الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَأْمُورِ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَهْ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ فَهُمَا أَيْ الْخَطُّ وَالْمُصَلَّى عِنْدَ عَدَمِ الشَّاخِصِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.
(قُلْت: يُكْرَهُ الِالْتِفَاتُ) بِوَجْهٍ (لَا لِحَاجَةٍ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ: سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ
الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ
فَقَالَ: «هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلَا يُكْرَهُ لِحَاجَةٍ «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَلْتَفِتُ إلَى الشِّعْبِ، وَكَانَ أَرْسَلَ إلَيْهِ فَارِسًا مِنْ أَجْلِ الْحَرَسِ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، (وَرَفْعُ بَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ) لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إلَى السَّمَاءِ فِي صَلَاتِهِمْ لِيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ» . (وَكَفُّ شَعْرِهِ أَوْ ثَوْبِهِ) لِحَدِيثِ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ وَلَا أَكُفُّ ثَوْبًا وَلَا شَعْرًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ «أُمِرْنَا أَنْ نَسْجُدَ وَلَا نَكُفَّ» ، وَالْمَعْنَى فِي النَّهْيِ عَنْ كَفِّهِ أَنَّهُ يَسْجُدُ مَعَهُ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالنَّهْيُ لِكُلِّ مَنْ صَلَّى كَذَلِكَ سَوَاءٌ تَعَمَّدَهُ لِلصَّلَاةِ أَمْ كَانَ قَبْلَهَا لِمَعْنًى وَصَلَّى عَلَى حَالِهِ، وَذُكِرَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ وَشَعْرُهُ مَعْقُوصٌ أَوْ مَرْدُودٌ تَحْتَ عِمَامَتِهِ أَوْ ثَوْبُهُ أَوْ كُمُّهُ مُشَمَّرٌ. (وَوَضْعُ يَدِهِ عَلَى فَمِهِ بِلَا حَاجَةٍ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُغَطِّيَ الرَّجُلُ فَاهُ فِي الصَّلَاةِ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَلَا يُكْرَهُ لِحَاجَةٍ كَالتَّثَاؤُبِ فَيُسَنُّ فِيهِ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ:«إذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ» (وَالْقِيَامُ عَلَى رِجْلٍ) وَاحِدَةٍ لِأَنَّهُ تَكَلُّفٌ يُنَافِي هَيْئَةَ الْخُشُوعِ.
ــ
[حاشية قليوبي]
الْحَرْبَةُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ، الرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ ثُمَّ مُوَحَّدَةٌ كَمَا فَسَّرَهَا الشَّارِحُ. قَوْلُهُ:(وَالْمُصَلَّى قِيسَ عَلَى الْخَطِّ) لَكِنْ قُدِّمَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ أَظْهَرُ فِي الْمُرَادِ وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، إذَا كَانَ فِيهِ أَعْلَامٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد) وَمِنْ لَفْظِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا، فَلْيَخُطَّ خَطًّا، ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ أَمَامَهُ انْتَهَى. وَمَعْنَى لَا يَضُرُّ عَدَمُ نَقْصِ أَجْرِهِ، بِتَشْوِيشِ خُشُوعِهِ، كَمَا حُمِلَ الْقَطْعُ فِي حَدِيثِ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ، وَالْكَلْبُ وَالْحِمَارُ عَلَى قَطْعِ الْخُشُوعِ، كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
