الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ» وَالْوَاحِدَةُ مِنْهَا قَدَّرَهَا الشَّافِعِيُّ أَخْذًا مِنْ ابْنِ جُرَيْجٍ الرَّائِيِّ لَهَا بِقِرْبَتَيْنِ وَنِصْفٍ مِنْ قِرَبِ الْحِجَازِ، وَوَاحِدَتُهَا لَا تَزِيدُ غَالِبًا عَلَى مِائَةِ رِطْلٍ بَغْدَادِيٍّ، وَسَيَأْتِي فِي زَكَاةِ النَّبَاتِ أَنَّهُ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، أَوْ بِلَا أَسْبَاعٍ، أَوْ وَثَلَاثُونَ. وَهَجَرُ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالْجِيمِ قَرْيَةٌ بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ (تَقْرِيبًا فِي الْأَصَحِّ) قَدَّمَ تَقْرِيبًا عَكَسَ الْمُحَرَّرِ لِيَشْمَلَهُ وَمَا قَبْلَهُ التَّصْحِيحُ، وَالْمُقَابِلُ فِيمَا قَبْلَهُ مَا قِيلَ: الْقُلَّتَانِ أَلْفُ رَطْلٍ لِأَنَّ الْقِرْبَةَ قَدْ تَسَعُ مِائَتَيْ رَطْلٍ، وَقِيلَ: هُمَا سِتُّمِائَةِ رَطْلٍ لِأَنَّ الْقُلَّةَ مَا يُقِلُّهُ الْبَعِيرُ أَيْ يَحْمِلُهُ، وَبَعِيرُ الْعَرَبِ لَا يَحْمِلُ غَالِبًا أَكْثَرَ مِنْ وَسْقٍ وَهُوَ سِتُّونَ صَاعًا ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ رَطْلًا يُحَطُّ عِشْرُونَ لِلظَّرْفِ وَالْحَبْلِ وَالْعَدَدُ عَلَى الثَّلَاثَةِ قِيلَ تَحْدِيدٌ فَيَضُرُّ أَيُّ شَيْءٍ نَقَصَ وَعَلَى التَّقْرِيبِ، الْأَصَحُّ لَا يَضُرُّ فِي الْخَمْسِمِائَةِ نَقْصُ رَطْلَيْنِ، وَقِيلَ ثَلَاثَةٌ، وَالْمِسَاحَةُ عَلَى الْخَمْسِمِائَةِ ذِرَاعٍ وَرُبُعٍ طُولًا وَعَرْضًا وَعُمْقًا بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ، وَهُوَ شِبْرَانِ تَقْرِيبًا. (وَالتَّغَيُّرُ الْمُؤَثِّرُ بِطَاهِرٍ أَوْ نَجَسٍ طَعْمٌ أَوْ لَوْنٌ أَوْ رِيحٌ) أَيْ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ كَافٍ، وَاحْتَرَزَ بِالْمُؤَثِّرِ فِي النَّجَسِ عَنْ التَّغَيُّرِ بِجِيفَةٍ عَلَى الشَّطِّ
(وَلَوْ
اشْتَبَهَ مَاءٌ طَاهِرٌ بِنَجِسٍ)
كَأَنْ وَلَغَ كَلْبٌ فِي أَحَدِ الْمَاءَيْنِ وَاشْتَبَهَ (اجْتَهَدَ) الْمُشْتَبَهُ عَلَيْهِ فِيهِمَا بِأَنْ
ــ
[حاشية قليوبي]
أَلِفٍ ثُمَّ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ أَوْ مُهْمَلَةٍ أَوْ نُونٍ بَدَلَهَا وَمِقْدَارُهُمَا عَلَى مُصَحَّحِ النَّوَوِيِّ بِالْمِصْرِيِّ أَرْبَعُمِائَةِ رَطْلٍ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ رَطْلًا وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعٍ مِنْ رَطْلٍ، وَبِالدِّمَشْقِيِّ مِائَةٌ وَسَبْعَةُ أَرْطَالٍ وَسُبُعُ رَطْلٍ، وَعَلَى مُصَحَّحِ الرَّافِعِيِّ بِالْمِصْرِيِّ أَرْبَعُمِائَةٍ وَوَاحِدٌ وَخَمْسُونَ رَطْلًا وَثُلُثُ رَطْلٍ وَثُلُثَا أُوقِيَّةٍ، وَبِالدِّمَشْقِيِّ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثُ رَطْلٍ. قَوْلُهُ:(الرَّائِي لَهَا) مِنْ الرُّؤْيَةِ لَا مِنْ الرِّوَايَةِ وَلَا مِنْ الرَّأْيِ.
