المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب صلاة الكسوفين - حاشيتا قليوبي وعميرة - جـ ١

[القليوبي]

فهرس الكتاب

- ‌أحمد سلامة القليوبي

- ‌أحمد البرلسي عميرة

- ‌[المقدمة]

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌[الْمَاء الْمُشْمِس]

- ‌[الْمَاء الْمُسْتَعْمَل فِي الطَّهَارَة]

- ‌[حُكْمُ الْمَاءِ الْجَارِي]

- ‌ اشْتَبَهَ مَاءٌ طَاهِرٌ بِنَجِسٍ)

- ‌[اشْتَبَهَ مَاءٌ وَبَوْلٌ]

- ‌ اسْتَعْمَلَ مَا ظَنَّهُ) الطَّاهِرَ مِنْ الْمَاءَيْنِ بِالِاجْتِهَادِ

- ‌بَابُ أَسْبَابِ الْحَدَثِ

- ‌(فَصْلٌ فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ)

- ‌بَابُ الْوُضُوءِ

- ‌[سُنَن الْوُضُوء]

- ‌بَابُ مَسْحِ الْخُفِّ

- ‌[مُدَّة الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[وَشَرْط الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ]

- ‌بَابُ الْغُسْلِ

- ‌[مُوجِبَاتُ الْغُسْلِ]

- ‌[وَأَقَلّ الْغُسْلِ عَنْ الْجَنَابَةِ]

- ‌بَابُ النَّجَاسَةِ

- ‌[المولاة فِي الْغُسْل]

- ‌بَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌(فَصْلٌ) : (يُتَيَمَّمُ بِكُلِّ تُرَابٍ طَاهِرٍ)

- ‌[أَرْكَان التَّيَمُّمِ]

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ)

- ‌(وَأَقَلُّ النِّفَاسِ)

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌(وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ لِأَوَّلِ الْوَقْتِ)

- ‌[فَصْلٌ عَلَى مَنْ تَجِبُ الصَّلَاةُ]

- ‌[فَصْلُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَة]

- ‌(فَصْلُ: اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ)

- ‌بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ

- ‌[سُنَن الصَّلَاة]

- ‌[الْقُنُوت فِي صَلَاة الصُّبْح]

- ‌[الْقُنُوتُ فِي سَائِرِ الْمَكْتُوبَاتِ]

- ‌[جلسة الِاسْتِرَاحَة]

- ‌[بَاب شُرُوطُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ مُبْطِلَات الصَّلَاةُ]

- ‌ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[بَاب سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌بَابٌ فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ

- ‌[بَاب صَلَاةُ النَّفْلِ]

- ‌(تَخْصِيص لَيْلَة الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ)

- ‌كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ

- ‌[فَصْلٌ اقْتِدَاؤُهُ بِمَنْ يَعْلَمُ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ]

- ‌[قُدْوَةُ أُمِّيٍّ بِمِثْلِهِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌فَصْلٌ (لَا يَتَقَدَّمُ) الْمَأْمُومُ (عَلَى إمَامِهِ

- ‌ ارْتِفَاعُ الْمَأْمُومِ عَلَى إمَامِهِ وَعَكْسُهُ

- ‌(فَصْلٌ شَرْطُ الْقُدْوَةِ)

- ‌ تَعْيِينُ الْإِمَامِ) فِي النِّيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ

- ‌(تَتِمَّةٌ) إذَا رَكَعَ الْمَأْمُومُ قَبْلَ الْإِمَامِ وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ

- ‌(فَصْلٌ) إذَا (خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ) بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

- ‌(فَصْلٌ طَوِيلُ السَّفَرِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا هَاشِمِيَّةً)

- ‌[فَصْلٌ الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ كَذَلِكَ فِي السَّفَرِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ الْغُسْلُ لِمَنْ يُرِيدُ حُضُورَ الْجُمُعَةَ]

- ‌[فَصْلٌ أَدْرَكَ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ وَاسْتَمَرَّ مَعَهُ إلَى أَنْ سَلَّمَ]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌(فَصْلٌ: يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ بِفَرْشٍ وَغَيْرِهِ)

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(فَصْلٌ: يُنْدَبُ التَّكْبِيرُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَتَيْ الْعِيدِ)

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌[بَابٌ تَرَكَ الْمُكَلَّفُ الصَّلَاةَ الْمَعْهُودَةَ الصَّادِقَةَ بِإِحْدَى الْخَمْسِ جَاحِدًا وُجُوبَهَا]

- ‌كِتَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌[تَتِمَّةٌ تَارِكُ الْجُمُعَةِ]

- ‌(فَصْلٌ: يُكَفَّنُ بِمَا لَهُ لُبْسُهُ حَيًّا)

- ‌[فَصْلٌ أَرْكَانٌ صَلَاة الْجِنَازَةُ]

- ‌الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌[فَرْعٌ الْوَلِيَّ أَوْلَى بِإِمَامَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ الْوَالِي]

- ‌(فَصْلٌ: أَقَلُّ الْقَبْرِ

- ‌ الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌ طَلَبُ الْمَوْتِ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ)

- ‌[الْأَحَقّ بِتَغْسِيلِ الْكَافِر]

- ‌(وَالدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ

- ‌ سَتْرُ الْقَبْرِ بِثَوْبٍ) عِنْدَ الدَّفْنِ

- ‌[الدّفن فِي تَابُوت]

- ‌(الدَّفْنُ لَيْلًا

- ‌ تَجْصِيصُ الْقَبْرِ وَالْبِنَاءُ) عَلَيْهِ (وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ)

الفصل: ‌باب صلاة الكسوفين

‌بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ

كُسُوفُ الشَّمْسِ وَكُسُوفُ الْقَمَرِ، وَيُقَالُ فِيهِمَا خُسُوفَانِ، وَفِي الْأَوَّلِ كُسُوفٌ وَالثَّانِي خُسُوفٌ، وَهُوَ أَشْهَرُ، وَحُكِيَ عَكْسُهُ. (هِيَ سُنَّةٌ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مُؤَكَّدَةٌ

