الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ: يُسَنُّ الْغُسْلُ لِحَاضِرِهَا) أَيْ لِمَنْ يُرِيدُ حُضُورَ الْجُمُعَةَ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ (وَقِيلَ: لِكُلِّ أَحَدٍ) حَضَرَ أَوْ لَا وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ: «إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» . أَيْ إذَا أَرَادَ مَجِيئَهَا وَحَدِيثُ ابْنِ حِبَّانَ وَأَبِي عَوَانَةَ: «مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَلْيَغْتَسِلْ» . وَصَرَفَ الْأَمْرَ عَنْ الْوُجُوبِ إلَى النَّدْبِ حَدِيثُ «مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنْ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ. وَقَوْلُهُ: فَبِهَا أَيْ بِالسُّنَّةِ أَخَذَ أَيْ بِمَا جَوَّزَتْهُ مِنْ الْوُضُوءِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ. وَنِعْمَتْ الْخَصْلَةُ أَوْ الْفِعْلَةُ وَالْغُسْلُ مَعَهَا أَفْضَلُ. وَيَدُلُّ لِلثَّانِي حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ: «غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» أَيْ بَالِغٍ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ ثَابِتٌ طَلَبُهُ نَدْبًا لِمَا تَقَدَّمَ. (وَوَقْتُهُ مِنْ الْفَجْرِ) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ:«مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» وَسَيَأْتِي تَمَامُهَا. (وَتَقْرِيبُهُ مِنْ ذَهَابِهِ) إلَى الْجُمُعَةِ (أَفْضَلُ) لِأَنَّهُ أَفْضَى إلَى الْغَرَضِ مِنْ انْتِفَاءِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ حَالَ الِاجْتِمَاعِ. (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الْغُسْلِ لِنَفَادِ الْمَاءِ بَعْدَ الْوُضُوءِ أَوْ لِقُرُوحٍ فِي غَيْرِ أَعْضَائِهِ (تَيَمَّمَ) بِنِيَّةِ الْغُسْلِ (فِي الْأَصَحِّ) وَحَازَ الْفَضِيلَةَ وَالثَّانِي وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ، وَرَجَّحَهُ الْغَزَالِيُّ أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْغُسْلِ التَّنَظُّفُ وَقَطْعُ الرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ، وَالتَّيَمُّمُ لَا يُفِيدُ هَذَا الْغَرَضَ.
(وَمِنْ الْمَسْنُونِ غُسْلُ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ) لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لَهَا كَالْجُمُعَةِ وَسَيَأْتِي وَقْتُ غُسْلِ الْعِيدِ فِي بَابِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَيَدْخُلُ وَقْتُ الْغُسْلِ لِلْكُسُوفِ بِأَوَّلِهِ (وَ) الْغُسْلُ (لِغَاسِلِ الْمَيِّتِ) مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِحَدِيثِ «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ
ــ
[حاشية قليوبي]
فَصْلٌ) فِيمَا يُطْلَبُ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْآدَابِ وَمِنْهَا الْأَغْسَالُ الْمَسْنُونَةُ وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا مَا فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرُهُ تَبَعٌ.
قَوْلُهُ: (يُسَنُّ) وَقَدْ يَجِبُ بِالنَّذْرِ وَيُنْدَبُ الْوُضُوءُ لِذَلِكَ الْغُسْلِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعُبَابِ وَكَذَا سَائِرُ الْأَغْسَالِ وَلَوْ لِحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ أَوْ لَمْ يَكُنْ مُحْدِثًا وَالتَّيَمُّمُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْمَاءِ. قَوْلُهُ:(لِمَنْ يُرِيدُ حُضُورَهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ الْحُضُورُ كَذَاتِ حَلِيلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ وَإِنْ خَالَفَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فِيهِ فَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لِكُلِّ أَحَدٍ) فَهُوَ كَالْعِيدِ حَقٌّ لِلْيَوْمِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ غُسْلَ الْعِيدِ لِلزِّينَةِ. قَوْلُهُ: (كُلِّ مُحْتَلِمٍ) وَشُمُولُهُ لِغَيْرِهِ لِعَدَمِ اخْتِصَاصِهِ بِالْحَاضِرِ. قَوْلُهُ: (وَوَقْتُهُ مِنْ الْفَجْرِ) ظَاهِرُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَرَاجِعْهُ عَلَى الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَتَقْرِيبُهُ) أَصْلًا وَبَدَلًا مِنْ ذَهَابِهِ أَفْضَلُ وَإِنْ كَثُرَ رِيحُهُ الْكَرِيهُ وَيُقَدِّمُهُ عَلَى التَّبْكِيرِ إنْ عَارَضَهُ وَيَخْرُجُ وَقْتُهُ بِصُعُودِ الْخَطِيبِ إلَى الْمِنْبَرِ أَوْ بِفَرَاغِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَلَا يُبْطِلُهُ حَدَثٌ وَلَا جَنَابَةٌ وَتُنْدَبُ إعَادَتُهُ. قَوْلُهُ: (تَيَمَّمَ) أَيْ عَنْ الْغُسْلِ أَيْ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ عَنْ الْوُضُوءِ وَلَوْ جَمَعَهُمَا فِي نِيَّتِهِ كَفَى قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (بِنِيَّةِ الْغُسْلِ) قَالَ شَيْخُنَا فَيَقُولُ: نَوَيْت التَّيَمُّمَ بَدَلًا عَنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ، وَلَا يَكْفِي نَوَيْت التَّيَمُّمَ عَنْ الْغُسْلِ لِعَدَمِ ذِكْرِ السَّبَبِ كَسَائِرِ الْأَغْسَالِ، وَيَكْفِي نَوَيْت التَّيَمُّمَ لِطُهْرِ الْجُمُعَةِ أَوْ لِلْجُمُعَةِ أَوْ لِلصَّلَاةِ أَوْ عَنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ الْبَدَلِيَّةَ، وَيُكْرَهُ تَرْكُ التَّيَمُّمِ كَالْغُسْلِ.
قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْمَسْنُونِ) أَيْ مِنْ بَعْضِهِ لِأَنَّهَا كَثِيرَةٌ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ جَرْيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ أَنَّ كُلَّ ذِي سَبَبٍ مُسْتَقْبَلٍ مَنْدُوبٌ وَكُلَّ ذِي مَاضٍ وَاجِبٌ إلَّا مِنْ الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ وَالْإِسْلَامِ، وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ السَّبَبِ فِي جَمِيعِ الْأَغْسَالِ إلَّا فِي الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ فَيَنْوِي فِيهِمَا رَفْعَ الْجَنَابَةِ أَوْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ أَوْ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ لِاحْتِمَالِ إنْزَالِهِ.
وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: قَلَّ مَنْ جُنَّ إلَّا وَأُنْزِلَ وَأُلْحِقَ بِهِ الْإِغْمَاءُ، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَيَنْوِي بِهِ رَفْعَ الْجَنَابَةِ فِيهِمَا وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ مِنْهُ جَنَابَةٌ كَصَبِيٍّ، وَخَالَفَهُ الْخَطِيبُ وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ لِاسْتِحَالَةِ مَا يُضَافُ إلَيْهِ إنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ لِذَلِكَ الِاحْتِمَالِ إقَامَةً لِلْمَظِنَّةِ مَقَامَ الْيَقِينِ كَمَا فِي النَّوْمِ مَعَ احْتِمَالِ الْخَارِجِ لِأَنَّ الْغُسْلَ هُنَا لَهُ عَلَامَةٌ وَشَأْنُهَا الظُّهُورُ وَهِيَ الْمَنِيُّ وَهَذَا مَرْدُودٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ. وَلَوْ بَانَ بَعْدَ الْغُسْلِ أَنَّهُ جُنُبٌ وَجَبَتْ إعَادَتُهُ كَوُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ وَفِيهِ نَظَرٌ خُصُوصًا عَلَى مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ:(لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لَهَا) هُوَ عِلَّةٌ لِطَلَبِ الْغُسْلِ فِي أَصْلِهِ وَإِنْ طُلِبَ لِلْمُنْفَرِدِ. قَوْلُهُ: (وَقْتُ غُسْلِ الْعِيدِ) وَيَدْخُلُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ وَفَارَقَ الْجُمُعَةَ نَظَرًا لِاتِّسَاعِ وَقْتِهِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (لِلْكُسُوفِ بِأَوَّلِهِ) وَيَخْرُجُ بِالِانْجِلَاءِ
ــ
[حاشية عميرة]
[فَصْلٌ يُسَنُّ الْغُسْلُ لِمَنْ يُرِيدُ حُضُورَ الْجُمُعَةَ]
فَصْلٌ: يُسَنُّ الْغُسْلُ إلَخْ) قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِكُلِّ أَحَدٍ) أَيْ فَيَكُونُ حَقًّا لِلْيَوْمِ. قَوْلُهُ: (مَعَهَا، وَقَوْلُهُ: الْفِعْلَةُ) الضَّمِيرُ فِيهِمَا رَاجِعٌ لِلْخَصْلَةِ. قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ أَعْضَائِهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْوُضُوءِ. قَوْلُهُ: (بِنِيَّةِ الْغُسْلِ) فَيَقُولُ: نَوَيْت التَّيَمُّمَ لِغُسْلِ الْجُمُعَةِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنِ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ مِنْ أَصْحَابِ الْوُجُوهِ.
