الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرَّأْسِ لَمْ يَضُرَّ، وَلَوْ كَانَ بِهِ تَخَرُّقٌ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ ضَرَّ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَلَوْ تَخَرَّقَتْ الْبِطَانَةُ أَوْ الظِّهَارَةُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِمَا وَالْبَاقِي صَفِيقٌ لَمْ يَضُرَّ وَإِلَّا ضَرَّ، وَلَوْ تَخَرَّقَتَا مِنْ مَوْضِعَيْنِ غَيْرِ مُتَحَاذِيَيْنِ لَمْ يَضُرَّ (طَاهِرًا) بِخِلَافِ النَّجِسِ كَالْمُتَّخَذِ مِنْ جِلْدِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْمُتَنَجِّسُ فَلَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَيْهِ إذْ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهِ الَّتِي هِيَ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْ الْمَسْحِ، وَمَا عَدَاهَا مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَنَحْوِهِ كَالتَّابِعِ لَهَا نَعَمْ لَوْ كَانَ بِأَسْفَلِ الْخُفِّ نَجَاسَةٌ مَعْفُوٌّ عَنْهَا مَسَحَ مِنْهُ مَا لَا نَجَاسَةَ عَلَيْهِ، ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ كَالْوَجِيزِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا، فَيُسْتَفَادُ بِالْمَسْحِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَبْلَ التَّطْهِيرِ عَنْ النَّجَاسَةِ مَسُّ الْمُصْحَفِ، وَحَمْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ. (يُمْكِنُ اتِّبَاعُ الْمَشْيِ فِيهِ لِتَرَدُّدِ مُسَافِرٍ لِحَاجَاتِهِ) عِنْدَ الْحَطِّ وَالتَّرْحَالِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ بِخِلَافِ مَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لِغِلَظِهِ كَالْخَشَبَةِ الْعَظِيمَةِ، أَوْ رِقَّتِهِ كَجَوْرَبِ الصُّوفِيَّةِ، وَالْمُتَّخَذُ مِنْ الْجِلْدِ الضَّعِيفِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَسَعَتِهِ أَوْ ضِيقِهِ فَلَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ ضَيِّقًا يَتَّسِعُ بِالْمَشْيِ عَنْ قُرْبٍ كَفَى الْمَسْحُ عَلَيْهِ. (قِيلَ: وَحَلَالًا) فَلَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَى الْمَغْصُوبِ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ، وَالرُّخَصُ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي، وَالْأَصَحُّ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فَيَكْفِي الْمَسْحُ عَلَى الْمَغْصُوبِ كَالْوُضُوءِ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ وَعَلَى الْمَسْرُوقِ وَعَلَى الْحَرِيرِ لِلرَّجُلِ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ حَلَالًا وَسَاتِرًا وَمَا بَيْنَهُمَا أَحْوَالٌ مِنْ ضَمِيرِ يُلْبَسُ، أَيْ وَهُوَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ (وَلَا يُجْزِئُ مَنْسُوجٌ لَا يَمْنَعُ مَاءً) أَيْ نُفُوذَهُ إلَى الرِّجْلِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ لَوْ صَبَّ عَلَيْهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَالنِّهَايَةِ مَعَ نُفُوذِهِ قَوِيًّا كَمَا فِي الْبَسِيطِ.
(فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ خِلَافُ الْغَالِبِ مِنْ الْخِفَافِ الْمُنْصَرِفِ إلَيْهَا نُصُوصُ الْمَسْحِ. وَالثَّانِي يُجْزِئُ كَالْمُتَخَرَّقِ ظِهَارَتُهُ مِنْ مَوْضِعٍ وَبِطَانَتُهُ مِنْ آخَرَ، وَإِنْ نَفَذَ الْمَاءُ مِنْهُ إلَى الرِّجْلِ لَوْ صُبَّ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الْمَنْسُوجُ لَا يَمْنَعُ وُصُولَ بَلَلِ الْمَسْحِ إلَى الرِّجْلِ لِخِفَّتِهِ لَمْ يُجْزِئْ الْمَسْحُ عَلَيْهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهُوَ خَارِجٌ بِشَرْطِ إمْكَانِ اتِّبَاعِ
ــ
[حاشية قليوبي]
الْمَضْمُومُ إلَيْهِ التَّيَمُّمُ يَجِبُ الْإِتْيَانُ بِهِ غُسْلًا وَتَيَمُّمًا لِأَنَّ انْضِمَامَ التَّيَمُّمِ إلَيْهِ جَعَلَهُ مُبِيحًا لَا رَافِعًا، وَقِيلَ يُعِيدُ التَّيَمُّمَ وَغَسْلَ الرِّجْلَيْنِ فَقَطْ، وَصَرِيحُ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ وَلَوْ أَرَادَ فَرْضًا آخَرَ أَوْ أَكْثَرَ، وَهُوَ عَلَى الْوُضُوءِ الَّذِي غَسَلَ رِجْلَيْهِ فِيهِ لَمْ يَجِبْ سِوَى إعَادَةُ التَّيَمُّمِ لِكُلِّ فَرْضٍ. قَوْلُهُ:(سَاتِرًا) يَعْنِي كَوْنَهُ مَانِعًا مِنْ لَمْسِهِ فَيَكْفِي الزُّجَاجُ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (مَحَلُّ فَرْضِهِ) وَلَوْ مِنْ مَحَلِّ الْخَرَزِ. قَوْلُهُ: (غَيْرِ الْأَعْلَى) وَفَارَقَ سَتْرَ الْعَوْرَةِ نَظَرًا لِلْأَصْلِ فِيهِمَا غَالِبًا فَلَا يَرِدُ السَّرَاوِيلُ. قَوْلُهُ: (قَلَّ أَوْ كَثُرَ) وَاغْتَفَرَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ تَخَرُّقًا دُونَ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ، وَاغْتَفَرَ الْإِمَامُ مَالِكٌ التَّخَرُّقَ مُطْلَقًا حَيْثُ أَمْكَنَ الْمَشْيُ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (وَالْمُتَنَجِّسُ) وَلَوْ لِمَا زَادَ عَلَى مَحَلِّ الْفَرْضِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (نَعَمْ لَوْ كَانَ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ عَمَّتْهُ أَوْ سَالَ الْمَاءُ إلَيْهَا، وَمِنْهَا مَحَلُّ خَرَزِهِ بِشَعْرٍ نَجَسٍ وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ، وَيَطْهُرُ ظَاهِرُهُ بِالْغُسْلِ مَعَ التَّرْتِيبِ، وَيُعْفَى عَنْ بَاطِنِهِ إنْ كَانَتْ رِجْلُهُ مُبْتَلَّةً، وَيُصَلِّي فِيهِ الْفَرْضَ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ، وَذِكْرُ الْأَسْفَلِ فِي كَلَامِهِ لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ:(مَا لَا نَجَاسَةَ عَلَيْهِ) فَإِنْ مَسَحَ عَلَى النَّجَاسَةِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا إنْ عَمَّتْهُ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا، وَلَعَلَّ مُفَارَقَتَهُ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ لِنَحْوِ ذَرْقِ الطُّيُورِ فِي الْمَسَاجِدِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ هُنَا أَشَدُّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(وَيُؤْخَذُ إلَخْ) هَذَا مَرْجُوحٌ وَحَمْلُهُ عَلَى نَجَاسَةِ طَرَأَتْ بَعْدَ الْمَسْحِ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (يُمْكِنُ إلَخْ) وَالْمُعْتَبَرُ حَاجَاتُ الْمُسَافِرِ الْغَالِبَةُ فِي الْأَرَاضِيِ الْغَالِبَةِ يَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا لِلْمُسَافِرِ خِلَافًا لِابْنِ حَجٍّ فِي اعْتِبَارِهِ فِي الْمُقِيمِ حَاجَاتِ الْإِقَامَةِ وَالِاعْتِبَارَ فِي الْقُوَّةِ بِأَوَّلِ الْمُدَّةِ لَا عِنْدَ كُلِّ مَسْحٍ، وَلَوْ قَوِيَ عَلَى دُونِ مُدَّةِ الْمُسَافِرِ وَفَوْقَ مُدَّةِ الْمُقِيمِ أَوْ قَدْرَهَا، فَلَهُ الْمَسْحُ بِقَدْرِ قُوَّتِهِ وَالْمُرَادُ قُوَّتُهُ مِنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ مِنْ نَحْوِ مَدَاسٍ. قَوْلُهُ:(وَالْمُتَّخِذُ إلَخْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِلْجَوْرَبِ.
