المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

(وَأَرْكَانُهُ) أَيْ التَّيَمُّمِ (نَقْلُ التُّرَابِ) إلَى الْعُضْوِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي - حاشيتا قليوبي وعميرة - جـ ١

[القليوبي]

فهرس الكتاب

- ‌أحمد سلامة القليوبي

- ‌أحمد البرلسي عميرة

- ‌[المقدمة]

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌[الْمَاء الْمُشْمِس]

- ‌[الْمَاء الْمُسْتَعْمَل فِي الطَّهَارَة]

- ‌[حُكْمُ الْمَاءِ الْجَارِي]

- ‌ اشْتَبَهَ مَاءٌ طَاهِرٌ بِنَجِسٍ)

- ‌[اشْتَبَهَ مَاءٌ وَبَوْلٌ]

- ‌ اسْتَعْمَلَ مَا ظَنَّهُ) الطَّاهِرَ مِنْ الْمَاءَيْنِ بِالِاجْتِهَادِ

- ‌بَابُ أَسْبَابِ الْحَدَثِ

- ‌(فَصْلٌ فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ)

- ‌بَابُ الْوُضُوءِ

- ‌[سُنَن الْوُضُوء]

- ‌بَابُ مَسْحِ الْخُفِّ

- ‌[مُدَّة الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[وَشَرْط الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ]

- ‌بَابُ الْغُسْلِ

- ‌[مُوجِبَاتُ الْغُسْلِ]

- ‌[وَأَقَلّ الْغُسْلِ عَنْ الْجَنَابَةِ]

- ‌بَابُ النَّجَاسَةِ

- ‌[المولاة فِي الْغُسْل]

- ‌بَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌(فَصْلٌ) : (يُتَيَمَّمُ بِكُلِّ تُرَابٍ طَاهِرٍ)

- ‌[أَرْكَان التَّيَمُّمِ]

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ)

- ‌(وَأَقَلُّ النِّفَاسِ)

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌(وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ لِأَوَّلِ الْوَقْتِ)

- ‌[فَصْلٌ عَلَى مَنْ تَجِبُ الصَّلَاةُ]

- ‌[فَصْلُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَة]

- ‌(فَصْلُ: اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ)

- ‌بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ

- ‌[سُنَن الصَّلَاة]

- ‌[الْقُنُوت فِي صَلَاة الصُّبْح]

- ‌[الْقُنُوتُ فِي سَائِرِ الْمَكْتُوبَاتِ]

- ‌[جلسة الِاسْتِرَاحَة]

- ‌[بَاب شُرُوطُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ مُبْطِلَات الصَّلَاةُ]

- ‌ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[بَاب سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌بَابٌ فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ

- ‌[بَاب صَلَاةُ النَّفْلِ]

- ‌(تَخْصِيص لَيْلَة الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ)

- ‌كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ

- ‌[فَصْلٌ اقْتِدَاؤُهُ بِمَنْ يَعْلَمُ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ]

- ‌[قُدْوَةُ أُمِّيٍّ بِمِثْلِهِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌فَصْلٌ (لَا يَتَقَدَّمُ) الْمَأْمُومُ (عَلَى إمَامِهِ

- ‌ ارْتِفَاعُ الْمَأْمُومِ عَلَى إمَامِهِ وَعَكْسُهُ

- ‌(فَصْلٌ شَرْطُ الْقُدْوَةِ)

- ‌ تَعْيِينُ الْإِمَامِ) فِي النِّيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ

- ‌(تَتِمَّةٌ) إذَا رَكَعَ الْمَأْمُومُ قَبْلَ الْإِمَامِ وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ

- ‌(فَصْلٌ) إذَا (خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ) بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

- ‌(فَصْلٌ طَوِيلُ السَّفَرِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا هَاشِمِيَّةً)

- ‌[فَصْلٌ الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ كَذَلِكَ فِي السَّفَرِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ الْغُسْلُ لِمَنْ يُرِيدُ حُضُورَ الْجُمُعَةَ]

- ‌[فَصْلٌ أَدْرَكَ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ وَاسْتَمَرَّ مَعَهُ إلَى أَنْ سَلَّمَ]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌(فَصْلٌ: يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ بِفَرْشٍ وَغَيْرِهِ)

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(فَصْلٌ: يُنْدَبُ التَّكْبِيرُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَتَيْ الْعِيدِ)

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌[بَابٌ تَرَكَ الْمُكَلَّفُ الصَّلَاةَ الْمَعْهُودَةَ الصَّادِقَةَ بِإِحْدَى الْخَمْسِ جَاحِدًا وُجُوبَهَا]

- ‌كِتَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌[تَتِمَّةٌ تَارِكُ الْجُمُعَةِ]

- ‌(فَصْلٌ: يُكَفَّنُ بِمَا لَهُ لُبْسُهُ حَيًّا)

- ‌[فَصْلٌ أَرْكَانٌ صَلَاة الْجِنَازَةُ]

- ‌الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌[فَرْعٌ الْوَلِيَّ أَوْلَى بِإِمَامَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ الْوَالِي]

- ‌(فَصْلٌ: أَقَلُّ الْقَبْرِ

- ‌ الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌ طَلَبُ الْمَوْتِ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ)

- ‌[الْأَحَقّ بِتَغْسِيلِ الْكَافِر]

- ‌(وَالدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ

- ‌ سَتْرُ الْقَبْرِ بِثَوْبٍ) عِنْدَ الدَّفْنِ

- ‌[الدّفن فِي تَابُوت]

- ‌(الدَّفْنُ لَيْلًا

- ‌ تَجْصِيصُ الْقَبْرِ وَالْبِنَاءُ) عَلَيْهِ (وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ)

الفصل: (وَأَرْكَانُهُ) أَيْ التَّيَمُّمِ (نَقْلُ التُّرَابِ) إلَى الْعُضْوِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي

(وَأَرْكَانُهُ) أَيْ التَّيَمُّمِ (نَقْلُ التُّرَابِ) إلَى الْعُضْوِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْآيَةِ وَفِي ضِمْنِ النَّقْلِ الْوَاجِبِ قَرْنُ النِّيَّةِ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي الْقَصْدُ، إنَّمَا صَرَّحُوا بِهِ أَوَّلًا رِعَايَةً لِلَفْظِ الْآيَةِ، عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً اكْتَفَوْا عَنْ التَّصْرِيحِ بِهِ بِالنَّقْلِ، ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ بِأَصْرَحَ مِمَّا فِي الْكَبِيرِ. (فَلَوْ نَقَلَ) التُّرَابَ (مِنْ وَجْهٍ إلَى يَدٍ) بِأَنْ حَدَثَ عَلَيْهِ بَعْدَ مَسْحِهِ (أَوْ عَكَسَ) أَيْ نَقَلَهُ مِنْ يَدٍ إلَى وَجْهٍ (كَفَى فِي الْأَصَحِّ) وَكَذَا لَوْ أَخَذَهُ مِنْ الْعُضْوِ وَرَدَّهُ إلَيْهِ يَكْفِي فِي الْأَصَحِّ، وَالثَّانِي لَا يَكْفِي فِيهِمَا لِأَنَّهُ نَقْلٌ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ كَالنَّقْلِ مِنْ بَعْضِ الْعُضْوِ إلَى بَعْضِهِ، وَدُفِعَ بِأَنَّهُ بِالِانْفِصَالِ انْقَطَعَ حُكْمُ ذَلِكَ الْعُضْوِ عَنْهُ بِخِلَافِ تَرْدِيدِهِ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فِي الْأَوْلَى لَوْ نَقَلَ مِنْ إحْدَى الْيَدَيْنِ إلَى الْأُخْرَى بِخِرْقَةٍ مَثَلًا فَفِيهِ وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ، أَحَدُهُمَا: لَا يَكْفِي لِأَنَّهُمَا كَعُضْوٍ وَاحِدٍ. وَالثَّانِي وَصَحَّحَهُ فِي الْجَوَاهِرِ يَكْفِي لِانْفِصَالِ التُّرَابِ، وَلَوْ تَمَعَّكَ فِي التُّرَابِ بِالْعُضْوِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ قِيلَ لَا يَكْفِي لِعَدَمِ النَّقْلِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكْفِي لِأَنَّهُ نَقْلٌ بِالْعُضْوِ الْمَمْسُوحِ إلَيْهِ، ذَكَرَ التَّعْلِيلَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ.

(وَنِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ) أَوْ نَحْوِهَا كَالطَّوَافِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ (لَا رَفْعِ الْحَدَثِ) لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُهُ. (وَلَوْ نَوَى فَرْضَ التَّيَمُّمِ لَمْ يَكْفِ

ــ

[حاشية قليوبي]

تَنْبِيهٌ) سَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِعُزُوبِ النِّيَّةِ وَالْحَدَثِ.

[أَرْكَان التَّيَمُّمِ]

قَوْلُهُ: (وَأَرْكَانُهُ) عَدَّهَا الْمُصَنِّفُ خَمْسَةً كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ وَعَدَّهَا فِي الرَّوْضَةِ سَبْعَةً بِجَعْلِ الْقَصْدِ وَالتُّرَابِ رُكْنَيْنِ، وَمَالَ شَيْخُنَا إلَى مُوَافَقَتِهِ فِي التُّرَابِ فَهِيَ عِنْدَهُ سِتَّةٌ، وَفَارَقَ عَدَمَ عَدِّ الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ لِضَعْفِ التَّيَمُّمِ، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ:(نَقْلُ التُّرَابِ) فَلَا يُشْتَرَطُ الضَّرْبُ وَالْمُرَادُ بِهِ وُجُودُ النِّيَّةِ قَبْلَ مُمَاسَّةِ الْوَجْهِ حَالَةَ كَوْنِ التُّرَابِ عَلَى مَا يُمْسَحُ بِهِ كَالْيَدِ. قَوْلُهُ: (وَفِي ضِمْنِ النَّقْلِ إلَخْ) أَيْ قَصْدِ التُّرَابِ جُزْءٌ مِنْ النِّيَّةِ الْمُقَارِنَةِ لِلنَّقْلِ فَلَا يُوجَدُ انْفِكَاكُهُ عَنْهُ، فَالْمُرَادُ النِّيَّةُ وَالنَّقْلُ الْمُعْتَبَرَانِ شَرْعًا، فَسَقَطَ مَا قِيلَ لَا يَلْزَمُ مِنْ النَّقْلِ الْقَصْدُ وَلَا عَكْسُهُ. قَوْلُهُ:(رِعَايَةً لِلَّفْظِ الْآيَةِ) إذْ لَيْسَ فِيهِ مَعْنًى زَائِدٌ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (ذَكَرَهُ) .

قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ: ضَمِيرُهُ يَعُودُ لِقَوْلِهِ وَفِي ضِمْنِ إلَخْ، وَقَالَ غَيْرُهُ: عَائِدٌ لِقَوْلِهِ عَلَى أَنَّ إلَخْ، وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ الْعُضْوِ بَلْ وَلَا يَضُرُّ قَصْدُ غَيْرِهِ، فَلَوْ نُقِلَ بِقَصْدِ الْوَجْهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مَسَحَهُ مَسَحَ بِهِ الْيَدَيْنِ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ مَسْحِهِ) أَيْ وَلَمْ يَخْتَلِطْ بِتُرَابٍ مَسَحَهُ. قَوْلُهُ: (فِيهِمَا) أَيْ صُورَتَيْ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ وَجُمِعَ الْمُقَابِلُ لِاتِّحَادِ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأُولَى) قَيَّدَ بِهَا لِكَوْنِهَا فِيهَا نَقْلٌ مِنْ عُضْوٍ إلَى آخِرِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَهُ فِي الْجَوَاهِرِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَصَوَّرَهُ بِالْخِرْقَةِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَسْحُ الْعُضْوِ بِنَفْسِهِ. قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية عميرة]

مِنْ ذَلِكَ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ وُضُوءُ الْجَمَاعَةِ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَرْكَانُهُ إلَخْ) ذَكَرَ لَهُ خَمْسَةَ أَرْكَانٍ وَجَعَلَ الْقَصْدَ شَرْطًا، لَكِنَّهُ فِي الرَّوْضَةِ جَعَلَهَا سَبْعَةً فَعَدَّ الْقَصْدَ وَالتُّرَابَ رُكْنَيْنِ، وَمَا فِي الْمِنْهَاجِ أَوْلَى.

قَالَ بَعْضُهُمْ: جَعْلُ الْقَصْدِ رُكْنًا أَوْلَى مِنْ النَّقْلِ لِتَعَرُّضِ الْآيَةِ لَهُ بِخِلَافِ النَّقْلِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِمَا تَقَدَّمَ) يَعْنِي مِنْ أَنَّ الْقَصْدَ شَرْطٌ وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِالنَّقْلِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَغَيْرُ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ أَوْضَحُ مِنْهُ، انْتَهَى. قَوْلُ الشَّارِحِ:(ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ قَوْلُهُ: وَفِي ضِمْنِ النَّقْلِ إلَى هُنَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَكَذَا لَوْ أَخَذَهُ مِنْ الْعُضْوِ إلَخْ) مِثْلُهُ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ، وَالتَّرْجِيحُ لَوْ سَفَّتْ الرِّيحُ تُرَابًا عَلَى كُمِّهِ فَمَسَحَ بِهِ وَجْهَهُ. نَعَمْ لَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ نَقْلِ التُّرَابِ مِنْ الْأَرْضِ وَقَبْلَ الْمَسْحِ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: بَطَلَ نَقْلُهُ، وَعَلَيْهِ النَّقْلُ ثَانِيًا، وَاسْتُشْكِلَ لِمَا سَلَفَ وَبِمَسْأَلَةِ التَّمَعُّكِ اهـ.

وَأَجَابَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّ مَحَلَّ الِاحْتِيَاجِ إلَى النَّقْلِ ثَانِيًا إذَا لَمْ يُجَدِّدْ النِّيَّةَ بَعْدَ الْحَدَثِ فَإِنْ قُلْت عَلَى مَا قَالَهُ شَيْخُنَا مَتَى يَنْوِي؟ قُلْت: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهَا عِنْدَ رَفْعِ الْيَدِ مُرِيدًا مَسْحَ الْوَجْهِ، وَيَحْتَمِلُ تَخْرِيجَهُ عَلَى التَّمَعُّكِ، فَيَكْتَفِي بِهَا عِنْدَ وُصُولِ التُّرَابِ لِلْوَجْهِ وَفِيهِ بُعْدٌ إذْ النَّظَرُ إلَى ذَلِكَ يَقْتَضِي عَدَمَ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ عِنْدَ أَوَّلِ نَقْلِ التُّرَابِ. نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالتَّمَعُّكِ مَا لَوْ وَضَعَ وَجْهَهُ عَلَى التُّرَابِ الَّذِي بِيَدِهِ مَعَ النِّيَّةِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَقَلَ بِالْعُضْوِ الْمَمْسُوحِ إلَيْهِ كَمَا عَلَّلَ بِذَلِكَ مَسْأَلَةَ التَّمَعُّكِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا الْمَحَلُّ مُشْكِلٌ يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ، فَإِنَّ قَوْلَهُمْ يَجِبُ اقْتِرَانُ النِّيَّةِ بِأَوَّلِ النَّقْلِ وَاسْتِصْحَابُهَا ذِكْرًا إلَى الْمَسْحِ يَشْكُلُ عَلَى مَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَيَرْجَحُ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُ الشَّارِحِ:(وَالثَّانِي لَا يَكْفِي فِيهِمَا) الضَّمِيرُ يُرْجَعُ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ، فَلَوْ نَفَلَ مِنْ وَجْهٍ إلَخْ وَمِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَهُ مِنْ الْعُضْوِ وَرَدَّدَهُ. قَوْلُ الشَّارِحِ:(كَالنَّقْلِ مِنْ بَعْضِ الْعُضْوِ إلَى بَعْضِهِ) يُرِيدُ بِهِ التَّرْدِيدَ عَلَى الْعُضْوِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي بِخِلَافِ تَرْدِيدِهِ عَلَيْهِ يَعْنِي أَنَّ التَّرْدِيدَ الْمَذْكُورَ غَيْرَ كَافٍ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ النَّقْلِ بِهِ لِأَنَّهُ تَرْدِيدٌ لَا نَقْلَ كَمَا سَلَفَ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ، فَلَوْ سَفَتْهُ رِيحٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ:(بِخِلَافِ تَرْدِيدِهِ عَلَيْهِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى نَقْلًا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِانْفِصَالِ التُّرَابِ) أَيْ وَبِهِ يَنْقَطِعُ عَنْ التُّرَابِ حُكْمُ الْمَنْقُولِ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ.

ص: 101

فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَكْفِي كَمَا فِي الْوُضُوءِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا وَلِذَلِكَ لَا يُسْتَحَبُّ تَجْدِيدُهُ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ، وَلَوْ نَوَى التَّيَمُّمَ لَمْ يَكْفِ جَزْمًا. وَالْكَلَامُ هُنَا فِي النِّيَّةِ الْمُصَحِّحَةِ لِلتَّيَمُّمِ فِي الْجُمْلَةِ وَسَيَأْتِي مَا يُسْتَبَاحُ بِهِ بِسَبَبِهَا (وَيَجِبُ قَرْنُهَا بِالنَّقْلِ) أَيْ بِأَوَّلِهِ الْحَاصِلِ بِالضَّرْبِ (وَكَذَا اسْتِدَامَتُهَا إلَى مَسْحِ شَيْءٍ مِنْ الْوَجْهِ عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي لَا اكْتِفَاءً بِقَرْنِهَا بِأَوَّلِ الْأَرْكَانِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ أَوَّلَ الْأَرْكَانِ فِي التَّيَمُّمِ مَقْصُودٌ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْوُضُوءِ (فَإِنْ نَوَى) بِالتَّيَمُّمِ (فَرْضًا وَنَفْلًا) أَيْ اسْتِبَاحَتَهُمَا (أُبِيحَا) لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْفَرْضَ فَيَأْتِي بِأَيِّ فَرْضٍ شَاءَ، وَإِنْ عَيَّنَ فَرْضًا جَازَ لَهُ فِعْلُ فَرْضٍ غَيْرِهِ (أَوْ) نَوَى (فَرْضًا فَلَهُ النَّفَلُ) مَعَهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) تَبَعًا لَهُ، وَفِي قَوْلٍ لَا لِأَنَّهُ لَمْ

ــ

[حاشية قليوبي]

وَإِلَّا صَحَّ أَنَّهُ يَكْفِي) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (لَا رَفْعَ الْحَدَثِ) وَلَا الطَّهَارَةِ عَنْهُ.

(تَنْبِيهٌ) صَرِيحُ كَلَامِهِمْ فِيمَا لَوْ تَعَدَّدَ التَّيَمُّمُ فِي الطَّهَارَةِ الْوَاحِدَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ فِي كُلِّ تَيَمُّمٍ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي نِيَّةُ الْوُضُوءِ فِي غَسْلِ الصَّحِيحِ مِنْهُ لَوْ كَانَ فِيهِ جِرَاحَةٌ عَنْ نِيَّةِ التَّيَمُّمِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَا يَرْفَعُهُ) لِأَنَّهُ مُنْصَرِفٌ إلَى الرَّفْعِ الْعَامِّ فِي الْمَنْعِ أَوْ إلَى الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْصَرِفْ لِلرَّفْعِ الْخَاصِّ لِعَدَمِ الْقَرِينَةِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ وَلَوْ أَرَادَهُ كَفَى، وَيَكْفِي نِيَّةُ الْأَصْغَرِ عَنْ الْأَكْبَرِ غَلَطًا. قَوْلُهُ:(لَمْ يَكْفِ) .

قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَابْنِ حَجَرٍ مَا لَمْ يَقْصِدْ الْبَدَلِيَّةَ عَنْ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ، وَلَمْ يَضُمَّ إلَيْهِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى اسْتِبَاحَةٍ كَصَلَاةٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ. قَوْلُهُ:(وَالثَّانِي يَكْفِي) .

قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَعَلَيْهِ يَسْتَبِيحُ مَا عَدَا الْفَرْضَ. قَوْلُهُ: (لَا يُسْتَحَبُّ تَجْدِيدُهُ) وَلَوْ مَضْمُومًا لِمَغْسُولٍ، وَيُنْدَبُ تَجْدِيدُ الْمَغْسُولِ وَحْدَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ. قَوْلُهُ:(لَمْ يَكْفِ جَزْمًا) أَيْ مَا لَمْ يُوجَدْ مَا مَرَّ أَوْ يَذْكُرْ الْبَدَلِيَّةَ فِي الْغُسْلِ الْمَنْدُوبِ كَنَوَيْتُ التَّيَمُّمَ أَوْ بَدَلًا عَنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ.

(تَنْبِيهٌ) لَوْ قَالَ نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ مُفْتَقِرٍ إلَى تَيَمُّمٍ كَفَى مِنْ الْجُنُبِ دُونَ الْمُحْدِثِ لِشُمُولِهِ لِنَحْوِ الْقِرَاءَةِ.

(فَرْعٌ) لَهُ تَفْرِيقُ نِيَّةِ التَّيَمُّمِ عَلَى أَعْضَائِهِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ. قَوْلُهُ: (بِأَوَّلِهِ الْحَاصِلِ بِالضَّرْبِ) قَيَّدَ بِهِ لِيَصِحَّ ذِكْرُ الِاسْتِدَامَةِ بَعْدَهُ إذْ النَّقْلُ شَامِلٌ لِمَا قُبَيْلَ مَسْحِ الْوَجْهِ كَمَا مَرَّ، وَلَا اسْتِدَامَةَ فِيهِ وَهَذَا التَّفْسِيرُ لِبَعْضِ أَفْرَادِ الْوَاجِبِ، وَهُوَ أَكْمَلُهَا، فَصَحَّ تَسْلِيطُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ:(إلَى مَسْحِ شَيْءٍ مِنْ الْوَجْهِ) وَهَذِهِ الْغَايَةُ دَاخِلَةٌ فِي الْمُغَيَّا لِمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا) أَيْ لَا تَجِبُ الِاسْتِدَامَةُ الْمَذْكُورَةُ. قَوْلُهُ: (اكْتِفَاءً إلَى آخِرِهِ) صَرِيحُ مَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا لَمْ تُوجَدْ النِّيَّةُ بَعْدَ النَّقْلِ لَا مَعَ الْوَجْهِ وَلَا قَبْلَهُ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهَا إذَا وُجِدَتْ مَعَ الْوَجْهِ اُكْتُفِيَ بِهَا قَطْعًا، وَحِينَئِذٍ فَالِاسْتِدَامَةُ لَيْسَتْ مُعْتَبَرَةٌ لِذَاتِهَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَجْلِ مُقَارَنَةِ النِّيَّةِ لِلْوَجْهِ، وَهَذَا يَدُلُّك صَرِيحًا عَلَى صِحَّةِ مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِيمَا لَوْ عَزَبَتْ النِّيَّةُ بَعْدَ النَّقْلِ مِنْهُ أَوْ مِنْ مَأْذُونِهِ أَوْ مِنْهُمَا أَوْ وُجِدَ الْحَدَثُ كَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ حَيْثُ اسْتَحْضَرَ النِّيَّةَ مَعَ الْمَسْحِ فَقَطْ دُونَ مَا قَبْلَهُ، وَسَقَطَ مَا أَطَالُوا بِهِ مِنْ الْكَلَامِ هُنَا.

نَعَمْ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِيمَا لَوْ نَقَلَ بِنَفْسِهِ وَأَحْدَثَ بَعْدَهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ وُجُودُ نِيَّةٍ قَبْلَ مُمَاسَّةِ الْوَجْهِ وَمَعَهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ نَوَى التَّيَمُّمَ فَرْضًا) أَيْ عَيْنِيًّا بِأَنْ تَلَفَّظَ بِهِ كَالظُّهْرِ وَلَاحَظَهُ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ شَيْخُنَا عَمَّا كَانَ اعْتَمَدَهُ تَبَعًا لِشَيْخِهِ عَمِيرَةَ قَالَ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ مُنْصَرِفٌ إلَيْهِ، نَظَرُ الْقَرِينَةِ كَوْنُهُ عَلَيْهِ أَصَالَةً بِلَا صَارِفٍ عَنْهُ، وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ نَادِرَةٌ وَلَيْسَتْ عَلَيْهِ فَلَيْسَتْ صَارِفَةً إلَّا مَعَ حُضُورِهِمَا أَوْ مُلَاحَظَتِهَا فَهِيَ الْآنَ صَارِفَةٌ، وَتَمْكِينُ الْحَلِيلِ نَادِرٌ أَيْضًا بَلْ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ الذَّكَرِ فَلَا تَنْصَرِفُ النِّيَّةُ إلَيْهِ إلَّا مَعَ حُضُورِهِ أَوْ مُلَاحَظَتِهِ.

(تَنْبِيهٌ) فَرْضُ الطَّوَافِ وَلَوْ لِلْوَدَاعِ كَفَرْضِ الصَّلَاةِ، وَنَفْلُهُ كَنَفْلِهَا فَلَوْ نَوَى فَرْضَيْنِ فَأَكْثَرَ لَمْ يَضُرَّ، وَلَهُ اسْتِبَاحَةُ وَاحِدٍ فَقَطْ، وَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْفَرْضَ الَّذِي نَوَاهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَوْ أَخْطَأَ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ فِيهِمَا لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الِاسْتِبَاحَةِ وَلِوُجُوبِ التَّعَرُّضِ لِلْفَرْضِ هُنَا،

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكْفِي إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ مَا لَوْ أَخَذَ التُّرَابَ بِيَدِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ أَوْ سَفَتْهُ رِيحٌ عَلَيْهَا ثُمَّ وَضَعَ وَجْهَهُ عَلَيْهِ مَعَ النِّيَّةِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا رَفْعَ الْحَدَثِ) أَيْ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُهُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي قِصَّةِ عَمْرٍو: «يَا عَمْرُو صَلَّيْت بِأَصْحَابِك الصُّبْحَ وَأَنْتَ جُنُبٌ» ثُمَّ إنَّ إمَامَتَهُ بِهِمْ مُشْكِلَةٌ عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ تَلْزَمُ الْإِعَادَةُ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ الْبَرْدِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالثَّانِي يَكْفِي كَمَا فِي الْوُضُوءِ) .

قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَتَكُونُ كَمَنْ تَيَمَّمَ لِلنَّفْلِ ثُمَّ رَأَيْت الْإِسْنَوِيَّ عَزَاهُ لِشَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ فَرْضًا إلَخْ) لَوْ نَوَى فَرْضَيْنِ اسْتَبَاحَ أَحَدُهُمَا وَلَوْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ فَائِتَةً فَتَيَمَّمَ لَهَا فَبَانَ خِلَافُهُ لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ

ص: 102

يَنْوِهِ، وَفِي ثَالِثٍ لَهُ النَّفَلُ بَعْدَ فِعْلِ الْفَرْضِ لَا قَبْلَهُ لِأَنَّ التَّابِعَ لَا يَتَقَدَّمُ، وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ تَحَصَّلَتْ مِنْ حِكَايَةِ قَوْلَيْنِ فِي النَّقْلِ الْمُتَقَدِّمِ، وَطَرِيقِينَ فِي الْمُتَأَخِّرِ، أَحَدُهُمَا: فِيهِ الْقَوْلَانِ، وَأَصَحُّهُمَا الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ (أَوْ) نَوَى (نَفْلًا أَوْ الصَّلَاةَ تَنَفَّلَ) أَيْ فَعَلَ النَّفَلَ (لَا الْفَرْضَ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْفَرْضَ أَصْلٌ لِلنَّفْلِ فَلَا يُجْعَلُ تَابِعًا لَهُ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِلْأَخْذِ بِالْأَحْوَطِ، وَفِي قَوْلٍ لَهُ فِعْلُ الْفَرْضِ فِيهِمَا، أَمَّا فِي الْأُولَى فَكَمَا لَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ اسْتِبَاحَةَ صَلَاةِ النَّفْلِ فَلَهُ فِعْلُ الْفَرْضِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الصَّلَاةَ تَتَنَاوَلُ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ، وَفِي ثَالِثٍ لَهُ فِعْلُ الْفَرْضِ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى. وَالْأَقْوَالُ تَحَصَّلَتْ مِنْ حِكَايَةِ قَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَطَرِيقُهُ قَاطِعَةٌ فِي الثَّانِيَةِ بِالْجَوَازِ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ فِي الْأُولَى بِعَدَمِهِ، وَالرَّافِعِيُّ حَكَى الْخِلَافَ فِي الثَّانِيَةِ وَجْهَيْنِ، وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ. وَلَوْ نَوَى نَافِلَةً مُعَيَّنَةً أَوْ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ جَازَ لَهُ فِعْلُ غَيْرِهَا مِنْ النَّوَافِلِ مَعَهَا وَلَهُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ كَمَا سَيَأْتِي وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ وَحَمْلُهُ لِأَنَّ النَّفَلَ آكَدُ مِنْهَا، فَلَوْ نَوَى مَسَّ الْمُصْحَفِ اسْتَبَاحَهُ دُونَ النَّفْلِ، ذَكَرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمُهَذِّب

(وَمَسْحُ وَجْهِهِ ثُمَّ يَدَيْهِ مَعَ مَرْفِقَيْهِ) عَلَى وَجْهِ الِاسْتِيعَابِ،

ــ

[حاشية قليوبي]

وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْوُضُوءَ. قَوْلُهُ: (جَازَ لَهُ فِعْلُ فَرْضٍ غَيْرِهِ) وَإِنْ دَخَلَ وَقْتُهُ بَعْدَ التَّيَمُّمِ كَأَنْ نَوَى فَائِتَةً فَدَخَلَ وَقْتُ حَاضِرَةٍ أَوْ عَكْسُهُ.