قَوْلُهُ: (كَالْجُمُعَةِ) أَيْ فَالدَّلِيلُ الْقِيَاسُ عَلَيْهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْغُسْلُ لِغَاسِلِ الْمَيِّتِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ اخْتَلَفُوا هَلْ هُوَ تَعَبُّدٌ أَمْ لِنَجَاسَتِهِ عِنْدَ
وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَالصَّارِفُ لِلْأَمْرِ عَنْ الْوُجُوبِ حَدِيثُ: «لَيْسَ عَلَيْكُمْ فِي غُسْلِ مَيِّتِكُمْ غُسْلٌ إذَا غَسَّلْتُمُوهُ» صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ (وَالْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ إذَا أَفَاقَا) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُغْمَى عَلَيْهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَإِذَا أَفَاقَ اغْتَسَلَ» . وَقِيسَ الْمَجْنُونُ بِالْمُغْمَى عَلَيْهِ (وَالْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ)«لِأَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم قَيْسَ بْنَ عَاصِمٍ بِالْغُسْلِ لَمَّا أَسْلَمَ» . وَكَذَلِكَ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ رَوَاهُمَا ابْنَا خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا وَلَيْسَ أَمْرَ وُجُوبٍ لِأَنَّ جَمَاعَةً أَسْلَمُوا فَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْغُسْلِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ فِي الْكُفْرِ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ مِنْ جَنَابَةٍ أَوْ حَيْضٍ فَإِنْ عَرَضَ لَهُ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَلَا عِبْرَةَ بِغُسْلٍ مَضَى فِي الْكُفْرِ فِي الْأَصَحِّ (وَأَغْسَالِ الْحَجِّ) وَسَتَأْتِي فِي بَابِهِ (وَآكُدُهَا) أَيْ الْأَغْسَالُ الْمَسْنُونَةُ (غُسْلُ غَاسِلِ الْمَيِّتِ ثُمَّ) غُسْلُ (الْجُمُعَةِ وَعَكْسُهُ الْقَدِيمُ) فَقَالَ: آكُدُهَا غُسْلُ الْجُمُعَةِ ثُمَّ غُسْلُ غَاسِلِ الْمَيِّتِ (قُلْت: الْقَدِيمُ هُنَا أَظْهَرُ وَرَجَّحَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَأَحَادِيثُهُ صَحِيحَةٌ كَثِيرَةٌ) وَهِيَ أَحَادِيثُ غُسْلِ الْجُمُعَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْهَا حَدِيثَا الشَّيْخَيْنِ السَّابِقَيْنِ أَوَّلَ الْفَصْلِ. (وَلَيْسَ لِلْجَدِيدِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) يَعْنِي مِنْ الْأَحَادِيثِ الطَّالِبَةِ لِغُسْلِ غَاسِلِ الْمَيِّتِ بَلْ اعْتَرَضَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَلَى التِّرْمِذِيِّ فِي تَحَسُّبٍ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ مِنْهَا فَعَلَى تَصْحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ لَهُ أَوْلَى، وَوَجَّهَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ الْجَدِيدَ بِأَنَّ لِلشَّافِعِيِّ قَدِيمًا بِوُجُوبِ غُسْلِ غَاسِلِ الْمَيِّتِ دُونَ غُسْلِ الْجُمُعَةِ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ لَهُ قَدِيمًا بِوُجُوبِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ هَذَا غَرِيبًا وَذَاكَ مَشْهُورًا. وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ تَرَدَّدَ فِي الْقَدِيمِ فِي وُجُوبِ غُسْلِ
ــ
[حاشية قليوبي]
لِغَاسِلِ الْمَيِّتِ) وَإِنْ كَانَ الْغَاسِلُ لَهُ حَائِضًا أَوْ حَرُمَ الْغُسْلُ كَالشَّهِيدِ أَوْ كُرِهَ كَالْكَافِرِ الْحَرْبِيِّ وَأَصْلُ طَلَبِهِ إزَالَةُ ضَعْفِ بَدَنِ الْغَاسِلِ بِمُعَالَجَةِ جَسَدٍ خَاوٍ وَلِذَلِكَ يُنْدَبُ الْوُضُوءُ مِنْ تَيَمُّمِهِ لِأَنَّ فِيهِ مَسُّ جَسَدِهِ، وَمِثْلُهُ الْحَمْلُ لَكِنْ بَعْدَهُ وَقِيلَ قَبْلَهُ. وَيُنْدَبُ الْوُضُوءُ قَبْلَهُ أَيْضًا لِيَكُونَ حَمْلُهُ عَلَى طَهَارَةٍ، وَعَلَى هَذَا حَمَلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ حَدِيثَ:«مَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» بِقَوْلِهِ: مَنْ حَمَلَهُ أَيْ أَرَادَ حَمْلَهُ.
وَيَخْرُجُ وَقْتُهُ كَنَظِيرِهِ مِنْ غُسْلِ الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَالْإِسْلَامِ وَكُلِّ غَيْرِ مُوَقَّتٍ بِطُولِ الْفَصْلِ أَوْ الْإِعْرَاضِ وَلَا يُقْضَى إذَا فَاتَ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَيَتَّجِهُ عَدَمُ فَوَاتِهِ بِذَلِكَ وَإِذَا وُجِدَ غُسْلٌ بَعْدَهُ دَخَلَ فِيهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْكَافِرِ إلَخْ) شَمِلَ الْأُنْثَى إذَا غَسَّلَهَا زَوْجُهَا، وَيُنْدَبُ لَهُ حَلْقُ رَأْسِهِ وَلَوْ أُنْثَى أَوْ صَغِيرًا.
قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ بَعْدَ غُسْلِهِ وَهُوَ الْوَجْهُ.
وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَبْلَهُ.
وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إنْ أَجْنَبَ فِي الْكُفْرِ فَبَعْدَهُ وَإِلَّا فَقَبْلَهُ.
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذِهِ الْعِبَارَةُ كَالَّتِي قَبْلَهَا مَقْلُوبَةٌ وَالْأَصْلُ وَلِمَنْ أَسْلَمَ مِنْ كُفْرِهِ وَلِمَنْ أَفَاقَ مِنْ جُنُونِهِ أَوْ إغْمَائِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ إذَا لِلْوَقْتِ فَتُفِيدُ ذَلِكَ مَعَ طَلَبِ الْمُبَادَرَةِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ فِيهِمَا وَضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ الْأُولَى وَالْهَمْزَةِ.
