الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَقْرِيبًا، قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ
. (وَيَجِبُ تَقْدِيمُهَا) أَيْ الصَّلَاةِ. (عَلَى الدَّفْنِ) فَإِنْ دُفِنَ قَبْلَهَا أَتَمَّ الدَّافِنُونَ وَصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ كَمَا قَالَ. (وَتَصِحُّ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الدَّفْنِ عَلَى الْقَبْرِ سَوَاءٌ دُفِنَ قَبْلَهَا أَمْ بَعْدَهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ صَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْقَبْرِ.
(وَالْأَصَحُّ تَخْصِيصُ الصِّحَّةِ بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا وَقْتَ الْمَوْتِ) وَالثَّانِي بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ وَقْتَ الْمَوْتِ، فَمَنْ كَانَ وَقْتُهُ غَيْرَ مُمَيِّزٍ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ قَطْعًا وَمَنْ كَانَ وَقْتُهُ مُمَيِّزًا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَتَصِحُّ عَلَى الثَّانِي، وَإِلَى مَتَى يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ قِيلَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَقِيلَ إلَى شَهْرٍ، وَقِيلَ مَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْمَيِّتِ، وَقِيلَ أَبَدًا
. (وَلَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَالٍ) وَكَذَا قَبْرُ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ -، ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:«لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ أَوْ الْمَيِّتِ الْحَاضِرِ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الزِّيَادَةِ
. (فَرْعٌ:) زَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ لِطُولِ الْفَصْلِ قَبْلَهُ بِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ كَمَا نَقَصَ تَرْجَمَةَ التَّعْزِيَةِ بِفَصْلٍ لِقِصَرِ الْفَصْلِ قَبْلَهُ.
(الْجَدِيدُ أَنَّ الْوَلِيَّ أَوْلَى بِإِمَامَتِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ (مِنْ الْوَالِي) لِأَنَّ دُعَاءَهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ، وَالْقَدِيمُ أَنَّ الْوَالِيَ أَوْلَى مِنْ الْوَلِيِّ كَمَا أَنَّهُ مِنْ الْمَالِكِ فِي إمَامَةِ الصَّلَوَاتِ، وَبَعْدَ الْوَالِي عَلَى الْقَدِيمِ إمَامُ الْمَسْجِدِ ثُمَّ الْوَلِيُّ (فَيُقَدَّمُ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ) أَبُوهُ (وَإِنْ عَلَا ثُمَّ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ) وَإِنْ سَفَلَ (ثُمَّ الْأَخُ) لِأَنَّ الْأُصُولَ أَشْفَقُ مِنْ الْفُرُوعِ، وَالْفُرُوعَ أَشْفَقُ مِنْ الْحَوَاشِي،
ــ
[حاشية قليوبي]
لِرُؤْيَتِهِ مَثَلًا. وَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي هَذَا الْمَحَلِّ غَيْرُ صَحِيحٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ) وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ الْحَائِلِ بَيْنَهُمَا إلَّا سِحْلِيَّةً غَيْرَ مُسَمَّرَةٍ، وَقَبْرٍ وَبَيْتٍ مُغْلَقٍ غَيْرِ مُسَمَّرٍ.
قَوْلُهُ: (مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا) أَيْ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَتَسْقُطُ بِهِ ذَلِكَ الْوَقْتَ، بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا مُسْلِمًا طَاهِرًا فَلَا تَصِحُّ عَلَى الْغَائِبِ وَالْقَبْرِ مِمَّنْ اتَّصَفَ بِضِدِّ ذَلِكَ الصَّبِيِّ بِلَا خِلَافٍ، وَغَيْرُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ. قَوْلُهُ:(وَقْتَ الْمَوْتِ) الْمُعْتَمَدُ وَقْتُ الدَّفْنِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ أَبَدًا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ
. قَوْلُهُ: (مِنْ الْأَنْبِيَاءِ) وَمِنْهُمْ سَيِّدُنَا عِيسَى صلى الله عليه وسلم بَعْدَ دَفْنِهِ، وَتَصِحُّ قَبْلَهُ مِمَّنْ حَضَرَ مَوْتَهُ قَالَ شَيْخُنَا: وَتَحْرُمُ الصَّلَاةُ عَلَى قُبُورِهِمْ وَالتَّوَجُّهُ بِهَا إلَيْهَا، وَلَوْ فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلَكِنْ لَا تَبْطُلُ.
(فَرْعٌ) تُنْدَبُ الصَّلَاةُ آخِرُ كُلِّ يَوْمٍ بَعْدَ الْغُرُوبِ عَلَى مَنْ مَاتَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ، وَيَنْوِي الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ عَلَيْهِ، فَهَذِهِ أَسْهَلُ النِّيَّاتِ وَأَوْلَاهَا
[فَرْعٌ الْوَلِيَّ أَوْلَى بِإِمَامَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ الْوَالِي]
. قَوْلُهُ: (فَرْعٌ زَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ إلَخْ) فِيهِ تَسْلِيمٌ أَنَّهُ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى مَا قَبْلَهُ فَذِكْرُهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ، وَأَجَابَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ الصَّلَاةَ تَسْتَدْعِي مُصَلِّيًا وَهُوَ يَسْتَدْعِي مَعْرِفَةَ أَوْصَافِهِ الَّتِي يَتَقَدَّمُ بِهَا. قَوْلُهُ:(الْوَلِيَّ) أَيْ الْقَرِيبَ وَلَوْ غَيْرَ وَارِثٍ، وَيُقَدَّمُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِهَا. قَوْلُهُ:(أَوْلَى) أَيْ مِنْ الْأَجَانِبِ فَلَهُمْ وِلَايَةٌ وَالتَّرْتِيبُ مَنْدُوبٌ، فَلَوْ تَقَدَّمَ الْأَجْنَبِيُّ لَمْ يَأْثَمْ وَنَائِبُ مَنْ لَهُ الْحَقُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَبْعَدِ، فَإِنْ غَابَ وَلَا نَائِبَ لَهُ قُدِّمَ الْأَبْعَدُ. قَوْلُهُ:(وَالْقَدِيمُ) وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ.