«لِأَنَّهُ أَمَرَ بِهَا وَصَلَّى لِكُسُوفِ الشَّمْسِ» ، رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ. (فَيُحْرِمُ بِنِيَّةِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَيَرْكَعُ ثُمَّ يَرْفَعُ ثُمَّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ، ثُمَّ يَرْكَعُ ثُمَّ يَرْفَعُ ثُمَّ يَعْتَدِلُ ثُمَّ يَسْجُدُ) السَّجْدَتَيْنِ وَيَأْتِي بِالطُّمَأْنِينَةِ فِي مَحَالِّهَا (فَهَذِهِ رَكْعَةٌ ثُمَّ يُصَلِّي ثَانِيَةً كَذَلِكَ) هَذَا أَقَلُّهَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، فَهِيَ رَكْعَتَانِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ كَمَا فَعَلَهَا صلى الله عليه وسلم (وَلَا يَجُوزُ زِيَادَةُ رُكُوعٍ ثَالِثٍ) فَأَكْثَرَ (لِتَمَادِي الْكُسُوفِ وَلَا نَقْصِهِ) أَيْ نَقْصُ رُكُوعٍ مِنْ الرُّكُوعَيْنِ

ــ

[حاشية قليوبي]

بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهَا مَعَ عَدَمِ تَكْرَارِهَا، وَأَوَّلُ كُسُوفٍ وَقَعَ كَانَ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ أَوْ فِي الْعَاشِرَةِ كَمَا يَأْتِي، وَمَيْلُ الْجَلَالِ إلَى أَنَّهَا مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ مِنْ كَسَفَ كَضَرْبِ مُتَعَدِّيًا وَلَازِمًا. يُقَالُ: كَسَفَتْ الشَّمْسُ وَكَسَفَهَا اللَّهُ تَعَالَى. وَكَذَا يُقَالُ فِي خَسَفَ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَشْهُرُ) لِأَنَّ الْكَسْفَ السِّتْرُ وَالْخَسْفَ الْمَحْوُ وَنُورُ الشَّمْسِ لَا يُفَارِقُ جِرْمَهَا وَإِنَّمَا يَسْتُرُهُ الْقَمَرُ عَنَّا بِحَيْلُولَتِهِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا. وَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ الْكُسُوفُ إلَّا فِي أَوَاخِرِ الشُّهُورِ فَإِنْ وَقَعَ فِي غَيْرِهَا فَهُوَ مِنْ خَرْقِ الْعَادَةِ، وَنُورُ الْقَمَرِ مُمْتَدٌّ مِنْ نُورِ الشَّمْسِ، وَلَيْسَ لَهُ نُورٌ فِي ذَاتِهِ فَإِذَا حَالَتْ الْأَرْضُ بَيْنَهُمَا مُحِيَ نُورُهُ، وَذَلِكَ عِنْدَ مُقَابَلَتِهِمَا. وَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ الْخُسُوفُ إلَّا فِي أَنْصَافِ الشُّهُورِ، وَمَا وَقَعَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ خَرْقِ الْعَادَةِ أَيْضًا وَمِنْ الْأَوَّلِ أَيْضًا كُسُوفُ الشَّمْسِ فِي عَاشِرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ يَوْمَ مَوْتِ ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم

فِي سَنَةِ ثَمَانٍ مِنْ الْهِجْرَةِ. وَمَاتَ وَعُمْرُهُ سَبْعُونَ يَوْمًا عَلَى الصَّحِيحِ. وَمِنْهُ الْكُسُوفُ يَوْمَ عَاشِرِ الْمُحَرَّمِ حِينَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ فِي سَنَةِ إحْدَى وَسِتِّينَ.

(تَنْبِيهٌ) وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الْعَلَّامَةِ الْبُرُلُّسِيِّ هُنَا كَلَامٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ يَعْرِفُهُ مَنْ لَهُ الْخِبْرَةُ بِحَرَكَاتِ الْأَفْلَاكِ.

(فَائِدَةٌ) تُسَنُّ الصَّلَاةُ فُرَادَى لَا بِالْهَيْئَةِ الْآتِيَةِ لِبَقِيَّةِ الْكَوَاكِبِ وَالْآيَاتِ السَّمَاوِيَّةِ وَالزَّلَازِلِ وَالصَّوَاعِقِ، وَلَا يَجُوزُ لَهَا خُطْبَةٌ وَلَا جَمَاعَةٌ وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِوُجُودِهَا، وَيَخْرُجُ بِزَوَالِهَا كَالْكُسُوفِ فَيَصِحُّ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ. قَوْلُهُ:(لِأَنَّهُ إلَخْ) كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا دَلِيلُ التَّأْكِيدِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَيُحْرِمُ إلَخْ) أَيْ مَعَ تَعْيِينِ الشَّمْسِ أَوْ الْقَمَرِ وَتَعْيِينِ كَوْنِهَا بِرُكُوعَيْنِ أَوْ لَا وَلَا يَجُوزُ غَيْرُ مَا نَوَاهُ.

فَلَوْ أَطْلَقَ النِّيَّةَ تَخَيَّرَ بَيْنَ الْكَيْفِيَّتَيْنِ وَفَارَقَ الْوِتْرَ بِعَدَمِ تَعَدُّدِ الرَّكَعَاتِ هُنَا إذْ لَا يَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَإِذَا اخْتَارَ كَيْفِيَّةً تَعَيَّنَتْ. وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا قَبْلَ الْوُصُولِ لِمَا يُعَيِّنُهَا، كَالْقِيَامِ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الرُّكُوعَيْنِ أَوْ الْهَوِيِّ لِلسُّجُودِ فِي الْكَيْفِيَّةِ الْأُخْرَى. نَعَمْ يَلْزَمُ الْمَأْمُومَ مُوَافَقَةُ الْإِمَامِ فَيَنْوِي مَا هُوَ فِيهِ، وَتَنْصَرِفُ نِيَّتُهُ الْمُطْلَقَةُ إلَيْهِ وَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي التَّشَهُّدِ عَلَى الْأَوْجَهِ. وَقِيلَ فِي هَذِهِ يَتَخَيَّرُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فِي فِعْلِهِ خِلَافَهُ يَلْزَمُ مُخَالَفَةُ نَظْمِ الصَّلَاةِ وَقَدْ مَرَّ مَنْعُهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(هَذَا أَقَلُّهَا) أَيْ أَقَلُّ كَمَالِهَا، وَأَقَلُّهَا حَقِيقَةً كَسُنَّةِ الظُّهْرِ. قَوْلُهُ:(فَأَكْثَرَ) وَإِنْ زَادَ عَلَى خَمْسَةٍ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، وَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا إلَّا

ــ

[حاشية عميرة]

[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ]

