الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ: تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالنُّطْقِ) عَمْدًا مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ، وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ عَلَى مَا سَيَأْتِي. (بِحَرْفَيْنِ) أَفُهِمَا أَوْ لَا نَحْوِ قُمْ وَعَنْ (أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ) نَحْوِ قِ مِنْ الْوِقَايَةِ. (وَكَذَا مُدَّةٍ بَعْدَ حَرْفٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا أَلِفٌ أَوْ وَاوٌ أَوْ يَاءٌ، وَالثَّانِي قَالَ إنَّهَا لَا تَعُدُّ حَرْفًا، وَهَذَا كُلُّهُ يَسِيرٌ فَبِالْكَثِيرِ مِنْ بَابِ أَوْلَى. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثِ مُسْلِمٍ «إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» ، وَالْكَلَامُ يَقَعُ عَلَى الْمُفْهِمِ وَغَيْرِهِ الَّذِي هُوَ حَرْفَانِ وَتَخْصِيصُهُ بِالْمُفْهِمِ اصْطِلَاحٌ لِلنُّحَاةِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّ التَّنَحْنُحَ وَالضَّحِكَ وَالْبُكَاءَ وَالْأَنِينَ وَالنَّفْخَ إنْ ظَهَرَ بِهِ) أَيْ بِكُلٍّ مِمَّا ذُكِرَ (حَرْفَانِ بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا) تَبْطُلُ بِهِ، وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ بِهِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْكَلَامِ.
(وَيُعْذَرُ فِي يَسِيرِ الْكَلَامِ إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ) إلَيْهِ (أَوْ نَسِيَ الصَّلَاةَ) أَيْ نَسِيَ أَنَّهُ فِيهَا. (أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ) فِيهَا (إنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ) بِخِلَافِ بَعِيدِ الْعَهْدِ بِهِ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ، (لَا كَثِيرِهِ) فَإِنَّهُ لَا
ــ
[حاشية قليوبي]
فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ) الَّتِي هِيَ الْمَوَانِعُ، وَتُسَمَّى شُرُوطًا بِاعْتِبَارِ عَدَمِهَا، كَمَا فِي الطَّهَارَةِ مِنْ الْحَدَثِ وَالنَّجِسِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(تَبْطُلُ) وَيُرَادِفُهُ تَفْسُدُ، لِأَنَّ الْبَاطِلَ وَالْفَاسِدَ عِنْدَنَا سَوَاءٌ، قَالَ النَّوَوِيُّ إلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ النُّسُكِ، وَالْعَارِيَّةِ وَالْكِتَابَةِ وَالْخُلْعِ، وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ غَيْرَ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ مِثْلُهَا، كَالْهِبَةِ وَالْإِجَارَةِ إذْ الْبَاطِلُ مَا كَانَ لِفَقْدِ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِهِ، وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ مِنْ ضَمَانٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَفِعْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى قَضَاءً، وَالْفَاسِدُ مَا كَانَ لِفَقْدِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ، وَحُكْمُهُ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ، وَعَدَمِهِ وَفِعْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، يُسَمَّى قَضَاءً فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(بِالنُّطْقِ) أَيْ التَّلَفُّظِ.
قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ بِغَيْرِ اللِّسَانِ كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَالْأَنْفِ، إنْ سَمِعَ نَفْسَهُ، وَلَوْ كَانَ حَدِيدَ السَّمْعِ، أَوْ كَانَ بِحَيْثُ يُسْمَعُ لَوْ كَانَ مُعْتَدِلَهُ. قَوْلُهُ:(مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ إلَخْ) دَخَلَ فِي الْغَيْرِ مَنْسُوخُ التِّلَاوَةِ وَالتَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ وَالْأَحَادِيثُ، وَلَوْ قُدْسِيَّةً، وَلَوْ قَالَ قَالَ اللَّهُ، أَوْ قَالَ النَّبِيُّ، أَوْ قَافٌ أَوْ صَادٌ، بَطَلَتْ مَا لَمْ يَقْصِدْ أَنَّهُ مِنْ الْقُرْآنِ، وَخَرَجَ بِالنُّطْقِ الْإِشَارَةُ وَلَوْ مِنْ أَخْرَسَ أَوْ بِاللِّسَانِ، وَإِنْ قَصَدَ بِهَا الْإِفْهَامَ كَمَا يَأْتِي، وَيُنْدَبُ لِلْمُصَلِّي رَدُّ السَّلَامِ بِهَا، كَمَا يَجُوزُ رَدُّهُ وَالتَّشْمِيتُ بِغَيْرِ الْخِطَابِ نَحْوُ عليه السلام وَرَحْمَةُ اللَّهِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ:(بِحَرْفَيْنِ) أَيْ بِمُسَمَّاهُمَا وَكَذَا الْحَرْفُ. قَوْلُهُ: (أَفُهِمَا) أَيْ مَجْمُوعُهُمَا، فَلَا بُدَّ مِنْ تُوَالِيهِمَا، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَ الصَّادُ، وَانْظُرْ مَا ضَابِطُ الْمُوَالَاةِ هُنَا، قَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْعُرْفِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مُفْهِمٌ) أَيْ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ عَدَمَ الْإِفْهَامِ كَعَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (نَحْوُ قِ) مِنْ الْوِقَايَةِ وَعِ مِنْ الْوَعْيِ وَفِ مِنْ الْوَفَاءِ، وَشِ مِنْ الْوَشْيِ، وَحَذْفُ هَاءِ السَّكْتِ فِي ذَلِكَ مِنْ الْخَطَأِ صِنَاعَةً، لِوُجُوبِهِ فِيهَا جَبْرًا لِلْكَلِمَةِ بِمَا دَخَلَهَا مِنْ الْوَهَنِ، بِالْحَذْفِ حَتَّى بَقِيَتْ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ، وَلَا يَتَرَكَّبُ الْكَلَامُ مِنْ أَقَلِّ مِنْ حَرْفَيْنِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِصَرْفِ الْحَدِيثِ إلَيْهِ. قَوْلُهُ:(إنْ ظَهَرَ) أَيْ وُجِدَ مِنْ عَالِمٍ عَامِدٍ غَيْرِ مَعْذُورٍ. قَوْلُهُ: (بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ وَلَوْ لِمَرَضٍ، أَوْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ لِمُصْلِحَةِ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ:(حَرْفَانِ) أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ أَوْ مُدَّةٌ بَعْدَ حَرْفٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْكَلَامِ، فَلَا يُعْتَبَرُ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ نَسِيَ الصَّلَاةَ) خَرَجَ مَنْ نَسِيَ تَحْرِيمَ الْكَلَامِ فِيهَا فَتَبْطُلُ. قَوْلُهُ: (أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ) أَيْ تَحْرِيمَ مَا أَتَى بِهِ فَلَا تَبْطُلُ، وَإِنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ جِنْسِ الْكَلَامِ فِيهَا، لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى، وَمِنْهُ تَكْبِيرُ مُبَلِّغٍ أَوْ إمَامٌ جَهَرَ أَوْ تَسْبِيحٌ مِنْ مُنَبِّهٍ عَلَى خَطَأٍ، وَفَاتِحٍ عَلَى إمَامٍ بِقَصْدِ الْإِعْلَامِ فِي ذَلِكَ، فَلَا تَبْطُلُ مَعَ الْجَهْلِ بِتَحْرِيمِهِ، وَمِنْهُ مَنْ أَتَى بِشَيْءٍ غَيْرِ مُبْطِلٍ، وَظَنَّهُ مُبْطِلًا، فَتَكَلَّمَ بِقَلِيلٍ عَامِدًا فَلَا تَبْطُلُ، وَفَارَقَ مَنْ أَكَلَ فِي الصَّوْمِ نَاسِيًا، فَظَنَّ أَنَّهُ أَفْطَرَ فَأَكَلَ عَامِدًا، فَإِنَّهُ يُفْطِرُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ النَّوَوِيِّ، بِأَنَّ جِنْسَ الْكَلَامِ اُغْتُفِرَ عَمْدًا فِي الصَّلَاةِ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ مَا أَتَى بِهِ، وَجَهِلَ كَوْنَهُ مُبْطِلًا أَوْ نَسِيَ حُرْمَةَ الْكَلَامِ، وَفِي الصَّلَاةِ، كَمَا قَالَهُ الْخَطِيبُ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ. قَوْلُهُ:(إنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ) أَيْ أَسْلَمَ قَرِيبًا وَلَوْ مُخَالِطًا لَنَا
ــ
[حاشية عميرة]
[فَصْلٌ مُبْطِلَات الصَّلَاةُ]
فَصْلٌ: (تَبْطُلُ بِالنُّطْقِ) .