نَعَمْ لَوْ خِيفَ
ــ
[حاشية عميرة]
يَجُوزُ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِي مَكَانِهِ لِلْخَارِجِ مِنْ الْبَلَدِ بِخِلَافِ الَّذِي فِي الْبَلَدِ، وَإِنْ أَفْرَطَ اتِّسَاعُهَا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا مَاتَ بِهَدْمٍ وَتَعَذَّرَ غُسْلُهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْغَائِبَ إذَا كَانَ بِبِلَادِ الْحَرْبِ وَنَحْوِهَا وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ تَغْسِيلِهِ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، بَلْ لَوْ شَكَّ فِي غُسْلِهِ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ، ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ نَقَلَ عَنْ صَاحِبِ الْوَافِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ خَارِجَ السُّوَرِ قَرِيبًا مِنْهُ، فَهُوَ كَدَاخِلِهِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ تَخْصِيصُ الصِّحَّةِ) أَيْ فِي الْغَائِبِ وَالدَّفْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ: لِأَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يُتَطَوَّعُ بِهَا، انْتَهَى. وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِي الْحَاضِرَةِ أَيْضًا إذَا لَمْ يَتَّصِفْ الشَّخْصُ بِالْأَهْلِيَّةِ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: لَا يُتَطَوَّعُ بِهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِصُورَتِهَا مِنْ غَيْرِ جِنَازَةٍ بِخِلَافِ صَلَاةِ الظُّهْرِ، فَإِنَّهُ يُؤْتَى بِصُورَتِهَا ابْتِدَاءً بِلَا سَبَبٍ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَكَانَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهَا تَقَعُ نَافِلَةً إذَا أُعِيدَتْ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِعَادَةُ غَيْرَ مَنْدُوبَةٍ. وَتَقَعُ نَافِلَةً أَيْضًا لِلنِّسَاءِ إذَا فَعَلْنَهَا مَعَ الرِّجَالِ. قَوْلُهُ (وَقِيلَ أَبَدًا) قَالَ السُّبْكِيُّ: هُوَ أَضْعَفُهَا
. قَوْلُهُ: (بِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْفَرْعِ، وَقَوْلُهُ: بِفَصْلٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: تَرْجَمَةَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ دُعَاءَهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ) أَيْ لِانْكِسَارِ
وَدُعَاءُ الْأَشْفَقِ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ. (وَالْأَظْهَرُ تَقْدِيمُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَشْفَقُ بِزِيَادَةِ قُرْبِهِ، وَالثَّانِي هُمَا سَوَاءٌ إذْ لَا مَدْخَلَ لِلْأُمُومَةِ فِي إمَامَةِ الرِّجَالِ، فَلَا يُرَجَّحُ بِهَا وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَصْحِيحُ طَرِيقِ الْقَطْعِ بِالْأَوَّلِ، وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْأَصَحِّ (ثُمَّ) بَعْدَهُمَا (ابْنُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ الْعَصَبَةُ) الْبَاقُونَ (عَلَى تَرْتِيبِ الْإِرْثِ) يُقَدَّمُ الْعَمُّ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ ابْنُ الْعَمِّ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لَوْ اجْتَمَعَ عَمَّانِ أَوْ ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا لِأَبَوَيْنِ وَالْآخَرُ لِأَبٍ أَوْ ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ فَفِيهِ الطَّرِيقَانِ، وَذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَخِيرَةِ، وَسَكَتَ عَنْ اجْتِمَاعِ ابْنِ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ وَابْنِ أَخٍ لِأَبٍ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ اجْتِمَاعَهُمَا كَاجْتِمَاعِ أَبَوَيْهِمَا فَفِيهِ الطَّرِيقَانِ، ثُمَّ بَعْدَ عَصَبَةِ النَّسَبِ الْمُعْتَقُ، ثُمَّ عَصَبَتُهُ.
(ثُمَّ ذَوُو الْأَرْحَامِ) وَالْأَخُ لِلْأُمِّ يُقَدَّمُ مِنْهُمْ أَبُو الْأُمِّ ثُمَّ الْأَخُ لِلْأُمِّ ثُمَّ الْخَالُ ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأُمِّ، وَقَوْلُ الْوَجِيزِ بَعْدَ ذِكْرِ الْعَصَبَاتِ ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ فَذَوُو الْأَرْحَامِ حَمَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَلَى وَارِثٍ مِنْ الْعَصَبَاتِ حَتَّى لَا يُنَافِي مَا نَقَلَهُ عَنْ التَّهْذِيبِ مِنْ تَقْدِيمِ أَبِي الْأُمِّ عَلَى الْأَخِ لِلْأُمِّ، وَأَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَلَوْ اجْتَمَعَا) أَيْ اثْنَانِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ (فِي دَرَجَةٍ) كَابْنَيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ فَالْأَسَنُّ الْعَدْلُ أَوْلَى عَلَى (النَّصِّ) مِنْ الْأَفْقَهِ، وَنَصَّ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ عَلَى أَنَّ الْأَفْقَهَ أَوْلَى مِنْ الْأَسَنِّ فَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ خَرَّجَ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلًا فِي الْأُخْرَى، وَالْجُمْهُورُ قَرَّرُوا النَّصَّيْنِ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ وَالْأَسَنُّ أَشْفَقُ عَلَيْهِ فَدُعَاؤُهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْأَكْبَرُ سِنًّا فِي الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ شَابًّا وَإِنَّمَا يُقَدَّمُ إذَا حُمِدَتْ حَالُهُ، أَمَّا الْفَاسِقُ وَالْمُبْتَدِعُ فَلَا، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ: فَالْأَسَنُّ أَوْلَى عَلَى الْأَصَحِّ إنْ كَانَ عَدْلًا، وَالْحُرُّ أَوْلَى مِنْ الرَّقِيقِ، أَوْ مِنْ الْمُجْتَمِعِينَ فِي دَرَجَةٍ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: بَدَلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِوُضُوحِهَا. (وَيُقَدَّمُ الْحُرُّ الْبَعِيدُ عَلَى الْعَبْدِ الْقَرِيبِ) أَيْ كَأَخٍ رَقِيقٍ وَعَمٍّ حُرٍّ نَظَرًا لِلْحُرِّيَّةِ، وَقِيلَ الْعَكْسُ نَظَرًا لِلْقُرْبِ، وَقِيلَ هُمَا سَوَاءٌ لِتَعَارُضِ الْمَعْنَيَيْنِ وَلَوْ اجْتَمَعُوا فِي دَرَجَةٍ وَاسْتَوَتْ خِصَالُهُمْ فَإِنْ رَضُوا بِتَقْدِيمِ وَاحِدٍ فَذَاكَ وَإِلَّا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ.
«وَيَقِفُ الْمُصَلِّي إمَامًا كَانَ أَوْ مُنْفَرِدًا.
