الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث ما ورد في المصارعة بعوض
147 -
قال ابن سعد
(1)
: أخبرنا محمد بن ربيعة الكلابي، عن أبي الحسن العسقلاني، عن أبي جعفر محمد بن ركانة، عن أبيه، أنه صارع النبي صلى الله عليه وسلم ، فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم ، وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:«فرْق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القَلانس»
(2)
.
• رواة الحديث:
1 -
محمد بن ربيعة الكِلابيُّ: الرُّؤاسيُّ، أبو عبد الله الكوفي، صدوق
(3)
.
2 -
أبو الحسن العسقلاني: مجهول
(4)
.
3 -
أبو جعفر محمد بن ركانة: بن عبد يزيد القرشي المطلبي، مجهول، قال المزي:«وقع في رواية اللؤلؤي عن أبي داود أبو جعفر بن محمد بن علي بن ركانة، وقال بعض الرواة عن أبي جعفر محمد بن يزيد بن ركانة» ، وقد صوب المزي قول من قال:«أبو جعفر محمد بن ركانة»
(5)
.
(1)
الطبقات الكبرى 1/ 374.
(2)
أوردت هذا الحديث تحت عنوان المصارعة بعوض، وليس فيه هذه الصورة؛ لأن قصة ركانة إنما هي قصة واحدة، اختلفت طرقها.
(3)
تهذيب الكمال 25/ 196، التقريب (5877).
(4)
تهذيب الكمال 33/ 244، التقريب (8048).
(5)
تهذيب الكمال 33/ 190 و 9/ 223، التقريب.
• تخريج الحديث:
- أخرجه البخاري -في التاريخ الكبير-
(1)
، وأبو داود
(2)
، والترمذي
(3)
، وأبو يعلى
(4)
، والطبراني
(5)
، والحاكم
(6)
، والبيهقي
(7)
، كلهم من طريق محمد بن ربيعة به بنحوه.
- وأخرجه البيهقي
(8)
من طريق محمد بن عبد الله بن يزيد بن ركانة، عن جده ركانة به مطولًا بذكر العوض.
• الحكم على الحديث:
- إسناده ضعيفٌ؛ وذلك لجهالة أبي الحسن العسقلاني، وأبي جعفر محمد بن ركانة، ولا يعرف سماع بعضهم من بعض، وقد ضعفه الأئمة، فقال البخاري:«إسناده مجهول لا يعرف سماع بعضه من بعض»
(9)
، وقال الترمذي:«هذا حديث غريب، وإسناده ليس بالقائم، ولا نعرف أبا الحسن العسقلاني، ولا ابن ركانة»
(10)
، وقال ابن حبان:«في إسناده نظر»
(11)
، وبنحوه قال ابن السكن
(12)
، وقال الذهبي:«محمد بن ركانة بن عبد يزيد عن أبيه في المصارعة، وعنه ابنه أبو جعفر لم يصح خبره»
(13)
.
• غريب الحديث:
- قوله: «القلانس» : جمع قَلَنْسُوة، يقال: القَلْسُوَة، والقَلْساة، والقُلَنْسِيَة، والقَلَنْسَاة، والقلْنِيسَةُ: من ملابس الرُّؤوس المعروفة، وهي تلتصق بالرأس،
(1)
التاريخ الكبير 1/ 82.
(2)
سنن أبي داود ح (4078).
(3)
سنن الترمذي ح (1784).
(4)
مسند أبي يعلى 3/ 5 ح (1412).
(5)
المعجم الكبير 5/ 71 ح (4616).
(6)
المستدرك 3/ 511.
(7)
شعب الإيمان 5/ 175 ح (6258)، والآداب ص 273 ح (698).
(8)
دلائل النبوة 6/ 251.
(9)
التاريخ الكبير 1/ 82.
(10)
جامع الترمذي ح (1784).
(11)
الثقات 3/ 130.
(12)
تهذيب التهذيب 3/ 248.
(13)
الكاشف 2/ 171.
وتلف العمامة عليه، وتسمى في زماننا بالطاقية
(1)
.
* * *
148 -
روى عبد الرزاق
(2)
: عن معمر، عن يزيد بن أبي زياد، قال: أحسبه عن عبد الله بن الحارث قال: صارع النبي صلى الله عليه وسلم أبا ركانة
(3)
في الجاهلية، وكان شديدًا، فقال: شاة بشاة، فصرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال أبو ركانة: عاودني، فصارعه، فصرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ايضًا، فقال: عاودني في أخرى، فعاوده، فصرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا، فقال أبو ركانة: هذا أقول لأهلي: شاة أكلها الذئب، وشاة تكسرت، فماذا أقول للثالثة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم :«ما كنا لنجمع عليك أن نَصرعَك ونُغْرِمَك؛ خذ غنمك» .
• رواة الحديث:
1 -
معمر: تقدمت ترجمته في الحديث التاسع والثلاثين، وأنه ثقةٌ ثبتٌ فاضلٌ، إلا أن في روايته عن ثابت، والأعمش، وهشام بن عروة، وعاصم بن أبي النجود، وقتادة شيئًا، وكذا فيما حدث به بالبصرة.