قَوْلُهُ: (وَهَذَا إلَخْ) أَيْ طَلَبُ الْغُسْلِ الْمَنْدُوبِ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ) أَيْ مَعَ الْمَنْدُوبِ وَلَعَلَّ أَمْرَهُ صلى الله عليه وسلم لِقَيْسٍ بِذَلِكَ كَانَ مَعَ أَمْرِهِ بِالْوَاجِبِ أَوْ مَعَ عِلْمِ قَيْسٍ بِهِ أَوْ هُوَ الْوَاجِبُ لَمَّا قِيلَ إنَّهُ كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ فِي الْكُفْرِ وَمِنْ لَازِمِهَا الْجَنَابَةُ. قَوْلُهُ: (وَأَغْسَالِ الْحَجِّ) زَمَانًا وَمَكَانًا وَمِثْلُهُ الْعُمْرَةُ كَالْإِحْرَامِ وَدُخُولُ الْحَرَمِ وَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَحَرَمِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَمِنْ الْمَسْنُونِ الْغُسْلُ لِلْبُلُوغِ بِالسِّنِّ وَلِلِاعْتِكَافِ وَلِلْأَذَانِ وَلِكُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَلِدُخُولِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَكُلِّ مَسْجِدٍ وَمِنْ حَلْقِ الْعَانَةِ أَوْ الرَّأْسِ وَنَتْفِ الْإِبْطِ وَقَصِّ الشَّارِبِ، وَنَحْوِ الْفَصْدِ وَتَغَيُّرِ الْبَدَنِ وَكُلِّ اجْتِمَاعٍ وَلَوْ لِصَلَاةٍ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إلَّا الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْحَمَّامِ أَيْ عِنْدَ إرَادَةِ الْخُرُوجِ مِنْهُ بِمَاءٍ مُعْتَدِلٍ إلَى الْبَرْدِ وَفِي سَبِيلِ وَادٍ وَكُلِّ يَوْمٍ فِي أَيَّامِ زِيَادَةِ النِّيلِ فِيهِ بَلْ فِي كُلِّ وَقْتٍ فِيهَا وَغَيْرِ الْمَذْكُورَاتِ. قَوْلُهُ:(صَحِيحَةٌ كَثِيرَةٌ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَفْضَلَهَا مَا كَثُرَتْ أَحَادِيثُهُ وَصَحَّتْ ثُمَّ مَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ ثُمَّ مَا
ــ
[حاشية عميرة]
مَنْ قَالَ بِهَا وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا الْوُضُوءُ لِمَسِّهِ. قَوْلُهُ: (بَلْ اعْتِرَاضٌ إلَخْ) رُبَّمَا يُشِيرُ بِهَذَا إلَى الرَّدِّ عَلَى الْإِسْنَوِيِّ رحمه الله فِي قَوْلِهِ: عَبَّرَ الرَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ أَحَادِيثَهُ يَعْنِي الْقَدِيمَ أَصَحُّ وَأَثْبَتُ وَهُوَ أَصْوَبُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ اهـ. قَوْلُهُ: (وَاعْتَرَضَ) الْمُعْتَرِضُ هُوَ الْجَمَّالُ الْإِسْنَوِيُّ رحمه الله.
قَوْلُهُ: (وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ) يَعْنِي قَوْلَهُ وَعَكْسُهُ الْقَدِيمُ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ رحمه الله. وَوَجْهُ الرَّافِعِيُّ رحمه الله وَعِبَارَتُهُ
غَاسِلِ الْمَيِّتِ وَنَدَبَهُ كَمَا نَسَبَهُ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ وَذَكَرَ فِيهَا مِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ أَنَّ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ يَدْفَعُهُ لِأَوْلَى النَّاسِ بِهِ وَوَجَدَ مَنْ يُرِيدُهُ لِغُسْلِ الْجُمُعَةِ، وَمَنْ يُرِيدُهُ لِلْغُسْلِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ لِأَيِّهِمَا يَدْفَعُهُ
(وَيُسَنُّ التَّبْكِيرُ إلَيْهَا) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ: «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ أَيْ كَغُسْلِهَا ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةَ أَيْ وَاحِدَةً مِنْ الْإِبِلِ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» . وَرَوَى النَّسَائِيّ «فِي الْخَامِسَةِ كَاَلَّذِي يُهْدِي عُصْفُورًا، وَفِي السَّادِسَةِ بَيْضَةً» وَالسَّاعَاتُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَقِيلَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَمَنْ جَاءَ فِي أَوَّلِ سَاعَةٍ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ فِي آخِرِهَا مُشْتَرَكَانِ فِي تَحْصِيلِ أَصْلِ الْبَدَنَةِ أَوْ الْبَقَرَةِ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَلَكِنَّ بَدَنَةَ الْأَوَّلِ أَكْمَلُ مِنْ بَدَنَةِ الْآخَرِ، وَبَدَنَةُ الْمُتَوَسِّطِ مُتَوَسِّطَةٌ يَعْنِي وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ.
وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْمُرَادُ تَرْتِيبُ الدَّرَجَاتِ وَفَضْلُ السَّابِقِ عَلَى الَّذِي يَلِيهِ لِئَلَّا يَسْتَوِيَ فِي الْفَضِيلَةِ رَجُلَانِ جَاءَا فِي طَرَفَيْ سَاعَةٍ.
ــ
[حاشية قليوبي]
صَحَّتْ أَحَادِيثُهُ ثُمَّ مَا تَعَدَّى نَفْعُهُ.
قَالَ بَعْضُهُمْ وَهَذَا شَيْءٌ يَتَوَقَّفُ عَلَى سَبْرِ أَحَادِيثَ وَقَدْ أَيِسَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِلْجَدِيدِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ أَيْ مُتَّفَقٍ عَلَى صِحَّتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وَالتَّبْكِيرُ إلَيْهَا) أَيْ مِمَّنْ يُرِيدُ حُضُورَهَا قَالَ شَيْخُنَا حَيْثُ طُلِبَ وَلَوْ مِنْ امْرَأَةٍ وَخُنْثَى. وَفِي التَّقْيِيدِ بِالطَّلَبِ تَأَمُّلٌ وَالْوَجْهُ الْإِطْلَاقُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ رَاحَ) .
قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ: مُقْتَضَاهُ خُصُوصُ هَذَا الثَّوَابِ بِمَنْ اغْتَسَلَ، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ وَأَصْلُ الرَّوَاحِ لُغَةً السَّيْرُ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَسُمِّيَ بِهِ مَا هُنَا لِأَنَّهُ سَعَى لِمَا يَحْصُلُ بَعْدَهُ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ سَيَذْكُرُ الشَّارِحُ الْإِشَارَةَ إلَيْهِ وَهُوَ «مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ وَدَنَا مِنْ الْإِمَامِ وَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا» فَقَوْلُهُ غَسَّلَ بِالتَّخْفِيفِ عَلَى الْأَفْصَحِ بِمَعْنَى غَسَلَ بَدَنَهُ فَمَا بَعْدَهُ تَأْكِيدٌ أَوْ بِمَعْنَى غَسَّلَ حَلِيلَتَهُ أَيْ أَلْزَمَهَا الْغُسْلَ بِوَطْئِهِ لَهَا لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ تِلْكَ اللَّيْلَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ غَضِّ الْبَصَرِ فِي السَّعْيِ الْآتِي، أَوْ بِمَعْنَى غَسَلَ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ، أَوْ بِمَعْنَى غَسَلَ ثِيَابَهُ أَوْ بِمَعْنَى غَسَلَ رَأْسَهُ مِنْ دُهْنٍ اسْتَعْمَلَهُ فِيهِ كَمَا هُوَ عَادَتُهُمْ.
وَمَعْنَى بَكَّرَ مُخَفَّفًا عَجَّلَ الْحُضُورَ وَمُشَدَّدًا بَادَرَ بِالصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَمَعْنَى ابْتَكَرَ أَدْرَكَ أَوَّلَ الْخُطْبَةِ. وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ تَعْجِيلُ الْحُضُورِ كَمَا مَرَّ. وَالْمُرَادُ بِالْخُطُوَاتِ مِنْ مَحَلِّ خُرُوجِهِ مِنْ بَيْتِهِ مَثَلًا إلَى مَحَلِّ جُلُوسِهِ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يَنْتَهِي بِوُصُولِ الْمَسْجِدِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ.
