الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس اتخاذ ذي الروح غَرَضًا
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: معنى اتخاذ ذي الروح غَرضًا
.
المطلب الثاني: ما ورد في اتخاذ ذي الروح غَرضًا.
المطلب الأول معنى اتخاذ ذي الروح غَرَضًا
الغرض: بفتح الغين، وفتح الراء، هو في الأصل: الهدف يُرمى إليه، ثم جعل اسمًا لكل غاية يتحرى إدراكها، والمراد هنا حكم جعل الحيوان هدفًا منصوبًا يرمى إليه
(1)
.
المطلب الثاني ما ورد في النهي عن اتخاذ ذي الروح غرضًا
لقد ورت جملة من الأحاديث في النهي عن اتخاذ ذي الروح غرضًا، وهذا بيانها:
86 -
قال البخاري
(2)
: حدثنا أحمد بن يعقوب، أخبرنا إسحاق بن.
(1)
فتح الباري 9/ 644، سبل السلام 4/ 167.
(2)
صحيح البخاري ح (5514)، ولم يخرجه أحدٌ من أصحاب الكتب الستة إلا البخاري.
سعيد بن عمرو، عن أبيه، أنه سمعه يحدث عن ابن عمر رضي الله عنه ما أنه دخل على يحيى بن سعيد، وغلامٌ من بني يحيى رابطٌ دجاجةً يرميها، فمشى إليها ابن عمر حتى حلها، ثم أقبل بها وبالغلام معه، فقال: ازجروا غلامكم عن أن يصبر هذا الطير للقتل؛ فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تُصبر بهيمة أو غيرها للقتل.
• غريب الحديث:
- قوله: «أن تُصبر بهيمةٌ» : أي: تحبس لترمى حتى تموت
(1)
.
* * *
87 -
قال البخاري
(2)
: حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة، عن هشام بن زيد، قال: دخلت مع أنسٍ على الحكم بن أيوب، فرأى غلمانًا أو فتيانًا نصبوا دجاجة يرمونها، فقال أنس: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تُصبر البهائم.
• تخريج الحديث:
- أخرجه مسلم
(3)
، وأبو داود
(4)
، والنسائي
(5)
، وابن ماجه
(6)
، كلهم من طريق شعبة به بنحوه سوى ابن ماجه، فقد اقتصر على إيراد الحديث دون ذكر سبب إيراد أنس للحديث.
* * *
88 -
قال مسلم
(7)
: حدثنا محمد بن حاتم، حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، ح وحدثنا عبد بن حميد، أخبرنا محمد بن بكر، أخبرنا ابن جريج، ح وحدثني هارون بن عبد الله، حدثنا حجاج بن محمد، قال: قال ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن
(1)
فتح الباري 9/ 643.
(2)
صحيح البخاري ح (5513).
(3)
صحيح مسلم ح (1956).
(4)
سنن أبي داود ح (2816) وح (2818).
(5)
سنن النسائي ح (4439).
(6)
سنن ابن ماجه ح (3186).
(7)
صحيح مسلم ح (1959).
عبد الله يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل شيءٌ من الدواب صبرًا.
• تخريج الحديث:
- أخرجه أحمد
(1)
من طريق يحيى القطان، وحجاج بن محمد، وابن ماجه
(2)
من طريق ابن عيينة.
أربعتهم: (القطان، ومحمد بن بكر، وحجاج، وابن عيينة) عن ابن جريج به بنحوه.
- وأخرجه ابن أبي شيبة
(3)
عن ابن المُورِّع، عن ابن جريج، عن أبي الزبير به مرسلًا.
• الحكم على زيادة ابن المُورِّع:
اختلف في الحديث عن ابن جريج على وجهين:
الأول: ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر.
وهذا الوجه يرويه أربعة: «يحيى القطان، ومحمد بن بكر، وحجاج بن محمد، وسفيان بن عيينة» .
الثاني: ابن جريج، عن أبي الزبير مرسلًا.
وهذا الوجه تفرد به ابن المُورِّع، واسمه مُحاضِر، وهو صدوقٌ له أوهام
(4)
.
والراجح هو الوجه الأول؛ لاتفاق هؤلاء الأئمة على روايته موصولًا.
* * *
89 -
قال البخاري
(5)
: حدثنا أبو النعمان، حدثنا أبو عَوانة، عن أبي بِشْر، عن سعيد بن جبير قال: كنت عند ابن عمر، فمروا بفتية، أو بنفر
(1)
مسند أحمد 22/ 315 ح (14443) و 13/ 17 ح (14646).
(2)
سنن ابن ماجه ح (3187).
(3)
مصنف ابن أبي شيبة 4/ 258.
(4)
التقريب (6493).
(5)
صحيح البخاري ح (5515).
نصبوا دجاجة يرمونها، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا عنها، وقال ابن عمر: من فعل هذا؟ إن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من فعل هذا.
• تخريج الحديث:
- أخرجه مسلم
(1)
بنحوه، والنسائي
(2)
مختصرًا بذكر الحديث فقط، كلاهما من طريق أبي بشر، عن سعيد.
* * *
90 -
قال مسلم
(3)
: حدثنا عبيد الله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن عدي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا تتخذوا شيئًا فيه الروح غَرَضًا» .
• تخريج الحديث:
- أخرجه النسائي
(4)
من طريق عدي، عن سعيد، به بنحوه.
- وأخرجه الترمذي
(5)
، وابن ماجه
(6)
من طريق عكرمة، عن ابن عباس، به بنحوه.
* * *
91 -
قال أبو داود الطيالسي
(7)
: حدثنا عبد الله بن المبارك، عن عبد الله بن عقبة، عن بُكَير بن عبد الله بن الأشج، عن أبيه، عن عُبيدٍ وهو ابن تَعْلى، عن أبي أيوب الأنصاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صبر الدابة.
• رواة الحديث:
1 -
عبد الله بن المبارك: تقدمت ترجمته في الحديث الثامن والستين، وأن ثقةٌ ثبتٌ فقيهٌ عالمٌ جوادٌ مجاهدٌ، جمعت فيه خصال الخير.
2 -
عبد الله بن عقبة: هو ابن لهيعة؛ فإن ابن المبارك ربما نسب ابن
(1)
صحيح مسلم ح (1958).
