الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث التحريش بين البهائم
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: تعريف التحريش بين البهائم
.
المطلب الثاني: ما ورد في التحريش بين البهائم
.
المطلب الأول
تعريف التحريش بين البهائم
التحريش لغةً: مأخوذةٌ من الحَرْش، وهو إِغراؤُك الإِنسانَ، والأَسد؛ ليقع بقِرْنِه، وحرَّش بينهم؛ أَفْسَد وأَغْرَى بعضَهم ببَعض
(1)
.
والمقصود بالتحريش بين البهائم: الإغراء وتهييج بعضها على بعض كما يفعل بين الجمال والكباش والديوك وغيرها
(2)
.
المطلب الثاني
ما ورد في التحريش بين البهائم
45 -
قال ابن الجعد
(3)
: أنا شريك، عن الأعمش، عن مجاهد، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم -أراه ابن عمر- عن النبي صلى الله عليه وسلم :«أنه نهى أن يُحَرَّش بين البهائم» .
(1)
لسان العرب 6/ 279.
(2)
النهاية 1/ 368.
(3)
مسند ابن الجعد 1/ 313 ح (2121).
• رواة الحديث:
1 -
شريك: بن عبد الله النخعي، الكوفي، القاضي بواسط، ثم الكوفة، أبو عبد الله، اختلف فيه:
فعدلته طائفة، فوثقه ابن معين، وأحمد -مرة-، وإبراهيم الحربي، والعجلي، والدارقطني، وذكره ابن شاهين في الثقات، وقال أحمد -مرة-:«صدوقٌ محدثٌ عاقلٌ» ، وقال النسائي:«ليس به بأس» ، وقال ابن سعد:«ثقةٌ مأمونٌ كثير الحديث، ويغلط كثيرًا» ، وقال ابن معين -مرة-:«ثقةٌ إلا أنه لا يتقن، ويغلط» ، وقال يعقوب بن شيبة -مرة-:«صدوقٌ ثقةٌ، سيئ الحفظ جدًّا» ، وقال أبو حاتم:«صدوقٌ له أغاليط» .
وفصلت فيه طائفة، فقال صالح جزرة:«صدوقٌ، ولما ولي القضاء اضطرب حفظه» ، وقال أبو داود:«ثقةٌ يخطئ على الأعمش» ، وقال يعقوب بن شيبة -مرة-:«كتبه صحاحٌ، وحفظه فيه اضطراب» ، وقال ابن حبان:«كان في آخر أمره يخطئ، تغير عليه حفظه، فسماع المتقدمين عنه الذين سمعوا منه بواسط ليس فيه تخليطٌ مثل يزيد بن هارون، وسماع المتأخرين منه بالكوفة فيه أوهام كثيرة» .
وجرحته طائفة: فقال ابن معين: «لم يكن شريكٌ عند يحيى بن سعيد القطان بشيء، ولا يحدث عنه، فقيل له: إنما اختلط بآخره، قال: ما زال مختلطًا» ، وقال أحمد -مرة-:«لا يبالي كيف حدث» ، وقال ابن المبارك:«ليس حديث شريك بشيء» ، وقال أبو زرعة:«كثير الحديث يغلط» ، وقال الجُوزجاني:«سيئ الحفظ، مضطرب الحديث، مائل» ، وقال النسائي -مرة-:«ليس بالقوي» .
لخص حاله الحافظ ابن حجر بقوله: «صدوقٌ يخطئ كثيرًا، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، وكان عادلًا فاضلًا عابدًا شديدًا على أهل البدع» .
وهو تلخيص حسن يفيد التأني في قبول حديثه حتى قبل القضاء
(1)
.
(1)
طبقات ابن سعد 6/ 379، الجرح والتعديل 4/ 366، سؤالات ابن طهمان لابن معين ص 36، أحوال الرجال للجوزجاني ص 134، سؤالات الآجري (91)، علل الدارقطني 2/ 225، معرفة الثقات للعجلي 1/ 453، ثقات ابن شاهين ص 552، ثقات ابن حبان 6/ 444، تهذيب الكمال 12/ 462، شرح علل الترمذي 2/ 589، تهذيب التهذيب 4/ 336، التقريب (2787).