ــ
[حاشية قليوبي]
الْفِتْنَةُ قُدِّمَ إجْمَاعًا وَبَعْدَ الْوَالِي عَلَى الْقَدِيمِ إمَامُ الْمَسْجِدِ أَيْ إنْ كَانَ هَذَا الْوَالِي هُوَ الَّذِي وَلَّى إمَامَ الْمَسْجِدِ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ، وَإِلَّا قُدِّمَ إمَامُ الْمَسْجِدِ عَلَيْهِ، وَكَذَا يُقَالُ عَلَى الْجَدِيدِ أَيْضًا. قَوْلُهُ:(وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يُوَافِقْ اصْطِلَاحُهُ وَلَا أَصْلُهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى تَرْتِيبِ الْإِرْثِ) مِنْهُ يُعْلَمُ تَقْدِيمُ الْأَخِ لِلْأَبِ عَلَى ابْنِ الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ، وَابْنِ الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ عَلَى ابْنِ الْأَخِ لِلْأَبِ عَلَى الْأَظْهَرِ السَّابِقِ. قَوْلُهُ:(وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ) اعْتِرَاضٌ أَيْضًا عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ الْخِلَافَ فِي الْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ، وَجَوَابُهُ مَا ذَكَرَهُ عَنْ الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ:(ثُمَّ عُصْبَتُهُ) ثُمَّ إمَامُ بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ نَائِبُهُ إنْ انْتَظَمَ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ ذَوُو الْأَرْحَامِ) يُقَدَّمُ مِنْهُمْ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ، ثُمَّ أَبُو الْأُمِّ ثُمَّ الْأَخُ لِلْأُمِّ، ثُمَّ الْخَالُ ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأُمِّ، وَيُقَدَّمُ الزَّوْجُ عَلَى الْأَجَانِبِ، وَكَذَا الزَّوْجَةُ عِنْدَ فَقْدِ الذُّكُورِ، وَتُقَدَّمُ الْقَرَابَاتُ بِتَقْدِيمِ الذَّكَرِ وَيُقَدَّمُ السَّيِّدُ فِي عَبْدِهِ عَلَى أَقَارِبِ الْعَبْدِ وَلَوْ أَحْرَارًا، وَوَلِيُّ الْمَرْأَةِ أَوْلَى بِالصَّلَاةِ عَلَى أَمَتِهَا. قَوْلُهُ:(أَمَّا الْفَاسِقُ وَالْمُبْتَدِعُ فَلَا) وَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْإِمَامَةِ أَصْلًا وَكَذَا الْقَاتِلُ قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ كَمَا فِي الْغُسْلِ، وَيُمْكِنُ كَوْنُ الْفَاسِقِ شَامِلًا لَهُ.
قَوْلُهُ: (وَيُقَدَّمُ الْحُرُّ الْبَعِيدُ عَلَى الْعَبْدِ الْقَرِيبِ) بِمَعْنَى الْأَقْرَبِ إذْ الْكَلَامُ فِيمَنْ لَهُمَا قَرَابَةٌ وَاسْتَوَيَا بُلُوغًا، وَإِلَّا فَيُقَدَّمُ الْعَبْدُ الْبَالِغُ عَلَى الْحُرِّ الصَّبِيِّ، وَالرَّقِيقُ الْقَرِيبُ عَلَى الْحُرِّ الْأَجْنَبِيِّ، وَتُقَدَّمُ الْأَجَانِبُ بِمَا فِي الصَّلَوَاتِ. قَوْلُهُ:(قَطْعًا لِلنِّزَاعِ) يُفِيدُ أَنَّ الْقُرْعَةَ لِمَا
ــ
[حاشية عميرة]
قَلْبِهِ وَتَأَلُّمِهِ، وَأَيْضًا فَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِهِ فَكَانَتْ كَالتَّكْفِينِ، وَبِالْقَدِيمِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ، وَلَنَا وَجْهٌ أَيْضًا مَرْجُوحٌ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالصَّلَاةِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقَرِيبِ. قَوْلُهُ:(أَبُوهُ) خَرَجَ أَبُو الْأُمِّ فَإِنَّهُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ. قَوْلُهُ: (إذْ لَا مَدْخَلَ إلَخْ) أُجِيبُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ اسْتِقْلَالِهَا عَدَمُ صَلَاحِيَّتِهَا لِلتَّرْجِيحِ. قَوْلُهُ: (تَصْحِيحُ طَرِيقِ الْقَطْعِ) أَيْ إلْحَاقًا لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالْإِرْثِ، وَالطَّرِيقُ الْأَوْلَى إلْحَاقًا بِوِلَايَةِ النِّكَاحِ، وَتَحَمُّلُ الْعَقْلِ فَإِنَّ فِيهِمَا قَوْلَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(عَلَى تَرْتِيبِ الْإِرْثِ) مِنْهُ تَسْتَفِيدُ أَنَّ ابْنَ الْأَخِ لِأَبٍ مُقَدَّمٌ عَلَى ابْنِ ابْنِ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ.
(تَنْبِيهٌ) مَا سَلَفَ فِي الْغُسْلِ مِنْ اشْتِرَاطِ أَنْ لَا يَكُونَ قَاتِلًا يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ هُنَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ ذَوُو الْأَرْحَامِ) قَدْ اسْتَفَدْنَا مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الزَّوْجَ لَا مَدْخَلَ لَهُ هُنَا، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ تَقْدِيمَهُ عَلَى الْأَجَانِبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ:(أَيْ مِنْ الْمُجْتَمِعِينَ فِي دَرَجَةٍ) إنَّمَا فَسَّرَ بِذَلِكَ كَلَامَ الْمُحَرَّرِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَالْحُرُّ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: فَالْأَسَنُّ وَكِلَاهُمَا مَسْبُوقٌ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ اُجْتُمِعَا فِي دَرَجَةٍ.
