المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في سجودي التلاوة والشكر - حاشيتا قليوبي وعميرة - جـ ١

[القليوبي]

فهرس الكتاب

- ‌أحمد سلامة القليوبي

- ‌أحمد البرلسي عميرة

- ‌[المقدمة]

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌[الْمَاء الْمُشْمِس]

- ‌[الْمَاء الْمُسْتَعْمَل فِي الطَّهَارَة]

- ‌[حُكْمُ الْمَاءِ الْجَارِي]

- ‌ اشْتَبَهَ مَاءٌ طَاهِرٌ بِنَجِسٍ)

- ‌[اشْتَبَهَ مَاءٌ وَبَوْلٌ]

- ‌ اسْتَعْمَلَ مَا ظَنَّهُ) الطَّاهِرَ مِنْ الْمَاءَيْنِ بِالِاجْتِهَادِ

- ‌بَابُ أَسْبَابِ الْحَدَثِ

- ‌(فَصْلٌ فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ)

- ‌بَابُ الْوُضُوءِ

- ‌[سُنَن الْوُضُوء]

- ‌بَابُ مَسْحِ الْخُفِّ

- ‌[مُدَّة الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[وَشَرْط الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ]

- ‌بَابُ الْغُسْلِ

- ‌[مُوجِبَاتُ الْغُسْلِ]

- ‌[وَأَقَلّ الْغُسْلِ عَنْ الْجَنَابَةِ]

- ‌بَابُ النَّجَاسَةِ

- ‌[المولاة فِي الْغُسْل]

- ‌بَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌(فَصْلٌ) : (يُتَيَمَّمُ بِكُلِّ تُرَابٍ طَاهِرٍ)

- ‌[أَرْكَان التَّيَمُّمِ]

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ)

- ‌(وَأَقَلُّ النِّفَاسِ)

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌(وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ لِأَوَّلِ الْوَقْتِ)

- ‌[فَصْلٌ عَلَى مَنْ تَجِبُ الصَّلَاةُ]

- ‌[فَصْلُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَة]

- ‌(فَصْلُ: اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ)

- ‌بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ

- ‌[سُنَن الصَّلَاة]

- ‌[الْقُنُوت فِي صَلَاة الصُّبْح]

- ‌[الْقُنُوتُ فِي سَائِرِ الْمَكْتُوبَاتِ]

- ‌[جلسة الِاسْتِرَاحَة]

- ‌[بَاب شُرُوطُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ مُبْطِلَات الصَّلَاةُ]

- ‌ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[بَاب سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌بَابٌ فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ

- ‌[بَاب صَلَاةُ النَّفْلِ]

- ‌(تَخْصِيص لَيْلَة الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ)

- ‌كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ

- ‌[فَصْلٌ اقْتِدَاؤُهُ بِمَنْ يَعْلَمُ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ]

- ‌[قُدْوَةُ أُمِّيٍّ بِمِثْلِهِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌فَصْلٌ (لَا يَتَقَدَّمُ) الْمَأْمُومُ (عَلَى إمَامِهِ

- ‌ ارْتِفَاعُ الْمَأْمُومِ عَلَى إمَامِهِ وَعَكْسُهُ

- ‌(فَصْلٌ شَرْطُ الْقُدْوَةِ)

- ‌ تَعْيِينُ الْإِمَامِ) فِي النِّيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ

- ‌(تَتِمَّةٌ) إذَا رَكَعَ الْمَأْمُومُ قَبْلَ الْإِمَامِ وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ

- ‌(فَصْلٌ) إذَا (خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ) بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

- ‌(فَصْلٌ طَوِيلُ السَّفَرِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا هَاشِمِيَّةً)

- ‌[فَصْلٌ الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ كَذَلِكَ فِي السَّفَرِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ الْغُسْلُ لِمَنْ يُرِيدُ حُضُورَ الْجُمُعَةَ]

- ‌[فَصْلٌ أَدْرَكَ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ وَاسْتَمَرَّ مَعَهُ إلَى أَنْ سَلَّمَ]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌(فَصْلٌ: يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ بِفَرْشٍ وَغَيْرِهِ)

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(فَصْلٌ: يُنْدَبُ التَّكْبِيرُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَتَيْ الْعِيدِ)

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌[بَابٌ تَرَكَ الْمُكَلَّفُ الصَّلَاةَ الْمَعْهُودَةَ الصَّادِقَةَ بِإِحْدَى الْخَمْسِ جَاحِدًا وُجُوبَهَا]

- ‌كِتَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌[تَتِمَّةٌ تَارِكُ الْجُمُعَةِ]

- ‌(فَصْلٌ: يُكَفَّنُ بِمَا لَهُ لُبْسُهُ حَيًّا)

- ‌[فَصْلٌ أَرْكَانٌ صَلَاة الْجِنَازَةُ]

- ‌الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌[فَرْعٌ الْوَلِيَّ أَوْلَى بِإِمَامَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ الْوَالِي]

- ‌(فَصْلٌ: أَقَلُّ الْقَبْرِ

- ‌ الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌ طَلَبُ الْمَوْتِ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ)

- ‌[الْأَحَقّ بِتَغْسِيلِ الْكَافِر]

- ‌(وَالدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ

- ‌ سَتْرُ الْقَبْرِ بِثَوْبٍ) عِنْدَ الدَّفْنِ

- ‌[الدّفن فِي تَابُوت]

- ‌(الدَّفْنُ لَيْلًا

- ‌ تَجْصِيصُ الْقَبْرِ وَالْبِنَاءُ) عَلَيْهِ (وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ)

الفصل: ‌باب في سجودي التلاوة والشكر

السُّجُودِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي لَا يَسْجُدُ لِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ يَجْبُرُ نَفْسَهُ كَمَا يَجْبُرُ غَيْرَهُ.

‌بَابٌ فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ

(تُسَنُّ سَجَدَاتُ التِّلَاوَةِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (وَهُنَّ فِي الْجَدِيدِ أَرْبَعً عَشْرَةَ مِنْهَا سَجْدَتَا الْحَجِّ) وَتِسْعٌ فِي الْأَعْرَافِ وَالرَّعْدِ وَالنَّحْلِ وَالْإِسْرَاءِ وَمَرْيَمَ وَالْفُرْقَانِ وَالنَّمْلِ وَالم تَنْزِيلُ وَحُمَّ السَّجْدَةُ وَثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ فِي النَّجْمِ وَالِانْشِقَاقِ وَاقْرَأْ، وَفِي الْقَدِيمِ إحْدَى عَشْرَةَ بِإِسْقَاطِ ثَلَاثِ الْمُفَصَّلِ، وَاسْتَدَلَّ لِلْجَدِيدِ بِحَدِيثِ «عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَقْرَأَ بِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَةً فِي الْقُرْآنِ مِنْهَا ثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ، وَفِي الْحَجِّ سَجْدَتَانِ» ؛ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَالسَّجْدَةُ الْبَاقِيَةُ مِنْهُ سَجْدَةُ ص وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهَا.