2 -
الأعمش: هو سليمان بن مِهران الأسدي الكاهلي، مولاهم، أبو محمد الكوفي الأعمش، ثقةٌ حافظٌ، عارفٌ بالقراءات، ورعٌ، لكنَّه يدلس، وقد ذكره الحافظ في طبقات المدلسين في المرتبة الثانية، ممن احتمل الأئمة تدليسه
(1)
.
3 -
مجاهد: تقدمت ترجمته في الحديث السابع والعشرين، وأنه ثقةٌ إمامٌ في التفسير والعلم.
• تخريج الحديث:
- أخرجه أبو حاتم
(2)
عن ابن الجعد به بنحوه.
- وأخرجه الترمذي
(3)
، وابن عدي
(4)
من طريق شريك به بنحوه جزمًا عن ابن عباس.
- وأخرجه أبو داود
(5)
، والترمذي
(6)
، والبزار
(7)
، وأبو يعلى
(8)
، والطبراني
(9)
، وابن عدي
(10)
، والبيهقي
(11)
من طريق قطبة بن عبد العزيز، وأخرجه الترمذي
(12)
من طريق ابن مهدي، والبزار
(13)
من طريق أبي خيثمة.
كلاهما: (ابن مهدي، وأبو خيثمة) عن سفيان الثوري.
(1)
تهذيب الكمال 10/ 76، طبقات المدلسين رقم (118)، التقريب (2615).
(2)
العلل مسألة (2217).
(3)
جامع الترمذي عقب ح (1709).
(4)
الكامل 3/ 238.
(5)
سنن أبي داود ح (2564).
(6)
جامع الترمذي ح (1708).
(7)
مسند البزار 11/ 168 ح (4903).
(8)
مسند أبي يعلى 4/ 389 ح (2509).
(9)
المعجم الكبير 11/ 85 ح (11154).
(10)
الكامل 3/ 238.
(11)
سنن البيهقي 10/ 22، وفي الشعب 5/ 246.
(12)
جامع الترمذي ح (1709).
(13)
مسند البزار 11/ 168.
وعلقه الترمذي، وأسنده الخطيب البغدادي عن أبي معاوية الضرير، وأبو حاتم
(1)
عن عبيد الله بن موسى، والبزار
(2)
، والطبراني
(3)
، وابن عدي
(4)
، وعلقه البيهقي
(5)
من طريق زياد البَكَّائي، والبيهقي
(6)
من طريق وكيع، والخطيب البغدادي
(7)
-من طريق بكر الخلال، عن محمد بن الصباح-، وعلقه الترمذي
(8)
عن أبي معاوية الضرير.
وعلقه الدارقطني
(9)
، والبيهقي
(10)
عن منصور ابن أبي الأسود.
سبعتهم: (قطبة، وسفيان، وأبو معاوية، وعبيد الله، والبَكَّائي، ومنصور، ووكيع) عن الأعمش بنحوه.
وقد رواه سفيان -في رواية ابن مهدي عنه- وأبو معاوية -عند الترمذي-، وعبيد الله، ووكيع عن الأعمش، عن مجاهد مرسلًا، وقد جعل سفيان أبا يحيى القتات بين الأعمش، ومجاهد.
ورواه سفيان -في رواية أبي خيثمة عنه- وقُطبة عن الأعمش، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعًا.
ورواه البَكَّائي، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعًا.
ورواه أبو معاوية، في رواية محمد بن الصباح عنه، عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا.
ورواه منصور، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر مرفوعًا.
(1)
العلل مسألة (2217).
(2)
مسند البزار 11/ 168، وقد وقع عنده:(أبو المنهال) وهو خطأٌ، والتصويب من المصادر الأخرى.
(3)
المعجم الأوسط 2/ 331 ح (2136).
(4)
الكامل 3/ 138.
(5)
سنن البيهقي 10/ 22.
(6)
سنن البيهقي 10/ 22.
(7)
تاريخ بغداد 4/ 329.
(8)
جامع الترمذي ح (1709).
(9)
العلل 13/ 214.
(10)
سنن البيهقي 10/ 22.
- وأخرجه البخاري
(1)
من طريق أبي جعفر الرازي، وإبراهيم الحربي
(2)
من طريق محمد بن فضيل.
كلاهما: (الرازي، وابن فضيل) عن ليث، وابن عدي
(3)
من طريق غالب بن عبيد الله العقيلي.