قَوْلُهُ:
عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ وَعَجُزِهَا أَيْ الْمَرْأَةِ، كَذَا فَعَلَ أَنَسٌ رضي الله عنه فَقِيلَ لَهُ: هَلْ كَانَ هَكَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُومُ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ وَعَجِيزَةِ الْمَرْأَةِ؟ قَالَ نَعَمْ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ سَمُرَةَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى امْرَأَةٍ فَقَامَ وَسَطَهَا» ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ فَيَقِفُ عِنْدَ عَجِيزَتِهِ. (وَتَجُوزُ عَلَى الْجَنَائِزِ صَلَاةٌ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الدُّعَاءُ وَالْجَمْعُ فِيهِ مُمْكِنٌ، وَالْأَوْلَى إفْرَادُ كُلِّ جِنَازَةٍ بِصَلَاةٍ إنْ أَمْكَنَ، وَعَلَى الْجَمْعِ إنْ حَضَرَتْ دَفْعَةً قُدِّمَ إلَى الْإِمَامِ الرَّجُلُ ثُمَّ الصَّبِيُّ ثُمَّ الْخُنْثَى ثُمَّ الْمَرْأَةُ فَإِنْ كَانُوا رِجَالًا أَوْ نِسَاءً قُدِّمَ إلَيْهِ أَفْضَلُهُمْ بِالْوَرَعِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُرَغِّبُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَلَا يُقَدَّمُ بِالْحُرِّيَّةِ أَوْ مُتَعَاقِبَةً قُدِّمَ إلَيْهِ الْأَسْبَقُ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ أَفْضَلَ، فَلَوْ سَبَقَتْ امْرَأَةٌ ثُمَّ حَضَرَ رَجُلٌ أَوْ صَبِيٌّ أُخِّرَتْ عَنْهُ وَلَوْ سَبَقَ صَبِيٌّ رَجُلًا قُدِّمَ الصَّبِيُّ، وَقِيلَ الرَّجُلُ، وَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْأَوْلِيَاءِ بِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ رَضْوَ أَوْ حَضَرَتْ الْجَنَائِزُ مُرَتَّبَةً فَوَلِيُّ السَّابِقَةِ أَوْلَى رَجُلًا كَانَ مَيِّتُهُ أَوْ امْرَأَةً، وَإِنْ حَضَرَتْ مَعًا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ.
(وَتَحْرُمُ) الصَّلَاةُ (عَلَى الْكَافِرِ) حَرْبِيًّا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا، قَالَ تَعَالَى:{وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: 84](وَلَا يَجِبُ غُسْلُهُ) عَلَى الْمُسْلِمِينَ ذِمِّيًّا كَانَ أَوْ حَرْبِيًّا، لَكِنْ يَجُوزُ لَهُمْ وَقَدْ غَسَّلَ عَلِيٌّ رضي الله عنه أَبَاهُ، رَوَاهُ، أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَضَمَّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إلَى الْمُسْلِمِينَ غَيْرَهُمْ فِي الشِّقَّيْنِ وَإِلَى الْغُسْلِ التَّكْفِينَ وَالدَّفْنَ فِي الْجَوَازِ لِلْمُسْلِمِ وَيُقَاسُ بِهِ غَيْرُهُ وَسَوَاءٌ فِي الْجَوَازِ الْقَرِيبُ وَالْأَجْنَبِيُّ، وَسَيَأْتِي فِي الزِّيَادَةِ أَنَّ الْقَرِيبَ الْكَافِرَ أَحَقُّ مِنْ الْمُسْلِمِ. (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ تَكْفِينِ الذِّمِّيِّ وَدَفْنِهِ) عَلَى الْمُسْلِمِينَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَفَاءً بِذِمَّتِهِ، وَالثَّانِي يَقُولُ: انْتَهَتْ ذِمَّتُهُ، أَيْ عَهْدُهُ بِالْمَوْتِ فَلَا يَجِبَانِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: بَلْ يُنْدَبَانِ، وَلَا يَجِبُ تَكْفِينُ الْحَرْبِيِّ وَلَا دَفْنُهُ قَطْعًا، وَقِيلَ: يَجِبُ دَفْنُهُ فِي وَجْهٍ وَفِي وَجْهٍ لَا بَلْ يَجُوزُ إغْرَاءُ الْكِلَابِ عَلَيْهِ، فَإِنْ دُفِنَ فَلِئَلَّا يَتَأَذَّى النَّاسُ بِرَائِحَتِهِ، وَالْمُرْتَدُّ كَالْحَرْبِيِّ.
(وَلَوْ وُجِدَ عُضْوُ مُسْلِمٍ عُلِمَ مَوْتُهُ صَلَّى عَلَيْهِ) بَعْدَ غُسْلِهِ وَمُوَارَاتِهِ بِخِرْقَةٍ بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى جُمْلَةِ الْمَيِّتِ كَمَا صَلَّتْ الصَّحَابَةُ
ــ
[حاشية قليوبي]
ذَكَرَ وَلَوْ تَقَدَّمَ غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ لَمْ يَأْثَمْ لِمَا مَرَّ أَنَّ التَّرْتِيبَ مَنْدُوبٌ. نَعَمْ لَوْ اجْتَمَعَ ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ قُدِّمَ.
قَوْلُهُ: (عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ) أَيْ الذُّكُورِ إنْ كَانَ مَعَهُ أُنْثَى فِي نَعْشٍ وَاحِدٍ، أَوْ صَلَّى عَلَى قَبْرِهِ مَثَلًا. قَوْلُهُ:(وَعَجُزِهَا) وَلَوْ عَلَى الْقَبْرِ أَيْضًا وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ قَوْلُهُ: (وَتَجُوزُ عَلَى الْجَنَائِزِ صَلَاةٌ) بِأَنْ يَجْمَعَهُمْ فِي نِيَّتِهِ كَمَا مَرَّ فَذَاكَ فِي صِحَّةِ النِّيَّةِ، وَهَذَا فِي جَوَازِ ذَلِكَ فَلَا تَكْرَارَ. قَوْلُهُ:(إنْ حَضَرَتْ) أَيْ فِي مَحَلٍّ يَحْرُمُ الْإِمَامُ عَلَيْهَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (رَجُلٌ أَوْ صَبِيٌّ) وَمِثْلُهُمَا الْخُنْثَى، وَهَلْ يُنَحَّى غَيْرُ النَّبِيِّ لَهُ؟ وَقِيَاسُ الْبَابِ عَدَمُ التَّنْحِيَةِ كَجَاهِلٍ سَبَقَ عَالِمًا. قَوْلُهُ:(فَإِنْ كَانُوا رِجَالًا أَوْ نِسَاءً) زَادَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَنْهَجِ أَوْ خَنَاثَى، وَالصَّوَابُ إسْقَاطُهُ لِأَنَّهُ لَا تَقْدِيمَ فِيهِمْ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ، وَالتَّقْدِيمُ الْمَذْكُورُ هُوَ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ كَمَا قَالَهُ السَّنْبَاطِيُّ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَغَيْرِهِ أَنَّ التَّقْدِيمَ بِالْقُرْبِ مِنْ الْإِمَامِ بِدَلِيلِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ صَلَّى عَلَى تِسْعِ جَنَائِزَ فَجَعَلَ الرِّجَالَ مِمَّا يَلِيهِ، وَالنِّسَاءَ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مِنْ حَيْثُ الْجَوَازُ. قَوْلُهُ: (رِضَا الْأَوْلِيَاءِ) سَوَاءٌ كَانَ أَوْلِيَاءُ رِجَالٍ أَوْ نِسَاءٍ، أَوْ خَنَاثَى أَوْ مُخْتَلِفِينَ. قَوْلُهُ:(فَإِنْ رَضُوا) أَيْ بِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يُنَافِي مَا بَعْدَهُ مِنْ وُقُوعِ النِّزَاعِ بَيْنَهُمْ، لِأَنَّهُ فِيمَنْ يُقَدَّمُ فَالْقُرْعَةُ وَاجِبَةٌ حِينَئِذٍ.
