الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة
اللَّهُمَّ لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد بعد الرضا، فلقد أنعمت فأبلغت، وأعطيت فأجزلت، ومننت وتفضلت، لولاك ما كتبت حرفًا، ولا حررت مسألة.
فلك المحامد والمدائح كلها
…
بخواطري، وجوارحي، ولساني
(6)
فأنت -وحدك- بنعمتك تتم الصالحات، وتنال الغايات، وتُتقَى العثرات.
وأما عن خلاصة هذه الرسالة، فهي متمثلة فيما يلي:
1 -
تبين لي بعد جمع أحاديث اللُّعَب والرياضة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بشيءٍ من اللُّعَب إلا وله قصد شرعي من الأمر به.
2 -
الأصل في ممارسة اللُّعَب والرياضة الإباحة؛ شريطة ألا تكون مشتملة على محرم، ولا مفضية إليه.
3 -
أحاديث اللُّعَب والرياضة من حيث الثبوت وعدمه قسمان:
القسم الأول: ما ثبت وروده في السُّنَّة، وهي: السبْق على الأقدام، والمصارعة، والرمي، والخذف، والنرد، واللعب بالحراب، واللعب بالأرجوحة، واللعبة من العِهن، واللعب بالبنات، وركوب الخيل والإبل، واللعب بالنُّغَر.
القسم الثاني: ما لم يثبت فيه حديث، وهي: المصارعة بعوض، وعظم وضاح، والشطرنج، ورفع الحجر، والسباحة، واللعب بالتراب، واللعب بالكُرَّج، واللعب بالكلب، والتحريش بين الحيوانات، واللعب بالحمام.
(1)
نونية القحطاني ص 18.
4 -
اللُّعَب والرياضة الواردة في السُّنَّة من حيث الحكم الشرعي ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ما كان فيها نفع، كتقوية الجسم، والاستعانة بذلك على الجهاد، وهي: السبق على الأقدام، وعلى الخيل، وعلى الإبل، والرمي، والمصارعة، والسباحة، واللعب بالحراب، ورفع الحجر.
ويدخل في ذلك لعب الصغيرات بالبنات؛ فإنه يستفدن بذلك كيفية التربية.
وحكم هذا القسم مختلف حسب الحال والقصد، فقد يكون واجبًا إذا تعين ذلك طريقًا للجهاد، ويكون مندوبًا إذا كان مستعملًا في الجهاد، ولم يكن الجهاد متعينًا، ويكون مباحًا إذا كان المقصود منه مجرد التلهي، ويكون محرمًا إذا كان القصد منه أذى المسلمين، وتفريق جماعتهم.
ويقاس على هذا القسم في زماننا كل ما يستخدم للقتال من البنادق، والرشاشات، والمسدسات، والعربات المصفحة، والصواريخ والطائرات والغواصات العسكرية، ونحوها.
القسم الثاني: ما ليس فيها ضرر ولا نفع، وهذا يظهر جليًّا في لُعَب الأطفال، وهي: اللعب بالأرجوحة، والتراب، والكُرَّج، واللعبة من العهن، والنُّغَر، وعظم وضاح.
وحكم هذا القسم الجواز.
ويقاس على هذا القسم في زماننا جميع اللُّعَب والرياضة المباحة التي لا نفع فيها ولا ضرر ككرة القدم، والطائرة، والسلة، ونحوها.
القسم الثالث: ما كان فيها ضرر، أو كان ضررها غالبًا على نفعها، وهي: اللعب بالنرد، والشطرنج، والكلب، والحمام -إذا تضمن ضررًا-، والتحريش بين الحيوانات، واتخاذ ذي الروح غرضًا.
وحكم هذا القسم التحريم.
ويقاس على هذا القسم في زماننا المصارعة الحرة، والملاكمة، ومصارعة الثيران، والكلاب، والديكة، ونحوها.