(2)
سنن النسائي ح (4441).
(3)
صحيح مسلم ح (1975).
(4)
سنن النسائي ح (4443).
(5)
جامع الترمذي ح (1475).
(6)
سنن ابن ماجه ح (3187).
(7)
مسند الطيالسي 1/ 487 ح (596).
لهيعة إلى جده، قاله المزي
(1)
، وقد تقدمت ترجمة ابن لهيعة في الحديث السادس والخمسين، وأنه ضعيفٌ يعتبر به.
3 -
بُكَير بن عبد الله بن الأشج: تقدمت ترجمته في الحديث الثالث والثمانين، وأنه ثقةٌ.
4 -
أبوه: هو عبد الله بن الأشج، ترجم له البخاري في التاريخ، وسكت عنه، وذكره ابن حبان في الثقات، لكن قد زكَّى أهل العلم شيوخ بُكيرٍ ابنِه، فقال ابن المديني:«عُبيد بن تَعْلى لم يسمع به في شيءٍ من الأحاديث، ويقويه رواية بُكَير بن الأشج عنه؛ لأن بُكَيرًا صاحب حديثه» ، وقال أحمد بن صالح المصري:«إذا رأيت بُكير بن عبد الله روى عن رجلٍ، فلا تسأل عنه فهو الثقة الذي لا شك فيه»
(2)
.
5 -
عُبيد بن تَعْلى: الطائي الفلسطيني، وثقه النسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقد سبق ذكر كلمة ابن المديني:«عبيد بن تعلى لم يسمع به في شيء من الأحاديث، ويقويه رواية بكير بن الأشج عنه؛ لأن بكيرًا صاحب حديث» ، وسبق ذكر كلمة أحمد بن صالح المصري:«إذا رأيت بُكير بن عبد الله روى عن رجلٍ، فلا تسأل عنه فهو الثقة الذي لا شك فيه» .
قال الحافظ ابن حجر: «صدوق» ، والأقرب أنه ثقة؛ اعتمادًا على توثيق النسائي؛ فهو متشدد في التعديل، ويؤيده رواية بكير عنه، فهي تقويه عند ابن المديني، وتوثِّقه
(3)
عند أحمد بن صالح المصري
(4)
.
(1)
تهذيب الكمال 15/ 490.
(2)
التاريخ الكبير 5/ 42، ثقات ابن حبان 5/ 114، تهذيب التهذيب 1/ 431 و 7/ 55.
(3)
على الاحتمالين، فقد قال الشيخ عبد الرحمن المعلمي في التنكيل 2/ 123: «هذه العبارة تحتمل وجهين:
الأول: أن يكون المراد بقوله: «فلا تسأل عنه» ؛ أي: عن ذلك المروي؛ أي: لا تلتمس لبكير متابعًا؛ فإنه أي بكيرًا الثقة الذي لا شك فيه، ولا يحتاج إلى متابع.
الوجه الثاني: أن يكون المراد فلا تسأل عن ذلك الرجل؛ فإن الثقة؛ يعني: أن بكيرًا لا يروي إلا عن ثقة فلا شك فيه.
(4)
ثقات ابن حبان 5/ 134، تهذيب الكمال 19/ 190، تهذيب التهذيب 1/ 431 و 7/ 55، التقريب (4362).
• تخريج الحديث:
- أخرجه أحمد
(1)
من طريق ابن المبارك به بنحوه.
- وأخرجه الطحاوي
(2)
من طريق ابن وهب، وعلقه الدارقطني
(3)
عن الوليد بن مسلم.
كلاهما: (ابن وهب، والوليد) عن ابن لهيعة به بنحوه، ولكن بإسقاط والد بُكَير.
- وأخرجه أحمد
(4)
، والدارمي
(5)
، والطحاوي
(6)
، والشاشي
(7)
، والطبراني
(8)
، والبيهقي
(9)
، كلهم من طريق عبد الحميد بن جعفر، وابن حبان
(10)
من طريق زيد بن أبي أنيسة.
كلاهما: (عبد الحميد، وزيد) عن يزيد بن أبي حبيب.
- وأخرجه ابن أبي شيبة
(11)
-ومن طريقه الطبراني
(12)
- من طريق عبد الرحيم بن سليمان، والطحاوي
(13)
، والبيهقي
(14)
، وابن عساكر
(15)
من طريق أحمد بن خالد الوهبي، والطبراني
(16)
من طريق يحيى بن سعيد الأموي.
ثلاثتهم: (عبد الرحيم، والوهبي، والأموي) عن ابن إسحاق.
(1)
مسند أحمد 38/ 562 ح (23591).
(2)
شرح معاني الآثار 3/ 182.
(3)
العلل 6/ 119 - 120.
(4)
مسند أحمد 38/ 560 ح (23589).
(5)
سنن الدارمي 2/ 113 ح (1974).
(6)
شرح معاني الآثار 3/ 182.
(7)
مسند الشاشي 3/ 101 ح (1160 - 1161).
(8)
المعجم الكبير 4/ 159 ح (4001).
(9)
سنن البيهقي 9/ 71.
(10)
صحيح ابن حبان 12/ 423 (5609).
(11)
مسند ابن أبي شيبة 1/ 29 ح (5).
(12)
المعجم الكبير 4/ 190 ح (4004).
(13)
شرح معاني الآثار 3/ 182.
(14)
سنن البيهقي 9/ 71.
(15)
تاريخ دمشق 34/ 330 - 331.
(16)
المعجم الكبير 4/ 190 ح (4003) وقد جاءت الرواية عنده هكذا: (سعيد بن سعيد الأموي، عن أبيه) وقد سقط فيه اسم يحيى، فصوابه:(سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، عن أبيه).
- وأخرجه سعيد بن منصور
(1)
-ومن طريقه أبو داود
(2)
-، وأحمد
(3)
من طريق سريجبن يونس، وابن حبان
(4)
من طريق حرملة بن يحيى، والطحاوي
(5)
من طريق أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، والطبراني
(6)
-ومن طريقه المزي
(7)
- من طريق أحمد بن صالح المصري.
خمستهم: (سعيد، وسريج، وحرملة، وأحمد بن عبد الرحمن، وأحمد بن صالح) عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث.