قَوْلُهُ: (وَتَحْرُمُ) أَيْ وَلَا تَصِحُّ عَلَى الْكَافِرِ وَلَوْ حُكْمًا كَالطِّفْلِ، لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهُمْ يُعَامَلُ فِي الدُّنْيَا مُعَامَلَةَ الْكُفَّارِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ فِي الْجَنَّةِ خَدَمًا لِأَهْلِهَا، وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ فِيمَنْ تَحَقَّقَ كُفْرُهُ، وَإِلَّا فَكَالْمُسْلِمِ.
وَفِي ابْنِ حَجَرٍ خِلَافُهُ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَنْبَغِي فِيهِ التَّعْلِيقُ كَالِاخْتِلَاطِ. قَوْلُهُ:(فِي الشِّقَّيْنِ) وَهُمَا عَدَمُ الْوُجُوبِ وَالْجَوَازِ. قَوْلُهُ: (فِي الْجَوَازِ لِلْمُسْلِمِ) أَيْ قَطْعًا فَلَا يُنَافِي مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (تَكْفِينِ الذِّمِّيِّ وَدَفْنِهِ) وَمِثْلُهُ الْمُعَاهَدُ وَالْمُؤْمِنُ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمُسْلِمِينَ) أَيْ بَعْدَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ ثُمَّ بَيْتُ الْمَالِ.
ــ
[حاشية عميرة]
وَالْأَوْلَى إفْرَادُ إلَخْ) لِأَنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلًا.
قَوْلُهُ: (قَالَ تَعَالَى: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ} [التوبة: 84] إلَخْ) أَيْ وَلِأَنَّ غُفْرَانَ الشِّرْكِ مُحَالٌ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الصَّلَاةِ الدُّعَاءُ قَوْلُهُ:(أَوْ حَرْبِيًّا) لِأَنَّ الْغُسْلَ كَرَامَةٌ، وَلَيْسَ الْكَافِرُ مِنْ أَهْلِهَا. قَوْلُهُ:(فِي الشِّقَّيْنِ) الْمُرَادُ بِهِمَا مَا فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا يَجِبُ غُسْلُهُ وَمَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ لَكِنْ يَجُوزُ لَهُمْ قَوْلُهُ: (وَيُقَاسُ بِهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمُسْلِمِ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْجَوَازِ لِلْمُسْلِمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَدَفْنِهِ) أَيْ كَمَا يَجِبُ أَنْ يُطْعَمَ وَيُسْقَى إذَا عَجَزَ وَفَاءً بِذِمَّتِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ تَكْفِينُ الْحَرْبِيِّ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ ذَلِكَ تَكْرَارٌ مَعَ الَّذِي سَلَفَ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَلَك أَنْ تَقُولَ: لَيْسَ بِتَكْرَارٍ، لِأَنَّ هَذَا فِي نَفْيِ الْوُجُوبِ، وَذَاكَ فِي الْجَوَازِ. قَوْلُهُ:(وَفِي وَجْهٍ لَا) كَأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَحْكِيِّ بِقِيلِ.
قَوْلُهُ: (بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ عُلِمَتْ
- رضي الله عنهم عَلَى يَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّابٍ بْن أَسِيد رضي الله عنه أَلْقَاهَا طَائِرُ نَسْرٍ بِمَكَّةَ مِنْ وَقْعَةِ الْجَمَلِ، وَعَرَفُوا أَنَّهَا يَدُهُ بِخَاتَمِهِ، رَوَاهَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارَ فِي الْأَنْسَابِ، وَذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا، وَوَقْعَةُ الْجَمَلِ فِي جُمَادَى سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، وَلَوْ لَمْ يُعْلَمْ مَوْتُ صَاحِبِ الْعُضْوِ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، لَكِنْ يُدْفَنُ كَالْأَوَّلِ.