(تَنْبِيهٌ) يَحْصُلُ التَّبْكِيرُ لِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ بِأَنْ يَتَهَيَّأَ لِلصَّلَاةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا وَمِنْ الرَّوَاحِ فِيمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَقْصِدَ مَنْ يُرِيدُ الْحُضُورَ أَنَّ حُضُوره لِلصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَى التَّبْكِيرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَاحِدَةً مِنْ الْإِبِلِ) شَامِلٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فَهَاؤُهُ لِلْوَحْدَةِ. قَوْلُهُ: (فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ) أَيْ لِصُعُودِ الْمِنْبَرِ مِنْ نَحْوِ خَلْوَةٍ. قَوْلُهُ: (الذِّكْرَ) أَيْ الْخُطْبَةَ. قَوْلُهُ: (كَاَلَّذِي يُهْدِي عُصْفُورًا) وَهَذِهِ السَّاعَةُ سَاقِطَةٌ مِنْ الرِّوَايَةِ الْأُولَى. قَوْلُهُ: (وَالسَّاعَاتُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ) عَلَى الصَّحِيحِ الْمُعْتَمَدِ. وَقِيلَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ. وَقِيلَ مِنْ الزَّوَالِ وَآخِرُهَا عَلَى كُلِّ قَوْلٍ إلَى صُعُودِ الْإِمَامِ لِلْمِنْبَرِ. وَالْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ الزَّمَانَ يُقَسَّمُ سِتَّةَ أَقْسَامٍ مُتَسَاوِيَةٍ كُلُّ قِسْمٍ مِنْهَا يُسَمَّى سَاعَةً. قَوْلُهُ: (قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
قَوْلُهُ: (وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ) فِي الْبَقَرَةِ وَالْكَبْشِ وَالدَّجَاجَةِ وَالْعُصْفُورِ وَالْبَيْضَةِ، وَمَحَلُّ حُصُولِ هَذَا الثَّوَابِ إنْ اسْتَمَرَّ فِي مَحَلِّ الصَّلَاةِ إلَى أَنْ صَلَّى أَوْ خَرَجَ بِعُذْرٍ وَعَادَ عَنْ قُرْبٍ وَإِلَّا فَاتَهُ وَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ سَاعَةِ عَوْدِهِ. وَسُئِلَ شَيْخُنَا عَنْ أَسْنَانِ تِلْكَ الْحَيَوَانَاتِ فَأَجَابَ بِأَنَّهَا كَالْأُضْحِيَّةِ فَقِيلَ لَهُ فَالدَّجَاجَةُ وَالْعُصْفُورُ فَتَوَقَّفَ ثُمَّ مَالَ إلَى اعْتِبَارِ الْكَمَالِ عُرْفًا فِي الْجَمِيعِ. قَوْلُهُ:(لِئَلَّا يَسْتَوِيَ إلَخْ) تَقَدَّمَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ جَوَابُهُ فِي كَلَامِ شَرْحِ الْمُهَذِّب
ــ
[حاشية عميرة]
وَاعْلَمْ أَنَّ مَا نَقَلْنَاهُ يَقْتَضِي تَرَدُّدَ قَوْلِهِ فِي وُجُوبِ هَذَا الْغُسْلِ فِي الْقَدِيمِ لِأَنَّهُ لَوْ جَزَمَ فِيهِ بِوُجُوبِهِ لَمَا انْتَظَمَ مِنْهُ الْقَوْلُ بِأَنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ آكَدُ مِنْهُ اهـ.
وَغَرَضُ الشَّارِحِ رحمه الله مِنْ هَذَا الْكَلَامِ دَفْعُ مَا يُقَالُ كَيْفَ صَحَّ الْحُكْمُ فِي الْقَدِيمِ بِأَنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ آكَدُ مِنْهُ مَعَ أَنَّ الْجَزْمَ بِوُجُوبِهِ فِي الْقَدِيمِ. كَمَا أَوْرَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ.
وَقَالَ إنَّ الرَّافِعِيَّ حَاوَلَ الْجَوَابَ يَعْنِي بِمَا سَلَفَ عَنْهُ. قَالَ أَعْنِي الْإِسْنَوِيَّ رحمه الله وَسَبَبُ هَذِهِ الْمُحَاوَلَةِ مِنْهُ عَدَمُ إغْلَاطِهِ عَلَى أَنَّ لِلشَّافِعِيِّ قَوْلًا بِوُجُوبِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ.
قَوْلُهُ: (مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَخْ) هَذَا الْحَدِيثُ يُفِيدُ أَنَّ هَذَا الثَّوَابَ الْمَخْصُوصَ إنَّمَا يَحْصُلُ لِمَنْ اغْتَسَلَ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ رحمه الله لِأَنَّ أَهْلَ الْحِسَابِ مِنْهُ يَحْسِبُونَ الْيَوْمَ، وَيَعُدُّونَ السَّاعَاتِ وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ أَوَّلُ الْيَوْمِ شَرْعًا وَبِهِ يَدْخُلُ وَقْتُ
وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الْفَلَكِيَّةَ وَإِلَّا لَاخْتَلَفَ الْأَمْرُ بِالْيَوْمِ الشَّاتِي وَالصَّائِفِ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ «يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَاعَةً» ، وَهُوَ شَامِلٌ لِجَمِيعِ أَيَّامِهِ. وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ الْإِمَامَ يَخْتَارُ لَهُ أَنْ يَتَأَخَّرَ إلَى الْوَقْتِ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ اتِّبَاعًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَخُلَفَائِهِ (مَاشِيًا) لَا رَاكِبًا لِلْحَثِّ عَلَى ذَلِكَ مَعَ غَيْرِهِ فِي حَدِيثٍ. رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. (بِسَكِينَةٍ) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ:«إذَا أَتَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ» وَهُوَ مُبَيِّنٌ لِلْمُرَادِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] أَيْ امْضُوا كَمَا قُرِئَ بِهِ.
وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَقْيِيدُ الْمَشْيِ إلَى الْجُمُعَةِ عَلَى سَكِينَةٍ بِمَا
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الْفَلَكِيَّةَ) وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا خَمْسَ عَشْرَةَ دَرَجَةً دَائِمًا وَلَا الزَّمَانِيَّةَ أَيْضًا لِأَنَّهَا نِصْفُ سُدُسِ النَّهَارِ دَائِمًا وَأَوَّلُهَا مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ، وَلَا تَرْتِيبَ دَرَجَاتِ السَّابِقِينَ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ عَدَدَ السَّاعَاتِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَتَقَدَّمَ الْمُرَادُ بِهَا. قَوْلُهُ:(وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْيَوْمَ الثَّانِيَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دَرَجَةً فِي أَقْصَرِ الْأَيَّامِ وَنِصْفُهُ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ دَرَجَةً فَلَا يَكُونُ فِيهِ سِتُّ سَاعَاتٍ إلَّا مَعَ حِصَّةِ الْفَجْرِ وَالْيَوْمُ الصَّائِفُ مِائَتَانِ وَنَحْوُ عَشْرِ دَرَجَاتٍ وَنِصْفُهُ مِائَةٌ وَخَمْسُ دَرَجَاتٍ فَهُوَ نَحْوُ سَبْعِ سَاعَاتٍ بِغَيْرِ حِصَّةِ الْفَجْرِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْحَدِيثِ إلَخْ) هُوَ دَلِيلٌ لِلْمَنْفِيِّ بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (إنَّ الْإِمَامَ إلَخْ) وَهُوَ الصَّحِيحُ وَحِكْمَتُهُ قُوَّةُ الْهَيْئَةِ فِيهِ وَتَشَوُّفُ النَّاسِ لَهُ وَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ الْمُبَكِّرِ أَوْ أَكْثَرُ قَالَهُ شَيْخُنَا. لَكِنْ يُنْظَرُ أَيُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْمُبَكِّرِينَ فَرَاجِعْهُ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ ثَوَابُ السَّاعَةِ الَّتِي لَوْلَا طَلَبُ التَّأْخِيرِ لَجَاءَ فِيهَا فَرَاجِعْهُ. فَإِنْ بَكَّرَ فَهُوَ كَغَيْرِهِ فِي الْبَدَنَةِ وَغَيْرِهَا.
قَوْلُهُ: (مَاشِيًا) أَيْ فِي ذَهَابِهِ إنْ لَاقَ بِهِ الْمَشْيُ وَلَمْ تَحْصُلْ لَهُ مَشَقَّةٌ تُذْهِبُ الْخُشُوعَ وَيُخَيَّرُ فِي رُجُوعِهِ لِانْتِهَاءِ الْعِبَادَةِ.
وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ يُنْدَبُ الْمَشْيُ فِي عَوْدِهِ أَيْضًا لِمَا وَرَدَ «أَنَّ رَجُلًا قِيلَ لَهُ: هَلَّا اشْتَرَيْت لَك حِمَارًا تَرْكَبُهُ إذَا أَتَيْت إلَى الصَّلَاةِ فِي الرَّمْضَاءِ وَالظَّلْمَاءِ؟ فَقَالَ: إنِّي أُحِبُّ أَنْ يُكْتَبَ لِي أَجْرُ مَمْشَايَ فِي ذَهَابِي وَعَوْدِي. فَقَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم: قَدْ كَتَبَ اللَّهُ لَك ذَلِكَ» . وَأُجِيبُ بِأَنَّ ذَلِكَ خُصُوصِيَّةٌ لِذَلِكَ الرَّجُلِ نَظَرًا لِاعْتِقَادِهِ أَوْ بِأَنَّ الْمُرَادَ كُتِبَ لَهُ مَجْمُوعُ ذَلِكَ أَيْ الذَّهَابِ وَحْدَهُ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ مِنْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَكِبَ فِي عَوْدِهِ وَلَا يُقَالُ إنَّ رُكُوبَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ لِأَنَّ بَيَانَ الْجَوَازِ فِيمَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ الْحُرْمَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ هُنَا، فَرُكُوبُهُ لِبَيَانِ عَدَمِ الْأَفْضَلِيَّةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(لَا رَاكِبًا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَشْيِ مُطْلَقُ الْمُضِيِّ لِيُلَائِمَ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ إلَخْ) هُوَ الْمُتَقَدِّمُ آنِفًا. قَوْلُهُ: (بِسَكِينَةٍ) وَهِيَ التَّأَنِّي فِي الْمَشْيِ وَالْحَرَكَاتِ وَاجْتِنَابِ الْعَبَثِ وَالْوَقَارُ مُرَادِفٌ لَهَا أَوْ هُوَ حُسْنُ الْهَيْئَةِ كَغَضِّ الْبَصَرِ وَخَفْضِ الصَّوْتِ وَعَدَمِ الِالْتِفَاتِ يَمِينًا وَشِمَالًا. وَيُطْلَبُ ذَلِكَ لِلرَّاكِبِ فِيهِ وَفِي دَابَّتِهِ. قَوْلُهُ: (بِمَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ) أَيْ وَقْتُهَا
ــ
[حاشية عميرة]
الْغُسْلِ، قَوْلُهُ:(وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ رحمه الله وَلَيْسَ الْمُرَادُ عَلَى الْأَوْجُهِ كُلِّهَا الْأَرْبَعَ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي قُسِمَ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ عَلَيْهَا اهـ. فَإِنْ قُلْت: مَا الْمُرَادُ بِالسَّاعَاتِ بِاعْتِبَارِ مَا حَكَاهُ الشَّارِحُ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قُلْت: قِيلَ: جَعَلَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْجُمُعَةِ شِتَاءً وَصَيْفًا مَقْسُومًا عَلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَاعَةً، كَمَا نَطَقَ بِهِ الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ لَا الْفَلَكِيَّةَ وَلَا تَرْتِيبَ السَّابِقِ فِي الْفَصْلِ، وَالسَّاعَاتُ بِهَذَا الْمَعْنَى تُعْرَفُ بِالزَّمَانِيَّةِ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْمِيقَاتِ. وَهَذَا الْكَلَامُ لِي فِيهِ بَحْثٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الصَّحِيحَ اعْتِبَارُ السَّاعَاتِ مِنْ الْفَجْرِ، وَمِنْ الْبَيِّنِ أَنَّ الْحِصَّةَ مِنْ الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ أَزْيَدُ مِنْ بَاقِي النَّهَارِ بِنَحْوِ ثَلَاثِينَ دَرَجَةً فَيَلْزَمُ زِيَادَاتُ السَّاعَاتِ فِيهَا، سَوَاءٌ اعْتَبَرْنَا الْفَلَكِيَّةَ أَمْ غَيْرَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(وَإِلَّا لَاخْتَلَفَ الْأَمْرُ بِالْيَوْمِ الشَّاتِي وَالصَّائِفِ) زَادَ الرَّافِعِيُّ وَلَفَاتَتْ الْجُمُعَةُ فِي الْيَوْمِ الشَّاتِي لِمَنْ جَاءَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ اهـ.
وَوَجْهُهُ أَنَّ الطَّوِيلَ مِنْهَا تَزِيدُ سَاعَاتُهُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَفِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد إلَخْ دَلِيلٌ لِقَوْلِ الشَّيْخَيْنِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْفَلَكِيَّةَ وَإِلَّا لِاخْتِلَافِ إلَخْ وَفِي قِطْعَةِ السُّبْكِيّ رحمه الله وَالسَّاعَاتُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَقِيلَ: مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقِيلَ: مِنْ أَوَّلِ الزَّوَالِ وَيَكُونُ أَطْلَقَ السَّاعَاتِ عَلَى اللَّحَظَاتِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثِنْتَا عَشْرَةَ سَاعَةً إلَخْ وَاعْلَمْ أَنَّ السَّاعَاتِ الْفَلَكِيَّةَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ سَاعَةً يَخُصُّ كُلَّ سَاعَةٍ سِتَّةَ عَشَرَ دَرَجَةً فَإِذَا اسْتَوَى اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِائَةً وَثَمَانِينَ دَرَجَةً فَإِذَا وَصَلَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَى نِهَايَةِ طُولِهِ أَخَذَ مِنْ الْآخَرِ سَاعَتَيْنِ ثَلَاثِينَ دَرَجَةً فَتَكُونُ غَايَةُ الْقَصْرِ الِانْتِهَاءَ إلَى عَشْرِ سَاعَاتٍ هَذَا اصْطِلَاحُ أَهْلِ الْمِيقَاتِ، وَعِنْدَهُمْ ابْتِدَاءُ النَّهَارِ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَالرَّاجِحُ كَمَا عَلِمْت اعْتِبَارُ السَّاعَاتِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَلَا خَفَاءَ أَنَّ الْحِصَّةَ مِنْ الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ أَزْيَدُ مِنْ بَاقِي النَّهَارِ بِكَثِيرٍ فَمَتَى اعْتَبَرْنَا الْفَلَكِيَّةَ لَزِمَ زِيَادَةُ عَدَدِهَا عَلَى السِّتِّ وَاخْتِلَافُهَا فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَإِنْ حَمَلْنَاهُ عَلَى الزَّمَانِيَّةِ بِالنَّظَرِ إلَى اخْتِلَافِ الْبَدَنَةِ مَثَلًا كَمَالًا وَنَقْصًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ إلَّا بِأَنْ يُقَسَّمَ مِنْ الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ سِتُّ سَاعَاتٍ مُتَسَاوِيَةِ الْأَجْزَاءِ، لَكِنْ يَلْزَمُهُ زِيَادَةُ أَجْزَاءِ كُلِّ سَاعَةٍ مِنْ
لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ وَأَنَّهُ لَا يَسْعَى إلَى غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ أَيْضًا
(وَأَنْ يَشْتَغِلَ فِي طَرِيقِهِ وَحُضُورِهِ) قَبْلَ الْخُطْبَةِ (بِقِرَاءَةٍ أَوْ ذِكْرٍ) أَوْ صَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالطَّرِيقُ مَزِيدٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَفِي التَّنْزِيلِ {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [النور: 36] وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا دَامَتْ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ» . وَفِي مُسْلِمٍ: «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إذَا كَانَ يَعْمِدُ إلَى الصَّلَاةِ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ» .
(وَلَا يَتَخَطَّى) رِقَابَ النَّاسِ لِلْحَثِّ عَلَى ذَلِكَ مَعَ غَيْرِهِ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إلَّا إذَا كَانَ إمَامًا أَوْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ فُرْجَةٌ لَا يَصِلُهَا بِغَيْرِ تَخَطٍّ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ التَّخَطِّي، أَمَّا الْإِمَامُ وَفَرْضُهُ فِيمَنْ لَمْ يَجِدْ طَرِيقًا إلَّا بِهِ فَلِلضَّرُورَةِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلِتَفْرِيطِ الْجَالِسِينَ وَرَاءَ الْفُرْجَةِ بِتَرْكِهَا سَوَاءٌ وَجَدَ غَيْرَهَا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ قَرِيبَةً أَمْ بَعِيدَةً وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ إنْ كَانَ لَهُ مَوْضِعٌ غَيْرُهَا أَنْ لَا يَتَخَطَّى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْضِعٌ، وَكَانَتْ قَرِيبَةً بِحَيْثُ لَا يَتَخَطَّى أَكْثَرَ مِنْ رَجُلَيْنِ وَنَحْوِهِمَا دَخَلَهَا وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً
ــ
[حاشية قليوبي]
بِخُرُوجِهِ لَوْ لَمْ يُسْرِعْ أَوْ بِفَوَاتِهَا لَمَسْبُوقٌ كَذَلِكَ وَلَوْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فَيَجِبُ الْإِسْرَاعُ فِي ذَلِكَ. كَمَا قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا.
قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ الْإِسْرَاعُ وَلَا يَجِبُ السَّعْيُ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهَا إلَّا بِهِ كَبَعِيدِ الدَّارِ. قَوْلُهُ:(لَا يَسْعَى إلَخْ) أَيْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَخْشَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ بِسَلَامِ الْإِمَامِ فَلَا يَسْعَى لِإِدْرَاكِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَلَا لِلرَّكَعَاتِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الصَّلَوَاتِ) وَمِثْلُهَا كُلُّ عِبَادَةٍ. وَكَذَا يُنْدَبُ تَخَالُفُ الطَّرِيقِ وَأَنْ يَذْهَبَ فِي الْأَطْوَلِ.
قَوْلُهُ: (فِي طَرِيقِهِ) فَلَا تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ فِيهَا إلَّا لِشَغْلِ قَلْبٍ أَوْ لَهْوٍ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْأَدِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ كَرَاهَةُ الْعَبَثِ بِالْيَدَيْنِ.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: يُكْرَهُ التَّشْبِيكُ لِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ كَمَا فِيهَا لَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَلَوْ عَقِبَهَا وَعَلَيْهِ حُمِلَ التَّشْبِيكُ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم فِي خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَخَطَّى) أَيْ سَوَاءٌ أَلِفَ مَوْضِعًا لَا يَصِلُهُ إلَّا بِالتَّخَطِّي أَوْ لَا فَيَحْرُمُ إنْ تَحَقَّقَ أَذًى لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً وَعَلَيْهِ حُمِلَ الْحَدِيثُ وَإِلَّا فَلَا يَحْرُمُ وَفِيهِ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (رِقَابَ النَّاسِ) أَيْ الْجَالِسِينَ كَمَا سَيَأْتِي فَلَا يُكْرَهُ خَرْقُ الصُّفُوفِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (إمَامًا) وَمِثْلُهُ كُلُّ مَنْ يُتَسَامَحُ بِتَخَطِّيهِ لِصَلَاحٍ أَوْ مَنْصِبٍ أَوْ جَاهٍ أَوْ كَانَ مِمَّنْ تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ، وَلَا يَسْمَعُ إلَّا بِالتَّخَطِّي بَلْ يَجِبُ التَّخَطِّي فِي هَذِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(فُرْجَةٌ) وَهِيَ خَلَاءٌ ظَاهِرٌ أَقَلُّهُ مَا يَسَعُ وَاقِفًا وَخَرَجَ بِهَا السَّعَةُ فَلَا يَتَخَطَّى لَهَا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (نُدِبَ أَنْ لَا يَتَخَطَّى) فَإِنْ تَخَطَّى فَخِلَافُ الْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ إلَخْ) هُوَ بَيَانٌ لِلْقَرِيبَةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا تَخَطِّي أَكْثَرِ مِنْ صَفٍّ فَقَوْلُهُ: وَنَحْوِهِمَا أَيْ الرَّجُلَيْنِ كَالْمَرْأَتَيْنِ وَالصَّبِيَّيْنِ. وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ صَفٌّ آخَرُ وَحَمْلُهُ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (دَخَلَهَا) أَيْ نَدْبًا ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ رَجَا سَدَّهَا أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (بَعِيدَةً) بِأَنْ يَكُونَ فِيهَا تَخَطِّي صَفَّيْنِ فَأَكْثَرَ.
وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمَنْهَجِ وَاحِدًا وَاثْنَيْنِ وَحَمْلُهُ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ أَوْ رَجُلَيْنِ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الرَّجُلَ الْوَاحِدَ إنْ خَلَا جَانِبَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا وَمَرَّ مِنْ الْجِهَةِ الْخَالِيَةِ فَلَا يَتَخَطَّى أَصْلًا فِيهِمَا أَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِهَةِ الْخَالِيَةِ فِي الثَّانِيَةِ فَهُوَ مِنْ تَخَطِّي صَفٍّ لَا مِنْ تَخَطِّي رَجُلٍ.
فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَخَطَّى) فَإِنْ تَخَطَّى فَخِلَافُ الْأَوْلَى وَفِي الْمَنْهَجِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلْيَتَخَطَّ) أَيْ نَدْبًا.
(تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ التَّخَطِّيَ يُوجَدُ فِيهِ سِتَّةُ أَحْكَامٍ فَيَجِبُ إنْ تَوَقَّفَتْ الصِّحَّةُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ مَعَ التَّأَذِّي، وَيُكْرَهُ مَعَ عَدَمِ الْفُرْجَةِ أَمَامَهُ، وَيُنْدَبُ فِي الْفُرْجَةِ الْقَرِيبَةِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا وَفِي الْبَعِيدَةِ لِمَنْ لَمْ يَرْجُ سَدَّهَا وَلَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا وَخِلَافُ الْأَوْلَى فِي الْقَرِيبَةِ لِمَنْ وَجَدَ مَوْضِعًا، وَفِي الْبَعِيدَةِ إنْ رَجَا سَدَّهَا وَوَجَدَ مَوْضِعًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيُبَاحُ فِي هَذِهِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَوْضِعًا.
(فَرْعٌ) يُكْرَهُ التَّخَطِّي فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ مِنْ مَجَامِعِ النَّاسِ بِلَا أَذًى وَيَحْرُمُ إقَامَةُ شَخْصٍ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ لِيَجْلِسَ مَكَانَهُ فَإِنْ قَامَ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا بَأْسَ لَكِنْ يُكْرَهُ انْتِقَالُهُ إلَى دُونِ مَحَلِّهِ ثَوَابًا إلَّا لِمَصْلَحَةٍ كَنَحْوِ عَالِمٍ وَقَارِئٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَبْعَثَ مَنْ يَجْلِسُ فِي مَكَان لِيَقُومَ لَهُ مِنْهُ إذَا قَدِمَ، وَيُكْرَهُ بَعْثُ سَجَّادَةٍ وَنَحْوِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْجِيرِ مَعَ عَدَمِ إحْيَاءِ الْبُقْعَةِ خُصُوصًا فِي الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَة
ــ
[حاشية عميرة]
هَذِهِ الْحِصَّةِ عَلَى أَجْزَاءِ كُلِّ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ بَعْدِ الزَّوَالِ لِطُولِ الْحِصَّةِ الْأُولَى كَمَا عَلِمْت فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ رحمه الله وَلَفَاتَتْ الْجُمُعَةُ إلَخْ لَمْ أَدْرِ مَعْنَاهُ خُصُوصًا مَعَ تَصْحِيحِهِ اعْتِبَارَهَا مِنْ الْفَجْرِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَتَخَطَّى) أَيْ وَيَحْرُمُ أَنْ يُقِيمَ رَجُلًا لِيَجْلِسَ مَكَانَهُ، فَإِنْ قَامَ الرَّجُلُ بِنَفْسِهِ لَمْ يُكْرَهْ لِغَيْرِهِ أَنْ يَجْلِسَ مَكَانَهُ ثُمَّ إنْ تَقَرَّبَ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ انْتَقَلَ إلَى مِثْلِ الْأَوَّلِ لَمْ يُكْرَهْ وَإِلَّا كُرِهَ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ لِأَنَّ الْإِيثَارَ بِالْقُرْبِ مَكْرُوهٌ. قَوْلُهُ:(فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد إلَخْ) هُوَ «مَنْ غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ، وَبَكَّرَ
وَرَجَا أَنْ يَتَقَدَّمُوا إلَيْهَا إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَقْعُدَ مَوْضِعَهُ، وَلَا يَتَخَطَّى وَإِلَّا فَلْيَتَخَطَّ.
(وَأَنْ يَتَزَيَّنَ بِأَحْسَنِ ثِيَابِهِ وَطِيبٍ) لِذِكْرِهِمَا فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ فِي التَّخَطِّي، وَأَوْلَى الثِّيَابِ الْبِيضُ فَإِنْ لَبِسَ مَصْبُوغًا فَمَا صُبِغَ غَزْلُهُ. ثُمَّ نُسِجَ كَالْبُرُودِ لَا مَا صُبِغَ مَنْسُوجًا (وَإِزَالَةِ الظُّفْرِ) وَالشَّعْرِ لِلِاتِّبَاعِ. وَرَوَى الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ وَيَقُصُّ شَارِبَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الصَّلَاةِ» (وَالرِّيحِ) الْكَرِيهَةِ كَالصُّنَانِ لِأَنَّهُ يَتَأَذَّى بِهِ غَيْرُهُ فَيُزَالُ بِالْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ.