قَوْلُهُ: (قَرْيَةٌ بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ) وَهِيَ الْحَدُّ بَيْنَ أَرْضِ الْحِجَازِ وَالْيَمَنِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) مَجْرُورٌ صِفَةٌ لَتَقْرِيبًا، وَقِيلَ: مُبْتَدَأٌ مَرْفُوعٌ. قَوْلُهُ: (نَقْصُ الرَّطْلَيْنِ) أَيْ بِحَسَبِ الِاخْتِيَارِ النَّاشِئِ عَنْ الضَّابِطِ الَّذِي هُوَ لَا يَضُرُّ نَقْصُ قَدْرٍ لَا يَظْهَرُ بِنَقْصِهِ تَفَاوُتٌ فِي التَّغَيُّرِ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمُغَيَّرَةِ، مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يُؤْخَذَ مَاءٌ قَدْرَ قُلَّتَيْنِ وَآخَرُ دُونَهُمَا بِنَحْوِ رَطْلٍ وَيُوضَعُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا قَدْرُ رَطْلٍ زَعْفَرَانٍ مَثَلًا، وَيُخَضُّ ثُمَّ يُنْظَرُ هَلْ التَّغَيُّرُ مُتَسَاوٍ أَوْ مُتَفَاوِتٌ، فَإِذَا وُجِدَ مُتَسَاوِيًا أُخِذَ مَاءٌ ثَالِثٌ نَاقِصٌ قَدْرَ رَطْلٍ وَنِصْفٍ، وَيُوضَعُ فِيهِ قَدْرُ الزَّعْفَرَانِ الْمَذْكُورِ، وَيُمَيَّزُ التَّغَيُّرُ فِيهِ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ وَهَكَذَا، وَقَدْ اخْتَبَرَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ ذَلِكَ فَوَجَدُوا أَنَّ التَّفَاوُتَ يَظْهَرُ إذَا زَادَ النَّقْصُ عَلَى الرَّطْلَيْنِ فَحَكَمُوا بِهِ فَلَا يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ مِنْ التَّحْدِيدِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(وَالْمِسَاحَةُ) أَيْ فِي الْمُرَبَّعِ الْمُتَسَاوِي الْأَبْعَادِ الثَّلَاثَةِ عَلَى مُخْتَارِ النَّوَوِيِّ فِي رَطْلِ بَغْدَادَ أَوْ الْأَعَمِّ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ يَسِيرٌ. قَوْلُهُ: (ذِرَاعٌ وَرُبُعٌ) أَيْ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ قَصِيرَةٍ كُلُّ ذِرَاعٍ مِنْهَا قَدْرُ رُبُعِ ذِرَاعٍ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ أَرْبَاعًا حَقِيقَةً لَكَانَ الْحَاصِلُ مِنْهَا ذِرَاعَيْنِ إلَّا ثَلَاثَةَ أَسْبَاعٍ مِنْ رُبُعٍ أَعْنِي إلَّا تُسْعَ ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا، وَذَلِكَ بَاطِلٌ فَيُجْعَلُ كُلٌّ مِنْ الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالْعُمْقِ خَمْسَةً، وَيُضْرَبُ أَحَدُهَا فِي الْآخَرِ، ثُمَّ الْحَاصِلُ فِي الثَّالِثِ فَيَحْصُلُ مِائَةُ خَمْسَةٍ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا قَصِيرَةً وَهِيَ الضَّابِطُ فِي مِقْدَارِ الْقُلَّتَيْنِ، وَإِذَا قُسِمَ عَلَيْهَا مِقْدَارُ أَرْبَعَةٍ خَصَّ كُلَّ رُبُعٍ أَرْبَعَةُ أَرْطَالٍ وَهِيَ مِقْدَارُ مَا يَسَعُ الْإِنَاءُ الَّذِي كُلٌّ مِنْ طُولِهِ وَعَرْضِهِ وَعُمْقِهِ رُبُعُ ذِرَاعٍ.