(وَالسَّقْطُ) بِتَثْلِيثِ السِّينِ (إنْ اسْتَهَلَّ) أَيْ صَاحَ (أَوْ بَكَى) ثُمَّ مَاتَ (كَكَبِيرٍ) فَيُصَلَّى عَلَيْهِ لِتَيَقُّنِ حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ بَعْدَهَا وَيُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ أَوْ لَمْ يَبْكِ. (فَإِنْ ظَهَرَتْ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ كَاخْتِلَاجٍ) أَوْ تَحَرُّكٍ (صَلَّى عَلَيْهِ فِي الْأَظْهَرِ) وَقِيلَ قَطْعًا لِظُهُورِ حَيَاتِهِ بِالْأَمَارَةِ. وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ تَيَقُّنِهَا وَيُغَسَّلُ قَطْعًا، وَقِيلَ فِيهِ الْقَوْلَانِ (وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ) أَمَارَةُ الْحَيَاةِ (وَلَمْ يَبْلُغْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) حَدُّ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ (لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) لِعَدَمِ إمْكَانِ حَيَاتِهِ. (وَكَذَا إنْ بَلَغَهَا) فَصَاعِدًا لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ. (فِي الْأَظْهَرِ) لِعَدَمِ ظُهُورِ حَيَاتِهِ، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى إمْكَانِهَا وَلَا يُغَسَّلُ فِي الْأُولَى، وَيُغَسَّلُ فِي الثَّانِيَةِ قَطْعًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالْغُسْلِ أَنَّ الْغُسْلَ أَوْسَعُ فَإِنَّ الذِّمِّيَّ يُغَسَّلُ بِلَا صَلَاةٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقِيلَ فِي الْغُسْلِ فِيهِمَا قَوْلَانِ، وَحُكْمُ التَّكْفِينِ حُكْمُ الْغُسْلِ
(وَلَا يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَقِيلَ يَجُوزُ غُسْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَمُ الشَّهَادَةِ، وَقِيلَ تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ غُسْلُهُ وَتُتْرَكُ لِلِاشْتِغَالِ بِالْحَرْبِ. رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ فِي قَتْلَى أُحُدٍ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، وَفِي لَفْظٍ لَهُ: وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلَّ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (عُضْوُ) وَلَوْ ظُفْرًا أَوْ شَعْرًا إلَّا الشَّعْرَةَ الْوَاحِدَةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْمَشِيمَةُ الْمُسَمَّاةُ بِالْخَلَاصِ كَالْعُضْوِ لِأَنَّهَا تُقْطَعُ مِنْ الْوَلَدِ، فَهِيَ جُزْءٌ مِنْهُ، أَمَّا الْمَشِيمَةُ الَّتِي فِيهَا الْوَلَدُ فَلَيْسَتْ جُزْءًا مِنْ الْأُمِّ وَلَا مِنْ الْوَلَدِ انْتَهَى. قَوْلُهُ:(مُسْلِمٍ) وَلَوْ بِالدَّارِ يَقِينًا لَا بِدَارِهِمْ، وَلَا مَنْ شَكَّ فِي إسْلَامِهِ. قَوْلُهُ:(عُلِمَ مَوْتُهُ) أَوْ ظُنَّ قَبْلَ انْفِصَالِ الْعُضْوِ مِنْهُ يَقِينًا، فَإِنْ عَلِمَ انْفِصَالَهُ حَالَ حَيَاتِهِ وَلَوْ بَعْدَ جُرْحٍ مَثَلًا، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ بِهِ، أَوْ شَكَّ فِي وَقْتِ انْفِصَالِهِ نُدِبَ مُوَارَاتُهُ بِخِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا كَالدَّمِ وَالظُّفْرِ وَالشَّعْرِ مِنْ الْحَيِّ. قَوْلُهُ:(بَعْدَ غُسْلِهِ) أَيْ وُجُوبًا وَمُوَارَاتُهُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى جُمْلَةِ الْمَيِّتِ) أَيْ وُجُوبًا إنْ كَانَ بَقِيَّتُهُ غُسِّلَتْ، وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهَا وَنَدْبًا إنْ كَانَ قَدْ صُلِّيَ عَلَيْهَا، فَإِنْ لَمْ تُغَسَّلْ الْبَقِيَّةُ وَجَبَتْ الصَّلَاةُ عَلَى الْعُضْوِ بِنِيَّتِهِ فَقَطْ، فَإِنْ نَوَى الْجُمْلَةَ لَمْ تَصِحَّ، فَإِنْ شَكَّ فِي غُسْلِ الْبَقِيَّةِ لَمْ تَجُزْ نِيَّتُهَا إلَّا إذَا عَلَّقَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. قَوْلُهُ:(لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ) أَيْ لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ.
(تَنْبِيهٌ) تَعْبِيرُهُمْ بِالْغُسْلِ فِي الْعُضْوِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَأْتِي فِيهِ التَّيَمُّمُ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ، وَيُدْفَنُ بَعْدَ لَفِّهِ بِخِرْقَةٍ بِلَا طَهَارَةٍ وَلَا صَلَاةٍ، وَإِلَّا وَجَبَ تَيَمُّمُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ.
وَتَعْبِيرُهُمْ بِسَتْرِهِ بِخِرْقَةٍ يُفْهِمُ عَدَمَ اعْتِبَارِ اللَّفَائِفِ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ مَثَلًا. قَالَ شَيْخُنَا: وَيَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ سَمَّى رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً فَكَالْكَامِلِ، وَإِلَّا فَلَا اعْتِبَارَ بِمَا يَنْقُضُ لَمْسُهُ الْوُضُوءَ وَعَدَمُهُ، وَيَقِفُ الْمُصَلِّي عَلَيْهِ عِنْدَ رَأْسِهِ إنْ كَانَ ذَكَرًا وَعَجُزِهِ إنْ كَانَ أُنْثَى، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَقَفَ حَيْثُ يَشَاءُ، وَيَجِبُ فِي دَفْنِ الْجُزْءِ مَا يَجِبُ فِي الْجُمْلَةِ، وَيُنْدَبُ دَفْنُ جُزْءِ الْحَيِّ كَمَا مَرَّ
. قَوْلُهُ: (وَالسِّقْطُ) هُوَ لُغَةً: مَأْخُوذٌ مِنْ السُّقُوطِ وَهُوَ النَّازِلُ قَبْلَ تَمَامِ أَشْهُرِهِ السِّتَّةِ. قَوْلُهُ: (صَاحَ) أَيْ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ انْفِصَالِهِ فَهُوَ كَكَبِيرٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ يَبْكِ) صَوَابُهُ الْوَاوُ. قَوْلُهُ: (فَصَاعِدًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ بَلَغَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ الْوَجْهُ الَّذِي لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ، وَخَالَفَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَجَعَلَ مَنْ بَلَغَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ كَكَبِيرٍ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ خَلْقُهُ، وَنَقَلَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ وَلَمْ يَعْتَمِدْهُ. قَوْلُهُ:(وَحُكْمُ التَّكْفِينِ حُكْمُ الْغُسْلِ) وَكَذَا حُكْمُ الدَّفْنِ أَيْضًا
. قَوْلُهُ: (وَلَا يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِشَهَادَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَهُ بِالْجَنَّةِ، أَوْ لِأَنَّ دَمَهُ يَشْهَدُ لَهُ بِالْجَنَّةِ، أَوْ
ــ
[حاشية عميرة]
الصَّلَاةُ عَلَى بَاقِيهِ، لَكِنْ لَوْ عُلِمَتْ الصَّلَاةُ وَعُلِمَ فَصْلُ هَذَا الْعُضْوِ بَعْدَ الْغُسْلِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ، فَالظَّاهِرُ عَدَمُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَإِنْ وَجَبَ التَّكْفِينُ وَالدَّفْنُ، وَلَوْ عَلِمْنَا عَدَمَ تَغْسِيلِ الْبَاقِي، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَنْوِي الصَّلَاةَ عَلَى الْجُمْلَةِ. قَوْلُهُ:(كَالْأَوَّلِ) قَضِيَّتُهُ الْوُجُوبُ لَكِنْ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْأَجْزَاءِ الْمُنْفَصِلَةِ مِنْ الْحَيِّ اسْتِحْبَابُ الدَّفْنِ، وَقَدْ لَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا لِلْجَهْلِ بِحَالِهِ فِي الْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ وَفِيهِ نَظَرٌ.