وَاسْتَدَلَّ لِلْقَدِيمِ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسْجُدْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمُفَصَّلِ مُنْذُ تَحَوُّلِ الْمَدِينَةِ»

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (كَمَا يَجْبُرُ غَيْرَهُ) أَيْ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ وَبَعْدَهُ أَيْ إذَا وَقَعَ كَانَ مَجْبُورًا. نَعَمْ لَوْ قَصَدَ بِالسُّجُودِ جَبْرَ مُعَيَّنٍ جَبَرَهُ فَقَطْ وَفَاتَ جَبْرُ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ لَهُ السُّجُودُ ثَانِيًا لِجَبْرِهِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ السُّجُودَ لَا يَجْبُرُ نَفْسَهُ.

بَابٌ فِي حُكْمِ سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ

وَذِكْرُهُمَا هُنَا اسْتِطْرَادِيٌّ، وَمَحَلُّهُمَا بَعْدَ صَلَاةِ النَّفْلِ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ. قَوْلُهُ:(بِالتَّنْوِينِ) تَقَدَّمَ مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (تُسَنُّ سَجَدَاتُ التِّلَاوَةِ) لِلْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِيهَا، مِنْهَا: حَدِيثُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «إذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ آيَةَ سَجْدَةٍ وَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي يَقُولُ: يَا وَيْلَتَاهُ أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْت بِالسُّجُودِ فَعَصَيْت فَلِيَ النَّارُ» ، وَمَحَلُّ السُّنِّيَّةِ إنْ قَرَأَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَلَوْ بِقَصْدِ السُّجُودِ، أَوْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ لَا بِقَصْدِ السُّجُودِ، أَوْ فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَوْ بِقَصْدِ السُّجُودِ، لَكِنْ خَصَّهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِسَجْدَةِ (الم تَنْزِيلُ) فَقَطْ، وَعَمَّمَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي كُلِّ آيَةِ سَجْدَةٍ، وَمَا عَدَا هَذَا لَا يُسَنُّ لَكِنْ إنْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ بِقَصْدِ السُّجُودِ وَسَجَدَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ قَرَأَ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لَا بِقَصْدِ السُّجُودِ لَمْ تُكْرَهْ الْقِرَاءَةُ، وَلَا يُسَنُّ السُّجُودُ وَلَا يَبْطُلُ وَإِنْ قَرَأَ فِيهِ لِيَسْجُدَ بَعْدَهُ فَكَذَلِكَ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِلْقِرَاءَةِ، وَإِنْ قَرَأَ فِيهِ أَوْ قَبْلَهُ بِقَصْدِ السُّجُودِ فِيهِ فِيهِمَا حَرَّمَتْ الْقِرَاءَةُ السُّجُودَ وَكَانَ بَاطِلًا.

(تَنْبِيهٌ) لَا يَصِحُّ نَذَرَ السُّجُودِ إذَا لَمْ يُسَنَّ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، وَلَوْ تَعَارَضَ مَعَ التَّحِيَّةِ قَدَّمَهُ عَلَيْهَا لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِوُجُوبِهِ، وَلَا يَفُوتُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ.

(فَرْعٌ) يَقُومُ مَقَامَ السُّجُودِ لِلتِّلَاوَةِ أَوْ الشُّكْرِ مَا يَقُومُ مَقَامَ التَّحِيَّةِ لِمَنْ لَمْ يُرِدْ فِعْلَهَا، وَلَوْ مُتَطَهِّرًا وَهُوَ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ:(أَرْبَعَ عَشَرَةَ) سَجْدَةً.

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَحِكْمَةُ اخْتِصَاصِ السُّجُودِ بِهَذِهِ الْمَوَاضِعِ، أَنَّ فِيهَا مَدْحَ مَنْ يَسْجُدُ وَذَمَّ غَيْرِهِ تَصْرِيحًا، أَوْ تَلْوِيحًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(مِنْهَا سَجْدَتَا الْحَجِّ) نَصَّ عَلَيْهِمَا لِخِلَافِ الْإِمَامِ مَالِك وَأَبِي حَنِيفَةَ. فِي الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا، وَمَحَلُّهَا بَعْدَ {تُفْلِحُونَ} وَمَحَلُّ الْأُولَى بَعْدَ {مَا يَشَاءُ} . قَوْلُهُ:(فِي الْأَعْرَافِ) أَيْ بَعْدَ آخِرِهَا، وَفِي الرَّعْدِ بَعْدَ {وَالْآصَالِ} وَفِي النَّحْلِ بَعْدَ {يُؤْمَرُونَ} وَفِي الْإِسْرَاءِ بَعْدَ {خُشُوعًا} وَفِي مَرْيَمَ بَعْدَ {بُكِيًّا} وَفِي الْفُرْقَانِ، بَعْدَ {نُفُورًا} وَفِي النَّمْلِ بَعْدَ {الْعَظِيمِ} وَفِي الم السَّجْدَةِ بَعْدَ {لَا يَسْتَكْبِرُونَ} وَفِي حم السَّجْدَةِ بَعْدَ {لَا يَسْأَمُونَ} وَفِي النَّجْمِ

ــ

[حاشية عميرة]

تَنْبِيهٌ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ التَّفْرِيعِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ السُّجُودَ بَعْدَ السَّلَامِ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَحُكْمُهُ وُجُوبُ الْمُبَادَرَةِ، وَإِذَا سَجَدَ لَا يَصِيرُ عَائِدًا لِلصَّلَاةِ جَزْمًا.

[بَاب فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ]

بَابٌ تُسَنُّ سَجَدَاتُ التِّلَاوَةِ قَوْلُهُ: (حَدِيثُ النَّسَائِيّ) .

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ مُرْسَلٌ، إلَّا أَنَّهُ حُجَّةٌ لِاعْتِضَادِهِ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، لَيْسَتْ

ص: 235

رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ. (لَا) سَجْدَةُ (ص) أَيْ لَيْسَتْ مِنْ سَجَدَاتِ التِّلَاوَةِ (بَلْ هِيَ سَجْدَةُ شُكْرٍ) كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ (تُسْتَحَبُّ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَتَحْرُمُ فِيهَا) وَتُبْطِلُهَا (فِي الْأَصَحِّ) لِمَنْ عَلِمَ ذَلِكَ، فَإِنْ جَهِلَهُ أَوْ نَسِيَ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ فَلَا، لَكِنْ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. وَالثَّانِي لَا تَحْرُمُ فِيهَا وَلَا تُبْطِلُهَا لِتَعَلُّقِهَا بِالتِّلَاوَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ سُجُودِ الشُّكْرِ، وَفِي وَجْهٍ لِابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهَا مِنْ سَجَدَاتِ التِّلَاوَةِ لِلْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَالصَّارِفُ عَنْهُ إلَى الشُّكْرِ حَدِيثُ النَّسَائِيّ «سَجَدَهَا دَاوُد تَوْبَةً وَسَجَدَهَا شُكْرًا» ، أَيْ عَلَى قَبُولِ تَوْبَتِهِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ.

