الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثامن ما جاء في أن المتناضلين في صلاة ما داموا يتناضلون
74 -
قال السخاوي
(1)
• رواة الحديث:
1 -
بقية: هو ابن الوليد، تقدمت ترجمته في الحديث الثاني والعشرين، وأنه صدوقٌ كثير التدليس عن الضعفاء.
2 -
أيوب بن سعد: لم يتبين لي من هو؟
3 -
أبو خراشة: لم أقف على ترجمته.
4 -
القاسم: لم يتبين لي من هو؟
• تخريج الحديث:
لم أرَ من خرجه سوى أبي الشيخ.
• الحكم على الحديث:
- إسناده ضعيفٌ؛ لتعليقه، ولعنعنة بقية، وفيه من لم يعرف.
• فقه المبحث:
1 -
دلت الأحاديث المتقدمة على فضل الرمي، وأن فيه ثوابًا، وأنه من اللهو المستحب، وأنه تشهده الملائكة، وأنه مطردةٌ للهم، وأنه من الفطرة، وأن المتناضلين في صلاة ما داموا يتناضلون، وقد تبين من خلال الدراسة أنه لم يثبت منها سوى حديثين:
(1)
القول التام في فضل الرمي بالسهام ص 73.
الأول: عن عقبة بن عامر الجهني قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله عز وجل ليدخل الثلاثة بالسهم الواحد الجنة؛ صانعه يحتسب بصنعته الخير، والرامي به، والمُمِدِّ به» وقال: «ارموا واركبوا، وأن ترموا أحب إليَّ من أن تركبوا، وكل شيءٍ يلهو به الرجل باطلٌ الا رمي الرجل بقوسه، أو تأديبه فرسه، أو ملاعبته امرأته؛ فإنهن من الحق، ومن ترك الرمي بعدما علمه فقد كفر بالذي عَلِمَه» .
الثاني: عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ستفتح عليكم أرَضُون، ويكفيكم الله، فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه» .
قال النووي في تعليقه على الأحاديث التي ذكرها مسلم في فضل الرمي، والحث عليه:«في هذه الأحاديث فضيلة الرمي والمناضلة، والاعتناء بذلك بنية الجهاد في سبيل الله تعالى، وكذلك المشاجعة، وسائر أنواع استعمال السلاح، وكذا المسابقة بالخيل وغيرها، والمراد بهذا كله التمرن على القتال، والتدرب، والتحذق فيه، ورياضة الأعضاء بذلك»
(1)
.
(2)
، وتعلم الفروسية، واستعمال الأسلحة فرض كفاية، وقد يتعين»
(3)
.
2 -
من تعلم الرمي فلا ينبغي له أن يتركه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:«مضت السُّنَّة بأن الشروع في العلم والجهاد يلزم كالشروع في الحج؛ يعني: أن ما حَفظه من علم الدين، وعلم الجهاد ليس له إضاعته»
(4)
.
وقال الشوكاني: «من أدرك نوعًا من أنواع القتال التي ينتفع بها في الجهاد في سبيل الله، ثم تساهل في ذلك حتى تركه كان آثمًا إثمًا شديدًا؛ لأن ترك العناية بذلك يدل على ترك العناية بأمر الجهاد، وترك العناية بالجهاد يدل
(1)
شرح مسلم 13/ 64.
(2)
حديثٌ صحيحٌ سيأتي تخريجه -إن شاء الله-، وهو من ضمن أحاديث الرسالة.
(3)
تفسير القرطبي 10/ 57.
(4)
مجموع الفتاوى 28/ 186 - 187.
على ترك العناية بالدين؛ لكونه سنامه، وبه قام»
(1)
.
3 -
يلحق بالرمي ما استجد من أنواع القتال في هذا العصر، قال المطيعي: «إن الرمي مما يلزم المسلمين حِذْقُه، والتمرُّس عليه؛ لقهر الأعداء وجهادهم؛ لتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى، وإن السهام والنبال من أسلحة النضال قد استحالت في أعصرنا إلى أسلحة نارية
…
والفرق بين هذه الآلات والآلات السابقة لا يختلف في حكمه إلا بمقدار ما يُراعى من قوة الرمي وبُعد ما ترميه الآلات الحديثة ومدى تأثيرها
…
فإذا ثبت هذا فإن الرماية بالبندقية وغيرها من المستحدثات من فروض الكفايات التي تتأصل بها عزة الأمة وتُحمى بها حوزتها، وتُعلى بها رايتها»
(2)
. اهـ. بتصرف.