قَوْلُهُ: (يُكْرَهُ) أَيْ تَنْزِيهًا الِالْتِفَاتُ لَا بِقَصْدِ لَعِبٍ وَإِلَّا حَرُمَ، وَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَكَذَا لَوْ لَوَى عُنُقَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ. قَوْلُهُ:(لَا لِحَاجَةٍ) فَلَا يُكْرَهُ كَلَمْحِ الْبَصَرِ. قَوْلُهُ: (اخْتِلَاسٌ) أَيْ نَقْصٌ مِنْ ثَوَابِ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (وَرَفْعُ بَصَرِهِ) وَلَوْ أَعْمَى إلَّا لِحَاجَةٍ، وَكَذَا جَمِيعُ الْمَكْرُوهَاتِ، وَذَكَرَ الْحَاجَةَ فِي بَعْضِهَا، لِحِكْمَةٍ كَنَصِّ حَدِيثٍ أَوْ نَحْوِهِ. قَوْلُهُ:(فِي صَلَاتِهِمْ) فَلَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِهَا، بَلْ يَنْدُبُ فِي دُعَاءِ الْوُضُوءِ، كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ، وَلِلِاعْتِبَارِ كَمَا قَالَ ابْنُ دَقِيقٍ الْعِيدُ، وَلِأَنَّهُ يُزِيلُ الْهُمُومَ. قَوْلُهُ:(وَكَفُّ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ، مَعَ انْكِفَافِ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ سَابِقًا، عَلَى إحْرَامِهِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ، وَمِثْلُهُ شَدُّ وَسَطِهِ وَلَوْ عَلَى جِلْدِهِ. قَوْلُهُ:(شَعْرِهِ) أَيْ الْمُصَلِّي. نَعَمْ يَجِبُ كَفُّ شَعْرِ امْرَأَةٍ، وَخُنْثَى تَوَقَّفَتْ صِحَّةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَلَا يُكْرَهُ بَقَاؤُهُ مَكْفُوفًا بِالضَّفْرِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ:(أَوْ ثَوْبِهِ) أَيْ مَلْبُوسِهِ وَلَوْ نَحْوَ شَدِّ، عَلَى كَتِفِهِ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَكَثِيرٌ مِنْ جَهَلَةِ الْفُقَهَاءِ يَفْرِشُونَ مَا عَلَى أَكْتَافِهِمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ لِعُذْرٍ، أَوْ حَاجَةٍ كَدَفْعِ غُبَارٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ. قَوْلُهُ:(وَالْمَعْنَى) أَيْ حِكْمَتُهُ الْأَصْلِيَّةُ فَلَا يَرِدُ، أَنَّهُ يُكْرَهُ الْكَفُّ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَلِلْقَاعِدِ وَالطَّائِفِ. قَوْلُهُ:(وَوَضْعُ يَدِهِ عَلَى فَمِهِ) وَكَذَا غَيْرُهَا. قَوْلُهُ: (كَالتَّثَاؤُبِ) وَهُوَ مَكْرُوهٌ، إذَا كَانَ بِاخْتِيَارِهِ، وَعُلِمَ مِنْ الْحَدِيثِ، أَنَّهُ
لَمْ يَتَثَاءَبْ قَطُّ. قَوْلُهُ: (بِيَدِهِ) وَالْأَوْلَى بِظَهْرِ الْيَسَارِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ تَكَلُّفٌ) يُفِيدُ أَنَّهَا مَرْفُوعَةٌ عَنْ الْأَرْضِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالصَّافِنِ، فَلَا يُكْرَهُ كَوْنُهَا عَلَى الْأَرْضِ مَعَ
ــ
[حاشية عميرة]
الْإِشَارَةِ جَعْلُ سِنِّ الدَّفْعِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهَا أَحْوَالُ كَمَالٍ حَيْثُ ارْتَبَطَ السِّنُّ بِهَا.
قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ قُلْت: وَقَالَ جَمَاعَةٌ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْخَطِّ، قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ رضي الله عنه.
قَالَ فِي الْقَدِيمِ وَسُنَنُ حَرْمَلَةَ: يُسْتَحَبُّ، وَنَفَاهُ فِي الْبُوَيْطِيِّ لِاضْطِرَابِ الْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِيهِ وَضَعَّفَهُ، انْتَهَى. قُلْت وَاخْتَارَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْخَطَّ لَا يَكْفِي وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ لِلْمَارَّةِ.
[الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت يُكْرَهُ إلَخْ) أَيْ وَهَذِهِ أُمُورٌ يُطْلَبُ اجْتِنَابُهَا فِي الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (لِحَدِيثِ عَائِشَةَ إلَخْ) رَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزَالُ اللَّهُ مُقْبِلًا عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِت، فَإِذَا الْتَفَتَ انْصَرَفَ عَنْهُ» .
وَوَرَدَ أَيْضًا «لَوْ يَعْلَمُ الْمُصَلِّي مَنْ يُنَاجِي مَا الْتَفَتَ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا» وَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ حَرَامٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَرَفَعَ بَصَرَهُ) .