وَأَمَّا مِسَاحَتُهُمَا فِي الْمُدَوَّرِ كَرَأْسِ الْبِئْرِ فَهِيَ ذِرَاعٌ عَرْضًا وَذِرَاعَانِ وَنِصْفٌ طُولًا، وَالْمُرَادُ بِعَرْضِهِ أَطْوَلُ خَطٍّ بَيْنَ حَافَّتَيْهِ، وَبِطُولِهِ عُمْقُهُ، فَيُبْسَطُ ذَلِكَ أَرْبَاعًا أَيْ أَذْرُعًا قَصِيرَةً كَمَا مَرَّ، وَيُبْسَطُ الْمُحِيطُ كَذَلِكَ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَمْثَالِ الْعَرْضِ وَسُبْعُ مِثْلِهِ بِالْبُرْهَانِ الْهَنْدَسِيِّ، ثُمَّ يُضْرَبُ نِصْفُ الْعَرْضِ وَهُوَ اثْنَانِ فِي نِصْفِ الْمُحِيطِ وَهُوَ سِتَّةٌ وَسُبْعَانِ أَوْ رُبُعُ الْعَرْضِ فِي جَمِيعِ الْمُحِيطِ أَوْ عَكْسِهِ يَحْصُلُ مِقْدَارُ السَّطْحِ، وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعٍ، فَيَضْرِبُ ذَلِكَ فِي الْعُمْقِ وَهُوَ عَشَرَةٌ يَبْلُغُ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرِينَ ذِرَاعًا قَصِيرَةً وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ ذِرَاعٍ فَهُوَ مِقْدَارُ الْقُلَّتَيْنِ مَعَ زِيَادَةِ خَمْسَةِ الْأَسْبَاعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ:(بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ) وَهُوَ يَنْقُصُ عَنْ الذِّرَاعِ الْمِصْرِيِّ الْمَعْرُوفِ بِنَحْوِ ثُمُنِهِ. قَوْلُهُ: (وَاحْتَرَزَ إلَخْ) هُوَ جَوَابٌ عَنْ أَنْ يُقَالَ ذِكْرُ الْمُؤَثِّرِ فِي النَّجَسِ مُسْتَدْرَكٌ إذْ التَّغَيُّرُ فِيهِ مُضِرٌّ مُطْلَقًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا. قَوْلُهُ: (عَلَى الشَّطِّ) أَيْ غَيْرِ مُلَاقِيَةِ لِلْمَاءِ.
[اشْتَبَهَ مَاءٌ طَاهِرٌ بِنَجِسٍ]
قَوْلُهُ: (وَلَوْ اشْتَبَهَ إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِي الِاجْتِهَادِ الَّذِي هُوَ وَسِيلَةٌ لِتَطْهِيرِ الْمِيَاهِ بِحَسَبِ الظَّنِّ الَّتِي هِيَ وَسِيلَةٌ لِلطَّهَارَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مَاءٌ) خَصَّهُ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِيهِ وَإِلَّا فَالتُّرَابُ مِثْلُهُ، وَكَذَا غَيْرُهُمَا كَمَالِهِ بِمَالِ غَيْرِهِ، وَثَوْبٍ طَاهِرٍ بِغَيْرِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ الْمَاءِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَعَمَّ كَمَا فَعَلَ فِي الْمَنْهَجِ، لَكِنْ فِي كَلَامِهِ تَكْرَارٌ وَشُمُولٌ لِمَا لَا يَصِحُّ كَمَا يَعْرِفُهُ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ:(طَاهِرٌ بِنَجَسٍ) الْمُرَادُ بِالطَّاهِرِ هُنَا
ــ
[حاشية عميرة]
الْمَائِعِ غَيْرِ الْمَاءِ حُكْمُ الْجَارِي مِنْ الْمَاءِ فِي أَنَّ الْجِرْيَةَ الْمُتَنَجِّسَةَ لَا تَتَعَدَّى لِغَيْرِهَا
. قَوْلُ الْمَتْنِ: (اجْتَهَدَ أَيْ لَوْ اشْتَبَهَ مَاءٌ طَاهِرٌ بِنَجِسٍ) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ قَدْ عَارَضَهُ تَعَيُّنُ النَّجَاسَةِ، لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ تَرْكُ الْأَصْلِ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَجَبَ النَّظَرُ فِي التَّعْيِينِ.