ِ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِهَا) وَالصَّارِفُ عَنْ الْوُجُوبِ إلَى النَّدْبِ، حَدِيثُ «هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا» . قَوْلُ الْمَتْنِ:(فَيُحْرِمُ إلَخْ) مَسْأَلَةٌ مُكَرَّرَةٌ فِي الْكِتَابِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ يَرْفَعُ ثُمَّ يَعْتَدِلُ) فِيهِ مَيْلٌ إلَى أَنَّهُ يُكَبِّرُ فِي الرَّفْعِ الْأَوَّلِ. وَيَقُولُ فِي الثَّانِي: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ خِلَافٍ، صَرَّحَ بِهَذَا الْمَاوَرْدِيُّ، وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ وَكَذَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ كَجٍّ، وَلَكِنْ نَصَّ الْأُمُّ، وَمُخْتَصَرُ الْمُزَنِيّ وَالْبُوَيْطِيِّ عَلَى أَنَّهُ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فِيهِمَا، وَاعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ كَمَا سَيَأْتِي، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ، وَالرَّافِعِيِّ وَلَكِنْ بَعْضُهُمْ أَوَّلَهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ:(ثَالِثٍ) جَعَلَ الْإِسْنَوِيُّ الْخِلَافَ ثَابِتًا فِي زِيَادَةِ رَابِعٍ وَخَامِسٍ، لِوُرُودِهِمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، وَمَنَعَ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الْخَامِسِ قَطْعًا. قَوْلُهُ:(مِنْ الرُّكُوعَيْنِ) أَيْ فَلَيْسَ الضَّمِيرُ عَائِدًا لِلرُّكُوعِ الثَّالِثِ لِفَسَادِهِ. قَوْلُهُ:

ص: 360

(لِلِانْجِلَاءِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُزَادُ وَيُنْقَصُ مَا ذَكَرَ لِمَا ذُكِرَ وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي إعَادَةِ الصَّلَاةِ إذَا بَقِيَ الْكُسُوفُ بَعْدَ السَّلَامِ. وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ. وَمَا فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثَةُ رُكُوعَاتٍ» ، وَفِي أُخْرَى لَهُ أَرْبَعَةُ رُكُوعَاتٍ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ خَمْسَةُ رُكُوعَاتٍ، أَجَابَ الْأَئِمَّةُ عَنْهَا بِأَنَّ رِوَايَاتِ الرُّكُوعَيْنِ أَشْهَرُ وَأَصَحُّ، فَقُدِّمَتْ. وَمَا فِي حَدِيثَيْ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ» ، أَيْ مِنْ غَيْرِ تَكْرِيرِ رُكُوعٍ، كَمَا قَالَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: أَجَابَ عَنْهُمَا أَصْحَابُنَا بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ أَحَادِيثَنَا أَشْهَرُ وَأَصَحُّ وَأَكْثَرُ رُوَاةً، وَالثَّانِي أَنَّا نَحْمِلُ أَحَادِيثَنَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالْحَدِيثَيْنِ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ، قَالَ: فَفِيهِ تَصْرِيحٌ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ لَوْ صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَنَحْوِهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ لِلْكُسُوفِ وَكَانَ تَارِكًا لِلْأَفْضَلِ اهـ. وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ امْتِنَاعِ نَقْصِ رُكُوعٍ مِنْهَا لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ قَصَدَ فِعْلَهَا بِالرُّكُوعَيْنِ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأُمِّ أَنَّ مَنْ صَلَّى الْكُسُوفَ وَحْدَهُ ثُمَّ أَدْرَكَهَا مَعَ الْإِمَامِ صَلَّاهَا مَعَهُ

. (وَالْأَكْمَلُ) فِيهَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ (أَنْ يَقْرَأَ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ) وَمَا يَتَقَدَّمُهَا مِنْ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ. (الْبَقَرَةَ) أَوْ قَدْرَهَا إنْ لَمْ يُحْسِنْهَا.

(وَفِي الثَّانِي كَمِائَتَيْ آيَةٍ مِنْهَا، وَفِي الثَّالِثِ مِائَةً وَخَمْسِينَ) مِنْهَا (وَالرَّابِعِ مِائَةً تَقْرِيبًا) وَفِي نَصٍّ آخَرَ لِلثَّانِي آلَ عِمْرَانَ أَوْ قَدْرَهَا، وَفِي الثَّالِثِ النِّسَاءَ أَوْ قَدْرَهَا، وَفِي الرَّابِعِ الْمَائِدَةَ أَوْ قَدْرَهَا وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَفِي اسْتِحْبَابِ التَّعَوُّذِ لِلْقِرَاءَةِ فِي الْقَوْمَةِ الثَّانِيَةِ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ. قَالَ: وَهُمَا الْوَجْهَانِ فِي التَّعَوُّذِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَيْ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الِاسْتِحْبَابُ. (وَيُسَبِّحُ فِي الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ قَدْرَ مِائَةٍ مِنْ الْبَقَرَةِ وَفِي الثَّانِي ثَمَانِينَ وَالثَّالِثِ سَبْعِينَ وَالرَّابِعِ خَمْسِينَ تَقْرِيبًا) وَيَقُولُ فِي الرَّفْعِ مِنْ كُلِّ رُكُوعٍ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ

ــ

[حاشية قليوبي]

لِأَجْلِ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ) أَيْ فُرَادَى لِمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَقُدِّمَتْ) لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ وَغَيْرُهَا مُحْتَمَلٌ إذْ لَمْ يُرِدْ تَكَرُّرَ فِعْلِهَا مِنْهُ صلى الله عليه وسلم

بِعَدَدِ الرِّوَايَاتِ. وَحِينَئِذٍ فَيَمْتَنِعُ غَيْرُهَا ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَالْجَوَابُ بِحَمْلِ الرِّوَايَاتِ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، بَلْ هُوَ سَبْقُ قَلَمٍ لِاقْتِضَائِهِ جَوَازَ فِعْلِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ رُكُوعَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ:(أَشْهُرُ وَأَصَحُّ) فَامْتَنَعَ غَيْرُهَا مِمَّا فِيهِ زِيَادَةٌ لَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ فَيَجُوزُ. وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَعَ مَا بَعْدَهُ. كَمَا مَشَى عَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ. قَوْلُهُ: (وَحْدَهُ) وَكَذَا جَمَاعَةً كَمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ مِنْ جَوَازِ إعَادَتِهَا فِي جَمَاعَةٍ