قَوْلُهُ: (وَالسِّقْطُ) هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ السُّقُوطِ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ يَبْكِ) الْأَحْسَنُ وَلَمْ يَبْكِ. قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ تَيَقُّنِهَا) أَيْ وَلِمَفْهُومِ حَدِيثِ: «إذَا اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ وَرِثَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ» . وَكَانَ وَجْهُ كَوْنِ الْمُتَحَرِّكِ لَا يَحْصُلُ مَعَهُ الْيَقِينُ احْتِمَالَ أَنْ تَكُونَ الْحَرَكَةُ غَيْرَ اخْتِيَارِيَّةٍ بَلْ لِانْضِغَاطٍ وَنَحْوِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْفَصْلِ الْآتِي بِأَنَّ دَفْنَهُ أَيْضًا غَيْرُ وَاجِبٍ، ذَكَرَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ. وَيُوضَعُ فِي اللَّحْدِ عَلَى يَمِينِهِ. قَوْلُهُ:(وَحُكْمُ التَّكْفِينِ حُكْمُ الْغُسْلِ) قَالَ السُّبْكِيُّ: لَكِنْ بَعْدَ
عَلَيْهِمْ» بِفَتْحِ اللَّامِ، وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ إبْقَاءُ أَثَرِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمْ وَالتَّعْظِيمُ لَهُمْ بِاسْتِغْنَائِهِمْ عَنْ دُعَاءِ الْقَوْمِ (وَهُوَ) أَيْ الشَّهِيدُ الَّذِي لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ (مَنْ مَاتَ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ بِسَبَبِهِ) كَأَنْ قَتَلَهُ أَحَدُهُمْ أَوْ أَصَابَهُ سِلَاحُ مُسْلِمٍ خَطَأً أَوْ عَادَ إلَيْهِ سِلَاحُهُ أَوْ تَرَدَّى فِي حَمْلَتِهِ فِي وَهْدَةٍ أَوْ سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ أَوْ رَمَحَتْهُ دَابَّةٌ فَمَاتَ أَوْ وُجِدَ قَتِيلًا عِنْدَ انْكِشَافِ الْحَرْبِ وَلَمْ يُعْلَمْ سَبَبُ مَوْتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَثَرُ دَمٍ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَوْتَهُ بِسَبَبِ الْقِتَالِ. (فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَائِهِ) وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ بِجِرَاحَةٍ فِي الْقِتَالِ يُقْطَعُ بِمَوْتِهِ مِنْهَا (أَوْ) مَاتَ (فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ فَغَيْرُ شَهِيدٍ فِي الْأَظْهَرِ) وَمُقَابِلُهُ يُلْحَقُ الْأَوَّلُ بِالْمَيِّتِ فِي الْقِتَالِ وَالثَّانِي بِالْمَيِّتِ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ، وَلَوْ انْقَضَى الْقِتَالُ وَحَرَكَةُ الْمَجْرُوحِ حَرَكَةُ مَذْبُوحٍ فَشَهِيدٌ بِلَا خِلَافٍ، أَوْ وَهُوَ مُتَوَقِّعُ الْبَقَاءِ فَلَيْسَ بِشَهِيدٍ بِلَا خِلَافٍ. (وَكَذَا) لَوْ مَاتَ (فِي الْقِتَالِ لَا بِسَبَبِهِ) كَأَنْ مَاتَ بِمَرَضٍ أَوْ فَجْأَةً فَغَيْرُ شَهِيدٍ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ إنَّهُ شَهِيدٌ فِي وَجْهٍ لِمَوْتِهِ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ، أَمَّا الشَّهِيدُ الْعَارِي عَنْ الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ كَالْغَرِيقِ وَالْمَبْطُونِ وَالْمَطْعُونِ وَالْمَيِّتِ عِشْقًا وَالْمَيِّتَةِ طَلْقًا وَالْمَقْتُولِ فِي غَيْرِ الْقِتَالِ ظُلْمًا فَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ
. (وَلَوْ اُسْتُشْهِدَ جُنُبٌ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ)
ــ
[حاشية قليوبي]
لِشَهَادَةِ دَمِهِ بِقَتْلِهِ حَيْثُ يُبْعَثُ وَهُوَ يَسِيلُ، أَوْ لِأَنَّهُ يُشَاهِدُ الْجَنَّةَ حِينَ مَوْتِهِ، أَوْ لِأَنَّهُ تَشْهَدُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ قَبْضَ رُوحِهِ. قَوْلُهُ:(إبْقَاءُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ فَضِيلَةٌ مُكْتَسَبَةٌ تُعْلَمُ بِأَثَرِهَا، وَبِهَذَا فَارَقَ الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ.