(وَيُسَنُّ) السُّجُودُ (لِلْقَارِئِ وَالْمُسْتَمِعِ) أَيْ قَاصِدِ السَّمَاعِ (وَيَتَأَكَّدُ لَهُ بِسُجُودِ الْقَارِئِ قُلْت) : كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَيُسَنُّ لِلسَّامِعِ) مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِلسَّمَاعِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَيَقْرَأُ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ مَعَهُ حَتَّى مَا يَجِدُ بَعْضُنَا مَوْضِعًا لِمَكَانِ جَبْهَتِهِ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: فِي غَيْرِ صَلَاةٍ. (وَإِنْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ سَجَدَ الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (لِقِرَاءَتِهِ فَقَطْ) أَيْ وَلَا يَسْجُدُ لِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ (وَ) سَجَدَ. (الْمَأْمُومُ لِسَجْدَةِ إمَامِهِ) أَيْ وَلَا يَسْجُدُ لِقِرَاءَتِهِ مِنْ غَيْرِ سُجُودٍ وَلَا لِقِرَاءَةِ غَيْرِ الْإِمَامِ مِنْ

ــ

[حاشية قليوبي]

بَعْدَ آخِرِهَا، وَفِي الِانْشِقَاقِ بَعْدَ {لَا يَسْجُدُونَ} وَفِي اقْرَأْ بَعْدَ آخِرِهَا. قَوْلُهُ:(أَقْرَأَنِي) أَيْ ذَكَرَ لِي أَوْ أَخْبَرَنِي. قَوْلُهُ: (وَضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ) أَيْ فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ وَبِفَرْضِ صِحَّتِهِ يُجَابُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ مُثْبِتٌ، أَوْ بِأَنَّ التَّرْكَ إنَّمَا يُنَافِي الْوُجُوبَ. قَوْلُهُ:(لَا سَجْدَةَ ص) وَمَحَلُّهَا بَعْدَ أَنَابَ. قَوْلُهُ: (بَلْ هِيَ سَجْدَةُ شُكْرٍ) فَتَصِحُّ مِنْ قَارِئِهَا وَسَامِعِهَا بِنِيَّةِ الشُّكْرِ لَا بِنِيَّةِ التِّلَاوَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صِحَّتُهَا فِي الطَّوَافِ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّهَا تُنْدَبُ فِيهِ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ مَا يُخَالِفُهُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَنْبَغِي نَدْبُ سُجُودِ الشُّكْرِ فِيهِ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (وَتُبْطِلُهَا) أَيْ بِمُجَرَّدِ الْهُوِيِّ وَإِنْ جَهِلَ الْبُطْلَانَ، أَوْ إنْ نَوَى مَعَهَا التِّلَاوَةَ، وَيَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ مُفَارَقَةُ إمَامِهِ غَيْرِ الْحَنَفِيِّ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَلَهُ انْتِظَارُ إمَامِهِ الْحَنَفِيِّ لِأَنَّهُ لِاعْتِقَادِهِ لَهَا كَالسَّاهِي وَهُوَ أَفْضَلُ، لِأَنَّ الْمَأْمُومَ يَرَى السُّجُودَ فِي الْجُمْلَةِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ وُجُوبَ مُفَارَقَتِهِ فِي الْمَسِّ وَنَحْوِهِ، وَيَسْجُدُ الْمَأْمُومُ إنْ لَمْ يُفَارِقْهُ قَبْلَ الْهُوِيِّ وَسُجُودُهُ لِأَجْلِ سُجُودِ إمَامِهِ لَا لِانْتِظَارِهِ لِأَنَّهُ كَالسَّاهِي بِهِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِمَامِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ الْقَوْلُ بِعَدَمِ السُّجُودِ وَلَوْ هَوَى مَعَهُ لِظَنِّهِ أَنَّهُ يَرْكَعُ فَالْوَجْهُ انْتِظَارُهُ فِي الرُّكُوعِ وَيَعُودُ مَعَهُ. قَوْلُهُ:(وَفِي وَجْهٍ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَيَنْوِي بِهَا التِّلَاوَةَ، وَتَدْخُلُ الصَّلَاةُ. قَوْلُهُ:(عَلَى قَبُولِ تَوْبَتِهِ) أَيْ تَقَعُ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْهُ أَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ، وَخَصَّ دَاوُد صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ لِنَبِيٍّ غَيْرِهِ نَدِمَ عَلَى مَا وَقَعَ مِنْهُ مِثْلُهُ لِأَنَّهُ بَكَى حَتَّى نَبَتَ الْعُشْبُ مِنْ دُمُوعِهِ، وَلَا يَرِدُ آدَم صلى الله عليه وسلم لِأَنَّ بُكَاءَهُ لِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ، وَلَا يَعْقُوبُ صلى الله عليه وسلم لِذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى أَمْرٍ وَقَعَ مِنْهُ أَوْ لِأَنَّهُ حُزْنٌ لَا بُكَاءَ فِيهِ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ بَيَاضُ عَيْنَيْهِ عَنْ بُكَاءٍ. قَوْلُهُ:(وَأَسْقَطَهُ إلَخْ) أَيْ لِإِيهَامِهِ اعْتِبَارَ الْمُلَاحَظَةِ.

