المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سورة الأحزاب 2796 - * روى الشيخان عن عبد الله بن - الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام - جـ ٤

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأولفي فضل القرآن والإقبال على تلاوته وفي بعض الآداب والأحكام

- ‌المقدمة

- ‌الفقرة الأولىفي فضل القرآن والإقبال عليه وتلاوته

- ‌ فضل من يحمل شيئاً من القرآن ويقرؤه ويحافظ عليه والاجتماع على تلاوته:

- ‌ فضل تعلم القرآن وتعليمه:

- ‌ في وجوب تعهد القرآن وعدم الغفلة عنه:

- ‌ نزول الملائكة والسكينة على قارئ القرآن:

- ‌ حب القرآن وعلاماته:

- ‌الفقرة الثانية:في بعض الآداب والأحكام المتعلقة بالقرآن

- ‌ وجوب تعلم القرآن وتعليمه وآداب ذلك:

- ‌ إتقان القراءة:

- ‌ التغني بالقرآن وتزيينه بالصوت:

- ‌ الجمع بين حسن التلاوة وحسن الفهم والإخلاص فيهما:

- ‌ صفة قراءة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ في كم يقرأ القرآن:

- ‌ في ختم القرآن:

- ‌ ماذا يفعل من نام عن حزبه

- ‌ قراءة القرآن عند ائتلاف القلوب:

- ‌ في أحكام الجهر والإسرار بقراءة القرآن:

- ‌ في من جمع القرآن من الصحابة:

- ‌ في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخصّ أحداً بشيء من القرآن:

- ‌ من أسرار القرآن:

- ‌ أقسام القرآن ونسخه لما قبله وفضله على سائر الكتب:

- ‌ تلاوة القرآن من غير وضوء:

- ‌ حكم مس القرآن

- ‌ كراهة السفر بالقرآن إلى أرض العدو:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الثالثة: في بعض ما خص بالذكر من آيات وسور

- ‌ في البسملة:

- ‌ فضل سورة الفاتحة:

- ‌ فضل خواتيم سورة البقرة:

- ‌ فضل سورتي البقرة وآل عمران:

- ‌ في آية الكرسي:

- ‌ في السبع الطوال:

- ‌ في سورة الكهف:

- ‌ في فضل سورة تبارك "الملك

- ‌ في التكوير والانفطار والانشقاق:

- ‌ في سورة الزلزلة:

- ‌ في سورة الإخلاص:

- ‌ في المعوذتين:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الباب الثانيفي بعض علوم القرآن

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأولفي نزول القرآن على سبعة أحرف وفي القراءات

- ‌عرض إجمالي:

- ‌النصوص

- ‌وصل في نماذج عن الأحرف والقراءات

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفصل الثانيفي ترتيب القرآن وجمعه وجمع الناس على رسم واحدوفي حكم تنزيله منجماً وفي أول ما نزل وآخر ما نزل

- ‌عرض إجمالي

- ‌الحكمة الأولى

- ‌الحكمة الثانية

- ‌الحكمة الثالثة

- ‌الحكمة الرابعة

- ‌جمع القرآن على عهد عثمان رضي الله عنه

- ‌ترتيب آيات القرآن

- ‌فوائد حول الرسم العثماني للمصحف:

- ‌الفائدة الأولى:

- ‌الفائدة الثانية:

- ‌الفائدة الثالثة:

- ‌الفائدة الرابعة:

- ‌الفائدة الخامسة:

- ‌الفائدة السادسة:

- ‌هل رسم المصحف توقيفي

- ‌كيف أنفذ عثمان المصاحف العثمانية

- ‌المصاحف في دور التجويد والتحسين:

- ‌النصوص

- ‌ في عرضة جبريل الأخيرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌ في جمع القرآن:

- ‌ جمع عثمان الناس على رسم واحد:

- ‌ في وقوع النسخ في القرآن:

- ‌ في مصحف حفصة:

- ‌ في أول ما نزل وآخر ما نزل:

- ‌الفصل الثالثُفي بعض المأثور من التفسير وبعضأسباب النزول والناسخ والمنسوخ

- ‌مقدمة:

- ‌عرض إجمالي لموضوع التفسير:

- ‌من تفسير سورة الفاتحة

- ‌سورة البقرة

- ‌سورة آل عمران

- ‌سورة النساء

- ‌سورة المائدة

- ‌سورة الأنعام

- ‌سورة الأعْرَافِ

- ‌سورة الأنفال

- ‌سورة براءة

- ‌سورة يونس

- ‌سورة هود

- ‌سورة يوسف

- ‌سورة الرعد

- ‌سورة إبراهيم

- ‌سورة الحِجْر

- ‌سورة النحل

- ‌سورة الإسراء

- ‌سورة الكهف

- ‌سورة مريم

- ‌تفسير سورة طه

- ‌سورة الأنبياء

- ‌سورة الحج

- ‌سورة المؤمنون

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان

- ‌سورة طسم الشعراء

- ‌سورة القصص

- ‌سورة العنكبوت

- ‌سورة الروم

- ‌سورة لقمان

- ‌سورة السجدة

- ‌سورة الأحزاب

- ‌سورة سبأ

- ‌سورة فاطر

- ‌سورة يس

- ‌سورة ص

- ‌سورة الزُّمَر

- ‌سورة المؤمن (غافر)

- ‌سورة فصلت

- ‌سورة حم عسق (الشورى)

- ‌سورة حم: الدُّخان

- ‌سورة الأحقاف

- ‌سورة الفتح

- ‌سورة الحجرات

- ‌سورة ق

- ‌سورة الطور

- ‌سورة النجم

- ‌سورة القمر

- ‌سورة الواقعة

- ‌سورة الحديد

- ‌سورة المجادلة

- ‌سورة الحشر

- ‌سورة الممتحنّة

- ‌سورة الصف

- ‌سورة الجمعة

- ‌سورة المنافقين

- ‌سورة التغابن

- ‌سورة الطلاق

- ‌سورة التحريم

- ‌سورة ن (القلم)

- ‌سورة نوح

- ‌سورة الجن

- ‌سورة المزمل

- ‌سورة المدثر

- ‌سورة القيامة

- ‌سورة عم يتساءلون

- ‌سورة النازعات

- ‌سورة عبس

- ‌سورة التكوير

- ‌سورة ويل للمطففين

- ‌سورة إذا السماء انشقت

- ‌سورة البروج

- ‌سورة الأعلى

- ‌سورة والشمس وضحاها

- ‌سورة الضحى

- ‌سورة العلق

- ‌سورة إذا زلزلت

- ‌سورة التكاثر

- ‌سورة الكوثر

- ‌سورة النصر

- ‌سورة الإخلاص

- ‌سورة المعوذتيْن

- ‌(فوائد)

الفصل: ‌ ‌سورة الأحزاب 2796 - * روى الشيخان عن عبد الله بن

‌سورة الأحزاب

2796 -

* روى الشيخان عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: إن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمدٍ، حتى نزل القرآن:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} (1).

قال النووي: قال العلماء: كان النبي صلى الله عليه وسلم قد تبنى زيداً ودعاه ابنه، وكانت العرب تفعل ذلك: يتبنى الرجل مولاه أو غيره فيكون ابناً له يورثه وينتسب إليه، حتى نزلت الآية، فرجع كل إنسان إلى نسبه، إلا من لم يكن له نسب معروف فيضاف إلى مواليه، كما قال تعالى:{فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} .

2797 -

* روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مؤمنٍ، إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة، اقرؤوا إن شئتم: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} (2) فأيُّما مؤمنٍ ترك مالاً فليرثه عصبته من كانوا، فإن ترك ديناً أو ضياعاً، فليأتني فأنا مولاه".

2798 -

* روى الطبراني عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ} (3) قال أخذ الله ميثاق النبيين على قومهم.

2796 - البخاري (8/ 517) 65 - كتاب التفسير، 3 - باب (ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله).

مسلم (4/ 1884) 44 - كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل زيد بن حارثة وأسامة بن زيد رضي الله عنهما.

الترمذي (5/ 353) 48 - كتاب تفسير القرآن، 34 - باب "ومن سورة الأحزاب" وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

(أقسط) الرجل: إذا عدل، وقسط: إذا جار، وأقسط: أي أعدلُ.

(1)

الأحزاب: 5.

2797 -

البخاري (8/ 517) 65 - كتاب التفسير، 1 - باب 4781.

مسلم (3/ 1237، 1238) 23 - كتاب الفرائض، 4 - باب من ترك مالاً فلورثته.

(عصبة) الميت: من يرثه، سوى من له فرضٌ مقدرٌ.

(ضياعاً) الضياع: العيالُ، وقيل: هو مصدر ضاع يضيع.

2798 -

الطبراني (المعجم الكبير)(12/ 22).

مجمع الزوائد (7/ 91) وقال الهيثمي: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.

(2)

الأحزاب: 6.

(3)

الأحزاب: 7.

ص: 1936

2799 -

* روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} (1) قالت: كان ذلك يوم الخندق.

2800 -

* روى البخاري عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: نرى هذه الآية نزلت في عمي أنس بن النضر: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} (2).

