعُذْرُ فِي الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ وَالتَّعْلِيلُ لِلْأَغْلَبِ، وَفَارَقَ هَذَا مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ زَوَالَ الْوَصْفِ بِكَوْنِهَا صَارَتْ قَضَاءً مَعَ صِحَّتِهَا أَخَفُّ مِنْ زَوَالِ الْأَصْلِ بِإِبْطَالِهَا وَلِأَنَّ وَقْتَ الثَّانِيَةِ وَقْتٌ لِلْأُولَى فِي غَيْرِ الْعُذْرِ.
(تَنْبِيهٌ) لَوْ جَمَعَ تَأْخِيرًا فَتَذَكَّرَ فِي تَشَهُّدِ الْعَصْرِ تَرْكَ سَجْدَةٍ وَشَكَّ هَلْ هِيَ مِنْ الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ؟ فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَةً أُخْرَى لِإِتْمَامِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يُعِيدَ الظُّهْرَ وَيَكُونُ جَامِعًا فَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْرَمَ بِالْعَصْرِ عَقِبَ فَرَاغِهِ مِنْ الظُّهْرِ امْتَنَعَ الْبِنَاءُ، وَوَجَبَ إعَادَةُ الصَّلَاتَيْنِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ مِنْ الظُّهْرِ فَلَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ بِالْعَصْرِ.
قَالَهُ فِي الْبَحْرِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ. وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَعَلَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (يَنْبَغِي إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ.
قَوْلُهُ: (بِالْمَطَرِ) خَرَجَ بِهِ الْوَحَلُ وَالرِّيحُ وَالظُّلْمَةُ وَالْخَوْفُ فَلَا
ــ
[حاشية عميرة]
حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ لَمْ يَبْطُلْ الْجَمْعُ قَالَهُ فِي الْإِحْيَاءِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُبَيِّنٌ إلَخْ) قِيلَ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الرَّوْضَةِ وَإِلَّا عَصَى وَصَارَتْ قَضَاءً قُلْنَا مَا حَاوَلَهُ الشَّارِحُ أَيْضًا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمِنْهَاجِ، وَإِلَّا عَصَى وَصَارَتْ قَضَاءً اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: صَارَتْ قَضَاءً نَظَرًا إلَى أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ خُرُوجُ الْوَقْتِ كُلِّهِ بَعْدَ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ صَلَّى الْأُولَى إلَخْ) فَمَا يُفْهِمُهُ مِنْ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ لَيْسَ مُرَادًا بِقَرِينَةِ بَاقِي الْكَلَامِ. قَوْلُهُ: (أَوْ فِي الْأُولَى) أَيْ كَمَا يُفْهَمُ بِطَرِيقِ الْأُولَى. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَقُولُ هِيَ مُعَجَّلَةٌ إلَخْ) هُوَ تَعْلِيلٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ مَعًا، وَقَدْ عُلِّلَتْ الْأُولَى أَيْضًا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْعَصْرِ وَرَدَّ بِأَنَّ تَخَلُّفَ الْقَصْرِ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ هَذَا ثُمَّ إذَا قُلْنَا بِالْبُطْلَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إنْ نَوَى الْإِقَامَةَ أَوْ عَلِمَ حُصُولَهَا بَطَلَتْ وَإِلَّا انْقَلَبَتْ نَفْلًا.
وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَقَدْ زَالَ الْعُذْرُ قَبْلَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَحْصُلْ الْإِقَامَةُ إلَّا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ يَتَخَلَّفُ هَذَا الْوَجْهُ. وَصَنِيعُ الْإِسْنَوِيِّ يُخَالِفُهُ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (أَيْضًا: هِيَ مُعَجَّلَةٌ) أَيْ فَأَشْبَهَ ذَلِكَ خُرُوجَ الْفَقِيرِ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ التَّعْجِيلِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُؤَثِّرْ) كَمَا فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ وَأَوْلَى. قَوْلُهُ: (يَنْبَغِي إلَخْ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ خِلَافُهُ بَلْ زَعَمَ أَنَّ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ مَحَلُّهُ إذَا أَقَامَ قَبْلَ
الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِالْمَدِينَةِ سَبْعًا جَمِيعًا وَثَمَانِيًا جَمِيعًا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ» . قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ: أَرَى ذَلِكَ بِعُذْرِ الْمَطَرِ (وَالْجَدِيدُ مَنَعَهُ تَأْخِيرًا) لِأَنَّ الْمَطَرَ قَدْ يَنْقَطِعُ قَبْلَ أَنْ يَجْمَعَ وَالْقَدِيمُ جَوَازُهُ كَمَا فِي الْجَمْعِ بِالسَّفَرِ فَيُصَلِّي الْأُولَى مَعَ الثَّانِيَةِ فِي وَقْتِهَا سَوَاءٌ اتَّصَلَ الْمَطَرُ أَمْ انْقَطَعَ قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ.