قَوْلُهُ: (ضَيِّقًا يَتَّسِعُ) قَالَ شَيْخُنَا أَوْ وَاسِعًا يَضِيقُ عَنْ قُرْبٍ قَوْلُهُ: (وَالرُّخَصُ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي) أَيْ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَعَاصِي، وَرَدَ بِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمَعْصِيَةُ سَبَبًا لِلرُّخْصَةِ وَالْخُفُّ تُسْتَوْفَى بِهِ الرُّخْصَةُ. قَوْلُهُ:(وَغَيْرِهِ) كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَجِلْدِ الْآدَمِيِّ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِنْجَاءُ بِذَلِكَ الْجِلْدِ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ بِكَوْنِهِ مُحْتَرَمًا. نَعَمْ الْحَرَامُ لِذَاتِهِ كَخُفٍّ لَبِسَهُ مُحْرِمٌ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَا يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ قَطْعًا. قَوْلُهُ:(وَهُوَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ) فَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا حَالَةَ اللُّبْسِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ صَارَ بِهَا قَبْلَ الْحَدَثِ عَلَى الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ.
وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ، وَوَافَقَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: إنَّهُ يَكْفِي لِأَنَّ الْمَقْصُودَ كَوْنُهُ حَالَةَ وُجُوبِ الْمَسْحِ مُتَّصِفًا بِهَا كَمَا لَوْ سَدَّ خَرْقَهُ، أَوْ طَهَّرَهُ بَعْدَ لُبْسِهِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَقَوْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ، فَإِنْ قُلْت إلَخْ لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا الْكَلَامُ فِيهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ:(نُفُوذَهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ مَحَلِّ خَرَزِهِ. قَوْلُهُ: (لَا يَمْنَعُ وُصُولَ بَلَلِ الْمَسْحِ) أَيْ حَالًا فَلَا يَضُرُّ بَعْدَ
ــ
[حاشية عميرة]
الصَّلَاةِ حَضَرًا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ قَصْرُهَا فِي السَّفَرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَعَ قَبْلَ سَفَرِهِ.
[وَشَرْط الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ]
قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالْمُتَّخَذُ مِنْ الْجِلْدِ الضَّعِيفِ) هَذَا
الْمَشْيِ
(وَلَا) يُجْزِئُ (جُرْمُوقَانِ فِي الْأَظْهَرِ) هُمَا خُفٌّ فَوْقَ كُلٍّ مِنْهُمَا صَالِحٌ لِلْمَسْحِ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ وَرَدَتْ فِي الْخُفِّ لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ. وَالْجُرْمُوقُ لَا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ. وَالثَّانِي يُجْزِئُ لِأَنَّ شِدَّةَ الْبَرْدِ قَدْ تُحْوِجُ إلَى لُبْسِهِ، وَفِي نَزْعِهِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ لِلْمَسْحِ عَلَى الْأَسْفَلِ مَشَقَّةٌ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُدْخِلُ يَدَهُ بَيْنَهُمَا وَيَمْسَحُ الْأَسْفَلَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْأَسْفَلُ صَالِحًا لِلْمَسْحِ فَهُوَ كَاللِّفَافَةِ. وَيَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْأَعْلَى جَزْمًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْأَعْلَى صَالِحًا لِلْمَسْحِ، فَهُوَ كَخِرْقَةٍ تُلَفُّ عَلَى الْأَسْفَلِ فَإِنْ مَسَحَ الْأَسْفَلَ أَوْ الْأَعْلَى، وَوَصَلَ الْبَلَلُ إلَى الْأَسْفَلِ بِقَصْدِهِ أَوْ قَصْدِهِمَا أَوْ أَطْلَقَ أَجْزَأَ، وَإِنْ قَصَدَ الْأَعْلَى فَقَطْ فَلَا، وَلَوْ لَمْ يَصْلُحْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِلْمَسْحِ فَوَاضِحٌ أَنَّهُ لَا إجْزَاءَ.
