الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَلِيمٌ «1» ، وعن عائشة رضي الله عنها أنها دخلت على امرأة، معها ابنتان لها تسأل، فلم تجد عندي شيئا غير تمرة، فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها. ولم تأكل منها، ثم قامت فخرجت، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا فأخبرته فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«من ابتلى من هذه البنات بشيء كن له سترا من النار» ، رواه البخاري «2» ، فصدقة المال نافعة، ومن النار واقية، جلّت «3» أو قلّت، ما دام ذلك الجهد، فإن لم يجد المرء ما يمد به يده للسائل والمحروم؟ فليحرك لسانه وليتكلم بالكلم الطيب: قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ «4» ، فإذ ردّ السائل بالقول الجميل، أو وعده العطاء عند اليسار كان له ذلك صدقة وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً «5» وحض أهل اليسار على إطعام المسكين، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والإصلاح بين الناس كل ذلك صدقات فإن أعوزك المال فلن يعوزك اللسان لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً «6» .
51- باب: حسن الخلق
عن عبد الله بن عمرو أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «إن خياركم أحسنكم أخلاقا» ، وفي رواية:«إنّ من خيركم أحسنكم خلقا» . [رواه البخاري «7» ] .
الخلق: يطلق على كل صفة راسخة في النفس تصدر عنها الأفعال بسهولة من غير تكلف كالكرم يصدر عنه الإعطاء بلا عناء، والحلم يستدعي مصابرة السفيه والعفو
(1) سورة التوبة، الآية:79.
(2)
رواه البخاري في كتاب، الأدب، باب: رحمة الولد وتقبيله ومعانقته (5995) . ورواه مسلم في كتاب: البر والصلة، باب: فضل الإحسان إلى البنات (6636) .
(3)
جلّت: عظمت وكثرت.
(4)
سورة البقرة، الآية:263.
(5)
سورة الإسراء، الآية:28.
(6)
سورة النساء، الآية:114.
(7)
رواه البخاري في كتاب: الأدب، باب: حسن الخلق والسخاء وما يكره من البخل (6035) .
عن المسيء، والحكمة تقتضي وزن كل عمل بميزان المصلحة.
وعرف بعضهم الخلق: بأنه العادة في الإرادة. فتعود العزم على منازلة العدو كلما أوقد حربا يسمى خلق الشجاعة. والخلق يقال للمكارم وللمساوي. كالبخل والسفه والجبن وغيرها من الرذائل.
وفي هذا الحديث بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن خيار المسلمين من حسنت أخلاقهم وكرمت صفاتهم، أما من ساءت منهم الأخلاق وقبحت الصفات فأولئك الأشرار، وإن كانوا يصلون، ويصومون ويحجون، فإن صلاتهم ليست بصلاة الخاشعين، وصيامهم مجاراة، وحجّهم رياء، ولو كان ذلك منهم بإخلاص لأثمر بلا مراء كرم الأخلاق فإن الصلاة الحقة تنهى عن الفحشاء والمنكر. والصيام الخالص داعية الصبر والكرم. والحج المبرور ينمي خلق الصبر وحسن العشرة، والمعونة فبرهان الصدق في العبارات والإخلاص فيها كرم الأخلاق. وآية التقصير فيها سوءها ولأن حسن الخلق من العلو بمكان مدح الله به خير خلقه فقال: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ «1» ، وكان خلقه صلى الله عليه وسلم القرآن كما قالت زوجه عائشة رضي الله عنها. فكان أدبه آدابه. وخلقه أخلاقه. من صبر وحلم، وكرم وعفو، وإخلاص وشجاعة، وعدل وحكمة
…
إلخ.
وأن مما يثمره حسن الخلق في هذه الحياة تيسر الأمور لصاحبه، وموافاة الرغائب، وحب الخلق له، وثناءهم عليه، ومعونتهم له. والإبتعاد عن أذاه وقلة مشاكله في الحياة. واطمئنان نفسه، وطيب عيشه، ورضاء ربه، أما الثمرة في الحياة الآخرة فجنة نعيم، وقرب من رب العالمين.
روى الترمذي من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن من أحبكم إليّ؛ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا» «2» ، وقد وردت أحاديث كثيرة في الحث على مكارم الأخلاق. منها حديث النواس بن سمعان:«البر حسن الخلق» - رواه مسلم «3» . وحديث أبي الدرداء: ما شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق- رواه
(1) سورة القلم، الآية:4.
(2)
رواه الترمذي في كتاب: البر والصلة، باب: ما جاء في معالي الأخلاق (2018) .
(3)
رواه مسلم في كتاب: البر والصلة، باب: تفسير البر والإثم (6463) .