المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سورة المائدة 2620 - * روى الجماعة إلى الموطأ وأبا داود - الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام - جـ ٤

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأولفي فضل القرآن والإقبال على تلاوته وفي بعض الآداب والأحكام

- ‌المقدمة

- ‌الفقرة الأولىفي فضل القرآن والإقبال عليه وتلاوته

- ‌ فضل من يحمل شيئاً من القرآن ويقرؤه ويحافظ عليه والاجتماع على تلاوته:

- ‌ فضل تعلم القرآن وتعليمه:

- ‌ في وجوب تعهد القرآن وعدم الغفلة عنه:

- ‌ نزول الملائكة والسكينة على قارئ القرآن:

- ‌ حب القرآن وعلاماته:

- ‌الفقرة الثانية:في بعض الآداب والأحكام المتعلقة بالقرآن

- ‌ وجوب تعلم القرآن وتعليمه وآداب ذلك:

- ‌ إتقان القراءة:

- ‌ التغني بالقرآن وتزيينه بالصوت:

- ‌ الجمع بين حسن التلاوة وحسن الفهم والإخلاص فيهما:

- ‌ صفة قراءة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ في كم يقرأ القرآن:

- ‌ في ختم القرآن:

- ‌ ماذا يفعل من نام عن حزبه

- ‌ قراءة القرآن عند ائتلاف القلوب:

- ‌ في أحكام الجهر والإسرار بقراءة القرآن:

- ‌ في من جمع القرآن من الصحابة:

- ‌ في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخصّ أحداً بشيء من القرآن:

- ‌ من أسرار القرآن:

- ‌ أقسام القرآن ونسخه لما قبله وفضله على سائر الكتب:

- ‌ تلاوة القرآن من غير وضوء:

- ‌ حكم مس القرآن

- ‌ كراهة السفر بالقرآن إلى أرض العدو:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الثالثة: في بعض ما خص بالذكر من آيات وسور

- ‌ في البسملة:

- ‌ فضل سورة الفاتحة:

- ‌ فضل خواتيم سورة البقرة:

- ‌ فضل سورتي البقرة وآل عمران:

- ‌ في آية الكرسي:

- ‌ في السبع الطوال:

- ‌ في سورة الكهف:

- ‌ في فضل سورة تبارك "الملك

- ‌ في التكوير والانفطار والانشقاق:

- ‌ في سورة الزلزلة:

- ‌ في سورة الإخلاص:

- ‌ في المعوذتين:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الباب الثانيفي بعض علوم القرآن

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأولفي نزول القرآن على سبعة أحرف وفي القراءات

- ‌عرض إجمالي:

- ‌النصوص

- ‌وصل في نماذج عن الأحرف والقراءات

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفصل الثانيفي ترتيب القرآن وجمعه وجمع الناس على رسم واحدوفي حكم تنزيله منجماً وفي أول ما نزل وآخر ما نزل

- ‌عرض إجمالي

- ‌الحكمة الأولى

- ‌الحكمة الثانية

- ‌الحكمة الثالثة

- ‌الحكمة الرابعة

- ‌جمع القرآن على عهد عثمان رضي الله عنه

- ‌ترتيب آيات القرآن

- ‌فوائد حول الرسم العثماني للمصحف:

- ‌الفائدة الأولى:

- ‌الفائدة الثانية:

- ‌الفائدة الثالثة:

- ‌الفائدة الرابعة:

- ‌الفائدة الخامسة:

- ‌الفائدة السادسة:

- ‌هل رسم المصحف توقيفي

- ‌كيف أنفذ عثمان المصاحف العثمانية

- ‌المصاحف في دور التجويد والتحسين:

- ‌النصوص

- ‌ في عرضة جبريل الأخيرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌ في جمع القرآن:

- ‌ جمع عثمان الناس على رسم واحد:

- ‌ في وقوع النسخ في القرآن:

- ‌ في مصحف حفصة:

- ‌ في أول ما نزل وآخر ما نزل:

- ‌الفصل الثالثُفي بعض المأثور من التفسير وبعضأسباب النزول والناسخ والمنسوخ

- ‌مقدمة:

- ‌عرض إجمالي لموضوع التفسير:

- ‌من تفسير سورة الفاتحة

- ‌سورة البقرة

- ‌سورة آل عمران

- ‌سورة النساء

- ‌سورة المائدة

- ‌سورة الأنعام

- ‌سورة الأعْرَافِ

- ‌سورة الأنفال

- ‌سورة براءة

- ‌سورة يونس

- ‌سورة هود

- ‌سورة يوسف

- ‌سورة الرعد

- ‌سورة إبراهيم

- ‌سورة الحِجْر

- ‌سورة النحل

- ‌سورة الإسراء

- ‌سورة الكهف

- ‌سورة مريم

- ‌تفسير سورة طه

- ‌سورة الأنبياء

- ‌سورة الحج

- ‌سورة المؤمنون

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان

- ‌سورة طسم الشعراء

- ‌سورة القصص

- ‌سورة العنكبوت

- ‌سورة الروم

- ‌سورة لقمان

- ‌سورة السجدة

- ‌سورة الأحزاب

- ‌سورة سبأ

- ‌سورة فاطر

- ‌سورة يس

- ‌سورة ص

- ‌سورة الزُّمَر

- ‌سورة المؤمن (غافر)

- ‌سورة فصلت

- ‌سورة حم عسق (الشورى)

- ‌سورة حم: الدُّخان

- ‌سورة الأحقاف

- ‌سورة الفتح

- ‌سورة الحجرات

- ‌سورة ق

- ‌سورة الطور

- ‌سورة النجم

- ‌سورة القمر

- ‌سورة الواقعة

- ‌سورة الحديد

- ‌سورة المجادلة

- ‌سورة الحشر

- ‌سورة الممتحنّة

- ‌سورة الصف

- ‌سورة الجمعة

- ‌سورة المنافقين

- ‌سورة التغابن

- ‌سورة الطلاق

- ‌سورة التحريم

- ‌سورة ن (القلم)

- ‌سورة نوح

- ‌سورة الجن

- ‌سورة المزمل

- ‌سورة المدثر

- ‌سورة القيامة

- ‌سورة عم يتساءلون

- ‌سورة النازعات

- ‌سورة عبس

- ‌سورة التكوير

- ‌سورة ويل للمطففين

- ‌سورة إذا السماء انشقت

- ‌سورة البروج

- ‌سورة الأعلى

- ‌سورة والشمس وضحاها

- ‌سورة الضحى

- ‌سورة العلق

- ‌سورة إذا زلزلت

- ‌سورة التكاثر

- ‌سورة الكوثر

- ‌سورة النصر

- ‌سورة الإخلاص

- ‌سورة المعوذتيْن

- ‌(فوائد)

الفصل: ‌ ‌سورة المائدة 2620 - * روى الجماعة إلى الموطأ وأبا داود

‌سورة المائدة

2620 -

* روى الجماعة إلى الموطأ وأبا داود عن طارق بن شهاب رحمه الله قال: قالت اليهودُ لعمر رضي الله عنه: إنكُمْ تقرؤون آيةً لوْ نزلتْ فينا لاتخذناها عيداً، فقال عمر: إني لأعلَمُ حيثُ أُنزِلَتْ، وأين أُنزلت، وأين رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أُنزلتْ: يوم عرفة وإنا والله بعرفة: قال سفيان: وأشُكُّ: كان يوم الجمعة أم لا {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (1).

وفي رواية (2) قال: جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب، فقال: يا أمير المؤمنين، آيةٌ في كتابكم تقرؤونها، لو علينا نزلتْ معشرَ اليهودِ، لاتخذنا ذلك اليوم عيداً، قال: فأيُّ آية؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} فقال عمر: إني لأعلم اليوم الذي نزلتْ فيه، والمكان الذي نزلت فيه: نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات، في يوم جُمعةٍ.

2621 -

*روى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قرأ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} وعنده يهوديٌّ فقال: لو نزلتْ هذه الآية علينا لاتخذناها عيداً، فقال ابن عباس: فإنها نزلت يوم عيدين: في يوم جمعةٍ، ويوم عرفة.