(قُلْت:) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَأَنْ يَقْرَأَ الْكَهْفَ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا) أَيْ لِحَدِيثِ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنْ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ» . رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. وَحَدِيثِ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ
ــ
[حاشية قليوبي]
وَلِغَيْرِهِ تَنْحِيَتُهَا وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ بِغَيْرِ حَمْلٍ لِئَلَّا يَضْمَنَهَا.
قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَتَزَيَّنَ) أَيْ مَنْ حَضَرَ غَيْرَ الْعَجُوزِ وَنَحْوِهَا. قَوْلُهُ: (وَطِيبٍ) أَيْ لِغَيْرِ مُحْرِمٍ وَصَائِمٍ وَامْرَأَةٍ تُرِيدُ الْحُضُورَ وَلَوْ عَجُوزًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الْبِيضُ) وَأَوْلَاهَا الْجَدِيدُ إنْ لَمْ يَخْشَ تَلْوِيثَهُ.
قَوْلُهُ: (كَالْبُرُودِ) مِنْهَا الْمَعْرُوفُ بِالطُّرَحِ وَالْقَلِيعَةِ عِنْدَ الْعَوَامّ. قَوْلُهُ: (لَا مَا صُبِغَ مَنْسُوجًا) فَهُوَ بَعْدَ الْبُرُودِ وَهِيَ أَوْلَى مِنْ السَّاذَجِ وَغَيْرُ الْأَسْوَدِ أَوْلَى مِنْهُ، وَلَا يُكْرَهُ لَهُ لُبْسُ غَيْرِ الْأَبْيَضِ. نَعَمْ إدَامَةُ لُبْسِ الْأَسْوَدِ وَلَوْ فِي النِّعَالِ خِلَافُ الْأَوْلَى. قَوْلُهُ:(وَإِزَالَةُ الظُّفْرِ) عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ لَهُ بِعَشْرَةِ أَيَّامٍ لِلْغَالِبِ، وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِأَيِّ كَيْفِيَّةٍ وُجِدَتْ، لَكِنَّ الْأَوْلَى فِي كَيْفِيَّتِهِ فِي الرِّجْلَيْنِ بِمَا فِي التَّخْلِيلِ فِي الْوُضُوءِ، وَفِي الْيَدَيْنِ بِمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ. وَقِيلَ: إنَّهُ وَرَدَ فِي رِوَايَةٍ ضَعِيفَةٍ وَهُوَ أَنْ يَبْدَأَ بِسَبَّابَةِ الْيُمْنَى عَلَى التَّوَالِي وَيَخْتِمُهَا بِإِبْهَامِهَا، ثُمَّ يَبْدَأَ بِإِبْهَامِ الْيُسْرَى وَيَخْتِمَهَا بِسَبَّابَتِهَا. وَنَقَلَ فِي التَّجَارِبِ عَنْ السُّبْكِيّ وَالْبِرْمَاوِيِّ سَوَاءٌ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ أَنَّ إزَالَتَهَا عَلَى خِلَافِ التَّوَالِي أَمَانٌ مِنْ الرَّمَدِ بِأَنْ يَبْدَأَ بِخِنْصَرِ الْيُمْنَى ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْإِبْهَامِ ثُمَّ الْبِنْصِرِ ثُمَّ السَّبَّابَةِ، عَلَى تَوَالِي حُرُوفِ خوابس يُجْعَلُ كُلُّ حَرْفٍ مِنْ أَوَّلِ اسْمِ أُصْبُعٍ ثُمَّ يَبْدَأُ بِإِبْهَامِ الْيُسْرَى ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْخِنْصَرِ ثُمَّ السَّبَّابَةِ ثُمَّ الْبِنْصِرِ عَلَى تَوَالِي حُرُوفِ أَوْ حُسِبَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَيُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى إزَالَةِ ظُفْرِ يَدٍ أَوْ بَعْضِهَا كَالِانْتِعَالِ فِي رِجْلٍ وَاحِدَةٍ.
وَيَنْبَغِي غَسْلُ مَوْضِعِ قَلْمِ الظُّفْرِ لِمَا قِيلَ إنَّ الْحَكَّ بِهِ قَبْلَ الْغَسْلِ يُورِثُ الْبَرَصَ. وَلَا يُكْرَهُ الْقَصُّ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَمَا نُسِبَ لِسَيِّدِنَا عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ كَرَاهَتِهِ لَمْ يَثْبُتْ وَإِنْ كَانَ مَنْظُومًا. قَوْلُهُ: (وَالشَّعْرِ) مِنْ الْإِبْطِ وَالْعَانَةِ وَالشَّارِبِ وَغَيْرِهَا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ الْعَانَةَ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا لِلْغَالِبِ.
(تَنْبِيهٌ) حَلْقُ الرَّأْسِ فِي غَيْرِ الْمَوْلُودِ وَإِسْلَامِ الْكَافِرِ وَالنُّسُكِ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِدْعَةٌ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَحْلِقْ رَأْسَهُ إلَّا فِي نُسُكٍ مَرَّتَيْنِ وَقِيلَ ثَلَاثًا.
(فَرْعٌ) يُكْرَهُ الْقَزَعُ بِقَافٍ فَزَايٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ فَمُهْمَلَةٍ وَهُوَ حَلْقُ، بَعْضِ الرَّأْسِ وَلَوْ مُتَعَدِّدًا. قَوْلُهُ:(كَالصُّنَانِ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ رِيحِ الْفَمِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ مِنْ الْفَرْجِ أَوْ الثِّيَابِ. قَوْلُهُ: (فَيُزَالُ) أَيْ نَدْبًا بَلْ وُجُوبًا فِيمَا أَكَلَهُ بِقَصْدِ إسْقَاطِ الْجُمُعَةِ وَنَحْوِهَا.
وَتَقَدَّمَ فِي أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِهَذَا وَنَحْوِهِ فَلْيُرَاجَعْ مِنْهُ.
(تَنْبِيهٌ) هَذِهِ الْمَنْدُوبَاتُ الْمَذْكُورَةُ لَا تَخْتَصُّ بِالْجُمُعَةِ بَلْ فِيهَا مَا لَا يَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَى بَعْضِهِ. قَوْلُهُ: (سُورَةَ الْكَهْفِ) لِمَا فِيهَا مِنْ ذِكْرِ أَهْوَالِ الْقِيَامَةِ الْوَارِدِ أَنَّ قِيَامَهَا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ.
وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ مَنْ دَاوَمَ عَلَى الْعَشْرِ آيَاتِ أَوَّلِهَا أَمِنَ مِنْ الدَّجَّالِ. قَوْلُهُ: (يَوْمَهَا) وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ اللَّيْلِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ آكَدُ وَالْإِكْثَارُ مِنْ قِرَاءَتِهَا وَأَقَلُّهُ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ أَفْضَلُ. قَوْلُهُ: (أَضَاءَ لَهُ) أَيْ غُفِرَ لَهُ كَمَا فِي رِوَايَةٍ أَوْ أَكْثَرَ لَهُ الثَّوَابَ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
قَالَهُ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ، لَكِنْ يَرُدُّهُ حَدِيثُ «وَغُفِرَ لَهُ إلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى» . وَفَضَلَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ. وَحَدِيثُ «غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ» . وَغَيْرُ ذَلِكَ وَفِي رِوَايَةٍ:«لِمَنْ قَرَأَهَا لَيْلًا زِيَادَةٌ وَصَلَّى عَلَيْهِ أَلْفُ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ وَعُوفِيَ مِنْ الْبَلِيَّةِ وَذَاتِ الْجَنْبِ وَالْبَرَصِ وَالْجُذَامِ وَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ» . لَكِنَّ هَذَا رُبَّمَا يُفِيدُ أَنَّ قِرَاءَتَهَا لَيْلًا أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَتِهَا نَهَارًا إلَّا أَنْ يُرَادَ مُجَرَّدُ التَّرْغِيبِ. وَالْمُرَادُ بِالْجُمُعَتَيْنِ الْمَاضِيَةُ وَالْمُسْتَقْبِلَةِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ قَرَأَهَا فِي إحْدَى الْجُمُعَتَيْنِ أَوْ فِيهِمَا ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ الْكَعْبَةَ فَلَا إشْكَالَ فِيهِ عَلَى أَنَّ
ــ
[حاشية عميرة]
وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ» إلَخْ.
قَوْلُهُ: (لَا مَا صُبِغَ) .
قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ يُكْرَهُ لُبْسُهُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقِرَاءَتُهَا نَهَارًا آكَدُ.