[اشْتَبَهَ مَاءٌ وَبَوْلٌ]
قَوْلُ الشَّارِحِ: (بِنُونِ الرَّفْعِ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى يَجْتَهِدُ لِثُبُوتِ النُّونِ، وَكَأَنَّ نُسْخَةَ الْجَمَالِ الْإِسْنَوِيِّ الَّتِي وَقَعَتْ لَهُ بِحَذْفِ النُّونِ فَإِنَّهُ قَالَ إنَّهُ مَجْزُومٌ بِحَذْفِ النُّونِ عَطْفًا عَلَى يَجْتَهِدُ، انْتَهَى. وَاعْلَمْ أَنَّ الَّذِي سَلَكَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِيهِ إشْكَالٌ، فَإِنَّ الْعَطْفَ عَلَى يَجْتَهِدُ يُفْسِدُ الْمَعْنَى إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ
يَبْحَثَ عَمَّا يُبَيِّنُ النَّجِسَ، كَرَشَّاشٍ حَوْلَ إنَائِهِ أَوْ قُرْبِ الْكَلْبِ مِنْهُ (وَتَطْهُرُ بِمَا ظَنَّ) بِالِاجْتِهَادِ (طَهَارَتَهُ) مِنْهُمَا (وَقِيلَ إنْ قَدَرَ عَلَى طَاهِرٍ بِيَقِينٍ فَلَا) يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ فِيهِمَا فَقَوْلُهُ: اجْتَهَدَ أَيْ جَوَازًا إنْ قَدَرَ عَلَى طَاهِرٍ بِيَقِينٍ وَوُجُوبًا إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَالْأَعْمَى كَبَصِيرٍ) فِيمَا ذُكِرَ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ يُدْرِكُ أَمَارَةَ النَّجِسِ بِاللَّمْسِ وَغَيْرِهِ. وَالثَّانِي لَا يَجْتَهِدُ لِفَقْدِ الْبَصَرِ الَّذِي هُوَ عُمْدَةُ الِاجْتِهَادِ بَلْ يُقَلِّدُ.
(أَوْ) اشْتَبَهَ (مَاءٌ وَبَوْلٌ) بِأَنْ انْقَطَعَتْ رَائِحَتُهُ (لَمْ يَجْتَهِدْ) فِيهِمَا (عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي يَجْتَهِدُ كَالْمَاءَيْنِ. وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْمَاءَ لَهُ أَصْلٌ فِي التَّطْهِيرِ يُرَدُّ بِالِاجْتِهَادِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْبَوْلِ. (بَلْ يُخْلَطَانِ) أَوْ يُرَاقَانِ (ثُمَّ يَتَيَمَّمُ) وَيُصَلِّي بِلَا إعَادَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا صَلَّى قَبْلَ الْخَلْطِ أَوْ نَحْوِهِ فَيُعِيدُ لِأَنَّ مَعَهُ مَاءً طَاهِرًا
ــ
[حاشية قليوبي]
الطَّهُورُ نَظَرًا لِلتَّطْهِيرِ الْآتِي وَإِنْ كَانَ لَا يَتَقَيَّدُ بِهِ وَبِالنَّجِسِ الْمُتَنَجِّسُ أَيْ الْمُتَيَقَّنُ النَّجَاسَةِ أَوْ مَظْنُونُهَا بِخَبَرِ ثِقَةٍ عَلَى مَا يَأْتِي، فَخَرَجَ مَا لَوْ رَأَى مَاءً مُتَغَيِّرًا مَثَلًا وَشَكَّ فِي سَلْبِ طَهُورِيَّتِهِ فَلَهُ التَّطَهُّرُ بِهِ نَظَرًا لِأَصْلِهِ، وَلَا نَظَرَ لِشَكِّهِ فِيهِ، بِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ فَهَجَمَ وَتَطَهَّرَ فَطَهَارَتُهُ بَاطِلَةٌ إنْ صَادَفَ الطَّهُورَ. قَوْلُهُ:(الْمُشْتَبَهُ عَلَيْهِ) وَهُوَ الْمُمَيِّزُ فِي الطِّهَارَاتِ اتِّفَاقًا وَفِي الْأَمْوَالِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ فَإِنَّهُ اشْتَرَطَ التَّكْلِيفَ فِيهَا أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَبْحَثَ إلَخْ) هَذَا مَعْنَى الِاجْتِهَادِ لُغَةً، وَمَعْنَاهُ عُرْفًا بَذْلُ الْمَجْهُودِ فِي طَلَبِ الْمَقْصُودِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ هُنَا وَمَا يَأْتِي أَنَّ شُرُوطَهُ سِتَّةٌ: أَنْ يَكُونَ فِي مُتَعَدِّدٍ ابْتِدَاءٌ اتِّفَاقًا وَدَوَامًا عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ النَّوَوِيِّ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ، فَإِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ أَحَدُ الْإِنَاءَيْنِ قَبْلَ الِاجْتِهَادِ لَمْ يَسْقُطْ وُجُوبُهُ أَوْ بَعْدَهُ سَقَطَ وَكَانَ جَائِزًا، وَأَنْ يَكُونَ فِي مَحْصُورٍ فَيَخْرُجُ مَا لَوْ اشْتَبَهَ إنَاءٌ بِأَوَانٍ غَيْرِ مَحْصُورَةٍ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ، بَلْ يَجُوزُ لَهُ اسْتِعْمَالُهَا إلَى أَنْ يَبْقَى قَدْرُ الْمُشْتَبِهِ، وَقِيلَ: إلَى أَنْ يَبْقَى مَحْصُورٌ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ لِوُجُوبِهِ لَا لِجَوَازِهِ، وَأَنْ يَتَأَيَّدَ بِأَصْلِ الْحِلِّ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِقَوْلِهِمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَصْلٌ فِيمَا طُلِبَ مِنْهُ، وَأَنْ يَسْلَمَ مِنْ التَّعَارُضِ، وَأَنْ تُوجَدَ الْعَلَامَةُ، وَأَنْ يَكُونَ لَهَا مَدْخَلٌ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ اشْتَبَهَتْ زَوْجَتُهُ بِأَجْنَبِيَّاتٍ، وَهَذَا الْأَخِيرُ شَرْطٌ لِلْعَمَلِ بِهِ، وَاَلَّذِي قَبْلَهُ شَرْطٌ لِوُجُودِهِ، وَالثَّانِي شَرْطٌ لِوُجُوبِهِ، وَالْبَقِيَّةُ شُرُوطٌ لِصِحَّتِهِ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ شَرْطَيْنِ أَيْضًا: اتِّسَاعُ الْوَقْتِ، وَاتِّحَادُ مَالِكِ الْإِنَاءَيْنِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا تَوَضَّأَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِإِنَائِهِ، وَرَدَّهُمَا شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ.
قَوْلُهُ: (كَرَشَّاشٍ إلَخْ) وَلَهُ ذَوْقُ أَحَدِ الْإِنَاءَيْنِ وَيَمْتَنِعُ ذَوْقُ الْآخَرِ مَا لَمْ يَغْسِلْ فَمَهُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُتَيَقِّنًا لِنَجَاسَةِ فَمِهِ لِاجْتِمَاعِ الْمَاءَيْنِ عَلَيْهِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ لِجَوَازِهِ بِأَنَّهُ حَالَ ذَوْقِ كُلٍّ غَيْرُ مُتَيَقِّنٍ نَجَاسَتَهُ.
قَوْلُهُ: (جَوَازًا) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْعُدُولُ عَنْهُ وَتَرْكُهُ وَوُجُوبًا مِنْ حَيْثُ عَدَمُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَالِاجْتِهَادُ وَاجِبٌ مُطْلَقًا كَمَا فِي مَسْحِ الْخُفِّ وَخِصَالِ الْكَفَّارَةِ الْمُخَيَّرَةِ، وَهَذَا مَا قَالَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ، وَهُوَ الْوَجْهُ، وَمَا رَدَّهُ بِهِ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ لَا يُجْدِي نَفْعًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(إنْ قَدَرَ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ بَلَغَ قُلَّتَيْنِ بِالْخَلْطِ فِي طَهُورَيْنِ أَوْ طَهُورٍ وَمُسْتَعْمَلٍ، بَلْ يَجِبُ الْخَلْطُ فِي هَذَيْنِ عِنْدَ التَّحَيُّرِ، كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ:(وَوُجُوبًا) أَيْ مُوَسَّعًا بِسَعَةِ الْوَقْتِ وَمُضَيَّقًا بِضِيقِهِ فَلَا يَتَيَمَّمُ وَلَا يَسْقُطُ الْوُجُوبُ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
قَوْلُهُ: (فِيمَا ذَكَرَ) أَيْ لَا فِيمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْأَعْمَى أَنْ يُقَلِّدَ عِنْدَ التَّحَيُّرِ، وَلَوْ الْأَعْمَى أَقْوَى إدْرَاكًا مِنْهُ بِخِلَافِ الْبَصِيرِ.