تتمة الآية: {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} .

قتل أنس بن النضر يوم أحد شهيداً، ووجد في جسده بضع وثمانون ما بين ضربة بسيف ورمية بسهم وطعنة برمح، حتى قالت أخته الرُّبيعُ بنت النضر: ما عرفت أخي إلا ببنانه. (م).

2801 -

* روى الترمذي عن أم عمارة الأنصارية رضي الله عنها قالت: أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت، ما أرى كل شيءٍ إلا للرجال، وما أرى النساء يذكرن بشيء فنزلت:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (3).

2802 -

* روى الطبراني عن قتادة قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم زينب وهي بنتُ عمته وهو يريدها لزيد فظنت أنه يريدها لنفسه فلما علمت أنه يريدها لزيد أبت فأنزل الله تعالى:

2799 - البخاري (7/ 399) 64 - كتاب المغازي، 29 - باب غزوة الخندق، وهي الأحزاب.

(زاغت الأبصار): مالت عن مكانها، وذلك كما يعرضُ للإنسان عند الخوف.

(الحناجر): جمع الحنجرة، وهي الحلقوم.

(1)

الأحزاب: 10.

2800 -

البخاري (8/ 518) 65 - كتاب التفسير، 3 - باب (فمنهم من قضى نحبه

).

(2)

الأحزاب: 23.

2801 -

الترمذي (5/ 354) 48 - كتاب تفسير القرآن، 34 - باب "ومن سورة الأحزاب" وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

(3)

الأحزاب: 35.

2802 -

مجمع الزوائد (7/ 91، 92) وقال الهيثمي: رواه الطبراني بأسانيد، ورجال بعضها رجال الصحيح.

ص: 1937

{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (1) فرضيت وسلمت.

2803 -

* روى الترمذي عن عائشة قالت: لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً من الوحي، لكتم هذه الآية:{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} .

تتمة الآية: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} (2).

أقول: من الظواهر البارزة في القرآن أن هناك كثيراً من الآيات تخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاب المؤدب أو المعاتب أو المحاسب، فتجد أن هناك ذاتاً علياً تخاطب ذاتاً مكلفة بالعبودية وهذه إحدى الظواهر التي تدل على أن القرآن من عند الله تعالى.

2804 -

* روى البخاري عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: جاء زيدُ بن حارثة يشكُو، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"اتق الله، وأمسِكْ عليك زوجك"، قال أنسٌ: لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً من الوحي لكتم هذه الآية، قال: وكانت تفخرُ على أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، تقول: زوَّجكن أهاليكن، وزوجني الله من فوق سبع سمواتٍ.

وفي رواية (3) قال: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} نزلت في شأن زينب بنت جحشٍ وزيدِ بن حارثةَ.

وفي رواية الترمذي (4) قال: لما نزلت هذه الآية: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} في شأن زينب بنت جحش، جاء زيدٌ يشكو، فهمَّ بطلاقها، فاستأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أمسِكْ عليك زوجك، واتق الله".

(1) الأحزاب: 36.

2803 -

الترمذي (5/ 35) 48 - كتاب تفسير القرآن، 34 - باب "ومن سورة الأحزاب" وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

(2)

الأحزاب: 37.

2804 -

البخاري (13/ 403، 404) 97 - كتاب التوحيد، 22 - باب (وكان عرشه على الماء

).

(3)

البخاري (8/ 523) 65 - كتاب التفسير، 6 - باب (وتخفي في نفسك ما الله مبديه).

(4)

الترمذي (5/ 354) 48 - كتاب تفسير القرآن، باب "ومن سورة الأحزاب" وقال الترمذي هذا حديث صحيح.

ص: 1938

وفي أخرى (1) له قال: لما نزلت هذه الآية في زينب بنت جحش: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} قال: فكانت تفخرُ على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: زوجَكُنَّ أهلوكن، وزوجني الله من فوق سبع سمواتٍ.

وفي رواية النسائي (2) قال: كانت زينبُ تفخر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم، تقول: أنكحني من السماء، وفيها نزلت آية الحجاب.