(فَائِدَةٌ) ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «أَنَّ السَّاعَةَ تَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» . قَوْلُهُ: (أَضَاءَ لَهُ مِنْ النُّورِ) ذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَدَلَهُ غُفِرَ قَالَ:
لَهُ مِنْ النُّورِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ» . رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ فِي مُسْنَدِهِ
(وَيُكْثِرَ الدُّعَاءَ) يَوْمَهَا رَجَاءَ أَنْ يُصَادِفَ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ فَفِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ بَعْدَ ذِكْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ: «فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ صلى الله عليه وسلم يُقَلِّلُهَا» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: " وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيَّةٌ ". وَوَرَدَ تَعْيِينُهَا أَيْضًا فِي حَدِيثِ «يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثِنْتَا عَشْرَةَ سَاعَةً السَّابِقِ قَرِيبًا فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ» . وَفِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ «هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ» أَيْ عَلَى الْمِنْبَرِ إلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ أَيْ يَفْرُغَ مِنْهَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بَعْدَ ذِكْرِ الْحَدِيثَيْنِ وَغَيْرِهِمَا: يُحْتَمَلُ أَنَّهَا مُنْتَقِلَةٌ تَكُونُ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ فِي وَقْتٍ وَفِي بَعْضِهَا فِي وَقْتٍ آخَرَ كَمَا هُوَ الْمُخْتَارُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَقَالَ فِيهِ بَعْدَ ذِكْرِ أَقْوَالِ التَّعْيِينِ بِمَا ذُكِرَ وَغَيْرُهُ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَلَيْسَ مَعْنَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ وَقْتٌ لِهَذِهِ السَّاعَةِ بَلْ الْمَعْنَى أَنَّهَا تَكُونُ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ الْوَقْتِ لِقَوْلِهِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا قَالَ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي صَحِيحٌ. وَذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ رضي الله عنه بَلَّغَهُ أَنَّهُ يُسْتَجَابُ الدُّعَاءُ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ وَأَنَّهُ اسْتَحَبَّ الدُّعَاءَ فِيهَا. (وَ) يُكْثِرَ (الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتَهَا لِحَدِيثِ: «أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلِيَّ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ فَمَنْ صَلَّى عَلِيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» . رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَصَحَّحَ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ حَدِيثَ: «إنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فَأَكْثِرُوا مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيَّ فِيهِ» .
(وَيَحْرُمُ
ــ
[حاشية قليوبي]
الْمُرَادَ بِالْإِضَاءَةِ مَا مَرَّ. وَكَذَا إنْ أُرِيدَ بِالنُّورِ حَقِيقَتُهُ، وَبِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ مَا فِي السَّمَاءِ لِاسْتِوَاءِ النَّاسِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْكَعْبَةُ عَلَى هَذَا لَزِمَ كَثْرَةُ نُورِ الْبَعِيدِ عَنْهُ عَلَى نُورِ الْقَرِيبِ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى اخْتِلَافِهِ بِالْكَيْفِيَّةِ كَمَا فِي دَرَجَاتِ الْجَمَاعَةِ أَوْ عَلَى مُجَرَّدِ التَّرْغِيبِ.
قَوْلُهُ: (سَاعَةَ الْإِجَابَةِ) أَيْ إنَّ الدُّعَاءَ فِيهَا مُسْتَجَابٌ وَيَقَعُ مَا دُعِيَ بِهِ حَالًا يَقِينًا فَلَا يُنَافِي أَنَّ كُلَّ دُعَاءٍ مُسْتَجَابٌ كَمَا يُرَاجَعُ مِنْ مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْعَصْرِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ آخِرِ سَاعَةٍ أَوْ مُضِرٌّ إلَّا أَنَّ جُعِلَ ظَرْفًا لِلْآخِرِ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ سَاعَةٍ. قَوْلُهُ: (هِيَ مَا بَيْنَ) أَيْ لَحْظَةٌ لَطِيفَةٌ فِيمَا بَيْنَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ إلَى فَرَاغِ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ: بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ. وَالْمُرَادُ كُلُّ خَطِيبٍ فَيَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْخُطَبَاءِ وَلَوْ فِي الْمَحَلِّ الْوَاحِدِ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَأَنَّهُ إذَا صَادَفَهَا أَهْلُ مَحَلٍّ كَانَتْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَلَا يُنَافِي طَلَبُ الدُّعَاءِ هُنَا وَقْتَ الْخُطْبَةِ مَا مَرَّ مِنْ طَلَبِ الْإِنْصَاتِ فِيهِ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِالدُّعَاءِ اسْتِحْضَارُهُ بِالْقَلْبِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ. أَوْ فِيمَا عَدَا وَقْتَ ذِكْرِ الْأَرْكَانِ كَمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ. وَهُوَ أَظْهَرُ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ حُرْمَةِ الْكَلَامِ وَعَدَمِ كَرَاهَتِهِ اتِّفَاقًا فِي غَيْرِ وَقْتِ ذِكْرِهَا. قَوْلُهُ:(قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ) هُوَ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ كَالْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (صَحِيحٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
قَوْلُهُ: (وَذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) هُوَ اعْتِذَارٌ عَنْ جَعْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ شَامِلًا لَهَا لِعَدَمِ ذِكْرِهَا هُنَا فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَيُكْثِرُ الصَّلَاةَ إلَخْ) أَيْ لِمَا قِيلَ «إنَّهُ صلى الله عليه وسلم يَسْمَعُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ بِأُذُنَيْهِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتِهَا» . لَكِنْ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ شَيْءٌ وَأَقَلُّ إكْثَارِهَا ثَلَاثُمِائَةِ مَرَّةٍ. كَمَا قَالَهُ أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ، وَيُقَدِّمُهَا عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْكَهْفِ وَالدُّخَانِ، وَيُقَدِّمُ عَلَيْهَا تَكْبِيرَ الْعِيدِ وَلَوْ وَافَقَ لَيْلَةَ جُمُعَةٍ لِأَنَّ الْأَقَلَّ أَوْلَى بِالْمُرَاعَاةِ كَمَا طُلِبَ تَرْكُ أَخْذِ الظَّفَرِ وَالشَّعْرِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِمُرِيدِ التَّضْحِيَةِ، وَتَرْكُ الطِّيبِ فِيهِ لِلصَّائِمِ وَالْمُحَدَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
(تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ كُلَّ مَحَلٍّ طُلِبَ فِيهِ ذِكْرٌ بِخُصُوصِهِ فَالِاشْتِغَالُ بِهِ فِيهَا أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ مِنْ قُرْآنٍ أَوْ مَأْثُورٍ آخَرَ.
ــ
[حاشية عميرة]
وَالْمُرَادُ الْجُمُعَةُ الْمَاضِيَةُ وَقِيلَ: الْمُسْتَقْبِلَةُ.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ ذِكْرِ أَقْوَالِ التَّعْيِينِ) أَيْ الْأَقْوَالِ الَّتِي سَاقَهَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ بِمَا ذُكِرَ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (التَّشَاغُلُ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ) هَذَا يُفِيدُك أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَرُبَ مَنْزِلُهُ جِدًّا مِنْ الْجَامِعِ وَيَعْلَمُ الْإِدْرَاكَ وَلَوْ تَوَجَّهَ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَمْكُثَ فِي بَيْتِهِ لِشَغْلٍ مَعَ عِيَالِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْجَامِعِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ} [الجمعة: 9] إلَخْ وَهُوَ أَمْرٌ مُهِمٌّ فَتَفَطَّنْ لَهُ.
(تَتِمَّةٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: كَرَاهَةُ تَشْبِيكِ الْأَصَابِعِ فِي الْمَسْجِدِ خَاصٌّ بِمَنْ فِي الصَّلَاةِ أَوْ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ اهـ.
وَلِمُسْتَمِعِ الْخَطِيبِ إذَا ذَكَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِمْ هَذَا أَنَّهُ مُبَاحٌ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ ثُمَّ حَاوَلَ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى مُحَافَظَةً عَلَى الِاسْتِمَاعِ، وَلَوْ احْتَاجَ الْوَلِيُّ إلَى بَيْعِ مَالِ الْيَتِيمِ وَقْتَ النِّدَاءِ لِضَرُورَةٍ فَدَفَعَ فِيهِ شَخْصٌ مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ دِينَارًا أَوْ دَفَعَ فِيهِ شَخْصٌ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا نِصْفَ دِينَارٍ فَهَلْ يَجِبُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي احْتِمَالَانِ لِلرُّويَانِيِّ.