(وَيَجُوزُ مَشْقُوقُ قَدَمٍ شُدَّ) بِالْعُرَى (فِي الْأَصَحِّ) لِحُصُولِ السِّتْرِ وَالِارْتِفَاقِ بِهِ.
وَالثَّانِي لَا كَمَا لَوْ لَفَّ عَلَى قَدَمِهِ قِطْعَةَ أُدُمٍ وَأَحْكَمَهَا بِالشَّدِّ فَإِنَّهُ لَا يَمْسَحُ عَلَيْهَا، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِعُسْرِ الِارْتِفَاقِ بِهَا فِي الْإِزَالَةِ وَالْإِعَادَةِ مَعَ اسْتِيفَازِ الْمُسَافِرِ، وَلَوْ فُتِحَتْ الْعُرَى بَطَلَ الْمَسْحُ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْ الرِّجْلِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ إذَا مَشَى ظَهَرَ.
(وَيُسَنُّ مَسْحُ أَعْلَاهُ) السَّاتِرِ لِمُشْطِ الرِّجْلِ (وَأَسْفَلِهِ خُطُوطًا) بِأَنْ يَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى تَحْتَ الْعَقِبِ وَالْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ الْأَصَابِعِ ثُمَّ يُمِرَّ الْيُمْنَى إلَى سَاقِهِ وَالْيُسْرَى إلَى أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ مِنْ تَحْتٍ مُفَرِّجًا بَيْنَ أَصَابِعِ يَدَيْهِ، وَلَا يُسَنُّ اسْتِيعَابُهُ بِالْمَسْحِ، وَيُكْرَهُ تَكْرَارُهُ وَكَذَا غَسْلُ الْخُفِّ، وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ، لَوْ وَضَعَ يَدَهُ الْمُبْتَلَّةَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُمِرَّهَا أَوْ قَطَّرَ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ، وَقِيلَ لَا، وَيُجْزِئُ بِخِرْقَةٍ
ــ
[حاشية قليوبي]
طُولِ الْمُدَّةِ.
قَوْلُهُ: (هُمَا خُفٌّ إلَخْ) كَلَامُهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ يُسَمَّى جُرْمُوقًا.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهَذَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَأَصْلُ الْجُرْمُوقِ شَيْءٌ يُلْبَسُ كَالْخُفِّ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ اسْمٌ لِلْأَعْلَى فَقَطْ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ لَا يُنَافِيهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ:(بِأَنَّهُ يُدْخِلُ يَدَهُ) مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْأَعْلَى) .
قَالَ شَيْخُنَا: مَا لَمْ يَقْصِدْ الْأَسْفَلَ لِأَنَّهُ صَارِفٌ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ مَسَحَ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ رُجُوعُهُ لِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَعْلَى صَالِحًا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَا صَالِحَيْنِ، وَيُمْكِنُ شُمُولُ كَلَامِهِ لَهُ وَلَوْ خَاطَ أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ فِي الصُّورَتَيْنِ كَانَا كَخُفٍّ وَاحِدٍ لَهُ ظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ.
قَالَهُ شَيْخُنَا، وَيُتَّجَهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي مَسْحُ غَيْرِ الْأَعْلَى فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(قَصَدَ الْأَعْلَى فَقَطْ) قَالَ شَيْخُنَا: أَوْ قَصَدَ وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ، وَخَالَفَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ وَالطَّبَلَاوِيُّ وَقَالَا بِالِاكْتِفَاءِ فِيهَا.
