الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَلْحَقُهُ سَهْوُهُ مِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ الِاسْتِقْلَالُ وَحَمْلُ سَهْوِ الْغَيْرِ فَلَا يَجْتَمِعَانِ.
(وَلَا بِمَنْ تَلْزَمُهُ إعَادَةٌ كَمُقِيمٍ تَيَمَّمَ) لِعَدَمِ الْمَاءِ، وَفَاقِدٍ لِلطَّهُورَيْنِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِصَلَاتِهِ، وَقِيلَ يَجُوزُ اقْتِدَاءُ مِثْلِهِ بِهِ.
(وَلَا) قُدْوَةُ (قَارِئٍ بِأُمِّيٍّ فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّ الْإِمَامَ بِصَدَدِ تَحَمُّلِ الْقِرَاءَةِ عَنْ الْمَأْمُومِ الْمَسْبُوقِ، فَإِذَا لَمْ يُحْسِنْهَا لَمْ يَصِحَّ لِلتَّحَمُّلِ، وَالْقَدِيمُ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ فِي السِّرِّيَّةِ لِقِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ فِيهَا بِخِلَافِ الْجَهْرِيَّةِ، فَيَتَحَمَّلُ الْإِمَامُ عَنْهُ فِي الْقَدِيمِ، وَفِي ثَالِثِ مَخْرَجٍ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ فِي السِّرِّيَّةِ وَالْجَهْرِيَّةِ بِنَاءً عَلَى لُزُومِ الْقِرَاءَةِ لِلْمَأْمُومِ فِيهِمَا فِي الْجَدِيدِ.
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: هَذِهِ الْأَقْوَالُ جَارِيَةٌ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمَأْمُومُ كَوْنَ الْإِمَامِ أُمِّيًّا أَمْ لَا، وَقِيلَ هِيَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهُ أُمِّيًّا، فَإِنْ عَلِمَ لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا. (وَهُوَ مَنْ يُخِلُّ بِحَرْفٍ أَوْ تَشْدِيدَةٍ مِنْ الْفَاتِحَةِ) بِأَنْ لَا يُحْسِنَهُ (وَمِنْهُ أَرَتُّ) بِالْمُثَنَّاةِ (يُدْغِمُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ) أَيْ الْإِدْغَامِ (وَأَلْثَغُ) بِالْمُثَلَّثَةِ (يُبْدِلُ حَرْفًا بِحَرْفٍ) أَيْ يَأْتِي بِغَيْرِهِ بَدَلَهُ كَأَنْ يَأْتِيَ بِالْمُثَلَّثَةِ بَدَلَ السِّينِ، أَوْ بَالِغَيْنِ بَدَلَ الرَّاءِ، فَيَقُولُ: الْمُثْتَقِيمَ غَيْغِ الْمَغْضُوبِ.
(وَتَصِحُّ) قُدْوَةُ أُمِّيٍّ (بِمِثْلِهِ) فِيمَا يُخِلُّ بِهِ كَأَرَتَّ بِأَرَثِّ وَأَلْثَغَ بِأَلْثَغ فِي الْكَلِمَةِ بِخِلَافِهِمَا فِي كَلِمَتَيْنِ، وَبِخِلَافِ الْأَرَتِّ بِالْأَلْثَغِ وَعَكْسِهِ، فَلَا تَصِحُّ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِيمَا ذَكَرَ يُحْسِنُ مَا لَا
ــ
[حاشية قليوبي]
شَكَّ فِي أَنَّهُ إمَامٌ أَوْ مَأْمُومٌ لَمْ تَصِحَّ، وَيَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ إنْ شَكَّ فِي الِابْتِدَاءِ لِعَدَمِ صِحَّةِ النِّيَّةِ مِنْهُ مُطْلَقًا. وَكَذَا إنْ شَكَّ قَبْلَ الْفَرَاغِ وَطَالَ الْفَصْلُ أَوْ فَعَلَ رُكْنًا مَعَ الشَّكِّ كَمَا فِي أَصْلِ النِّيَّةِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ فَإِنْ تَذَكَّرَ وَلَوْ بَعْدَ سِنِينَ أَنَّهُ إمَامٌ فَلَا إعَادَةَ أَوْ أَنَّهُ مَأْمُومٌ أَعَادَ فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ شَيْئًا فَعَلَى قَوْلِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ: إنَّ الشَّكَّ فِي نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ بَعْدَ الْفَرَاغِ لَا يُؤَثِّرُ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ أَيْضًا، وَهَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُفَرِّقُوا فِيهَا بَيْنَ الشَّكِّ وَالظَّنِّ. قَوْلُهُ:(فَلَا يَجْتَمِعَانِ) أَيْ التَّبَعِيَّةُ وَالِاسْتِقْلَالُ.
قَوْلُهُ: (كَمُقِيمٍ تَيَمَّمَ) أَيْ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ وَعَلِمَ الْمَأْمُومُ بِحَالِهِ وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ تَبَيُّنِ الْحَدَثِ الْآتِي وَلَوْ تَبَيَّنَ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ أَوْ السُّتْرَةِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ بِخِلَافِ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْخُطْبَةِ لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ.
قَوْلُهُ: (بِأُمِّيٍّ) نِسْبَةً إلَى الْأُمِّ كَأَنَّهُ عَلَى حَالَةِ وِلَادَتِهِ وَأَصْلُهُ لُغَةً مَنْ لَا يَكْتُبُ وَإِطْلَاقُهُ عَلَى مَا هُنَا، قِيلَ مَجَازٌ وَقِيلَ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ وَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ مِنْ الِابْتِدَاءِ كَالْأُنْثَى خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ. قَوْلُهُ:(وَقِيلَ يَجُوزُ إلَخْ) أَيْ فَلَا إعَادَةَ. قَوْلُهُ: (مَخْرَجٍ) أَيْ الْجَدِيدُ السَّابِقُ فِي صَلَاةِ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ. قَوْلُهُ: (أَمْ لَا) يَشْمَلُ مَا لَوْ شَكَّ فِي أُمِّيَّتِهِ وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ.
قَوْلُهُ: (أَوْ تَشْدِيدَةٍ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ إرَادَةِ الْحَرْفِ الْحَقِيقِيِّ فِيمَا قَبْلَهُ فَهُوَ عَطْفٌ خَاصٍّ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْفَاتِحَةِ) وَبَدَلُهَا مِثْلُهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَالتَّشَهُّدِ وَالسَّلَامِ وَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُخِلَّ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ لَا يُسَمَّى أُمِّيًّا فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ، وَعَلَيْهِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَلَا إمَامَتُهُ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ شَرْطَ الْخَطِيبِ صِحَّةُ إمَامَتِهِ بِالْقَوْمِ فِي الْجُمُعَةِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْإِخْلَالَ بِبَعْضِ الشَّدَّاتِ فِي التَّشَهُّدِ مُخِلٌّ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ حَيْثُ التَّسْمِيَةِ فَهُوَ مُمْكِنٌ وَعَلَيْهِ فَالْوَجْهُ إسْقَاطُ بَدَلِ الْفَاتِحَةِ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ مِقْدَارُ حُرُوفِهَا صَحِيحًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(يُدْغِمُ) وَيَلْزَمُهُ الْإِبْدَالُ. قَوْلُهُ: (يُبْدِلُ إلَخْ) وَلَوْ مَعَ الْإِدْغَامِ فَكُلُّ كَالْجَمْعَةِ أَلْثَغُ وَلَا عَكْسَ نَعَمْ لَا تُفَسِّرُ لُثْغَةٌ يَسِيرَةٌ لَا تُخْرِجُ الْحُرُوفَ عَنْ أَصْلِهَا.
قَوْلُهُ: (فِي الْكَلِمَةِ) أَيْ أَنْ يَتَّحِدَ مَحَلُّ الْحَرْفِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ فِي الْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْمَأْتِيِّ بِهِ كَ (غَيْغ) وَ (غَيْم) فَإِنْ اخْتَلَفَ مَحَلُّ الْحَرْفِ لَمْ يَصِحَّ، إنْ اتَّحَدَ الْحَرْفُ الْمَأْتِيُّ بِهِ، وَالْكَلِمَةُ كَأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يُبْدِلُ نُونَ نَسْتَعِينُ الْأَوَّلُ وَالْآخَرُ يُبْدِلُ الثَّانِيَةَ. قَوْلُهُ:(بِخِلَافِهِمَا فِي الْكَلِمَتَيْنِ) وَإِنْ اتَّحَدَ الْحَرْفُ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ كَأَنْ أَبْدَلَ
ــ
[حاشية عميرة]
فِي الْجَدِيدِ) مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يُقَصِّرْ فِي التَّعَلُّمِ.
قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وَالْقَدِيمِ إنْ كَانَتْ سِرِّيَّةً صَحَّ وَإِلَّا فَلَا، بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الْقَدِيمِ فَإِنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَقْرَأُ فِي الْجَهْرِيَّةِ بَلْ يَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْإِمَامُ، وَفِي السِّرِّيَّةِ يَقْرَأُ لِنَفْسِهِ فَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ اهـ. أَقُولُ: فَلَوْ سَبَقَ عَلَى هَذَا فِي السِّرِّيَّةِ فَانْظُرْ مَا حُكْمُهُ. قَوْلُهُ: (فَيَتَحَمَّلُ الْإِمَامُ) أَيْ فِي الْجَهْرِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَفِي ثَالِثِ) أَيْ جَدِيدٍ. قَوْلُهُ: (بِنَاءً عَلَى لُزُومِ إلَخْ) اسْتَنَدَ قَائِلُهُ أَيْضًا إلَى الْقِيَاسِ، عَلَى اقْتِدَاءِ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ وَالْمُومِئِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْأَرْكَانَ الْفِعْلِيَّةَ لَا يَدْخُلُهَا التَّحَمُّلُ وَعُمُومُ الْبَلْوَى فِي الْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ وَبِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْهُ لَيْسَ بِنَقْصٍ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ فِي الْجَمِيعِ. قَوْلُهُ:(أَوْ تَشْدِيدَةٍ) .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُبَالِغْ الشَّخْصُ فِي التَّشْدِيدِ كُرِهَتْ صَلَاتُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(يُدْغِمُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ) إمَّا بِالْإِبْدَالِ كَقَارِئِ مُسْتَقِيمٍ بِتَاءٍ مُشَدَّدَةٍ أَوْ سِينٍ مُشَدَّدَةٍ وَإِمَّا بِزِيَادَةٍ كَتَشْدِيدِ اللَّامِ مِنْ مَالِكٍ أَوْ الْكَافِ مِنْهُ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْبُطْلَانُ خَاصٌّ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ كَمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْفَأْفَاءِ قَالَ: وَلَا يَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْأَرَتَّ قِسْمًا مِنْ الْأُمِّيِّ وَقَدْ فَسَّرَ الْأُمِّيَّ بِمَنْ يُخِلُّ بِحَرْفٍ أَوْ تَشْدِيدَةٍ.