قَوْلُهُ: (لِلْقَارِئِ) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ مُمَيِّزٌ وَلَوْ أَصَمَّ وَأُنْثَى وَصَغِيرًا لِجَمِيعِ الْآيَةِ فَلَا يَكْفِي سَمَاعُ بَعْضِهَا مِنْ غَيْرِ قِرَاءَةٍ مَشْرُوعَةٍ بِأَنْ لَا تَكُونَ حَرَامًا لِذَاتِهَا كَقِرَاءَةِ جُنُبٍ مُسْلِمٍ بِقَصْدِهَا، وَلَا مَكْرُوهَةً لِذَاتِهَا كَقِرَاءَةِ مُصَلٍّ بِقَصْدِ السُّجُودِ، أَوْ فِي جِنَازَةٍ مُطْلَقًا أَوْ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ، وَإِنْ حَرُمَتْ لِخَارِجٍ كَرَفْعِ صَوْتِ امْرَأَةٍ بِحَضْرَةِ أَجْنَبِيٍّ، أَوْ كُرِهَتْ كَذَلِكَ كَقِرَاءَةٍ فِي سُوقٍ أَوْ فِي طَرِيقٍ فَدَخَلَ قِرَاءَةُ الْمُعَلِّمِ وَالْمُتَعَلِّمِ وَالْمُدَرِّسِ، وَمَنْ يُقْرَأُ عَلَيْهِ فَيَسْجُدُ كَسَامِعِيهِ، وَدَخَلَ الْخَطِيبُ لَكِنْ لَا يَسْجُدُ سَامِعُوهُ وَإِنْ سَجَدَ فَوْقَ الْمِنْبَرِ أَوْ تَحْتَهُ لِأَنَّهُ إعْرَاضٌ. قَوْلُهُ:(وَالْمُسْتَمِعُ) أَيْ لِجَمِيعِ الْآيَةِ، فَلَا يَكْفِي بَعْضُهَا مِنْ قَارِئٍ وَاحِدٍ، فَلَا يَكْفِي مِنْ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مُمَيِّزٌ وَلَوْ جِنِّيًّا أَوْ مَلَكًا أَوْ كَافِرًا، وَلَوْ جُنُبًا أَوْ مُعَانِدًا لِعَدَمِ اعْتِقَادِهِ الْحُرْمَةَ لَا مِنْ مَجْنُونٍ وَنَائِمٍ وَسَاهٍ وَسَكْرَانَ، وَطَيْرٍ قِرَاءَةٌ مَشْرُوعَةٌ بِمَا مَرَّ، وَمِنْهَا قِرَاءَةُ مُصَلٍّ فِي الْقِيَامِ وَلَوْ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ لِأَنَّهُ مَحَلُّهَا، وَلَا سُجُودَ لِبَدَلِ الْفَاتِحَةِ وَلَوْ الْآيَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْهُ، وَلَا يَسْجُدُ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ لِصَمَمٍ أَوْ بُعْدٍ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ سُجُودُ تِلَاوَةٍ. نَعَمْ يَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي سَمَاعِ قِرَاءَةِ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ جُنُبٍ بِقَصْدِ التَّعَلُّمِ. قَوْلُهُ:(وَيَتَأَكَّدُ إلَخْ) فَلَا يَتَوَقَّفُ سُجُودُ أَحَدِهِمَا عَلَى سُجُودِ الْآخَرِ، وَلَا يُسَنُّ الِاقْتِدَاءُ وَلَا يَضُرُّ. قَوْلُهُ:(فِي غَيْرِ صَلَاةٍ) لَعَلَّ هَذَا فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِ بِحُكْمِهِ، فَلَا يُخَصِّصُهُ فَلَا يُقَالُ. يَلْزَمُ خُلُوُّ السُّجُودِ فِي الصَّلَاةِ عَنْ دَلِيلٍ. قَوْلُهُ:(وَلَا يَسْجُدُ لِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ) لِعَدَمِ طَلَبِ إصْغَائِهِ لَهُ وَلَوْ مُصَلِّيًا أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْجُدُ لِقِرَاءَتِهِ) أَيْ لَا يَسْجُدُ الْمَأْمُومُ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ مِنْ غَيْرِ سُجُودِ إمَامِهِ مَا لَمْ يُفَارِقْهُ، وَلَهُ فِرَاقُهُ

ــ

[حاشية عميرة]

مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ.

قَوْلُهُ: (رَوَى الشَّيْخَانِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مِنْ الْأَدِلَّةِ عَلَى دُخُولِ السَّامِعِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 21]

ص: 236

نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (فَإِنْ سَجَدَ إمَامُهُ فَتَخَلَّفَ) هُوَ (أَوْ انْعَكَسَ) ذَلِكَ أَيْ سَجَدَ هُوَ دُونَ إمَامِهِ (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِمُخَالَفَتِهِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ تَنَازَعَ فِيهِ قَرَأَ وَسَجَدَ، فَالْفَرَّاءُ يُعْمِلُهُمَا فِيهِ، وَالْكِسَائِيُّ يَقُولُ: حُذِفَ فَاعِلُ الْأَوَّلِ. وَالْبَصْرِيُّونَ يُضْمِرُونَهُ، وَهُوَ مُفْرَدٌ لَا مَثْنَى لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّأْوِيلِ. فَالتَّرْكِيبُ صَحِيحٌ عَلَيْهِ كَغَيْرِهِ:

(وَمَنْ سَجَدَ خَارِجَ الصَّلَاةِ) أَيْ أَرَادَ السُّجُودَ (نَوَى) سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ (وَكَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ) بِهَا (رَافِعًا يَدَيْهِ) كَالرَّفْعِ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (ثُمَّ) كَبَّرَ (لِلْهُوِيِّ بِلَا رَفْعٍ) لِيَدَيْهِ (وَسَجَدَ) سَجْدَةً (كَسَجْدَةِ الصَّلَاةِ وَرَفَعَ) رَأْسَهُ (مُكَبِّرًا) وَجَلَسَ (وَسَلَّمَ) مِنْ غَيْرِ تَشَهُّدٍ كَتَسْلِيمِ الصَّلَاةِ (وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ شَرْطٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَكَذَا السَّلَامُ فِي الْأَظْهَرِ) أَيْ لَا بُدَّ مِنْهُمَا وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ أَيْضًا، وَقِيلَ: لَا. وَمُدْرَكُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ أَنَّ السَّجْدَةَ تَلْحَقُ بِالصَّلَاةِ أَوْ لَا تَلْحَقُ بِهَا، وَلَا يُسْتَحَبُّ التَّشَهُّدُ فِي الْأَصَحِّ.

(وَتُشْتَرَطُ شُرُوطُ الصَّلَاةِ) قَطْعًا كَالطَّهَارَةِ وَالسَّتْرِ وَالِاسْتِقْبَالِ (وَمَنْ سَجَدَ فِيهَا) أَيْ أَرَادَ السُّجُودَ فِي الصَّلَاةِ (كَبَّرَ

ــ

[حاشية قليوبي]