(قَوْلُهُ وَالثَّانِي قَالَ إنَّهَا لَا تُعَدُّ حَرْفًا) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ لِأَنَّ الْمُدَّةَ قَدْ تَتَّفِقُ لِإِشْبَاعِ الْحَرَكَةِ وَلَا تُعَدُّ حَرْفًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْبُكَاءُ) أَيْ وَلَوْ لِأَمْرِ الْآخِرَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْكَلَامِ) زَادَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا يَكَادُ يَبِينُ مِنْهُ حَرْفٌ فَأَشْبَهَ الصَّوْتَ الْغُفْلَ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ) لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ النِّسْيَانِ، وَدَلِيلُ النَّاسِي حَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ، وَدَلِيلُ الْجَاهِلِ حَدِيثُ الْمَأْمُومِ، وَهُوَ
يُعْذَرُ فِيهِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ. (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ يَقْطَعُ نَظْمَ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ، وَالثَّانِي يَقُولُ يُسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْعُذْرِ كَمَا سُوِّيَ بَيْنَهُمَا فِي الْعَمْدِ، وَالْيَسِيرُ بِالْعُرْفِ، وَيُصَدِّقُ بِمَا فِي الشَّرْحِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ كَالْكَلِمَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ وَنَحْوِهَا، وَأَسْقَطَ ذَلِكَ مِنْ الرَّوْضَةِ (وَ) يُعْذَرُ (فِي التَّنَحْنُحِ وَنَحْوِهِ) مِمَّا تَقَدَّمَ وَغَيْرِهِ كَالسُّعَالِ وَالْعُطَاسِ وَإِنْ ظَهَرَ بِهِ حِرْمَانٌ (لِلْغَلَبَةِ) هِيَ رَاجِعَةٌ لِلْجَمِيعِ (وَتَعَذُّرِ الْقِرَاءَةِ) لِلْفَاتِحَةِ هُوَ رَاجِعٌ إلَى التَّنَحْنُحِ فَقَطْ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (لَا الْجَهْرِ) بِالْقِرَاءَةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ سُنَّةٌ لَا ضَرُورَةَ إلَى التَّنَحْنُحِ لَهُ، وَالثَّانِي يُعْذَرُ فِي التَّنَحْنُحِ إقَامَةً لِشِعَارِهِ، وَسَكَتُوا عَنْ ظُهُورِ أَكْثَرَ مِنْ حَرْفَيْنِ
(وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْكَلَامِ بَطَلَتْ فِي الْأَظْهَرِ) لِنُدْرَةِ الْإِكْرَاهِ فِيهَا، وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ كَالنَّاسِي، وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَبْلَهُ وَمِثْلُهُ مِنْ بَعُدَ عَنْ الْعُلَمَاءِ، بِحَيْثُ لَمْ يَجِدْ مَا يُوصِلُهُ إلَيْهِمْ بِمَا يَجِبُ بَذْلُهُ فِي الْحَجِّ.
(تَنْبِيهٌ) مَحَلُّ هَذَا فِي الْأُمُورِ الظَّاهِرَةِ، أَمَّا دَقَائِقُ الْعِلْمِ كَقَصْدِ الْإِعْلَامِ فِي الْمُبَلِّغِ مَثَلًا، فَيُعْذَرُ فِيهَا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ تَارِكُهَا إلَى تَقْصِيرٍ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ:(لِأَنَّهُ) أَيْ الْكَلَامُ الْكَثِيرُ. قَوْلُهُ: (يَقْطَعُ نَظْمَ الصَّلَاةِ) أَيْ فَلَا مُسَاوَاةَ مَعَ هَذَا الْفَرْقِ الظَّاهِرِ، كَمَا يَقُولُ الْمُقَابِلُ. قَوْلُهُ:(وَيُصَدَّقُ) أَيْ الْكَلَامُ الْيَسِيرُ عُرْفًا بِمَا فِي الشَّرْحِ، وَهُوَ خَمْسُ كَلِمَاتٍ فَأَقَلُّ، لِأَنَّ نَحْوَ الشَّيْءِ لَا يُسَاوِيه، وَيُصَدَّقُ بِغَيْرِهِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَمُقْتَضَى مَا فِي الشَّرْحِ الْبُطْلَانُ بِالسِّتَّةِ، وَمُقْتَضَى مَا فِي غَيْرِهِ عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِأَكْثَرَ مِنْهَا، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُمَا، وَهُوَ عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِالسِّتَّةِ إلَى مَا دُونَهَا، وَالْبُطْلَانُ بِمَا زَادَ عَلَيْهَا فَلِذَلِكَ أَسْقَطَهُمَا مِنْ الرَّوْضَةِ، وَالْمُعْتَبَرُ مِنْ الْكَلِمَاتِ الْعُرْفِيَّةِ بِدَلِيلِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأْمُرْ مُعَاوِيَةَ بِالْإِعَادَةِ بِقَوْلِهِ وَاثُكْلَ أُمَّاهُ، مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إلَيَّ لَمَّا قَالَ لِلْعَاطِسِ: يَرْحَمُك اللَّهُ، وَنَظَرَ إلَيْهِ الصَّحَابَةُ نَظَرَ اعْتِرَاضٍ، فَضَرَبُوا بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ» ، مَعَ أَنَّ ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ سَبْعِ كَلِمَاتٍ نَحْوِيَّةٍ، وَقِيلَ الْكَثِيرُ مَا زَادَ عَلَى ثَلَاثِ كَلِمَاتٍ، وَقِيلَ مَا زَادَ عَلَى مَا وَقَعَ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ، وَقِيلَ مَا يَقَعُ فِي قَدْرِ مَا يَسَعُ رَكْعَةٍ مِنْ تِلْكَ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ كُلَّهَا فَهَذِهِ أَقْوَالٌ.
قَوْلُهُ: (لِلْغَلَبَةِ) أَيْ وَكَانَ قَلِيلًا عُرْفًا فِي الْجَمِيعِ، وَلَا نَظَرَ لِحُرُوفِهِ، وَإِنْ كَثُرَتْ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْغَلَبَةِ عَدَمُ قُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِهِ. نَعَمْ إنْ صَارَ طَبِيعَةً لَهُ بِحَيْثُ لَا يَخْلُو مِنْهُ زَمَنًا يَسَعُ الصَّلَاةَ عُذِرَ فِيهِ مُطْلَقًا، وَلَا يَضُرُّ الصَّوْتُ الْغُفْلُ أَيْ الْخَالِي عَنْ الْحُرُوفِ، وَعَنْ نَحْوِ تَنَحْنُحٍ مُطْلَقًا، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَّصِلًا بِحَرْفٍ، وَإِلَّا فَيَضُرُّ لِأَنَّهُ كَالْمُدَّةِ فَرَاجِعْهُ، وَلَوْ صَهَلَ كَالْفَرَسِ مَثَلًا، فَهُوَ كَالتَّنَحْنُحِ فَيَبْطُلُ، إنْ ظَهَرَ فِيهِ حَرْفَانِ. قَوْلُهُ:(لِلْفَاتِحَةِ) وَكَذَا كُلُّ قَوْلٍ وَاجِبٍ كَالتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ. قَوْلُهُ: (رَاجِعٌ إلَى التَّنَحْنُحِ) أَيْ لِأَنَّ غَيْرَهُ مِمَّا ذُكِرَ مَعَهُ، لَا تَتَوَقَّفُ الْقِرَاءَةُ عَلَيْهِ، وَلَا يَتَقَيَّدُ الْعُذْرُ فِي هَذَا بِقِلَّةٍ، وَلَا بِكَثْرَةٍ بَلْ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَإِنْ كَثُرَتْ حُرُوفُهُ، وَيُعْذَرُ فِي التَّنَحْنُحِ أَيْضًا لِإِخْرَاجِ نُخَامَةٍ خِيفَ مِنْهَا، بُطْلَانُ صَوْمِهِ أَوْ صَلَاتِهِ كَأَنْ حَصَلَتْ فِي حَدِّ الظَّاهِرِ. قَوْلُهُ:(لَا الْجَهْرُ بِالْقِرَاءَةِ) وَلَوْ لِلْفَاتِحَةِ، وَكَذَا غَيْرُ الْقِرَاءَةِ كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالتَّبْلِيغِ، وَإِنْ تَوَقَّفَتْ صِحَّةُ صَلَاةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَصْحِيحُ صَلَاةِ غَيْرِهِ، نَعَمْ إنْ تَوَقَّفَتْ صِحَّةُ صَلَاةِ نَفْسِهِ عَلَيْهِ، كَجَهْرِ مُبَلِّغٍ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ سَمَاعُ الْأَرْبَعِينَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ عُذِرَ فِيهِ. قَوْلُهُ:(وَسَكَتُوا إلَخْ) أَيْ فِي السَّعْلَةِ الْوَاحِدَةِ مَثَلًا لِأَنَّهُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا كَمَا قَالَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَة.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْكَلَامِ بَطَلَتْ) وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الصَّلَاةِ بِغَيْرِ طُهْرٍ، أَوْ بِغَيْرِ اسْتِقْبَالٍ أَوْ بِغَيْرِ سُتْرَةٍ،
ــ
[حاشية عميرة]
مُعَاوِيَةُ بْن الْحَكَمِ الَّذِي تَكَلَّمَ خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
وَرَمَقَهُ الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ لَهُ حَالَتَانِ عَدَمُ الْعُذْرِ وَقَدْ سَلَفَ، وَحَالَةُ عُذْرٍ وَقَدْ شَرَعَ الْآن فِي بَيَانِهَا. قَوْلُهُ:(لِأَنَّهُ يَقْطَعُ نَظْمَ الصَّلَاةِ) وَإِنَّ السَّبْقَ وَالنِّسْيَانَ فِي الْكَثِيرِ نَادِرٌ. قَوْلُهُ: (وَيُصَدَّقُ بِمَا فِي الشَّرْحِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ: الْأَظْهَرُ الْعُرْفُ وَالثَّانِي الْقَدْرُ الْوَاقِعُ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ، وَالثَّالِثُ ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ وَنَحْوُهَا، فَحَاوَلَ الشَّارِحُ رحمه الله رَدَّ الثَّالِثِ إلَى الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ:(وَإِنْ ظَهَرَ بِهِ حَرْفَانِ) مَشَى فِي الْإِرْشَادِ عَلَى اعْتِبَارِ الْقَلِيلِ دُونَ الْكَثِيرِ، وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ اغْتِفَارَهُ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لِلْغَلَبَةِ. قَوْلُهُ:(لِلْجَمِيعِ) أَيْ قَوْلُ الْمَتْنِ وَفِي التَّنَحْنُحِ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (إقَامَةً لِشِعَارِهِ) قِيلَ يَدْخُلُ فِي هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَرَأَ بَعْضَ السُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ احْتَاجَ لِلتَّنَحْنُحِ لِلْجَهْرِ لَا يُعْذَرُ جَزْمًا، لِأَنَّ الشِّعَارَ قَدْ وُجِدَ بِقِرَاءَةِ بَعْضِ السُّورَةِ. قَوْلُهُ:(وَسَكَتُوا عَنْ ظُهُورِ أَكْثَرَ مِنْ حَرْفَيْنِ) هُوَ كَمَا قَالَ بِالنَّظَرِ إلَى السَّعْلَةِ الْوَاحِدَةِ مَثَلًا، فَقَدْ رَاجَعْت الرَّوْضَةَ وَأَصْلَهَا فَوَجَدْتهمَا كَذَلِكَ، فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ عِنْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ لِلْغَلَبَةِ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي كُتُبِهِمَا عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، لَكِنْ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ أَنَّ غَلَبَةَ الْكَلَامِ وَالسُّعَالِ يُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْكَثْرَةَ وَالْقِلَّةَ فِي نَفْسِ السُّعَالِ لَا فِي الْأَحْرُفِ الْخَارِجَةِ بِالسَّعْلَةِ الْوَاحِدَةِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ الْحَالُ الثَّانِي فِي الْكَلَامِ بِعُذْرٍ، فَمَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ
الْخِلَافَ فِي الْيَسِيرِ، وَأَنَّهَا تَبْطُلُ بِالْكَثِيرِ جَزْمًا.