2 -
يزيد بن أبي زياد: تقدمت ترجمته في الحديث الثاني والثلاثين بعد المئة، ضعيفٌ، كبر فتغير، وصار يتلقن، يكتب حديثه.
3 -
عبد الله بن الحارث: تقدمت ترجمته في الحديث الثاني والثلاثين بعد المئة، وأنه مجمعٌ على ثقته.
(1)
لسان العرب 6/ 179، حاشية ابن عابدين 1/ 272، مرقاة المفاتيح 8/ 147، المعجم العربي لأسماء الملابس لرجب عبد الجواد ص 311 - 312.
(2)
مصنف عبد الرزاق 11/ 427 ح (20909).
(3)
قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 4/ 162: «هكذا وقع فيه أبو ركانة، وكذا أخرجه أبو الشيخ من طريقه، والصواب ركانة» .
• تخريج الحديث:
- أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني
(1)
من طريق عبد الرزاق.
• الحكم على الحديث:
- إسناده ضعيفٌ؛ لأمور:
1 -
ضعف يزيد بن أبي زياد.
2 -
عدم جزم يزيد بأن عبد الله بن الحارث حدثه.
3 -
إرساله؛ فعبد الله بن الحارث تابعي، وقد سبق هذا في ترجمته.
* * *
149 -
قال أبو داود
(2)
: حدثنا موسى بن إسماعيل، نا حماد، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالبطحاء، فأتى عليه يزيد بن ركانة، أو ركانة، ومعه أعنزٌ له، فقال له: يا محمد؛ هل لك أن تصارعني؟ قال: «ما تُسَبِّقُني؟» قال: شاة من غنمي، فصارعه النبي صلى الله عليه وسلم ، فصرعه، فأخذ شاة، قال ركانة: هل لك في العودة؟ فقال: «ما تُسَبِّقُني؟» قال: أخرى، فصارعه النبي صلى الله عليه وسلم ، فصرعه، فقال له مثل ما قال، قال:«ما تُسَبِّقُني؟» قال: أخرى، فصارعه النبي صلى الله عليه وسلم ، فصرعه، فقال: يا محمد والله ما وضع جنبي أحدٌ إلى الأرض، وما أنت بالذي تصرعني فأسلم، ورد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم غنمه.
• رواة الحديث:
1 -
موسى بن إسماعيل: المِنْقَري، أبو سلمة التَّبُوذكي
(3)
، ثقة
(1)
في كتاب السبق والرمي، ينظر: الفروسية لابن القيم ص 220، والتلخيص للحافظ ابن حجر 4/ 162.
(2)
المراسيل ص 377 ح (299).
(3)
قال السمعاني في الأنساب 1/ 447: «هذه النسبة إلى بيع السماد
…
يقول البصريون لبياع السماد تبوذكي
…
وقال محمد بن ناصر السلامي: التَّبُوذكي عندنا الذي يبيع ما في بطون الدجاج والطيور من الكبد والقلب والقانصة».
ثبت
(1)
.
2 -
حماد: هو ابن سلمة، تقدمت ترجمته في الحديث الثالث عشر، وأنه ثقةٌ عابدٌ، أثبت الناس في ثابت البناني، وحميد الطويل، وعلي بن زيد، وهشام بن عروة.
3 -
عمرو بن دينار: تقدمت ترجمته في الحديث العاشر، وأنه ثقة ثبت.
4 -
سعيد بن جبير: ابن هشام، أبو محمد، ويقال: أبو عبد الله الكوفي، ثقةٌ ثبتٌ فقيهٌ
(2)
.
• تخريج الحديث:
- أخرجه البيهقي
(3)
من طريق أبي داود.
- وأخرجه أبو نعيم
(4)
من طريق يزيد بن هارون، وأبو الشيخ
(5)
من طريق محمد بن كثير، والخطيب البغدادي
(6)
من طريق حفص بن عمر، وأبو بكر الشافعي
(7)
، وأبو الشيخ
(8)
من طريق عبد الله بن يزيد
(9)
.
(1)
تهذيب الكمال 29/ 21، التقريب (6943).
(2)
تهذيب الكمال 10/ 358، التقريب (2278).
(3)
سنن البيهقي 10/ 18.
(4)
معرفة الصحابة 2/ 1116.
(5)
كما في الفروسية لابن القيم ص 202.
(6)
المؤتلف والمختلف، عزاه إليه ابن حجر في الإصابة 6/ 655.
(7)
كما في التلخيص الحبير 4/ 162.
(8)
كما في الفروسية ص 201، والتلخيص الحبير 4/ 162 وقد وقع خطأ في كتاب الفروسية في النسخة التي حققها الشيخ مشهور بن حسن؛ إذ فيها: «وقال أبو الشيخ
…
: ثنا إبراهيم بن علي ثنا ابن المقري، حدثنا «ابن أبي» حماد، عن عمرو بن دينار» والصواب في الطبعة التي حققها الشيخ زائد النشيري، ففيها:«ثنا إبراهيم بن علي، ثنا ابن المقرئ، حدثنا أبي عن حماد» ، وهو كذا في الفروع لابن مفلح 4/ 461.