قال الحافظ في الفتح: وقد أخرج ابن أبي حاتم هذه القصة من طريق السدي فساقها سياقاً واضحاً حسناً، ولفظه: بلغنا أن هذه الآية نزلت في زينب بنت جحش، وكانت أمها أمية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يزوجها زيد بن حارثة، فكرهت ذلك، ثم إنها رضيت بما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها إياه، ثم أعلم الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بعدُ أنها من أزواجه فكان يستحي أن يأمر بطلاقها، وكان لا يزال يكون بين زيد وزينب ما يكون من الناس، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمسك عليه زوجه وأن يتقي الله، وكان يخشى الناس أن يعيبوا عليه ويقولوا: تزوج امرأة ابنه، وكان قد تبنى زيداً، وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: جاء زيد بن حارثة فقال: يا رسول الله إن زينب اشتد علي لسانها، وأنا أريد أن أطلقها، فقال له: اتق الله وأمسك عليك زوجك، قال: والنبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يطلقها ويخشى قالة الناس.

قال الحافظ: ووردت آثار أخرى أخرجها ابن أبي حاتم والطبري ونقلها كثير من المفسرين لا ينبغي التشاغل بها، والذي أوردته هو المعتمد.

والحاصل أن الذي كان يخفيه النبي صلى الله عليه وسلم هو إخبار الله إياه أنها ستصير زوجته، والذي كان يحمله على إخفاء ذلك خشية قول الناس: تزوج امرأة ابنه، وأراد الله إبطال ما كان أهل الجاهلية عليه من أحكام التبني بأمر لا أبلغ في الإبطال منه، وهو تزوج امرأة الذي يدعي ابناً ووقوع ذلك من إمام المسلمين ليكون أدعى لقبولهم.

(1) الترمذي (5/ 354) نفس الموضع السابق.

(2)

النسائي (6/ 79، 80) 26 - كتاب النكاح، 26 - باب صلاة المرأة إذا خُطبت واستخارتها ربها.

ص: 1939

2805 -

* روى الطبراني عن عليِّ بن الحسين في قوله تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} أن أمَّ شَرِيكٍ الأزدية التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم.

أقول: إن أم شريك وهبت نفسها للرسول صلى الله عليه وسلم، لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد نكاحها، فلم يحصل النكاح لأن الله عز وجل ترك الخيار لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يقبل زواج من تهب نفسها إليه أو يرفض، قال تعالى:{وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} لأن الزواج بلا مهر كان خصوصية للرسول صلى الله عليه وسلم.

2806 -

* روى الشيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنهُ كان ابن عشرِ سنين مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم [أي إلى المدينة مهاجراً]، قال: وكُنَّ أمَّهاتي يُواظبنني على خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخدمتُهُ عشر سنين، وتُوفي النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشرين سنةً، وكنت أعلم الناس بشأن الحجاب حين أُنزل، وكان أول ما نزل في مُبتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش: أصبح النبي صلى الله عليه وسلم عروساً بها. فدعا القوم فأصابوا الطعام، ثم خرجوا وبقي رهطٌ منهم عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأطالوا المكث، فقام النبي، فخرج وخرجتُ معه لكي يخرجوا، فمشى النبي صلى الله عليه وسلم ومشيتُ، حتى جاء عتبة حُجرةِ عائشة، ثم ظن أنهم خرجوا، فرجع ورجعتُ معه، حتى إذا دخل على زينب فإذا هم جلوس لم يقوموا، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم ورجعتُ معه، حتى إذا بلغ عتبة حجرة عائشة ظنَّ أنهم خرجوا، فرجع ورجعتُ معه، فإذا هم قد خرجوا، فضرب النبيُّ صلى الله عليه وسلم بيني وبينه بالستْرِ، وأنزِلَ الحجابُ.

زاد في رواية (1): أنا أعلمُ الناس بالحجاب، وكان أُبيُّ بن كعب يسألني عنه.

2805 - مجمع الزوائد (7/ 92) وقال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.

2806 -

البخاري (9/ 230) 67 - كتاب النكاح، 67 - باب الوليمة حق.

مسلم (2/ 1050) 16 - كتاب النكاح، 15 - باب زواج زينب بنت جحش ونزول الحجاب .... إلخ.

(1)

البخاري (9/ 585) 70 - كتاب الأطعمة، 59 - باب قول الله تعالى (فإذا طعمتم فانتشروا

).

(مبتنى) الابتناء بالمرأة: الدخول بها، وكذلك البناء، والأصل فيه: أن الرجل كان إذا تزوج امرأة، بنى عليها قُبة ليدخل بها فيها.

قال الجوهري: ولا يقال: بنى بأهله، إنما يقال: بنى على أهله.

(عروساً) العروسُ: يُطلق على الرجل وعلى المرأة أيام دخول أحدهما بالآخر.

(رهط) الرهط: ما بين الثلاث إلى التسع من الرجال.