قَوْلُهُ: (فَلَهُ النَّفَلُ) وَإِنْ نَفَى فِعْلَهُ فَإِنْ نَوَى عَدَمَ اسْتِبَاحَتِهِ لَمْ يَصِحَّ التَّيَمُّمُ. قَوْلُهُ: (فَلِلْأَخْذِ بِالْأَحْوَطِ) أَيْ فِيمَا تَسَاوَتْ أَفْرَادُهُ فِي الطَّلَبِ بِغَيْرِ نُدُورٍ فِي بَعْضِهَا فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَكَمَا لَوْ نَوَى بِوُضُوءٍ إلَخْ) وَأُجِيبَ بِقُوَّةِ طَهَارَةِ الْمَاءِ. قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ) هُوَ مَصْدَرٌ مَجْرُورٌ مُضَافٌ مَعْطُوفٌ عَلَى حِكَايَةٍ لِإِفَادَةِ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ طَرِيقَيْنِ لَكِنْ طَرِيقُ الْقَطْعِ فِيهِمَا مُخْتَلِفَةٌ. قَوْلُهُ: (وَالرَّافِعِيُّ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الرَّوْضَةِ فِي تَبَعِيَّتِهَا لِلرَّافِعِيِّ فِي كَوْنِ لِلْخِلَافِ أَوْجُهًا لَا عَلَى الرَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ اصْطِلَاحٌ. قَوْلُهُ: (أَوْ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ) فَهِيَ فِي مَرْتَبَةِ النَّفْلِ جَزْمًا وَإِنْ تَعَيَّنَتْ كَمَا.

قَالَهُ ابْنُ حَجَرِ، فَهُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ تَعَيَّنَتْ بِانْفِرَادٍ أَوْ نَذْرٍ، وَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ لَهَا بِالْأَوَّلِ فِيمَا يَأْتِي لَيْسَ قَيْدًا وَإِنْ كَانَ الْوَجْهُ مَعَهُ، وَأَمَّا خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ فَقَالَ شَيْخُنَا إنَّهَا كَالْفَرْضِ مُطْلَقًا، وَكَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ إلَّا فِي جَوَازِ جَمْعِ خُطْبَتَيْنِ بِتَيَمُّمٍ تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ.

وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: يَمْتَنِعُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالتَّيَمُّمِ لَهَا الْجُمُعَةَ مُطْلَقًا وَأَنْ يَجْمَعَهُمَا بِتَيَمُّمٍ وَأَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ خُطْبَتَيْنِ كَذَلِكَ، وَهُوَ قِيَاسُ الِاحْتِيَاطِ.

قَوْلُهُ: (دُونَ النَّفْلِ) وَمِثْلُهُ تَمْكِينُ الْحَلِيلِ وَإِنْ كَانَ فَرْضًا، وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ، الْأُولَى: فَرْضُ الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَلَوْ بِالنَّذْرِ فِيهِمَا. الثَّانِيَةُ: نَفْلُهُمَا وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ الثَّالِثَةُ: مَا عَدَا ذَلِكَ كَقِرَاءَةٍ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ، وَسَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَالِاعْتِكَافِ وَمَسِّ مُصْحَفٍ وَحَمْلِهِ وَمُكْثٍ بِمَسْجِدٍ وَتَمْكِينِ حَلِيلٍ. وَإِنْ تَعَيَّنَ ذَلِكَ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ بِنَذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَهُ فِي كُلِّ مَرْتَبَةٍ اسْتِبَاحَتُهَا وَمَا دُونَهَا وَلَوْ مُتَكَرِّرًا.

قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية عميرة]

لِعَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ، وَلِأَنَّهُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(أَيْضًا أَوْ فَرْضًا إلَخْ) لَهُ مَعَ الْفَرْضِ أَيْضًا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ، وَأَمَّا خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ فَهَلْ لَهُ فِعْلُهَا مَعَ الْفَرْضِ، وَقَعَ لِشَيْخِنَا فِي الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ التَّصْرِيحُ بِجَوَازِ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: لَهُ مَعَ الْفَرْضِ نَفْلٌ وَصَلَاةُ جِنَازَةٍ وَخُطْبَةُ جُمُعَةٍ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: لَوْ نَوَى بِالتَّيَمُّمِ اسْتِبَاحَةَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ امْتَنَعَ الْجَمْعُ بِهِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ اهـ.

قُلْت: قَدْ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ عِنْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَلَا يُصَلِّي بِتَيَمُّمٍ غَيْرِ فَرْضٍ بِشُمُولِ الْفَرْضِ فِيهِ لِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ وَالْحَقُّ، بَلْ كَلَامُهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ كَالصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ، وَاَلَّذِي أَوْقَعَهُ فِي ذَلِكَ نَظَرُهُ إلَى أَنَّهَا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ فَأَلْحَقَهَا بِالْجِنَازَةِ ثُمَّ لَمَّا وَجَدَهُمْ مُصَرِّحِينَ بِامْتِنَاعِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَخُطْبَتِهَا بِتَيَمُّمٍ حَاوَلَ حَمْلَ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا تَيَمَّمَ لِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ فَلَا يُصَلِّي بِهِ الْجُمُعَةَ لِأَنَّهَا أَعْلَى، وَرَتَّبَ عَلَى فَهْمِهِ هَذَا أَنَّ لَهُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ فِعْلَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، كَمَا لَهُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ، حَيْثُ.

قَالَ فِي الْمَنْهَجِ: أَوْ نَوَى نَفْلًا فَلَهُ غَيْرُ فَرْضٍ عَيْنِيٍّ مِنْ النَّوَافِلِ وَفُرُوضِ الْكِفَايَاتِ اهـ.

وَبِالْجُمْلَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ كَمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي كَلَامِهِمْ، وَأَمَّا اسْتِفَادَةُ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ بِنِيَّةِ النَّفْلِ فَكَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي امْتِنَاعِهِ أَيْضًا كَمَا أَنَّهُ كَالصَّرِيحِ فِي صِحَّةِ الْفَرْضِ بِنِيَّةِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الْمُقْرِي صَرَّحَ بِمَا قُلْته فِي إرْشَادِهِ حَيْثُ قَالَ: وَالتَّيَمُّمُ لِفَرْضٍ فَرْضٌ وَاحِدٌ كَخُطْبَةٍ وَمَنْذُورَةٍ وَلَوْ نَوَى غَيْرَهُ مَعَ نَفْلٍ وَجَنَائِزَ اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ نَفْلًا) لَوْ نَوَى النَّفَلَ وَنَفَى الْفَرْضَ لَمْ يَسْتَبِحْ الْفَرْضَ قَطْعًا فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَمَّا فِي الْأَوْلَى فَكَمَا لَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ إلَخْ) هَذَا يُوَجَّهُ بِأَنَّ الْوُضُوءَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ.

قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِأَنَّ الصَّلَاةَ تَتَنَاوَلُ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ) اخْتَارَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَعَضَّدَهُ بِأَنَّ الْمُفْرَدَ الْمَحْكِيَّ بِأَلْ يَعُمُّ وَبِأَنَّ مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْأَوَّلُ مِنْ الْقِيَاسِ عَلَى مَا لَوْ تَحْرُمُ بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ حَيْثُ تَنْعَقِدُ نَفْلًا يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ فِيهَا بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَوْ فَعَلَ لَمْ يَصِحَّ. قَوْلُ الشَّارِحُ:(وَلَهُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ) زَادَ فِي الْمَنْهَجِ وَسَائِرُ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَقَضِيَّتُهُ

ص: 103

وَمِمَّا يُغْفَلُ عَنْهُ مَا يُقْبِلُ مِنْ الْأَنْفِ عَلَى الشَّفَةِ، وَعَطَفَ بِثُمَّ لِإِفَادَةِ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ (وَلَا يَجِبُ إيصَالُهُ) أَيْ التُّرَابِ (مَنْبَتَ الشَّعَرِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (الْخَفِيفِ) لِعُسْرِهِ (وَلَا تَرْتِيبَ فِي نَقْلِهِ فِي الْأَصَحِّ، فَلَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ) دَفْعَةً وَاحِدَةً (وَمَسَحَ بِيَمِينِهِ وَجْهَهُ وَبِيَسَارِهِ يَمِينَهُ جَازَ) وَالثَّانِي يَجِبُ التَّرْتِيبُ فِي النَّقْلِ كَالْمَسْحِ وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمَسْحَ أَصْلٌ وَالنَّقْلَ وَسِيلَةٌ

(وَتُنْدَبُ التَّسْمِيَةُ) كَالْوُضُوءِ (وَمَسْحُ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ بِضَرْبَتَيْنِ قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ وُجُوبُ ضَرْبَتَيْنِ، وَإِنْ أَمْكَنَ بِضَرْبَةٍ بِخِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ الْوَارِدُ، رَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَيَمَّمَ بِضَرْبَتَيْنِ مَسَحَ بِإِحْدَاهُمَا وَجْهَهُ» ، وَرَوَى الْحَاكِمُ حَدِيثَ:«التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ» وَلَوْ كَانَ التُّرَابُ نَاعِمًا كَفَى وَضْعُ الْيَدِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ

ــ

[حاشية قليوبي]

وَمَسْحُ) أَيْ إيصَالُ التُّرَابِ إلَى الْوَجْهِ وَلَوْ بِغَيْرِ الْيَدِ. قَوْلُهُ: (وَجْهِهِ) أَيْ جَمِيعِهِ وَإِنْ تَعَدَّدَ إلَّا زَائِدًا يَقِينًا لَيْسَ عَلَى سَمْتِ الْأَصْلِيِّ كَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ، وَاكْتَفَى أَبُو حَنِيفَةَ بِغَالِبِهِ. قَوْلُهُ:(مَعَ مِرْفَقَيْهِ) خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ وَإِنْ اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ، وَقِيلَ إنَّهُ قَوْلٌ قَدِيمٌ عِنْدَنَا. قَوْلُهُ:(مَا يُقْبِلُ إلَخْ) وَمِثْلُهُ مُسْتَرْسِلُ اللِّحْيَةِ. قَوْلُهُ: (وُجُوبِ التَّرْتِيبِ) وَلَوْ فِي الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ أَوْ الْغُسْلِ الْمَنْدُوبِ لِعَدَمِ اسْتِيعَابِ الْبَدَنِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْوُضُوءِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِجَهْلٍ وَلَا نِسْيَانٍ وَلَا إكْرَاهٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ إيصَالُهُ) لِمَا تَحْتَ الشَّعْرِ الْخَفِيفِ، وَلَا يُنْدَبُ أَيْضًا وَإِنَّ طُلِبَتْ إزَالَتُهُ وَلَا لِمَا تَحْتَ الْأَظْفَارِ كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ شَيْخُنَا.

(فَرْعٌ) لَا يَكْفِي النَّقْلَ بِعُضْوٍ مُتَنَجِّسٍ إنْ كَانَ بِغَيْرِ نَجَسٍ مَعْفُوٍّ عَنْهُ إذْ لَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ مَعَهُ وَإِلَّا فَيَصِحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فَلْيُرَاجَعْ، وَلَا يَكْفِي الضَّرْبُ عَلَى عُضْوِ امْرَأَةٍ لَا مَانِعَ مِنْ النَّقْضِ بِلَمْسِهَا إنْ لَمَسَهَا فَإِنْ التُّرَابُ لَمَسَهَا صَحَّ.

قَوْلُهُ: (وَلَا تَرْتِيبَ فِي نَقْلِهِ) أَيْ ضَرْبِهِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ عَدَمُ التَّرْتِيبِ فِي النَّقْلِ. قَوْلُهُ: (دَفْعَةً وَاحِدَةً) ذَكَرَهُ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ وَيُعْلَمُ مِنْهُ عَكْسُ التَّرْتِيبِ أَيْضًا كَمَا لَوْ ضَرَبَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ نَاوِيًا وَجْهَهُ ثُمَّ ضَرَبَ بِالْأُخْرَى نَاوِيًا يَدَيْهِ، وَلَهُ مَسْحُ وَجْهِهِ بِالثَّانِيَةِ وَيَدَيْهِ بِالْأُولَى.

قَوْلُهُ: (التَّسْمِيَةُ) وَلَوْ لِجُنُبٍ وَكَمَالُهَا لَهُ أَفْضَلُ. قَوْلُهُ: (وُجُوبُ ضَرْبَتَيْنِ) بِمَعْنَى عَدَمِ جَوَازِ النَّقْصِ عَنْهُمَا وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَمْكَنَ إلَخْ) .

قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذِهِ الْغَايَةُ لَا تَسْتَقِيمُ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّهَا قَضِيَّةٌ شَرْطِيَّةٌ لَا تَسْتَلْزِمُ الْوُقُوعَ، فَإِنَّهُ لَوْ ضَرَبَ بِخِرْقَةٍ كَبِيرَةٍ وَمَسَحَ بِبَعْضِهَا وَجْهَهُ وَقَصَدَ مَسْحَ يَدَيْهِ بِبَاقِيهَا وَمَسَحَهُمَا بِهِ كَفَى، لِأَنَّ الضَّرْبَ لَيْسَ شَرْطًا، وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ النَّقْلُ، وَهَذَا نَقْلٌ آخَرُ انْتَهَى، وَهَذَا خَطَأٌ مَرْدُودٌ فَإِنَّ الْفِعْلَ الَّذِي تَقْتَرِنُ بِهِ النِّيَّةُ وَإِنْ كَثُرَ يُعَدُّ نَقْلَةً وَاحِدَةً وَالنِّيَّةُ الثَّانِيَةُ لَا تَلْغِي النِّيَّةَ الْأُولَى، فَالْبَعْضُ الَّذِي قَصَدَ بِهِ مَسْحَ الْيَدَيْنِ بَقِيَّةُ النَّقْلَةِ الْأُولَى لَا نَقْلَةٌ أُخْرَى، فَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ مَعًا وَمَسَحَ بِإِحْدَاهُمَا وَجْهَهُ وَبِالْأُخْرَى يَدَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّ مَسْحَ الْيَدِ بِالْيَدِ الثَّانِيَةِ نَقْلَةٌ ثَانِيَةٌ مَعَ قَصْدِهَا كَمَا مَرَّ، بَلْ أَوْجَبُوا عَلَيْهِ نَقْلَةً أُخْرَى، وَأَيْضًا يَلْزَمُ عَلَى قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ اسْتِحَالَةُ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ بِالِاكْتِفَاءِ بِنَقْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهَذَا وَاضِحٌ جَلِيٌّ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَيَتَعَيَّنُ اتِّبَاعُهُ وَالْمَصِيرُ إلَيْهِ وَبِهِ يَتَّضِحُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَيَنْدَفِعُ مَا أَطَالُوا بِهِ عَلَيْهِ مِنْ الِاعْتِرَاضِ وَالْإِشْكَالِ وَكَثْرَةِ الْقِيلِ وَالْقَالِ، وَاَللَّهُ وَلَيُّ النِّعْمَةِ وَالْإِفْضَالِ.