. قَوْلُهُ: (وَالْأَكْمَلُ أَنْ يَقْرَأَ) وَإِنْ عَلِمَ الِانْجِلَاءَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ أَوْ لَمْ يَرْضَ الْمَأْمُومُونَ أَوْ لَمْ يَنْحَصِرُوا، نَعَمْ يُخَفِّفُ لِنَحْوِ ضِيقِ وَقْتِ جُمُعَةٍ. قَوْلُهُ:(قَدْرَهَا) أَيْ الْبَقَرَةِ وَهِيَ مِائَتَانِ وَثَمَانُونَ وَسِتُّ آيَاتٍ، وَآلُ عِمْرَانَ مِائَتَا آيَةٍ، وَالنِّسَاءُ مِائَةٌ وَسَبْعُونَ وَسِتُّ آيَاتٍ، وَالْمَائِدَةُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ آيَةً. فَالْمُرَادُ مِنْ الْقَدْرِ فِي الْجَمِيعِ الْآيَاتُ الْمُعْتَدِلَةُ. قَوْلُهُ:(وَهُمَا) أَيْ النَّصَّانِ الْمَذْكُورَانِ مُتَقَارِبَانِ، إذْ السُّورَةُ الثَّالِثَةُ تَزِيدُ عَلَى مُقَابِلِهَا بِنَحْوِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ آيَةً، وَالرَّابِعَةُ تَزِيدُ عَلَى مُقَابِلِهَا بِنَحْوِ عِشْرِينَ آيَةً. قَوْلُهُ:(فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ) قَيَّدَ بِهَا لِأَنَّهَا مَحَلُّ طَلَبِ الْقِرَاءَةِ كَمَا هُنَا. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَيُسَبِّحُ) وَإِنْ عَلِمَ الِانْجِلَاءَ

ــ

[حاشية عميرة]

وَالثَّانِي يُزَادُ) هُوَ مُمْكِنٌ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَعَلَّ وَجْهَهُ فِيهَا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِامْتِدَادِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَنَّ رِوَايَاتِ الرُّكُوعَيْنِ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ قُلْنَا بِالْجَوَازِ وَأَحْرَمَ، وَأَطْلَقَ هَلْ يَنْصَرِفُ إلَى النَّوْعِ الَّذِي فِي الْمَتْنِ. قَوْلُهُ:(وَالْحَدِيثَيْنِ) الْمُرَادُ بِهِمَا حَدِيثُ أَبِي دَاوُد وَغَيْرُهُ الْمَأْخُوذَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ، وَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ:(وَلَا يُنَافِي إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ اعْتِرَاضِ الْإِسْنَوِيِّ، بِأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ النَّقْصُ بِسَبَبِ الِانْجِلَاءِ، لِتَعُودَ إلَى رَكْعَتَيْنِ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ، فَلَأَنْ يَمْتَنِعَ ذَلِكَ بِلَا سَبَبٍ أَوْلَى، وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ فِيمَا سَلَفَ هَذَا أَقَلُّهَا، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى أَقَلِّ الْكَمَالِ، لِئَلَّا يُنَافِيَ مَا تَقَرَّرَ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.

(فَرْعٌ) لَوْ نَوَاهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَنْ يَزِيدَ رُكُوعًا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، وَهُوَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ قُوَّةِ كَلَامِ الشَّارِحِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَكْمَلُ أَنْ يَقْرَأَ إلَخْ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ التَّطْوِيلَ مَطْلُوبٌ وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُومُونَ غَيْرَ مَحْصُورِينَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَمِائَتَيْ آيَةٍ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُرِيدَ الْآيَاتِ الْمُتَوَسِّطَةَ فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ. قَوْلُهُ: (وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ التَّقَارُبُ فِي الْقِيَامِ الثَّالِثِ، إلَّا أَنْ يُعْتَذَرَ بِأَنَّ مِائَةً وَخَمْسِينَ مِنْ الْبَقَرَةِ، قَدْ تَكُونُ آيَاتُهَا مُقَارِبَةً لِلنِّسَاءِ، وَفِيهِ

ص: 361

إلَى آخِرِهِ رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «انْخَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى» . قَالَ مُسْلِمٌ: «وَالنَّاسُ مَعَهُ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا نَحْوًا مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ انْصَرَفَ، وَقَدْ انْجَلَتْ الشَّمْسُ» .

وَرَوَيَا أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ قَرَأَ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي قِرَاءَةً طَوِيلَةً، وَهِيَ أَدْنَى مِنْ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى، وَأَنَّهُ قَالَ فِي الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعَيْنِ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ» . (وَلَا يُطَوِّلُ السَّجَدَاتِ فِي الْأَصَحِّ) كَالْجُلُوسِ بَيْنَهَا وَالِاعْتِدَالِ وَالتَّشَهُّدِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ، وَحَكَى فِيهِ وَفِي الرَّوْضَةِ الْخِلَافَ قَوْلَيْنِ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ: فِيهِ قَوْلَانِ، وَيُقَالُ وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَ فِي الْمُحَرَّرِ الْأَظْهَرَ وَقِيسَ مُقَابِلُهُ عَلَى الرُّكُوعِ. (قُلْت: الصَّحِيحُ تَطْوِيلُهَا) كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ. (ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ) فِي صَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم لِكُسُوفِ الشَّمْسِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى وَلَفْظُهُ: «فَصَلَّى بِأَطْوَلِ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ مَا رَأَيْته قَطُّ يَفْعَلُهُ فِي صَلَاتِهِ» ، وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَلَفْظُهَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ «فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، فَسَجَدَ سُجُودًا طَوِيلًا، وَفِي الثَّانِيَةِ: ثُمَّ سَجَدَ وَهُوَ دُونَ السُّجُودِ الْأَوَّلِ» .

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «مَا رَكَعْت رُكُوعًا قَطُّ وَلَا سَجَدْت سُجُودًا قَطُّ كَانَ أَطْوَلَ مِنْهُ» . وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ أَنَّ تَطْوِيلَ السُّجُودِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ. (وَنَصَّ فِي الْبُوَيْطِيِّ أَنَّهُ يُطَوِّلُهَا نَحْوَ الرُّكُوعِ الَّذِي قَبْلَهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) قَالَ الْبَغَوِيّ: فَالسُّجُودُ الْأَوَّلُ كَالرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، وَالسُّجُودُ الثَّانِي كَالرُّكُوعِ الثَّانِي، وَاخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ

(وَتُسَنُّ جَمَاعَةً) بِالنَّصْبِ عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ أَيْ تُسَنُّ الْجَمَاعَةُ فِيهَا وَيُنَادَى لَهَا الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ كَمَا «فَعَلَهَا صلى الله عليه وسلم فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ جَمَاعَةً، وَبَعَثَ لَهَا مُنَادِيًا: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ» . رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ، وَتُسَنُّ لِلْمُنْفَرِدِ وَالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمُسَافِرِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَتُسَنُّ فِي الْجَامِعِ.