لِلسُّجُودِ وَهُوَ فِرَاقٌ بِعُذْرٍ لَا يَفُوتُ بِهِ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ وَمَا لَمْ يُحْدِثْ إمَامُهُ وَإِلَّا فَيَسْجُدُ، وَلَوْ تَبَيَّنَ لَهُ حَدَثُ الْإِمَامِ قَبْلَ قِرَاءَةِ الْآيَةِ لَمْ يَسْجُدْ وَإِنْ سَجَدَ الْإِمَامُ، وَإِذَا لَمْ يُفَارِقْهُ فِي الْأُولَى سَجَدَ بَعْدَ الْفَرَاغِ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ، وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ تَأْخِيرَ السُّجُودِ إلَى مَا بَعْدَ الْفَرَاغِ إنْ خَشِيَ عَلَى بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ التَّخَلُّفَ لِبُعْدٍ، أَوْ صَمَمٍ، أَوْ جَهْلٍ، أَوْ إسْرَارَهُ فِي الْقِرَاءَةِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَلَوْ عَلِمَ الْمَأْمُومُ بِسُجُودِ إمَامِهِ بَعْدَ انْتِصَابِهِ لَمْ يَسْجُدْ، أَوْ قَبْلَهُ وَجَبَ أَنْ يَهْوِيَ خَلْفَهُ، فَإِنْ رَفَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ سُجُودِهِ هُوَ وَجَبَ عَوْدُهُ مَعَهُ وَلَا يَسْجُدُ، وَفَارَقَ سُجُودَ السَّهْوِ فِيهِمَا بِأَنَّهُ يُطْلَبُ فِعْلُهُ مِنْ الْمَأْمُومِ وَإِنْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا مَرَّ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّ سُجُودَ السَّهْوِ جَائِزٌ بِخِلَافِ هَذَا وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا، وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ هُنَا لِلْمُتَابَعَةِ كَسُجُودِ السَّهْوِ لِلْمَسْبُوقِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (مِنْ نَفْسِهِ) أَيْ لَا يَسْجُدُ الْمَأْمُومُ لِقِرَاءَةِ نَفْسِهِ خَلْفَ الْإِمَامِ، أَيْ مَا لَمْ يُفَارِقْهُ وَإِلَّا فَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ يَكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ قِرَاءَةُ آيَةِ سَجْدَةٍ خَلْفَ الْإِمَامِ لَمْ يَسْجُدْ أَيْضًا، وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ فَلَهُ السُّجُودُ، وَهُوَ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إنْ كَانَتْ قِرَاءَتُهُ لَا بِقَصْدِ السُّجُودِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ:(أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ نَفْسِهِ وَغَيْرُ إمَامِهِ، وَإِنْ فَارَقَ إمَامَهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ بِمُجَرَّدِ شُرُوعِهِ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ هُوِيِّ الْإِمَامِ، أَوْ بِمُجَرَّدِ شُرُوعِهِ فِي الْهُوِيِّ دُونَ الْإِمَامِ إنْ قَصَدَ الْمُخَالَفَةَ فِيهِمَا لِأَنَّهُ شُرُوعٌ فِي الْمُبْطِلِ، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهَا فَبِرَفْعِ رَأْسِ الْإِمَامِ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى، وَبِسُجُودِهِ هُوَ فِي الثَّانِيَةِ إنْ خَالَفَ بَعْدَ عِلْمِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّمَا تَبْطُلُ بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ السُّجُودِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (مِنْ التَّأْوِيلِ) بِقَوْلِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا.

قَوْلُهُ: (نَوَى سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ) أَيْ نَوَى السُّجُودَ لِلتِّلَاوَةِ، وَلَا تَجِبُ مُلَاحَظَةُ الْآيَةِ وَلَا عَيْنِهَا. قَوْلُهُ:(وَكَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ) أَيْ مِنْ جُلُوسٍ أَوْ قِيَامٍ، وَلَا يُنْدَبُ الْقِيَامُ لِيَأْتِيَ بِهَا مِنْهُ لِعَدَمِ وُرُودِهِ. قَوْلُهُ:(ثُمَّ كَبَّرَ لِلْهُوِيِّ) فَلَوْ كَبَّرَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً فَفِيهِ مَا يَأْتِي فِيمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا. قَوْلُهُ: (وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامُ شَرْطٌ) أَيْ رُكْنٌ وَكَذَا مَا بَعْدَهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ، وَجُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَرْكَانِ أَرْبَعَةٌ: النِّيَّةُ، وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ، وَالسَّجْدَةُ، وَالسَّلَامُ، وَأَمَّا الرَّفْعُ مِنْ السُّجُودِ فَهُوَ وَاجِبٌ لِأَنَّ بِهِ يَتِمُّ السُّجُودُ، وَسَكَتَ عَنْ الْجُلُوسِ لِلسَّلَامِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ إذْ يَكْفِي عَنْهُ الِاضْطِجَاعُ كَمَا فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ، فَلَا يَكْفِي غَيْرُهَا عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَكَلَامُ ابْنِ حَجَرٍ لَا يُخَالِفُهُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ.

قَوْلُهُ: (كَالطَّهَارَةِ) أَيْ مِنْ الْحَدَثِ وَالنَّجِسِ غَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ. قَوْلُهُ: (وَالسَّتْرُ) لِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فِي غَيْرِ الْحُرَّةِ، وَفِيهَا لِمَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ، وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَمَامِ الْآيَةِ فَلَا يَجُوزُ لِلْقَارِئِ أَوْ السَّامِعِ أَنْ يَسْجُدَ قَبْلَ تَمَامِهَا وَلَوْ بِحَرْفٍ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَةِ كُلِّهَا أَوْ سَمَاعِهَا مِنْ قَارِئٍ وَاحِدٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ:(وَمَنْ سَجَدَ فِيهَا) أَيْ فِي الصَّلَاةِ إمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا

ــ

[حاشية عميرة]

وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَسْمَعْ بِالْكُلِّيَّةِ وَإِنْ دَخَلَ فِي الْإِطْلَاقِ فَهُوَ خَارِجٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ عُلِمَ الْحَالُ بِرُؤْيَةِ السَّاجِدِينَ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ:(حُذِفَ فَاعِلُ الْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ اسْمٌ ظَاهِرٌ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَذْهَبَ الْبَصْرِيِّينَ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ، وَاسْتَحَبَّ الرَّافِعِيُّ الْقِيَامَ لِيَحُوزَ فَضِيلَتَهُ، وَخَالَفَ النَّوَوِيُّ فَصَحَّحَ اسْتِحْبَابَ تَرْكِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَكَذَا السَّلَامُ) .

قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّهَا تَفْتَقِرُ إلَى التَّحَرُّمِ، فَتَفْتَقِرُ إلَى التَّحَلُّلِ كَالصَّلَاةِ. قَوْلُهُ:(وَلَا يُسْتَحَبُّ التَّشَهُّدُ) كَمَا أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ الْقِيَامُ، وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ جَوَازُ التَّشَهُّدِ كَالْقِيَامِ

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتُشْتَرَطُ شُرُوطُ الصَّلَاةِ) مِنْهَا دُخُولُ الْوَقْتِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ:

ص: 237

لِلْهُوِيِّ وَلِلرَّفْعِ) مِنْ السَّجْدَةِ نَدْبًا. (وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ) فِيهِمَا (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَلَا يَجْلِسُ لِلِاسْتِرَاحَةِ) بَعْدَهَا.

(وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِعَدَمِ وُرُودِهِ.