[قُدْوَةُ أُمِّيٍّ بِمِثْلِهِ فِي الصَّلَاةِ]
قَوْلُهُ: (فِيمَا يُخِلُّ بِهِ) لَوْ أَبْدَلَ السِّينَ ثَاءً وَأَبْدَلَهَا الْآخَرُ زَايًا فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ، وَمِثْلُهُ فِيمَا
يُحْسِنُ الْآخَرُ، وَمِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَخَذَ التَّقْيِيدَ بِالْكَلِمَةِ فِيمَا سَبَقَ.
(وَتُكْرَهُ) الْقُدْوَةُ (بِالتِّمْتَامِ) وَمَنْ يُكَرِّرُ التَّاءَ (وَالْفَأْفَاءِ) وَبِهَمْزَتَيْنِ مَمْدُودًا وَهُوَ مَنْ يُكَرِّرُ الْفَاءَ، وَذَلِكَ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ إذْ لَا فَاءَ فِيهَا، وَجَوَازُ الْقُدْوَةِ بِهِمَا مَعَ زِيَادَتِهِمَا لِعُذْرِهِمَا فِيهَا. (وَاللَّاحِنِ) بِمَا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى كَضَمِّ هَاءِ لِلَّهِ. (فَإِنْ غَيَّرَ مَعْنَى كَأَنْعَمْتَ بِضَمٍّ أَوْ كَسْرٍ أَبْطَلَ صَلَاةَ مَنْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ) وَلَمْ يَتَعَلَّمْ (فَإِنْ عَجَزَ لِسَانُهُ أَوْ لَمْ يَمْضِ زَمَنُ إمْكَانِ تَعَلُّمِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْفَاتِحَةِ فَكَأُمِّيٍّ) فَقُدْوَةُ مِثْلِهِ بِهِ صَحِيحَةٌ، وَقُدْوَةُ صَحِيحِ اللِّسَانِ بِهِ كَقُدْوَةِ قَارِئٍ بِأُمِّيٍّ (وَإِلَّا) إنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ. (فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ وَالْقُدْوَةُ بِهِ) .
قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ قِيلَ: لَيْسَ لِهَذَا اللَّاحِنِ
ــ
[حاشية قليوبي]
أَحَدُهُمَا الرَّاءَ مِنْ الصِّرَاطِ وَالْآخَرُ الرَّاءَ مِنْ صِرَاطِ. قَوْلُهُ: (وَبِخِلَافِ الْأَرَتِّ بِالْأَلْثَغِ وَعَكْسُهُ) فَلَا تَصِحُّ سَوَاءٌ كَانَ فِي كَلِمَةٍ أَوْ كَلِمَتَيْنِ، نَعَمْ إنْ اتَّحَدَتْ الْكَلِمَةُ وَالْحَرْفُ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ وَمَحَلُّهُ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ كَأَنْ أَبْدَلَ أَحَدُهُمَا سِينَ الْمُسْتَقِيمِ مُثَلَّثَةً وَأَبْدَلَهَا الْآخَرُ مُثَنَّاةً وَأَدْغَمَهَا فِيمَا بَعْدَهَا، وَقَوْلُ شَيْخِ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ بِالصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ أَسْقَطَ أَحَدُهُمَا حَرْفًا وَأَبْدَلَهُ الْآخَرُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ صَلَاةَ مَنْ لَمْ يَأْتِ بِبَدَلٍ بَاطِلَةٌ مِنْ أَصْلِهَا. قَوْلُهُ:(وَمِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ) وَهُوَ الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُحْسِنُ مَا لَا يُحْسِنُهُ الْآخَرُ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَيْضًا عَدَمُ صِحَّةِ اقْتِدَاءِ أَخْرَسَ بِأَخْرَسَ. وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا بِالْخَرَسِ الطَّارِئِ فِيهِمَا لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى طَارِئِ الْخَرَسِ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ وَشَفَتَيْهِ وَلَهَاتِهِ بِقَدْرِ إمْكَانِهِ، فَقَدْ يُحْسِنُ أَحَدُهُمَا مَا لَا يُحْسِنُهُ الْآخَرُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ أَصْلِيًّا فِيهِمَا صَحَّ اقْتِدَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا صَحَّ اقْتِدَاءُ الْأَصْلِيِّ بِالطَّارِئِ دُونَ عَكْسِهِ.
قَالَ ذَلِكَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ: وَفِي شَرْحِهِ إطْلَاقُ عَدَمِ الصِّحَّةِ لِلْأَخْرَسَيْنِ مُطْلَقًا وَقَالَا أَيْضًا: إنَّهُ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْأَدْنَى بِالْأَعْلَى فِي ذَلِكَ مَنْ يُحْسِنُ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ بِمَنْ يُحْسِنُهَا دُونَ عَكْسِهِ، وَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ فِيهِمَا مَعَ الْعَجْزِ كَمَا فِي اقْتِدَاءِ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ وَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ مَعَ أَنَّ قَضِيَّةَ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ.
(تَنْبِيهٌ) يُجْرَى فِي الْأُمِّيِّ الَّذِي أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ مَا فِي اللَّاحِنِ الْآتِي.
قَوْلُهُ: (وَتُكْرَهُ بِالتِّمْتَامِ) وَكَذَا مَجْهُولُ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْأُمِّيَّةِ وَالْأُنُوثَةِ وَغَيْرِهَا فَالرَّبْطُ بِهِمْ صَحِيحٌ وَلَا يَضُرُّ الشَّكُّ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ حَالِ الْإِمَامِ كَمَا مَرَّ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ وُجُوبَ الْإِعَادَةِ عِنْدَ الْعِلْمِ بِنَقْصِهِ كَمَا يَأْتِي. نَعَمْ يَجِبُ الْبَحْثُ بَعْدَ الْفَرَاغِ عَنْ حَالِ مَنْ أَسَرَّ فِي جَهْرِيَّةٍ وَلَا تَجِبُ مُفَارَقَتُهُ فِي الْأَثْنَاءِ وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ عِنْدَ الِاقْتِدَاءِ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ إلَّا إذَا عَلِمَ الْخَلَلَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ بَعْدَ السَّلَامِ أَسْرَرْت لِعِلْمِي بِجَوَازِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ. قَوْلُهُ:(وَهُوَ مَنْ يُكَرِّرُ التَّاءَ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمِيمَ زَائِدَةٌ، وَأَشَارَ بِالْفَاءِ إلَى أَنَّ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ مِثْلُهَا فِي ذَلِكَ.
وَكَذَا سَائِرُ الْحُرُوفِ. قَوْلُهُ: (لِعُذْرِهِمَا) لَيْسَ قَيْدًا فَغَيْرُ الْمَعْذُورِ مِثْلُهُ لِأَنَّ الْمُكَرَّرَ حَرْفٌ قُرْآنِيٌّ عَلَى الصَّحِيحِ. قَوْلُهُ: (وَاللَّاحِنِ) مِنْ اللَّحْنِ بِالسُّكُونِ عَلَى الْأَفْصَحِ الْخَطَأُ فِي الْإِعْرَابِ وَبِالتَّحْرِيكِ الْفِطْنَةُ. كَذَا فِي الصِّحَاحِ وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّهُ بِالتَّحْرِيكِ وَالسُّكُونِ يُطْلَقُ عَلَى الْفِطْنَةِ وَعَلَى الْخَطَأِ فِي الْإِعْرَابِ. اهـ.
وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (بِمَا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى) وَإِنْ كَانَ عَالِمًا عَامِدًا وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ فِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا، وَمِنْهُ ضَمُّ هَاءِ (لِلَّهِ) أَوْ لَامِهِ وَكَسْرُ دَالِ الْحَمْدِ وَكَسْرُ نُونِ نَسْتَعِينُ أَوْ كَسْرُ تَائِهِ أَوْ نُونِ نَعْبُدُ أَوْ فَتْحُ بَائِهِ أَوْ كَسْرُهَا أَوْ ضَمُّ صَادِ الصِّرَاطِ أَوْ هَاءِ عَلَيْهِمْ أَوْ رَاءِ الرَّحْمَنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(كَأَنْعَمْتَ بِضَمٍّ أَوْ كَسْرٍ) أَوْ تَخْفِيفِ إيَّاكَ وَإِبْدَالِ الْحَاءِ هَاءً أَوْ ذَالِ الَّذِينَ زَايًا أَوْ دَالًا مُهْمَلَةً وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ (أَبْطَلَ صَلَاةَ مَنْ إلَخْ) يَلْزَمُهُ بُطْلَانُ إمَامَتِهِ. وَهَذَا فِي الْفَاتِحَةِ مُطْلَقًا. وَكَذَا فِي غَيْرِهَا إنْ عَلِمَ وَتَعَمَّدَ وَإِلَّا صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَإِمَامَتُهُ وَوَقَّتَ إمْكَانَ التَّعَلُّمِ مِنْ الْبُلُوغِ وَلَوْ بِالِاحْتِلَامِ لِلْمُسْلِمِ الْعَاقِلِ، وَإِلَّا فَمِنْ الْإِسْلَامِ أَوْ الْإِفَاقَةِ، وَالْمُرَادُ بِإِمْكَانِ التَّعَلُّمِ الْقُدْرَةُ عَلَى الْوُصُولِ إلَى الْمُعَلِّمِ بِمَا جِيبَ بَذْلُهُ فِي الْحَجِّ وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ.