- وأخرجه الطبراني
(8)
من طريق عبيد الله بن جعفر.
وعلقه الدارقطني
(9)
عن إسماعيل بن رافع.
هؤلاء الرواة جميعًا: (يزيد بن أبي حبيب، وابن إسحاق، وعمرو بن الحارث، وعبيد الله بن جعفر، وإسماعيل بن رافع) عن بُكَير به بنحوه؛ إلا أنه في رواية زيد بن أبي أنيسة، عن يزيد بن أبي حبيب، ورواية عبد الرحيم بن سليمان، عن ابن إسحاق، ورواية سعيد، وسريج، وحرملة، عن عمرو بن الحارث، ورواية عبيد الله بن جعفر، ورواية إسماعيل بن رافع، كلها بإسقاط والد بُكَير.
• الحكم على الحديث:
- إسناده ضعيفٌ؛ لحال ابن لهيعة، وقد اختلف في الحديث عن بُكَير بن عبد الله على وجهين:
الأول: بُكَير بن عبد الله بن الأشج، عن أبيه، عن عُبيدٍ بن تَعلى، عن أبي أيوب الأنصاري.
(1)
سنن سعيد بن منصور 2/ 294.
(2)
سنن أبي داود ح (2687).
(3)
مسند أحمد 38/ 561 ح (23590).
(4)
صحيح ابن حبان 12/ 424 ح (5610).
(5)
شرح معاني الآثار 3/ 182.
(6)
المعجم الكبير 4/ 159 ح (4002).
(7)
تهذيب الكمال 19/ 190.
(8)
المعجم الكبير 4/ 190 ح (4005).
(9)
العلل 6/ 119 - 120.
وهذا الوجه يرويه عنه ابن لهيعة من طريق عبد الله بن المبارك.
ويزيد بن أبي حبيب من طريق عبد الحميد بن جعفر.
وابن إسحاق من طريق عبد الرحيم بن سليمان.
وعمرو بن الحارث من طريق أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، وأحمد بن صالح عن ابن وهب.
الثاني: بُكَير بن عبد الله بن الأشج، عن عُبيدٍ بن تَعلى، عن أبي أيوب الأنصاري.
وهذا الوجه يرويه عنه ابن لهيعة من طريق الوليد بن مسلم.
ويزيد بن أبي حبيب من طريق زيد بن أبي أنيسة.
وابن إسحاق من طريق أحمد بن خالد الوهبي، ويحيى بن سعيد الأموي.
وعمرو بن الحارث من طريق سعيد بن منصور، وسريج، حرملة.
وعبيد الله بن أبي جعفر.
وإسماعيل بن رافع.
وهذه دراسةٌ لرواة هذين الوجهين:
- أما ابن لهيعة، فقد رواه عنه بإثبات أبي بُكَير عبد الله بن المبارك، وخالفه الوليد بن مسلم، فأسقطه، والقول قول ابن المبارك، فالوليد مع ثقته كثير التدليس والتسوية
(1)
، فلا يقارن بابن المبارك في الضبط، وابن المبارك مُقَدَّمٌ في ابن لهيعة، قال ابن مهدي:«ما أعتد بشيء سمعته من حديث ابن لهيعة إلا سماع ابن المبارك»
(2)
، وقال أحمد:«سماع العبادلة عندي صالح: ابن وهب، والمقرئ، وابن المبارك»
(3)
.
- وأما يزيد بن أبي حبيب، فقد رواه عنه بإثبات أبي بُكَير عبد الحميد بن
(1)
التقريب (7456).
(2)
ضعفاء العقيلي 2/ 293.
(3)
شرح العلل 1/ 419.
جعفر، وخالفه زيد بن أبي أنيسة فأسقطه، وعبد الحميد ثقة ربما وهم
(1)
، وزيدٌ ثقة له أفرد
(2)
، والأقرب قول جعفر، فهو الوجه الذي لم يذكر ابن المديني، والدارقطني وجهًا سواه، وقد قال ابن المديني:«وقد أسنده عبد الحميد بن جعفر وجوده»
(3)
.
- وأما ابن إسحاق، فقد رواه عنه بإثبات أبي بُكَير أحمد بن خالد الوهبي، ويحيى بن سعيد الأموي، وخالفهما عبد الرحيم بن سليمان فأسقطه، والقول قول عبد الرحيم بن سليمان؛ فإنه ثقةٌ
(4)
، وهو الوجه الذي لم يذكر الدارقطني وابن حجر عن ابن إسحاق وجهًا سواه
(5)
.
- أما أحمد بن خالد الوهبي فهو صدوق
(6)
، وأما يحيى بن سعيد الأموي ففي الطريق إليه شيخ الطبراني داود بن محمد بن صالح النحوي المروزي أبو الفوارس، لم أقف على ترجمته سوى أن السيوطي قال:«ذكره ابن يونس في «تاريخ مصر» ، وقال: قدم مصر ومات بها سنة ثلاث وثمانين ومائتين. وذكره الزبيدي في الطبقة الرابعة من اللغويين الكوفيين»
(7)
.
- وأما عمرو بن الحارث فقد رواه عنه ابن وهب، واختلف على ابن وهب فرواه بإثبات أبي بُكَير أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، وأحمد بن صالح، وخالفهم سعيد بن منصور، وسريج، وحرملة، فأسقطوه، والقول قول من أسقطه؛ لأنهم أكثر وأوثق، وفيهم من هو أخص، فسعيد بن منصور ثقةٌ مصنفٌ
(8)
، وسريج ثقةٌ عابدٌ
(9)
، وحرملة صدوقٌ
(10)
، وقد قال ابن معين،
(1)
تنظر ترجمته في الحديث رقم (143).
(2)
التقريب (2118).
(3)
علل الدارقطني 6/ 119، وتهذيب التهذيب 7/ 55.
(4)
التقريب (4056).
(5)
العلل 6/ 119، وتهذيب التهذيب 7/ 55.
(6)
التقريب (30).
(7)
بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة ص 423.
(8)
التقريب (2399).
(9)
التقريب (2219).
(10)
التقريب (1175).
والعقيلي: «كان -أي: حرملة- أعلم الناس بابن وهب»
(1)
، وهذا الوجه لم يذكر الدارقطني عن عمرو ابن الحارث وجهًا سواه
(2)
.