قَوْلُهُ: (بِالْعَرَى) وَتُسَمَّى الشَّرَجُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ وَبِالْجِيمِ. قَوْلُهُ: (فُتِحَتْ الْعَرَى) أَيْ كُلُّهَا، وَكَذَا بَعْضُهَا إذَا ظَهَرَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الرَّجُلِ لَوْ مَشَى. قَوْلُهُ:(لِأَنَّهُ إذَا مَشَى ظَهَرَ) فَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ لَمْ يَضُرَّ وَفَارَقَ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ وَجَيْبُهُ وَاسِعٌ بِأَنَّ الْمُضِرَّ هُنَاكَ رُؤْيَةُ الْعَوْرَةِ بِالْفِعْلِ لَوْ تَأَمَّلَهَا.
(فَرْعٌ) لَوْ لَبِسَ خُفًّا عَلَى جَبِيرَةٍ وَاجِبُهَا الْمَسْحُ بِأَنْ أَخَذَتْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا لَمْ يَكْفِ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَإِنْ مَسَحَ الْجَبِيرَةَ دَاخِلَهُ فَإِنْ لَمْ يَجِبْ مَسْحُهَا كَفَى مَسْحُهُ وَلَا يَضُرُّ نَحْوُ شَمْعٍ عَلَى الرَّجُلِ طَرَأَ بَعْدَ غُسْلِهَا وَلَوْ قَبْلَ لُبْسِ الْخُفِّ.
قَوْلُهُ: (إلَى سَاقِهِ) قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ: إلَى أَوَّلِهِ لِأَنَّهُ لَا يُنْدَبُ التَّحْجِيلُ فِيهِ.
وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ: إنَّهُ يُنْدَبُ فِيهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ إلَى آخِرِ سَاقِهِ. وَحَمْلُ شَيْخِنَا الْآخَرَ فِيهِ عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ آخِرُ السَّاقِ مِنْ جِهَةِ أَسْفَلِهِ فِيهِ نَظَرٌ قَوْلُهُ: (وَلَا يُسَنُّ اسْتِيعَابُهُ بِالْمَسْحِ) فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ تَكْرَارُهُ إلَى آخِرِهِ) عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَعِيبُهُ وَيُفْسِدُهُ وَمُقْتَضَاهُ
ــ
[حاشية عميرة]
بِلَفْظِهِ جَعَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ تَفْسِيرَ الْجَوَارِبِ الصُّوفِيَّةِ وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ، وَكَذَا الْجَوَارِبُ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ الْجِلْدِ الَّتِي تُلْبَسُ مَعَ الْمُكَعَّبِ، وَهِيَ الْجَوَارِبُ الصُّوفِيَّةُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا حَتَّى تَكُونَ بِحَيْثُ يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهَا وَتَمْنَعُ نُفُوذَ الْمَاءِ إنْ اعْتَبِرْنَا ذَلِكَ، إمَّا لِصَفَاقَتِهَا أَوْ لِتَجْدِيدِ الْقَدَمَيْنِ أَوْ النَّعْلِ عَلَى الْأَسْفَلِ. قَوْلُ الشَّارِحِ:(مَعَ كَوْنِهِ قَوِيًّا كَمَا فِي الْبَسِيطِ) فَفِي الْبَسِيطِ اعْتَبَرَ النُّفُوذَ وَالصَّبَّ وَالْقُوَّةَ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُجْزِئُ جُرْمُوقَانِ) هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَالْجُرْمُوقُ خُفٌّ فَوْقَ خُفٍّ، كَذَا عَرَّفُوهُ، وَحِينَئِذٍ فَكُلُّ رِجْلٍ فِيهَا جُرْمُوقٌ وَهُوَ الْخُفُّ الْأَعْلَى، وَالثَّنْيَةُ فِي الْمَتْنِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ. قَوْلُ الشَّارِحِ:(هُمَا خُفٌّ إلَخْ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا خُفٌّ، أَوْ أَرَادَ بَيَانَ حَقِيقَةِ الْجُرْمُوقِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ خُصُوصِ التَّثْنِيَةِ، هَذَا وَلَكِنْ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ كَمَا تَرَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَسْفَلِ وَالْأَعْلَى يُسَمَّى جُرْمُوقًا، وَأَنَّ فِي كُلِّ رِجْلٍ جُرْمُوقَيْنِ، وَفِيهِ بُعْدٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ:(كُلٌّ مِنْهُمَا صَالِحٌ) بَيَّنَ بِهِ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ هِيَ مَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ دُونَ بَاقِي الصُّوَرِ الْآتِيَةِ فِي كَلَامِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالثَّانِي يُجْزِئُ) أَيْ وَيَكُونُ الْأَعْلَى بَدَلًا عَنْ الْخُفِّ الْأَسْفَلِ، وَالْأَسْفَلُ بَدَلًا عَنْ الرِّجْلِ، هَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ ثُمَّ عَلَى الْجَوَازِ أَيْضًا يَجُوزُ ثَالِثٌ وَأَكْثَرُ وَاعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ يُشْكِلُ عَلَيْهِ تَجْوِيزُ تَعَدُّدِ الِانْتِظَارِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ مَعَ أَنَّ السُّنَّةَ إنَّمَا وَرَدَتْ بِانْتِظَارَيْنِ فَمَا الْفَرْقُ. قَوْلُ الشَّارِحِ:(فَإِنْ مَسَحَ الْأَسْفَلَ إلَخْ)
وَغَيْرِهَا.
(وَيَكْفِي مُسَمَّى مَسْحٍ يُحَاذِي الْفَرْضَ) مِنْ ظَاهِرِ الْخُفِّ دُونَ بَاطِنِهِ الْمُلَاقِي لِلْبَشَرَةِ فَلَا يَكْفِي كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ اتِّفَاقًا. (إلَّا أَسْفَلَ الرِّجْلِ وَعَقِبَهَا فَلَا) يَكْفِي (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا وَرَدَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَعْلَى فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ وُقُوفًا عَلَى مَحَلِّ الرُّخْصَةِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي وَهُوَ مُخَرَّجٌ يَكْفِي قِيَاسًا عَلَى الْأَعْلَى، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ وَبَعْضُهُمْ بِالثَّانِي، وَالْعَقِبُ مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ (قُلْت: حَرْفُهُ كَأَسْفَلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فِي أَنَّهُ لَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ لِقُرْبِهِ مِنْهُ.
(وَلَا مَسَحَ لِشَاكٍّ فِي بَقَاءِ الْمُدَّةِ) كَأَنْ شَكَّ فِي وَقْتِ الْحَدَثِ بَعْدَ اللُّبْسِ لِأَنَّ الْمَسْحَ رُخْصَةٌ بِشُرُوطٍ مِنْهَا الْمُدَّةُ، فَإِذَا شَكَّ فِيهَا رَجَعَ إلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْغُسْلُ (فَإِنْ أَجْنَبَ) لَابِسُ الْخُفِّ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ (وَجَبَ) عَلَيْهِ (تَجْدِيدُ لُبْسٍ) إنْ أَرَادَ الْمَسْحَ بِأَنْ يَنْزِعَ وَيَتَطَهَّرَ ثُمَّ يَلْبِسَ، وَذَاكَ اللُّبْسُ انْقَطَعَتْ مُدَّةُ الْمَسْحِ فِيهِ بِالْجِنَايَةِ لِأَمْرِ الشَّارِعِ بِنَزْعِ الْخُفِّ مِنْ أَجْلِهَا فِي