(وَيَقُولُ) فِيهَا دَاخِلَ الصَّلَاةِ وَخَارِجَهَا. «سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ مِنْ غَيْرِ لَفْظِ وَصَوَّرَهُ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ. (وَلَوْ كَرَّرَ آيَةً) خَارِجَ الصَّلَاةِ أَيْ أَتَى بِهَا مَرَّتَيْنِ (فِي مَجْلِسَيْنِ سَجَدَ لِكُلٍّ) مِنْ الْمَرَّتَيْنِ عَقِبَهَا. (وَكَذَا الْمَجْلِسُ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي تَكْفِيه السَّجْدَةُ الْأُولَى عَنْ الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ. وَالثَّالِثُ يَكْفِيه إنْ لَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ لِلْمَرَّةِ الْأُولَى كَفَاهُ سَجْدَةٌ عَنْهُمَا. (وَرَكْعَةٌ كَمَجْلِسٍ) فِيمَا ذُكِرَ (وَرَكْعَتَانِ كَمَجْلِسَيْنِ) فَيَسْجُدُ فِيهِمَا (فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ) مَنْ سُنَّ لَهُ السُّجُودُ عَقِبَ الْقِرَاءَةِ (وَطَالَ الْفَصْلُ لَمْ يَسْجُدْ) بِخِلَافِ مَا إذَا قَصُرَ فَيَسْجُدُ. وَمَرْجِعُ الطُّولِ وَالْقِصَرِ الْعُرْفُ، وَمَنْ كَانَ مُحْدِثًا عِنْدَ الْقِرَاءَةِ وَتَطَهَّرَ عَلَى الْقُرْبِ يَسْجُدُ.

(وَسَجْدَةُ الشُّكْرِ لَا تَدْخُلُ الصَّلَاةَ) فَلَوْ فَعَلَهَا فِيهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (وَتُسَنُّ لِهُجُومِ نِعْمَةٍ أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ) وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ كَالشَّرْحِ

ــ

[حاشية قليوبي]

أَوْ مَأْمُومًا، وَتَجِبُ نِيَّتُهَا عَلَى غَيْرِ الْمَأْمُومِ وَتُنْدَبُ لَهُ.

وَقَالَ الْخَطِيبُ: لَا تَجِبُ لَهَا نِيَّةٌ مُطْلَقًا لِشُمُولِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ لَهَا بِوَاسِطَةِ شُمُولِهَا لِلْقِرَاءَةِ وَالنِّيَّةِ بِالْقَلْبِ، فَإِنْ تَلَفَّظَ بِهَا بَطَلَتْ كَمَا لَوْ كَبَّرَ بِقَصْدِ الْإِحْرَامِ. قَوْلُهُ:(وَلَا يَجْلِسُ لِلِاسْتِرَاحَةِ) أَيْ لَا يُنْدَبُ لَهُ، وَيُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ قَبْلَ رُكُوعِهِ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ.

قَوْلُهُ: (وَيَقُولُ) أَيْ نَدْبًا وَهَذَا دَاخِلٌ فِي التَّشْبِيهِ السَّابِقِ فَذِكْرُهُ إيضَاحٌ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَقُولَ أَيْضًا: اللَّهُمَّ اُكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَك أَجْرًا، وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَك ذُخْرًا، وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا، وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتهَا مِنْ عَبْدِك دَاوُد، أَيْ كَمَا تَقَبَّلْت جِنْسَهَا مِنْهُ. قَوْلُهُ:(أَيْ أَتَى بِهَا مَرَّتَيْنِ) يُفِيدُ أَنَّ قَصْدَ التَّكْرَارِ غَيْرُ مُرَادٍ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْمَرَّتَيْنِ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ لِكَوْنِهِ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَهُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لِأَنَّ حَقِيقَةَ التَّكْرَارِ لِمَا قَالَ السَّعْدُ: إنَّ مَا زَادَ عَلَى الْمَرَّتَيْنِ تَكْرَارَاتٌ مُتَعَدِّدَاتٌ، وَعَلَى كُلٍّ لَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِمَرَّتَيْنِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَجْلِسَيْنِ تَعَدُّدُ مَحَلِّ قِرَاءَتِهِ. قَوْلُهُ:(وَكَذَا الْمَجْلِسُ) أَيْ لَوْ كَرَّرَ الْآيَةَ فِيهِ سَجَدَ لِكُلِّ مَرَّةٍ عَقِبَهَا. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ) أَيْ بَيْنَ السَّجْدَةِ وَقِرَاءَتِهَا. قَوْلُهُ: (كَفَاهُ سَجْدَةٌ عَنْهُمَا) أَيْ عَنْ الْمَرَّتَيْنِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ هَذَا جَارٍ عَلَى الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ، وَمَحَلُّهُ عَلَى الْأَوَّلِ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهَا إحْدَى الْمَرَّتَيْنِ بِعَيْنِهَا، وَإِلَّا كَفَى عَنْهَا، وَيَسْجُدُ لِلْأُخْرَى إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلَ، وَلَوْ زَادَ عَلَى مَرَّتَيْنِ فَلَهُ تَكْرَارُ السُّجُودِ بِعَدَدِهِ وَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْ جَمِيعِهِ، كَمَا لَوْ طَافَ أَسَابِيعَ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ، لَكِنْ مَحَلُّهُ هُنَا إنْ لَمْ يَطُلْ فَصْلٌ بَيْنَ كُلِّ مَرَّةٍ وَسُجُودِهَا وَلَهُ جَمْعُهَا فِي سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا فِي الطَّوَافِ، وَسَوَاءٌ كَرَّرَهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ أَوْ فِيهَا أَوْ فِيهِمَا مَعًا، وَلَا يَحْتَاجُ الْمُصَلِّي إلَى قِيَامٍ لِمَا بَعْدَ السَّجْدَةِ الْأُولَى. نَعَمْ لَا يَسْجُدُ فِي الصَّلَاةِ لِقِرَاءَتِهِ قَبْلَهَا فَقَطْ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُهُ:(مُحْدِثًا) أَيْ حَدَثًا أَصْغَرَ مُطْلَقًا، أَوْ أَكْبَرَ وَهُوَ غَيْرُ الْقَارِئِ، وَسَكَتَ عَنْ فَوَاتِهَا بِالْإِعْرَاضِ مَعَ قِصَرِ الْفَصْلِ، وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ عَدَمُ الْفَوَاتِ فَلَهُ الْعَوْدُ، وَاَلَّذِي قَالَهُ شَيْخُنَا: إنَّهَا تَفُوتُ بِهِ كَمَا فِي التَّحِيَّةِ.

(تَنْبِيهٌ) سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ إذَا فَاتَتْ لَا تُقْضَى وَكَذَا سَجْدَةُ الشُّكْرِ وَإِنْ نَذَرَهُمَا كَذَوَاتِ السَّبَبِ.