أما أحمد بن عبد الرحمن بن وهب فهو صدوقٌ تغير بأخَرَة
(3)
، وأخشى أن يكون الطحاوي روى عنه بعد التغير، فقد ولد الطحاوي سنة (239 هـ)
(4)
، وقد قال ابن الأخرم عن أحمد بن عبد الرحمن:«نحن لا نشك في اختلاطه بعد الخمسين»
(5)
؛ أي: عام (250 هـ).
وأما أحمد بن صالح ففي الطريق إليه الراوي عنه أحمد بن رشدين، قال ابن أبي حاتم:«سمعت منه بمصر، ولم أحدث عنه لما تكلموا فيه»
(6)
.
- وأما رواية عبيد الله بن أبي جعفر، ففيها عبد الله بن صالح كاتب الليث؛ صدوقٌ كثير الغلط، ثبتٌ في كتابه، وكانت فيه غفلة
(7)
.
- وأما رواية إسماعيل بن رافع، ففيها إسماعيل هذا ضعيف الحفظ
(8)
.
فتبين بعد هذا أنه قد صحت الرواية في هذا الحديث عن أربعة:
راويان أثبتا أبا بُكَير، وهما: ابن لهيعة -وقد تقدم بيان حاله-، ويزيد بن أبي حبيب، وهو ثقةٌ فقيهٌ
(9)
.
وراويان أسقطاه، وهما: ابن إسحاق، وهو مقدمٌ في المغازي، صدوقٌ في غيرها، مدلسٌ
(10)
، وعمرو بن الحارث، وهو ثقةٌ فقيهٌ حافظٌ
(11)
.
وقد رجح الوجهَ الذي فيه أبو بُكَيرٍ أبو زرعة
(12)
، والمزي
(13)
،
(1)
تاريخ الدوري 4/ 477، تهذيب التهذيب 1/ 372.
(2)
العلل 6/ 119.
(3)
التقريب (67).
(4)
سير أعلام النبلاء 15/ 128.
(5)
تهذيب التهذيب 1/ 48.
(6)
الجرح والتعديل 2/ 75.
(7)
التقريب (3388).
(8)
التقريب (442).
(9)
التقريب (7701).
(10)
تقدمت ترجمته في الحديث، وتوصلت فيه إلى هذه النتيجة.
(11)
التقريب (5004).
(12)
العلل لابن أبي حاتم مسألة (2173).
(13)
تهذيب الكمال 19/ 190.
والذهبي
(1)
، وابن حجر
(2)
.
فإن قيل: فما سبب ترجيح هذا الوجه؟
فيقال: قد سأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث يشبه هذا الحديث فيه زيادة رجل من طريق ابن لهيعة، فقال:«سألت أبي عن حديث؛ رواه النعمان بن المنذر، عن مكحول، عن عنبسة، عن أم حبيبة، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: «من حافظ على ثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بيت في الجنة» .
فقال أبي: لهذا الحديث علة: روى ابن لهيعة، عن سليمان بن موسى، عن مكحول، عن مولى لعنبسة بن أبي سفيان، عن عنبسة، عن أم حبيبة، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال أبي: هذا دليل أن مكحولًا لم يلق عنبسة، وقد أفسده رواية ابن لهيعة.
قلت لأبي: لم حكمت برواية ابن لهيعة، وقد عرفت ابن لهيعة وكثرة أوهامه؟
قال أبي: في رواية ابن لهيعة زيادة رجل، ولو كان نقصان رجل كان أسهل على ابن لهيعة حفظه»
(3)
.
وهذه علة غاية في الخفاء تبين شفوف نظر هذا الإمام الكبير.
فتؤخذ هذه القرينة في مثل هذا الحديث، فيقال: إن الرواية التي ذكر فيها أبو بكير، فيها زيادة رجل، ولو كان نقصان رجل كان أسهل على ابن لهيعة حفظه، وقد تابعه عليه يزيد بن أبي حبيب.
كما أنها تدل على أن بكيرًا لم يلق عبيدًا.
فإن قيل: فقد قال ابن المديني: «عبيد بن تعلى لم يسمع به في شيء من الأحاديث، ويقويه رواية بكير بن الأشج عنه؛ لأن بكيرًا صاحب حديث»
(4)
.
فظاهر قوله أن بكيرًا سمع من عبيد.
(1)
الكاشف 1/ 689.
(2)
تهذيب التهذيب 7/ 55.
(3)
العلل مسألة (488).
(4)
تهذيب التهذيب 7/ 55.
فيقال: إنها لا تدل على هذا؛ لأن ابن المديني قال قبل كلامه هذا: «والذي رواه بإسقاط والد بكير محمد بن إسحاق، وهو منقطع» .
وهذا يدل على أنه لا يعني رواية بكير عن عبيد مباشرة، فإنه حكم على روايته بإسقاط والده بالانقطاع، فتحمل كلمة ابن المديني عن بكير، بأن بكيرًا يقوِّي من يروي عنه سواء كان لقيه، أو أرسل عنه.
فإن قيل: فقد صرح بكير بالسماع من عبيد، كما في رواية زيد بن أبي أنيسة، عن يزيد بن أبي حبيب، وهذا يقتضي أنه سمع منه، فيقال: إن في هذا التصريح نظرًا؛ وأخشى أن يكون هناك سقط أو تصحيف.
وظاهر ترجمة البخاري في التاريخ
(1)
، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل
(2)
عدم الحكم بالاتصال، فلم يذكرا لتلاميذ عبيد بكيرًا، والله أعلم.
وبترجيح الوجه الأول يكون الحديث حسنًا -إن شاء الله-.
* * *
92 -
قال البزار
(3)
: حدثنا يوسف بن موسى، قال: نا يعقوب بن محمد، قال: نا عبد العزيز بن محمد، عن يزيد بن الهاد، عن معاوية بن عبد الله بن جعفر، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تتخذوا أشياء فيه الروح غَرَضًا» ..
• رواة الحديث:
1 -
يوسف بن موسى: بن راشد بن بلال القطان، أبو يعقوب الكوفي، المعروف بالرازي، صدوقٌ
(4)
.
2 -
يعقوب بن محمد: بن عيسى الزهري القرشي، أبو يوسف المدني،
(1)
5/ 343.