ص: 1940

وللبخاري (1) من رواية الجعْد عن أنسٍ، قال: مر بنا أنسٌ في مسجد بني رفاعة، فسمعته يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مرَّ بجنباتِ أم سُليم دخل [عليها] فسلَّم عليها، ثم قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم عروساً بزينب، فقالت لي أمُّ سُليم: لو أهدينا رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية؟ فقلت لها: افعلي، فعمدتْ إلى تمرٍ وسمنٍ وأقطٍ، فاتخذتْ حيسةً في بُرمةٍ، فأرسلت بها معي إليه، فانطلقتُ بها إليه، فقال [لي]: ضعها، ثم أمرني، فقال:"ادعُ لي رجالاً سماهم، وادعُ لي من لقيت"، قال: ففعلتُ الذي مرني، فرجعتُ، فإذا البيت غاصٌّ بأهله، ورأيت النبي صلى الله عليه وسلم وضع يدهُ على تلك الحيسةِ، وتكلم بما شاء الله، ثم جعل يدعو عشرة عشرةً، يأكلون منه، ويقول لهم:"اذكروا اسم الله، وليأكل كل رجل مما يليه"، حتى تصدعُوا كلهم، فخرج من خرج، وبقي نفرٌ يتحدثون، ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم نحو الحُجراتِ، وخرجتُ في إثره، فقلت: إنهم قد ذهبوا، فرجع فدخل البيت وأرخى الستر، وإني لفي الحجرة، وهو يقول:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} (2).

وقال الجعد: قال أنسٌ: إنه خدم النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين.

ولمسلم (3) من رواية الجعدِ أيضاً قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل بأهله، قال: فصنعت أمي أمُّ سُليم حيساً، فجعلته في تورٍ، فقالت: يا أنس، اذهبْ بهذا إلى رسول الله صلى الله لعيه وسلم، فقل: بعثتْ بهذا إليك أمي، وهي تُقرئك السلام وتقول: إن هذا لك منا قليلٌ، فقال:"ضعْهُ"، ثم قال:"اذهب فادعُ لي فلاناً وفلاناً وفلاناً ومن لقيت"،

(1) البخاري (9/ 226، 227) 67 - كتاب النكاح، 64 - باب الهدية للعروس.

(2)

الأحزاب: 53.

(3)

مسلم: نفس الموضع السابق ص 1051، 1052.

(بجنبات) جنباتُ البيت: نواحيه.

(أقط) الأقط: لبن مجففٌ يابس صلبٌ.

(حيسة) الحيسة: خليط من تمرٍ وسمنٍ وأقطٍ.

(بُرمة) القدر.

(تور): إناء من نحاس.

ص: 1941

قال: فدعوتُ من سمى ومن لقيتُ، قال: قلتُ لأنسٍ: عدد كمْ كانوا؟ قال: زُهاء ثلاثمائة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أنسُ، هات التوْرَ"، قال: فدخلوا حتى امتلأت الصُّفة والحُجرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليتحلقْ عشرةٌ عشرة، وليأكلْ كلُّ إنسان مما يليه"، قال: فأكلوا حتى شبعوا، قال: فخرجت طائفة، ودخلت طائفة، حتى أكلوا كلهم، فقال لي:"يا أنس، ارفع"، فرفعتُ، فما أدري حين وضعتُ كان أكثر، أم حين رفعتُ؟ قال: وجلس طوائفُ منهم يتحدثون في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ، وزوجته موليةٌ وجهها إلى الحائط، فثقُلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم على نسائه ثم رجع، فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رجع، ظنوا أنهم قد ثقلوا [عليه]، قال: فابتدروا الباب، فخرجوا كلهم، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى أرخى الستر، ودخل وأنا جالسٌ في الحجرة، فلم يلبثْ إلا يسيراً، حتى خرج عليَّ، وأنزلت هذه الآية، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأهن على الناس:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} إلى آخر الآية، قال الجعد: قال أنسٌ: أنا أحدثُ الناس عهداً بهذه الآيات، وحُجبن نساء النبي صلى الله عليه وسلم.

وفي أخرى (1) للبخاري قال: بنى النبي صلى الله عليه وسلم بزينب، فأوْلَم بخبزٍ ولحمٍ، فأُرسلْتُ على الطعام داعياً، فيجيء قومٌ فيأكلون ويخرجون، ثم يجيء قومٌ فيأكلون ويخرجون، فدعوت حتى ما أجد أحداً أدعو، فقلت: يا نبي الله، ما أجد أحداً أدعو، قال:"ارفعوا طعامكم" وبقي ثلاثة رهطٍ يتحدثون في البيت، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فانطلق إلى حجرة عائشة، فقال: "السلام عليكم أهل البيت ورحمةُ الله وقالت: وعليك السلام ورحمة الله، كيف وجدت أهلك؟ بارك الله لك، فتقرَّى حُجر نسائه كلهنَّ، يقول لهن كما يقول

(1) البخاري (8/ 527، 528) 65 - كتاب التفسير، 8 - باب (لا تدخلوا بيوت النبي ..).