2622 -

* روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ

2620 - البخاري (8/ 270) 65 - كتاب التفسير، 2 - باب (اليوم أكملت لكم دينكم).

مسلم (4/ 2312) 54 - كتاب التفسير.

الترمذي (5/ 250) 48 - كتاب تفسير القرآن، 6 - ومن سورة المائدة، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

النسائي (8/ 114) 47 - كتاب الإيمان وشرائعه، 18 - باب زيادة الإيمان.

(1)

المائدة: 3.

(2)

مسلم (4/ 2313) 43 - كتاب التفسير.

2621 -

الترمذي (5/ 250) 48 - كتاب تفسير القرآن، 6 - باب "ومن سورة المائدة" وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

2622 -

أبو داود (4/ 132) كتاب الحدود، 3 - باب ما جاء في المحاربة.

=

ص: 1810

يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (1) نزلت هذه الآيةُ في المشركين، فمن تاب منهُم قبْلَ أنْ يُقْدَرَ عليه لم يمنعهُ أنْ يُقام فيه الحدُّ الذي أصابَهُ.

2623 -

* روى مسلم عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنهما قال: مُرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم بيهودي، مُحَمَّماً مجْلُوداً، فدعاهم صلى الله عليه وسلم، فقال:"هكذا تجدون حَدَّ الزاني في كتابكم؟ قالوا: نعم. فدعا رجلاً من علمائهم، فقال: أنشُدُك بالله الذي أنزل التوراة على موسى، أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ قال: لا، ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك، نجده الرجم، ولكنه كثُرَ في أشرافنا، فكُنَّا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، فقلنا، تعالوا فلنجتمع على شيءٍ نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجْم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم إنِّي أولُ من أحيا أمرك إذْ أماتُوه، فأمر به فرُجم، فأنزل الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ

= النسائي (7/ 101) 37 - كتاب تحريم الدم، 9 - ذكر اختلاف طلحة بن مصرف ومعاوية بن صالح على يحيى ابن سعيد في هذا الحديث، وهذا الحديث إسناده لا بأس به، وهذا التأويل للآية مذهب ابن عباس.

وقد ضعَّف القرطبي هذا القول، ورده بقوله تعالى:(قل للذين كفروا إن ينتهوا يُغفر لهم ما قد سلف) وبقوله صلى الله عليه وسلم: "الإسلام يهدم ما كان قبله" رواه مسلم، وقال أبو ثور وفي الآية دليل على أنها نزلت في غير أهل الشرك، وهو قوله جل ثناؤه:(إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم) وقد أجمعوا على أن أهل الشرك إذا وقعوا في أيدينا فأسلموا أن دماءهم تحرم، فدل ذلك على أن الآية نزلت في أهل الإسلام، وقال ابن كثير 2/ 48 وتبعه الشوكاني في فتح القدير 2/ 32: والصحيح أن هذه الآية عامة في المشركين وغيرهم ممن ارتكب هذه الصفات. (م).

(1)

المائدة: 22، 23.

2623 -

مسلم (3/ 1327) 29 - كتاب الحدود، 6 - باب رجم اليهود، أهل الذمة، في الزنا.

أبو داود (4/ 154) كتاب الحدود، باب في رجم اليهوديين، وإسناده حسن.

(تحمم) التحميم: تسويد الوجه، من الحميم، جمع حممةٍ، وهي: الفحمةُ.

(أنشدك بالله) أحلفُ عليك وأقسم.

ص: 1811

بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} (1). يقول: ائتوا محمداً، فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه، وإن أفْتاكم بالرَّجْم فاحذروا، فأنزل الله تبارك وتعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ - وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ - وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} في الكفَّار كُلها.

وفي رواية أبي داود مِثلُهُ، وقال في آخرها: فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} - إلى قوله- {يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا} إلى قوله جل ثناؤه- {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} - في اليهود إلى قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} - في اليهود، إلى قوله- {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} قال: هي في الكفار كلُّها، يعني: هذه الآي.