قَوْلُهُ: (ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ) هُوَ بَيَانٌ لِلْأَكْمَلِ وَالْأَفْضَلِ فَلَوْ مَسَحَ بِضَرْبَةٍ وَجْهَهُ وَبَعْضَ يَدَيْهِ وَبِالْأُخْرَى مَا بَقِيَ

ــ

[حاشية عميرة]

أَنَّهُ يَسْتَبِيحُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِأَنَّ النَّفَلَ آكَدُ مِنْهَا) أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ مُهِمَّاتِ الدَّيْنِ بِدَلِيلِ حِلِّهِ لِلْمُتَحَيِّرَةِ، وَمَنَعَهَا مَسَّ الْمُصْحَفِ وَالْقِرَاءَةَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَوَطْءَ الزَّوْجِ وَغَيْرَ ذَلِكَ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا تَرْتِيبَ) هُوَ بِالْفَتْحِ لَا بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى إيصَالِهِ ثُمَّ الْمُرَادُ نَفْيُ الْوُجُوبِ لَا السُّنَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ) .

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الشَّرْطَ عِنْدَ مَنْ يُوجِبُ التَّرْتِيبَ تَأَخُّرُ الضَّرْبَةِ الْمَاسِحَةِ لِلْيَدِ عَنْ الْمَاسِحَةِ لِلْوَجْهِ، لَا عَنْ مَسْحِهِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ ضَرَبَ الْيَمِينَ قَبْلَ الْيَسَارِ، ثُمَّ مَسَحَ بِيَسَارِهِ وَجْهَهُ وَبِيَمِينِهِ يَسَارَهُ جَازَ أَيْضًا اهـ.

وَانْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْأَخِيرَةِ أَنْ يَنْوِيَ مَعَ ضَرْبِهِ بِالْيَسَارِ أَوْ لَا؟ . قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَسَحَ وَجْهَهُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا ضَرَبَ رَاحَتَيْهِ بَعْدَ مَسْحِ الْوَجْهِ تَأَدَّى فَرْضُهُمَا بِمُجَرَّدِ الضَّرْبِ وَمُمَاسَّةِ التُّرَابِ، وَقِيلَ لَا، وَإِلَّا لَمَا صَلُحَ الْغُبَارُ الَّذِي عَلَيْهِمَا الْمَسْحُ مَحَلٌّ آخَرُ مِنْ الْيَدَيْنِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْكَيْفِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ مِنْ أَنَّهُ عِنْدَ انْتِهَائِهَا يَمْسَحُ إحْدَى رَاحَتَيْهِ بِالْأُخْرَى مُسْتَحَبًّا، وَعَلَى الثَّانِي وَاجِبًا، ثُمَّ أَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا نَقْلَ التُّرَابِ مِنْ إحْدَى الْيَدَيْنِ إلَى الْأُخْرَى بِخِلَافِ الْوُضُوءِ.

قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ: الْفَرْقُ أَنَّ الْيَدَيْنِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ فَلَا يُحْكَمُ بِالِاسْتِعْمَالِ إلَّا بِالِانْفِصَالِ، وَالْمَاءُ مُنْفَصِلٌ بِخِلَافِ التُّرَابِ، وَأَيْضًا الْمُتَيَمِّمُ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إتْمَامُ الذِّرَاعِ بِكَفِّهَا، نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وُجُوبُ ضَرْبَتَيْنِ)

ص: 104

ضَرْبٍ (وَيُقَدِّمُ يَمِينَهُ) عَلَى يَسَارِهِ (وَأَعْلَى وَجْهِهِ) عَلَى أَسْفَلِهِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ (وَيُخَفِّفُ الْغُبَارَ) مِنْ الْكَفَّيْنِ إنْ كَانَ كَثِيرًا بِأَنْ يَنْفُضَهُمَا أَوْ يَنْفُخَهُ مِنْهُمَا لِئَلَّا يَتَشَوَّهَ بِهِ فِي مَسْحِ الْوَجْهِ. (وَمُوَالَاةُ التَّيَمُّمِ كَالْوُضُوءِ قُلْت: وَكَذَا الْغُسْلُ) أَيْ مُوَالَاتُهُ كَالْوُضُوءِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ أَيْ تُسَنُّ الْمُوَالَاةُ فِيهِمَا، وَفِي الْقَدِيمِ تَجِبُ (وَيُنْدَبُ تَفْرِيقُ أَصَابِعِهِ أَوَّلًا) أَيْ أَوَّلَ كُلِّ ضَرْبَةٍ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي إثَارَةِ الْغُبَارِ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى زِيَادَةٍ عَلَى الضَّرْبَتَيْنِ (وَيَجِبُ نَزْعُ خَاتَمِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِيَصِلَ التُّرَابُ إلَى مَحَلِّهِ، وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَمَنْدُوبٌ لِيَكُونَ مَسْحُ جَمِيعِ الْوَجْهِ بِالْيَدِ.

(وَمَنْ تَيَمَّمَ لِفَقْدِ مَاءٍ فَوَجَدَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةٍ بَطَلَ) تَيَمُّمُهُ بِالْإِجْمَاعِ (إنْ لَمْ يَقْتَرِنْ) وُجُودُهُ (بِمَانِعٍ كَعَطَشٍ) بِخِلَافِ مَا إذَا اقْتَرَنَ بِمَانِعٍ فَلَا يَبْطُلُ

ــ

[حاشية قليوبي]

مِنْ يَدَيْهِ وَإِنْ قَلَّ كَأُصْبُعٍ أَوْ عَكْسِهِ كَفَى. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ التُّرَابُ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالضَّرْبِ فِي الْحَدِيثِ وَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ التَّابِعِ لَهُ لَيْسَ شَرْطًا. قَوْلُهُ: (كَفَى) وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ غُبَارٌ. نَعَمْ إنْ كَانَ عَدَمُ الْغُبَارِ لِنَحْوِ نَدَاوَةٍ لَمْ يَكْفِ. قَوْلُهُ: (فِي مَسْحِ الْوَجْهِ) وَكَذَا فِي الْيَدَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَمُوَالَاةُ التَّيَمُّمِ كَالْوُضُوءِ) هِيَ جُمْلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لِإِفَادَةِ وُجُوبِهَا فِي صَاحِبِ الضَّرُورَةِ قَطْعًا، فَهِيَ أَوْلَى مِنْ جَعْلِهَا عَطْفًا عَلَى التَّسْمِيَةِ، وَيُنْدَبُ هُنَا أَيْضًا السِّوَاكُ وَالْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ وَعَدَمُ تَكْرَارِ الْمَسْحِ كَالْخُفِّ وَمَسْحُ الْغُبَارِ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَا قَبْلَهَا وَذِكْرُ الْأَعْضَاءِ وَالتَّشَهُّدُ عَقِبَهُ وَصَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ عَقِبَهُ، وَلَوْ عَنْ طَهَارَةٍ مَنْدُوبَةٍ، وَأَنْ يَمْسَحَ بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ بِأَنْ يَلْصَقَ بُطُونَ أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُسْرَى سِوَى الْإِبْهَامِ بِظُهُورِ أَصَابِعِ الْيُمْنَى سِوَى الْإِبْهَامِ، بِحَيْثُ لَا يُخْرِجُ أَنَامِلَ إحْدَاهُمَا عَنْ مِسْبَحَةِ الْأُخْرَى. وَيَمُرَّ بِهَا تَحْتَهَا ضَامًّا أَطْرَافَ أَنَامِلِهِ عَلَى سَاعِدِهِ. فَإِذَا وَصَلَ إلَى الْمَسْحِ عَلَى الْمِرْفَقِ أَدَارَ بَطْنَ كَفِّهِ إلَى بَطْنِ ذِرَاعِهِ رَافِعًا إبْهَامَهُ حَتَّى يَمُرَّ بِبَطْنِهِ عَلَى ظَهْرِ إبْهَامِ الْمَمْسُوحَةِ، ثُمَّ يَمْسَحَ إحْدَى رَاحَتَيْهِ بِالْأُخْرَى وَيُشَبِّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَصَحَّ مَسْحُ إحْدَى يَدَيْهِ رَاحَتَيْهِ مَعَ اخْتِلَافِ الْعُضْوِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَقِيلَ تَجِبُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ وَجْهٌ وَفِي نُسْخَةٍ وَفِي الْقَدِيمِ تَجِبُ وَهِيَ الصَّوَابُ كَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ نَزْعُ خَاتَمِهِ) أَيْ إزَالَتُهُ عَنْ مَحَلِّهِ بِقَدْرِ مَا يَصِلُ التُّرَابُ لِمَا تَحْتَهُ مِنْ الْبَشَرَةِ، وَلَا يَكْفِي تَحْرِيكُهُ مِنْ مَحَلِّهِ بِخِلَافِ الْمَاءِ لِقُوَّةِ سَرَيَانِهِ. قَوْلُهُ:(فِي الثَّانِيَةِ) لِأَنَّهُ وَقْتُ مَسْحِ الْيَدَيْنِ، فَوُجُوبُ الْإِزَالَةِ حَالَةَ الْمَسْحِ لَا حَالَةَ الضَّرْبِ، وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ تُرَابَ الْأُولَى بَيْنَ الْأَصَابِعِ لَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْمَسْحِ بِتُرَابِ الثَّانِيَةِ بَلْ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْمَسْحِ بِهِ كَفَى بِخِلَافِ تُرَابٍ عَلَى الْعُضْوِ قَبْلَ الضَّرْبِ، فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهِ إنْ مَنَعَ وُصُولَ تُرَابِ الضَّرْبِ، وَلَوْ تَوَقَّفَ وُصُولُ التُّرَابِ إلَى مَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ عَلَى تَفْرِيقِهَا وَجَبَ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ تَيَمَّمَ) أَيْ مَنْ اتَّصَفَ بِطَهَارَةِ تَيَمُّمٍ مِنْ مَيِّتٍ أَوْ حَيٍّ وَلَوْ لِصَلَاةِ جِنَازَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَالَ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ: وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ يُمِّمَ الْمَيِّتُ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَدُفِنَ ثُمَّ وُجِدَ الْمَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ، لَمْ يَجُزْ نَبْشُهُ وَتَحْرُمُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِالْوُضُوءِ لِبُطْلَانِ تَيَمُّمِهِ انْتَهَى. قَوْلُهُ:(فَوَجَدَهُ) أَيْ طَرَأَتْ لَهُ الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ وَلَوْ حُكْمًا بِمَحَلٍّ يَجِبُ عَلَيْهِ تَحْصِيلُهُ مِنْهُ، فَيَخْرُجُ مَنْ وَجَدَهُ بَعْدَ نِسْيَانِهِ أَوْ أَصْلًا لَهُ بِشَرْطِهِ، فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ عَدَمَ صِحَّةِ تَيَمُّمِهِ وَيَدْخُلُ مِنْ قَدَرَ عَلَى ثَمَنِهِ أَوْ آلَتِهِ، وَمِثْلُ الْقُدْرَةِ شِفَاءُ الْعِلَّةِ مِنْ الْمَرِيضِ. قَوْلُهُ:(إنْ لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةٍ) بِأَنْ كَانَ فِي غَيْرِهَا كَطَوَافٍ وَقِرَاءَةٍ كَمَا سَيَأْتِي أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ أَصْلًا، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ فِيهَا أَنْ يَتَلَبَّسَ بِهَا بِإِتْمَامِ الرَّاءِ أَيْ جَزْمِهَا مِنْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ. قَوْلُهُ:(بَطَلَ تَيَمُّمُهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ فِي الْمَقْصُودِ، وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَلَى مَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ:(وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ وُجُودُهُ بِمَانِعٍ) بِأَنْ طَرَأَ الْمَانِعُ أَوْ لَمْ يُوجَدْ.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ

ــ

[حاشية عميرة]

وَيُسْتَحَبُّ فِي كُلِّ ضَرْبَةٍ أَنْ تَكُونَ بِالْيَدَيْنِ جَمِيعًا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِأَنَّهُ أَبْلَغُ إلَخْ) أَيْ وَلِاغْتِنَائِهِ أَيْضًا عَنْ اشْتِرَاطِ التَّخْلِيلِ لَكِنْ إذَا فَرَّقَ فِي الْأُولَى فَقَطْ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّخْلِيلُ لِأَنَّ الْوَاصِلَ قَبْلَ مَسْحِ الْوَجْهِ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ فِي الْمَسْحِ وَإِنْ كَانَ كَافِيًا فِي النَّفْلِ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ فِيهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِيَكُونَ مَسْحُ جَمِيعِ الْوَجْهِ بِالْيَدِ) .

(تَتِمَّةٌ) لَوْ كَانَتْ الْيَدُ نَجِسَةً فَضَرَبَ بِهَا عَلَى تُرَابٍ وَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَوَجَدَهُ) مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ سَمِعَ شَخْصًا يَقُولُ عِنْدِي مَاءٌ أَوْدَعَنِيهِ فُلَانٌ بِخِلَافِ أَوْدَعَنِي فُلَانٌ مَاءً، نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ عَنْ بَعْضِهِمْ وَأَقَرَّهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(أَيْضًا فَوَجَدَهُ) مِثْلُهُ وُجُودُ ثَمَنِهِ وَمِثْلُ الْوُجْدَانِ تَوَهُّمُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الصَّلَاةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِمَانِعٍ) .

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مِنْهُ أَنْ يَكُونَ بِهِ مَرَضٌ يَمْنَعُ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ، ثُمَّ مِثْلُ الْوُجْدَانِ التَّوَهُّمُ، لَكِنَّ شَيْخَنَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَلْحَقَهُ بِهِ

ص: 105

(أَوْ فِي صَلَاةٍ لَا تَسْقُطُ بِهِ) أَيْ بِالتَّيَمُّمِ كَصَلَاةِ الْمُقِيمِ (كَمَا سَيَأْتِي) بَطَلَتْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالثَّانِي لَا بَلْ يُتَمِّمُهَا مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَتِهَا، وَالْخِلَافُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَجْهَانِ وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْأَصَحِّ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِالْمَشْهُورِ بَعْدَ حِكَايَتِهِ الثَّانِي وَجْهًا، فَمَا هُنَا مُوَافِقٌ لَهُ مُخَالِفٌ لِاصْطِلَاحِهِ السَّابِقِ. (وَإِنْ أَسْقَطَهَا) كَصَلَاةِ الْمُسَافِرِ كَمَا سَيَأْتِي (فَلَا) تُبْطِلُ فَرْضًا كَانَ أَوْ نَفْلًا (وَقِيلَ يَبْطُلُ النَّفَلُ) لِقُصُورِ حُرْمَتِهِ عَنْ حُرْمَةِ الْفَرْضِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَطْعَهَا) أَيْ الْفَرِيضَةِ (لِيَتَوَضَّأَ) وَيُصَلِّي بَدَلَهَا (أَفْضَلُ) مِنْ إتْمَامِهَا حَيْثُ وَسِعَ الْوَقْتُ لِذَلِكَ، وَالثَّانِي إتْمَامُهَا أَفْضَلُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْمُتَنَفِّلَ لَا يُجَاوِزُ رَكْعَتَيْنِ) فِي النَّفْلِ

ــ

[حاشية قليوبي]

مَا إذَا اقْتَرَنَ) بِأَنْ سَبَقَهُ أَوْ اسْتَمَرَّ أَوْ وُجِدَا مَعًا كَرُؤْيَةِ مَاءٍ، وَسَبْعٍ مَعًا، وَالْمُرَادُ بِالْمَانِعِ وُجُودُ حَالَةٍ يَسْقُطُ مَعَهَا، وُجُوبُ طَلَبِ الْمَاءِ أَوْ وُجُوبُ اسْتِعْمَالِهِ، وَلِذَلِكَ قَالُوا مِنْ الْمَانِعِ خَوْفُ خُرُوجِ الْوَقْتِ لِمَنْ عَلِمَ الْمَاءَ فِي حَدِّ الْقُرْبِ، كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ لِمَنْ ازْدَحَمَ عَلَى بِئْرٍ وَعَلِمَ تَأَخُّرَ نَوْبَتِهِ عَنْ الْوَقْتِ كَمَا مَرَّ، وَمِنْهُ مَا لَوْ سَمِعَ مَنْ يَقُولُ عِنْدِي لِغَائِبِ مَاءٌ وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، بِمَا إذَا عَلِمَ بِغِيبَتِهِ وَعَدَمِ رِضَاهُ، وَمِنْهُ مَا لَوْ سَمِعَ مَنْ يَقُولُ عِنْدِي مِنْ ثَمَنِ حُمْرِ مَاءٌ، وَخَالَفَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي هَذِهِ لِوُجُوبِ الْبَحْثِ عَنْ صَاحِبِ الْمَاءِ، وَمِنْهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مَا لَوْ مَرَّ عَلَى بِئْرٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا، أَوْ عَلَى مَاءٍ نَائِمًا مُمَكَّنَا مَثَلًا وَلَمْ يَنْتَبِهْ حَتَّى بَعُدَ عَنْهُ، فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ، وَمِنْهُ حُدُوثُ نَجَاسَةٍ فِي الصَّلَاةِ، كَرُعَافِ ثُمَّ وُجُودُ مَاءٍ بِقَدْرِ مَا يُزِيلُهَا، وَسَتَأْتِي فِي زِيَادَةٍ أُخْرَى.

قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ) الْأُولَى بَطَلَ التَّيَمُّمُ، لِأَنَّ التَّيَمُّمَ هُوَ الْمُحْدَثُ عَنْهُ، وَيَلْزَمُهُ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لَهُ. قَوْلُهُ:(مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَتِهَا) شَامِلٌ لِلْفَرْضِ وَالنَّفَلِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ، فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ النَّفَلَ يَبْطُلُ قَطْعًا مُخَالِفٌ لَهُ أَوْ هُوَ طَرِيقٌ لَمْ يَنْظُرْ إلَيْهَا الشَّارِحُ، وَلَمْ يَعْتَمِدْهَا، وَتَعْلِيلُ بَعْضِهِمْ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ وَعَدَمِهِ فِيهِ قُصُورٌ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ قَضَاءُ النَّفْلِ أَيْضًا. قَوْلُهُ:(فَلَا تَبْطُلُ) نَعَمْ. لَوْ نَوَى الْقَاصِرُ الْإِتْمَامَ أَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ أَوْ اقْتَدَى بِمُتِمٍّ أَوْ وَصَلَتَ سَفِينَتُهُ دَارَ إقَامَتِهِ، بَعْدَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ أَوْ مَعَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَمِثْلُهُ لَوْ نَوَى الْمُتَنَفِّلُ الزِّيَادَةَ، أَوْ خَرَجَ وَقْتَ الْجُمُعَةِ وَبِفَرَاغِ الصَّلَاةِ يَبْطُلُ التَّيَمُّمُ، وَإِنْ تَلِفَ الْمَاءُ قَبْلَهُ وَلَهُ التَّسْلِيمَةُ الثَّانِيَةُ لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِهَا لَا سُجُودَ سَهْوٍ لَوْ تَذَكَّرَهُ بَعْدَ السَّلَامِ عَنْ قُرْبٍ، وَإِنَّمَا بَطَلَتْ صَلَاةُ أَعْمَى قَلَّدَ بَصِيرًا فِي الْقِبْلَةِ، ثُمَّ أَبْصَرَ فِيهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَفْرُغْ مِنْ الْبَدَلِ، وَكَذَا صَلَاةُ مَنْ تَخَرَّقَ خُفُّهُ فِيهَا، لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ.

قَوْلُهُ: (إنْ قَطَعَهَا) وَإِنْ عَزَمَ عَلَى إعَادَتِهَا بِالْمَاءِ لِوُجُودِهِ مَعَهُ بِلَا مَانِعٍ، فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ، أَوْ كَانَ فِي جَمَاعَةٍ تَفُوتُ بِالْقَطْعِ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا مُخَالِفًا لِمَا فِي حَاشِيَتِهِ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ:(أَيْ الْفَرِيضَةِ) قَيْدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ فَقَطْعُ النَّفْلِ، أَفْضَلُ قَطْعًا لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْمَاءِ تُؤَثِّرُ فِيهِ أَقْوَى مِنْ الْفَرْضِ، لِمَا قِيلَ بِبُطْلَانِهِ كَمَا مَرَّ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ قَلْبُ الْفَرِيضَةِ نَفْلًا وَلَكِنَّهُ يَجُوزُ.

وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ بِعَدَمِ الْجَوَازِ، وَهُوَ وَجِيهٌ لِأَنَّهُ كَافْتِتَاحِ صَلَاةٍ أُخْرَى كَمَا مَرَّ. فَيَلْزَمُ مِنْ قَلْبِهِ بُطْلَانُهُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ:(لِيَتَوَضَّأَ) . وَلَوْ وُضُوءًا مُكَمَّلًا بِالتَّيَمُّمِ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ. قَوْلُهُ: (حَيْثُ وَسِعَ الْوَقْتُ) أَيْ جَمِيعَهَا وَإِلَّا حَرُمَ الْقَطْعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَاكْتَفَى ابْنُ قَاسِمٍ بِرَكْعَةٍ وَنَقَلَهُ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ.

(تَنْبِيهٌ) خَرَجَ بِوُجُودِ الْمَاءِ فِيهَا الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْعِلْمِ بِهِ، مَا لَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ كَأَنْ رَأَى رَكْبًا طَلَعَ أَوْ سَحَابَةً فَظَنَّهَا مُمْطِرَةً، أَوْ رَأَى طَيْرًا فَظَنَّهُ يَحُومُ عَلَى الْمَاءِ، أَوْ سَمِعَ مَنْ يَقُولُ عِنْدِي مَاءٌ، وَأَتَى عَقِبَهُ بِقَوْلِهِ لِغَائِبٍ أَوْ نَجَسٍ أَوْ وَدِيعَةٍ لِفُلَانٍ مَثَلًا، فَلَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ، وَلَا صَلَاتُهُ مُطْلَقًا وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا فِيهَا مَا قَبْلَهَا فَيَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ بِجَمِيعِ هَذِهِ التَّوَهُّمَاتِ إنْ كَانَ فِي حَدِّ الْغَوْثِ، وَإِلَّا فَلَا وَخَرَجَ

ــ

[حاشية عميرة]

قَبْلَ الصَّلَاةِ وَجَعَلَهُ غَيْرَ مُؤَثِّرٍ مُطْلَقًا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، قُلْت: وَرَأَيْت فِي كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ مَا يُخَالِفُهُ بِعُمُومِهِ حَيْثُ قَالَ فِي التَّعْلِيلِ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ، وَإِنْ أَسْقَطَهَا فَلَا لِأَنَّهَا لَمَّا لَمْ تَبْطُلْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِالتَّوَهُّمِ، فَكَذَلِكَ بِالتَّحَقُّقِ لِأَنَّهُمَا مُتَلَازِمَانِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا يُؤَثِّرَانِ قَبْلَ الشُّرُوعِ وَلَا يُؤَثِّرَانِ بَعْدَ الْفَرَاغِ اهـ.

وَهُوَ كَمَا تَرَى دَالٌّ عَلَى أَنَّ الَّتِي لَا يَسْقُطُ فَرْضُهَا بِالتَّيَمُّمِ يُؤَثِّرُ فِيهَا تَوَهُّمُ الْمَاءِ كَوُجُودِهِ بِخِلَافِ مَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا مِنْ التَّفْرِقَةِ، وَهِيَ الْحَقُّ الْمُوَافِقُ لِمُقْتَضَى الْإِرْشَادِ وَتَصْرِيحِ شَارِحِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَالشَّرْحُ فَلَا تَبْطُلُ) اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ بِمَا لَوْ أَبْصَرَ الْأَعْمَى فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ التَّقْلِيدِ فِي الْقِبْلَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ يَبْطُلُ النَّفَلُ) .

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إدْخَالُهُ لِلنَّافِلَةِ فِي الصَّلَاةِ الْمُنْقَسِمَةِ إلَى مَا يُسْقِطُهَا وَمَا لَا يُسْقِطُهَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُتَيَمِّمَ الْمُقِيمَ وَنَحْوَهُ كَمَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْفَرِيضَةِ يُسْتَحَبُّ لَهُ قَضَاءُ النَّافِلَةِ الْمُؤَقَّتَةِ عَلَى خِلَافِ مَا يَقْتَضِيه كَلَامُهُمْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ إنْ قَطَعَهَا إلَخْ) أَيْ وَلَا يُسْتَحَبُّ قَلْبُهَا نَفْلًا لِأَنَّهُ إنْشَاءُ نَفْلٍ، وَتَأْثِيرُ الْمَاءِ فِي الْفَرْضِ كَهُوَ فِي النَّفْلِ. قَوْلُ الشَّارِحِ:(مِنْ إتْمَامِهَا) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مِنْ حَرَّمَ الْإِتْمَامَ.

ص: 106

الْمُطْلَقِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ قَبْلَ إتْمَامِهِمَا لِيُسَلِّمَ عَنْهُمَا، وَيَتَوَضَّأَ وَيُصَلِّيَ مَا شَاءَ (إلَّا مَنْ نَوَى عَدَدًا فَيُتِمُّهُ) وَإِنْ جَاوَزَ رَكْعَتَيْنِ لِانْعِقَادِ نِيَّتِهِ عَلَيْهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الْأَوَّلِ أَنَّهُ يُجَاوِزُ رَكْعَتَيْنِ بِمَا شَاءَ، وَفِي الثَّانِي أَنَّهُ لَا يُجَاوِزُ رَكْعَتَيْنِ، وَلَوْ كَانَ الْمَنْوِيُّ رَكْعَةً لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا (وَلَا يُصَلِّي بِتَيَمُّمٍ غَيْرَ فَرْضٍ) لِأَنَّهُ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ (وَيَتَنَفَّلُ مَا شَاءَ) لِأَنَّ النَّفَلَ لَا يَنْحَصِرُ فَخُفِّفَ فِيهِ

(وَالنَّذْرُ) بِالْمُعْجَمَةِ.

ــ

[حاشية قليوبي]

بِقَوْلِنَا فِي مَحَلٍّ يَجِبُ طَلَبُهُ مِنْهُ، مَا لَوْ وَجَدَهُ فِي حَدِّ الْبُعْدِ فَلَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ، وَلَا صَلَاتُهُ مُطْلَقًا وَخَرَجَ بِالصَّلَاةِ الطَّوَافُ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ. وَلَوْ لِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ، وَلَوْ بِنَذْرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَيَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ مُطْلَقًا بِوُجُودِ الْمَاءِ بِتَوَهُّمِهِ فِي حَدِّ الْقُرْبِ كَمَا مَرَّ. وَمَنْ أَتْقَنَ مَا ذَكَرْنَاهُ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ مَا فِي عِبَارَةِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ مِنْ الْخَلَلِ الَّذِي مَنْشَؤُهُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الِاخْتِصَارِ.

(فُرُوعٌ) : يَجِبُ عَلَى الْوَاطِئِ النَّزْعُ إذَا رَأَتْ مَوْطُوءَتُهُ الْمَاءَ، وَعَلِمَ بِرُؤْيَتِهَا لَهُ وَإِلَّا فَلَا لِبَقَاءِ تَيَمُّمِهَا عِنْدَهُ، وَلَوْ تَيَمَّمَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ وَصَلَّى بِمَحَلٍّ لَا يَغْلِبُ فِيهِ أَوْ عَكْسُهُ، فَالْعِبْرَةُ بِمَحَلِّ الصَّلَاةِ عِنْدَ شَيْخِنَا وَخَالَفَهُ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ والطندتائي، وَلَوْ اخْتَلَفَ مَحَلُّ أَوَّلِ الصَّلَاةِ وَآخِرِهَا، فَالْعِبْرَةُ بِالتَّحَرُّمِ وَلَوْ صَلَّى فِي مَحَلٍّ، ثُمَّ شَكَّ هَلْ يَلْزَمُ فِيهِ الْقَضَاءُ أَوْ لَا، لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ شَرْطٍ بَعْدَ الْفَرَاغِ، وَالْقَضَاءُ إنَّمَا يَلْزَمُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ لُزُومُ الْقَضَاءِ إذَا شَكَّ فِي الْمَحَلِّ قَبْلَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ قَارَنَ الشَّكُّ تَحَرُّمَهُ فَرَاجِعْهُ، وَلَوْ نَزَعَ الْجَبِيرَةَ لِتَوَهُّمِ الْبُرْءِ فَوَجَدَ الْجُرْحَ لَمْ يَبْرَأْ، لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ، وَكَذَا لَوْ سَقَطَتْ جَبِيرَتُهُ، لَكِنْ لَوْ كَانَ فِي صَلَاةٍ بَطَلَتْ فِيهِمَا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ:(قَبْلَ إتْمَامِهِمَا) فَإِنْ رَآهُ أَثْنَاءَ رَكْعَةٍ بَعْدَهُمَا أَتَمَّهَا مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (لِانْعِقَادِ نِيَّتِهِ عَلَيْهِ) إمَّا قَصْدًا أَوْ تَنْزِيلًا كَأَنْ أَطْلَقَ فِي الْوِتْرِ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى ثَلَاثَةٍ أَقَلِّ الْكَمَالِ، يَتَرَدَّدُ النَّظَرُ عَلَى مَاذَا يَقْتَصِرُ عَلَى قَوْلِ الْخَطِيبِ: إنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَفْرَادِ الْوِتْرِ فَرَاجِعْهُ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَفْعِلْ مَا اخْتَارَهُ فَتَأَمَّلْهُ، وَمِثْلُ انْعِقَادِ نِيَّتِهِ مَا لَوْ نَوَى زِيَادَةً بَعْدَ التَّحَرُّمِ، وَقَبْلَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ، وَيُمْكِنُ شُمُولُ كَلَامِهِ لَهُ. قَوْلُهُ:(وَلَا يُصَلِّي) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَوْ لِلْمَفْعُولِ، وَغَيْرُ مَفْعُولٍ أَوْ نَائِبُ فَاعِلٍ، وَالطَّوَافُ كَالصَّلَاةِ. قَوْلُهُ:(غَيْرُ فَرْضٍ) إنْ أَغْنَى عَنْ الْقَضَاءِ فَلَهُ جَمْعُ مُعَادَةٍ، وَلَوْ وُجُوبًا مَعَ أَصْلِهَا، وَلَهُ جَمْعُ جُمُعَةٍ وَظُهْرٍ مُعَادَةٍ وُجُوبًا، وَلَهُ جَمْعُ صَلَاةٍ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ مَعَهَا، بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ، وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ الصَّبِيَّ نَعَمْ. إنْ بَلَغَ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَرْضِ، لَمْ يُصَلِّهِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُ. وَشَمِلَ الْفَرْضُ الْمَذْكُورُ الْمُؤَدَّاةَ وَالْمَقْضِيَّةَ، وَمِنْهَا مَا يَقْضِيهِ نَحْوُ الْمَجْنُونِ بَعْدَ كَمَالِهِ، وَالصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَالْكَافِرُ بَعْدَ إسْلَامِهِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِطَلَبِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْمَنْسِيَّةِ وَفِي قَضَاءِ الْحَائِضِ، وَالْوَجْهُ جَوَازُ الْجَمْعِ.

