الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقالوا: إذا زاد العطاس على ثلاث فلا تشميت، وإن ذلك لزكام فمتابعة التشميت فيه مشغلة للجليس. ورووا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك روايات «1» لم تبلغ درجة الصحة.
ولا مانع من أن يدعو للمزكوم بالشفاء والعافية. فإن ذلك من التراحم بين المسلمين، وإنه لحسن جميل.
هذا والأمر بالتشميت يدل على وجوبه. ويؤيد ذلك حديث: «حق على كل مسلم سمعه أن يشمته» «2» . وحديث «خمس تجب للمسلم على المسلم: - وذكر منها التشميت» «3» وحديث: «حق على المسلم ست» ، وذكر فيها، «وإذا عطس فحمد الله فشمته» «4» . الأول في البخاري، والثالث في مسلم. والثاني فيهما.
وقد قال بالوجوب بعض المالكية وجمهور أهل الظاهر، وقوى ذلك ابن القيم فقال: جاء بلفظ الوجوب الصريح، وبلفظ الحق الدال عليه، وبلفظ على الظاهرة فيه، وبصيغة الأمر التي هي حقيقة فيه، وبقول الصحابي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:
ولا ريب أن الفقهاء أثبتوا وجوب أشياء كثيرة بدون مجموع هذه الأشياء، وذهب آخرون إلي أنه فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين، ورجحه أبو الوليد بن رشيد وأبو بكر بن العربي وقال به الحنفية وجمهور الحنابلة، وذهب جماعة من المالكية إلى أنه مستحب ويجزيء الواحد عن الجماعة، وهو قول الشافعية، والراجح من حيث الدليل القول الثاني، والأحاديث الصحيحة الدالة على الوجوب لا تنافي كونه على الكفاية، فإن الأمر بتشميت العاطس وإن ورد في عموم المكلفين ففرض الكفاية يخاطب به الجميع على الأصح، ويسقط بفعل البعض. اه.
8- آنية الفضة:
جاءت أحاديث صحيحة في النهي عن الشرب والأكل في آنية الذهب والفضة، والتوعد على ذلك بالعذاب، منها حديث حذيفة قال: سمعت رسول
(1) روى ذلك أبو داود في كتاب: الأدب، باب: كم مرة يشمت العاطس (5034) . وروى الترمذي في كتاب: الأدب، باب: ما جاءكم يشمت العاطس (2744) .
(2)
رواه البخاري في كتاب: الأدب، باب: ما يستحب من العطاس وما يكره من التثاؤب (6223) .
(3)
رواه البخاري في كتاب: الجنائز، باب: الأمر باتباع الجنائز (1240) . ورواه مسلم في كتاب: السلام، باب: من حق المسلم للمسلم رد السلام (5615) .
(4)
رواه مسلم في كتاب: السلام، باب: من حق المسلم للمسلم رد السلام (5616) .
الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافهما» . (واحدتها صحفة وهي إناء يشبع الخمسة) ، «فإنها لهم في الدنيا. ولكم في الآخرة» ، رواه الشيخان «1» وغيرهما؛ ومنها حديث أم سلمة عند الشيخين أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر- يصب- في بطنه نار جهنم» «2» . وفي رواية لمسلم «إن الذي يأكل أو يشرب في إناء الذهب أو الفضة
…
» «3» إلخ.
من أجل ذلك ذهب الفقهاء إلى تحريم الأكل والشرب في أواني الذهب والفضة. لا فرق في ذلك بين الرجال والنساء. إنما لهن التحلي بهما تزيّنا وتجمّلا، وليس الشرب والأكل من واديه، وذهب داود إلى تحريم الشرب فقط. ولعله لم يبلغه حديث تحريم الأكل أو لم يثبت ذلك عنده، وقال جماعة بالكراهة دون التحريم، وقالوا: إن الأحاديث لمجرد التزهيد. ورد ذلك بالوعيد عليه في حديث أم سلمة المذكور، وشذت طائفة، فقالت بالإباحة مطلقا. والنص حجة عليهم، وألحق جماعة من الفقهاء أنواع الاستعمال الآخرى كالتطيب والتكحل بالأكل والشرب ولم يسلم بذلك المحققون، وفي حديث رواه أحمد وأبو داود:«عليكم بالفضة فالعبوا بها لعبا» «4» ، وجمهور الفقهاء على منع اتخاذ الأواني منهما بدون استعمال؛ ورخصت فيه طائفة، والفقهاء على جواز اتخاذ الأواني من الجواهر النفيسة وإن كانت أعلى قيمة من الذهب والفضة. ومنع ذلك بعضهم، ولا تنس في هذا الباب قاعدة أن الأصل في الأشياء الحل لقوله تعالى: خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً «5» ، فلا تحريم إلا بدليل، والذي نراه في حكمة التحريم أن ذلك مظنة الإسراف والخيلاء،
(1) رواه البخاري في كتاب: الأطعمة، باب: الأكل في إناء مفضض (5426) . ورواه مسلم في كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء و
…
(5367) .
(2)
رواه البخاري في كتاب: الأشربة، باب: آنية الفضة (5634) . ورواه مسلم في كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم استعمال أواني الذهب والفضة في الثوب وغيره
…
(5353) .
(3)
رواه مسلم في كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم استعمال أواني الذهب والفضة
…
(5354) .
(4)
رواه أبو داود في كتاب: الخاتم، باب: ما جاء في الذهب للنساء (4236) .
(5)
سورة البقرة، الآية:29.