(فَائِدَةٌ) نَقَلَ الدَّمِيرِيِّ عَنْ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهُ قَالَ: يُسْتَحَبُّ أَنَّهُ يَرْمُقُ بِبَصَرِهِ السَّمَاءَ فِي الدُّعَاءِ بَعْدَ الْوُضُوءِ. قَوْلُهُ: (وَلَا أَكُفُّ ثَوْبًا إلَخْ) الَّذِي فِي الْإِسْنَوِيِّ: أُمِرْت أَنْ لَا أَكْفِت الشَّعْرَ وَلَا الثِّيَابَ، وَأَسْنَدَهُ لِرِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ. قَالَ: وَالْكَفْتُ الْجَمْعُ. قَوْلُهُ: (أَوْ كُمُّهُ مُشَمَّرٌ) أَوْ مَشْدُودُ الْوَسَطِ أَوْ مَغْرُوزُ عَذْبَةِ الْعِمَامَةِ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُهُ: (نَهَى إلَخْ) .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: حِكْمَةُ ذَلِكَ
نَعَمْ إنْ كَانَ لِحَاجَةٍ كَوَضْعِ الْأُخْرَى فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ.
(وَالصَّلَاةُ حَاقِنًا) بِالنُّونِ أَيْ بِالْبَوْلِ (أَوْ حَاقِبًا) بِالْمُوَحَّدَةِ أَيْ بِالْغَائِطِ (أَوْ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ يَتُوقُ إلَيْهِ) بِالْمُثَنَّاةِ أَيْ يَشْتَاقُ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» أَيْ الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ، وَتُكْرَهُ أَيْضًا مَعَ مُدَافَعَةِ الرِّيحِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَسَوَاءٌ فِي الطَّعَامِ الْمَأْكُولُ وَالْمَشْرُوبُ (وَأَنْ يَبْصُقَ) إذَا عَرَضَ لَهُ الْبُصَاقُ (قِبَلَ وَجْهِهِ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ) بِخِلَافِ يَسَارِهِ لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ عز وجل فَلَا يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ» وَهَذَا كَمَا.
قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، فَإِنْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ حَرُمَ الْبُصَاقُ فِيهِ لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ: «وَالْبُزَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا، بَلْ يَبْصُقُ
ــ
[حاشية قليوبي]
عَدَمِ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهَا، لِرَاحَةٍ مَثَلًا وَيُنْدَبُ تَفْرِيقُ قَدَمَيْهِ، بِنَحْوِ شِبْرٍ فَيُكْرَه ضَمُّهُمَا، وَيُسَمَّى الصَّافِدَ.
قَوْلُهُ: (وَالصَّلَاةُ حَاقِنًا أَوْ حَاقِبًا) أَحَدُهُمَا بِالْمُوَحَّدَةِ لِلْغَائِطِ وَالْآخَرُ بِالنُّونِ لِلْبَوْلِ، وَبِالْمِيمِ لَهُمَا وَسَيَأْتِي، فَالْأَوْلَى تَفْرِيغُ نَفْسِهِ، وَإِنْ فَاتَهُ الْجَمَاعَةُ وَيَجِبُ تَفْرِيغُ نَفْسِهِ إنْ خَافَ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ، وَلَا كَرَاهَةَ فِي الْعَارِضِ، فِي الْأَثْنَاءِ وَفِي خَوْفِ حَبْسِهِ مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ:(بِحَضْرَةِ) بِتَثْلِيثِ الْحَاءِ، وَمَا قَرُبَ حُضُورُهُ عُرْفًا كَالْحَاضِرِ. قَوْلُهُ:(أَيْ يَشْتَاقُ) فَسَّرَ بِهِ التَّوَقَانَ، لِيُفِيدَ أَنَّهُمَا مُسَاوِيَانِ لِشِدَّةِ الْجُوعِ عِنْدَ مَنْ عَبَّرَ بِهِ، فَيَأْكُلُ قَدْرَ الشِّبَعِ الشَّرْعِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، كَمَا.