وَفِي التَّهْذِيبِ إذَا انْقَطَعَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ لَمْ يَجُزْ الْجَمْعُ، وَيُصَلِّي الْأُولَى فِي آخِرِ وَقْتِهَا (وَشَرْطُ التَّقْدِيمِ وُجُودُهُ) أَيْ الْمَطَرِ (أَوَّلُهُمَا) أَيْ الصَّلَاتَيْنِ لِيُقَارِنَ الْجَمْعُ الْعُذْرَ (وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُهُ عِنْدَ سَلَامِ الْأُولَى) أَيْضًا لِيَتَّصِلَ بِأَوَّلِ الثَّانِيَةِ. وَلَا يَضُرُّ انْقِطَاعُهُ فِي أَثْنَاءِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَسَوَاءٌ قَوِيُّ الْمَطَرِ وَضَعِيفُهُ إذَا بَلَّ الثَّوْبَ (وَالثَّلْجُ وَالْبَرَدُ كَمَطَرٍ إنْ ذَابَا) لِبَلِّهِمَا الثَّوْبَ فَإِنْ لَمْ يَذُوبَا فَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بِهِمَا (وَالْأَظْهَرُ تَخْصِيصُ الرُّخْصَةِ بِالْمُصَلِّي جَمَاعَةً بِمَسْجِدٍ بَعِيدٍ يَتَأَذَّى بِالْمَطَرِ فِي طَرِيقِهِ) بِخِلَافِ مَنْ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ مُنْفَرِدًا أَوْ جَمَاعَةً، أَوْ يَمْشِي إلَى الْمَسْجِدِ فِي كِنٍّ أَوْ كَانَ الْمَسْجِدُ بِبَابِ دَارِهِ فَلَا يَتَرَخَّصُ لِانْتِفَاءِ الْمَشَقَّةِ كَغَيْرِهِ عَنْهُ. وَالثَّانِي يَتَرَخَّصُ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ. وَقَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ هُوَ لَفْظُ الْمُحَرَّرِ وَفِي الرَّوْضَةِ الْأَصَحُّ. وَقِيلَ الْأَظْهَرُ تَبَعًا لِأَصْلِهَا.
بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِهَا هِيَ كَغَيْرِهَا مِنْ الْخَمْسِ فِي الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ، وَتَخْتَصُّ بِاشْتِرَاطِ أُمُورٍ فِي لُزُومِهَا وَأُمُورٍ فِي
ــ
[حاشية قليوبي]
جَمْعَ بِهَا وَكَذَا الْمَرَضُ خِلَافًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الرَّوْضِ تَبَعًا لِلرَّوْضَةِ مِنْ جَوَازِ الْجَمْعِ بِهِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا. وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمُفْتِي بِهِ، وَنَقَلَ أَنَّهُ نَصٌّ لِلشَّافِعِيِّ رضي الله عنه وَبِهِ يُعْلَمُ جَوَازُ عَمَلِ الشَّخْصِ بِهِ لِنَفْسِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْمَرَضِ حَالَةَ الْإِحْرَامِ بِهِمَا وَعِنْدَ سَلَامِهِ مِنْ الْأُولَى وَبَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْمَطَرِ. قَوْلُهُ:(سَبْعًا جَمِيعًا وَثَمَانِيًا) أَيْ مِنْ الرَّكَعَاتِ وَذَكَرَ ذَلِكَ دُونَ أَنْ يَقُولَ جَمَعَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ لِأَجْلِ دَفْعِ تَوَهُّمِ جَوَازِ الْقَصْرِ مَعَ الْجَمْعِ. قَوْلُهُ: (أَرَى ذَلِكَ) هُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا أَيْ أَظُنُّ أَوْ أَعْتَقِدُ وَرِوَايَةُ. وَلَا مَطَرَ شَاذَّةٌ أَوْ يُرَادُ وَلَا مَطَرَ كَثِيرٌ وَدَائِمٌ. قَوْلُهُ: (وَفِي التَّهْذِيبِ إلَخْ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْجَدِيدِ.
قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ التَّقْدِيمِ) هَذَا الشَّرْطُ بَدَلُ السَّفَرِ فِي الْمُسَافِرِ وَإِنْ لَمْ يَسْلُوهُ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ مِثْلِ مَا هُنَا فِي السَّفَرِ.
قَوْلُهُ: (وُجُودُهُ) أَيْ الْمَطَرِ يَقِينًا كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، أَوْ ظَنًّا كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فَإِنْ شَكَّ فِي بَقَائِهِ بَطَلَ الْجَمْعُ وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ. قَوْلُهُ:(لِيَتَّصِلَ) أَيْ فَالِاتِّصَالُ شَرْطٌ فَلَوْ انْقَطَعَ بَيْنَهُمَا بَطَلَ الْجَمْعُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ) قَالَ شَيْخُنَا إلَّا إنْ كَانَ قِطَعًا كِبَارًا فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ الْجَمْعُ. قَوْلُهُ: (جَمَاعَةً) أَيْ وَلَوْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الثَّانِيَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، وَاكْتَفَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِالْجَمَاعَةِ حَالَ الْإِحْرَامِ بِالثَّانِيَةِ وَإِنْ صَلَّى الْأُولَى مُنْفَرِدًا عِنْدَهُمَا كَبَقِيَّةِ الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ:(يَتَأَذَّى) أَيْ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالنَّظَرِ لِغَالِبِ النَّاسِ، نَعَمْ لِإِمَامِ الْمَسْجِدِ وَمُجَاوِرِيهِ الْجَمْعُ تَبَعًا لِغَيْرِهِمْ، وَعَلَى هَذَا حُمِلَ جَمْعُهُ صلى الله عليه وسلم بِالْمَطَرِ مَعَ قُرْبِ بَيْتِهِ لِلْمَسْجِدِ أَوْ مُلَاصَقَتِهِ لَهُ. وَلِلْمُنْفَرِدِ الْجَمْعُ فِي الْمَسْجِدِ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ. قَوْلُهُ:(أَوْ كَانَ الْمَسْجِدُ) لَيْسَ الْمَسْجِدُ قَيْدًا وَالْمُرَادُ مَحَلُّ الْجَمَاعَةِ.
(تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي رَاتِبَةً بَيْنَ الْمَجْمُوعَتَيْنِ وُجُوبًا فِي التَّقْدِيمِ وَنَدْبًا فِي التَّأْخِيرِ. وَكَذَا لَا يُقَدِّمُ رَاتِبَةَ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى مُطْلَقًا وَلَهُ تَأْخِيرُ رَوَاتِبِ الْأُولَى الْمُتَقَدِّمَةِ عَنْ الثَّانِيَةِ كَالْمُتَأَخِّرَةِ، وَحِينَئِذٍ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّوَاتِبَ عَلَى أَيِّ كَيْفِيَّةٍ أَرَادَ مِنْ تَرْتِيبٍ وَعَدَمِهِ وَجَمْعٍ فِي إحْرَامٍ وَعَدَمِهِ لَكِنْ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ رَاتِبَتَيْ صَلَاتَيْنِ فِي إحْرَامٍ وَاحِدٍ.
بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ هِيَ صَلَاةٌ أَصْلِيَّةٌ تَامَّةٌ عَلَى قَدْرِ الْمَقْصُورَةِ. وَقِيلَ: ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لَهَا أَوْ لِمَا جُمِعَ فِيهَا مِنْ
ــ
[حاشية عميرة]
فَرَاغِ الْأُولَى:
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُهُ إلَخْ) .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِاسْتِصْحَابِ الْمَطَرِ وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْبَقَاءُ وَإِنْ أَوْهَمَ تَعْلِيلُ الرَّافِعِيِّ خِلَافَهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَذُوبَا فَلَا إلَخْ) اسْتَثْنَى فِي الشَّامِلِ مَا إذَا كَانَ الْبَرْدُ قِطَعًا كِبَارًا وَخَافَ مِنْ السُّقُوطِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاءِ الْمَشَقَّةِ) وَقَوْلُهُ: عَنْهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لِانْتِقَاءِ وَالضَّمِيرُ فِي عَنْهُ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ: يَتَرَخَّصُ.