الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5-
أن لمن وجبت له النفقة شرعا على شخص أن يأخذ من ماله ما يكفيه إذا لم يقع منه الامتثال وأصر على الامتناع.
6-
أن من له عند غيره حق وهو عاجز عن استيفائه جاز له أن يأخذ من ماله قدر حقه بغير إذنه- وهذا قول الشافعي. وعند الحنفية عدم جواز ذلك.
7-
أن للأم ولاية قبض نفقة أولادها والإنفاق عليهم وحضانتهم.
8-
اعتماد العرف في الأمور التي لا تحديد فيها من الشرع.
128- باب: الرشوة ومضارها
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على الرّاشي والمرتشي» . [رواه الخمسة إلا النسائي «1» ] .
اللغة:
العنة: الطرد والبعد من رحمة الله. الراشي: من يعطي الرشوة وهي بتثليث الراء، ما يعطى لذي نفوذ تزلفا أو لقضاء غرض. والمرتشى: آخذ الرشوة.
الشرح:
تبتلى الأمم في أيام محنتها وانتقاص أطرافها وضعف نفوس أبنائها بكثير من الأمراض التي تضعف شأنها وتقضي على نظامها وتقوض دعائم الطمأنينة والأمن فيها، وإن من شر ما تصاب به أمة من الأمم فشو الرشوة فيها وامتداد يد الحكام ومن إليهم الأمر إلى تناول ما ليس من حقهم، فلا ترى صاحب حق ينال حقه إلا إذا قدم جعلا «2» لمن عنده وسيلة الحصول عليه ولا ترى ذا ظلامة يطمع في رفع ظلامته عنه إلا برشوة من يقدر على رفعها وقد يبلغ الأمر بالمرتشي إلى مساومة الراشي في مقدار الرشوة. بل والجهر بذلك بدون حياء ولا خجل، ولا تسل عما ينجم من الأضرار التي لا عداد لها في ذلك، فالكرامة ضائعة والحقوق مهضومة،
(1) رواه الترمذي في كتاب: الأحكام، باب: ما جاء في الراشي والمرتشي في الحكم (1336) . ورواه أبو داود في كتاب: الأقضية، باب: في كراهية الرشوة (3580) . ورواه ابن ماجه في كتاب: الأحكام، باب: التغليظ في الحيف والرشوة (2313) .
(2)
جعلا: الجعل: الجعالة: ما جعل على العمل من أجر أو رشوة.
والنبوغ «1» مقبور، والجد في العمل مضمحل والغيرة على أداء الواجب والدأب في سبيل مصلحة الأمة والأمانة في خدمتها وتقدير العاملين. كل ذلك يتلاشى «2» ولا تجد له أثرا في حياتها ويحل مكانه الخمول والضعف وتصاب مصالح الأمة بالشلل، وعقول النابغين بالعقم، ومواهب المفكرين بالجمود، وعزائم المجدين بالخور والفتور. وأي خير يرجى من قوم يكون مقياس الكفاءة فيهم ما يتزلف به المرؤس من قرابين؟ وأي إنتاج يترقب من هيئة حكومية لا يرقى فيها إلا من قدم بين يدي رقيه أنواع الهدايا والرشا لرؤسائه؟
وقد تلبس الرشوة ثوبا مستعارا ولكنه يشف عن حقيقتها بأن تكون على صورة هدية أو محاباة في بيع أو شراء أو إبراء من دين أو نحو ذلك وهي في جميع الصور رشوة بشعة المنظر سيئة المخبر، كريهة الرائحة، ملوثة للشرف والكرامة، مضيعة للعفة والمهانة.
ولذا كان الراشي والمرتشي ملعونين من الله ومن الناس، لأن الراشي يساعد المرتشي على تضييع الحقوق ويسهل له أكل أموال الناس بالباطل، وينمي فيه الخلق السيء، وييسر له التحكم فيما هو حق لغيره، فيستمرىء هذا المرعى الوبيل، والمرتشي قد أخذ مال غيره ومنع الحق عن صاحبه حتى يأخذ الرشوة منه، وربما كان الراشي في حاجة ماسة إلى ما يقدم إليه.
والرشوة محرمة حتى ولو كانت في سبيل إيصال الحق إلى صاحبه لأنها مال بدون عوض، فما بالك إذا كانت لأجل ظلم شخص، أو منع المستحق عن حقه؟
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا فما أخذه بعد ذلك فهو غلول» .
ولقد قال العلماء: إن الهدايا التي تهدى للقضاة ونحوهم، هي نوع من الرشوة، لأن المهدي إذا لم يكن معتادا للإهداء إلى القاضي قبل ولايته، لا يهدي إليه إلا لغرض، وهو إما التقوى به على الباطل أو التوصل بالهدية إلى حقه، وأقل الأحوال أن يكون طالبا الزلفى إليه وتعظيمه والاستطالة على خصومه أو الأمن من
(1) النبوغ: نبغ المرء في العلم: برع وأجاد.
(2)
يتلاشى: يذوب ويختفي.