قَالَهُ النَّوَوِيُّ، وَخَرَجَ الشَّوْقُ وَهُوَ مَيْلُ النَّفْسِ إلَى الْأَطْعِمَةِ اللَّذِيذَةِ، فَلَا كَرَاهَةَ مَعَهُ، وَتَوَقَانُ الْجِمَاعِ بِحَضْرَةِ حَلِيلَتِهِ كَالْأَكْلِ. قَوْلُهُ:(الْأَخْبَثَانِ) اسْتِدْلَالُهُ بِذَلِكَ لِأَحَدِهِمَا يُفِيدُ أَنَّ لَامَهُ لِلْجِنْسِ، وَيُصَدَّقُ بِهِمَا مَعًا بِالْأَوْلَى، وَيُسَمَّى الْحَاقِمُ بِالْمِيمِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(مُدَافَعَةِ الرِّيحِ) وَيُسَمَّى الْحَافِزُ بِالْفَاءِ وَالزَّايِ، وَكَذَا بِالْخُفِّ وَيُسَمَّى الْحَازِقُ بِالزَّايِ وَالْقَافِ، وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِمَا عَكْسَ ذَلِكَ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ لِأَنَّهُ حُجَّةٌ. قَوْلُهُ:(قِبَلَ وَجْهِهِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ جِهَةَ إمَامِهِ، وَلَوْ غَيَّرَ جِهَةَ الْقِبْلَةِ كَنَفْلِ السَّفَرِ. قَوْلُهُ:(أَوْ عَنْ يَمِينِهِ) إكْرَامًا لِمَلَكِهِ، لِأَنَّهُ كَاتِبُ الْحَسَنَاتِ.
قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ يَسَارِهِ) قِيلَ لِعَدَمِ مُرَاعَاةِ مَلَكِهِ، لِأَنَّهُ كَاتِبُ السَّيِّئَاتِ، وَقِيلَ لِأَنَّهُ يَتَنَحَّى عَنْهُ حَالَةَ الصَّلَاةِ، وَهَذَا مَرْدُودٌ وَإِنْ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ، كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مَحَلِّهِ. نَعَمْ يُكْرَهُ لِجِهَةِ الْيَسَارِ فِي الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ، إكْرَامًا لَهُ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَيُكْرَهُ الْبُصَاقُ خَارِجَ الصَّلَاةِ، قِبَلَ وَجْهِهِ مُطْلَقًا وَلِجِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَجِهَةِ يَمِينِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ:(فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ) مَدْلُولُ الْحَدِيثِ أَكْثَرُ، مِمَّا يُفِيدُهُ الدَّلِيلُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ:(حَرُمَ الْبُصَاقُ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ.
قَالَ الْعَبَّادِيُّ وَإِدْخَالُ الْبُصَاقِ فِيهِ حَرَامٌ أَيْضًا، وَجُدْرَانُهُ وَلَوْ مِنْ خَارِجٍ مِثْلُهُ، وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ فِي ذَلِكَ، أَنْ اتَّصَلَ بِجُزْءٍ مِنْهُ، وَلَيْسَ مُسْتَهْلَكًا فِي نَحْوِ مَاءِ مَضْمَضَةٍ، لِأَنَّ قَطْعَ هَوَاءِ الْمَسْجِدِ بِالْبُصَاقِ مَكْرُوهٌ.
(فَرْعٌ) يَحْرُمُ الْبُصَاقُ إذَا اتَّصَلَ بِغَيْرِ مِلْكِهِ، وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ كَحُصْرِ الْمَسْجِدِ وَخَزَائِنِهِ، مِنْ حَيْثُ اسْتِعْمَالِهِ غَيْرَ مِلْكِهِ، وَيَحْرُمُ إخْرَاجُ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ مِنْهُ، كَجِصٍّ وَحَجَرٍ وَتُرَابٍ وَغَيْرِهَا، وَكَذَا الشَّمْعُ وَالزَّيْتُ، قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ فَرَاجِعْهُ، وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهَا فِيمَا لَا يَجُوزُ. قَوْلُهُ:(وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ) وَفِي رِوَايَةٍ أَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ، أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ يَسَارُهُ فَارِغًا، فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ كَمَا عُلِمَ.