كلاهما: (ليث، وغالب) عن مجاهد، عن ابن عمر به بنحوه، إلا أن الرازي أوقفه على ابن عمر.
• الحكم على الحديث:
- إسناده ضعيفٌ؛ لحال شريك، وقد اضطرب فيه، فرواه -مرة- عن الأعمش، عن مجاهد، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم -أُراه ابن عمر-، ورواه -أخرى- عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعًا، وقد اختلف في الحديث عن الأعمش على وجوه سبعة:
الوجه الأول: عن الأعمش، عن مجاهد، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم -أُراه ابن عمر-.
وهذا الوجه يرويه شريك.
الوجه الثاني: عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعًا.
وهذا الوجه يرويه شريك، وزياد البَكَّائي.
الوجه الثالث: عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعًا.
وهذا الوجه يرويه زياد البَكَّائي.
الوجه الرابع: عن الأعمش، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعًا.
وهذا الوجه يرويه سفيان الثوري -في رواية أبي خيثمة عنه- وقُطبة بن عبد العزيز.
(1)
الأدب المفرد ح (1231).
(2)
غريب الحديث 1/ 285.
(3)
الكامل 6/ 5.
الوجه الخامس: عن الأعمش، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد مرسلًا.
وهذا الوجه يرويه سفيان الثوري -في رواية ابن مهدي عنه-.
الوجه السادس: عن الأعمش، عن مجاهد مرسلًا.
وهذا الوجه يرويه أبو معاوية الضرير، ووكيع، وعبيد الله بن موسى.
الوجه السابع: عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا.
وهذا الوجه يرويه أبو معاوية الضرير -في رواية بكر الخلال، عن محمد بن الصباح عنه-.
الوجه الثامن: عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر مرفوعًا.
وهذا الوجه يرويه منصور بن أبي الأسود.
والراجح من هذه الوجوه الوجهان الخامس، والسادس، وأن الحديث لا يصح إلا مرسلًا، وقد رجحه البخاري
(1)
، والبيهقي
(2)
، فقد اتفق على روايته مرسلًا أربعة من الثقات الأثبات، وهم:(الثوري، وأبو معاوية، ووكيع، وعبيد الله بن موسى)، والثلاثة الأُوَل من أثبت الناس في الأعمش، قال الدارقطني:«أرفع الرواة عن الأعمش الثوري، وأبو معاوية، ووكيع .. »
(3)
.
وأما الاختلاف على الثوري، وأبو معاوية، فلا يضر، وبيان ذلك فيما يلي:
أما الثوري فالرواية الصحيحة عنه هي الإرسال؛ إذ الوجه الموصول عن ابن عباس فيه أبو خيثمة وهو لم يدرك الثوري
(4)
.
(1)
علل الترمذي الكبير 2/ 721.
(2)
سنن البيهقي 10/ 22.
(3)
ينظر: شرح العلل لابن رجب 2/ 751 - 720، وقد أطال رحمه الله في ذكر أقوال الأئمة في ذلك.
(4)
فقد تُوفِّي الثوري عام (161 هـ)، وولد أبو خيثمة عام (160 هـ)، ينظر: تهذيب الكمال 11/ 168 و 9/ 405.
وأما أبو معاوية الضرير فالوجه المرسل هو الذي علقه الترمذي، وحكاه لشيخه البخاري
(1)
، فصححه، والوجه الموصول عن أبي هريرة فيه بكر الخلال، قال الخطيب البغدادي لما أورد الحديث من طريقه:«حديثٌ منكرٌ، لا يثبت بهذا الإسناد، والحمل فيه على الخلال؛ فإن كل من عداه من المذكورين في إسناده ثقة»
(2)
.
ولا يضر رواية سفيان زيادة أبي يحيى القتات، فالرواة عن الأعمش في كلا الوجهين المرسلين ثقات، والأعمش يروي عن أبي يحيى، وعن مجاهد، قال العراقي في الألفية
(3)
:
وإن بتحديث أتى فالحكم له
…
مع احتمال كونه قد احتمله
عن كلٍ ..........................................................................
قال السخاوي شارحًا لذلك: «(مع احتمال كونه)؛ أي: الراوي (قد حمله عن كلٍ) من الروايين؛ إذ لا مانع أن يسمع من شخص عن آخر ثم يسمع من شيخ شيخه، وذلك موجود في الروايات والرواة بكثرة»
(4)
.