4 -
ما الأفضل الرمي أو الركوب على الخيل؟
ذكر هذه المسألة العلامة ابن القيم في كتاب الفروسية
(3)
، وأطال النفس فيها، فاستقصى أطرافها، وجمع وجوهها، ومما قال: «فإن قيل: فأيما أفضل ركوب الخيل، أو رمي النشَّاب
(4)
؟ قيل: قد اختلف في ذلك فرجحت طائفة ركوب الخيل واحتجوا بوجوه:
أحدها: أنه أصل الفروسية وقاعدتها.
الثاني: أنه يعلِّم الكرَّ والفرَّ والظفر بالخصم.
الثالث: أن الركوب يعلِّم الفارس والفرس معًا، فهو يؤثر القوة في المركوب وراكبه.
الرابع: أن ركوبه صلى الله عليه وسلم كان أضعاف أضعاف رميه بما لا يحصى.
الخامس: أنها تصلح للطلب والهرب، فهي حصونٌ ومعاقل لأهلها.
(1)
نيل الأوطار 8/ 163.
(2)
تكملة المجموع 16/ 115 - 116.
(3)
الفروسية ص 128 - 151.
(4)
قال في لسان العرب 1/ 755: «النُّشَّاب: النَّبْلُ، واحدتُه نُشَّابة» .
السادس: أن أهلها أعزُّ من الرماة، وأرفع شأنًا، وأعلا مكانًا، وأهلها حُكَّام به على الرماة، والرماة رعيةٌ لهم.
وذهبت طائفة ثانية إلى أن الرمي أفضل من الركوب، وتعلمه أفضل من تعلمه، والسباق به أفضل، واحتجت هذه الفرقة بوجوه منها:
أحدهما: أن الله سبحانه قدم الرمي في الذكر على الركوب فقال: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: 60].
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فسر القوة بالرمي
(1)
، والعرب إنما تبدأ في كلامها بالأهم والأولى.
الثاني: أنه سمى الرمي قوةً، وعدل عن لفظه، وسمى رباط الخيل بلفظه، ولم يعدل إلى غيره؛ إشارةً إلى ما في الرماية من النكاية والمنفعة.
الثالث: أن النبي أخبر أن الرمي أحب إليه من الركوب، فدل على أنه أفضل كما في حديث عقبة.
الرابع: أن منفعة الرمي ونكايته في العدو فوق منفعة سائر آلات الحرب، فكم من سهم واحد هزم جيشًا، وإن الرامي الواحد ليتحاماه الفرسان، وترعد منه أبطال الرجال».
ثم ذكر ابن القيم رأيه في المسألة، فقال:«وفصل النزاع بين الطائفتين أن كل واحد منهما يحتاج في كماله إلى الآخر، فلا يتم مقصود أحدهما إلا بالآخر، والرمي أنفع في البعد، فإذا اختلط الفريقان بطل الرمي حينئذٍ، وقامت سيوف الفروسية من الضرب، والطعن، والكر، والفر، وأما إذا تواجه الخصمان من البعد، فالرمي أنفع وأنجع، ولا تتم الفروسية إلا بمجموع الأمرين، والأفضل منهما ما كان أنكى في العدو، وأنفع للجيش، وهذا يختلف باختلاف الجيش، ومقتضى الحال» . اهـ. بتصرف.
(1)
أخرجه مسلم ح (1917) من حديث عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} «ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي» .
والأظهر تفضيل الرمي على الركوب مطلقًا؛ فإن قول النبي صلى الله عليه وسلم نصٌّ في ذلك حين قال: «وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا» ؛ ولذا قال ابن كثير -عن هذا القول-: «أقوى للحديث»
(1)
، والحروب في زماننا شاهدٌ على هذا؛ فإنه يغلَّب فيها جانب الرمي -سواء كان جوًّا، أو برًّا، أو بحرًا- على الغزو البري، فيحصل به الإثخان، والله أعلم.
(1)
تفسير ابن كثير 2/ 392.