(تَنْبِيهٌ) تُكْرَهُ الصَّنَائِعُ فِي الْمَسْجِدِ، وَاتِّخَاذُهُ حَانُوتًا لَهَا، إنْ لَمْ يَكُنْ تَضْيِيقٌ عَلَى الْمُصَلِّينَ، وَلَا إزْرَاءٌ بِهِ فِيهِمَا، وَإِلَّا
ــ
[حاشية عميرة]
مُنَافَاتُهُ لِهَيْئَةِ الْخُشُوعِ. قَوْلُهُ: (فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ إلَخْ) فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَيْضًا بَدَلَ هَذَا فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالصَّلَاةُ حَاقِنًا إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُسْتَحَبُّ تَفْرِيغُهُ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ وَإِنْ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَتُوقُ إلَخْ) مِثْلُ هَذَا فِيمَا يَظْهَرُ لَوْ كَانَ بِحَضْرَةِ حَلِيلَتِهِ وَهُوَ يَتُوقُ إلَى جِمَاعِهَا. وَقَوْلُهُ: يَتُوقُ شَامِلٌ لِمَنْ لَيْسَ بِهِ جُوعٌ وَعَطَشٌ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْفَوَاكِهِ وَالْمَشَارِبِ اللَّذِيذَةِ قَدْ تَتُوقُ النَّفْسُ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِ جُوعٍ وَلَا عَطَشٍ، بَلْ لَوْ لَمْ يَحْضُرْ ذَلِكَ وَحَصَلَ التَّوَقَانُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ تَبَعًا لِابْنِ يُونُسَ، وَاعْتُذِرَ عَنْ الشَّيْخِ فِي ذِكْرِ الْحُضُورِ بِالتَّبَرُّكِ بِلَفْظِ الْحَدِيثِ، ثُمَّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي زَوَالَ الْكَرَاهَةِ بِزَوَالِ التَّوَقَانِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الشِّبَعُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَاهُ فِي الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِلْجَمَاعَةِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ. نَعَمْ فِي الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ وَلَا تُعَجِّلُوا حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ» .
قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَأْكُلُ حَاجَتَهُ بِكَمَالِهَا وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَأَمَّا مَا تَأَوَّلَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ يَأْكُلُ لُقَمًا يَكْسِرُ بِهَا سَوْرَةَ الْجُوعِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَلَامُهُ هَذَا يُخَالِفُ الْأَصْحَابَ، وَجَعْلُ الْعُذْرِ قَائِمًا إلَى الشِّبَعِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بَقَاءُ الْكَرَاهَةِ فِي مَسْأَلَتِنَا إلَى الشِّبَعِ يَعْنِي مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ الْمَذْكُورَةِ، وَوَجْهُ عَدَمِ اللُّزُومِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَنْقَطِعَ الْكَرَاهَةُ بَعْدَ تَنَاوُلِ مَا يَكْسِرُ سَوْرَةَ الْجُوعِ، وَإِنْ طُلِبَ مِنْهُ اسْتِيفَاءُ الشِّبَعِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ اسْتِيفَائِهِ اسْتِمْرَارُ الْكَرَاهَةِ بَعْدَ أَكْلِ اللُّقَمِ.
قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ) الْأَوْلَى فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ
فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ كَكُمِّهِ» وَبَصَقَ وَبَزَقَ لُغَتَانِ بِمَعْنًى.