(9)
وقع عند ابن حجر في التلخيص نسبته مدنيًّا، وهذا تصحيف، فعبد الله بن يزيد المقرئ المدني متقدم وهو من شيوخ مالك كما في التقريب (3713)، فكيف يروي مثله عن حماد بن سلمة؟ وعليه فالصحيح أنه عبد الله بن يزيد المقرئ المكي، وهو من شيوخ البخاري كما في التقريب (3715) وهو الذي يروي عن حماد بن سلمة، ويروي عنه ابنه محمد كما في الإسناد، وهو هكذا في الطبعة التي بتحقيق أشرف عبد المقصود 6/ 3094.
أربعتهم: (يزيد، وابن كثير، وحفص، وابن يزيد) عن حماد بنحوه؛ إلا أن حفصًا، وابن يزيد روياه عن حماد، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به مطولًا.
• الحكم على الحديث:
- إسناده ضعيفٌ؛ لإرساله قال الحافظ ابن حجر: «سعيد لم يدرك ركانة»
(1)
، وقد قال البيهقي:«مرسلٌ جيد»
(2)
، وقد اختلف في إسناده على حماد بن سلمة على وجهين:
الأول: عن حماد، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير مرسلًا، وهذا يرويه ثلاثة:
1 -
موسى بن إسماعيل، وهو ثقة ثبت -كما سبق-.
2 -
يزيد بن هارون، وهو ثقة متقن
(3)
، وفي الطريق إليه محمد بن محمد بن الأزهر، لم أقف على حاله، وقد ترجمه الخطيب في تاريخه
(4)
، ولم يذكر في حاله شيئًا.
3 -
محمد بن كثير، وهو الصنعاني صدوقٌ كثير الغلط
(5)
.
الثاني: عن حماد، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وهذا يرويه راويان:
1 -
حفص بن عمر، وهو أبو عمر الضرير المقرئ، لا بأس به
(6)
، والراوي عنه أحمد بن عتاب المروزي لم أقف على ما يبين حاله سوى ما ذكر
(1)
التلخيص الحبير 4/ 162.
(2)
سنن البهيقي 10/ 18.
(3)
التقريب (7789).
(4)
3/ 216.
(5)
التقريب (6251).
(6)
التقريب (1416).
الذهبي في الميزان
(1)
؛ فإنه قال: «قال أحمد بن سعيد بن معدان: شيخ صالح، روى الفضائل والمناكير» ، وتعقبه الذهبي، فقال:«قلت: ما كل من روى المناكير يضعَّف؛ وإنما أوردت هذا الرجل لأن يوسف الشيرازي الحافظ ذكره في الجزء الأول من الضعفاء من جمْعِه» .
قلت: ظاهر تعقب الذهبي أنه يقر بوجود المناكير عنده؛ وهذا كافٍ في أن يتوقف في ما يتفرد به.
2 -
عبد الله بن يزيد المكي المقرئ، وهو ثقة فاضل
(2)
، وقد جود الإسناد من هذا الطريق ابن القيم
(3)
، وابن كثير
(4)
.
والأقرب في درجة الحديث أنه ضعيفٌ، وأن حمادًا رحمه الله لم يضبطه؛ فقد ثبت أن راويين ثقتين روياه عنه؛ وهما التَّبوذكي، وابن يزيد، فأرسله الأول، ووصله الثاني، وحماد يخطئ في غير حديث ثابت وحميد، قال مسلم:«وحمَّاد يعد عندهم إذا حدث عن غير ثابت كحديثه عن قتادة، وأيوب، ويُونُس، وداود بن أبي هند، والجُريري، ويحيى ابن سعيد، وعمرو بن دينار، وأشباههم، فإنه يخطئ في حديثهم كثيرًا»
(5)
.
• غريب الحديث:
- قوله: «ما تُسَبِّقُني» : أي: ما تعطيني، وهو من الأضداد يقال: سبَّقه؛ إذا أخذ منه السبْق، وهو ما يتراهن عليه، وسبَّقه؛ أعطاه إياه
(6)
.
(1)
1/ 118.
(2)
التقريب (3715).
(3)
الفروسية ص 202.
(4)
البداية والنهاية 3/ 104.
(5)
التمييز للإمام مسلم ص 218، وشرح العلل 2/ 508 و 623.
(6)
المغرب في ترتيب المعرب 1/ 380.
150 -
قال البيهقي
(1)
: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثني والدي إسحاق بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لركانة بن عبد يزيد: «أسلم» ، فقال: لو أعلم أن ما تقول حقًّا لفعلت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم -وكان ركانة من أشد الناس-:«أرأيت إن صرعتك أتعلم أن ذلك حق؟» ، قال: نعم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصرعه، فقال له: عد يا محمد، فعاد له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذه الثانية فصرعه على الأرض، فانطلق ركانة وهو يقول: هذا ساحر، لم أر مثل سحر هذا قط، والله ما ملكت من نفسي شيئًا حتى وضع جنبي إلى الأرض.