قَوْلُهُ: (وَسَجْدَةُ الشُّكْرِ لَا تَدْخُلُ الصَّلَاةَ) هُوَ تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ بِالْأَوْلَى مِنْ سَجْدَةِ ص كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ فَعَلَهَا فِيهَا بَطَلَتْ) إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا، وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. قَوْلُهُ:(أَوْ انْدِفَاعُ نِقْمَةٍ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى النِّعْمَةِ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْهُجُومُ أَيْضًا، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ هُجُومِ النِّعْمَةِ وَانْدِفَاعِ النِّقْمَةِ ظَاهِرَتَيْنِ لِيَخْرُجَ مَا لَا وَقْعَ لَهُ وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ: لِيَخْرُجَ الْمَعْرِفَةُ وَسَتْرُ الْمَسَاوِئِ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ السُّجُودُ لَهُمَا.

ــ

[حاشية عميرة]

الْمُهَذَّبِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ قَرَأَ الْآيَةَ أَوْ سَمِعَهَا وَذَكَرَ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ قَرِيبًا مِنْهُ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ سَمَاعَ الْآيَةِ بِكَمَالِهَا شَرْطٌ كَمَا فِي الْقِرَاءَةِ، فَلَا يَكْفِي سَمَاعُ كَلِمَةِ السَّجْدَةِ وَنَحْوِهَا فَلْيُتَفَطَّنْ لَهُ، انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ إلَخْ) أَيْ كَمَا فِي سُجُودِ الصَّلَاةِ.

قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَا يَحْتَاجُ فِي هَذَا السُّجُودِ إلَى نِيَّةٍ اتِّفَاقًا لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ تَنْسَحِبُ عَلَيْهَا أَيْ بِخِلَافِ سُجُودِ السَّهْوِ، فَإِنَّ سَبَبَهُ لَمْ تَشْمَلْهُ نِيَّةُ الصَّلَاةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: كَيْف يُتَصَوَّرُ سُجُودُ التِّلَاوَةِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ.

قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ وَصَوَّرَهُ) وَلِذَا حَذَفَهَا فِي التَّحْقِيقِ وَقَوْلُهُ: وَالثَّانِي تَكْفِيه إلَى آخِرِهِ أَيْ كَمَا تَكْفِي الثَّانِيَةُ عَنْ الْأُولَى عِنْدَ تَرْكِهِ فِي الْأُولَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَرَكْعَةٌ كَمَجْلِسٍ) أَيْ وَإِنْ طَالَتْ وَرَكْعَتَانِ كَمَجْلِسَيْنِ، أَيْ وَإِنْ قَصُرَتَا نَظَرًا لِلِاسْمِ فِيهِمَا.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَوْ قَرَأَ الْآيَةَ فِي

ص: 238

مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: الْأَوَّلُ كَحُدُوثِ وَلَدٍ أَوْ مَالٍ لَهُ. وَالثَّانِي كَنَجَاتِهِ مِنْ الْهَدْمِ وَالْغَرَقِ، رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا جَاءَهُ شَيْءٌ يَسُرُّهُ خَرَّ سَاجِدًا» ، وَلَا يُسَنُّ السُّجُودُ لِاسْتِمْرَارِ النِّعَمِ. (أَوْ رُؤْيَةِ مُبْتَلًى) كَزَمِنٍ (أَوْ عَاصٍ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ يَتَظَاهَرُ بِعِصْيَانِهِ، رَوَى الْحَاكِمُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ لِرُؤْيَةِ زَمِنٍ» . وَالسَّجْدَةُ لِذَلِكَ عَلَى السَّلَامَةِ مِنْهُ. (وَيُظْهِرُهَا لِلْعَاصِي) لَعَلَّهُ يَتُوبُ (لَا لِلْمُبْتَلَى) لِئَلَّا يَتَأَذَّى وَيُظْهِرُهَا أَيْضًا لِحُصُولِ نِعْمَةٍ أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَإِنْ خَافَ مِنْ إظْهَارِ السُّجُودِ لِلْفَاسِقِ مَفْسَدَةً أَوْ ضَرَرًا أَخْفَاهُ.

(وَهِيَ كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ) خَارِجَ الصَّلَاةِ فِي كَيْفِيَّتِهَا وَشُرُوطِهَا (وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُمَا) أَيْ السَّجْدَتَيْنِ. (عَلَى الرَّاحِلَةِ لِلْمُسَافِرِ) بِأَنْ يُومِئَ بِهِمَا لِمَشَقَّةِ النُّزُولِ. وَالثَّانِي لَا لِفَوَاتِ الرُّكْنِ الْأَظْهَرِ أَيْ السُّجُودِ (فَإِنْ سَجَدَ لِتِلَاوَةِ صَلَاةٍ جَازَ عَلَيْهَا قَطْعًا) كَسُجُودِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا.

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) أَيْ فِي وَقْتٍ لَا يُتَيَقَّنُ حُصُولُهَا فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مُتَوَقَّعًا لَهَا قَبْلَهُ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَابْنِ حَجَرٍ: وَقَدْ يُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ شَيْءٍ وَقَعَ عَقِبَ سَبَبِهِ عَادَةً كَرِبْحٍ مُتَعَارَفٍ لِتَاجِرٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ:(كَحُدُوثِ وَلَدٍ) نَعَمْ لَا تُسَنُّ لَهُ بِحَضْرَةِ عَقِيمٍ، وَكَذَا كُلُّ نِعْمَةٍ بِحَضْرَةِ مَنْ لَيْسَ لَهُ مِثْلُهَا. قَوْلُهُ:(مَالٍ لَهُ) وَكَذَا لِوَلَدِهِ أَوْ صَدِيقِهِ، أَوْ نَحْوِ عَالِمٍ أَوْ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَا يُقَالُ فِي انْدِفَاعِ النِّقْمَةِ. قَوْلُهُ:(لِاسْتِمْرَارِ النِّعَمِ) أَيْ النِّعَمِ الْمُسْتَمِرَّةِ كَدَوَامِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالشَّمِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، لِئَلَّا يُؤَدِّيَ ذَلِكَ لِاسْتِغْرَاقِ الْعُمْرِ فِي السُّجُودِ. قَوْلُهُ:(أَوْ رُؤْيَةِ مُبْتَلًى) أَيْ الْعِلْمُ بِهِ وَلَوْ لِأَعْمَى. قَوْلُهُ: (كَزَمِنٍ) وَمِثْلُهُ نَقْصُ عُضْوٍ وَلَوْ خِلْقَةً، أَوْ اخْتِلَالُ عَقْلِ أَوْ ضَعْفُ حَرَكَةٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(أَوْ عَاصٍ) وَإِنْ لَمْ يَفْسُقْ كَصَغِيرَةٍ لَمْ يُصِرَّ عَلَيْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْمَنْهَجِ بِفَاسِقٍ.