أقول: وكل من لم يحكم بما أنزل الله من هذه الأمة فإنه ظالم لأنه لا عدل إلا بما شرعه الله، وهو إن استحل الحكم بغير ما أنزل الله كافر وإن فضل على حكم الله غيره، فهو كافر وإن حكم بغير ما أنزل الله غير مستحل ولا مفضل عليه غيره. فأدنى درجاته أنه فاسق، وللفتوى الاستثنائية في هذا المقام محل.

2624 -

* روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} إلى قوله: {الْفَاسِقُونَ} ، هذه الآيات الثلاثُ نزلت في اليهود خاصة: قُرَيْظةَ والنَّضير.

أقول: خصوص السبب لا ينفي عموم اللفظ، فهي فيهم وفي أمثالهم.

2625 -

* روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما كان قريظةُ والنضيرُ، وكان النضير أشرف من قريظة، فكان إذا قَتل رجل من قُريظة رجلاً من النضير قُتِلَ به، وإذا

(1) المائدة: 41.

2624 -

أبو داود (3/ 299) كتاب الأقضية، باب في القاضي يخطيء وإسناده سن.

2625 -

أبو داود (4/ 168) كتاب الديات، باب النفس بالنفس.

النسائي (8/ 18، 19) 45 - كتاب القسامة، 8 - باب ذكر الاختلاف على عكرمة في ذلك.

=

ص: 1812

قتل رجل من النضير رجلاً من قُريظة فوديَ بمائة وسْقٍ من تمر فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم، قَتل رجل من النضير رجلاً من قريظة، فقالوا: ادفعوه إلينا نقتُلْه، فقالوا: بيننا وبينكم النبي صلى الله عليه وسلم، فأتوه فنزلتْ:{وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} والقسط: النفس بالنفس، ثم نزلت:{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} (1).

ولأبي داود (2): قال: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} (3). فنسخت، قال:{فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} (4).

أقول: على القول بنسخ التخيير في قوله تعالى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} منسوخ بقوله تعالى: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} فهذا يفيد أن أحكام الشريعة الإسلامية تسري على كل مواطن في دولة الإسلام إلا ما كان من شؤونهم الخاصة التي أبيحت في شرائعهم ولم يأت في شريعتنا ما يدل على أنها كانت محرمة عليهم. ولذلك لم يجز فقهاء الحنفية أن يقتل المسلم خنزير النصراني أو يريق خمره ولو فعل فإن قاضي المسلمين يضمنه.

2626 -

* روى الطبراني عن عياضٍ الأشعري قال لما نزلتْ هذه الآية: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} (5) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هم قوم هذا" يعني أبا موسى.

وفي رواية (6): "هم أهل اليمن".

أقول: لقد كان لأهل اليمن في الردة الأولى دور كبير في إخمادها، وإنهائها، ونرجو أن يكون لهم دور دائم في هذا المضمار، وكل من تحقق بصفات جند الله فالمرجو أن يكون له دور في إنهاء الردة المعاصرة.

= ابن حبان (7/ 258) كتاب القضاء، ذكر الأخبار عن السبب الذي من أجله أنزل الله (وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط).

(1)

المائدة: 50.

(2)

أبو داود (3/ 303) كتاب القضية، باب الحكم بين أهل الذمة.

(3)

المائدة: 43.

(4)

المائدة: 48.

2626 -

الطبراني (المعجم الكبير)(17/ 371).

مجمع الزوائد (7/ 16) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير، ورجاله رجال الصحيح.

(5)

المائدة: 54.

(6)

الطبري (6/ 115، 116).

ص: 1813

2627 -

* روى الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "قال رجلٌ من اليهود يقال له شاسُ بن قيسٍ إنَّ ربك بخيلٌ لا ينفقُ فأنزل الله عز وجل: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} (1).

أقول: في نسخة الأصل تروي هذه الحادثة عن رجل اسمه النَّبَّاش بن قيس وفي تفسير ابن كثير أنه شاس بن قيس وهو الذي اعتمدناه وتروي الحادثة عن رجل اسمه فنحاص كذلك. كما في الطبري (6/ 194) وابن كثير (2/ 75) وفيهما عن ابن عباس: لا يعنون بذلك أني د الله موثقة ولكن يقولون بخيل يعني أمسك ما عنده بخلاً تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً.