حَدِيثِ صَفْوَانَ، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا إذَا كُنَّا مُسَافِرِينَ أَوْ سَفْرًا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ» ، صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، دَلَّ الْأَمْرُ بِالنَّزْعِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْمَسْحِ فِي الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ لِأَجْلِ الْجَنَابَةِ فَهِيَ مَانِعَةٌ مِنْ الْمَسْحِ قَاطِعَةٌ لِمُدَّتِهِ حَتَّى لَوْ اغْتَسَلَ لَابِسًا لَا يَمْسَحُ بَقِيَّتَهَا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْكِفَايَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ مُدَّةُ الْمَسْحِ أَنَّهُ يَمْسَحُ بَقِيَّتَهَا لِارْتِفَاعِ الْمَانِعِ
(وَمَنْ نَزَعَ) خُفَّيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فِي الْمُدَّةِ أَوْ انْتَهَتْ (وَهُوَ بِطُهْرِ الْمَسْحِ غَسَلَ قَدَمَيْهِ) لِبُطْلَانِ طُهْرِهِمَا بِالنَّزْعِ أَوْ الِانْتِهَاءِ. (وَفِي قَوْلٍ يَتَوَضَّأُ) لِبُطْلَانِ كُلِّ الطَّهَارَةِ بِبُطْلَانِ بَعْضِهَا كَالصَّلَاةِ، وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَابْنِ الْمُنْذِرِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَيُصَلِّي بِطَهَارَتِهِ.
ــ
[حاشية قليوبي]
طَلَبُ ذَلِكَ أَوْ عَدَمُ كَرَاهَتِهِ لَوْ كَانَ مِنْ نَحْوِ خَشَبٍ، قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ كَذَلِكَ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (مُسَمَّى مَسْحٍ) لِأَنَّهُ أَصْلٌ كَمَا مَرَّ، وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ بِوُجُوبِ تَعْمِيمِهِ إلَّا مَوَاضِعَ الْغُضُونِ أَيْ الثَّنَيَاتِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ بِوُجُوبِ قَدْرِ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ مِنْهُ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِوُجُوبِ أَكْثَرِهِ. قَوْلُهُ:(مِنْ ظَاهِرِ الْخُفِّ) دَخَلَ فِيهِ عُرَاهُ وَخَيْطٌ مُتَّصِلٌ بِهِ لَا شَعْرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى خُفًّا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ صِحَّةَ مَسْحِ شَعْرِ الرَّأْسِ. قَوْلُهُ (دُونَ بَاطِنِهِ) وَإِنْ نَفَذَ إلَى ظَاهِرِهِ. نَعَمْ إنْ نَفَذَ مِنْ مَحَلِّ الْخَرَزِ فَفِيهِ تَفْصِيلُ الْجُرْمُوقِ. قَوْلُهُ:(وَعَقِبَهَا) خَرَجَ بِهِ كَعْبُهَا فَيَكْفِي مَسْحُ مَا يُحَاذِيهِ. قَوْلُهُ: (وَالْعَقِبُ مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ) مِمَّا وَرَاءَ الْكَعْبِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ مَعَ كَسْرِ الْقَافِ، وَبِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا مَعَ سُكُونِ الْقَافِ. قَوْلُهُ:(فِي أَنَّهُ لَا يَكْفِي إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ التَّشْبِيهَ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ فَقَطْ لَا فِي طَلَبِ مَسْحِهِ خُطُوطًا أَيْضًا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ.