قَوْلُهُ: (مَنْ مَاتَ) صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا، ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، حُرًّا أَوْ رَقِيقًا، عَاقِلًا أَوْ مَجْنُونًا، قَصَدَ الْحَرْبَ أَوْ لَا حَيْثُ قَاتَلَ. قَوْلُهُ:(فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ) أَيْ فِي مُحَارَبَةِ كَافِرٍ وَلَوْ وَاحِدًا أَوْ مُرْتَدًّا، أَوْ فِي قَطْعِ طَرِيقٍ أَوْ فِي صِيَالٍ، أَوْ قَتَلَهُ كَافِرٌ اسْتَعَانَ بِهِ الْبُغَاةُ، وَكَذَا عَكْسُهُ بِأَنْ قَتَلَهُ بَاغٍ اسْتَعَانَ بِهِ كَافِرٌ، وَتَوَقَّفَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي الْمَقْتُولِ مِنْ الْبُغَاةِ بِكَافِرٍ اسْتَعَنَّا بِهِ عَلَيْهِمْ. قَوْلُهُ:(أَوْ تَرَدَّى فِي حَمْلَتِهِ) أَوْ عَادُوا إلَيْهِ بَعْدَ انْهِزَامِهِمْ فَقَتَلُوهُ، وَالْحَمْلَةُ قُوَّةُ الْحَمِيَّةِ فِي شِدَّةِ الْقِتَالِ. قَوْلُهُ:(فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ) وَلَمْ يَقْتُلْهُ كَافِرٌ اسْتَعَانُوا مَثَلًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الشَّهِيدُ) أَيْ الَّذِي يُعْطَى مَنَازِلُ الشُّهَدَاءِ فِي الْآخِرَةِ. قَوْلُهُ: (الْعَارِي إلَخْ) أَيْ الْعَارِي عَنْ شَهَادَةِ الدُّنْيَا الَّتِي هِيَ عَدَمُ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ، فَعُلِمَ أَنَّ الشَّهِيدَ قِسْمَانِ: شَهِيدٌ فِي الْآخِرَةِ دُونَ الدُّنْيَا وَهُوَ الْعَارِي عَنْ الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ، وَشَهِيدٌ فِيهِمَا وَهُوَ مَنْ فِيهِ الضَّابِطُ الْمَذْكُورُ. نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ إعْلَاءَ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، بَلْ تَحْصِيلَ الْكَسْبِ أَوْ الْمُفَاخَرَةَ، أَوْ لِيُقَالَ: إنَّهُ شُجَاعٌ مَثَلًا فَهُوَ وَشَهِيدٌ فِي الدُّنْيَا دُونَ الْآخِرَةِ فَهُوَ قِسْمٌ ثَالِثٌ. وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَوْ عُلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ وَجَبَ فِيهِ الْغُسْلُ، وَالصَّلَاةُ كَغَيْرِ الشَّهِيدِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(كَالْغَرِيقِ) أَيْ وَإِنْ عَصَى فِيهِ بِنَحْوِ شُرْبِ خَمْرٍ. نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَنْ غَرَقَ بِسَيْرِ سَفِينَتِهِ وَفِي وَقْتِ هَيَجَانِ الْأَمْوَاجِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَطْعُونِ) أَيْ الْمَيِّتُ بِالطَّاعُونِ وَلَوْ فِي غَيْرِ زَمَنِهِ، أَوْ بِغَيْرِهِ فِي زَمَنِهِ، أَوْ بَعْدَ زَمَنِهِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا.
(فَرْعٌ) يَحْرُمُ دُخُولُ بَلَدِ الطَّاعُونِ وَالْخُرُوجُ مِنْهَا بِلَا حَاجَةٍ لِوُجُودِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ، وَلَا يُكْرَهُ الْفِرَارُ مِنْ غَيْرِ الطَّاعُونِ نَحْوَ حَائِطٍ مَائِلٍ إلَى السُّقُوطِ، وَهَدَفٍ وَحَجَرٍ وَحَرِيقٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُ. قَوْلُهُ:(وَالْمَيِّتِ عِشْقًا) أَيْ وَلَمْ يَتَسَبَّبْ فِيهِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، وَسَوَاءٌ كَانَ لِمَنْ يَحْرُمُ عِشْقُهُ كَالْمُرْدِ أَوْ لَا، وَشَرْطُهُ أَنْ يَكْتُمَ وَيَعِفَّ عَمَّا يَحْرُمُ وَلَوْ بِنَحْوِ نَظَرٍ. قَوْلُهُ:(وَالْمَيِّتَةِ طَلْقًا) وَلَوْ مِنْ زِنًى مَا لَمْ تَتَسَبَّبْ فِي الْإِجْهَاضِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَقْتُولُ ظُلْمًا) وَلَوْ بِحَسَبِ الْهَيْئَةِ كَمَا قِيلَ، وَمِنْ هَذَا الْقِسْمِ مَنْ مَاتَ فِي غُرْبَةٍ أَوْ بِهَدْمٍ أَوْ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ. وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: أَنَّهُ إنْ كَانَ سَبَبُ الْمَوْتِ مَعْصِيَةً كَشَرْقٍ بِشُرْبِ خَمْرٍ، أَوْ رُكُوبِ بَحْرٍ لِشُرْبِهِ، أَوْ تَسْيِيرِ سَفِينَةٍ فِي وَقْتِ رِيحٍ عَاصِفٍ كَمَا مَرَّ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَغَيْرُ شَهِيدٍ، وَإِلَّا فَشَهِيدٌ وَلَا يَضُرُّ مُقَارَنَةُ مَعْصِيَةٍ لَيْسَتْ سَبَبًا كَزِنًى وَنُشُوزٍ، وَإِبَاقٍ وَشُرْبِ خَمْرٍ كَرَاكِبِ سَفِينَةٍ لِغَيْرِ شُرْبِهِ فَتَأَمَّلْ
قَوْلُهُ: (جُنُبٌ) أَوْ
ــ
[حاشية عميرة]
بُلُوغِهِ إمْكَانَ نَفْخِ الرُّوحِ قَدْ اتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ السَّتْرِ بِخِرْقَةٍ سَوَاءٌ أَوْجَبْنَا الْغُسْلَ أَمْ لَا، وَذُكِرَ أَنَّ الرَّافِعِيَّ فَسَّرَ ذَلِكَ بِمَا يَكُونُ عَلَى غَيْرِ هَيْئَةِ التَّكْفِينِ، وَأَطَالَ السُّبْكِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ فَسَّرَ ذَلِكَ بِوَضْعِ خِرْقَةٍ مِنْ غَيْرِ إحَاطَةٍ بِهِ كَإِحَاطَةِ الْكَفَنِ لَاسْتَقَامَ الْكَلَامُ
. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ مَاتَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنَّفَ رحمه الله ذَكَرَ فِي ضَابِطِ الشَّهِيدِ ثَلَاثَ قُيُودٍ: الْمَوْتُ حَالَ الْقِتَالِ، وَكَوْنُهُ قِتَالَ كُفَّارٍ، وَكَوْنُهُ بِسَبَبِ الْقِتَالِ فَذَكَرَ هُنَا ثَلَاثَ مَسَائِلَ لِبَيَانِ مَا خَرَجَ بِتِلْكَ الْقُيُودِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ) اسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِأَنَّ أَسْمَاءَ غَسَّلَتْ ابْنَهَا ابْنَ الزُّبَيْرِ وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (كَأَنْ مَاتَ بِمَرَضٍ إلَخْ) جَعَلَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَغْتَالَهُ كَافِرٌ، وَعِبَارَتُهُ إذَا مَاتَ فِي مُعْتَرَكِ الْكُفَّارِ لَا بِسَبَبِ الْقِتَالِ، كَمَا إذَا مَاتَ بِمَرَضٍ أَوْ فَجْأَةً أَوْ اغْتَالَهُ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ انْتَهَى، وَفِيهِ نَظَرٌ
. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ: الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ لَا فِي غُسْلِ الْمَوْتِ، انْتَهَى. أَقُولُ: فَعَلَيْهِ