(زُهاء) يقال: القوم زهاء مائةٍ، أي: قدر مائة.

(تصدعوا) أي: تفرقوا.

(ليتحلق) التحلق: أن يصير القوم حلقة مجتمعة.

(أولم) الوليمة: طعام العرس.

(فتقرى) تقرى: مثل استقرى، أي: تتبع شيئاً فشيئاً.

(إناهُ) الإنا مقصور: النُّضج.

ص: 1942

لعائشة، ويقلن له كما قالت عائشة، ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا رهطٌ ثلاثةٌ في البيت يتحدثون، وكان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الحياء؛ فخرج منطلقاً نحو حجرة عائشة، فما أدري أخبرته أو أخبر أن القوم قد خرجوا، فرجع حتى وضع رجله في أسكُفَّة الباب داخلةً، وأخرى خارجة، أرخى الستر بيني وبينه، وأُنزل الحجاب".

وفي أخرى (1) له قال: أوْلم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بنى بزينب بنت جحشٍ، فأشبع الناس خبزاً ولحماً. وخرج إلى حجرِ أمهات المؤمنين، كما كان يصنعُ صبيحة بنائه، فيُسلم عليهن ويدعو لهن، ويُسلمن عليه ويدعون له، فلما رجع إلى بيته، رأى رجلين، جرى بهما الحديث، فلما رآهما رجع عن بيته، فلما رأى الرجلان أن النبي صلى الله عليه وسلم رجع عن بيته وثبا مسرعين، فما أدري أنا أخبرته بخروجهما أو أُخبر؟ فرجع حتى دخل البيت، وأرخى الستر بيني وبينه، وأُنزلت آيةُ الحجاب.

2807 -

* روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قال عروةُ: كانت خولة بنت حكيم من اللاتي وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم، فقالت عائشة: أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل، فلما نزلت:{تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} قلت: يا رسول الله ما أرى ربك إلا يُسارع في هواك.

وفي أخرى (2)، قالت: كنت أغارُ على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر نحوه.

وفي أخرى (3)، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذننا إذا كان في يوم المرأة منا، بعد أن نزلت هذه الآية:{تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} فقلت لها: ما كنتِ تقولين؟ قالت: كنت أقول له: إن

(1) البخاري (8/ 528) نفس الموضع السابق.

2807 -

البخاري (9/ 164) 67 - كتاب النكاح، 29 - باب هل للمرأة أن تهب نفسها لأحد.

مسلم (2/ 1085، 1086) 17 - كتاب الرضاع، 14 - باب جواز هبتها نوبتها لضرتها.

النسائي (6/ 54) 26 - كتاب النكاح، 1 - ذكر أمر الرسول صلى الله عليه وسلم في النكاح

إلخ.

(2)

البخاري (8/ 524، 525) 65 - كتاب التفسير، 7 - باب (ترجي من تشاء منهن

).

(3)

البخاري: نفس الموضع السابق (8/ 525).

ص: 1943

كان ذلك إليَّ، فإني لا أريد يا رسول الله أن أوثِرَ عليك أحداً.

وفي رواية (1): لم أوثِرْ على نفسي أحداً.

قال النووي: هذا من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو زواج من وهبت نفسها له بلا مهر، قال الله تعالى:{خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} واختلف العلماء في هذه الآية، وهي قوله:{لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} فقيل: ناسخة لقوله تعالى {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ} ومبيحة له أن يتزوج ما شاء. وقيل: بل نسخت تلك الآية بالسنة، قال زيد بن أرقم:"تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية ميمونة، ومليكة، وصفية، وجويرية" وقالت عائشة رضي الله عنها: "ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له النساء" وقيل: عكس هذا، وأن قوله تعالى:{لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ} ناسخة لقوله: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ} والأول: أصح. قال أصحابنا: الأصح: أنه صلى الله عليه وسلم ما توفي حتى أبيح له النساء مع أزواجه. (م).

2808 -

* روى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أُحل له النساء.

وللنسائي (2) أيضاً: حتى أُحِلَّ له أن يتزوج من النساء ما شاء.

قال محقق الجامع: وإسناده صحيح. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان/ والحاكم من طريق ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة، وله شاهد عند ابن أبي حاتم كما نقله عنه (ابن كثير: 6/ 512) حديث أم سلمة أنها قالت: لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم

(1) مسلم (2/ 1103) 18 - كتاب الطلاق، 4 - باب بيان ان تخيير امرأته لا يكون طلاقاً إلا بالنية.