(وَيَجْهَرُ بِقِرَاءَةِ كُسُوفِ الْقَمَرِ لَا الشَّمْسِ) لِأَنَّ الْأُولَى فِي اللَّيْلِ، وَالثَّانِيَةَ فِي النَّهَارِ، وَمَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ

ــ

[حاشية قليوبي]

كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (انْخَسَفَتْ الشَّمْسُ) وَصَحَّ أَنَّهُ انْخَسَفَ الْقَمَرُ أَيْضًا وَصَلَّى لَهُ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَالِاعْتِدَالِ) وَمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ طَوِيلٌ شَاذٌّ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. قَوْلُهُ: (فِي الْمُحَرَّرِ الْأَظْهَرَ إلَخْ) فَالْمُصَنِّفُ لَمْ يُوَافِقْ فِي تَعْبِيرِهِ الْوَاقِعِ وَلَا أَصْلِهِ.

قَوْلُهُ: (وَالصَّحِيحُ) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْأَصَحِّ كَمَا فِي الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ، أَوْ بِالْأَظْهَرِ لِأَنَّ الْخِلَافَ أَقْوَالٌ كَمَا مَرَّ، إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِمَعْنَى الرَّاجِحِ أَوْ يُقَالَ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى رَدِّ تَعْبِيرِ الرَّافِعِيِّ بِالْأَظْهَرِ الْمُشْعِرِ بِقُوَّةِ الْخِلَافِ. وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ خِلَافُ اصْطِلَاحِهِ. قَوْلُهُ:(ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ) فِي هَذَا أَوْ مَا سَيَأْتِي بِقَوْلِهِ: وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ رَدٌّ عَلَى الرَّافِعِيِّ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَيْهِ بِالْقِيَاسِ لِأَنَّ النَّصَّ مُقَدَّمٌ. قَوْلُهُ: (فِي الْبُوَيْطِيِّ) نِسْبَةً إلَى بُوَيْطَ قَرْيَةٍ بِصَعِيدِ مِصْرَ الْأَدْنَى، وَهُوَ أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ يَحْيَى الْقُرَشِيُّ، كَانَ خَلِيفَةَ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه فِي حَلْقَتِهِ، مَاتَ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ. قَوْلُهُ:(فَالسُّجُودُ الْأَوَّلُ كَالرُّكُوعِ الْأَوَّلِ وَالسُّجُودُ الثَّانِي كَالرُّكُوعِ الثَّانِي) وَهَكَذَا فَيُسَبِّحُ قَدْرَ مِائَةِ آيَةٍ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ فِي الْأَوَّلِ، ثُمَّ ثَمَانِينَ فِي الثَّانِي، ثُمَّ سَبْعِينَ فِي الثَّالِثِ، ثُمَّ خَمْسِينَ فِي الرَّابِعِ أَوْ بِبَعْضٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يُطِيلُ الِاعْتِدَالَ وَلَا الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ اتِّفَاقًا. قَوْلُهُ:(وَاخْتَارَهُ) يُحْتَمَلُ عَوْدُهُ إلَى كَلَامِ الْبَغَوِيّ، وَيُحْتَمَلُ عَوْدُهُ إلَى الْحُكْمِ كُلِّهِ

. قَوْلُهُ: (وَتُسَنُّ جَمَاعَةً) وَغَيْرَ جَمَاعَةٍ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْعِيدِ. وَكَذَا فِي حُضُورِ النِّسَاءِ

ــ

[حاشية عميرة]

نَظَرٌ بِاعْتِبَارِ الْمِائَتَيْنِ فِي الثَّانِي. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ قَرَأَ) صَرَّحَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي، بِخِلَافِ الْأُولَى. قَوْلُهُ:(وَالِاعْتِدَالُ) قَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ تَطْوِيلُ الِاعْتِدَالِ، لَكِنْ أَجَابَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهَا رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ، مُخَالِفَةٌ لِرِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ. قَوْلُهُ:(وَأَطْلَقَ فِي الْمُحَرَّرِ الْأَظْهَرَ) أَيْ لَمْ يَقُلْ أَظْهَرَ الْوَجْهَيْنِ، وَلَا أَظْهَرَ الْقَوْلَيْنِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَلَيْتَ الْمُؤَلِّفَ تَرَكَ مَا فِي الْمُحَرَّرِ عَلَى حَالِهِ، أَيْ لِيُفِيدَ أَنَّ الْخِلَافَ قَوْلَانِ: مُوَافَقَةٌ لِاصْطِلَاحِهِ، وَلِمَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ:(وَاخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ) يُحْتَمَلُ عَوْدُهُ إلَى مَقَالَةِ الْبَغَوِيّ، وَيُحْتَمَلُ عَوْدُهُ إلَى الْحُكْمِ كُلِّهِ.

قَوْلُهُ: (بِالنَّصْبِ إلَخْ) دَفْعٌ لِاعْتِرَاضِ الْإِسْنَوِيِّ عَلَى نَصْبِهَا حَالًا، أَوْ رَفْعِهَا الْمُحْوِجِ إلَى

ص: 362

«أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَهَرَ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ بِقِرَاءَتِهِ» ، وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ:«صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي كُسُوفٍ لَا نَسْمَعُ لَهُ صَوْتًا» ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْإِسْرَارَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ، وَالْجَهْرَ فِي كُسُوفِ الْقَمَرِ.

(ثُمَّ) بَعْدَ الصَّلَاةِ (يَخْطُبُ الْإِمَامُ) كَمَا فَعَلَ صلى الله عليه وسلم فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (خُطْبَتَيْنِ بِأَرْكَانِهِمَا فِي الْجُمُعَةِ) قِيَاسًا عَلَيْهَا (وَيَحُثُّ) النَّاسَ فِيهِمَا (عَلَى التَّوْبَةِ وَالْخَيْرِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيُحَرِّضُهُمْ عَلَى الْإِعْتَاقِ وَالصَّدَقَةِ وَيُحَذِّرُهُمْ الْغَفْلَةَ وَالِاغْتِرَارَ، فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَسْمَاءَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِالْعَتَاقَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ» ، وَيَخْطُبُ إمَامُ الْمُسَافِرِينَ، وَلَا تَخْطُبُ إمَامَةُ النِّسَاءِ، وَلَوْ قَامَتْ وَاحِدَةٌ وَعَظَتْهُنَّ فَلَا بَأْسَ.

(وَمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي رُكُوعٍ أَوَّلٍ) مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ.

(أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ) كَمَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ (أَوْ فِي) رُكُوعٍ (ثَانٍ أَوْ قِيَامٍ ثَانٍ) مِنْ أَيِّ رَكْعَةٍ (فَلَا) يُدْرِكُ الرَّكْعَةَ أَيْ شَيْئًا مِنْهَا (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الرُّكُوعَ الثَّانِيَ وَقِيَامَهُ كَالتَّابِعِ لِلْأَوَّلِ وَقِيَامِهِ، وَالثَّانِي يُدْرِكُ مَا لَحِقَ بِهِ الْإِمَامُ وَيُدْرِكُ بِالرُّكُوعِ الْقَوْمَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَسَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ هُوَ وَقَرَأَ وَرَكَعَ وَاعْتَدَلَ وَجَلَسَ وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ أَوْ فِي الثَّانِيَةِ، وَسَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ وَقَرَأَ وَرَكَعَ ثُمَّ أَتَى بِالرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِرُكُوعِهَا، وَضَعُفَ هَذَا الْقَوْلُ بِأَنَّ الْإِتْيَانَ فِيهِ بِقِيَامٍ وَرُكُوعٍ مِنْ غَيْرِ سُجُودٍ مُخَالِفٌ لِنَظْمِ الصَّلَاةِ.

(وَتَفُوتُ صَلَاةُ) كُسُوفِ (الشَّمْسِ بِالِانْجِلَاءِ) لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِهَا، وَقَدْ حَصَلَ. وَلَوْ انْجَلَى بَعْضُهَا فَلَهُ الشُّرُوعُ فِي الصَّلَاةِ لِلْبَاقِي كَمَا لَوْ لَمْ يَنْكَشِفْ مِنْهَا إلَّا ذَلِكَ الْقَدْرُ، وَلَوْ حَالَ سَحَابٌ، وَشَكَّ فِي الِانْجِلَاءِ صَلَّى لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْكُسُوفِ، وَلَوْ كَانَتْ تَحْتَ غَمَامٍ فَظَنَّ الْكُسُوفَ لَمْ يُصَلِّ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ. (وَبِغُرُوبِهَا كَاسِفَةً) لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهَا بَعْدَ الْغُرُوبِ.

(وَ) تَفُوتُ صَلَاةُ كُسُوفِ. (الْقَمَرِ بِالِانْجِلَاءِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَطُلُوعِ الشَّمْسِ) لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ بَعْدَ طُلُوعِهَا (لَا) طُلُوعِ

ــ

[حاشية قليوبي]

فِيهَا

. قَوْلُهُ: (يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا إلَخْ) هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم

صَلَّى لِكُلٍّ مِنْهُمَا.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ بَعْدَ الصَّلَاةِ يَخْطُبُ) فَلَوْ قَدَّمَهَا لَمْ تَصِحَّ وَيَحْرُمُ إنْ قَصَدَهَا كَمَا فِي الْعِيدِ، وَلَا يُنْدَبُ فِيهَا وَلَا فِي صَلَاتِهَا اسْتِغْفَارٌ، وَلَا تَكْبِيرٌ وَلَا تَكْفِي خُطْبَةٌ وَاحِدَةٌ، وَيُنْدَبُ هُنَا ثِيَابُ الْبِذْلَةِ وَالْمِهْنَةِ، وَعَدَمُ التَّزَيُّنِ وَغَيْرُ ذَلِكَ كَمَا فِي الِاسْتِسْقَاءِ. قَوْلُهُ:(وَيُحَرِّضُهُمْ) الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ قَاضِي الْمَحَلِّ أَوْ غَيْرُهُ كَمَا يَأْتِي، وَيَجِبُ مَا ذَكَرَ بِالْأَمْرِ كَمَا فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ. قَوْلُهُ:(وَيَخْطُبُ إمَامُ الْمُسَافِرِينَ) وَكَذَا إمَامُ الْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ. وَكَذَا إمَامُ النِّسَاءِ كَمَا مَرَّ فِي الْعِيدِ

. قَوْلُهُ: (أَيْ شَيْئًا مِنْهَا) يُشِيرُ إلَى أَنَّ عَدَمَ إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ لَا خِلَافَ فِيهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَتَى إلَخْ) فَعَلَيْهِ يَتَوَالَى ثَلَاثُ قِيَامَاتٍ وَثَلَاثُ رُكُوعَاتٍ.

قَوْلُهُ: (وَتَفُوتُ صَلَاةُ إلَخْ) وَيَلْزَمُهُ فَوَاتُ الْخُطْبَةِ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ فَلَوْ انْجَلَتْ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَمْ تَفُتْ الْخُطْبَةُ وَعَلَى هَذِهِ يُحْمَلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ، وَشَرْحِ شَيْخِنَا وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّهَا وَعْظٌ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا بِعَدَمِ فَوَاتِ الْخُطْبَةِ فِي الْحَالِ الْأُولَى فِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (بِالِانْجِلَاءِ) أَيْ التَّامِّ يَقِينًا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا فَلَهُ الشُّرُوعُ مَعَ الشَّكِّ فِيهِ فَإِنْ تَبَيَّنَ الِانْجِلَاءُ قَبْلَ الشُّرُوعِ بَطَلَتْ إنْ كَانَ قَبْلَ الْفَرَاغِ وَإِلَّا وَقَعَتْ نَفْلًا إنْ فَعَلَهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَضُرُّ الِانْجِلَاءُ فِي أَثْنَائِهَا، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَا تُوصَفُ بِأَدَاءٍ وَلَا قَضَاءٍ، ثُمَّ قَالَ وَلَا مَانِعَ مِنْ وَصْفِهَا بِذَلِكَ كَغَيْرِهَا بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ قَبْلَ الِانْجِلَاءِ أَوْ دُونَهَا. قَوْلُهُ:(صَلَّى) وَإِنْ قَالَ الْمُنَجِّمُونَ إنَّهَا انْجَلَتْ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَسْتَيْقِنَ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الشُّرُوعُ فِي الصَّلَاةِ مَعَ الشَّكِّ فِي وُجُودِ الْكُسُوفِ، وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي ظَنُّهُ أَيْضًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مُشَاهَدَتِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِأَخْبَارِ عَدَدِ التَّوَاتُرِ عَنْ مُشَاهَدَةٍ، وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي خَبَرُ عَدْلَيْنِ عَنْ مُشَاهَدَةٍ، وَلَا عَدَدُ التَّوَاتُرِ عَنْ غَيْرِ مُشَاهَدَةٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَحْسُوسٍ. وَمِنْهُ إخْبَارُ الْمُنَجِّمِينَ سَوَاءٌ أَخْبَرُوا بِوُجُودِهِ أَوْ دَوَامِهِ. هَكَذَا عَنْ شَيْخِنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَلِيَ بِهِ أُسْوَةٌ أَنَّهُ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِخَبَرِ عَدْلٍ وَلَوْ عَنْ غَيْرِهِ مُشَاهَدَةً بَلْ وَبِخَبَرِ نَحْوِ صَبِيٍّ اعْتَقَدَ صِدْقَهُ،