قَوْلُهُ: (وَالنَّذْرُ) أَيْ الْمَنْذُورُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ كَفَرْضِهِ الْأَصْلِيِّ لَوْ كَانَ، أَوْ الْمُرَادُ الْمَنْذُورُ مِنْ الصَّلَاةِ، وَالطَّوَافِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا كَنَذْرِ الْقِرَاءَةِ، وَالِاعْتِكَافِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ، فَلَهُ جَمْعُ فُرُوضٍ مِنْهُ بِتَيَمُّمٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَلَا يُصَلِّي إلَخْ. وَإِنْ كَانَ فِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَلَا يُؤَدَّى لِعَدَمِ صِحَّتِهِ فِي غَيْرِ الطَّوَافِ، وَالصَّلَاةِ وَلَيْسَ مِنْهُ نَفْلٌ نَذَرَ إتْمَامَهُ لِبَقَائِهِ عَلَى النَّفْلِيَّةِ، وَإِنْ حَرُمَ الْخُرُوجُ مِنْهُ، وَالْمُرَادُ بِالنَّذْرِ مَا انْعَقَدَتْ صِيغَتُهُ عَلَيْهِ، أَوْ عُدَّ خُصْلَةً وَاحِدَةً فَلَوْ نَذَرَ التَّرَاوِيحَ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِهَا، وَكَذَا لَوْ نَذَرَ الْوِتْرَ أَوْ الضُّحَى وَإِنْ نَذَرَ فِيهَا التَّسْلِيمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، لِأَنَّ وُجُوبَهُ بِالنَّذْرِ لَا يَزِيدُ عَلَى وُجُوبِهِ، إلَّا صَلَّى كَمَا فِي التَّرَاوِيحِ، وَلَوْ نَذَرَ وِتْرَيْنِ لَزِمَهُ تَيَمُّمَانِ لِكُلِّ وِتْرٍ تَيَمُّمٌ كَمَا مَرَّ. وَهَكَذَا وَهَذَا الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا آخِرًا، وَقَالَ فِي مَرَّةٍ: مَتَى سَلَّمَ لَزِمَهُ تَجْدِيدُ التَّيَمُّمِ، وَإِلَّا فَلَا. وَفِي مَرَّةٍ إنْ نَذَرَ السَّلَامَ وَجَبَ تَجْدِيدُ التَّيَمُّمِ، وَإِلَّا فَلَا.

وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي نَذْرِ الْوِتْرَيْنِ مَثَلًا: يَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ.

(فَرْعٌ) نَذَرَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ، فَإِنْ صَلَّاهَا بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ، اتِّفَاقًا أَوْ بِإِحْرَامَيْنِ، كَأَنْ يُسَلِّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، وَلَوْ بِغَيْرِ نَذْرِ السَّلَامِ مِنْهُمَا لَزِمَهُ تَيَمُّمَانِ، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ فَرَاجِعْهُ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا يُجَاوِزُ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ لِأَنَّهُ الْأَحَبُّ وَالْمَعْهُودُ فِيهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (إذَا وُجِدَ الْمَاءُ قَبْلَ إتْمَامِهَا) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ شَرَعَ فِي الثَّالِثَةِ فَلَهُ إتْمَامُهُمَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَلَوْ كَانَ الْمَنْوِيُّ رَكْعَةً لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا) وَارِدَةً عَلَى الْكِتَابِ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يُسَمَّى عَدَدًا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُصَلِّي بِتَيَمُّمٍ غَيْرَ فَرْضٍ) لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ مَعَ الْفَرْضِ الْمُعَادَةَ فِي الْجَمَاعَةِ كَالْمَنْسِيَّةِ فِي خَمْسٍ يَجْمَعُهَا بِتَيَمُّمٍ

ص: 107

(كَفَرْضٍ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي لَا فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَهُ مَعَ الْفَرْضِ الْأَصْلِيِّ (وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ جَنَائِزَ مَعَ فَرْضٍ) لِشَبَهِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِالنَّفْلِ فِي جَوَازِ التَّرْكِ وَتَعَيُّنُهَا عِنْدَ انْفِرَادِ الْمُكَلَّفِ عَارِضٌ، وَالثَّانِي لَا تَصِحُّ لِأَنَّهَا فَرْضٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَالْفَرْضُ بِالْفَرْضِ أَشْبَهُ، وَالثَّالِثُ إنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ صَحَّتْ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ فَلَا. وَتَصِحُّ أَيْضًا مَعَ نَفْلٍ بِنِيَّتِهِ فِي أَصَحِّ الْأَوْجُهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَعَبَّرَ فِيهِ بِالْجَمْعِ كَمَا هُنَا لِيُفِيدَ الصِّحَّةَ فِي الْمُفْرَدِ الْمُعَبَّرِ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ مِنْ بَابِ أَوْلَى (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ مَنْ نَسِيَ إحْدَى الْخَمْسِ) وَلَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا (كَفَاهُ تَيَمُّمٌ لَهُنَّ) لِأَنَّ الْفَرْضَ وَاحِدٌ وَمَا عَدَاهُ وَسِيلَةٌ لَهُ. وَالثَّانِي يَجِبُ خَمْسَةُ تَيَمُّمَاتٍ لِوُجُوبِ الْخَمْسِ (وَإِنْ نَسِيَ مُخْتَلِفَتَيْنِ) لَا يَعْلَمُ عَيْنَهُمَا (صَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ) مِنْ الْخَمْسِ (بِتَيَمُّمٍ، وَإِنْ شَاءَ تَيَمَّمَ مَرَّتَيْنِ وَصَلَّى بِالْأَوَّلِ أَرْبَعًا وَلَاءً) أَيْ الصُّبْحَ وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ (وَبِالثَّانِي أَرْبَعًا لَيْسَ مِنْهَا الَّتِي بَدَأَ بِهَا) أَيْ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ

ــ

[حاشية قليوبي]

فَائِدَةٌ) ذَكَرَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَوَارِدِ الْفَوَائِدِ لُغْزًا نَظْمًا يَتَعَلَّقُ بِمَا ذُكِرَ هُنَا بِقَوْلِهِ:

أَلَيْسَ عَجِيبًا أَنَّ شَخْصًا مُسَافِرًا

إلَى غَيْرِ عِصْيَانٍ تُبَاحُ لَهُ الرُّخَصْ

إذَا مَا تَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ أَعَادَهَا

وَلَيْسَ مُعِيدًا لِلَّتِي بِالتُّرَابِ خَصْ

ثُمَّ قَالَ: وَصُورَتُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، مَا لَوْ أَجْنَبَ مُسَافِرٌ وَنَسِيَ الْجَنَابَةَ، وَصَارَ يُصَلِّي بِالْوُضُوءِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ، وَيُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ إذَا فَقَدَهُ فَيُعِيدُ صَلَاةَ الْوُضُوءِ، لِبَقَاءِ الْجَنَابَةِ عَلَى غَيْرِ أَعْضَائِهِ، لَا صَلَاةَ التَّيَمُّمِ، لِرَفْعِهَا عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ بِقِيَامِهِ مَقَامَ الْغُسْلِ، وَيَتَّجِهُ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ الْخَاصِّ بِالْفَرْضِ، أَوْ اسْتِبَاحَةَ ذَلِكَ وَلَمْ يُلَاحِظْ الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ فِيهِمَا، لِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْجَنَابَةِ بِقَرِينَةِ كَوْنِهَا عَلَيْهِ مَعَ جَعْلِ نِسْيَانِهِ لَهَا كَالْغَلَطِ، وَإِلَّا فَالتَّيَمُّمُ كَالْوُضُوءِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ:(فِي الْأَظْهَرِ) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْمَشْهُورِ لِضَعْفِ الْمُقَابِلِ جِدًّا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (فِي أَصَحِّ الْأَوْجُهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ) إنَّمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مُرَاعَاةً لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالصَّحِيحِ، لِضَعْفِ الْمُقَابِلِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ.

قَوْلُهُ: (إنَّ مَنْ نَسِيَ إحْدَى الْخَمْسِ) وَلَوْ احْتِمَالًا فِيهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهَا. كَمَا لَوْ شَكَّ حَاجٌّ فِي أَنَّ مَتْرُوكَهُ طَوَافٌ، أَوْ صَلَاةٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْخَمْسُ مَعَ الطَّوَافِ، وَيَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ لِلْجَمِيعِ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَلَهُ الِاجْتِهَادُ فِي أَيِّهِمَا الْمَتْرُوكُ.

قَالَ شَيْخُنَا: وَلَهُ الِاجْتِهَادُ فِي الْمَتْرُوكَةِ مِنْ الْخَمْسِ أَيْضًا، وَكَذَا لَوْ نَذَرَ قُرْبَةً وَشَكَّ فِي أَنَّهَا صَوْمٌ أَوْ صَدَقَةٌ أَوْ عِتْقٌ أَوْ صَلَاةٌ، فَلَهُ الِاجْتِهَادُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(لَهُنَّ) هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِكَفَاهُ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ فِي التَّعَلُّقِ، بِالْفِعْلِ فَيَدْخُلُ مَا لَوْ تَيَمَّمَ لِغَيْرِهِنَّ أَوْ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ.

قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَهُ بِالتَّيَمُّمِ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ فَرْضٍ آخَرَ، وَأَنْ يُصَلِّيَ بِهِ فَرْضًا آخَرَ وَنُظِرَ فِيهِ، بِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُتَيَمَّمَ لَهَا فِي الْأُولَى هِيَ الَّتِي عَلَيْهِ، وَأَنَّهَا فِي الثَّانِيَةِ غَيْرُ الَّتِي عَلَيْهِ وَهِيَ وَاقِعَةٌ لَهُ نَافِلَةً. نَعَمْ. إنْ قَصَدَ فِي الثَّانِيَةِ بِتَيَمُّمِهِ الَّتِي عَلَيْهِ مِنْهُنَّ فَهُوَ قَرِيبٌ، وَلَوْ تَذَكَّرَ الْمَنْسِيَّةَ بَعْدَ ذَلِكَ، لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَفَارَقَ وُضُوءَ الِاحْتِيَاطِ بِإِمْكَانِ الْيَقِينِ فِيهِ بِنَحْوِ الْمَسِّ. وَبِوُجُوبِ الْفِعْلِ هُنَا.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْفَرْضَ وَاحِدٌ) فَلَوْ كَانَ الْمَنْسِيُّ اثْنَيْنِ، وَجَبَ تَيَمُّمَانِ. وَهَكَذَا أَوْ قَدْ جَعَلُوا لِذَلِكَ ضَابِطًا كُلِّيًّا بِعِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، إحْدَاهَا أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ بِعَدَدِ الْمَنْسِيِّ، وَيُصَلِّي بِكُلِّ تَيَمُّمٍ عَدَدَ غَيْرِ الْمَنْسِيِّ مَعَ زِيَادَةِ وَاحِدَةٍ، ثَانِيهَا أَنْ يَضْرِبَ الْمَنْسِيَّ فِي الْمَنْسِيِّ فِيهِ، وَيُزَادُ عَلَى الْحَاصِلِ قَدْرُ عَدَدِ الْمَنْسِيِّ، ثُمَّ يَضْرِبُ الْمَنْسِيَّ فِي نَفْسِهِ وَيُسْقِطُ الْحَاصِلَ مِنْ الْجُمْلَةِ فَالْبَاقِي هُوَ الْمَقْضِيُّ مُوَزَّعًا عَلَى التَّيَمُّمَاتِ الَّتِي بِعَدَدِ الْمَنْسِيِّ كَمَا مَرَّ. ثَالِثُهَا أَنْ يُزَادَ مِثْلُ عَدَدِ غَيْرِ الْمَنْسِيِّ فَأَكْثَرُ عَلَى عَدَدِ الْمَنْسِيِّ فِيهِ، بِحَيْثُ يَنْقَسِمُ صَحِيحًا عَلَى الْمَنْسِيِّ فَالْمُجْتَمِعُ هُوَ الْمَقْضِيُّ مُوَزَّعًا عَلَى التَّيَمُّمَاتِ الْمَذْكُورَةِ أَيْضًا فَفِي نِسْيَانِ صَلَاتَيْنِ يَجِبُ تَيَمُّمَانِ، وَيُصَلِّي بِكُلِّ تَيَمُّمٍ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ بِقَدْرِ عَدَدِ غَيْرِ الْمَنْسِيِّ، مَعَ زِيَادَةِ صَلَاةٍ أَوْ بِضَرْبِ الْمَنْسِيِّ، وَهُوَ اثْنَانِ فِي الْمَنْسِيِّ فِيهِ، وَهُوَ خَمْسَةٌ يَحْصُلُ عَشَرَةٌ يُزَادُ عَلَيْهَا عَدَدُ الْمَنْسِيِّ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ اثْنَانِ يَجْتَمِعُ اثْنَا عَشَرَ، ثُمَّ يُسْقِطُ مِنْهَا مَضْرُوبَ الِاثْنَيْنِ فِي نَفْسِهِمَا، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ يَبْقَى ثَمَانِيَةٌ تُقْسَمُ عَلَى التَّيَمُّمَيْنِ كَمَا مَرَّ. وَيُزَادُ عَلَى الْمَنْسِيِّ فِيهِ، وَهُوَ خَمْسَةٌ مِثْلُ عَدَدِ غَيْرِ الْمَنْسِيِّ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ يَحْصُلُ ثَمَانِيَةٌ وَقِسْمَتُهَا صَحِيحَةٌ عَلَى الْمَنْسِيِّ الَّذِي هُوَ اثْنَانِ، فَيَخُصُّ كُلَّ تَيَمُّمٍ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ كَمَا مَرَّ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (مُخْتَلِفَتَيْنِ) أَيْ يَقِينًا سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهُمَا مِنْ يَوْمٍ أَوْ مِنْ يَوْمَيْنِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (صَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ إلَخْ) أَيْ نَدْبًا عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَوُجُوبًا عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَإِنْ شَاءَ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ مِنْهَا الَّتِي بَدَأَ بِهَا) فَيَحْرُمُ فِعْلُهَا لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ فَاسِدَةٌ.