(ترجي): الإرجاء: التأخير.

2808 -

الترمذي (5/ 356) 48 - كتاب تفسير القرآن، 34 - باب "ومن سورة الأحزاب" وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

النسائي (6/ 56) 26 - كتاب النكاح، 2 - ما افترض الله عز وجل على رسوله عليه السلام وحرمه على خلقه

إلخ.

(2)

النسائي (6/ 56) نفس الموضع السابق.

ص: 1944

2809 -

* روى الطبراني في الأوسط عن عائشة في قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} قالت: كنت آكل مع النبي صلى الله عليه وسلم في قعْبٍ فمرَّ عمر فدعاه فأكل فأصابت أصْبُعُه أصبعي فقال حَسِّ أو أوْهِ، لو أطاع فيكن ما رأتكن عين. فنزلت آية الحجاب.

2810 -

* روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كُنَّ يخْرُجن بالليل قِبَلَ المناصع - وهو صعيدٌ أفْيَحُ- وكان عمر يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: احجُبْ نساءك، فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، فخرجتْ سودةُ بنت زمعة: زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ليلة من الليالي عشاء- وكانت امرأةً طويلةً - فناداها عمر: ألا قد عرفناك يا سودةُ، حرصاً على أن ينزل الحجاب.

وفي رواية (1): كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يخرجن ليلاً إلى ليلٍ قِبَل المناصع وذكر نحوه.

وفي أخرى (2) قالت: خرجت سودة بعد ما ضُرب الحجابُ لحاجتها - وكانت امرأة جسيمة تفرعُ النساء جسماً، لا تخفى على من يعرفها - فرآها عمر بن الخطاب، فقال: يا سودةُ، أما والله ما تخفين علينا، فانظري كيف تخرجين؟ قالت: فانكفأت راجعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، وإنه ليتعشى وفي يده عرقٌ، فدخلت، فقالت: يا رسول الله، إني خرجت، فقال لي عمر كذا وكذا، قالت: فأُوحي إليه، ثم رُفع عنه وإنَّ العَرْق

2809 - مجمع الزوائد (7/ 93) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح غير موسى بن أبي كثير، وهو ثقة.

(القعب): القدح.

(حس) كلمة تقال عند الألم المفاجيء.

2810 -

البخاري (1/ 248) 4 - كتاب الوضوء، 13 - باب خروج النساء إلى البراز، وأيضاً في 4795، 5237، 6240، في البخاري.

مسلم (4/ 1709) 39 - كتاب السلام، 7 - باب إباحة الخروج للنساء لقضاء حاجة الإنسان.

(المناصع) المواضع الخالية لقضاء الحاجة.

(الصعيد) التراب أو وجه الأرض.

(أفيح) أوسع.

(1)

مسلم: الموضع السابق.

(2)

مسلم ص 1710: الموضع السابق.

ص: 1945

في يده ما وضعه، فقال:"إنه قد أُذن لكن أن تخرجن لحاجتكُنَّ"، قال هشام، يعني: البراز.

قال الحافظ 8/ 531 قوله: "بعد ما ضرب الحجاب" وقد تقدم في كتاب الطهارة من طريق هشام بن عروة عن أبيه ما يخالف ظاهره رواية الزهري هذه عن عروة.

قال الكرماني: فإن قلت: وقع هنا "أنه كان بعد ما ضرب الحجاب" وتقدم في الوضوء "أنه كان قبل الحجاب" فالجواب: لعله وقع مرتين.

قلت: (القائل ابن حجر) بل المراد بالحجاب الأول غير الحجاب الثاني.

والحاصل: أن عمر رضي الله عنه وقع في قلبه نفرة من اطلاع أجانب على الحريم النبوي، حتى صرح بقوله للنبي عليه الصلاة والسلام "احجب نساءك" وأكد ذلك، إلى أن نزلت آية الحجاب، ثم قصد بعد ذلك أن لا يبدين أشخاصهن أصلاً، ولو كن مستترات، فبالغ في ذلك، فمنع منه، وأذن لهن في الخروج لحاجتهن، دفعاً للمشقة، ورفعاً للحرج.

2811 -

* روى أبو داود عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "لما نزل: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} (1) خرج نساء الأنصار كان على رؤوسهن الغربان من الأكسية".