(وَوَضْعُ يَدِهِ عَلَى خَاصِرَتِهِ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُخْتَصِرًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَالْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ كَالرَّجُلِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَالْمُبَالَغَةُ فِي خَفْضِ الرَّأْسِ فِي رُكُوعِهِ) لِمُجَاوَزَتِهِ أَكْمَلَهُ الَّذِي هُوَ فِعْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ تَسْوِيَةِ ظَهْرِهِ وَعُنُقِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَالصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ) وَمِنْهُ مَسْلَخُهُ. (وَالطَّرِيقِ وَالْمَزْبَلَةِ) أَيْ مَوْضِعِ الزِّبْلِ (وَالْكَنِيسَةِ وَعَطَنِ الْإِبِلِ) هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَنْحِي إلَيْهِ الْإِبِلُ الشَّارِبَةُ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى أَنْ تَجْتَمِعَ كُلُّهَا فِيهِ فَتُسَاقَ إلَى الْمَرْعَى (وَالْمَقْبَرَةِ الطَّاهِرَةِ) بِأَنْ لَمْ تُنْبَشْ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْمَذْكُورَاتِ خَلَا الْكَنِيسَةِ فَلَمْ تَرِدْ فِي حَدِيثٍ وَأُلْحِقَتْ بِالْحَمَّامِ، وَالْمَعْنَى فِي الْكَرَاهَةِ فِيهِمَا أَنَّهُمَا مَأْوَى الشَّيَاطِينِ، وَفِي الطَّرِيقِ اشْتِغَالُ الْقَلْبِ بِمُرُورِ النَّاسِ فِيهِ، وَفِي الْمَزْبَلَةِ نَجَاسَتُهَا تَحْتَ الثَّوْبِ الْمَفْرُوشِ عَلَيْهَا
ــ
[حاشية قليوبي]
حَرُمَتْ كَالْوُضُوءِ مَعَ الْعُذْرِ عَلَى حَصِيرِهِ. قَوْلُهُ: (وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا) أَيْ إذْهَابُ صُورَتِهَا وَلَوْ فِي تُرَابِ الْمَسْجِدِ الدَّاخِلِ فِي وَقْفِهِ، أَوْ عَلَى بَلَاطِهِ أَوْ حَصِيرِهِ، وَإِنْ حَرُمَ مِنْ حَيْثُ اسْتِعْمَالِهِ مِلْكَ غَيْرِهِ، مَثَلًا وَالدَّفْنُ الْمَذْكُورُ قَاطِعٌ لِدَوَامِ الْإِثْمِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَلِابْتِدَائِهِ أَيْضًا عِنْدَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ. قَوْلُهُ:(لُغَتَانِ) وَيُقَالُ بِالسِّينِ أَيْضًا فَهِيَ ثَلَاثَةٌ.
قَوْلُهُ: (وَوَضْعُ يَدِهِ إلَخْ) وَيُسَمَّى الِاخْتِصَارَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ، وَيُكْرَهُ الْمَشْيُ كَذَلِكَ خَارِجَ الصَّلَاةِ لِغَيْرِ عُذْرٍ، لِأَنَّهَا مِشْيَةُ إبْلِيسَ. قَوْلُهُ:(لِمُجَاوَزَتِهِ أَكْمَلَهُ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُبَالَغَةِ مَا خَالَفَ الْأَكْمَلَ، سَوَاءً بِخَفْضِ رَأْسِهِ فَقَطْ أَوْ مَعَ صَدْرِهِ، وَأَقَلُّ الرُّكُوعِ كَأَكْمَلِهِ، وَلَا تَقُومُ هَذِهِ الْمُبَالَغَةُ مَقَامَ الطُّمَأْنِينَةِ، كَمَا مَرَّ فَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ رُكُوعُهُ فِي هَذِهِ، وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ اعْتَدَلَ قَبْلَ أَنْ يَطْمَئِنَّ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (فِي الْحَمَّامِ) أَيْ الْقَدِيمُ بِأَنْ كُشِفَتْ فِيهِ الْعَوْرَاتُ، وَإِنْ دُرِسَ أَوْ هُجِرَ مَا لَمْ يُتَّخَذْ نَحْوُ مَسْجِدٍ، لَا فِي الْجَدِيدِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَتُكْرَهُ فِي الْحَشِّ مُطْلَقًا، لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ مِنْ ابْتِدَائِهِ، وَلَا تُكْرَهُ عَلَى سَطْحِهِمَا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ:(وَالطَّرِيقِ) أَيْ مَحَلُّ الْمُرُورِ فِي وَقْتِ الْمُرُورِ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ، وَالْمُرَادُ بِمَكَانِ الْمُرُورِ مَا شَأْنُهُ الطُّرُوقُ، وَبِوَقْتِ الْمُرُورِ مَا جَرَّتْ الْعَادَةُ بِالْمُرُورِ فِيهِ، فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَوْ فِي الْبَرِّيَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَالْأَسْوَاقِ وَرِحَابِ الْمَسَاجِدِ.