قَوْلُهُ: (مَاءٌ وَبَوْلٌ) مِثْلُهُ تُرَابٌ طَاهِرٌ أَوْ طَهُورٌ وَتُرَابٌ مِنْ أَجْزَاءِ مَيْتَةٍ بَلِيَتْ وَمِنْ إعْدَامِهِمَا خَلْطُ جَمِيعِ أَجْزَاءِ أَحَدِهِمَا بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجْتَهِدُ) وَلَوْ لِطَفِّ نَارٍ أَوْ عَجْنِ طِينٍ أَوْ شُرْبِ النَّجَسِ لِدَوَابَّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ يُفِيدُ حِلَّ اسْتِعْمَالِ الشَّيْءِ الْمُوَافِقِ لِحِلِّهِ فِي الْوَاقِعِ فَيَرُدُّهُ إلَى أَصْلِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِي الْبَوْلِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(فِي التَّطَهُّرِ) لَوْ قَالَ فِيمَا طُلِبَ مِنْهُ كَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (يُخْلَطَانِ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا بِأَنْ يُخْلَطَ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي الْآخِرِ مَا يَسْلُبُ طَهُورِيَّتَهُ لَوْ كَانَ مُخَالِفًا أَشَدَّ لِخُرُوجِهِ بِذَلِكَ عَنْ يَقِينٍ طَاهِرٍ مَعَهُ، فَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَدْ صُبَّ مِنْ الطَّاهِرِ فِي الْمُتَنَجِّسِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ يُرَاقَانِ) أَوْ أَحَدُهُمَا لِمَا ذُكِرَ وَلَمْ يَنْظُرْ وَالتَّعَلُّقُ الطَّهَارَةُ بِالْمَاءِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَمَنْعُ التَّصَرُّفِ فِيهِ لِوُجُودِ الِاشْتِبَاهِ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْخَلْطُ وَإِنْ بَلَغَ بِهِ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَبِهِ عُلِمَ سَخَافَةُ مَا قِيلَ بِوُجُوبِ صَبِّ بَوْلٍ عَلَى مَاءِ قُلَّتَيْنِ مَعَ جَمَاعَةٍ لَا يَكْفِيهِمْ إلَّا بِهِ، حَيْثُ لَا يُغَيِّرُهُ لَوْ فُرِضَ مُخَالِفًا أَشَدَّ، وَلَا يُغْتَرُّ بِذِكْرِ ابْنِ حَجَرٍ لَهُ فِي شَرْحِهِ عَلَى أَنَّ ذِكْرَهُ لَهُ لَيْسَ لِلرِّضَا بِهِ وَلَا لِصِحَّتِهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِلرَّدِّ عَلَى الزَّرْكَشِيّ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْبَوْلَ لَهُ أَصْلٌ فِي التَّطْهِيرِ بِعَوْدِهِ إلَى أَصْلِهِ الَّذِي هُوَ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَرُدُّهُ فِي كَلَامِ الْعَلَّامَةِ الْعَبَّادِيِّ بِقَوْلِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُخَالِفِينَ عَنْ مَذْهَبِنَا وَذَكَرَ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ قَالَ: فَهُوَ غَلَطٌ بَلْ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِأَنَّهُ نَجَسٌ
ــ
[حاشية عميرة]
بَلْ تُقَرِّرُ حُكْمَ مَا قَبْلَهَا وَتُثْبِتُ ضِدَّهُ لِمَا بَعْدَهَا، وَإِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يُمْكِنُ الْعَطْفُ اللَّفْظِيُّ عَلَى مَا قَبْلَهَا وَتَأْثِيرُ الْجَازِمِ فِي لَفْظِ