(وَلَوْ نَطَقَ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ بِقَصْدِ التَّفْهِيمِ كَ {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ} [مريم: 12] مُفْهِمًا بِهِ مَنْ يَسْتَأْذِنُ فِي أَخْذِ شَيْءٍ أَنْ يَأْخُذَهُ (إنْ قَصَدَ مَعَهُ) أَيْ التَّفْهِيمَ (قِرَاءَةً لَمْ تَبْطُلْ) كَمَا لَوْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ فَقَطْ. (وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدَ التَّفْهِيمَ فَقَطْ. (بَطَلَتْ) بِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ شَيْئًا فَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا تَبْطُلُ، لِأَنَّهُ يُشْبِهُ كَلَامَ الْآدَمِيِّ، فَلَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ، وَفِي الدَّقَائِقِ وَالتَّحْقِيقِ الْجَزْمُ بِالْبُطْلَانِ (وَلَا تَبْطُلُ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ إلَّا أَنْ يُخَاطِبَ) بِهِ (كَقَوْلِهِ لِعَاطِسٍ: رَحِمَك اللَّهُ) فَتَبْطُلُ بِهِ خِلَافٌ رحمه الله، وَخِطَابُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَا يَضُرُّ كَأَعْلَمُ مِنْ أَذْكَارِ الرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ
ــ
[حاشية قليوبي]
بِخِلَافِ مَا لَوْ غُصِبَتْ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: (بِنَظْمِ الْقُرْآنِ) أَيْ بِصُورَةِ قُرْآنٍ عَلَى نَظْمِهِ الْمَعْرُوفِ، وَزَادَ لَفْظَ نَظْمٍ لِيَصِحَّ التَّقْسِيمُ، وَسَوَاءً ابْتَدَأَ بِهِ أَوْ انْتَهَى فِي قِرَاءَتِهِ إلَيْهِ، أَوْ قَالَهُ تَبَعًا لِإِمَامِهِ أَوْ لَمْ يَصْلُحْ لِلْإِفْهَامِ، وَمِنْهُ (كهيعص) مَثَلًا وَخَرَجَ بِذَلِكَ نَحْوُ (قِ) ، (ص)(ن) وَنَحْوُ يَا إبْرَاهِيمُ، سَلَامٌ، كُنْ، فَإِنْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ مَعَ كُلٍّ مِنْهَا عَلَى انْفِرَادِهِ، لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَإِلَّا بَطَلَتْ سَوَاءً جَمَعَهَا أَوْ فَرَّقَهَا، وَخَرَجَ نَحْوُ {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البقرة: 277] {أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 257] فَتَبْطُلُ إنْ تَعَمَّدَ وَإِلَّا فَلَا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ.
قَالَ الْقَفَّالُ وَيَكْفُرُ إنْ تَعَمَّدَ وَاعْتَقَدَ مَعْنَاهُ. قَوْلُهُ: (إنْ قَصَدَ مَعَهُ) أَيْ التَّفْهِيمَ قِرَاءَةً أَيْ أَوْ ذِكْرٌ، لِأَنَّهُ يَصِحُّ قَصْدُ الذَّكَرِ، بِالْقُرْآنِ لَا عَكْسُهُ. قَوْلُهُ:(وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ شَيْئًا) هَذِهِ مِمَّا يَشْمَلُهَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَهَا عَنْهُ لِضَرُورَةِ التَّقْسِيمِ. قَوْلُهُ:(كَلَامُ الْمُصَنِّفِ) هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبَ. قَوْلُهُ: (إنَّهَا تَبْطُلُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا لَوْ قَصَدَ التَّفْهِيمَ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَكُونُ) هُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى مَا يُشْبِهُ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْقَرِينَةِ، الصَّارِفَةِ كَقِرَاءَةِ الْجُنُبِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا تَبْطُلُ بِالذِّكْرِ) وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ حَيْثُ خَلَا عَنْ صَارِفٍ أَوْ قَصَدَهُ، وَلَوْ مَعَ الصَّارِفِ كَمَا مَرَّ فِي الْقُرْآنِ، وَمِنْهُ سُبْحَانَ اللَّهِ فِي التَّنْبِيهِ كَمَا يَأْتِي، وَتَكْبِيرَاتُ الِانْتِقَالَاتِ مِنْ مُبَلِّغٍ أَوْ إمَامٍ جَهَرَا.
قَالَ شَيْخُنَا، وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الذِّكْرِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ، وَاكْتَفَى الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ بِقَصْدِ ذَلِكَ، فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ عِنْدَ أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ، وَمِنْهُ اسْتَعَنْت بِاَللَّهِ أَوْ تَوَكَّلْت عَلَى اللَّهِ عِنْدَ سَمَاعِ آيَتِهَا، وَمِنْهُ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَشَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ كُلُّ مَا لَفْظُهُ الْخَبَرُ نَحْوُ صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ، أَوْ آمَنْت بِاَللَّهِ عِنْدَ سَمَاعِ الْقِرَاءَةِ، بَلْ قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ لَا يَضُرُّ الْإِطْلَاقُ فِي هَذَا، كَمَا فِي نَحْوِ سَجَدْت لِلَّهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَمِنْهُ مَا لَوْ قَالَ الْغَافِرُ أَوْ السَّلَامُ، فَإِنْ قَصَدَ أَنَّهُ اسْمُ اللَّهِ، أَوْ الذِّكْرُ لَمْ تَبْطُلُ وَإِلَّا بَطَلَتْ.
(تَنْبِيهٌ) مِنْ الذِّكْرِ التَّلَفُّظُ بِالْقُرْبَةِ كَنَذْرٍ، وَعِتْقٍ وَوَقْفٍ وَصَدَقَةٍ حَيْثُ خَلَتْ عَنْ خِطَابٍ، وَتَعْلِيقٍ قَالَهُ شَيْخُنَا: كَابْنِ حَجَرٍ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ الْبُطْلَانَ فِي غَيْرِ نَذْرِ التَّبَرُّرِ، سَوَاءً قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا، أَوْ نَذْرٌ عَلَيَّ كَذَا، أَوْ نَذَرْت لِلَّهِ كَذَا، وَلَا يَتَقَيَّدُ مَا ذُكِرَ بِالْكَلَامِ الْقَلِيلِ.