قَالَهُ

ــ

[حاشية عميرة]

لِأَنَّ الْفَرْضَ وَاحِدٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (غَيْرَ فَرْضٍ) خَالَفَ فِي هَذِهِ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه.

قَوْلُ الشَّارِحِ: (فِي جَوَازِ التَّرْكِ) أَيْ وَعَدَمِ

ص: 108

وَالْعِشَاءَ، فَيَخْرُجُ عَمَّا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ الْمَنْسِيَّتَانِ الصُّبْحَ وَالْعِشَاءَ أَوْ إحْدَاهُمَا مَعَ إحْدَى الثَّلَاثِ، أَوْ يَكُونَا مِنْ الثَّلَاثِ. وَعَلَى كُلٍّ صَلَّى كُلًّا مِنْهُمَا بِتَيَمُّمٍ، وَالثَّانِي هُوَ الْمُسْتَحْسَنُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ. وَقَوْلُهُ وَلَاءً مِثَالٌ لَا شَرْطٌ (أَوْ) نَسِيَ (مُتَّفِقَتَيْنِ) لَا يَعْلَمُ عَيْنَهُمَا مِنْ صَلَوَاتِ يَوْمَيْنِ (صَلَّى الْخَمْسَ مَرَّتَيْنِ بِتَيَمُّمَيْنِ) وَفِي الْوَجْهِ السَّابِقِ بِعَشْرِ تَيَمُّمَاتٍ (وَلَا يَتَيَمَّمُ لِفَرْضٍ قَبْلَ) دُخُولِ (وَقْتِ فِعْلِهِ) لِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ وَلَا ضَرُورَةَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَيَدْخُلُ فِي وَقْتِ الْفِعْلِ مَا تُجْمَعُ فِيهِ الثَّانِيَةُ مِنْ وَقْتِ الْأُولَى (وَكَذَا النَّفَلُ الْمُؤَقَّتُ) كَالرَّوَاتِبِ مَعَ الْفَرَائِضِ وَصَلَاةُ الْعِيدِ لَا يَتَيَمَّمُ لَهُ قَبْلَ وَقْتِهِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَجُوزُ ذَلِكَ تَوْسِعَةً فِي النَّفْلِ، وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ كَالنَّفْلِ، وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِانْقِضَاءِ الْغُسْلِ، وَسَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الْجَنَائِزِ كَرَاهَتُهَا قَبْلَ التَّكْفِينِ فَيُكْرَهُ التَّيَمُّمُ لَهَا قَبْلَهُ أَيْضًا، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَالصَّلَاةُ الْمَنْذُورَةُ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ كَالْفَرْضِ الْأَصْلِيِّ، وَالنَّفَلُ الْمُطْلَقُ يُتَيَمَّمُ لَهُ كُلَّ وَقْتٍ أَرَادَهُ إلَّا وَقْتَ الْكَرَاهَةِ

(وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا) كَالْمَحْبُوسِ فِي مَوْضِعٍ

ــ

[حاشية قليوبي]

شَيْخُنَا. وَقَالَ فِي مَرَّةٍ لَهُ فِعْلُهَا فَيُصَلِّي بِكُلِّ تَيَمُّمٍ خَمْسًا لِأَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ مِنْ فِعْلِهَا إذَا تَرَكَ وَاحِدَةً غَيْرَهَا. وَالْأَوَّلُ هُوَ الْوَجْهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إلَخْ) وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ عَشْرُ احْتِمَالَاتٍ، وَاحِدٌ بِقَوْلِهِ: الصُّبْحَ وَالْعِشَاءَ، وَسِتَّةٌ بِقَوْلِهِ أَوْ إحْدَاهُمَا مَعَ إحْدَى الثَّلَاثِ، وَثَلَاثَةٌ بِقَوْلِهِ أَوْ يَكُونَا مِنْ الثَّلَاثِ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(وَهُوَ الْمُسْتَحْسَنُ) لِقِلَّةِ التَّيَمُّمِ فِيهِ، وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ أَنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ لَا تَكْفِي فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ تَخَالُفُ الْمَنْسِيِّ الْمُتَعَدِّدِ، لِاحْتِمَالِ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ مَا فَعَلَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً.

قَوْلُهُ: (وَلَاءً) مِثَالٌ لَا شَرْطٌ فَهُوَ مِنْ التَّوَالِي لَا مِنْ الْمُوَالَاةِ، كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُهُمْ. قَوْلُهُ:(مُتَّفِقَتَيْنِ) وَلَوْ احْتِمَالًا أَخْذًا بِالْأَحْوَطِ، كَمَا لَوْ جَهِلَ عَدَدَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الصَّلَوَاتِ، وَلَوْ نَسِيَ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ مِنْ يَوْمَيْنِ وَشَكَّ هَلْ فِيهَا مُتَّفِقَتَانِ، لَزِمَهُ صَلَاةُ يَوْمَيْنِ، وَكَذَا لَوْ نَسِيَ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سِتًّا أَوْ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيَةً، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ صَلَاةُ يَوْمَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ الثَّلَاثُ مَثَلًا مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. لَزِمَهُ صَلَوَاتُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، كَذَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الثَّلَاثِ مِنْ ثَلَاثَةِ تَيَمُّمَاتٍ، وَفِي الْأَرْبَعِ مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَهَكَذَا فَانْظُرْ كَيْفِيَّةَ فِعْلِ صَلَوَاتِ الْيَوْمَيْنِ بِهَا، فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ يُصَلِّي الْخَمْسَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، أَوْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَهَكَذَا.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْوَقْتِ) عَدَلَ إلَيْهِ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَقْتِ فِعْلِهِ لِيُفِيدَ أَنَّ مُؤَدَّى الْعِبَارَتَيْنِ وَاحِدٌ أَوْ مَعْنَى وَقْتِ فِعْلِهِ وَقْتٌ يَصِحُّ فِيهِ فِعْلُهُ فِي ذَاتِهِ.

لَا بِالنَّظَرِ لِشَخْصٍ بِعَيْنِهِ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ، وَبَنَى عَلَيْهِ مَا يَأْتِي عَنْهُ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْفِعْلِ بِالْفِعْلِ، وَلَوْ لِشَخْصٍ بِعَيْنِهِ لَيْسَ مُعْتَبَرًا بِالْإِجْمَاعِ، وَإِلَّا لَمَا صَحَّ التَّيَمُّمُ قَبْلَ السُّتْرَةِ أَوْ الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ، أَوْ لِلْجُمُعَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ أَوْ لِلْخُطْبَةِ قَبْلَ اجْتِمَاعِ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ، وَلَمَا صَحَّ إيرَادُ الْمُتَنَجِّسِ، كَمَا يَأْتِي فَيَصِحُّ التَّيَمُّمُ لِلرَّاتِبَةِ الَّتِي بَعْدَ الْفَرْضِ قَبْلَ فِعْلِهِ، وَيَفْعَلُ بِهِ الْقَبْلِيَّةَ أَوْ غَيْرَهَا. وَقَوْلٌ لِشَيْخِ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ. بِعَدَمِ صِحَّتِهِ، لَمْ يَذْكُرْهُ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ بَلْ أَخَذَهُ مِنْ لَفْظِ " فِعْلِهِ " مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَقَدْ عَلِمْت بُطْلَانَهُ فَاعْتِمَادُ غَيْرِهِ لَهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ، وَلَا يَرِدُ عَدَمُ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ بِنِيَّةِ الْعَصْرِ، قَبْلَ فِعْلِ الظُّهْرِ، لِمَنْ يَجْمَعَ تَقْدِيمًا لِأَنَّ وَقْتَ الْجَمْعِ لَمْ يَدْخُلْ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى نِيَّتِهِ فِي الْأُولَى، وَلَا بُطْلَانُ تَيَمُّمِهِ لَهَا بَعْدَ فِعْلِ الظُّهْرِ، إذَا بَطَلَ الْجَمْعُ بَعْدَهُ بِدُخُولِ وَقْتِهَا مَثَلًا لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ قَبْلَ الْوَقْتِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ ظَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ وَتَبَيَّنَ خَطَؤُهُ، فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِمْ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَسْتَبِحْ مَا نَوَاهُ بِصِفَتِهِ، لَمْ يَسْتَبِحْ غَيْرَهُ بِالْأَوْلَى وَإِنَّمَا تَوَقَّفَتْ صِحَّةُ التَّيَمُّمِ عَلَى إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ مَعَهَا مَا يَنْوِيه وَلَا غَيْرُهُ.

قَوْلُهُ: (الْغُسْلِ) أَيْ الْوَاجِبِ وَلَوْ تَيَمَّمَ لِجِنَازَةٍ فَحَضَرَتْ أُخْرَى، جَازَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ عَلَى الثَّانِيَةِ قَبْلَ الْأُولَى أَوْ مَعَهَا، وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ الْمُتَيَمِّمِ، وَإِنْ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ مَعَ الْمُتَوَضِّئِ، وَكَذَا مُنْفَرِدًا إذَا سَقَطَتْ بِهِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْمُتَوَضِّئِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُصَلِّ الْمُتَوَضِّئُ، وَالْمَحَلُّ لَا تَسْقُطُ فِيهِ الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ وَهُوَ وَاضِحٌ، وَيَدْخُلُ وَقْتُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ بِاجْتِمَاعِ غَالِبِ النَّاسِ لِمَنْ يُرِيدُ فِعْلَهَا جَمَاعَةً، وَبِإِرَادَتِهِ إنْ أَرَادَهَا فُرَادَى وَصَلَاةِ الْكُسُوفِ بِالتَّغَيُّرِ، وَسَوَاءٌ أَرَادَهَا جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى، وَوَقْتُ الْفَائِتَةِ بِتَذَكُّرِهَا، وَالْمَنْذُورَةِ الْمُطْلَقَةِ بِإِرَادَةِ فِعْلِهَا، وَكَذَا مَا تَأَخَّرَ سَبَبُهُ. قَوْلُهُ:(إلَّا وَقْتَ الْكَرَاهَةِ) أَيْ إلَّا إنْ أَرَادَ فِعْلَهُ فِي وَقْتِهَا، فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ لَهُ، وَلَوْ قَبْلَهَا فَإِنْ لَمْ يُرِدْ فِعْلَهُ فِيهِ صَحَّ التَّيَمُّمُ لَهُ، وَلَوْ فِيهِ لِأَنَّهُ وَقْتُ صِحَّتِهِ فِي الْجُمْلَةِ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً) فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يَجِبُ طَلَبُهُ مِنْهُ عَلَى مَا مَرَّ.

ــ

[حاشية عميرة]

انْحِصَارِ الْعَدَدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَهُنَّ) مُتَعَلِّقٌ بِكَفَاهُ لَا بِتَيَمُّمٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَيْسَ مِنْهَا الَّتِي بَدَأَ بِهَا) الظَّاهِرُ أَنَّ فِعْلَهُ لِلْأُولَى بِالتَّيَمُّمِ الثَّانِي حَرَامٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَبْلَ وَقْتِ فِعْلِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الرَّاتِبَةَ الْبَعْدِيَّةَ لَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ لَهَا إلَّا بَعْدَ فِعْلِ الظُّهْرِ، وَفِيهِ نَظَرٌ يَقْوَى عِنْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ:(وَسَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الْجَنَائِزِ) هَذَا الْكَلَامُ رُبَّمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ لِلْجُمُعَةِ قَبْلَ

ص: 109

لَيْسَ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا (لَزِمَهُ فِي الْجَدِيدِ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ) لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ (وَيُعِيدَ) إذَا وَجَدَ أَحَدُهُمَا: يُنْدَبُ لَهُ الْفِعْلُ. وَالثَّانِي: يَحْرُمُ وَيُعِيدُ عَلَيْهِمَا. وَالثَّالِثُ: يَجِبُ وَلَا يُعِيدُ. حَكَاهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَاخْتَارَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ: كُلُّ صَلَاةٍ وَجَبَ فِعْلُهَا فِي الْوَقْتِ مَعَ خَلَلٍ لَمْ يَجِبْ قِصَاؤُهَا فِي قَوْلٍ قَالَ بِهِ الْمُزَنِيّ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّهُ أَدَّى وَظِيفَةَ الْوَقْتِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ. وَذَكَرَ فِيهِ وَفِي الْفَتَاوَى عَلَى الْجَدِيدِ أَنَّهُ إنَّمَا يُعِيدُ بِالتَّيَمُّمِ فِي مَوْضِعٍ يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ، فَإِنْ كَانَ فِيمَا لَا يَسْقُطُ بِهِ لَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهَا، وَاحْتُرِزَ بِالْفَرْضِ عَنْ النَّفْلِ، فَلَيْسَ لَهُ فِعْلُهُ قَطْعًا. (وَيَقْضِي الْمُقِيمُ الْمُتَيَمِّمُ لِفَقْدِ الْمَاءِ) لِنُدُورِ فَقْدِهِ فِي الْإِقَامَةِ وَعَلَى الْمُخْتَارِ السَّابِقِ لَا يَقْضِي (لَا الْمُسَافِرُ) الْمُتَيَمِّمُ لِفَقْدِهِ لِعُمُومِ فَقْدِهِ فِي السَّفَرِ (إلَّا الْعَاصِي بِسَفَرِهِ) كَالْآبِقِ فَيَقْضِي (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا يَقْضِي لِوُجُوبِ تَيَمُّمِهِ

ــ

[حاشية قليوبي]

وَلَا تُرَابًا كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَجِبُ طَلَبُهُ كَالْمَاءِ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ اللُّزُومَ فِي كَلَامِهِ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْوُجُوبِ، وَالصِّحَّةِ مَعًا بِدَلِيلِ حِكَايَةِ الْقَدِيمِ لِقَوْلِ النَّدْبِ، وَالْحُرْمَةِ وَلَيْسَ فِي النَّقْلِ لُزُومٌ، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فَتَقْيِيدُهُ بِالْفَرْضِ لِإِخْرَاجِ النَّفْلِ، إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ الصِّحَّةُ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِ الشَّارِحِ، وَاحْتُرِزَ إلَخْ. فَسَقَطَ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ هُنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(أَنْ يُصَلِّيَ) أَيْ عِنْدَ يَأْسِهِ مِنْهُمَا، وَلَوْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَهِيَ صَلَاةٌ حَقِيقَةٌ يَحْنَثُ بِهَا، مَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي وَيُبْطِلُهَا مَا يُبْطِلُ غَيْرَهَا. وَيَحْرُمُ قَطْعُهَا بِلَا عُذْرٍ: نَعَمْ. تَبْطُلُ بِتَوَهُّمِ الْمَاءِ أَوْ التُّرَابِ فِي مَحَلٍّ يَجِبُ طَلَبُهُمَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ يَسْقُطُ بِهِ فِيهِ الْقَضَاءُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (الْفَرْضَ) أَيْ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ الْمُؤَقَّتَةَ وَلَوْ بِالنَّذْرِ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ، وَلَهُ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ مِنْهَا إلَّا نَحْوَ السُّورَةِ لِلْجُنُبِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ قَصْدُ الْقِرَاءَةِ فِي الْفَاتِحَةِ وَلَا تَجُوزُ الْمَنْدُوبَاتُ فِيهَا، كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَلَوْ فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ، وَسُجُودِ السَّهْوِ إلَّا تَبَعًا لِإِمَامِهِ فِيهِمَا، وَدَخَلَ فِي الْفَرْضِ الْجُمُعَةُ فَتَلْزَمُهُ، وَإِنْ وَجَبَ إعَادَتُهَا ظُهْرًا وَلَا تَجِبُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ، كَذَا قَالُوهُ، وَظَاهِرُ هَذَا عَدَمُ صِحَّتِهَا مِنْهُمْ لَوْ كَانَ فِيهِمْ مِنْهُمْ، أَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ كَذَلِكَ، وَهُوَ يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ فَرَاجِعْهُ، وَدَخَلَ صَلَاةُ الْكُسُوفِ إذَا نَذَرَهَا، وَيُصَلِّيهَا بِالْهَيْئَةِ الَّتِي قَصَدَهَا فِي نَذْرِهِ، أَوْ بِمَا تُحْمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَلَا تُقْضَى إذَا خَرَجَ وَقْتُهَا. قَوْلُهُ:(لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ) أَيْ الْحَقِيقِيِّ فَلَا يَجُوزُ قَضَاءُ فَائِتَةٍ تَذَكَّرَهَا، وَإِنْ فَاتَتْ بِغَيْرِ عُذْرٍ. قَوْلُهُ:(وَيُعِيدُ) صَوَابُهُ التَّعْبِيرُ بِالْقَضَاءِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْأَقْوَالِ، وَأَمَّا الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ فَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِهَا، وَلَوْ بِالتُّرَابِ فِي مَحَلٍّ لَا تَسْقُطُ بِهِ، فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ الْمُرَادُ بِهَا مَا يَعُمُّ الْقَضَاءَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. قَوْلُهُ:(لَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ) أَيْ وَلَا تَجُوزُ فَتَحْرُمُ.