• رواة الحديث:
1 -
أبو عبد الله الحافظ: هو محمد بن عبد الله بن البيِّع الحاكم الضبي النيسابوري، الإمام الحافظ، الناقد العلامة، شيخ المحدثين، صاحب التصانيف كالمستدرك وغيره
(2)
.
2 -
أبو العباس محمد بن يعقوب: تقدمت ترجمته في الحديث السادس عشر، وأنه ثقةٌ مأمون.
3 -
أحمد بن عبد الجبار: ابن محمد التميمي العُطَاردي، أبو عمر الكوفي، اختلف فيه، فعدله أئمة:
فوثقه أبو عبيدة ابن أخي هنَّاد بن السَّرِي، وأثنى عليه أبو كريب، وقال الدارقطني:«لا بأس به» ، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:«ربما خالف، لم أر في حديثه شيئًا يجب أن يعدل به عن سبيل العدول إلى سنن المجروحين» ، واحتج به البيهقي في تصانيفه.
وجرحه آخرون:
فقال أبو حاتم: «ليس بقوي» ، وقال ابنه: «كتبت عنه، وأمسكت عن
(1)
دلائل النبوة 6/ 250.
(2)
سير أعلام النبلاء 17/ 162 - 163.
الرواية عنه؛ لكثرة كلام الناس فيه»، وقال مطين:«كان يكذب» ، وقال أبو أحمد الحاكم:«ليس بالقوي عندهم» ، وقال ابن عدي:«رأيت أهل العراق مجمعين على ضعفه، وكان أحمد بن محمد بن سعيد -يعني: ابن عُقْدة- لا يحدث عنه لضعفه، وذكر أن عنده عنه قمطرًا، على أنه لا يتورع أن يحدث عن كل أحد» .
لخص حاله الحافظ ابن حجر بقوله: «ضعيفٌ، وسماعه للسيرة صحيح» .
قلت: ولعل الأقرب أنه يصل إلى مرتبة الصدوق؛ فقد قال الخطيب البغدادي: «كان أبو كريب من الشيوخ الكبار الصادقين الأبرار، وأبو عبيدة السرى شيخٌ جليلٌ -أيضًا- ثقة من طبقة العُطَاردي، وقد شهد له أحدهما بالسماع، والآخر بالعدالة، وذلك يفيد حسن حالته، وجواز روايته؛ إذ لم يثبت لغيرهما قولٌ يوجب إسقاط حديثه، واطراح خبره، وقد روى العُطَاردي، عن أبيه، عن يونس بن بكير أوراقًا من مغازي ابن إسحاق، ويشبه أن يكون فاته سماعها من يونس، فسمعها من أبيه عنه، وهذا يدل على تحريه للصدق، وتثبته في الرواية» .
أما ما جرح به فيمكن الإجابة عنه، فتكذيب مطين قد قال فيه الخطيب البغدادي:«وأما قول المطين: إنه كان يكذب فقولٌ مجملٌ؛ إن أراد به وضع الحديث فذلك معدوم في حديث العُطَاردي، وإن أراد به أنه روى عن من لم يدركه فباطلٌ؛ لأن أبا كريب شهد له بالسماع من أبي بكر بن عياش، وقد مات قبل شيوخه إلا ابن إدريس؛ فإنه مات قبل ابن عياش بسنة، ويجوز أن يون أبوه بكَّر به» .
وقد ذكر الخطيب أن أبا كريب، سئل عن مغازي يونس بن بكير، فقال:«مرُّوا إلى غلام بالكُنَاس، يقال له: العُطَاردي، سمع معنا مع أبيه» .
وقال الذهبي عن تكذيب مطين: «قلت: يعني: في لهجته، لا أنه يكذب في الحديث، فإن ذلك لم يوجد منه، ولا تفرد بشيء» .
وأما إجماع أهل العراق على تضعيفه، فقد قال ابن عدي: «ولا يعرف
له حديث منكر رواه؛ وإنما ضعفوه لأنه لم يلق من يحدث عنهم».
وقال الخليلي: «ليس في حديثه مناكير؛ لكنه روى عن القدماء، فاتهموه لذلك»
(1)
.
4 -
يونس بن بكير: الشيباني، أبو بكر، ويقال: أبو بكير الكوفي.
وثقه ابن معين، وابن نمير، وعبيد بن يعيش، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عمار:«هو اليوم ثقة عند أهل الحديث» ، وقال أبو حاتم:«محل الصدق» ، وسئل أبو زرعة عن يونس، أي شيء ينكر عليه؟ فقال:«أما في الحديث فلا أعلمه» .
وقال الساجي: «كان ابن المديني لا يحدث عنه، وهو عندهم من أهل الصدق» ، وقال أحمد:«ما كان أزهد الناس فيه، وأنفرهم عنه، وقد كتبت عنه» .
وضعفه النسائي، وقال مرة:«ليس بالقوي» . وقال أبو داود: «ليس هو عندي بحجة، كان يأخذ كلام ابن إسحاق فيوصله بالأحاديث» .
قال الذهبي -مرة-: «صدوق» وقال -مرة-: «ثقة» ، وقال ابن حجر:«صدوق يخطئ» .