(2)
5/ 402.
(3)
مسند البزار 6/ 213 ح (2254).
(4)
تهذيب الكمال 32/ 465، التقريب (7887).
قال ابن سعد: «كان حافظًا للحديث» ، وقال ابن معين -مرة-:«صدوقٌ، ولكن لا يبالي عمن حدث، حدث عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لم يكن عنده صدقة، فليلعن اليهود. هذا كذبٌ وباطلٌ؛ لا يحدث بهذا أحدٌ يعقل» ، وقال -مرة-:«ما حدثكم عن الثقات فاكتبوه، وما لا يعرف من الشيوخ فدعوه» .
وقال أحمد: «ليس بشيء، ليس يسوى شيئًا» ، وقال أبو زرعة:«واهي الحديث» ، وقال أبو حاتم: «هو علي يدي عدل
(1)
، أدركته فلم أكتب عنه»، وقال العقيلي:«في حديثه وهم كثير» ، قال الذهبي:«ما هو بحجة» ، وقال الحافظ ابن حجر:«صدوقٌ كثير الوهم والرواية عن الضعفاء» .
قلت: بتأمل الأقوال يظهر أن قول الذهبي فيه أقرب
(2)
.
3 -
عبد العزيز بن محمد: بن عبيد الدراوردي، أبو محمد الجهني مولاهم، المدني اختلف فيه:
فوثقه مالك، وابن المديني وزاد:«حجة» ، وابن معين -مرة- وزاد:«ثبت» ، وابن سعد وزاد:«كثير الحديث يغلط» ، ويعقوب بن سفيان، والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن معين والنسائي -مرة-:«لا بأس به» .
وفصلت فيه طائفة، فقال أحمد: «كان الدراوردي معروفًا بالطلب، وإذا حدث من كتابه فهو صحيح، وإذا حدث من كتب الناس وهم، كان يقرأ من كتبهم فيخطئ، وربما قلب حديث عبد الله بن عمر يرويه عن
(1)
قال ابن حجر في تهذيب التهذيب 9/ 124: «قوله: «على يدي عَدْل» معناه قرب من الهلاك، وهذا مثلٌ للعرب؛ كان لبعض الملوك شرطيٌّ اسمه عَدْل، فإذا دفع إليه من جنى جناية، جزموا بهلاكه غالبًا، ذكره ابن قتيبة وغيره، وظن بعضهم أنها من ألفاظ التوثيق، فلم يصب».
(2)
طبقات ابن سعد 5/ 441، الجرح والتعديل 9/ 214، ضعفاء العقيلي 4/ 445، ثقات ابن حبان 9/ 284، تاريخ بغداد 14/ 269، تهذيب الكمال 32/ 367، المغني في الضعفاء 2/ 759، التقريب (7834).
عبيد الله بن عمر»، ومرة قال:«إذا حدث من حفظه يهم ليس هو بشيء، وإذا حدث من كتابه فنعم» ، وقال النسائي:«حديثه عن عبيد الله بن عمر منكر» .
وجرحته طائفة، فقال أبو حاتم:«لا يحتج بحديثه» ، وقال أبو زرعة:«سيء الحفظ، فربما حدث من حفظه الشيء فيخطئ» ، وقال النسائي -مرة-:«ليس بالقوي» ، وذكره العقيلي في الضعفاء، وقال ابن حبان:«كان يخطئ» .
لخص حاله الحافظ ابن حجر بقوله: «صدوقٌ، كان يحدث من كتب غيره فيخطئ، قال النسائي: حديثه عن عبيد الله بن عمر منكر»
(1)
.
4 -
يزيد بن الهاد: هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي، أبو عبد الله المدني، ثقةٌ مكثرٌ
(2)
.
5 -
معاوية بن عبد الله بن جعفر: بن أبي طالب القرشي الهاشمي المدني، روى عنه جمعٌ من أهل العلم، منهم الزهري، وعبد الرحمن بن هرمز، ويزيد بن الهاد، وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال يعقوب بن شيبة:«كان مقدمًا، وكان يوصف بالفضل والعلم» ، وقال الذهبي:«ثقة» ، وقال ابن حجر:«مقبول» ، قلت: لعل الأقرب قول الذهبي، فحديث مثله لا ينزل عن رتبة الحسن، وقد قال الذهبي:«أما المجهولون من الرواة؛ فإن كان الرجل من كبار التابعين، أو أوساطهم احتمل حديثه، وتُلُقِّي بحسن الظن إذا سلم من مخالفة الأصول، وركاكة الألفاظ»
(3)
.
(1)
طبقات ابن سعد 5/ 424، الجرح والتعديل 5/ 395، المعرفة والتاريخ 1/ 349، ثقات العجلي 2/ 98، ضعفاء العقيلي 3/ 20، ثقات ابن حبان 7/ 363، تهذيب الكمال 18/ 187، ميزان الاعتدال 2/ 633، سير أعلام النبلاء 8/ 366، تهذيب التهذيب 6/ 364، التقريب (4119).
(2)
تهذيب الكمال 32/ 169، التقريب (7737).
(3)
ثقات العجلي 2/ 284، ثقات ابن حبان 5/ 412، تهذيب الكمال 28/ 196، الكاشف 2/ 276، ديوان الضعفاء ص 274، التقريب (6764).
• تخريج الحديث:
- أخرجه السمرقندي
(1)
من طريق يعقوب الزهري به بمعناه.
- وأخرجه مصعب الزبيري
(2)
-ومن طريقه أبو يعلى
(3)
، وابن عساكر
(4)
، والضياء
(5)
- والنسائي
(6)
، والبغوي
(7)
-ومن طريقه المزي
(8)
- والضياء
(9)
من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، والطبراني
(10)
من طريق الليث بن سعد.
كلاهما: (ابن أبي حازم، والليث) عن يزيد بن الهاد به بمعناه.
• الحكم على الحديث:
- إسناده ضعيفٌ؛ لحال يعقوب الزهري؛ لكن الحديث ورد من طريقين آخرين؛ طريق عبد العزيز بن أبي حازم، وطريق الليث، عن يزيد، وإسنادهما حسن.