5 -
اللُّعَب والرياضة من حيث بذل المال في السبق فيها على قسمين:
أولًا: كل لعبة ورياضة تستخدم في الجهاد في سبيل الله، فيجوز بذل العوض فيها، ويدخل في ذلك ما ورد به النص، وهو النصل والخف والحافر، وما في معناه.
ثانيًا: كل لعبة ورياضة محرمة، أو مباحة؛ ولكن لا تستخدم في الجهاد في سبيل الله، فبذل العوض فيها محرم.
6 -
أقترح على القائمين على المحاضن التربوية أن يجعلوا الحصص الرياضية ذات قيمة ونفع؛ وذلك بتعلم الرياضة ذات القصد المفيد، كركوب الخيل، والسباحة، والرماية؛ خاصة الأخيرة منها، «فقد وجدت أسباب وظروف تحتم على المسلمين الاستعداد لها بإعداد القوة بجميع أصنافها.
أفلا يجدر بالمسلم أن يتعلم هذه الرياضة؛ ليستخدمها في حينها استخدامًا جيدًا»
(1)
.
وما الذي يمنع من تعلمها -إذا كان هناك قوانين تضبط استخدامها
(2)
-.
7 -
أُهيب بالمتخصصين في السُّنَّة أن يُعنوا بمثل هذا النوع من الدراسات، والذي يجمع الباحث فيه بين الحديث، والفقه وقد كانت هذه وصية الإمام مالك؛ حيث قال لابني أخته: أبي بكر، وإسماعيل ابني أبي أويس:«أراكما تحبان هذا الشأن -يعني: الحديث- وتطلبانه» قالا: نعم،
(1)
نقلًا من كتاب المسابقات للدكتور سعد الشثري ص 36 - 37.
(2)
ثم وقفت بعد كتابة هذه التوصية على سماح وزارة الداخلية بفتح نواد للتدريب على الرماية، وقد حددت الوزارة 12 شرطًا لافتتاح أندية تدريب على الرماية، وسيسمح بالتدرب في نوادي الرماية المزمع الترخيص لها، على 7 أنواع من الأسلحة، منها أسلحة هوائية، وأخرى نصف آلية.
واشترطت اللائحة التنفيذية للمادة 12 من نظام الأسلحة والذخائر، بألا يقل عمر العضو المتدرب في النادي عن 18 عامًا، وألا يكون مصابًا بأي مرض عقلي أو بدني يعيقه عن ممارسة الرمي، فيما يجيز النظام ممارسة الرمي للفتيان الذين يبلغون من العمر 12 عامًا فما فوق، بجانب أولياء أمورهم فقط.
ينظر: صحيفة الشرق الأوسط عدد (11269) وصحيفة الاقتصادية (5831).
قال: «إن أحببتما أن تنتفعا به، وينفع الله بكما، فأقِلَّا منه وتفقها»
(1)
.
فعلم الفقه والحديث غصنا دوحةٍ واحدة، ورضيعا لِبانٍ واحد.
8 -
تبين لي أثناء دراسة المسائل الفقهية أهمية علم الحديث في معرفة الراجح فيها، فكم من مسألة أشكل فيها الأمر واستعجم، وحار فيها الباحث واستعلم، فإذا جمعت أحاديثها، وأُعمل علم الحديث فيها حصحص الحق، وصارت واضحة المعالم، ظاهرة الرسوم.
وقد قال فيلسوف الفقه الإمام الشافعي: «عليكم بأصحاب الحديث؛ فإنهم أكثر الناس صوابًا»
(2)
.
فأُهيب بالمؤسسات والمجامع الفقهية أن يوجد فيها مختصون في السُّنَة، يُعنون بدراسة الأحاديث، على وَفْق مصطلح أئمة هذا الشأن.
وختامًا، أسأل الله الكريم، رب العرش العظيم، أن يجعل عملي هذا خالصًا لوجهه الكريم، نافعًا لعباده، مصيبًا لشرعه، وأن يغفر لي زللي وخللي، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
(1)
أخرجه عنه الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه 2/ 159 - 161.
(2)
سير أعلام النبلاء 10/ 70.