(فَرْعٌ) تُكْرَهُ الصَّلَاةُ خَلْفَ شَبَابِيكِ الْمَدَارِسِ عَلَى الشَّوَارِعِ، فَتَرْكُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ فِيهَا أَوْلَى. قَوْلُهُ:(وَأُلْحِقَتْ إلَخْ) يُفِيدُ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ عَلَى سَطْحِهَا، وَهِيَ مَعْبَدُ الْيَهُودِ وَالْبِيعَةُ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مَعْبَدُ النَّصَارَى، وَعَكْسُ ذَلِكَ الَّذِي اُشْتُهِرَ فِي الْعُرْفِ بَيْنَ الْعَامَّةِ خِلَافُ الْأَصْلِ. قَوْلُهُ:(نَجَاسَتُهَا تَحْتَ الثَّوْبِ) إنْ كَانَتْ مَنْبُوشَةً وَإِلَّا فَتُكْرَهُ عَلَى مَا حَاذَى الْمَيِّتَ، لِنَجَاسَةِ مَا تَحْتَهُ مِنْ
ــ
[حاشية عميرة]
يَبْصُقَ فِي ثَوْبِهِ، فَإِنَّ فِيهِ إذْهَابَ الصُّورَةِ بِخِلَافِ الْبَصْقِ عَلَى الْيَسَارِ وَإِنْ كَانَ هُنَا جَائِزًا قَوْلُهُ:(حَرُمَ) .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْمَشْهُورُ فِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ الْكَرَاهَةُ. قَوْلُهُ: (لُغَتَانِ) بِمَعْنَى وَبِالسِّينِ خِلَافًا لِمَنْ أَنْكَرَهَا.
. قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ نَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمُبَالَغَةُ إلَخْ) .
قَالَ السُّبْكِيُّ: التَّقْيِيدُ بِالْمُبَالَغَةِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ عَدَمِهَا وَهُوَ خِلَافُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ، وَكَلَامِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله وَالْأَصْحَابِ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ وَلَك أَنْ تَقُولَ: حَالَةُ الرُّكُوعِ الْكَامِلَةِ فِيهَا خَفْضُ رَأْسٍ بِاعْتِبَارِ الْحَالَةِ قَبْلَهَا، وَالزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ تُصَدِّقُ أَنَّهَا مُبَالَغَةٌ فَلَا إشْكَالَ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْحَمَّامِ) عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ وَاعْتَمَدَهُ الشَّيْخَانِ وَقِيلَ لِكَثْرَةِ النَّجَاسَةِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ فِي الْمَسْلَخِ أَوْ مَوْضِعٍ طَاهِرٍ فِي الْحَمَّامِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ مَأْخُوذٌ مِنْ الْحَمِيمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَالْمَزْبَلَةِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْكَنِيسَةِ) هِيَ لِلنَّصَارَى وَالْبَيْعَةِ لِلْيَهُودِ، وَلَوْ مُنِعَ أَهْلُهَا مِنْ دُخُولِهَا حَرُمَ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَالْمَقْبَرَةِ) بِتَثْلِيثِ الْبَاءِ. قَوْلُهُ: (اشْتِغَالُ الْقَلْبِ بِمُرُورِ النَّاسِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَقْبَلَ الطَّرِيقَ وَصَلَّى كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (نَجَاسَتُهَا تَحْتَ الثَّوْبِ إلَخْ) .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هَذَا فِي الْبَسْطِ عَلَى النَّجَاسَةِ، أَمَّا الْبَسْطُ عَلَى مَا غَلَبَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ فَإِنَّهُ يُزِيلُ الْكَرَاهَةَ عَلَى مَا تَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ أَمْرٌ قَدْ ضَعُفَ بِالْحَائِلِ. قَوْلُهُ:(نَجَاسَةُ مَا تَحْتَهَا بِالصَّدِيدِ) ثُمَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْقَاضِي كَمَا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ احْتِرَامُهُ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمِنْ الْمَعْنَيَيْنِ يَظْهَرُ لَك أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا لَوْ حَاذَى الْمَيِّتَ حَتَّى لَوْ وَقَفَ بَيْنَ الْمَوْتَى فَلَا كَرَاهَةَ. نَعَمْ يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ الْقَبْرِ إلَّا قَبْرَهُ صلى الله عليه وسلم فَيَحْرُمُ، انْتَهَى.
وَمَا صَوَّرَ بِهِ الْمَسْأَلَةَ خَالَفَهُ فِي الْكِفَايَةِ فَقَالَ: تُكْرَهُ عَلَى الْقَبْرِ وَبِجَانِبِهِ وَإِلَيْهِ.
(تَتِمَّةٌ) : قَالَ فِي الْأَحْيَاءِ: تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الْأَسْوَاقِ وَالرِّحَابِ الْخَارِجَةِ عَلَى الْمَسْجِدِ.