* * *
93 -
قال البزار
(11)
: حدثنا إبراهيم بن المستمر، قال: نا خلاد بن بُزيع
(12)
؛ صاحب المحامل، قال: نا مبارك بن فضالة، عن الحسن، عن سمرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لا تتخذوا شيئًا فيه الروح غَرَضًا» .
(1)
الفوائد المنتقاة ح (80).
(2)
حديث مصعب الزبيري، رواية أبي القاسم البغوي ح (92).
(3)
مسند أبي يعلى 12/ 162 ح (6790).
(4)
تاريخ دمشق 59/ 244.
(5)
المختارة 9/ 198 ح (185).
(6)
سنن النسائي ح (4440) وفي الكبرى 3/ 72 ح (4529).
(7)
معجم الصحابة 3/ 511.
(8)
تهذيب الكمال 28/ 198.
(9)
المختارة 9/ 198 ح (184).
(10)
المعجم الكبير، قطعة من الجزء (13).
(11)
مسند البزار 10/ 437 ح (4591).
(12)
ورد عند البزار: (يزيد) وهو خطأ، والتصويب من ضعفاء العقيلي 2/ 18.
• رواة الحديث:
1 -
إبراهيم بن المستمر: الهذلي الناجي العُرُوقي، أبو إسحاق البصري، قال النسائي -مرة-:«صدوقٌ» ، وقال -مرة-:«لا بأس به» ، وقال -مرة-:«صويلح» ، وذكره ابن حباب في الثقات، وقال:«ربما أغرب» ، وقال الحافظ ابن حجر:«صدوقٌ يغرب»
(1)
.
2 -
خلاد بن بُزيع؛ صاحب المحامل
(2)
: قال أبو زرعة: «لا أعرفه» ، وقال العقيلي:«لا يتابع على حديثه»
(3)
.
3 -
مبارك بن فضالة: ابن أبي أمية القرشي العدوي، أبو فضالة البصري، وثقه عفان، وهُشيم، ووثقه ابن معين -مرة-، وقال -مرة-:«لا بأس به» ، وقال ابن المديني:«صالحٌ وسطٌ» ، وقال أبو داود:«ما قال فيه حدثنا، فهو ثبت» ، وقال أبو زرعة:«إذا قال حدثنا فهو ثقة» .
وقال أحمد -مرة-: «ما روى عن الحسن يحتج به» ، وقال -مرة-:«كان مبارك بن فضالة يرفع حديثًا كثيرًا، ويقول في غير حديث عن الحسن: قال حدثنا عمران، قال: حدثنا ابن مغفل، وأصحاب الحسن لا يقولون ذلك غيره» ، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:«يخطئ» ، وقال الدارقطني:«ليس كثير الخطأ، يعتبر به» .
وقال ابن معين -مرة- والنسائي: «ضعيف» .
وقد رماه بالتدليس أئمة منهم ابن مهدي، والقطان، وأحمد، والبخاري، وأبو زرعة، وأبو داود.
لخص حاله الحافظ بقوله: «صدوقٌ، يدلس ويسوي»
(4)
.
(1)
تسمية شيوخ النسائي (95)، ثقات ابن حبان 8/ 81، تهذيب الكمال 2/ 201، التقريب (251).
(2)
نسبة إلى المَحامل التي يحمل فيها الناس على الجمال إلى مكة. ينظر: الأنساب للسمعاني 5/ 208.
(3)
الجرح والتعديل 3/ 367، ضعفاء العقيلي 2/ 18.
(4)
العلل للإمام أحمد 3/ 10، تاريخ الدوري 4/ 83 - 259، سؤالات ابن أبي شيبة (26)، التاريخ الكبير 3/ 278، سؤالات الآجري (396)، الجرح والتعديل 8/ 338، ضعفاء النسائي (574)، سؤالات البرقاني (477)، ثقات ابن حبان 7/ 501، تاريخ بغداد 13/ 211، تهذيب الكمال 27/ 181، الكاشف 2/ 238، تهذيب التهذيب 10/ 31، التقريب (6464).
4 -
الحسن: هو البصري، تقدمت ترجمته في الحديث السابع والثلاثين، وأنه ثقةٌ، فقيهٌ، فاضلٌ، مشهورٌ.
• تخريج الحديث:
- أخرجه العقيلي
(1)
، والطبراني
(2)
، من طريق إبراهيم بن المستمر به بمعناه.
- وأخرجه أبو نعيم
(3)
من طريق أحمد بن الأسود، عن خلاد بن بُزيع به بمعناه.
• الحكم على الحديث:
- إسناده ضغيفٌ؛ لحال خلاد بن بُزيع، ومبارك بن فضالة مدلسٌ، وقد عنعن، وفي سماع الحسن من سمرة خلافٌ عريضٌ، وخلاصته أن أهل العلم اختلفوا في سماع الحسن من سمرة على أقوال:
1 -
أن الحسن لم يسمع من سمرة شيئًا، وإنما يروي أحاديث سمرة من كتاب، قال يحيى القطان:«أحاديث سمرة التي يرويها الحسن عنه سمعنا أنها من كتاب» . اهـ. وهذا مذهب بهز بن أسد، وشعبة، وابن معين، وأحمد، وابن حبان.
2 -
أن الحسن لم يسمع من سمرة إلا أحاديث العقيقة، والباقي يرويه من كتاب، وهذا مذهب النسائي، والدارقطني، وابن حزم، وابن عبد البر، وعبد الحق الإشبيلي، وابن كثير.
3 -
أن الحسن سمع من سمرة مطلقًا، وهو مذهب ابن المديني،
(1)
الضعفاء 2/ 18.
(2)
المعجم الكبير 7/ 230 ح (6960).
(3)
أخبار أصبهان 2/ 258.
والبخاري، والترمذي، والطحاوي، والحاكم، فقد ورد تصريح الحسن بسماعه من سمرة في حديث العقيقة، قال ابن المديني:«الحسن قد سمع من سمرة؛ لأنه كان في عهد عثمان ابن أربع عشرة وأشهر، ومات سمرة في عهد زياد» .