قَوْلُهُ: (وَالدُّعَاءُ) غَيْرُ الْمُحَرَّمِ وَلَوْ مَنْظُومًا خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، أَوْ مُسَجَّعًا أَوْ مُسْتَحِيلًا خِلَافًا لِلْعَبَّادِيِّ، لِعَدَمِ حُرْمَتِهِ، وَلِأَنَّهُ مِنْ التَّمَنِّي أَوْ ضِمْنِيًّا نَحْوُ أَنَا الْمُذْنِبُ كَمْ أَحْسَنْت إلَيَّ، وَأَسَأْت وَلَوْ قَالَ النِّعْمَةُ أَوْ الْعَافِيَةُ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الدُّعَاءَ بَطَلَتْ. قَوْلُهُ:(إلَّا أَنْ يُخَاطِبَ بِهِ) أَيْ بِالذِّكْرِ أَوْ الدُّعَاءِ، وَلَوْ لِغَيْرِ عَاقِلٍ كَقَوْلِهِ لِلْقَمَرِ رَبِّي وَرَبُّك اللَّهُ، وَمَا وَرَدَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَإِبْلِيسَ فِي الصَّلَاةِ: أَلْعَنُك بِلَعْنَةِ اللَّهِ» ، فَلَعَلَّهُ كَانَ سَهْوًا أَوْ قِيلَ وُرُودُ الْمَنْعِ أَوْ مَرْوِيٌّ بِالْحِكَايَةِ، وَتَقَدَّمَ جَوَازُ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ لِلْمَأْثُورِ دُونَ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ:(وَرَسُولُهُ) أَيْ لَا تَبْطُلُ بِخِطَابِ رَسُولِ اللَّهِ مُحَمَّدٍ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم وَلَوْ فِي غَيْرِ التَّشَهُّدِ كَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، عِنْدَ سَمَاعِ ذِكْرِهِ كَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْك يَا مُحَمَّدُ.
(تَنْبِيهٌ) يُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ إجَابَتَهُ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَوْ بِكَثِيرِ الْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ، وَلَوْ مَعَ اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ، كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا بَعْدَهُ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ حَيْثُ، لَمْ تَزِدْ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ كَخِطَابِهِ، وَالْمُرَادُ بِهَا جَوَابُ كَلَامِهِ، وَلَوْ بِلَا مُنَادَاةٍ فَلَوْ ابْتَدَأَهُ الْمُصَلِّي، بِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِذَا تَمَّتْ الْإِجَابَةُ بِالْفِعْلِ أَتَمَّ صَلَاتَهُ مَكَانَهُ، وَسُئِلَ شَيْخُنَا عَمَّا لَوْ كَانَ الْمُجِيبُ إمَامًا، وَلَزِمَ تَأَخُّرُهُ عَنْ الْقَوْمِ أَوْ تَقَدُّمُهُ عَلَيْهِمْ، بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثمِائَةِ ذِرَاعٍ، هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِمْ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ حَالًا، أَوْ بَعْدَ التَّلَبُّسِ بِالْمُبْطِلِ، أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِجَابَةِ، أَوْ يُغْتَفَرُ لَهُ عَوْدُهُ إلَى مَحَلِّهِ الْأَوَّلِ، أَوْ لَهُمْ مُتَابَعَتُهُ فِي مَحَلِّهِ الْآنَ، كَشِدَّةِ الْخَوْفِ، فَقَالَ: سُئِلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَ: بِأَنَّ
ــ
[حاشية عميرة]
إلَى الْكَلَامِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، أَوْ غَلَبَهُ الضَّحِكُ أَوْ السُّعَالُ فَبَانَ مِنْهُ حَرْفَانِ أَوْ تَكَلَّمَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا تَحْرِيمُ الْكَلَامِ، فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَمْ تَبْطُلْ، وَإِنْ كَثُرَ بَطَلَتْ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ.
وَهُوَ عِنْدَ التَّأَمُّلِ يُورَثُ نَظَرًا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ رحمه الله وَسَكَتُوا.
قَوْلُهُ: (وَهَذَا) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ كَالنَّاسِي.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ نَطَقَ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي بَيَانِ الْقُرْآنِ، وَالذِّكْرِ قَدْ يَلْحَقُ بِالْكَلَامِ الْمُضِرِّ لِعَارِضٍ. قَوْلُهُ:(كَمَا لَوْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ) عَلَّلَهُ غَيْرُهُ بِالْقِيَاسِ عَلَى التَّسْبِيحِ الْوَارِدِ فِي الْفَتْحِ عَلَى الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (وَخِطَابُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَا يَضُرُّ) لَا تَبْطُلُ بِإِجَابَةِ
وَمِنْ التَّشَهُّدِ.
(وَلَوْ سَكَتَ طَوِيلًا) عَمْدًا (بِلَا غَرَضٍ لَمْ تَبْطُلْ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ السُّكُوتَ لَا يَخْرِمُ هَيْئَةَ الصَّلَاةِ، وَالثَّانِي يَقُولُ: هَذَا السُّكُوتُ مُشْعِرٌ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا، أَمَّا السُّكُوتُ الْيَسِيرُ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ جَزْمًا، وَكَذَا الطَّوِيلُ نَاسِيًا، أَوْ لِغَرَضٍ كَتَذَكُّرِ مَا نَسِيَهُ، وَقِيلَ فِي كُلِّ وَجْهَانِ، لَكِنَّهُمَا فِي الْأَوَّلِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ عَمْدَهُ مُبْطِلٌ، وَسَيَأْتِي فِي بَابٍ يَلِي هَذَا أَنَّ تَطْوِيلَ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ بِسُكُوتٍ يُبْطِلُ عَمْدُهُ فِي الْأَصَحِّ لِإِخْلَالِهِ بِالْمُوَالَاةِ.
(وَيُسَنُّ لِمَنْ نَابَهُ شَيْءٌ) فِي صَلَاتِهِ (كَتَنْبِيهِ إمَامِهِ) عَلَى سَهْوٍ (وَإِذْنِهِ لِدَاخِلٍ) أَيْ لِمُسْتَأْذِنٍ فِي الدُّخُولِ (وَإِنْذَارِهِ أَعْمَى) أَنْ يَقَعَ فِي بِئْرٍ مَثَلًا (أَنْ يُسَبِّحَ) الرَّجُلُ أَيْ يَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ.
(وَتُصَفِّقُ الْمَرْأَةُ بِضَرْبِ) بَطْنِ (الْيَمِينِ عَلَى ظَهْرِ الْيَسَارِ) فَلَوْ ضَرَبَتْ عَلَى بَطْنِهَا عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ بَطَلَتْ صَلَاتُهَا وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لِمُنَافَاةِ اللَّعِبِ لِلصَّلَاةِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ» (وَلَوْ فَعَلَ فِي صَلَاتِهِ غَيْرَهَا إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهَا) كَزِيَادَةِ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ (بَطَلَتْ) لِتَلَاعُبِهِ بِهَا (إلَّا أَنْ يَنْسَى) أَنَّهُ فَعَلَ مِثْلَهُ فَلَا تَبْطُلُ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ وَلَمْ يُعِدْهَا؛ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَوْ اقْتَدَى فِي حَالِ سُجُودِ الْإِمَامِ مَثَلًا وَجَبَتْ مُتَابَعَتُهُ فِيهِ، وَسَيَأْتِي فِي بَابٍ يَلِي هَذَا أَنَّهُ لَوْ نَقَلَ رُكْنًا قَوْلِيًّا عَمْدًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ فِي الْأَصَحِّ وَكَذَا لَوْ قَالَ مَرَّتَيْنِ لَمْ تَبْطُلْ
ــ
[حاشية قليوبي]
الْقَلْبَ إلَى الْأَوَّلِ أَمْيَلُ، وَفِيهِ بُعْدٌ، وَالْوَجْهُ الْمَيْلُ إلَى الثَّانِي، إلَّا إنْ كَانَ هُوَ الْمُرَادَ مِنْ كَلَامِهِ، أَمَّا غَيْرُ نَبِيِّنَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، فَتَجِبُ إجَابَتُهُمْ بِالْقَوْلِ، أَوْ الْفِعْلِ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ، وَلَوْ فِي الْفَرْضِ، وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَخِطَابِهِمْ أَيْضًا، وَنُقِلَ عَنْ وَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، أَنَّ إجَابَتَهُمْ مَنْدُوبَةٌ، وَضُعِّفَ وَأَمَّا إجَابَةُ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ فَحَرَامٌ فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا، وَمَكْرُوهَةٌ فِي النَّفْلِ إلَّا لِوَالِدٍ، وَلَوْ أُنْثَى أَوْ بَعِيدًا إنْ شُقَّ عَلَيْهِ عَدَمُ الْإِجَابَةِ، فَلَا تُكْرَهُ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ فِي الْجَمِيعِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَكَتَ طَوِيلًا) وَلَوْ عَمْدًا بِلَا قَصْدِ قَطْعٍ لَمْ تَبْطُلْ وَمِثْلُهُ نَوْمٌ مُمْكِنٌ، وَلَوْ فِي رُكْنٍ قَصِيرٍ، إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْهُ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ إلَخْ) الْمَعْنَى أَنَّ التَّسْبِيحَ لِلرَّجُلِ، وَالتَّصْفِيقَ لِلْأُنْثَى بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ، عِنْدَ التَّنْبِيهِ مَنْدُوبٌ، وَالْخُنْثَى كَالْأُنْثَى فَلَوْ فَعَلَا ذَلِكَ لَا لِعَارِضٍ، أَوْ صَفَّقَ الرَّجُلُ مُطْلَقًا، أَوْ الْمَرْأَةُ بِغَيْرِ الْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ، أَوْ سَبَّحَتْ حَصَلَتْ سُنَّةُ التَّنْبِيهِ، وَإِنْ كُرِهَ مِنْ حَيْثُ الْمُخَالَفَةِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ، وَالتَّنْبِيهُ فِي نَحْوِ إنْذَارِ الْأَعْمَى وَاجِبٌ، فَلَوْ تَوَقَّفَ عَلَى مَشْيٍ أَوْ كَلَامٍ مُبْطِلٍ، وَجَبَ، وَبَطَلَتْ بِهِ، وَلَا بُدَّ فِي التَّسْبِيحِ مِنْ قَصْدِ الذِّكْرِ، وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ، وَلَا يَضُرُّ فِي التَّصْفِيقِ قَصْدُ الْإِعْلَامِ، وَلَا تَوَالِيهِ وَلَا زِيَادَتِهِ عَلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ، حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ بُعْدُ إحْدَى الْيَدَيْنِ، عَنْ الْأُخْرَى وَعَوْدِهَا إلَيْهَا، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَيُصَرِّحُ بِهِ التَّعَلُّلُ، بِأَنَّهُ فِعْلٌ خَفِيفٌ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ دَفْعَ الْمَارِّ الْآتِي. قَوْلُهُ:(بِضَرْبِ بَطْنِ الْيَمِينِ عَلَى ظَهْرِ الْيَسَارِ) أَوْ عَكْسِهِ أَوْ ضَرْبِ ظَهْرٍ عَلَى ظَهْرٍ أَوْ بَطْنٍ عَلَى بَطْنٍ، وَكُلُّ يَدٍ مِنْهُمَا إمَّا ضَارِبَةٌ أَوْ مَضْرُوبَةٌ، فَالْكَيْفِيَّاتُ ثَمَانِيَةٌ. قَوْلُهُ:(عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ) أَيْ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، فَلَا يَضُرُّ قَصْدُ اللَّعِبِ مَعَ غَيْرِهِ، كَمَا فِي الذِّكْرِ فَرَاجِعْهُ وَخُصَّتْ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ بِذَلِكَ، لِغَلَبَتِهِ فِيهَا فَغَيْرُهَا كَذَلِكَ، وَكَذَا كُلُّ فِعْلٍ خَفِيفٍ كَرَفْعِ الْأُصْبُعِ الْوُسْطَى، بِقَصْدِ الْفَاحِشَةِ.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: يُكْرَهُ التَّصْفِيقُ خَارِجَ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا، وَلَوْ بِضَرْبِ بَطْنٍ عَلَى بَطْنٍ، وَبِقَصْدِ اللَّعِبِ، وَمَعَ بُعْدِ إحْدَى الْيَدَيْنِ عَنْ الْأُخْرَى.
وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إنَّهُ حَرَامٌ بِقَصْدِ اللَّعِبِ، وَكَتَصْفِيقٍ فِيمَا ذُكِرَ ضَرْبُ الصَّبِيِّ عَلَى بَعْضِهِ، أَوْ بِنَحْوِ قَضِيبٍ أَوْ ضَرْبٍ خَشَبٍ عَلَى مِثْلِهِ، حَيْثُ حَصَلَ بِهِ الطَّرَبُ. قَوْلُهُ:(كَزِيَادَةِ رُكُوعٍ) أَيْ صُورَتِهِ لِغَيْرِ مُقْتَضًّ، فَلَا يَضُرُّ وُجُودُهُ لِنَحْوِ مَنْدُوبٍ كَقَتْلِ حَيَّةٍ صَالَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَثُرَ أَيْ مَا لَمْ يَتَوَالَ كَمَا يَأْتِي، وَلَا فِي نَحْوِ هُوِيِّهِ لِسُجُودٍ، وَلَوْ لِتِلَاوَةٍ، وَإِنْ قَطَعَهُ لِتَرْكِهِ، وَلَا فِي قِيَامِهِ مِنْهُ، وَلَا فِي قِيَامِهِ عَنْ الْجُلُوسِ، وَلَا فِي تَوَرُّكِهِ أَوْ افْتِرَاشِهِ فِي التَّشَهُّدِ، خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى بَعْضِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ اقْتَدَى إلَخْ. قَوْلُهُ:(وَجَبَتْ مُتَابَعَتُهُ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ السَّجْدَةِ، أَوْ أَحْدَثَ قَبْلَ شُرُوعِ الْمَأْمُومِ فِيهَا، امْتَنَعَ عَلَيْهِ فِعْلُهَا فِيهِمَا، فَإِنْ فَعَلَهَا عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.
ــ
[حاشية عميرة]
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَكَذَا إجَابَتُهُ بِالْفِعْلِ.
قَوْلُهُ: (فِي الْأَوَّلِ) هُوَ الطَّوِيلُ نَاسِيًا
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ لِمَنْ نَابَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْكِتَابِ تَقْضِي أَنَّ الْخُنْثَى يُسَبِّحُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ السُّنَّةُ فِي حَقِّهِ التَّصْفِيقُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الْفُتُوحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَتَنْبِيهِ إمَامِهِ) مِثْلُ ذَلِكَ إعْلَامُ غَيْرِهِ بِأَمْرِ مَا أَرَادَ الْمُصَلِّي إعْلَامَهُ بِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْذَارُهُ أَعْمَى إلَخْ) الْمُرَادُ مِنْ كَلَامِ الْكِتَابِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ حُكْمِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَلَا يُنَافِي كَوْنَ الْإِنْذَارِ وَاجِبًا. قَوْلُ الْمَتْنِ:(أَنْ يُسَبِّحَ) .
قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: هُوَ مَنْدُوبٌ إذَا كَانَ
عَلَى النَّصِّ، وَعَنْ ذَلِكَ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فَعَلَ دُونَ أَتَى. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهَا كَالْمَشْيِ وَالضَّرْبِ. (فَتَبْطُلُ بِكَثِيرِهِ لَا قَلِيلِهِ)«لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ، فَكَانَ إذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَسَيَأْتِي فِي صَلَاةِ شِدَّةِ الْخَوْفِ أَنَّهُ يُعْذَرُ فِيهَا فِي الْكَثِيرِ لِحَاجَةٍ فِي الْأَصَحِّ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْقَلِيلِ الْأَكْلُ فَتَبْطُلُ بِهِ لِمَا سَيَأْتِي. (وَالْكَثْرَةُ) وَالْقِلَّةُ (بِالْعُرْفِ فَالْخُطْوَتَانِ أَوْ الضَّرْبَتَانِ قَلِيلٌ وَالثَّلَاثُ) مِنْ ذَلِكَ (كَثِيرٌ إنْ تَوَالَتْ) لَا إنْ تَفَرَّقَتْ بِأَنْ تُمَدَّ الثَّانِيَةُ مَثَلًا مُنْقَطِعَةً عَنْ الْأُولَى عَادَةً.
(وَتَبْطُلُ بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ) قَطْعًا كَمَا قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ إلْحَاقًا لَهَا بِالْكَثِيرِ (لَا الْحَرَكَاتِ الْخَفِيفَةِ الْمُتَوَالِيَةِ كَتَحْرِيكِ أَصَابِعِهِ فِي سُبْحَةٍ أَوْ حَكٍّ فِي الْأَصَحِّ) إلْحَاقًا لَهَا بِالْقَلِيلِ وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى كَثْرَتِهَا (وَسَهْوُ الْفِعْلِ) الْكَثِيرِ (كَعَمْدِهِ) فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ نَظْمَهَا، وَالثَّانِي وَاخْتَارَهُ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّهُ كَعَمْدِ قَلِيلِهِ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ، وَجَهْلُ التَّحْرِيمِ كَالسَّهْوِ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي.
(وَتَبْطُلُ بِقَلِيلِ الْأَكْلِ) لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا (قُلْت إلَّا أَنْ يَكُونَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا تَحْرِيمَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَا تَبْطُلُ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي هَذِهِ الشَّرْحِ بِخِلَافِ كَثِيرِهِ، فَتَبْطُلُ بِهِ
ــ
[حاشية قليوبي]
تَنْبِيهٌ) لَوْ رَفَعَ الْمُصَلِّي رَأْسَهُ عَنْ مَحَلِّ سُجُودِهِ لِنَحْوِ خُشُونَتِهِ، أَوْ نَقَلَ جَبْهَتَهُ لِمَحَلٍّ آخَرَ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَمَامِ السُّجُودِ بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ:(بِكَثِيرِهِ) أَيْ يَقِينًا وَلَوْ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ قَبْلَ تَمَامِهَا، لِأَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِهِ أَنَّ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَوَّلِهَا. نَعَمْ إنْ عُذِرَ فِي الْكَثِيرِ لِنَحْوِ جَرَبٍ، أَوْ حَكَّةٍ أَوْ قُمَّلٍ لَمْ يَضُرَّ.