2628 -

* روى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحرسُ ليلاً، حتى نزل:{وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (2) فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسهُ من القُبَّةِ، فقال لهم:"يا أيها الناسُ، انصرفوا، فقد عصمني الله".

2629 -

* روى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رجلاً أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني إذا أصبْتُ اللحم انتشرتُ للنساء، وأخذتني شهوتي، فحرَّمتُ عليَّ اللحْمَ، فأنزل الله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا} (3).

2630 -

* روى البخاري من حديث عبد الله بن مسعود قال: كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم وليس معنا نساء، فقلنا: ألا نختصي؟ فنهانا عن ذلك، فرخص لنا بعد ذلك أن نتزوج

2627 - الطبراني (المعجم الكبير)(12/ 67، 68).

مجمع الزوائد (7/ 17) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير، ورجاله ثقات.

(1)

المائدة: 64.

2628 -

الترمذي (5/ 251) 48 - كتاب تفسير القرآن، 6 - باب "ومن سورة المائدة".

الحاكم (المستدرك)(2/ 313) وصححه، ووافقه الذهبي.

(القبة): من الخيام بيت صغير مستدير وهو من بيوت العرب.

2629 -

الترمذي (5/ 255، 256) 48 - كتاب تفسير القرآن، 6 - باب "ومن سورة المائدة" وقال: هذا حديث حسن غريب.

(2)

المائدة: 67.

(3)

المائدة: 86، 87.

2630 -

البخاري (8/ 276) 65 - كتاب التفسير، 9 - باب (لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم).

ص: 1814

المرأة بالثوب، ثم قرأ:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} .

أقول: وذلك قبل تحريم نكاح المتعة، فقد كان مباحاً ثم حرم وكان فيشأنه اختلاف وكان في تحريمه اختلاف بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استقر الإجماع على التحريم بعد أن تبين لجميع المسلمين قطعية النصوص التي تحرمه، والنص لا يمنع الإنسان أن يمتنع عن تناول بعض الأطعمة المباحة لمصلحة يراها ولكنه يمنعه أن يحرم ذلك على نفسه.

2631 -

* روى الطبراني عن همام بن الحارث أن ابن مُقَرِّنٍ سأل عبد الله بن مسعود فقال: يا أبا عبد الرحمن إني حلفت أن لا أنام على فراشٍ سنةً فتلا عبد الله هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (1) كفر عن يمينك ونم على فراشك. قال إني موسِرٌ قال أعتقْ رقبة. قال عبدي سرق شيئاً من عندي. قال مالُك سُرِقَ بعضه من بعض. أي لا قطع عليه. قال أمتي زنت قال اجْلِدْها. قال إنها لم تحصن. قال إسلامُها إحصانُها.

أقول: قوله: (أي لا قطع عليه): أي لا تقطع يد العبد إذا سرق من مال سيده، وإذا زنت الأمة فحدها خمسون جلدة سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة، فالعبد والأمة لا يرجمان سواء كانا محصنين أو غير محصنين وحدُّهُما واحد وهو خمسون جلدة.

2632 -

* روى أحمد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: اللهم بيِّن لنا في الخمر بيان شفاءٍ، فنزلت التي في البقرة:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} (2) الآية، فدُعِيَ عمر، فقُرِئَتْ عليه، فقال: "اللهم

= (تتزوج المرأة بالثوب): هو الزواج إلى أجل وهو زواج المتعة.

2631 -

الطبراني (المعجم الكبير)(9/ 397، 398).

مجمع الزوائد (6/ 274) وقال الهيثمي: رواه الطبراني بأسانيد ورجال هذا وغيره رجال الصحيح وأخرجه الطبري (7/ 19).

(1)

المائدة: 87.

2632 -

أحمد (1/ 53).

أبو داود (3/ 325) كتاب الأشربة، باب في تحريم الخمر.

الترمذي (5/ 253، 254) 48 - كتاب تفسير القرآن، 6 - باب "ومن سورة المائدة".