ولعل الأظهر أن الحسن لم يسمع من سمرة إلا حديث العقيقة، والباقي كتاب غير مسموع، ولكنه من طرق التحمل المعتبرة، قال ابن القيم: «وقد صح سماع الحسن من سمرة، وغاية هذا أنه كتاب، ولم تزل الأمة تعمل بالكتب قديمًا وحديثًا، وأجمع الصحابة على العمل بالكتب، وكذلك الخلفاء بعدهم، وليس اعتماد الناس في العلم إلا على الكتب، فإن لم يعمل بها تعطلت الشريعة
…
»، وقال الحافظ ابن حجر في معرض الدفاع عن رواية الحسن عن سمرة وتصحيحها:«قال يحيى القطان وآخرون: هي كتاب، وذلك لا يقتضي الانقطاع»
(1)
.
لكن يغني عن هذا الحديث حديث ابن عباس، وابن عمر، وأنس، وجابر، وأبي أيوب، وعبد الله بن جعفر المتقدمة قبله.
* * *
94 -
قال الطبراني
(2)
: حدثنا أحمد بن زهير التُّسْتَري، ثنا موسى بن
(1)
العلل لابن المديني ص 53، التاريخ الكبير للبخاري 2/ 290، المراسيل لابن أبي حاتم رقم (95)، سنن الترمذي ح (182، 1296)، والعلل الكبير 2/ 963، سنن النسائي ح (1380) شرح مشكل الأحاديث للطحاوي 13/ 445، سنن الدارقطني 1/ 336، المستدرك 1/ 215، سنن البيهقي 8/ 35، الأحكام الوسطى لعبد الحق 1/ 414، المحلى 7/ 525 و 9/ 103، التمهيد 22/ 286، جامع المسانيد لابن كثير 3/ 643، نصب الراية 1/ 89، جامع التحصيل ص 165، إعلام الموقعين 2/ 144، تهذيب التهذيب 2/ 269، المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس للدكتور الشريف حاتم العوني 3/ 1174 فما بعدها، وقد حقق فيه د. حاتم مسألة سماع الحسن من سمرة، فاستقصى أطراف المسألة، وقد أفدت منه.
(2)
المعجم الكبير 20/ 385 ح (905).
سفيان الجُنْدَيسابوري، ثنا عبد الله بن الجهم، ثنا عمرو بن أبي قيس، عن منصور، عن الشعبي، عن وراد، عن المغيرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على نفرٍ من الأنصار يرمون حمامةً، فقال:«لا تتخذوا الروح غَرَضًا» .
• رواة الحديث:
1 -
أحمد بن زهير التُّسْتَري: هو أبو جعفر، أحمد بن يحيى بن زهير التُّسْتَري، قال ابن منده:«ما رأيت في الدنيا أحفظ من أبي إسحاق بن حمزة، وسمعته يقول: ما رأيت في الدنيا أحفظ من أبي جعفر بن زهير التُّسْتَري» ، وقال الذهبي:«يضرب به المثل في الحفظ»
(1)
.
2 -
موسى بن سفيان الجُنْدَيسابوري
(2)
: لم أقف على حاله سوى أن ابن حبان ذكره في الثقات، هو أحد شيوخ أبي عوانة في مستخرجه
(3)
.
3 -
عبد الله بن الجهم: الرازي، أبو عبد الرحمن، صدوق
(4)
.
4 -
عمرو بن أبي قيس: تقدمت ترجمته في الحديث الرابع عشر، وأنه صدوقٌ له أوهام.
5 -
منصور: هو ابن عبد الله بن ربيعة، ويقال: منصور بن المعتمر بن عتَّاب بن عبد الله بن ربيعة، ويقال: منصور بن المعتمر بن عتَّاب بن فرقد السُّلَمي، أبو عتاب الكوفي، ثقةٌ ثبتٌ، وكان لا يدلس
(5)
.
6 -
الشعبي: هو عامر بن شَرَاحيل الشعبي، أبو عمر الكوفي، ثقةٌ مشهورٌ فقيهٌ فاضلٌ
(6)
.
(1)
سير أعلام النبلاء 14/ 362.
(2)
بضم الجيم، وسكون النون، وفتح الدال، بعدها الياء، هذه النسبة إلى مدينة من خوزستان، يقال لها: جُنْدَيسابور. ينظر: الباب في تهذيب الأنساب 1/ 296.
(3)
ثقات ابن حبان 9/ 163.
(4)
تهذيب الكمال 14/ 389، التقربب (199).
(5)
تهذيب الكمال 28/ 547، التقربب (6908).
(6)
تهذيب الكمال 14/ 28، التقربب (3092).
7 -
ورَّاد: الثقفي، أبو سعيدٍ، أو أبو الورد، الكوفي، كاتب المغيرة، ومولاه، ثقةٌ
(1)
.
• تخريج الحديث:
- أخرجه الطبراني في الأوسط
(2)
به مثله.
• الحكم على الحديث:
في إسناده موسى بن سفيان لم أتبين حاله، لكن يغني عنه حديث ابن عباس، وابن عمر، وأنس، وجابر، وأبي أيوب، وعبد الله بن جعفر المتقدمة قبله.
* * *
95 -
روى عبد الرزاق
(3)
، عن ابن عيينة، عن ابن أبي نَجيح، عن مجاهد قال:«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تُصبر البهيمة، ونهى عن أكلها، يتخذ غَرَضًا يعبث بها» .
• رواة الحديث:
1 -
ابن عيينة: تقدمت ترجمته في الحديث الخامس والثمانين، وأنه ثقةٌ حافظٌ فقيهٌ إمامٌ حجةٌ.
2 -
ابن أبي نَجيح: هو عبد الله بن يسار المكي، أبو يسار، الثقفي مولاهم، ثقةٌ رُمي بالقدر، ذكره النسائي في المدلسين، وذكره الحافظ ابن حجر في المرتبة الثالثة من مراتب المدلسين، الذي لا تقبل رواياته إلا بعد تصريحهم بالسماع، وفي ذكر الحافظ له في المرتبة الثالثة نظر؛ فإنه لما ذكر حاله في التقريب قال:«ربما دلس» ، وهذه إشارةٌ إلى قلة تدليسه، ولما ترجم
(1)
تهذيب الكمال 30/ 431، التقربب (7401).
(2)
المعجم الأوسط 2/ 314 ح (2082).
(3)
مصنف عبد الرزاق 4/ 454 ح (8429).