قَوْلُهُ: (فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ إلَخْ) نَعَمْ إنْ كَانَ عَالِمًا عَامِدًا قَادِرًا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَلَا إمَامَتُهُ، وَيَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ بِهِ مُفَارَقَتُهُ إنْ عَلِمَ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَهُ انْتِظَارُهُ إلَى الرُّكُوعِ، فَإِنْ لَمْ يُعِدْ الْقِرَاءَةَ عَلَى الصَّوَابِ فَارَقَهُ. قَوْلُهُ:(لَيْسَ لِهَذَا اللَّاحِنِ إلَخْ) فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَفِي الْبُطْلَانِ مَا مَرَّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ اللَّحْنَ حَرَامٌ عَلَى الْعَالِمِ الْعَامِدِ الْقَادِرِ مُطْلَقًا وَإِنَّ مَا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى لَا يَضُرُّ فِي
ــ
[حاشية عميرة]
يَظْهَرُ لَوْ كَانَ يُسْقِطُ الْحَرْفَ الْأَخِيرَ وَالْآخَرُ يُبْدِلُهُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَنْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ) هَذَا إذَا كَانَ عَالِمًا عَامِدًا سَوَاءٌ الْفَاتِحَةُ وَغَيْرُهَا، فَإِنْ كَانَ مَعَ الْجَهْلِ أَوْ النِّسْيَانِ لَمْ يَضُرَّ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ وَضَرَّ فِي مُوَالَاتِهَا فَإِنْ تَفَطَّنَ لِلصَّوَابِ وَاسْتَأْنَفَ صَحَّ ثُمَّ إمْكَانُ التَّعَلُّمِ فِي الْكَافِرِ مِنْ وَقْتِ الْإِسْلَامِ، وَفِي الْمُسْلِمِ مِنْ التَّمْيِيزِ فِيمَا يَظْهَرُ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَصِحُّ صَلَاةُ الْمُمَيِّزِ وَلَا الِاقْتِدَاءُ بِهِ إذْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْإِسْنَوِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَإِلَّا فَتَصِحُّ إلَخْ) اقْتَضَى هَذَا جَوَازَ قِرَاءَةِ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ لَهُ خِلَافًا لِمَا حَاوَلَهُ الْإِمَامُ، لَكِنْ هَلْ
قِرَاءَةُ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِمَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ بِلَا ضَرُورَةٍ.
(وَلَا تَصِحُّ قُدْوَةُ رَجُلٍ وَلَا خُنْثَى بِامْرَأَةٍ وَلَا خُنْثَى) لِأَنَّ الْمَرْأَةَ نَاقِصَةٌ عَنْ الرَّجُلِ، وَالْخُنْثَى الْمَأْمُومُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا وَالْإِمَامُ أُنْثَى، وَتَصِحُّ قُدْوَةُ الْمَرْأَةِ بِالْمَرْأَةِ وَبِالْخُنْثَى، كَمَا تَصِحُّ قُدْوَةُ الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ بِالرَّجُلِ.
(وَتَصِحُّ) الْقُدْوَةُ (لِلْمُتَوَضِّئِ بِالْمُتَيَمِّمِ) الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ إعَادَةٌ (وَبِمَا مَسَحَ الْخُفَّ) لِلِاعْتِدَادِ بِصَلَاتِهِمَا.
(وَلِلْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ وَالْمُضْطَجِعِ) وَلِلْقَاعِدِ بِالْمُضْطَجِعِ، رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي مَرَضِ مَوْتِهِ قَاعِدًا وَأَبُو بَكْرٍ وَالنَّاسُ قِيَامًا» ، فَهُوَ نَاسِخٌ لِمَا فِي حَدِيثِهِمَا عَنْهَا «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» مِنْ قَوْلِهِ:«وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعِينَ» وَيُقَاسُ الْمُضْطَجِعُ عَلَى الْقَاعِدِ، فَقُدْوَةُ الْقَاعِدِ بِهِ مِنْ بَابِ أَوْلَى.
(وَ) تَصِحُّ (لِلْكَامِلِ) أَيْ الْبَالِغِ الْحُرِّ (بِالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ) لِلِاعْتِدَادِ بِصَلَاتِهِمَا، وَسَوَاءٌ فِي الصَّبِيِّ الْفَرْضُ وَالنَّفَلُ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّ عَمْرَو بْنَ سَلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ سِتِّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ» وَأَنَّ عَائِشَةَ كَانَ يَؤُمُّهَا عَبْدُهَا ذَكْوَانُ، نَعَمْ الْبَالِغُ أَوْلَى مِنْ الصَّبِيِّ، وَالْحُرُّ أَوْلَى مِنْ الْعَبْدِ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْعَبْدُ الْبَالِغُ أَوْلَى مِنْ الْحُرِّ الصَّبِيِّ.
(وَالْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ سَوَاءٌ عَلَى النَّصِّ) وَقِيلَ. الْأَعْمَى أَوْلَى لِأَنَّهُ أَخْشَعُ، وَقِيلَ: الْبَصِيرُ أَوْلَى لِأَنَّهُ عَنْ النَّجَاسَةِ أَحْفَظُ، وَلِتَعَارُضِ الْمَعْنَيَيْنِ سِوَى الْأَوَّلِ بَيْنَهُمَا.
(وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ قُدْوَةِ السَّلِيمِ بِالسَّلِسِ) بِكَسْرِ اللَّامِ، أَيْ سَلِسِ الْبَوْلِ. (وَالطَّاهِرِ بِالْمُسْتَحَاضَةِ غَيْرِ الْمُتَحَيِّرَةِ) لِصِحَّةِ صَلَاتِهِمَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ، وَالثَّانِي يَقُولُ: صَلَاتُهُمَا صَلَاةُ ضَرُورَةٍ، وَيُفْهَمُ مِمَّا ذَكَرَ الْجَزْمُ بِصِحَّةِ قُدْوَةِ مِثْلِهِمَا بِهِمَا كَمَا فِي الْأُمِّيِّ بِمِثْلِهِ. أَمَّا الْمُتَحَيِّرَةُ فَلَا تَصِحُّ الْقُدْوَةُ بِهَا لِطَاهِرَةٍ وَلَا مُتَحَيِّرَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ، كَمَا ذُكِرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ،
ــ
[حاشية قليوبي]
صِحَّةِ صَلَاتِهِ وَالْقُدْوَةِ بِهِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا مَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى فَفِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ لَا يَضُرُّ فِيهِمَا إلَّا إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا قَادِرًا، وَأَمَّا فِي الْفَاتِحَةِ فَإِنْ قَدَرَ وَأَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ ضَرَّ فِيهِمَا وَإِلَّا فَكَأُمِّيٍّ.
قَوْلُهُ: (وَلَا تَصِحُّ قُدْوَةُ رَجُلٍ إلَخْ) سَوَاءٌ فِي الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ، فَلَا يَصِحُّ الرَّبْطُ لِمَنْ عَلِمَ فِي الِابْتِدَاءِ وَيَتَبَيَّنُ الْبُطْلَانُ لِمَنْ عَلِمَ فِي الْأَثْنَاءِ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ.
(تَنْبِيهٌ) يُكْرَهُ لِمَنْ اتَّضَحَ بِالْأُنُوثَةِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِالْمَرْأَةِ وَلِلرَّجُلِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِمَنْ اتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ، نَعَمْ إنْ اتَّضَحَ بِأَمْرٍ قَطْعِيٍّ لَمْ يُكْرَهْ كَالْوِلَادَةِ وَنَحْوِهَا.
(فَرْعٌ) يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالْمَلَكِ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِفَ بِذُكُورَةٍ أَوْ أُنُوثَةٍ وَالْجِنُّ كَالْإِنْسِ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ: وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا عَلَى صُورَةِ الْبَشَرِ. وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ الْوَجْهُ هُنَا وَتَقَدَّمَ فِيهِ زِيَادَةٌ فِي بَابِ الْحَدَثِ.
قَوْلُهُ: (وَلِلْقَاعِدِ بِالْمُضْطَجِعِ) وَكَذَا غَيْرُ الْمُسْتَلْقِي بِهِ مَعَ عِلْمِ الِانْتِقَالَاتِ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ نَاسِخٌ) أَيْ لِأَنَّهُ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّ إمَامَةَ أَبِي بَكْرٍ بِالنَّاسِ كَانَتْ فِي ظُهْرِ يَوْمِ الْأَحَدِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ صلى الله عليه وسلم عَقِبَهُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ. قَوْلُهُ:(أَجْمَعِينَ) بِالنَّصْبِ حَالًا مِنْ الضَّمِيرِ أَوْ بِمَحْذُوفٍ عَلَى أَنَّهُ تَأْكِيدٌ مَقْطُوعٌ أَوْ أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ أَيْ أَعْنِيكُمْ.
قَوْلُهُ: (وَالْحُرُّ أَوْلَى مِنْ الْعَبْدِ) أَيْ إنْ اسْتَوَيَا بُلُوغًا أَوْ عَدَمَهُ إلَّا إنْ كَانَ الْعَبْدُ أَفْقَهَ فَيَتَسَاوَيَانِ. قَوْلُهُ: (فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إلَخْ) هُوَ تَأْكِيدٌ لِمَا شَمِلَهُ عُمُومُ الِاسْتِثْنَاءِ قَبْلَهُ.
قَوْلُهُ: (وَالْأَعْمَى) وَكَذَا الْأَصَمُّ.
قَوْلُهُ: (أَيْ سَلَسِ الْبَوْلِ) قَيَّدَ بِهِ نَظَرًا لِمَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَإِلَّا فَالْمُرَادُ الْأَعَمُّ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَصِحُّ الْقُدْوَةُ) .
قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَيَجِبُ
ــ
[حاشية عميرة]
يُنْدَبُ لَهُ السُّورَةُ مَحَلُّ نَظَرٍ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْفَأْفَاءِ وَنَحْوِهِ فِي اللَّحْنِ الَّذِي لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمَرْأَةَ نَاقِصَةٌ) وَلِحَدِيثِ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» . وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ «لَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلًا» .
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمُضْطَجِعِ) أَيْ وَلَوْ مُومِيًا. قَوْلُهُ: (فَهُوَ نَاسِخٌ إلَخْ) قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ السَّبْتِ أَوْ الْأَحَدِ ثُمَّ تُوُفِّيَ صلى الله عليه وسلم ضُحَى يَوْمِ الِاثْنَيْنِ.
قَوْلُهُ: (بِالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ) وَكَذَا الصَّبِيُّ الْعَبْدُ فَلَوْ أَسْقَطَ الْوَاوَ لَدَخَلَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ، وَلَوْ اجْتَمَعَ عَبْدٌ فَقِيهٌ وَحُرٌّ غَيْرُ فَقِيهٍ حُكِيَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، وَحَكَاهَا فِي التَّقَدُّمِ فِي إمَامَةِ الْجِنَازَةِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، وَرَجَّحَ النَّوَوِيُّ هُنَاكَ تَقْدِيمَ الْحُرِّ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْبَابَانِ سَوَاءٌ.