وأما رواية ليث -وهو ابن أبي سليم- فلا تصح مرفوعةً، ولا موقوفةً؛ لضعف ليث
(5)
.
وأما رواية غالب بن عبد الله العقيلي فضعيفة؛ لضعف غالب
(6)
.
* * *
46 -
روى معمر
(7)
، عن ابن طاوس، عن أبيه -قال معمر: لا أدري أرفعه أم لا؟ - قال: «لا يحل لأحدٍ أن يحرِّش بين فحلين ديكين فما فوقهما» .
(1)
علل الترمذي الكبير 2/ 721.
(2)
تاريخ بغداد 4/ 329.
(3)
فتح المغيث 3/ 85.
(4)
المرجع السابق 3/ 88.
(5)
التقريب (5685).
(6)
الكامل 6/ 5.
(7)
جامع معمر الملحق بمصنف عبد الرزاق 11/ 454.
• رواة الحديث:
1 -
معمر: هو ابن راشد، تقدمت ترجمته في الحديث التاسع والثلاثين، وأنه ثقةٌ ثبتٌ فاضلٌ، إلا أن في روايته عن ثابت، والأعمش، وهشام بن عروة، وعاصم بن أبي النجود، وقتادة شيئًا، وكذا فيما حدث به بالبصرة.
2 -
ابن طاوس: هو عبد الله بن طاوس بن كيسان اليماني، أبو محمد، ثقةٌ فاضلٌ عابدٌ
(1)
.
3 -
أبوه: هو طاوس بن كيسان اليماني، أبو عبد الرحمن الحميري مولاهم، الفارسي، ثقةٌ فقيهٌ فاضلٌ
(2)
.
• تخريج الحديث:
لم أر من خرجه سوى معمر.
• الحكم على الحديث:
لا يخلو الحديث من أمرين:
1 -
إما أن يكون مرفوعًا.
2 -
وإما أن يكون مقطوعًا على طاوس.
فإن كان الأول فهو ضعيفٌ؛ لإرساله.
وإن كان الثاني فهو صحيح.
• فقه المبحث:
أولًا: دلت أحاديث الفرع على تحريم التحريش بين الحيوانات، ولا يصح منها شيء، لكن أصول الشريعة العامة، تأمر بالعدل والرحمة، وتنهى عن الظلم، مع كل ذي كبد رطبة، والتحريش بين الحيوانات تعذيبٌ لها وظلم،
(1)
تهذيب الكمال 15/ 130، التقريب (3397).
(2)
تهذيب الكمال 13/ 357، التقريب (3009).
فيحرم، وقد قال ابن منصور للإمام أحمد: يكره التحريش بين البهائم؟ قال: سبحان الله، إي لعمري
(1)
.
قال المطيعي: «وأما السبق بنِطَاح الكباش، ونِقَار الديكة، فهو أسفه أنواع السبق، وهو باطلٌ لا يختلف أحد من أهل العلم في عدم جوازه»
(2)
.
ثانيًا: لا تزال هذه اللعبة قائمة، وهي اليوم أشد انتشارًا من ذي قبل، وتعقد لها المسابقات، وتبذل فيها الأموال، ومن صورها
(3)
:
1 -
صراع الديكة، وتقوم هذه اللعبة على ربط آلة حادة في قدم الديكين المتصارعين، ثم ينطلق الديكان، فيصطرعان، ويحيط بهما أفواج من المتفرجين، وبعد فترة قصيرة، يخر أحد الديكين صريعًا، وقد يخران معًا.
2 -
صراع الخيول، وتقوم هذه اللعبة بربط أنثى الخيل، تحت بصر حصانين من الذكور، ثم يصطرع الحصانان؛ من أجل الفوز بالأنثى.
3 -
صراع الكلاب، وذلك بإثارة بعضها على بعض؛ لتتقاتل بالعض ونحوه.
4 -
نطاح الكباش والثيران، حيث تُعدُّ بعض الكباش والثيران؛ لتنطح بعضها بعضًا بقوة.
(1)
الآداب الشرعية 3/ 342.
(2)
تكملة المجموع 15/ 141.
(3)
الألعاب الرياضية ص 243، وخوارم المروءة ص 152، والحياة الاجتماعية في الفكر الإسلامي ص 238.