2812 -

* روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كانت بنو إسرائيل يغتسلون عُراةً ينظر بعضهم إلى سوأة بعضٍ، وكان موسى عليه السلام يغتسل وحده، فقالوا: والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدَرُ، قال: فذهب مرةً يغتسل، فوضع ثوبه على حجرٍ، ففرَّ الحجرُ بثوبه،

2811 - أبوداود (4/ 61) كتاب اللباس، باب لباس النساء، وإسناده حسن.

(1)

الأحزاب: 59.

2812 -

البخاري (1/ 385) 5 - كتاب الغسل، 20 - باب من اغتسل عرياناً وحده في الخلوة .. إلخ.

مسلم (1/ 267) 3 - كتاب الحيض، 18 - باب جواز الاغتسال عرياناً في الخلة.

(سوأة) السوأة: كل ما يستحي الإنسان منه إذا انكشف.

(آدر) الأدرة: نفخة في الخصية، والرجل آدر.

(فجمح) جمح: إذا أسرع.

ص: 1946

قال: فجمح موسى عليه السلام بإثره، يقول: ثوبي حَجَرُ، ثوبي حجرُ، حتى نظرت بنو إسرائيل إلى سوأة موسى. فقالوا: والله ما بموسى من بأسٍ، فقام الحجرُ حتى نُظِرَ إليه، قال: فأخذ ثوبهُ، فطفِقَ بالحجر ضرباً، قال أبو هريرة: والله إن بالحجر ندباً - ستةً أو سبعةً - من ضرب موسى بالحجرِ".

وللبخاري (1) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن موسى كان رجلاً حيياً ستيراً، لا يُرى شيءٌ من جلده، استحياءً منه، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل، فقالوا: ما يستتر هذا الستر إلا من عيب بجلده: إما برصٍ، وإما أدْرَةٍ، وإما آفةٍ، وإن الله أراد أن يبرئه مما قالوا لموسى، فخلا يوماً وحده، فوضع ثيابه على الحجر ثم اغتسل، فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها، وإن الحجر عدا بثوه، فأخذ موسى عصاه، وطلب الحجر. وجعل يقول: ثوبي حجرُ، ثوبي حجرُ، حتى انتهى إلى ملأ بني إسرائيل، فرأوه عُرياناً أحسن ما خلق الله، وأبرأهُ مما يقولون، وقام الحجرُ؛ فأخذ بثوبه فلبسه، وطفق بالحجر ضرباً بعصاه، فوالله إن بالحجر لندباً من أثر ضربه - ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً"- فذلك قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} .

ولمسلم (2) قال: "وكان موسى رجلاً حيياً، قال: فكان لا يُرى متجرداً، قال: فقالت بنو إسرائيل: إنه آدَرُ، قال: فاغتسل عند مُوَيْهٍ، فوضع ثوبه على حجر، فانطلق الحجر يسعى، واتبعه بعصاه يضربهك ثوبي حجر، ثوبي حجر، حتى وقف على ملأٍ من بني إسرائيل"، فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا

(1) البخاري (6/ 436) 60 - كتاب أحاديث الأنبياء، 28 - باب 3403.

(2)

مسلم (4/ 1842) 43 - كتاب الفضائل، 42 - باب من فضائل موسى صلى الله عليه وسلم.

(ثوبي حجرُ): ثوبي منصوب بفعل مضمر تقديره أعطني، حجر: يعني يا حجر.

(فقام الحجر): أي وقف.

(فطفق بالحجر ضربا): أٌول: ضرب الحجر لأنه صدر منه فعل، من يعقل فضربه تأديباً له من شدة غضب على أنه اضطره لأن يراه الناس عرياناً.

(ندباً) الندب: أثر الجُرح إذا لم يرتفع عن الجلد، فشبه به أثر الضرب في الحجر.

(ملأ) الملأ: أشراف الناس إذا كانوا مجتمعين.

(مُويهٍ): تصغير ماء.

ص: 1947

تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا}.

قال الحافظ: وقد روى أحمد بن منيع في مسنده، والطبري وابن أبي حاتم بإسناد قوي عن ابن عباس عن علي قال:"صعد موسى وهارون الجبل، فمات هارون، فقال بنو إسرائيل لموسى: أنت قتلته، كان ألين لنا منك، وأشد حياء، فآذوه بذلك، فأمر الله الملائكة فحملته، فمروا به على بني إسرائيل، فعلموا بموته"، قال الطبري: يحتمل أن يكون هذا هو المراد بالأذى في قوله: {لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى} ، قال الحافظ: وما في الصحيح أصح من هذا، لكن لا مانع أن يكون للشيء سببان فأكثر، كما تقدم تقريره غير مرة.

ص: 1948