قَوْلُهُ: (وَيُسْتَثْنَى إلَخْ) فِي هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ الْفِعْلِ، فَلَيْسَ مِمَّا يَأْتِي أَوْ مِنْ الْمَأْكُولِ فَلَيْسَ مِمَّا هُنَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(فَالْخُطْوَتَانِ) مُثَنَّى خُطْوَةٍ وَإِنْ اتَّسَعَتْ جَدًّا حَيْثُ خَلَتْ عَنْ الْوَثْبَةِ، وَهِيَ بِفَتْحِ الْخَاءِ، نَقْلُ الْقَدَمِ عَنْ مَحَلِّهِ سَوَاءً أَعَادَهُ إلَى مَحَلِّهِ أَوْ غَيَّرَهُ، فَإِنْ أَعَادَهُ لِذَلِكَ بَعْدَ سُكُونِهِ فَخُطْوَةُ ثَانِيَةٌ، وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ، وَبِضَمِّهَا مَا بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ، وَذَهَابُ الْيَدِ وَعَوْدِهَا كَالرِّجْلِ، وَالْفَرْقُ بِأَنَّ شَأْنَ الْيَدِ الْعَوْدُ إلَى مَحَلِّهَا، بِخِلَافِ الرِّجْلِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. قَوْلُهُ:(وَالثَّلَاثُ كَثِيرٌ) فَتَبْطُلُ بِفِعْلِهَا أَوْ بِالشُّرُوعِ فِيهَا بَعْدَ قَصْدِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ بِعُضْوٍ أَوْ أَعْضَاءٍ، كَيَدَيْهِ وَرَأْسِهِ مَعًا أَوْ مُتَوَالِيَةً، وَسَوَاءٌ كَانَتْ لِعُذْرٍ، كَقَتْلِ حَيَّةٍ صَالَتْ عَلَيْهِ، أَوْ دَفْعِ مَارٍّ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ لَا.
قَوْلُهُ: (الْفَاحِشَةُ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ لِأَنَّ الْوَثْبَةَ لَا تَكُونُ إلَّا كَذَلِكَ، فَتَبْطُلُ بِهَا وَلَوْ لِعُذْرٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(كَتَحْرِيكِ أَصَابِعِهِ) أَيْ مَعَ قَرَارِ سَاعِدِهِ وَرَاحَتِهِ، وَهِيَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ مَعَ قَرَارِ كَفِّهِ، لِأَنَّ الْأَصَابِعَ بَعْضُ الْكَفِّ بَلْ الْوَجْهُ، الِاكْتِفَاءُ بِقَرَارِ سَاعِدِهِ فَقَطْ، فَرَاجِعْهُ وَكَالْأَصَابِعِ آذَانُهُ وَأَجْفَانُهُ وَحَوَاجِبُهُ وَلِسَانُهُ وَشَفَتَاهُ، وَذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ. قَوْلُهُ:(فِي سَبْحَةٍ) أَوْ لِحَلِّ عَقْدٍ أَوْ عَبَثًا لَا بِقَصْدِ لَعِبٍ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ) وَقَالُوا: لِأَنَّ الْفِعْلَ أَقْوَى مِنْ الْقَوْلِ، بِدَلِيلِ نُفُوذِ اسْتِيلَادِ السَّفِيهِ دُونَ إعْتَاقِهِ، لَا يُقَالُ قَدْ اُغْتُفِرَ هُنَا قَلِيلُ الْفِعْلِ عَمْدًا، لِأَنَّهُ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ.
قَوْلُهُ: (بِقَلِيلِ الْأَكْلِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ الْمَأْكُولِ وَالْمُرَادُ بِهِ كُلُّ مُفْطِرٍ فَيَشْمَلُ الْمَشْرُوبَ وَغَيْرَهُ، وَلَوْ بِإِدْخَالِ نَحْوِ عُودٍ فِي أُذُنِهِ. قَوْلُهُ:(أَوْ جَاهِلًا) أَيْ مَعْذُورًا. كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَبْطُلُ
ــ
[حاشية عميرة]
التَّنْبِيهُ قُرْبَةً وَمُبَاحٌ إذَا كَانَ مُبَاحًا، قَالَ غَيْرُهُ: وَوَاجِبٌ إذَا كَانَ وَاجِبًا.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْفَتْحُ عَلَى الْإِمَامِ فِيهِ تَفْصِيلُ الْقِرَاءَةِ السَّابِقَةِ اهـ. بِمَعْنَاهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِكَثِيرِهِ لَا قَلِيلِهِ) وَجْهُ ذَلِكَ بَعْدَ كَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ أَنَّ الْمُصَلِّي يَعْسُرُ عَلَيْهِ السُّكُونُ عَلَى هَيْئَةٍ وَاحِدَةٍ فِي زَمَانٍ طَوِيلٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ رِعَايَةِ التَّعْظِيمِ فَعُفِيَ عَنْ الْقَلِيلِ الَّذِي لَا يُخِلُّ بِالتَّعْظِيمِ دُونَ الْكَثِيرِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْخُطْوَتَانِ) الْخُطْوَةُ بِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ وَبِالضَّمِّ اسْمٌ لِمَا بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ، قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(إنْ تَوَالَتْ) أَيْ وَلَوْ مِنْ أَجْنَاسٍ كَخُطْوَةٍ وَضَرْبَةٍ وَخَلْعِ نَعْلٍ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي سُبْحَةٍ) مِثْلُهُ مَا لَوْ حَرَّكَهَا فِي عَقْدِ شَيْءٍ أَوْ حَلِّهِ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَوْ لِغَيْرِ سَبَبٍ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَخْ) أَيْ وَعَلَيْهِ يَكُونُ ذَهَابُ الْأُصْبُعِ وَجَذْبُهَا حَرَكَةً وَاحِدَةً. قَوْلُهُ: (الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ) يَعْنِي أَنَّ الْجُمْهُورَ اقْتَصَرُوا عَلَى حُكْمِ الْبُطْلَانِ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْوَجْهَ الْآخَرَ، وَلِهَذَا كَانَ الْأَصَحُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَةً لِلْقَطْعِ بِالْبُطْلَانِ لِأَنَّهُ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِأَنَّ الْفِعْلَ أَقْوَى مِنْ الْقَوْلِ بِدَلِيلِ نُفُوذِ إحْبَالِ السَّفِيهِ دُونَ إعْتَاقِهِ، وَقَالُوا: وَلَا يُعْتَرَضُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِقَلِيلِ الْكَلَامِ الْعَمْدِ دُونَ قَلِيلِ الْفِعْلِ الْعَمْدِ لِأَنَّ الْقَلِيلَ مِنْ الْفِعْلِ يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْكَلَامِ. قَوْلُهُ: (وَاخْتَارَهُ فِي التَّحْقِيقِ) صَحَّحَهُ أَيْضًا فِي التَّتِمَّةِ وَهُوَ قَوِيٌّ يَشْهَدُ لَهُ حَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي) الَّذِي سَيَأْتِي هُوَ قَوْلُهُ مَعَ النِّسْيَانِ أَوْ جَهْلِ التَّحْرِيمِ.
قَوْلُهُ: (لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا) أَيْ فَلَيْسَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَفْعَالِ وَمِثْلُ الْأَكْلِ سَائِرُ مَا يُفْطِرُ الصَّائِمَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ
مَعَ النِّسْيَانِ أَوْ جَهْلِ التَّحْرِيمِ فِي الْأَصَحِّ وَالْقِلَّةُ وَالْكَثْرَةُ بِالْعُرْفِ. (فَلَوْ كَانَ بِفَمِهِ سُكَّرَةٌ) فَذَابَتْ (فَبَلِعَ) بِكَسْرِ اللَّامِ (ذَوْبَهَا بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْأَكْلِ وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ لِعَدَمِ الْمَضْغِ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ كَالشَّرْحِ سُكَّرَةٌ تَذُوبُ وَتَسُوغُ أَيْ تَنْزِلُ إلَى الْجَوْفِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَعَدَلَ عَنْهُ إلَى الْبَلْعِ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ فِي التَّفْرِيعِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ تَعْبِيرِ الْغَزَالِيِّ بِامْتِصَاصِهَا.
(وَيُسَنُّ لِلْمُصَلِّي) إذَا تَوَجَّهَ (إلَى جِدَارٍ أَوْ سَارِيَةٍ) أَيْ عَمُودٍ. (أَوْ عَصًا مَغْرُوزَةٍ أَوْ بَسَطَ مُصَلَّى) كَسَجَّادَةٍ بِفَتْحِ السِّينِ (أَوْ خَطَّ قُبَالَتَهُ) أَيْ تُجَاهَهُ خَطًّا طُولًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. (دَفْعُ الْمَارِّ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدِ الْمَذْكُورَاتِ الْمُرَادِ
ــ
[حاشية قليوبي]
بِهِ) أَيْ بِقَلِيلٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا وَمَحَلُّهُ، إنْ لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى مَضْغٍ كَثِيرٍ، لِأَنَّهُ مِنْ الْفِعْلِ. قَوْلُهُ:(بَطَلَتْ فِي الْأَصَحِّ) .
قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَة، قَدْ اُعْتُرِضَ عَلَى هَذَا بِتَصْحِيحِ طَرِيقِ الْقَطْعِ فِي كَثِيرِ الْفِعْلِ، سَهْوًا مَعَ الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِهِ، وَعَدَمِ الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِ الْأَكْلِ انْتَهَى. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا اُعْتُبِرَ هُنَا الْمُفْطِرُ، وَكَثِيرُ الْأَكْلِ نَاسِيًا غَيْرَ مُفْطِرٍ، فَكَانَ قِيَاسُهُ أَنْ لَا تَبْطُلَ بِهِ الصَّلَاةُ، فَلَا يُقَالُ بِالْقَطْعِ فِيهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(وَعَدَلَ إلَخْ) .
قَالَ بَعْضُهُمْ الْوَجْهُ إسْقَاطُ هَذَا، لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَكْلِ فِيمَا ذُكِرَ الْفِعْلُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ. نَعَمْ فِي كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافِ مُرَكَّبٌ مِنْهُمَا مَعًا فَلْيُرَاجَعْ.
قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ إلَخْ) وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ مَعَ حُرْمَةِ الْمُرُورِ مُرَاعَاةً لِحُرْمَةِ الصَّلَاةِ مِنْ طَلَبِ الْخُشُوعِ، وَعَدَمِ الْحَرَكَةِ فِيهَا. قَوْلُهُ:(لِلْمُصَلِّي) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا، وَقَدَّمَ هَذَا عَلَى النَّفْلِ لِمَا سَيَأْتِي فِي سُجُودِ السَّهْوِ، وَمِثْلُ الْمُصَلِّي مَنْ أَحْرَمَ بِسُجُودِ تِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ، وَيُسَنُّ الدَّفْعُ لِغَيْرِ الْمُصَلَّى عَنْهُ، لِأَنَّ حِكْمَتَهُ الْأَصْلِيَّةُ إزَالَةُ الْمُنْكَرِ وَتَشْوِيشُ الْخُشُوعِ. قَوْلُهُ:(إذَا تَوَجَّهَ) قَدَّرَ تَوَجَّهَ لِيَصِحَّ عَطْفُ بَسَطَ، وَخَطَّ عَلَيْهِ، وَقَدَّرَ إذْ الدَّفْعُ تُوهِمُ أَنَّ تَوَجُّهَ مَصْدَرُ نَائِبِ الْفَاعِلِ، فَيَتَكَرَّرُ مَعَ مَا بِعَهْدٍ، وَلِإِفَادَةِ شَرْطِيَّةِ الدَّفْعِ، وَاخْتِصَاصِهِ بِوَقْتِ وُجُودِ السُّتْرَةِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ، أَوْ بَعْضِهَا سَوَاءً وَضَعَهَا الْمُصَلِّي أَوْ غَيْرُهُ، وَلَوْ نَحْوَ رِيحٍ وَلَوْ مَغْصُوبَةً أَوْ ذَاتَ أَعْلَامٍ، أَوْ مُتَنَجِّسَةً أَوْ نَجِسَةً، لِأَنَّ الْحُرْمَةَ وَالْكَرَاهَةَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ. نَعَمْ لَا تُعْتَبَرُ سُتْرَةٌ فِي مَحَلٍّ مَغْصُوبٍ لِأَنَّهُ لَا قَرَارَ لَهَا وَدَخَلَ فِيهَا مَا لَوْ كَانَتْ حَيَوَانًا وَلَوْ غَيْرَ آدَمِيٍّ، وَمِنْهُ الصُّفُوفُ وَالْجِنَازَةُ، وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَعَلَيْهِ حَدِيثُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَرِضُ رَاحِلَتَهُ فَيُصَلِّي إلَيْهَا» ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالزِّيَادِيُّ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ الْحَيَوَانُ سُتْرَةً، بَلْ يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تُنَافِي اعْتِبَارَ السُّتْرَةِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ:(إلَى جِدَارٍ أَوْ سَارِيَةٍ) وَهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ فَ (أَوْ) فِيهِمَا لِلتَّخْيِيرِ وَفِيمَا بَعْدَهُمَا لِلتَّنْوِيعِ، فَلَا يَنْتَقِلُ إلَى مَرْتَبَةٍ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى مَا قَبْلَهَا وَإِلَّا لَمْ يُعْتَبَرْ حُكْمُهَا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ:(عَصَا) وَمِثْلُهَا رُمْحٌ وَنُشَّابَةٌ وَغَيْرُهُمَا.
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ الْفَرَّاءُ: أَوَّلُ شَيْءٍ سُمِعَ مِنْ اللَّحْنِ: هَذِهِ عَصَاتِي، وَإِنَّمَا هِيَ عَصَايَ كَمَا فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ. قَوْلُهُ:(كَسَجَّادَةٍ) وَمِثْلُهَا مَتَاعٌ أَوْ تُرَابٌ جَمَعَهُ، وَلَا يَقْدَحُ فِي اعْتِبَارِ السَّجَّادَةِ إمْكَانُ جَمْعِهَا كَالْمَتَاعِ، وَلَا كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا أَوْ إلَيْهَا إذَا كَانَتْ ذَاتَ أَعْلَامٍ، وَكَذَا نَحْوُ الْجِدَارِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(أَيْ تُجَاهُهُ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِقُبَالَتِهِ مِنْ حَيْثُ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ، وَلَيْسَ مُعْتَبَرًا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ:(طُولًا) أَيْ فِيمَا بَيْنَ جِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَمَوْقِفِ الْمُصَلِّي، لَا عَرْضًا بَيْنَ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ، خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ حَجَرٍ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مُوَافَقَةُ ابْنِ حَجَرٍ، فِي أَنَّ أَصْلَ السُّنَّةِ تَحْصُلُ فِي الْعَرْضِ أَيْضًا، وَيَظْهَرُ بَقَاءُ طَلَبِ الدَّفْعِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(دَفْعُ الْمَارِّ) أَيْ
ــ
[حاشية عميرة]
الْإِمْسَاكَ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ شَرْطٌ كَمَا يُشْتَرَطُ تَرْكُ الْأَفْعَالِ وَتَرْكُ الْكَلَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) اُعْتُرِضَ عَلَى هَذَا بِتَصْحِيحِ طَرِيقِ الْقَطْعِ فِي الْفِعْلِ الْكَثِيرِ سَهْوًا مَعَ أَنَّ قَلِيلَ الْأَكْلِ مُضِرٌّ بِخِلَافِ قَلِيلِ الْفِعْلِ. قَوْلُهُ: (لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ) اعْلَمْ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الْإِبْطَالِ بِالْأَكْلِ فَقِيلَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْعَمَلِ، وَقِيلَ لِوُجُودِ الْمُفْطِرِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا الْوَجْهَانِ فِي مَسْأَلَةِ السُّكَّرَةِ إذَا وَصَلَتْ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ (تَنْبِيهٌ) لَوْ نَزَلَتْ نُخَامَةٌ مِنْ رَأْسِهِ وَتَعَارَضَ بَلْعُهَا مَعَ ظُهُورِ حَرْفَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي قَطْعِهَا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقْطَعُهَا وَيُغْتَفَرُ ظُهُورُ مَا ذُكِرَ.
قَوْلُهُ: (إذَا تَوَجَّهَ) تَقْدِيرٌ لِصِحَّةِ عَطْفِ بَسَطَ وَخَطَّ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا مِنْ الْجُمْلَةِ الْحَالِيَّةِ أَوْ الْمَوْصُوفِ بِهَا لِأَنَّ لَامَ الْمُصَلِّي لِلْجِنْسِ، فَتَكُونُ الْحَالِيَّةُ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ وَالْوَصْفِيَّةُ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى. قَوْلُ الْمَتْنِ:(أَوْ سَارِيَةٍ إلَخْ) لَا يُقَالُ ظَاهِرُ الْمِنْهَاجِ اسْتِوَاءُ الْجَمِيعِ فِي الرُّتْبَةِ لِأَنَّ غَرَضَهُ بَيَانُ حُكْمِ دَفْعِ الْمَارِّ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ، وَالْكُلُّ سَوَاءٌ فِي تَمَكُّنِ الْمُصَلِّي مِنْ الدَّفْعِ، وَأَمَّا بَيَانُ حُكْمِ الصَّلَاةِ إلَيْهَا فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ. نَعَمْ فِي كَلَامِهِ إشَارَةٌ إلَى سِنِّ الصَّلَاةِ إلَيْهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ:(أَوْ عَصًا) .
قَالَ الْفَرَّاءُ: أَوَّلُ لَحْنٍ سُمِعَ هَذِهِ عَصَاتِي، وَإِنَّمَا هِيَ كَمَا قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى " عَصَايَ ".
بِالْمُصَلِّي مِنْهَا أَعْلَاهُ إذَا لَمْ يَزِدْ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ، قَالَ صلى الله عليه وسلم «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ هُوَ ظَاهِرٌ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُولَى، وَأَلْحَقَ بِهَا الْبَاقِيَانِ لِاشْتِرَاكِ الْخَمْسَةِ فِي سِنِّ الصَّلَاةِ إلَيْهَا الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ سِنُّ الدَّفْعِ، وَقَوْلُهُ: بَيْنَ يَدَيْهِ، أَيْ أَمَامَهُ إلَى السُّتْرَةِ الَّتِي هِيَ غَايَةُ إمْكَانِ سُجُودِهِ الْمُقَدَّرِ بِالثَّلَاثَةِ أَذْرُعٍ.
(وَالصَّحِيحُ تَحْرِيمُ الْمُرُورِ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ سِنِّ الدَّفْعِ قَالَ صلى الله عليه وسلم «لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ هُوَ بَعْدَ حَمْلِهِ عَلَى الْمُصَلِّي إلَى سُتْرَةٍ مُحْتَمِلٌ لِلْكَرَاهَةِ الْمُقَابِلَةِ لِلصَّحِيحِ وَظَاهِرٌ فِي التَّحْرِيمِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ نَصًّا رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ مِنْ الْإِثْمِ بَعْدَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ، وَلَوْ صَلَّى مِنْ غَيْرِ سُتْرَةٍ أَوْ تَبَاعَدَ عَنْهَا فَلَيْسَ لَهُ الدَّفْعُ لِتَقْصِيرِهِ، وَلَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ.
قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَفِيهَا إذَا صَلَّى إلَى سُتْرَةٍ فَالسُّنَّةُ أَنْ يَجْعَلَهَا مُقَابِلَةً لِيَمِينِهِ أَوْ شِمَالِهِ وَلَا يَصْمُدُ لَهَا بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ لَا يَجْعَلُهَا تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، وَهِيَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ ثُلُثَا ذِرَاعٍ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ الْخَطُّ كَذَلِكَ وَسَنُّ الصَّلَاةِ إلَيْهَا الْمُشَارُ إلَيْهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ دَلِيلُهُ الِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ فِي الْجِدَارِ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَفِي الْأُسْطُوَانَةِ وَالْعَنَزَةِ أَيْ الْعَمُودِ وَالْحَرْبَةِ الشَّيْخَانِ وَالْمُصَلَّى قِيسَ عَلَى الْخَطِّ
ــ
[حاشية قليوبي]
بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ، لِأَنَّهُ صَائِلٌ، بِأَفْعَالٍ لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالتَّلَفِ وَدَخَلَ فِي الْمَارِّ مَا لَوْ كَانَ غَيْرَ عَاقِلٍ، وَلَوْ حَامِلًا أَوْ رَقِيقًا، أَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ أَوْ آدَمِيَّةً حَامِلًا. قَوْلُهُ:(الْمُرَادُ بِالْمُصَلَّى) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ مَا يُصَلَّى عَلَيْهِ أَوْ أَمَامَهُ.
قَوْلُهُ: (أَعْلَاهُ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَمِثْلُهُ الْخَطُّ. قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ يَزِدْ مَا بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ أَحَدِ الْمَذْكُورَاتِ، الْجِدَارِ وَالسَّارِيَةِ، وَالْعَصَا بِاعْتِبَارِ أَسْفَلِهَا، وَالْمُصَلَّى وَالْخَطِّ، بِاعْتِبَارِ أَعْلَاهُمَا كَمَا مَرَّ. وَبَيْنَ الْمُصَلِّي بِكَسْرِ اللَّامِ، بِمَا فِي التَّقَدُّمِ عَلَى الْإِمَامِ، فَفِي الْقَائِمِ قَدَمَاهُ، وَفِي الْقَاعِدِ أَلْيَاهُ، وَفِي الْمُضْطَجِعِ جَنْبُهُ، وَفِي الْمُسْتَلْقِي رَأْسُهُ، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ مَا فِي كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، مِمَّا يُوهَمُ الْمُخَالَفَةَ فِي بَعْضِ ذَلِكَ، وَاعْتَبَرَ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ فِي الْقَاعِدِ رُكْبَتَيْهِ، وَفِي الْمُسْتَلْقِي قَدَمَيْهِ، وَلَهُ وَجْهٌ إذَا كَانَ طُولُ الْمُصَلِّي بِكَسْرِ اللَّامِ، ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ فَأَكْثَرَ، وَانْظُرْ مَا حُكْمُهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ طُولَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(إلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ) لَعَلَّ الْمَعْنَى مَا يَمْنَعُ النَّاسَ شَرْعًا مِنْ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ، أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْهُ. وَالْمُرَادُ بِأَرَادَ أَنْ يَمُرَّ، أَيْ يَشْرَعَ فِي الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ. قَوْلُهُ:(فَلْيَدْفَعْهُ) وَفِي رِوَايَةٍ «فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» بِمَعْنَى أَنَّهُ شَيْطَانُ الْإِنْسِ، أَوْ مَعَهُ شَيْطَانٌ مِنْ الْجِنِّ يَأْمُرُهُ بِذَلِكَ، وَصَرْفُ الْأَمْرِ عَنْ الْوُجُوبِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(وَأُلْحِقَ بِهَا الْبَاقِيَانِ) وَهُمَا الْمُصَلَّى وَالْخَطُّ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ فِيهِمَا إنَّمَا تَحْصُلُ، بِتَخَطِّيهِمَا أَوْ مِنْ أَسْفَلِهِمَا أَوْ مِنْ أَحَدِ جَانِبَيْهِمَا، إذَا كَانَا عَنْ يَمِينِ الْمُصَلِّي أَوْ شِمَالِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إلَى السُّتْرَةِ الَّتِي هِيَ عَلَيْهِ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (وَتَحْرِيمُ الْمُرُورِ) أَيْ عَلَى الْعَامِدِ الْعَالِمِ الْمُكَلَّفِ الْمُعْتَقِدِ لِلْحُرْمَةِ، وَإِنْ زَالَتْ السُّتْرَةُ كَمَا مَرَّ. وَيَحْرُمُ عَلَى الْوَلِيِّ تَمْكِينُ مُوَلِّيه غَيْرِ الْمُكَلَّفِ مِنْ الْمُرُورِ. نَعَمْ إنْ قَصَّرَ الْمُصَلِّي بِوُقُوفِهِ فِي مَحِلِّ الْمُرُورِ لَمْ يَحْرُمْ الْمُرُورُ وَلَا يُسَنُّ الدَّفْعُ. قَوْلُهُ:(أَرْبَعِينَ) فِي رِوَايَةِ الْبَزَّارِ «أَرْبَعِينَ خَرِيفًا» أَيْ عَامًا. قَوْلُهُ: (ظَاهِرٌ فِي التَّحْرِيمِ) أَيْ مَنْ لُفِظَ عَلَيْهِ، فَقُدِّمَ عَلَى النَّدْبِ وَعَلَيْهِ، فَالدَّفْعُ أَخَفُّ لِأَنَّهُ كَالتَّنْبِيهِ. قَوْلُهُ:(رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ كَابْنِ حَجَرٍ، إنَّ لَفْظَةَ مِنْ الْإِثْمِ لَمْ تُوجَدْ فِي رِوَايَةٍ. قَوْلُهُ:(أَوْ تَبَاعَدَ عَنْهَا) وَمِنْ التَّبَاعُدِ مُجَاوَزَةُ أَعْلَى الْمُصَلِّي، أَوْ الْخَطُّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ مِنْ مَوْقِفِ الْمُصَلِّي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طُولُهُمَا ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ. قَوْلُهُ:(إلَى سُتْرَةٍ) خَرَجَ الْمُصَلِّي عَلَى سُتْرَةٍ، كَالسَّجَّادَةِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ لَا إلَيْهِ. قَوْلُهُ:(لِيَمِينِهِ أَوْ شِمَالِهِ) ظَاهِرُهُ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الْفَضِيلَةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُصْمَدَ إلَيْهَا إلَّا فِي نَحْوِ جِدَارٍ عَرِيضٍ يَعْسُرُ فِيهِ ذَلِكَ، وَلَا يَخْرُجُ بِالْكَرَاهَةِ عَنْ سَنِّ الدَّفْعِ، وَحُرْمَةِ الْمُرُورِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ:(أَنْ يَكُونَ الْخَطُّ كَذَلِكَ) أَيْ يَكُونَ طُولُهُ فِيمَا بَيْنَ أَعْلَاهُ إلَى جِهَةِ الْمُصَلِّي، ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ وَصَرَّحَ بِهَذَا، مَعَ شُمُولِ، مَا قَبْلَهُ لَهُ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي سُتْرَةِ الْقِبْلَةِ الْمَقِيسِ عَلَيْهَا مَا هُنَا، وَالْمُصَلَّى كَالْخَطِّ وَسَكَتَ عَنْهُ لِأَنَّهُ تُسَنُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، اتِّفَاقًا كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ:(الْمُشَارُ إلَيْهِ) أَيْ الْمُسْتَفَادُ حُكْمُهُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ غَيْرِ تَوَجُّهٍ إلَى إفَادَتِهِ، كَاسْتِفَادَةِ صِحَّةِ صَوْمِ الْجُنُبِ، مِنْ آيَةِ {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلَى نِسَائِكُمْ} ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ هَذَا مِنْ الِاقْتِضَاءِ، لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِيهِ نَظَرٌ.
(تَنْبِيهٌ) تُقَدَّمُ السُّتْرَةُ الْمَذْكُورَةُ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ لَوْ تَعَارَضَا. قَوْلُهُ: (وَالْعَنَزَةُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ وَالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ، هِيَ
ــ
[حاشية عميرة]
فَرْعٌ) يُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ امْرَأَةٌ أَوْ رَجُلٌ مُسْتَقْبِلُهُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالصَّحِيحُ تَحْرِيمُ الْمُرُورِ) إنْ قُلْت فَهَلَّا وَجَبَ الدَّفْعُ إزَالَةً لِلْمُنْكَرِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ؟ قُلْت: كَأَنَّهُ لِمَا فِي الْفِعْلِ مِنْ مُنَافَاةِ الْخُشُوعِ الْمَطْلُوبِ فِي الصَّلَاةِ.
قَالَ الْإِمَامُ: وَإِذَا قُلْنَا لَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ، فَلَا يَنْتَهِي الْحَالُ إلَى دَفْعٍ مُحَقَّقٍ، وَلَكِنْ يُسَنُّ بِرِفْقٍ بِقَصْدِ التَّنْبِيهِ. قَوْلُهُ:(الْمُشَارُ إلَيْهِ) مَنْشَأُ