قَوْلُهُ (وَقِيلَ الْبَصِيرُ) رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مُخْتَصَرِ التَّهْذِيبِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ التَّحَرُّزَ عَنْ النَّجَاسَةِ شَرْطٌ وَالْخُشُوعَ سُنَّةٌ.
(فَائِدَةٌ) الْأَصَمُّ فِي هَذَا كَالْأَعْمَى، قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ.
قَوْلُهُ: (لِصِحَّةِ صَلَاتِهِمَا إلَخْ) أَيْ وَكَمَا فِي النَّجَاسَةِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ. قَوْلُهُ:
لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهَا عَلَى الصَّحِيحِ.
(وَلَوْ بَانَ إمَامُهُ) بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى خِلَافِ ظَنِّهِ (امْرَأَةً أَوْ كَافِرًا مُعْلِنًا) بِكُفْرِهِ كَالْيَهُودِيِّ (قِيلَ أَوْ مُخْفِيًا) كُفْرَهُ كَالزِّنْدِيقِ (وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ) لِصَلَاتِهِ فِي الْأَوَّلَيْنِ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ فِيهِمَا إذْ تَمْتَازُ الْمَرْأَةُ بِالصَّوْتِ وَالْهَيْئَةِ وَغَيْرِهِمَا وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى لِأَنَّ أَمْرَهُ يَنْتَشِرُ وَيُعْرَفُ مُعْلِنُ الْكُفْرِ بِالْغِيَارِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ مُخْفِيهِ، فَلَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ فِيهِ فِي الْأَصَحِّ (لَا) إنْ بَانَ (جُنُبًا) أَوْ مُحْدِثًا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (وَذَا نَجَاسَةٍ خَفِيَّةٍ) فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ، فَلَا تَجِبُ إعَادَةُ صَلَاةِ الْمُؤْتَمِّ بِهِ لِانْتِفَاءِ التَّقْصِيرِ مِنْهُ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ الظَّاهِرَةِ، وَفِيهَا كَلَامٌ يَأْتِي. (قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ إنَّ مُخْفِيَ الْكُفْرِ هُنَا كَمُعْلِنِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَتَجِبُ إعَادَةُ صَلَاةِ الْمُؤْتَمِّ بِهِ لِنَقْصِهِ بِالْكُفْرِ بِخِلَافِ الْجُنُبِ مَثَلًا لَا نَقْصَ فِيهِ بِالْجَنَابَةِ، وَذُكِرَ فِي الرَّوْضَةِ نَحْوُ الْمَزِيدِ هُنَا إنَّ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ هُوَ الْأَقْوَى دَلِيلًا وَإِنَّ صَاحِبَيْ التَّتِمَّةِ وَالتَّهْذِيبِ وَغَيْرَهُمَا قَطَعُوا بِأَنَّ النَّجَاسَةَ كَالْحَدَثِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْخَفِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَأَنَّ الْإِمَامَ أَشَارَ إلَى أَنَّ الظَّاهِرَةَ كَمَسْأَلَةِ الزِّنْدِيقِ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ مَا يُخْفَى، أَيْ فَتَكُونُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيهِ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَهَذَا أَقْوَى، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّيْخِ فِي التَّنْبِيهِ، أَيْ فَإِنَّهُ أَطْلَقَ النَّجَاسَةَ وَحَكَمَ بِالْإِعَادَةِ، وَتَعَقَّبَهُ فِي التَّصْحِيحِ بِالْخَفِيَّةِ مُعَبِّرًا بِالصَّوَابِ، لَكِنَّهُ.
قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَلَوْ بَانَ عَلَى الْإِمَامِ نَجَاسَةٌ فَكَمُحْدِثٍ، وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ ظَاهِرَةً فَوَجْهَانِ، وَفِي الْكِفَايَةِ عَنْ حِكَايَةِ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ
ــ
[حاشية قليوبي]
الْقَضَاءُ إذَا تَبَيَّنَ الْحَالُ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ هَذَا مِنْ تَبَيُّنِ الْحَدَثِ بَلْ أَوْلَى بِعَدَمِ الْقَضَاءِ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهَا عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَوَالِدِهِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهَا، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَيْضًا نَظَرًا لِلْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ، وَيُمْكِنُ تَنْزِيلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (امْرَأَةً) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنْ الْفَاعِلِ أَوْ مُرَادِفُ الْفَاعِلِ، وَالْأَصْلُ وَلَوْ بَانَتْ أُنُوثَةُ إمَامِهِ أَوْ كُفْرُهُ. وَهَكَذَا سَوَاءٌ كَانَ الْمَأْمُومُ فِي الْمَرْأَةِ رَجُلًا أَوْ خُنْثَى وَإِنْ ظَنَّهَا عِنْدَ الِاقْتِدَاءِ رَجُلًا. قَوْلُهُ:(أَوْ كَافِرًا) أَيْ وَلَوْ بِقَوْلِهِ نَعَمْ لَوْ أَسْلَمَ وَصَلَّى إمَامًا ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ عَنْ حَقِيقَةٍ أَوْ أَنَّهُ ارْتَدَّ لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ وَلَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ كَافِرٌ بِهَذَا الْقَوْلِ.
قَوْلُهُ: (لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ) فِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ حَالِ الْإِمَامِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْأُمُورَ الَّتِي قَلَّ أَنْ تَخْفَى عَلَى أَحَدٍ يُنْسَبُ تَارِكُهَا إلَى التَّقْصِيرِ فِي الْبَحْثِ عَنْهَا، أَوْ يُقَالَ هَذَا تَعْلِيلُ مَنْ يُوجِبُ الْبَحْثَ جَرَى عَلَى لِسَانِ غَيْرِهِ وَلَيْسَ مَقْصُودًا عَنْهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(جُنُبًا أَوْ مُحْدِثًا) وَكَذَا كُلُّ مَا يَخْفَى عَلَى الْمَأْمُومِ كَتَرْكِ النِّيَّةِ وَكَوْنِهِ مَأْمُومًا وَنِيَّةِ إقَامَةٍ مُبْطِلَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ تَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْأَثْنَاءِ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَتَجِبُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ فِي الْأَوْلَى إنْ اسْتَمَرَّ الْإِمَامُ فِي صُورَةِ الصَّلَاةِ وَفَضْلُ الْجَمَاعَةِ حَاصِلٌ لِلْمَأْمُومِ فِي ذَلِكَ. نَعَمْ إنْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْجُمُعَةِ وَكَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ. قَوْلُهُ: (وَذَا نَجَاسَةٍ خَفِيَّةٍ) هِيَ عِنْدَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَالرَّمْلِيِّ الْحُكْمِيَّةُ بِأَنْ لَا تُدْرَكَ بِطَعْمٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ، وَمُقَابِلُهَا الظَّاهِرَةُ وَسَتَأْتِي وَعِنْدَ الطَّبَلَاوِيِّ وَالسَّنْبَاطِيِّ وَغَيْرِهِمَا هِيَ الَّتِي لَوْ تَأَمَّلَهَا الْمَأْمُومُ بِفَرْضِهَا فَوْقَ مَلْبُوسِ الْإِمَامِ، وَمَعَ الْقُرْبِ مِنْهُ لَمْ يَرَهَا، وَظَاهِرُ شَرْحِ شَيْخِنَا مُوَافَقَةُ هَذَا. قَوْلُهُ:(الْأَصَحُّ) بِمَعْنَى الرَّاجِحِ وَالْمَنْصُوصُ بِمَعْنَى النَّصِّ لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ بِمَعْنَى تَرْجِيحِهِمْ لَهُ. قَوْلُهُ: (هُنَا) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ مَحَلَّ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا. فَذَلِكَ اعْتَمَدَ النَّوَوِيُّ فِيهِ وُجُوبَ الْإِعَادَةِ هُنَا وَفِي غَيْرِ مَا هُنَا لَا مُخَالَفَةَ.
قَوْلُهُ: (وَإِنَّ صَاحِبَيْ التَّتِمَّةِ وَالتَّهْذِيبِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ الْقَضَاءِ فِي الْخَفِيَّةِ وَإِنَّ فِي الظَّاهِرَةِ طُرُقًا ثَلَاثَةً، أَحَدُهَا: قَاطِعَةٌ بِعَدَمِ الْقَضَاءِ فِيهَا كَالْخَفِيَّةِ وَهِيَ مَا فِي التَّتِمَّةِ وَالتَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِمَا، ثَانِيهَا: قَاطِعَةٌ بِالْإِعَادَةِ فِيهَا، وَهِيَ مَا فِي التَّنْبِيهِ وَالْكِفَايَةِ وَهِيَ الرَّاجِحَةُ، ثَالِثُهَا: حَاكِيَةٌ لِوَجْهَيْنِ وَهِيَ مَا فِي التَّحْقِيقِ وَكَلَامِ الْإِمَامِ وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الْبَصِيرِ وَالْأَعْمَى.
وَقَالَ شَيْخُنَا إنَّ الْأَعْمَى لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَفِي ذِكْرِ الشَّارِحِ كَلَامَ التَّحْقِيقِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِمُخَالَفَةِ كَلَامِهِ فِي كُتُبِهِ. قَوْلُهُ: (مُعَبِّرًا بِالصَّوَابِ) أَيْ قَائِلًا لَا إعَادَةَ فِي الْخَفِيَّةِ عَلَى
ــ
[حاشية عميرة]
لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهَا) أَيْ فَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْمِنْهَاجِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ كَافِرًا) وَلَوْ بِإِخْبَارِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ) عَلَّلَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه مَسْأَلَةَ الْكَافِرِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إمَامًا بِخِلَافِ الْجُنُبِ كَمَا فِي حَالَةِ تَيَمُّمِهِ. وَعَلَّلَهُ الْأَصْحَابُ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَنْبَنِي عَلَى الْعِلَّتَيْنِ مَسْأَلَةُ مُخْفِي الْكُفْرِ اهـ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ:
وُجُوبُ الْإِعَادَةِ فِيهَا. (وَالْأُمِّيُّ كَالْمَرْأَةِ فِي الْأَصَحِّ) بِجَامِعِ النَّقْصِ، فَيُعِيدُ الْقَارِئُ الْمُؤْتَمُّ بِهِ، وَالثَّانِي كَالْجُنُبِ بِجَامِعِ الْخَفَاءِ فَلَا يُعِيدُ الْمُؤْتَمُّ بِهِ، وَالْخِلَافُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْجَدِيدِ الْمَانِعِ مِنْ قُدْوَةِ الْقَارِئِ بِالْأُمِّيِّ، وَلَوْ بَانَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ كَوْنُ الْإِمَامِ مُحْدِثًا أَوْ جُنُبًا نَوَى الْمَأْمُومُ الْمُفَارَقَةَ وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَانَ امْرَأَةً أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا ذَكَرَ فَيَسْتَأْنِفُهَا، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ عَرَفَ الْمَأْمُومُ حَدَثَ الْإِمَامِ وَلَمْ يَتَفَرَّقَا، وَلَمْ يَتَطَهَّرْ، ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ نَاسِيًا وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ.