قلت: مثله لا ينزل عن مرتبة الصدوق
(2)
.
5 -
ابن إسحاق: تقدمت ترجمته في الحديث السبعين، وأنه إمامٌ في المغازي، وأما في الأحكام فينحط حديثه فيها عن رتبة الصحة إلى رتبة الحسن، وأنه مدلس.
6 -
إسحاق بن يسار: المدني، والد محمد بن إسحاق، المطلبي المدني
(1)
الجرح والتعديل 2/ 62، الكامل 1/ 191، الثقات لابن حبان 8/ 45، تاريخ بغداد 4/ 163، الإرشاد للخليلي 2/ 580، تهذيب الكمال 1/ 378، سير أعلام النبلاء 13/ 56، تهذيب التهذيب 11/ 45، التقريب (64).
(2)
تاريخ الدارمي ص 228، الجرح والتعديل 9/ 236، الثقات 7/ 651، تهذيب الكمال 32/ 493، من تكلم فيه وهو موثق (392)، ديوان الضعفاء (4826)، تهذيب التهذيب 11/ 383، التقريب (7900).
مولى محمد بن قيس بن مخرمة، ثقة، ذكره الحافظ في الطبقة الثالثة، وهم الطبقة الوسطى من التابعين
(1)
.
• تخريج الحديث:
- أخرجه أبو القاسم الأصبهاني
(2)
من طريق صدقة بن الفضل، مقطوعًا على ابن إسحاق مطولًا.
• الحكم على الحديث:
إسناد الحديث ضعيف؛ لإرساله، وكذا إسناد أبي القاسم الأصبهاني؛ فإنه معضل؛ فإن الحافظ ابن حجر قد ذكر ابن إسحاق من صغار الطبقة الخامسة
(3)
، وهم الذين جل روايتهم عن التابعين.
* * *
151 -
قال أبو نعيم الأصبهاني
(4)
: حدثنا محمد بن إبراهيم، ثنا الحسين بن محمد ابن حماد، ثنا محمد بن وهب بن أبي كريمة، أنبأ محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، حدثني أبو عبد الملك، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: «كان رجلٌ يقال له: ركانة، وكان من أفتك الناس وأشدهم، وكان مشركًا، وكان يرعى غنمًا له في وادٍ يقال له: إضَم، فخرج نبي الله صلى الله عليه وسلم من بيت عائشة ذات يوم، فتوجه قِبَل ذلك الوادي، فلقيه ركانة، وليس مع نبي الله صلى الله عليه وسلم أحد، فقام إليه ركانة، فقال: يا محمد، أنت الذي تشتم آلهتنا اللات والعزى، وتدعو إلى إلهك العزيز الحكيم، لولا رحمٌ بيني وبينك ما كلمت الكلام -يعني: حتى أقتلك- ولكن ادع إلهك العزيز الحكيم ينجيك مني اليوم، وسأعرض عليك أمرًا، هل لك
(1)
تهذيب الكمال 2/ 495، التقريب (394).
(2)
دلائل النبوة 1/ 189.
(3)
التقريب (5725).
(4)
معرفة الصحابة 2/ 1114 ح (2807)، ودلائل النبوة له -أيضًا- ص 394 ح (299).
إن صارعتك، وتدعو إلهك العزيز الحكيم فيعينك علي، وأنا أدعو اللات والعزى، فإن أنت صرعتني فلك عشرٌ من غنمي هذه تختارها؟
فقال عند ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم : «نعم، إن شئت» فاتحدا، فدعا نبي الله إلهه العزيز الحكيم أن يعينه على ركانة، ودعا ركانة اللات والعزى: أعنِّي اليوم على محمد، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه، وجلس على صدره، فقال ركانة: قم، فلست الذي فعلت بي هذا؛ إنما إلهك العزيز الحكيم، وخذلني اللات والعزى، وما وضع جنبي أحدٌ قبلك.
فقال له ركانة: فإن أنت صرعتني فلك عشرٌ أخرى تختارها، فأخذه نبي الله صلى الله عليه وسلم ، ودعا كل واحد منهما إلهه، كما فعلا أول مرة، فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم ، وجلس على كبده، فقال له ركانة: لست أنت الذي فعلت بي هذا؛ إنما فعله إلهك العزيز الحكيم، وخذلني اللات والعزى، وما وضع جنبي أحدٌ قبلك.