قَوْلُهُ: (وَاحْتُرِزَ بِالْفَرْضِ عَنْ النَّفْلِ) سَوَاءٌ الْمُؤَقَّتُ وَغَيْرُهُ، وَمِثْلُهُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ، فَلَا تَجُوزُ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ، فَيُدْفَنُ الْمَيِّتُ بِلَا صَلَاةٍ، وَمِثْلُهُ قِرَاءَةُ الْجُنُبِ الْقُرْآنَ بِقَصْدِهِ، وَمُكْثُهُ بِالْمَسْجِدِ وَتَمْكِينُ الْحَلِيلِ، فَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْهَا.

(تَنْبِيهٌ) يُلْحَقُ بِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ فِي الْمَنْعِ مِنْ النَّفْلِ، وَنَحْوِهِ مَنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ، يُخَافُ مِنْ غَسْلِهَا، وَمَنْ حُبِسَ عَلَى نَجَاسَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا. كَفَاقِدِ سُتْرَةٍ وَمُتَيَمِّمٍ بِمَحِلٍّ. يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ إلْحَاقُ نَحْوِ مَرْبُوطٍ عَلَى خَشَبَةٍ، بِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(الْمُقِيمُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ مَنْ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ وَبِالْمُسَافِرِ عَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (إلَّا الْعَاصِيَ بِسَفَرِهِ) الْمُرَادُ بِالسَّفَرِ هُنَا حَقِيقَتُهُ فَيَلْزَمُهُ التَّيَمُّمُ، وَيُصَلِّي وَيَقْضِي وَهَذَا فِي الْفَقْدِ الْحِسِّيِّ وَأَمَّا الشَّرْعِيُّ كَعَطَشٍ، فَلَا يَصِحّ مِنْهُ التَّيَمُّمُ حَتَّى يَتُوبَ، وَمِثْلُهُ أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَخَرَجَ بِهِ الْعَاصِي بِالْإِقَامَةِ، فَلَا يَقْضِي لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ

ــ

[حاشية عميرة]

فِعْلِ الْخُطْبَةِ، لَكِنْ صَرَّحَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِخِلَافِهِ.

قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ) أَيْ وَلِمَا رَوَتْ «عَائِشَةُ أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ قِلَادَةً مِنْ أَسْمَاءَ فَهَلَكَتْ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُنَاسًا فِي طَلَبِهَا، فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ وَلَيْسُوا عَلَى وُضُوءٍ، وَلَمْ يَجِدُوا مَاءً فَصَلُّوا وَهُمْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَقَدْ تَمَسَّكَ مَنْ مَنَعَ وُجُوبَ الْإِعَادَةِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَاكَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ التَّيَمُّمِ وَعَدَمُ الْمَاءِ فِي السَّفَرِ لَيْسَ بِنَادِرٍ، فَصَلَاتُهُمْ إذْ ذَاكَ بِغَيْرِ طَهُورٍ نَاشِئَةٌ عَنْ عُذْرٍ عَامٍّ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ أَنَّ الْفَائِتَةَ وَلَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَا يَفْعَلُهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، أَيْ لَا يَجُوزُ فِعْلُهَا قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَيُعِيدُ) اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ وَجَبَتْ فِيهِ الْإِعَادَةُ، فَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ الْفَرْضَ هُوَ الْمُعَادَةُ، وَقِيلَ كِلْتَاهُمَا، وَهُوَ الْأَفْقَهُ، وَقِيلَ الْأُولَى، وَقِيلَ إحْدَاهُمَا لَا بِعَيْنِهَا.

قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي مَسَائِلَ مِنْهَا إذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ الثَّانِيَةَ بِتَيَمُّمِ الْأُولَى. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهَا) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ تَحْرِيمُهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَقْضِي الْمُقِيمُ الْمُتَيَمِّمُ) هَذَا بِعُمُومِهِ

ص: 110

كَغَيْرِهِ، وَعُورِضَ بِأَنَّ عَدَمَ الْقَضَاءِ رُخْصَةٌ فَلَا تُنَاطُ بِسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ، وَفِي وَجْهٍ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ فَلْيَتُبْ لِيَصِحَّ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْقَضَاءِ فِي الْإِقَامَةِ وَعَدَمِهِ فِي السَّفَرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، فَلَوْ أَقَامَ فِي مَفَازَةٍ وَطَالَتْ إقَامَتُهُ وَصَلَاتُهُ بِالتَّيَمُّمِ فَلَا قَضَاءَ، وَلَوْ دَخَلَ الْمُسَافِرُ فِي طَرِيقِهِ قَرْيَةً وَعَدِمَ الْمَاءَ وَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ وَجَبَ الْقَضَاءُ فِي الْأَصَحِّ.

(وَمَنْ تَيَمَّمَ لِبَرْدٍ قَضَى فِي الْأَظْهَرِ) لِنُدُورِ فَقْدِ مَا يُسَخِّنُ بِهِ الْمَاءَ، وَالثَّانِي لَا يَقْضِي مُطْلَقًا، وَيُوَافِقُهُ الْمُخْتَارُ السَّابِقُ. وَالثَّالِثُ يَقْضِي الْحَاضِرُ دُونَ الْمُسَافِرِ (أَوْ) تَيَمَّمَ (لِمَرَضٍ يَمْنَعُ الْمَاءَ مُطْلَقًا) أَيْ فِي جَمِيعِ أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ (أَوْ فِي عُضْوٍ وَلَا سَاتِرَ) بِذَلِكَ مِنْ جَبِيرَةٍ فَأَكْثَرَ مَثَلًا (فَلَا) يَقْضِي لِعُمُومِ الْمَرَضِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ بِجُرْحِهِ دَمٌ كَثِيرٌ) فَيَقْضِي لِعَدَمِ الْعَفْوِ عَنْ الْكَثِيرِ فِيمَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ كَمَا سَيَأْتِي فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ، وَزَادَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَةَ كَثِيرٍ.

وَقَالَ فِي الدَّقَائِقِ: لَا بُدَّ مِنْهَا، أَيْ فِي مُرَادِ الرَّافِعِيِّ لِلْعَفْوِ عَنْ الْقَلِيلِ فِي مَحَلِّهِ، وَمَا سَيَأْتِي لَهُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِدَمِ الْأَجْنَبِيِّ، فَلَا يُعْفَى عَنْهُ فِي الْأَصَحِّ مَحْمُولٌ بِقَرِينَةِ التَّشْبِيهِ عَلَى الْمُنْتَقِلِ عَنْ مَحَلِّهِ، وَرَجَّحَ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ الْعَفْوَ عَنْ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. (وَإِنْ كَانَ) بِالْأَعْضَاءِ أَوْ بَعْضِهَا (سَاتِرٌ) كَجَبِيرَةٍ فَأَكْثَرَ (لَمْ يَقْضِ فِي الْأَظْهَرِ إنْ وَضَعَ) السَّاتِرَ (عَلَى طُهْرٍ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ وَقَدْ مَسَحَهُ بِالْمَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ وُجُوبُهُ شَبِيهٌ بِالْخُفِّ، وَمَاسِحُهُ لَا يَقْضِي.

وَالثَّانِي يَقُولُ: مَسَحَهُ لِلْعُذْرِ وَهُوَ نَادِرٌ غَيْرُ دَائِمٍ. (فَإِنْ وَضَعَ) السَّاتِرَ (عَلَى حَدَثٍ وَجَبَ نَزْعُهُ) إنْ أَمْكَنَ بِأَنْ لَا يَخَافَ مِنْهُ ضَرَرًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِيَتَطَهَّرَ فَيَضَعَهُ عَلَى طُهْرٍ فَلَا يَقْضِي كَمَا تَقَدَّمَ. (فَإِنْ تَعَذَّرَ) نَزْعُهُ لِخَوْفِ مَحْذُورٍ مِمَّا

ــ

[حاشية قليوبي]

شَأْنِهَا الْفَقْدُ، فَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْفَقْدِ الْحِسِّيِّ وَالشَّرْعِيِّ وَالْعَاصِي بِهَا وَغَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (بِأَنَّ عَدَمَ الْقَضَاءِ رُخْصَةٌ) . قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ التَّيَمُّمَ عَزِيمَةٌ، وَيَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُ الْمُقَابِلِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ، وَلَعَلَّ سُكُوتَ الشَّارِحِ عَنْهُ لِذَلِكَ، وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (أَوْ الْمَرَضِ) وَلَوْ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ، وَكَالْمَرَضِ حَيْلُولَةُ نَحْوِ سَبُعٍ أَوْ خَوْفُ رَاكِبِ سَفِينَةٍ فِي الْبَحْرِ مِنْ الْوُقُوعِ فِيهِ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(لِعَدَمِ الْعَفْوِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ بَاطِلٌ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ مَعَ النَّجَاسَةِ كَمَا مَرَّ. فَالْقَضَاءُ لِبُطْلَانِهِ لَا لِلدَّمِ، وَحَمَلَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَلَى دَمٍ طَرَأَ بَعْدَ التَّيَمُّمِ أَوْ عَلَى أَنَّ فِي مَفْهُومِ الْكَثِيرِ تَفْصِيلًا وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يُفِيدُ صِحَّةَ التَّيَمُّمِ، بَلْ عَدَمُ الْعَفْوِ صَرِيحٌ فِي بُطْلَانِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(وَرَجَّحَ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ) أَيْ فَيَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِالْأَعْضَاءِ) أَيْ غَيْرِ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ. كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَأَخْذُ السَّاتِرِ بِقَدْرِ الِاسْتِمْسَاكِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (عَلَى طُهْرٍ) أَيْ مِنْ الْحَدَثَيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَلَا يَكْفِي طُهْرُ عُضْوِ السَّاتِرِ. مَثَلًا خِلَافًا لِلسَّنْبَاطِيِّ تَبَعًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ:(عَلَى حَدَثٍ) أَيْ أَوْ عَلَى طُهْرٍ مِنْ حَيْثُ وُجُوبُ النَّزْعِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَعَذَّرَ) أَيْ فِي الْوَضْعِ عَلَى الْحَدَثِ. قَوْلُهُ: (لِنَقْصِ الْبَدَلِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ سَاتِرٌ، وَلَكِنْ

ــ

[حاشية عميرة]

يَشْمَلُ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ فَيَتَكَلَّفُ الشَّخْصُ التَّوَجُّهَ إلَى الْقَبْرِ لِيُعِيدَ الصَّلَاةَ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى عَلَيْهَا بِالتَّيَمُّمِ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافُهُ لِلْمَشَقَّةِ. نَعَمْ نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ ابْنُ خَيْرَانِ أَنَّ الْمُقِيمَ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ بِالتَّيَمُّمِ عَلَى الْجِنَازَةِ.

(تَنْبِيهٌ) لَوْ يَمَّمَ الْمَيِّتَ وَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ وَجَبَ غُسْلُهُ لِأَنَّهُ خَاتِمَةُ أَمْرِهِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ، وَلَكِنْ نَازَعَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ، وَحَمَلَهُ عَلَى الْحَضَرِ.

قَوْلُ الشَّارِحِ: (الْمُتَيَمِّمُ لِفَقْدِهِ) وَلَوْ لِظَمَأٍ أَوْ سَبُعٍ أَوْ آلَةِ الِاسْتِقَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِوُجُوبِ تَيَمُّمِهِ) أَيْ وَإِذَا وَجَبَ صَارَ عَزِيمَةً لَا رُخْصَةً ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَعَلَّلَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ لَمَّا لَزِمَ فِعْلُهُ خَرَجَ عَنْ مُضَاهَاةِ الرُّخَصِ الْمَحْضَةِ، ثُمَّ مَحَلُّ هَذَا إذَا كَانَ الْفَقْدُ حِسِّيًّا، فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا وَأَرَادَ التَّيَمُّمَ لِمَرَضٍ أَوْ عَطَشٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ، ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَنُقِلَ عَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ، ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُ الشَّارِحِ:(وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقَضَاءِ فِي الْإِقَامَةِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ الْعِبْرَةُ بِمَحَلِّ التَّيَمُّمِ أَوْ الصَّلَاةِ الَّذِي فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الْأَوَّلُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَجَبَ الْقَضَاءُ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ وَإِنْ كَانَ حُكْمُ السَّفَرِ نَافِيًا.

قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالثَّالِثُ يَقْضِي الْحَاضِرُ دُونَ الْمُسَافِرِ) يَدُلُّ لَهُ قَضِيَّةُ عَمْرٍو إذْ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِالْقَضَاءِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ جَائِزٌ.

قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِعُمُومِ الْمَرَضِ) أَيْ فَكَانَ مُسْقِطًا لِلْمَشَقَّةِ كَمَا أَنَّ الْحَيْضَ لِعُمُومِهِ أَسْقَطَ الْقَضَاءَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَمَا سَيَأْتِي لَهُ) أَيْ لِلرَّافِعِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى طُهْرٍ) هَلْ الْمُرَادُ طُهْرٌ كَامِلٌ أَوْ طُهْرُ ذَلِكَ الْعُضْوِ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَالْخُفِّ نَعَمْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْمُحْدِثَ حَدَثًا أَصْغَرَ لَوْ

ص: 111