(وَلَوْ اقْتَدَى) رَجُلٌ (بِخُنْثَى) وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَدَّمَ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ أَنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ. (فَبَانَ رَجُلًا لَمْ يَسْقُطْ الْقَضَاءُ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ وَجَبَ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ بِهِ فِي الظَّاهِرِ لِلتَّرَدُّدِ فِي حَالِهِ، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلَوْ بَانَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ اسْتَمَرَّ الْمَأْمُومُ فِيهَا عَلَى الثَّانِي وَاسْتَأْنَفَهَا عَلَى الْأَوَّلِ، وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِيمَا إذَا اقْتَدَى خُنْثَى بِامْرَأَةٍ ثُمَّ بَانَ امْرَأَةً، وَخُنْثَى بِخُنْثَى ثُمَّ بَانَ رَجُلَيْنِ، أَوْ امْرَأَتَيْنِ، أَوْ الْإِمَامُ رَجُلًا أَوْ الْمَأْمُومُ امْرَأَةً.
(وَالْعَدْلُ أَوْلَى) بِالْإِمَامَةِ (مِنْ الْفَاسِقِ) إنْ اخْتَصَّ بِزِيَادَةِ الْفِقْهِ وَغَيْرِهِ
ــ
[حاشية قليوبي]
الصَّوَابِ. قَوْلُهُ: (وَالْأُمِّيُّ كَالْمَرْأَةِ) فَتَجِبُ الْإِعَادَةُ فِيهِ وَمِثْلُهُ كُلُّ مَا شَأْنُهُ عَدَمُ الْخَفَاءِ كَتَرْكِ الْقِيَامِ وَالسُّتْرَةِ وَالْقِرَاءَةِ أَوْ بَعْضِهَا وَالتَّكْبِيرَةِ وَالتَّشَهُّدِ وَالسَّلَامِ، نَعَمْ لَوْ كَبَّرَ الْمَأْمُومُ عَقِبَ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ ثُمَّ كَبَّرَ الْإِمَامُ ثَانِيًا لِشَكِّهِ فِي تَكْبِيرَتِهِ الْأُولَى مَثَلًا وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُومُ بِهِ لَمْ يَضُرَّ.
قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ إلَى غَيْرِهِ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ بِالْأَصَحِّ فِي مَحَلِّهِ خِلَافًا لِمَنْ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَانَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى ضَابِطٍ هُوَ أَنَّ كُلَّ مَا لَا تَلْزَمُ فِيهِ الْإِعَادَةُ بَعْدَ الْفَرَاغِ إذَا تَبَيَّنَ فِي الْأَثْنَاءِ تَجِبُ فِيهِ الْمُفَارَقَةُ حَالًا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافٍ، وَلَا يُغْنِي عَنْهَا تَرْكُ الْمُتَابَعَةِ وَأَنَّ كُلَّ مَا تَلْزَمُ فِيهِ الْإِعَادَةُ بَعْدَ الْفَرَاغِ إذَا تَبَيَّنَ فِي الْأَثْنَاءِ يَجِبُ فِيهِ الِاسْتِئْنَافُ، وَيَبْطُلُ مَا مَضَى. قَوْلُهُ:(وَلَوْ عَرَفَ إلَخْ) هَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِمَّا مَرَّ مِنْ أَنَّ بَيَانَ الْحَدَثِ لَا يُوجِبُ الْإِعَادَةَ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَتَفَرَّقَا) قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ يَخْرُجُ بِهِ مَا لَوْ تَفَرَّقَا زَمَنًا يُمْكِنُ فِيهِ طُهْرُ الْإِمَامِ فَلَا إعَادَةَ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ مِنْ حَالِهِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَسْأَلَةَ الْهِرَّةِ حَيْثُ لَمْ يُحْكَمْ بِطَهَارَةِ فَمِهَا وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَةِ مَاءٍ وَلَغَتْ فِيهِ. كَذَا قَالُوهُ وَالْوَجْهُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ اقْتَدَى بِخُنْثَى) أَيْ فِي الْوَاقِعِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ بِالتَّرَدُّدِ فِي حَالِهِ أَيْ فِي أَنَّهُ رَجُلٌ أَوْ خُنْثَى. وَهَذَا التَّرَدُّدُ لَا يَضُرُّ فِي النِّيَّةِ كَمَا مَرَّ لِاعْتِضَادِهِ بِالْحَمْلِ عَلَى الْكَمَالِ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّرَدُّدِ فِي كَوْنِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ خُنْثَى لِعَدَمِ انْعِقَادِ نِيَّتِهِ فِي ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ. وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي. وَشَمِلَ التَّرَدُّدُ الظَّنَّ وَالشَّكَّ وَالْوَهْمَ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ جَزَمَ بِأَنَّهُ رَجُلٌ فِي اعْتِقَادِهِ حَالَةَ النِّيَّةِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ خُنْثَى وَاتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَمُطْلَقًا بَعْدَ فَرَاغِهَا فَلَا إعَادَةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(وَالْمَأْمُومُ امْرَأَةً) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا أَوْ الْمَأْمُومُ امْرَأَةً، وَعَلَيْهَا فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ أَيْ سَوَاءٌ بِأَنَّ الْمَأْمُومَ فِي الْأُولَى امْرَأَةٌ أَمْ لَا، أَوْ بِأَنَّ الْإِمَامَ فِي الثَّانِيَةِ رَجُلٌ أَمْ لَا.
قَوْلُهُ: (وَالْعَدْلُ) أَيْ فِي الرِّوَايَةِ وَلَوْ رَقِيقًا وَامْرَأَةً، وَهُوَ مَنْ لَا يَرْتَكِبُ كَبِيرَةً وَلَمْ يُصِرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ أَوْ غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ عَلَى مَعَاصِيهِ. قَوْلُهُ:(أَوْلَى مِنْ الْفَاسِقِ) فَلِلْفَاسِقِ حَقٌّ فِي الْإِمَامَةِ وَلِذَلِكَ يَحْصُلُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ مُطْلَقًا عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ إنْ كَانَ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ غَيْرُهُ.
ــ
[حاشية عميرة]
إنْ كَانَتْ ظَاهِرَةً فَوَجْهَانِ) قَدْ جَعَلَ طَرِيقَةَ الْخِلَافِ ضَعِيفَةً فَيُخَالِفُ، مَا سَلَف عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَالْأُمِّيُّ كَالْمَرْأَةِ فِي الْأَصَحِّ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ سَلَف فِي الْمَتْنِ وَلَا قَارِئٌ بِأُمِّيٍّ فِي الْجَدِيدِ، وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّ مُقَابِلَهُ قَوْلٌ قَدِيمٌ يَفْصِلُ بَيْنَ السِّرِّيَّةِ وَالْجَهْرِيَّةِ، وَقَوْلٌ مُخَرَّجٌ بِالصِّحَّةِ مُطْلَقًا وَإِنَّ النَّوَوِيَّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ جَارِيَةٌ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمَأْمُومُ كَوْنَ الْإِمَامِ أُمِّيًّا أَمْ لَا اهـ. لَا يُقَالُ قَوْلُهُ أَمْ لَا هِيَ عَيْنُ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا فَكَيْفَ عَبَّرَ بِالْأَصَحِّ وَالْخِلَافُ أَقْوَالٌ لِأَنَّا نَقُولُ مَعْنَى الْكَلَامِ أَنَّا إذَا قُلْنَا بِالْجَدِيدِ الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ عَدَمُ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ إذَا انْكَشَفَ الْحَالُ بَعْدَ الصَّلَاةِ جَرَى لَنَا خِلَافٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ، الْأَصَحُّ لَا تَصِحُّ وَتَجِبُ الْإِعَادَةُ وَالثَّانِي يَقُولُ: إنَّمَا بَطَلَتْ الْقُدْوَةُ فَقَطْ وَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ لَا تَجِبُ إعَادَتُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي كَالْجُنُبِ إلَخْ) فَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ فَقْدَ الْقِرَاءَةِ نَقْصٌ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْجَنَابَةِ بِأَنَّ الْوُقُوفَ عَلَى كَوْنِهِ قَارِئًا أَسْهَلُ مِنْ الْوُقُوفِ عَلَى كَوْنِهِ مُتَطَهِّرًا وَإِنْ شَاهَدَ الطَّهَارَةَ فَعُرُوضُ الْحَدَثِ بَعْدَهَا أَسْهَلُ بِخِلَافِ عَوْدِهِ أُمِّيًّا بَعْدَ مَا سَمِعَ قِرَاءَتَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَانَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ) هُوَ قَسِيمُ قَوْلِهِ السَّابِقِ بَعْدَ الصَّلَاةِ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (لِلتَّرَدُّدِ) هَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ هُوَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْقَضَاءِ فِيمَا لَوْ ظَنَّ كَوْنَهُ رَجُلًا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ خُنْثَى مُشْكِلًا ثُمَّ اتَّضَحَ بَعْدَ ذَلِكَ كَوْنُهُ رَجُلًا.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا سِيَّمَا إذَا لَمْ يَمْضِ قَبْلَ تَبَيُّنِ الرُّجُولِيَّةِ رُكْنٌ. قَالَ وَقَدْ ذَكَرَ الرُّويَانِيُّ عَنْ وَالِدِهِ احْتِمَالَيْنِ فِي نَظِيرِ هَذَا وَهُوَ مَا لَوْ اقْتَدَى خُنْثَى بِامْرَأَةٍ يَظُنُّهَا رَجُلًا ثُمَّ بَانَ الْخُنْثَى أُنْثَى. وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ لِلتَّرَدُّدِ فِي حَالِهِ هِيَ عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وَعِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ الَّتِي نَسَبَهَا لِلرَّافِعِيِّ وَبَنَى كَلَامَهُ عَلَيْهَا
مِنْ الْفَضَائِلِ لِأَنَّهُ يُخَافُ مِنْهُ أَنْ لَا يُحَافِظَ عَلَى الشَّرَائِطِ.
(وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْأَفْقَهَ أَوْلَى مِنْ الْأَقْرَأِ) أَيْ الْأَكْثَرِ قُرْآنًا (وَالْأَوْرَعِ) أَيْ الْأَكْثَرِ وَرَعًا، وَهُوَ زِيَادَةٌ عَلَى الْعَدَالَةِ بِالْعِفَّةِ وَحُسْنِ السِّيرَةِ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ فِي الصَّلَاةِ إلَى الْأَفْقَهِ لِكَثْرَةِ الْوَقَائِعِ فِيهَا، وَقِيلَ: الْأَوْرَعُ أَوْلَى مِنْ الْآخَرَيْنِ لِأَنَّهُ أَكْرَمُ عِنْدَ اللَّهِ، وَمَا يَقَعُ فِي الصَّلَاةِ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى كَثِيرِ الْفِقْهِ فَنَادِرٌ، وَقِيلَ: يَسْتَوِي الْأَفْقَهُ وَالْأَقْرَأُ لِتَقَابُلِ الْفَضِيلَتَيْنِ، وَقِيلَ الْأَقْرَأُ أَوْلَى مِنْ الْآخَرَيْنِ، حَكَاهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَيَدُلُّ لَهُ فِيمَا قَبْلُ حَدِيثُ مُسْلِمٍ «إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ، وَأَحَقُّهُمْ بِالْإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ» وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ فِي الْمُسْتَوِينَ فِي غَيْرِ الْقِرَاءَةِ كَالْفِقْهِ لِأَنَّ أَهْلَ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ كَانُوا يَتَفَقَّهُونَ مَعَ الْقِرَاءَةِ فَلَا يُوجَدُ قَارِئٌ إلَّا وَهُوَ فَقِيهٌ، فَالْحَدِيثُ فِي تَقْدِيمِ الْأَقْرَأِ مِنْ الْفُقَهَاءِ الْمُسْتَوِينَ عَلَى غَيْرِهِ، وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فَهْمًا مِنْ الشَّرْحِ أَنَّ الْأَقْرَأَ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَوْرَعِ عَنْهُ الْجُمْهُورُ.
(وَيُقَدَّمُ الْأَفْقَهُ وَالْأَقْرَأُ عَلَى الْأَسَنِّ النَّسِيبِ) فَعَلَى أَحَدِهِمَا مِنْ بَابِ أَوْلَى. أَمَّا الْأَفْقَهُ فَلِمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا الْأَقْرَأُ فَإِلْحَاقًا، وَالْمُرَادُ بِالْأَسَنِّ مَنْ يَمْضِي عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ زَمَنٌ أَكْثَرُ مِنْ زَمَنِ الْآخَرِ فِيهِ، وَبِالنَّسِيبِ مَنْ يَنْتَسِبُ إلَى قُرَيْشٍ أَوْ غَيْرِهِمْ مِمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْكَفَاءَةِ كَالْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ.
(وَالْجَدِيدُ تَقْدِيمُ الْأَسَنِّ عَلَى النَّسِيبِ) لِأَنَّ فَضِيلَةَ الْأَوَّلِ فِي ذَاتِهِ وَالثَّانِي فِي آبَائِهِ، وَفَضِيلَةٌ بِالذَّاتِ أَوْلَى، وَالْقَدِيمُ تَقْدِيمُ النَّسِيبِ لِأَنَّ فَضِيلَتَهُ مُكْتَسَبَةٌ بِالْآبَاءِ، وَفَضِيلَةُ الْآخَرِ مُضِيُّ زَمَنٍ لَا اكْتِسَابَ فِيهِ وَالْفَضِيلَةُ الْمُكْتَسَبَةُ أَوْلَى.
ــ
[حاشية قليوبي]
فَرْعٌ) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ يَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ الْقَاضِي أَوْ الْوَاقِفِ أَوْ النَّاظِرِ أَنْ يُنَصِّبَ فِي الْإِمَامَةِ مَنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ كَفَاسِقٍ وَمُبْتَدِعٍ، وَلَا يَصِحُّ نَصْبُهُ لَوْ وَقَعَ مِنْهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمَلُومُ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ وَلَيْسَ مِنْهُ مَنْ يَتَّهِمُهُ أَكْثَرُ الْقَوْمِ بِأَمْرٍ مَذْمُومٍ شَرْعًا لِأَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ إمَامًا. وَلَا يُكْرَهُ الِائْتِمَامُ بِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِقَوْلِهِ: وَيُكْرَهُ إمَامَتُهُ إلَى آخِرِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (الْأَفْقَهَ) أَيْ بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ، وَمَحَلُّ هَذَا التَّقْدِيمِ فِي الْمُسْتَوَيَيْنِ فِي الْبُلُوغِ وَغَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ:(أَيْ الْأَكْثَرِ قُرْآنًا) أَيْ الْأَكْثَرِ حِفْظًا بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي صِحَّةِ الْقِرَاءَةِ بِالسَّلَامَةِ مِنْ اللَّحْنِ وَتَغْيِيرِ أَوْصَافِ الْحُرُوفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِلَّا فَالْأَقَلُّ أَوْلَى، وَيُقَدَّمُ مَنْ تَمَيَّزَ بِقِرَاءَةٍ مِنْ السَّبْعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ. قَوْلُهُ:(وَهُوَ) أَيْ الْوَرِعُ مِنْ حَيْثُ هُوَ يُقَدَّمُ بِهِ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ. وَالْمُرَادُ بِالْعِفَّةِ تَرْكُ مَا فِيهِ شُبْهَةٌ وَبِحَسَنِ السِّيرَةِ الذِّكْرُ بَيْنَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ وَأَعْلَى الْوَرَعِ الزُّهْدُ كَمَا قَالُوا: وَفِيهِ بَحْثٌ دَقِيقٌ وَهُوَ تَرْكُ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ مِنْ الْحَلَالِ وَقَبْلَهُ مَرَاتِبُ مُتَفَاوِتَةٌ، وَلَعَلَّهَا مِنْ أَقْسَامِ الْوَرَعِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهَا فَيُقَدَّمُ مِنْهَا الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى فَصَحَّ التَّعْبِيرُ فِيهِ بِأَفْعَلِ التَّفْضِيلِ بِقَوْلِهِ الْأَكْثَرِ وَرَعًا فَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَعْدَهُ مَرْتَبَةٌ أَعْلَى مِنْهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(كَالْفِقْهِ) أَيْ فِقْهِ السُّنَّةِ بَعْدَ فِقْهِ الْقُرْآنِ وَحِينَئِذٍ فَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ تَقْدِيمَ الْأَقْرَأِ فِيهِ لَيْسَ مِنْ حَيْثُ زِيَادَةِ قِرَاءَتِهِ بَلْ مِنْ حَيْثُ زِيَادَةِ فِقْهِهِ اللَّازِمِ لَهَا فَإِذَا اسْتَوَيَا فِيهَا، وَزَادَ أَحَدُهُمَا بِفِقْهِ السُّنَّةِ فَهُوَ الْمُقَدَّمُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا أَوْهَمَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ اسْتِوَاءِ الْأَقْرَأِ وَالْأَوْرَعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَقْرَأَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
قَوْلُهُ: (مَنْ يَمْضِي إلَخْ) أَيْ فَيُقَدَّمُ
ــ
[حاشية عميرة]
لِلتَّرَدُّدِ فِي النِّيَّةِ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ ثُمَّ إنَّ آخِرَ كَلَامِهِ كَمَا تَرَى يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ انْكَشَفَتْ الْخُنُوثَةُ ثُمَّ الِاتِّضَاحُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ صَحَّتْ.
وَإِنْ تَأَخَّرَ الِاتِّضَاحُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَقَوْلُهُ لِلتَّرَدُّدِ فِي حَالِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ اقْتَدَى بِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ الْخُنُوثَةَ وَبِهِ صَرَّحَ السُّبْكِيُّ. حَيْثُ قَالَ بِخُنْثَى فِي ظَنِّهِ وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي قَائِلًا بِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ مَعَ عِلْمِ الْخُنُوثَةِ وَأَنَّ الْقَضَاءَ وَعَدَمَهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى مَا يَظْهَرُ بَعْدَ ذَلِكَ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْعَدْلُ أَوْلَى إلَخْ) مَا سَلَف إلَى هُنَا مُتَعَلِّقٌ بِمَنْ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَمَنْ لَا يَصِحُّ، وَمِنْ هُنَا إلَى آخِرِ الْفَصْلِ فِيمَنْ هُوَ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْأَفْقَهَ) أَيْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْأَكْثَرَ قُرْآنًا) يَعْنِي فَلَيْسَ الْمُرَادُ الْأَكْثَرَ تِلَاوَةً، نَعَمْ لَوْ كَانَ الْأَقَلُّ قُرْآنًا أَصَحَّ لِكَوْنِ الْأَكْثَرِ يَلْحَنُ لَحْنًا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى، فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ وَاسْتَدَلَّ فِي الْإِقْلِيدِ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَفْقَهِ بِتَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ فِي الصَّلَاةِ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرُهُ أَكْثَرُ قُرْآنًا كَأُبَيٍّ وَمُعَاذٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبِي زَيْدٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمْ جَمَعَ الْقُرْآنَ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ -. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ دَلِيلٌ جَيِّدٌ اهـ.
أَقُولُ: الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ مُسْلِمٍ الْآتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ رحمه الله يُشْكِلُ عَلَيْهِ هَذَا الدَّلِيلُ فَتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (لِكَثْرَةِ الْوَقَائِعِ فِيهَا) بِخِلَافِ الَّذِي يَجِبُ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ مَحْصُورٌ وَالْوَقَائِعُ لَا تَنْحَصِرُ.
قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الْأَقْرَأُ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْفِقْهَ وَالْقِرَاءَةَ يَخْتَصَّانِ بِالصَّلَاةِ الْأَوَّلُ لِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِهَا، وَالثَّانِي شَرْطٌ فِيهَا بِخِلَافِ السِّنِّ وَالنَّسَبِ وَغَيْرِهِمَا.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ فَضِيلَةَ الْأَوَّلِ فِي ذَاتِهِ إلَخْ) لَمْ يَسْتَدِلَّ بِحَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ «لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، لِأَنَّ ظَاهِرَهُ كِبَرُ السِّنِّ الْمَعْرُوفُ
وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ عَنْ الْهِجْرَةِ وَهِيَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ بَعْدَهُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ.
وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَجَمَاعَةٍ تَأْخِيرُهَا عَنْ السِّنِّ وَالنَّسَبِ نَافِينَ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ. وَعَنْ صَاحِبَيْ التَّتِمَّةِ وَالتَّهْذِيبِ: تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِمَا. وَاخْتَارَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالتَّحْقِيقِ وَقَدَّمَ فِيهِ الْوَرَعَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَالسِّنِّ وَالنَّسَبِ، وَأَخَّرَهُ فِي التَّنْبِيهِ عَنْ الْكُلِّ وَأَقَرَّهُ فِي التَّصْحِيحِ.
(فَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ الشَّخْصَانِ فِي الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْفِقْهِ وَالْقِرَاءَةِ وَالْوَرَعِ وَالسِّنِّ فِي الْإِسْلَامِ وَالنَّسَبِ. وَكَذَا الْهِجْرَةُ (فَنَظَافَةِ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ) مِنْ الْأَوْسَاخِ. (وَحُسْنِ الصَّوْتِ وَطِيبِ الصَّنْعَةِ وَنَحْوِهَا) كَحُسْنِ الْوَجْهِ يُقَدَّمُ بِهَا لِأَنَّهَا تُفْضِي إلَى اسْتِمَالَةِ الْقُلُوبِ وَكَثْرَةِ الْجَمْعِ أَيْ يُقَدَّمُ بِكُلٍّ مِنْهَا عَلَى مُقَابِلِهِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِيهَا وَتَشَاحَّا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (تَتِمَّةٌ) يُقَدَّمُ فِي النَّسَبِ الْهَاشِمِيُّ أَوْ الْمُطَّلِبِيِّ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى غَيْرِهِ، وَسَائِرِ قُرَيْشٍ عَلَى سَائِرِ الْعَرَبِ، وَجَمِيعُ الْعَرَبِ عَلَى جَمِيعِ الْعَجَمِ. وَفِي الْهِجْرَةِ مَنْ هَاجَرَ عَلَى مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ، وَمَنْ تَقَدَّمَتْ هِجْرَتُهُ عَلَى مَنْ تَأَخَّرَتْ هِجْرَتُهُ، وَأَوْلَادُ مَنْ هَاجَرَ أَوْ تَقَدَّمَتْ هِجْرَتُهُ عَلَى أَوْلَادِ غَيْرِهِمْ.
(وَمُسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةِ بِمِلْكٍ وَنَحْوِهِ) كَإِجَارَةٍ وَإِعَارَةٍ وَإِذْنٍ مِنْ سَيِّدِ الْعَبْدِ لَهُ،
ــ
[حاشية قليوبي]
شَابٌّ أَسْلَمَ أَمْسِ عَلَى شَيْخٍ أَسْلَمَ الْيَوْمَ، وَيُقَدَّمُ مَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ تَبَعًا مَا لَمْ يَبْلُغْ قَبْلَ إسْلَامِ الْآخَرِ.
قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْكَلَامُ فِيمَا إذَا اسْتَوَيَا فِي الْبُلُوغِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَإِذَا اسْتَوَيَا فِي سِنِّ الْإِسْلَامِ قُدِّمَ بِسِنِّ الْكِبَرِ فِي الْعُمُرِ.
قَوْلُهُ: (مُكْتَسَبَةٌ بِالْآبَاءِ) أَيْ فِي الْآبَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا. وَلِذَلِكَ قَالَ الرَّافِعِيُّ إنَّ شَرَفَ النَّسَبِ بِفَضِيلَةٍ اكْتَسَبَهَا الْآبَاءُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّرَفَ الْحَاصِلَ لِهَذَا إنَّمَا سَرَى إلَيْهِ بِسَبَبِ فَضِيلَةٍ اكْتَسَبَهَا آبَاؤُهُ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ إنَّ فَضِيلَةَ هَذَا مُكْتَسَبَةٌ لَهُ بِسَبَبِ آبَائِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ. قَوْلُهُ:(وَاخْتَارَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا فِي التَّنْبِيهِ مَرْجُوحٌ فَيُقَدَّمُ بِالْوَرَعِ عَلَى الْهِجْرَةِ، وَهِيَ عَلَى السِّنِّ وَهُوَ عَلَى النَّسَبِ، وَيُقَدَّمُ فِي الْهِجْرَةِ الْأَقْدَمُ هِجْرَةً عَلَى غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (عَلَى مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ) وَإِنْ لَمْ تُطْلَبْ مِنْهُ الْهِجْرَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَأَهْلِ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ. قَوْلُهُ: (وَأَوْلَادُ مَنْ هَاجَرَ) وَكَذَا أَوْلَادُ مَنْ قُدِّمَ هِجْرَتُهُ وَمِثْلُهُمْ أَوْلَادُ مَنْ يُقَدَّمُ بِصِفَةٍ مِمَّا تَقَدَّمَ كَالْأَفْقَهِ وَالْأَقْرَأِ.
(تَنْبِيهٌ) مَا اقْتَضَاهُ مَا ذَكَرَ مِنْ تَقْدِيمِ التَّابِعِيِّ وَوَلَدِهِ عَلَى الصَّحَابِيِّ وَوَلَدِهِ صَحِيحٌ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي تَفْضِيلَ التَّابِعِيِّ عَلَى الصَّحَابِيِّ كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُ سُخَفَاءِ الْعُقُولِ وَاغْتَرَّ بِهِ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ:(فَنَظَافَةُ الثَّوْبِ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ حُسْنِ السِّيرَةِ أَيْ الذِّكْرِ بَيْنَ النَّاسِ كَمَا مَرَّ وَالْمُعْتَمَدُ فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ تَرْتِيبُهَا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، فَيُقَدَّمُ بَعْدَ حُسْنِ السِّيرَةِ بِنَظَافَةِ الثَّوْبِ فَالْبَدَنِ فَطِيبِ الصَّنْعَةِ فَحُسْنِ الصَّوْتِ فَحُسْنِ الْوَجْهِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَنَحْوِهَا وَقَدَّمَ الْأَذْرَعِيُّ بِلُبْسِ الْبَيَاضِ عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ.
قَوْلُهُ: (يُقَدَّمُ فِي النَّسَبِ) أَيْ بَعْدَ تَقْدِيمِ الْمُنْتَسِبِ إلَى الْمُهَاجِرِ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُنْتَسِبُ إلَى الْهَاشِمِيِّ مَثَلًا يُقَدَّمُ عَلَى الْمُنْتَسِبِ إلَى مَنْ بَعْدَهُ، وَهَكَذَا الْبَقِيَّةُ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ.
(تَنْبِيهٌ) فِي ذِكْرِ حَاصِلِ مَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا هُوَ الرَّاجِحُ وَهُوَ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْعَدْلُ فَالْأَفْقَهُ فَالْأَقْرَأُ فَالْأَوْرَعُ فَالْمُهَاجِرُ فَالْأَقْدَمُ هِجْرَةً فَالْأَسَنُّ، فَالنَّسِيبُ فَأَوْلَادُ هَؤُلَاءِ عَلَى تَرْتِيبِ الْآبَاءِ، فَالْأَحْسَنُ سِيرَةً فَالْأَنْظَفُ ثَوْبًا فَبَدَنًا فَالْأَطْيَبُ صَنْعَةً فَالْأَحْسَنُ صَوْتًا فَالْأَحْسَنُ
ــ
[حاشية عميرة]
وَلِأَنَّ النَّوَوِيَّ قَالَ: إنَّهُ خِطَابٌ لِمَالِكٍ وَرُفْقَتِهِ وَكَانُوا فِي الْإِسْلَامِ وَالنَّسَبِ وَالْهِجْرَةِ وَالْفِقْهِ وَالْقِرَاءَةِ سَوَاءً اهـ.
وَالْعَجَبُ أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ اسْتَدَلَّ بِهِ مَعَ نَقْلِهِ هَذَا الْكَلَامَ عَنْ النَّوَوِيِّ قُبَيْلَ ذَلِكَ بِيَسِيرٍ، وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَقَدْ يُوَجَّهُ مَا قَالَاهُ وَيُدْفَعُ الْإِشْكَالُ بِأَنْ نَقُولَ الْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ قَوْلُهُ:(وَالْقَدِيمُ تَقْدِيمُ النَّسِيبِ إلَخْ) اسْتَدَلَّ لَهُ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ يَعْنِي الْإِمَامَةَ الْعُظْمَى وَقِيسَ عَلَيْهَا الصُّغْرَى وَعَلَى نَسَبِ قُرَيْشٍ غَيْرِهَا.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ فَضِيلَتَهُ مُكْتَسَبَةٌ بِالْآبَاءِ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ لِأَنَّ شَرَفَ النَّسَبِ بِفَضِيلَةٍ اكْتَسَبَتْهَا الْآبَاءُ اهـ وَهِيَ أَوْضَحُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ، بَلْ عِبَارَتُهُ لَا تَكَادُ تُفْهَمُ فَتَأَمَّلْ وَلَوْ قَالَ الْآبَاءُ لَوَافَقَ صَنِيعَ الرَّافِعِيِّ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ اسْتَوَيَا إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قُبَيْلَ هَذَا: يَتَلَخَّصُ أَنَّ الْمُرَجِّحَاتِ الْأُصُولِ سِتَّةٌ: الْفِقْهُ وَالْقِرَاءَةُ وَالْوَرَعُ، وَالْهِجْرَةُ وَالسِّنُّ وَالنَّسَبُ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِيهَا فَسَيَأْتِي، وَإِنْ اخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِأَحَدِهِمَا مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْبَاقِي، وَإِنْ قُدِّمَ تَعَارَضَتْ فَفِيهِ مَا سَبَقَ اهـ. قَوْلُهُ:(عَلَى أَوْلَادِ غَيْرِهِمْ) رُبَّمَا يَشْمَلُ ذَلِكَ وَلَدَ الْهَاشِمِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْهِجْرَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى النَّسَبِ فَوَلَدُ الْمُهَاجِرِ مُقَدَّمٌ كَأَبِيهِ. وَهَذَا الْكَلَامُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الرَّافِعِيَّ قَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ فَضِيلَةَ وَلَدِ الْمُهَاجِرِ مِنْ حَيِّزِ النَّسَبِ. وَاتَّفَقَ الشَّيْخَانِ عَلَى تَقْدِيمِ نَسَبِ قُرَيْشٍ عَلَى غَيْرِهِ فَكَيْفَ يَجُوزُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَذْهَبَ ذَاهِبٌ إلَى تَقْدِيمِ وَلَدِ الْمُهَاجِرِ
(أَوْلَى) بِالْإِمَامَةِ فِيمَا اسْتَحَقَّ مَنْفَعَتَهُ إذَا كَانَ أَهْلًا لَهَا مِنْ غَيْرِهِ الْأَجْنَبِيِّ عَنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا) لَهَا كَامْرَأَةٍ لِرِجَالٍ (فَلَهُ التَّقْدِيمُ) لِمَنْ يَكُونُ أَهْلًا. وَفِي ذَلِكَ حَدِيثُ مُسْلِمٍ:«لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد: «فِي بَيْتِهِ وَلَا فِي سُلْطَانِهِ» . وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ، وَسَاكِنُ الْمَوْضِعِ بِحَقٍّ وَصِدْقُهُ عَلَى الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَوْضَحُ مِنْ صِدْقِ قَوْلِهِ: مُسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهَا إذْ نُوزِعَ فِي صِدْقِهِ عَلَى الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْهَا.