فقال ركانة: فإن أنت صرعتني فلك عشرٌ أخرى تختارها، فأخذه نبي الله صلى الله عليه وسلم ودعا كل واحد منهما إلهه، كما فعلا أول مرة فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم الثالثة، فقال له ركانة: لست أنت الذي فعلت بي هذا، إنما فعله إلهك العزيز الحكيم، وخذلني اللات والعزى، فدونك ثلاثين شاة من غنمي فاخترها.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : «ما أريد ذلك، ولكن أدعوك إلى الإسلام يا ركانة، وأنْفَس بك أن تصير إلى النار، إنك إن تُسْلِمْ تَسْلَمْ» ، فقال له ركانة: لا إلا أن تريني آية، فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم :«الله عليك شهيد، لئن أنا دعوت ربك فأريتك آية لتجيبني إلى ما أدعوك إليه؟» قال: نعم، وقريبٌ منهما شجرة سمر، ذات فروع وقضبان، فأشار إليها نبي الله صلى الله عليه وسلم وقال لها:«أقبلي بإذن الله» فانشقت باثنين، فأقبلت على نصف ساقها وقضبانها وفروعها، حتى كانت بين يدي نبي الله وبين ركانة، فقال له ركانة: أريتني عظيمًا، فمرها فلترجع، فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم :«عليك الله شهيد، إن أنا دعوت ربي، ثم أمرتها فرجعت لتجيبني إلى ما أدعوك إليه؟»
قال: نعم، فأمرها، فرجعت بقضبانها وفروعها، حتى إذا التأمت بشقها.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : «أسْلِمْ تَسْلَمْ» فقال له ركانة: ما بي إلا أن أكون قد رأيت عظيمًا، ولكني أكره أن تَسَامَع نساء المدينة وصبيانهم أني إنما أجبتك لرعب دخل قلبي منك، ولكن قد علمت نساء المدينة وصبيانهم أنه لم يُوضَعْ جنبي قط، ولم يدخل قلبي رعبٌ ساعةً قطُّ ليلًا ولا نهارًا، ولكن دونك، فاختر غنمك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :«ليس بي حاجة إلى غنمك إذا أبيت أن تسلم» .
فانطلق نبي الله صلى الله عليه وسلم راجعًا، وأقبل أبو بكر وعمر رضي الله عنه ما يلتمسانه في بيت عائشة، فأخبرتهما أنه قد توجه قِبَل وادي إضَم، وقد عرفا أنه وادي ركانة، لا يكاد يخطئه، فخرجا في طلبه، وأشفقا أن يلقاه ركانة فيقتله، فجعلا يتصاعدان على كل شرَف ويتشرفان له، إذا نظرا نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم مقبلًا، فقالا: يا نبي الله، كيف تخرج إلى هذا الوادي وحدك، وقد عرفت أنه جهة ركانة، وأنه من أقتل الناس، وأشدهم تكذيبًا لك؟ فضحك إليهما، ثم قال:«أليس يقول الله تعالى لي: {والله يعصمك من الناس} [المائدة: 67]؟ إنه لم يكن يصل إلي واللهُ معي» ، فأنشأ يحدثهما حديث ركانة، والذي فعل به، والذي أراه، فعجبا من ذلك، فقالا: يا رسول الله، أصرعت ركانة؟! فلا والذي بعثك بالحق ما وضع جنبيه إنسانٌ قط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :«إني دعوت الله ربي، فأعانني عليه، وإن ربي أعانني ببضع عشرة، وبقوة عشرة» .
• رواة الحديث:
1 -
محمد بن إبراهيم: بن علي بن عاصم بن زاذان الأصبهاني، أبو بكر ابن المقرئ الشيخ الحافظ الجوال، محدث كبير، ثقة أمين، صاحب المعجم، والرحلة الواسعة
(1)
.
(1)
ذكر أخبار أصبهان 2/ 297، سير أعلام النبلاء 16/ 398.
2 -
الحسين بن محمد بن حماد: أبو عروبة، تقدمت ترجمته في الحديث الرابع والخمسين، وأنه ثقة حافظ.
3 -
محمد بن وهب بن أبي كريمة: بن عمر بن أبي كريمة، أبو المعافى الحراني، صدوق
(1)
.
4 -
محمد بن سلمة: بن عبد الله الباهلي، تقدمت ترجمته في الحديث الثاني والستين، وأنه ثقة.
5 -
أبو عبد الرحيم: خالد بن يزيد، تقدمت ترجمته في الحديث الثاني والستين، وأنه ثقة.
6 -
أبو عبد الملك: ويقال: أبو الحسن علي بن يزيد بن أبي هلال الألهاني، ويقال: الهلالي، الشامي الدمشقي، ضعيف
(2)
.
7 -
القاسم: بن عبد الرحمن الشامي، أبو عبد الرحمن الدمشقي، تقدمت ترجمته في الحديث السادس والخمسين، وأنه صدوقٌ.
• تخريج الحديث:
- أخرجه البيهقي
(3)
من طريق أبي أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق الحافظ، عن الحسين بن محمد به بنحوه.
• الحكم على الحديث:
- إسناده ضعيفٌ؛ وذلك لضعف علي بن يزيد بن أبي هلال، وقد ضعف الحديث الحافظ ابن حجر
(4)
.
• غريب الحديث:
- قوله: «وادٍ، يقال له: إضَم» : بكسر الهمزة، وفتح الميم، ماء يطؤه
(1)
تهذيب الكمال 26/ 602، التقريب (6379).
(2)
تهذيب الكمال 21/ 178، التقريب (4817).
(3)
دلائل النبوة 6/ 251.
(4)
التلخيص الحبير 4/ 162.
الطريق بين مكة واليمامة، ويعرف اليوم بوادي الحمض، وقيل: إضَم وادٍ بجبال تهامة، وهو الوادي الذي فيه المدينة
(1)
.