له في الهدي ذكر أن النسائي ذكره فيمن كان يدلس، ثم قال عقبه:«احتج الجماعة به» ، والمتأمل لكلام الأئمة فيه يجد أنه لم يذكر له تدليس إلا عن مجاهدٍ فقط، وما ذكر تدليسه عن مجاهد إلا في التفسير خاصة، فقد قال يحيى القطان كما في:«لم يسمع ابن أبي نَجيح من مجاهد، التفسيرُ كلُّه يدور على القاسم بن أبي بزَّة» .
وقال ابن الجنيد في سؤالاته لابن معين: إن يحيى القطان يزعم أن ابن أبي نَجيح لم يسمع التفسير من مجاهد، وإنما أخذه من القاسم بن أبي بزَّة؟ فقال ابن معين:«كذا قال ابن عيينة، ولا أدري أحقٌ ذلك أم باطلٌ؟، زعم سفيان بن عيينة أن مجاهدًا كتبه للقاسم بن أبي بزَّة، ولم يسمعه من مجاهد أحدٌ غير القاسم» .
وهذا حاصل ما ذكره الأئمة عن تدليسه، فهو خاصٌ في روايته للتفسير فقط عن مجاهد، وليس ذلك بالاتفاق بينهم، فقد كان الثوري يصحح تفسيره، وأشار إلى صحته ابن معين.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «
…
والشافعي في كتبه، أكثر الذي ينقله عن ابن عيينة عن ابن أبي نَجيح عن مجاهد، وكذلك البخاري في صحيحه يعتمد هذا التفسير، وقول القائل: لا تصح رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد، جوابه: أن تفسير ابن أبي نَجيح عن مجاهد أصح التفاسير، بل ليس بأيدي أهل التفسير كتاب في التفسير أصح من تفسير ابن أبي نجيح عن مجاهد، إلا أن يكون نظيره في الصحة».
وقال الذهبي في: «أما التفسير، فهو فيه ثقةٌ يعلمه، قد قفز القنطرة، واحتج به أرباب الصحاح» .
وأما الواسطة بين مجاهد وابن أبي نَجيح فهو القاسم بن أبي بزَّة المكي
المخزومي مولاهم، أبو عبد الله، ويقال: أبو عاصم القارئ، ثقة
(1)
.
3 -
مجاهد: هو ابن جبر، تقدمت ترجمته في الحديث السابع والعشرين، وأنه ثقةٌ إمامٌ في التفسير والعلم.
• تخريج الحديث:
لم أرَ من خرجه سوى عبد الرزاق.
• الحكم على الحديث:
- إسناده ضعيفٌ؛ لإرساله، لكن يغني عنه حديث ابن عباس، وابن عمر، وأنس، وجابر، وأبي أيوب، وعبد الله بن جعفر المتقدمة قبلهم.
• فقه المطلب:
1 -
دلت الأحاديث السابقة على النهي عن اتخاذ شيءٍ فيه الروح هدفًا يُرمى، وقد ثبت منها حديث ابن عباس، وابن عمر، وأنس، وجابر، وأبي أيوب، وعبد الله بن جعفر، وهذا النهي للتحريم بإجماع أهل العلم
(2)
؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر: «لعن الله من فعل هذا» ، «وحكمة النهي أن فيه تعذيبًا للحيوان، وتضييعًا لماليته، وتفويتًا لذكاته إن كان مذكى، ولمنفعته إن لم يكن مذكى»
(3)
.
2 -
يدخل في النهي عن اتخاذ ذي الروح غرضًا ما يعرف في زماننا بمصارعة الثيران، وهي لعبةٌ وحشية، يجتمع فيها عدة لاعبين على إرهاق ثور ومناورته، بقصد صرعه بما معهم من أسلحة مختلفة؛ وذلك بأن يؤتى بالثور
(1)
التاريخ الكبير 5/ 233، سؤالات ابن الجنيد لابن معين (292)، تاريخ الدوري 4/ 300، الجرح والتعديل 1/ 79 و 5/ 203، ذكر المدلسين للنسائي (16)، مشاهير علماء الأمصار ص 146، تهذيب الكمال 16/ 215، مجموع الفتاوى 17/ 408 - 409 الميزان 2/ 515، السير 6/ 126 التقريب (3662) و (5452)، هدي الساري ص 416، تعريف أهل التقديس (77).
(2)
عارضة الأحوذي 6/ 269.
(3)
سبل السلام 4/ 167. بتصرف يسير.
إلى حلبة واسعة، ثم يقوم رجل -وهو المصارع- بإثارته، مستخدمًا قماشًا أحمر، ثم يعدو المصارع ويهرول فترة من الوقت؛ ليُضْعِف قوى الثور، ثم تدخل الحلبة مجموعة يركبون الجياد؛ ليضربوا الثور بالحراب، ثم تدخل مجموعة أخرى، لتضرب الثور بالسهام الصغيرة، ثم يرجع المصارع الرئيس لمراوغة الثور المنهك، والقيام بضربه بالرماح، أو السيوف الحادة حتى يجهز عليه
(1)
.
وقد أفتى علماء المجلس الفقهي لرابطة العالم الإسلامي بتحريم هذه الرياضة، ومما جاء في فتواهم:«أما مصارعة الثيران المعتادة في بعض بلاد العالم، التي تؤدي إلى قتل الثور ببراعة استخدام الإنسان المدرب للسلاح فهي أيضًا محرمة شرعًا في حكم الإسلام؛ لأنها تؤدي إلى قتل الحيوان تعذيبًا بما يغرس في جسمه من سهام، وكثيرًا ما تؤدي هذه المصارعة إلى أن يقتل الثور مصارعه، وهذه المصارعة عملٌ وحشيٌّ، يأباه الشرع الإسلامي الذي يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «دخلت امرأة النار في هرة حبستها، فلا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض»
(2)
، فإذا كان هذا الحبس للهرة يوجب دخول النار يوم القيامة، فكيف بحال من يعذب الثور بالسلاح حتى الموت؟»
(3)
.
(1)
الألعاب الرياضية ص 239 - 240.
(2)
أخرجه البخاري ح (3482)، ومسلم ح (2242) من حديث ابن عمر رضي الله عنه ما.
(3)
الفتاوى الشرعية في المسائل العصرية ص 1171.