(وَيُقَدَّمُ) السَّيِّدُ (عَلَى عَبْدِهِ السَّاكِنِ) بِإِذْنِهِ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَمْ لَا لِرُجُوعِ فَائِدَةِ السُّكُونِ إلَيْهِ دُونَ الْعَبْدِ، فَلَا يَجِيءُ فِيهِ خِلَافُ الْمُسْتَعِيرِ الْآتِي لِرُجُوعِ فَائِدَةِ السُّكُونِ إلَيْهِ (لَا مُكَاتَبِهِ فِي مِلْكِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّ سَيِّدَهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهُ.
(وَالْأَصَحُّ تَقْدِيمُ الْمُكْتَرِي عَلَى الْمُكْرِي) الْمَالِكِ نَظَرًا إلَى مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى مِلْكِ الرَّقَبَةِ.
(وَ) تَقْدِيمُ (الْمُعِيرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ) لِمِلْكِهِ الرَّقَبَةَ وَالرُّجُوعَ فِي الْمَنْفَعَةِ، وَالثَّانِي تَقْدِيمُ الْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّهُ صَاحِبُ السُّكْنَى إلَى أَنْ يُمْنَعَ
وَالْإِمَامُ الرَّاتِبُ لِلْمَسْجِدِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُبْعَثَ إلَيْهِ لِيَحْضُرَ فَإِنْ خِيفَ فَوَاتُ أَوَّلِ الْوَقْتِ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَتَقَدَّمَ غَيْرُهُ.
(وَالْوَالِي فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَوْلَى مِنْ الْأَفْقَهِ وَالْمَالِكِ) فَمَا ذَكَرَ مَعَهُمَا أَوْلَى، وَفِي ذَلِكَ الْحَدِيثُ السَّابِقُ. وَيَتَقَدَّمُ أَيْضًا عَلَى
ــ
[حاشية قليوبي]
وَجْهًا.
قَوْلُهُ: (الْأَجْنَبِيِّ) قَيَّدَ بِهِ لِئَلَّا يَرُدَّ مَا يَأْتِي مِنْ تَقْدِيمِ السَّيِّدِ وَالْمُسْتَعِيرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا وَلَوْ بِنَحْوِ أُنُوثَةٍ أَوْ كُفْرٍ فَلَهُ تَقْدِيمُ مَنْ هُوَ أَهْلٌ. وَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ لِمَنْ هُوَ أَهْلٌ أَنْ يُقَدَّمَ غَيْرُهُ بِالْأَوْلَى. وَشَمِلَهَا قَوْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَلِمُقَدَّمٍ بِمَكَانٍ تَقْدِيمٌ. وَخَرَجَ بِهِ الْمُقَدَّمُ بِالصِّفَاتِ كَالْفِقْهِ فَلَا يُعْتَبَرُ تَقْدِيمُهُ. قَوْلُهُ: «لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ» ) أَيْ لَا يَتَقَدَّمُ الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ فِي مَحَلِّ اسْتِحْقَاقِهِ.
وَيُقَاسُ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ وَدَفَعَ بِالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ حَمْلَ السُّلْطَانِ عَلَى الْمَلِكِ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَصِدْقُهُ) الْأَوْلَى وَصِدْقُهَا إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِالْمَذْكُورِ وَمَا ذَكَرَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ وَنَحْوَهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى مِلْكٍ، كَمَا جَرَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ فَإِنْ جُعِلَ مَرْفُوعًا عَطْفًا عَلَى مُسْتَحِقٍّ كَانَ صِدْقُهُ عَلَى الْأَخِيرَتَيْنِ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ لَا يُقَالُ هَذَا لَا يُنَافِي الْأَوْضَحِيَّةَ لِلْإِبْهَامِ فِي الرَّفْعِ وَالْجَرِّ لِرَدِّهِ بِأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي فَسَادِ الصِّدْقِ لَا فِي إبْهَامِ الْإِعْرَابِ فَتَأَمَّلْ
قَوْلُهُ: (السُّكُونِ) هُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى السُّكْنَى. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ سَيِّدَهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهُ) أَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ هَذَا فِي الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِالْكَسْبِ فِي الْفَاسِدَةِ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (الْمَالِكِ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا يُفِيدُهُ تَعْلِيلُ الْمُقَابِلِ، وَأَمَّا تَقْدِيمُ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ. قَوْلُهُ:(لِمِلْكِهِ الرَّقَبَةَ) أَيْ وَالْمَنْفَعَةَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ.
قَوْلُهُ: (وَالْإِمَامُ الرَّاتِبُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْإِمَامَ الرَّاتِبَ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِ الْوَالِي، وَيُقَدَّمُ الْوَالِي عَلَيْهِ إلَّا إنْ كَانَ قَدْ رَتَّبَهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْوَالِي أَيْضًا. وَهَذَا فِي مَسْجِدٍ غَيْرِ مَطْرُوقٍ بِأَنْ لَا
ــ
[حاشية عميرة]
غَيْرِ الْقُرَشِيِّ عَلَى وَلَدِ الْقُرَشِيِّ هَذَا وَهْمٌ مِنْ شَيْخِنَا بِلَا شَكٍّ. وَأَمَّا عِبَارَةُ الشَّارِحِ رحمه الله فَقَابِلَةٌ لِلتَّأْوِيلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَنَحْوِهِ) مَثَّلَ لَهُ الْإِسْنَوِيُّ رحمه الله بِالْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا وَلَا يَمْلِكُهَا لِأَنَّهَا لَا تُورَثُ عَنْهُ، وَحِينَئِذٍ فَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ لَا تَشْمَلُ الْمُسْتَعِيرَ وَالْعَبْدَ. قَوْلُهُ:(مِنْ غَيْرِهِ الْأَجْنَبِيِّ) قَيَّدَ بِهِ لِئَلَّا يَرُدَّ مَا سَيَأْتِي مِنْ تَقْدِيمِ السَّيِّدِ وَالْمُعِيرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) اسْمُ يَكُنْ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ فَيُفِيدُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَأْذَنُ بِحَضْرَةِ الْمُعِيرِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ رحمه الله وَوَجْهُ الْإِفَادَةِ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ وَالْعَبْدَ عَلَى مَا شَرَحَ الْإِسْنَوِيُّ لَا يُسْتَفَادَانِ مِنْ الْمِنْهَاجِ. قَوْلُهُ:(عَلَى الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْهَا) إذْ الْمُسْتَعِيرُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةَ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا الِانْتِفَاعُ حَقِيقَةٌ انْتَهَى. وَأَمَّا الْعَبْدُ فَظَاهِرٌ أَقُولُ لَوْ قُرِئَ وَنَحْوُهُ بِالرَّفْعِ اتَّضَحَ شُمُولُ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ لِذَلِكَ وَاسْتَغْنَى عَنْ الْمِثَالِ الَّذِي تَكَلَّفَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ جَعَلَ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ بِمِلْكٍ عَائِدًا عَلَى مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ.
وَالشَّارِحُ رحمه الله أَبْقَى الْكَلَامَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ مِلْكِ الرَّقَبَةِ كَمَا يَلُوحُ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ.
(فَائِدَةٌ) السُّكُونُ مَصْدَرُ سَكَنَ الْمَكَانَ.
قَوْلُهُ: (لِرُجُوعِ فَائِدَةِ السُّكُونِ إلَيْهِ) زَادَ الرَّافِعِيُّ فَهُوَ الْمَالِكُ وَالسَّاكِنُ. قَوْلُهُ: (إلَيْهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ الْمُسْتَعِيرُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْمُكْرِي) أَيْ الْمَالِكِ لِلرَّقَبَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ رحمه الله فِيمَا يَأْتِي. أَمَّا الْمُكْرِي غَيْرُ الْمَالِكِ فَالْمُكْتَرِي مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (لِمِلْكِهِ الرَّقَبَةَ) الْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى مَنْعِ الْمُسْتَعِيرِ وَوَجْهُ الْأَحْسَنِيَّةِ شُمُولُ هَذَا لِلْمُعِيرِ غَيْرِ الْمَالِكِ لِلرَّقَبَةِ فَإِنَّهُ مِثْلُ مَالِكِهَا فِيمَا يَظْهَرُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْمَالِكِ) أَيْ إذَا رَضِيَ بِإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ فِي مِلْكِهِ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْوَلِيُّ يَشْمَلُ الْقُضَاةَ وَغَيْرَهُمْ. قَوْلُهُ: (فَمَا ذَكَرَ مَعَهُمَا أَوْلَى) لَك أَنْ تَقُولَ مِنْ جُمْلَةِ مَا ذَكَرَ