قَوْلُهُ: (وَلَا مَسْحَ لِشَاكٍّ) أَيْ لَا يَصِحُّ مَسْحُهُ وَلَا صَلَاتُهُ الْمَرْتَبَةُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ يَجِبُ فِيهَا الْعَمَلُ بِالْيَقِينِ فِي قَدْرِ الْمُدَّةِ وَالصَّلَاةِ، فَلَوْ زَالَ شَكُّهُ بَعْدَهُمَا وَالْمُدَّةُ بَاقِيَةٌ أَعَادَ الْمَسْحُ وَمَا صَلَّاهُ حَالَةَ الشَّكِّ. قَوْلُهُ:(فَإِنْ أَجْنَبَ) وَلَوْ جَنَابَةً مُجَرَّدَةً عَنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَمِثْلُ الْجَنَابَةِ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ لَا غُسْلٌ مَنْذُورٌ وَلَا وَاجِبٌ عَنْ نَجَاسَةٍ اشْتَبَهَتْ فِيهِ فَلَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ وَأَدْخَلَ الْخُفَّ فِيهِمَا لَمْ تَنْقَطِعْ الْمُدَّةُ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ تَجْدِيدُ لُبْسٍ) الْمُرَادُ مِنْهُ انْقِطَاعُ الْمُدَّةِ وَكَانَ الْوَجْهُ أَنْ يُعَيِّرَ بِهِ. قَوْلُهُ: (لَا يَمْسَحُ بَقِيَّتَهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْكِفَايَةِ.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ نَزَعَ إلَخْ) أَيْ أَخْرَجَ رِجْلَهُ مِنْ سَاقِ الْخُفِّ لَا إلَيْهِ إلَّا لِمَا خَرَجَ مِنْهُ عَنْ الِاعْتِدَالِ، وَكَذَا لَوْ خَرَجَ الْخُفُّ عَنْ الصَّلَاحِيَّةِ. قَوْلُهُ:(أَوْ انْتَهَتْ) هُوَ عَطْفٌ عَامٌّ. قَوْلُهُ: (غَسَلَ قَدَمَيْهِ وُجُوبًا) وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ نِيَّاتِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ نِيَّتَهُ الْأُولَى مُنَزَّلَةٌ عَلَى الْمَسْحِ وَقَدْ زَالَ وَشَمِلَ ذَلِكَ دَائِمَ الْحَدَثِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَيَسْتَبِيحُ مَا كَانَ لَهُ لَوْ بَقِيَ لُبْسُهُ كَمَا تَقَدَّمَ.
ــ
[حاشية عميرة]
مِثْلُ ذَلِكَ يَجْرِي فِي مَسْأَلَةِ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَةِ بِأَنْ يُصَوِّرَ وُصُولَ الْبَلَلِ إلَى الْأَسْفَلِ مِنْ مَحَلِّ الْخَرَزِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَكْفِي مُسَمَّى مَسْحٍ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ بِالتَّقْدِيرِ بِثَلَاثَةِ أَصَابِعَ وَلِمَالِكٍ فِي التَّعْمِيمِ إلَّا مَوَاضِعَ الْغُضُونِ، وَلِأَحْمَدَ فِي التَّقْدِيرِ بِأَكْثَرِ الْخُفِّ لَنَا تَعَرُّضُ النُّصُوصِ لِمُطْلَقِ الْمَسْحِ. قَوْلُ الشَّارِحِ:.
(أَوْ سَفْرًا) جَمْعُ سَافِرٍ كَرَاكِبٍ وَرَكْبٍ، قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَوْلُ الشَّارِحِ:(دَلَّ الْأَمْرُ بِالنَّزْعِ) وَجْهُ اسْتِفَادَةِ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ صَفْوَانَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَيْسَ مِنْ يَأْمُرُنَا بَلْ مِنْ عَدَمِ النَّزْعِ، وَكُلٌّ مِنْ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَوْرِدٌ وَمَحَلٌّ لِلطَّلَبِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ يَأْمُرُنَا، فَيَكُونُ الْإِثْبَاتُ الَّذِي أَفَادَهُ الِاسْتِثْنَاءُ مَطْلُوبًا وَمَأْمُورًا بِهِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى:{أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ} [يوسف: 40]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (غَسَلَ قَدَمَيْهِ) أَيْ وَالظَّاهِرُ انْقِطَاعُ الْمُدَّةِ أَيْضًا كَمَا فِي الْجَنَابَةِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي الْكِفَايَةِ صَرَّحَ بِأَنَّ نَزْعَ الرِّجْلِ مِنْ الْخُفِّ مُبْطِلٌ لِلْمُدَّةِ.