ــ

[حاشية عميرة]

التَّقْدِيرِ

. قَوْلُهُ: (وَالْجَهْرُ فِي كُسُوفِ الْقَمَرِ) أَيْ فَيَكُونُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ صَلَّى لِكُسُوفِ الْقَمَرِ

. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ فِي ثَانٍ أَوْ قِيَامٍ ثَانٍ إلَخْ) وَأَمَّا بَعْدَهُمَا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ سِوَى الْجَمَاعَةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ شَيْئًا مِنْهَا) هِيَ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَهِيَ أَوْضَحُ. قَوْلُهُ: (قَامَ هُوَ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَسْجُدُ، لِأَنَّهُ إذَا أَدْرَكَ بِالرُّكُوعِ مَا قَبْلَهُ مِنْ الْقِيَامِ فَلَأَنْ يَحْصُلَ لَهُ السُّجُودُ الَّذِي فَعَلَهُ بِالْأَوْلَى

. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَفُوتُ صَلَاةُ كُسُوفِ الشَّمْسِ إلَخْ) . بِمَعْنَى يَمْتَنِعُ فِعْلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ، لَا بِمَعْنَى فَوَاتِ الْأَدَاءِ.

ص: 363

(الْفَجْرِ فِي الْجَدِيدِ) لِبَقَاءِ الِانْتِفَاعِ بِضَوْئِهِ وَالْقَدِيمُ تَفُوتُ بِهِ لِذَهَابِ اللَّيْلِ. (وَلَا بِغُرُوبِهِ) قَبْلَ الْفَجْرِ. (خَاسِفًا) كَمَا لَوْ اسْتَتَرَ بِغَمَامٍ وَلَوْ خَسَفَ بَعْدَ الْفَجْرِ صَلَّى فِي الْجَدِيدِ غَابَ أَمْ لَا، وَقِيلَ إنْ لَمْ يَغِبْ صَلَّى قَطْعًا، وَلَوْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ وَطَلَعَتْ الشَّمْسُ فِي أَثْنَائِهَا لَمْ تَبْطُلْ كَمَا لَوْ انْجَلَى الْكُسُوفُ فِي الْأَثْنَاءِ.

(وَلَوْ اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَجُمُعَةٌ أَوْ فَرْضٌ آخَرُ قُدِّمَ الْفَرْضُ) الْجُمُعَةُ أَوْ غَيْرُهَا (إنْ خِيفَ فَوْتُهُ) لِضِيقِ وَقْتِهِ فَفِي الْجُمُعَةِ يَخْطُبُ لَهَا ثُمَّ يُصَلِّيهَا، ثُمَّ يُصَلِّي الْكُسُوفَ ثُمَّ يَخْطُبُ لَهَا. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الْفَرْضِ (فَالْأَظْهَرُ تَقْدِيمُ الْكُسُوفِ) لِتَعَرُّضِهَا لِلْفَوَاتِ بِالِانْجِلَاءِ (ثُمَّ يَخْطُبُ لِلْجُمُعَةِ) فِي صُورَتِهَا (مُتَعَرِّضًا لِلْكُسُوفِ) وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْصِدَهُ وَالْجُمُعَةَ بِالْخُطْبَتَيْنِ لِأَنَّهُ تَشْرِيكٌ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ. (ثُمَّ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ) وَالثَّانِي يُقَدِّمُ الْجُمُعَةَ أَوْ الْفَرْضَ الْآخَرَ لِأَنَّهُمَا أَهَمُّ.

(وَلَوْ اجْتَمَعَ عِيدٌ أَوْ كُسُوفٌ وَجِنَازَةٌ قُدِّمَتْ الْجِنَازَةُ)

ــ

[حاشية قليوبي]

كَمَا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ. وَالتَّعْلِيلُ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ هُنَا لِلِاحْتِيَاطِ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ الَّتِي لَا نَظِيرَ لَهَا مَمْنُوعٌ بِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ الشُّرُوعِ فِيهَا مَعَ الشَّكِّ فِي الِانْجِلَاءِ مَعَ أَنَّهُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْمَنْعِ فِيهَا إذَا فَعَلَهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (لِبَقَاءِ الِانْتِفَاعِ بِضَوْئِهِ) أَيْ لِبَقَاءِ وَقْتِ الِانْتِفَاعِ بِضَوْئِهِ فَلَهُ الشُّرُوعُ بَعْدَ الْفَجْرِ وَإِنْ غَرَبَ كَاسِفًا قَبْلَهُ، وَيَجْهَرُ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ

. قَوْلُهُ: (أَوْ فَرْضٌ آخَرُ) وَلَوْ مَنْذُورًا لِأَنَّهُ يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ. قَوْلُهُ: (تَقْدِيمُ الْكُسُوفِ) أَيْ صَلَاتِهِ، وَيُنْدَبُ تَخْفِيفُهَا بِقِرَاءَةِ سُورَةٍ قَصِيرَةٍ، وَإِنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ، وَالْأَوْلَى صَلَاتُهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَيُؤَخِّرُ خُطْبَتَهَا لِمَا بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ كَمَا فِي تَحْرِيرِ الْعِرَاقِيِّ. قَوْلُهُ:(وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْصِدَهُ إلَخْ) بَلْ يَجِبُ قَصْدُ الْجُمُعَةِ هُنَا وَحْدَهَا لِوُجُودِ الصَّارِفِ، فَلَا تَصِحُّ مَعَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَالْمُرَادُ الْقَصْدُ فِي الْأَرْكَانِ فَلَا يَتَنَاقَضُ بِقَوْلِهِ: مُتَعَرِّضًا لِلْكُسُوفِ لِأَنَّهُ فِيمَا بَيْنَ الْأَرْكَانِ. وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَسْقُطُ خُطْبَةُ الْكُسُوفِ اسْتِغْنَاءً بِالتَّعَرُّضِ الْمَذْكُورِ. وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْكُسُوفِ لَا تَفُوتُ خُطْبَتُهُ، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ فَلْيُرَاجَعْ.