- قوله: «وأنْفَس بك أن تصير إلى النار» : نَفِسْتُ عليه الشيءَ أَنْفَسُه نَفاسَةً؛ إِذا ضَنِنْتَ به، ولم تحب أَن يصل إِليه أذى، ولم تَره يستأهله
(2)
.
• فقه المطلب:
1 -
دلت أحاديث المطلب على جواز المصارعة على عوض، ولكن تبين من دراستها أنه لا يثبت منها حديث، وقد أخذ بما دلت عليه الأحاديث، فجوَّز بذل العوض في المصارعة إذا قصد بها نصر الإسلام: الشافعية
(3)
في وجه، والحنابلة
(4)
في وجه، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية
(5)
، وتلميذه ابن القيم
(6)
، واستدلوا -أيضًا- بما يلي:
- قياسها على السبْق على الإبل والخيل والسهام، فكما هو جائزٌ أخذ العوض في هذه الثلاثة؛ لأن فيها تمرينًا على الفروسية والشجاعة، التي يستعان بها على الجهاد، فكذلك المصارعة؛ فإنها تتضمن نصرة الحق وإعلاءه
(7)
.
وذهب الحنفية
(8)
، والمالكية
(9)
، والحنابلة
(10)
، وهو ظاهر مذهب الشافعي
(11)
إلى منع بذل العوض في المصارعة، واستدلوا بما يلي:
1 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا سبَق إلا في خُفٍّ، أو حافرٍ، أو نصلٍ»
(12)
.
(1)
معجم البلدان 1/ 214.
(2)
الصحاح 3/ 589، ولسان العرب 6/ 238.
(3)
تكملة المجموع 15/ 137.
(4)
الإنصاف 6/ 91.
(5)
الاختيارات الفقهية ص 233.
(6)
الفروسية ص 203 - 204.
(7)
المرجع السابق.
(8)
بدائع الصنائع 6/ 206.
(9)
الكافي 1/ 489.
(10)
المغني 12/ 405.
(11)
الحاوي 15/ 186.
(12)
حديث صحيح تقدمت دراسته.
أي: أن العوض محصورٌ في هذه الثلاثة، فلا يجوز أخذه في غيرها
(1)
.
2 -
ولأن غير هذه الثلاثة لا يحتاج إليها في الجهاد كالحاجة إليها
(2)
.
والقول الراجح هو الأول؛ لصحة ما ذهبوا إليه من قياس، والشريعة لا تفرق بين متماثلين، ويجاب عن أدلة القول الثاني بما يلي:
أما الحديث فيقال: إن الأقرب في معناه؛ أن يراد به: أن أحق ما بذل فيه العوض هذه الثلاثة؛ لكمال نفعها، وعموم مصلحتها، فليس المقصود به الحصر
(3)
.
وأما قولهم: إن غير هذه الثلاثة لا يحتاج إليها في الجهاد كالحاجة إليها، فيقال: إذا كان الجهاد لا تستخدم فيه المصارعة مطلقًا فلا يجوز أخذ العوض فيه، فالحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا.
2 -
تختلف المصارعة في العصر الحديث عن المصارعة عند السلف، ولها صورٌ كثيرة هذا بيان أشهرها مع أحكامها:
1 -
المصارعة الحرة: وهي لعبةٌ بدنيةٌ عنيفةٌ تجري بين اثنين يحاول كلٌّ منهما أن يصرع الآخر بشتى الوسائل الممكنة، من ضربٍ، أو ركلٍ، أو لكمٍ، وصولًا إلى تحقيق الفوز، بتثبيت الخصم، أو إلقائه خارج الحلبة، أو دفعه للاستسلام، أو بالضربة القاضية
(4)
.
2 -
الملاكمة: وهي لعبةٌ قاسية تقام بين لاعبين، يسعى كلٌّ منهما إلى الإطاحة بخصمه، عن طريق توجيه اللكمات إليه باليدين، على الوجه والرأس وما فوق الوسط، ويفوز اللاعب عند تسجيله نقاطًا أكثر في جولات المباراة البالغة خمس عشرة جولة، أو بالضربة القاضية، أو انسحاب أحد اللاعبين
(5)
.
(1)
المغني 13/ 407، الفروسية ص 99.
(2)
المغني 13/ 407، الفروسية ص 99.
(3)
الفروسية ص 99.
(4)
المعجم الوسيط 1/ 315، الألعاب الرياضية ص 163.
(5)
المسابقات للدكتور سعد الشثري ص 170، الألعاب الرياضية لعلي حسين يونس ص 165 - 166.
وهاتان اللعبتان محرمتان؛ لأمرين:
الأول: أن فيهما ضررًا عظيمًا على النفس والبدن
(1)
، والضرر مدفوعٌ في الشريعة، فقد قال الله -تعالى-:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]، وقال:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]، وقد جاء في حديث أبي سعيد الخدري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا ضرر ولا ضرار»
(2)
.
الثاني: أن فيها اعتداءً على الوجه، وقد جاء في حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه»
(3)
.