قَالَ شَيْخُنَا: وَمِنْهُ الْكَافِرُ وَشَافِعِيٌّ يَرَى حَنَفِيًّا يَشْرَبُ نَبِيذًا، وَمِنْهُ رُؤْيَةُ مَقْطُوعٍ فِي سَرِقَةٍ أَوْ مَجْلُودٍ فِي زِنًى، وَيَسْجُدُ الْعَاصِي لِرُؤْيَةِ عَاصٍ آخَرَ إلَّا إنْ اتَّحِدَا جِنْسًا وَنَوْعًا وَصِفَةً وَمَحَلًّا وَقَدْرًا. نَعَمْ فِي سُجُودِ صَاحِبِ الْأَكْثَرِ فِي الْقَدْرِ نَظَرٌ، فَتَأَمَّلْهُ.

وَفِي كَلَامِ الْعَبَّادِيِّ عَدَمُ تَصَوُّرِ الِاتِّحَادِ فِي الْعِصْيَانِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يَتَظَاهَرُ بِعِصْيَانِهِ) اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا قَالَ: وَتَجِبُ التَّوْبَةُ مِنْ الصَّغِيرَةِ وَلَوْ بَعْدَ فِعْلِ مُكَفِّرٍ لَهَا وِفَاقًا لِقَوْلِ السُّبْكِيّ بِهِ، وَالتَّكْفِيرُ بِهِ أَمْرٌ يَتَعَلَّقُ بِالْآخِرَةِ، وَعَلَيْهِ فَيَسْجُدُ لِرُؤْيَتِهِ بَعْدَ الْمُكَفِّرِ، وَلَا يَسْجُدُ لِرُؤْيَتِهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ، لَكِنَّ التَّعْلِيلَ بِالسَّلَامَةِ مِنْهُ يُخَالِفُهُ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِالسُّجُودِ، لَكِنْ لَا يُظْهِرُهُ لَهُ وَهُوَ الْوَجْهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ:(وَيُظْهِرُهَا إلَخْ) وَلَوْ اجْتَمَعَ فِيهِ الِابْتِلَاءُ وَالْعِصْيَانُ أَظْهَرَهَا لَهُ وَبَيَّنَ السَّبَبَ.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ) فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ فِيهَا، وَمِنْهُ فَوَاتُهَا بِطُولِ الْفَصْلِ أَوْ الْإِعْرَاضِ، وَلَوْ مَعَ قَصْرِهِ وَعَدَمِ قَضَائِهَا إذَا فَاتَتْ وَلَوْ مَنْذُورَةً، وَمِنْهُ تَكَرُّرُهَا بِتَكَرُّرِ السَّبَبِ، وَلَوْ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ كَعَاصٍ فَيَسْجُدُ كُلَّمَا رَآهُ، وَلَهُ جَمْعُ أَسْبَابٍ فِي سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ لَا جَمْعَ تِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ فِي سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ، فَلَا يَصِحُّ، وَفَارَقَ الطَّهَارَةَ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّدَاخُلِ. قَوْلُهُ:(فِي كَيْفِيَّتِهَا) شَمِلَ أَرْكَانَهَا وَسُنَنَهَا، وَمِنْهَا النِّيَّةُ فَيَنْوِي سُجُودَ الشُّكْرِ، وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ كَوْنَهُ عَنْ نِعْمَةٍ، أَوْ دَفْعِ نِقْمَةٍ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ سَبَبًا بِعَيْنِهِ، فَإِنْ عَيَّنَهُ كَانَ عَنْهُ، وَلَهُ السُّجُودُ لِغَيْرِهِ بِشَرْطِهِ. (تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِسَجْدَةٍ مِنْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ وَلَوْ عَقِبَ صَلَاةٍ، وَلَا بِرُكُوعٍ وَنَحْوِهِ كَذَلِكَ، وَلَا بِصَلَاةٍ بِنِيَّةِ الشُّكْرِ أَوْ بِنِيَّةِ التِّلَاوَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ صُورَةُ الرُّكُوعِ عِنْدَ تَحِيَّةِ الْعُظَمَاءِ فَهُوَ حَرَامٌ، بَلْ قِيلَ: إنَّهُ كُفْرٌ وَحَمَلَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَلَى مَنْ قَصَدَ تَعْظِيمَهُمْ كَتَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا مَرَّ.

ــ

[حاشية عميرة]

الصَّلَاةِ ثُمَّ أَعَادَهَا خَارِجَهَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا، وَإِطْلَاقُ الْخِلَافِ فِي التَّكْرَارِ يَقْتَضِي طَرْدُهُ هُنَا. قَوْلُهُ:(بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَرَ إلَخْ) لَوْ قَصَدَ عَدَمَ السُّجُودِ ثُمَّ بَدَا لَهُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْجُدُ أَعْنِي مَعَ قَصْرِ الْفَصْل.

قَوْلُهُ: (وَفِي الْمُحَرَّرِ إلَخْ) هَذَا الَّذِي فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ مُسْتَفَادٌ مِنْ لَفْظِ الْهُجُومِ فَيُسْتَغْنَى عَنْهُ، ثُمَّ اُنْظُرْ لَوْ طَالَ الزَّمَنُ هَلْ يَسْقُطُ أَوْ لَا؟ . قَوْلُهُ:(كَحُدُوثِ وَلَدٍ إلَخْ) يَقْتَضِي كَلَامُ الْكِفَايَةِ أَنَّ حُدُوثَ النِّعْمَةِ عَلَى الْوَلَدِ وَنَحْوِهِ كَهِيَ عَلَيْهِ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَشْمَلُ الْعِلْمُ بِهِ وَإِنْ كَانَ فِي ظُلْمَةٍ وَنَحْوِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ رُؤْيَةِ مُبْتَلًى أَوْ عَاصٍ) لَوْ رَآهُمَا وَهَجَمَتْ عَلَيْهِ نِعْمَةٌ مَثَلًا فَهَلْ يَكْفِيه سُجُودٌ وَاحِدٌ؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ كَنَظِيرِهِ مِنْ سُجُودِ التِّلَاوَةِ السَّابِقِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَيُفَرَّقُ، وَلَوْ تَأَخَّرَ سُجُودُ الشُّكْرِ عَنْ سَبَبِهِ فَالْوَجْهُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ طُولِ الْفَصْلِ وَعَدَمِهِ كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَيُظْهِرُهَا لِلْعَاصِي إلَخْ) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّهُ لَوْ أَسَرَّ فِي الْعَاصِي وَأَظْهَرَ فِي الْمُبْتَلَى حَصَلَ أَصْلُ السُّنَّةِ، وَقَدْ يُمْنَعُ فِي الثَّانِي.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُومِئَ بِهِمَا إلَخْ) صَنِيعُهُ يَشْعُرُ بِأَنَّهُ لَوْ اسْتَوْفَى الشُّرُوطَ صَحَّا لِصَوْبِ الْمَقْصِدِ عَلَيْهَا قَطْعًا وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ ثُمَّ إحْرَامُهُ لِلْقِبْلَةِ لَا بُدَّ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا) رَجَحَ هَذَا فِي الْجِنَازَةِ لِنُدْرَتِهَا.

ص: 239