قَوْلُهُ: (تَشْرِيكٌ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ) أَيْ نَفْلٍ مَقْصُودٍ فَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ اجْتَمَعَ عِيدٌ وَكُسُوفٌ فَهُوَ كَاجْتِمَاعِ الْفَرْضِ مَعَ الْكُسُوفِ لَكِنْ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ الصَّلَاتَيْنِ وَيُؤَخِّرَ الْخُطْبَتَيْنِ، وَحِينَئِذٍ فَلَهُ أَنْ يَقْصِدَهُمَا مَعًا بِالْخُطْبَةِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمَ صِحَّةِ الْجَمْعِ بَيْنَ سُنَّتَيْنِ مَقْصُودَتَيْنِ مِنْ الصَّلَوَاتِ، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ، مَعَ مَنْعِهِ ذَلِكَ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ كَمَا مَرَّ قَبْلَهُ

. قَوْلُهُ: (قُدِّمَتْ) أَيْ الْجِنَازَةُ وُجُوبًا إنْ خِيفَ تَغَيُّرُ الْمَيِّتِ وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَلَوْ فَرْضًا وَلَوْ جُمُعَةً، فَإِنْ لَمْ يَخَفْ تَغَيُّرُهُ قُدِّمَتْ الْجِنَازَةُ وُجُوبًا أَيْضًا إنْ اتَّسَعَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَلَوْ فَرْضًا فَإِنْ خِيفَ خُرُوجُ وَقْتِ الْفَرْضِ قُدِّمَ عَلَيْهَا. وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ صَلَوَاتٌ فَعِنْدَ أَمْنِ الْفَوَاتِ تُقَدَّمُ الْجِنَازَةُ ثُمَّ الْكُسُوفُ ثُمَّ الْفَرِيضَةُ أَوْ الْعِيدُ، وَعِنْدَ خَوْفِ الْفَوَاتِ تُقَدَّمُ الْفَرِيضَةُ ثُمَّ الْجِنَازَةُ إلَّا مَعَ خَوْفِ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ كَمَا مَرَّ. ثُمَّ الْعِيدُ ثُمَّ الْكُسُوفُ تَقْدِيمًا لِلْأَخْوَفِ، فَالْآكَدُ أَيْ بَعْدَ تَقْدِيمِ الْأَهَمِّ الَّذِي هُوَ الْفَرْضُ وَلَوْ قَالَ قُدِّمَ مَا يُخَافُ فَوْتُهُ مُطْلَقًا ثُمَّ الْأَهَمُّ فَالْأَخْوَفُ. فَالْآكَدُ لَكَانَ أَوْلَى وَلَا مَانِعَ مِنْ اجْتِمَاعِ الْكُسُوفِ مَعَ الْعِيدِ أَوْ بِفَرْضِ وُقُوعِهِ.

(تَنْبِيهٌ) إذَا قُدِّمَ الْكُسُوفُ عَلَى الْفَرْضِ صَلَّى الْفَرْضَ ثُمَّ خَطَبَ لِلْكُسُوفِ.

ــ

[حاشية عميرة]

(تَنْبِيهٌ) تَقْيِيدُهُ الْفَوَاتَ بِالصَّلَاةِ، يَقْتَضِي أَنَّ الْخُطْبَةَ لَا تَفُوتُ بِذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْفَجْرِ) لَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مَا قِيلَ: إنَّ الْقَمَرَ لَا يَخْسِفُ إلَّا فِي لَيْلَةِ الثَّالِثَ عَشَرَ، أَوْ الرَّابِعَ عَشَرَ، وَهُوَ فِيهِمَا لَا يَغِيبُ قَبْلَ الْفَجْرِ، لِأَنَّ هَذَا قَوْلُ الْمُنَجِّمِينَ {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التوبة: 39] ، وَلِأَنَّ الْفَقِيهَ يَفْرِضُ الْمَسَائِلَ لِلتَّدْرِيبِ، وَإِنْ لَمْ تَقَعْ. قَوْلُهُ:(وَلَوْ خَسَفَ بَعْدَ الْفَجْرِ إلَخْ) لَوْ غَابَ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، قَالَ فِي الْكِفَايَةِ، فَيَنْبَغِي تَخْرِيجُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، فِيمَا لَوْ غَابَ بَعْدَ الْفَجْرِ خَاسِفًا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَقْدِيمُ الْكُسُوفِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَعَلَى هَذَا يَقْرَأُ فِي كُلِّ قِيَامٍ بِالْفَاتِحَةِ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَمَا أَشْبَهَهَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ.

(تَنْبِيهٌ) إذَا قُدِّمَ الْكُسُوفُ عَلَى فَرْضٍ غَيْرِ الْجُمُعَةِ، فَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ تَقْدِيمُ الْخُطْبَةِ أَيْضًا، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِأَنَّهَا لَا تَفُوتُ بِالِانْجِلَاءِ، وَأَيْضًا فَقَوْلُهُمْ يَقْتَصِرُ عَلَى الْفَاتِحَةِ إلَخْ. يُرْشِدُ إلَى ذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت فِي تَحْرِيرِ الْعِرَاقِيِّ نَقْلًا عَنْ التَّنْبِيهِ، أَنَّهُ يُصَلِّي الْكُسُوفَ ثُمَّ الْفَرْضَ ثُمَّ يَخْطُبُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُدِّمَتْ) أَيْ إنْ حَضَرَ وَلِيُّهَا؛ وَغَيْرُ الْجُمُعَةِ مِنْ الْفِرَاضِ كَالْجُمُعَةِ، وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ النَّاسَ مُخْطِئُونَ فِيمَا يَفْعَلُونَهُ الْآنَ، مِنْ تَأْخِيرِ الْجِنَازَةِ مَعَ اتِّسَاعِ وَقْتِ الْفَرْضِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهَذَا خَطَأٌ يَجِبُ اجْتِنَابُهُ اهـ.

ص: 364