وقد أفتى المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلام بتحريم هاتين اللعبتين
(4)
.
(1)
يقول الدكتور روجود وهرتي الناطق بلسان الهيئة الطبية البريطانية في ويلز عن أهداف الحملة التي تقوم بها الهيئة في هذا المجال: «إننا نريد أن نظهر للعالم كله أن الملاكمة لعبةٌ خطيرةٌ للغاية، ليس بسبب تزايد عدد من يلقون حتفهم بسببها فحسب، ولكن بسبب العاهات التي تصيب أضعاف هذا العدد، وفي سبيل تحقيق ذلك، فإننا نحاول الضغط على هيئات رسمية مختلفة من أجل التنديد بهذه اللعبة، وعدم اعتبارها ضمن الألعاب الرياضية، وأؤكد هنا مرة ثانية أن خطورة اللعبة تكمن في الضرر الذي تلحقه بالمئات من ممارسيها نتيجة للعاهات التي تصيبهم، وقد وصل عدد الملاكمين الذي لقوا حتفهم نتيجة إصابات لحقت بهم في لعبة الملاكمة ثلاثمائة وخمسين ملاكمًا منذ عام 1945 م إلى حدود سنة 1983 م» مجلة هنا لندن العدد (413) مارس 1983 م.
(2)
أخرجه الدارقطني 4/ 228، والحاكم 2/ 57 - 58، والبيهقي 6/ 96، والصواب إرساله، فقد أخرجه مالك في الموطأ 2/ 745 مرسلًا عن يحيى المازني، قال ابن عبد البر في التمهيد 20/ 158:«لا يسند من وجه صحيح» ، وللحديث شواهد لا تخلو من ضعف، لكن معنى الحديث صحيحٌ، قد تلقاه الفقهاء بالقبول، وعده أبو داود من الأحاديث التي يدور عليها الفقه، ينظر: نصب الراية 4/ 385، وجامع العلوم والحكم 2/ 207 - 211.
(3)
أخرجه البخاري ح (2559)، ومسلم ح (2612).
(4)
وذلك في دورته العاشرة المنعقدة في مكة، في الفترة: من يوم السبت 24 - 28/ 2/ 1408 هـ، ينظر في ذلك كتاب:«الفتاوى الشرعية في المسائل العصرية» للدكتور خالد الجريسي ص 1169 - 1171.
3 -
الكاراتيه: وهي لعبةٌ رياضيةٌ تكون بين لاعبين، يقوم فيها اللاعب ببعض المهارات الحركية باليد المجردة من السلاح، أو بالقدمين، بقصد التغلب على شخصٍ آخر، وتكون هذه الحركات مقيدة بعدم السماح بقوة الضرب، فيكفي لتحصيل نقاط في المباراة ملامسة صدر الخصم، أو وجهه دون أن يكون ذلك مؤذيًا للخصم، ويخسر اللعبة إذا تسبب لخصمه بجروح
(1)
.
4 -
التايكواندو: وهي لعبةٌ رياضيةٌ تكون بين لاعبين، يقوم فيها اللاعب ببعض المهارات الحركية، معتمدًا على الركل بالقدم بنسبة أغلبية، أو استخدام قبضة اليد، بقصد التغلب على شخصٍ آخر
(2)
.
والفرق بينها وبين الكاراتيه أن الضربات في التايكواندو تكون حقيقية، ولكن يتخذ فيها قناعٌ واقٍ لرد هذه الضربات.
5 -
الجودو: وهي لعبةٌ رياضية، تكون بين لاعبين، يسعى كلٌّ منهما إلى طرح خصمه أرضًا، أو تثبيته على الأرض، ومنعه من الحركة، وذلك عن طريق إمساكه من ملابسه، أو كتفيه
(3)
.
وهذه اللعبة الأخيرة قريبةٌ من المصارعة التي مارسها المسلمون في عهده صلى الله عليه وسلم .
وحكم هذه الثلاث الأخيرة حكم المصارعة الواردة في الأحاديث تمامًا، إلا أنه يحسن التنبيه هنا على أمور:
1 -
أنه متى ما حملت هذه اللُّعَب ضررًا على اللاعب في نفسه أو بدنه؛ فإنها تحرم، والحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا.
2 -
يوجد لبعض هذه اللُّعَب تحية في بعض الأماكن، تكون بانحناء الجزء الأعلى من البدن، أو الرأس، واللعبة بهذه الصورة تكون محرمةً؛ لأن الانحناء عبادة، والعبادة لا تكون إلا لله.
(1)
المسابقات ص 173، الألعاب الرياضية ص 170 - 171.
(2)
الألعاب الرياضية ص 171.
(3)
الألعاب الرياضية ص 172.
3 -
أنه ينبغي للاعب أن يحسن القصد من تعلم هذه اللُّعَب، فلا يتعلمها ليضرَّ بها الآخرين؛ بل ليقوي بدنه؛ ليكون هذا البدن القوي قادرًا على عبادة ربه من صلاة، وصيام، وإغاثة ملهوف، ونصرة ضعيف، وبهذا القصد يكون مأجورًا -إن شاء الله-.