النسائي (8/ 286، 287) 51 - كتاب الأشربة، 1 - باب تحريم الخمر.

المستدرك للحاكم (4/ 143) كتاب الأشربة، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

(2)

البقرة: 219.

ص: 1815

بيِّنْ لنا في الخمر بيان شفاءٍ" فنزلت التي في النساء: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} (1) فدُعِيَ عمر، فقُرِئَت عليه، فقال: اللهم بَيِّنْ لنا في الخمر بيان شفاءٍ، فنزلت التي في المائدة:{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (2) فدُعي عمرُ فقُرئتْ عليه، فقال: انتهينا، انتهينا.

إلا أن أبا داود زاد بعد قوله (وأنتم سكارى): فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقيمت الصلاة ينادي: ألا لا يقْرَبَنَّ الصلاة سكرانٌ.

وعنده: انتهينا، مرة واحدة.

2633 -

* روى مسلم عن (ابن مسعودٍ) لما نزلت: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (3) قال النبي صلى الله عليه وسلم: "قِيلَ لي أنت منهم". وللترمذي (4): قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنت منهم".

أقول: إن كثرة الطعام المباح والشراب المباح يؤثر على سير السائرين إلى الله عز وجل، فالأصل أن ينتقل الإنسان من تقوى وإيمان وعمل صالح إلى مزيد من التقوى والإيمان، ثم إلى تقوى وإحسان فما دام الإنسان ينتقل في مراتب الكمال فلا جناح عليه فيما طعم من المباحات، أما إذا صرفه الاستغراق في المباح عن السير في مراتب الكمال فإنه يدخل في هذه الحالة في دائرة المخالفة للأدب وفي دائرة خلاف الأولى، وقد يدخل في دائرة الأمراض القلبية من بطر وأشر وغفلة، وقد يدخل في دائرة الإسراف، فعل المسلم أن ينتبه إلى ذلك، فلا يصرفه الطعام والشراب عن الارتقاء في مراتب الكمال وقوله عليه الصلاة والسلام لابن مسعود (أنت منهم) إشارة إلى أن ابن مسعود من الناس الذين لا يصرفهم طعام مباح عن التوجه الحق لله تعالى، والقيام بحقوقه، وأكثر الخلق عن هذا

(1) النساء: 43.

(2)

المائدة: 91.

2633 -

مسلم (4/ 1910) 44 - كتاب فضائل الصحابة، 22 - باب من فضائل عبد الله بن مسعود وأمه رضي الله عنها.م

(3)

المائدة: 93.

(4)

الترمذي (5/ 255) 48 - كتاب التفسير، 6 - باب ومن سورة المائدة.

ص: 1816

غافلون قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} (1) وقال تعالى: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ} (2) انظر شرح النووي على مسلم ج 16/ص 14.

2634 -

* روى الترمذي عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قالوا: يا رسول الله، أرأيت الذين ماتوا وهم يشربون الخمر لما نزل تحريمُ الخمر؟ فنزلت:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} .

أقول: لما كانت الخمر مباحة فلم يكن على منْ آمن وعمل صالحاً جناح فيما طعم من المباحات، ومنها الخمر قبل أن تحرم، فلما حرمت وجد الجناح على من شربها ودخل في الحرام فلم يعد بذلك من أهل التقوى والإحسان بل أصبح من يشربها من الفاسقين إذا لم يستحل ذلك فإذا استحلها فقد كفر. قال الطبري: ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات منكم حرج فيما شربوا من ذلك - أي من الخمر - في الحال التي لم يكن الله تعالى حرمها عليهم إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات.

2635 -

* روى الطبراني عن عبد الله بن مسعودٍ قال: لما نزل تحريمُ الخمرِ قالتِ اليهودُ أليس إخوانُكم الذين ماتوا كانوا يشربونها؟ فأنزل الله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل لي: "أنت منهم".

2636 -

* روى الطبراني عن ابن عباسٍ قال: نزل تحريمُ الخمر في قبيلتين من قبائل شَربوا حتى إذا ثَمِلُوا عبثَ بعضُهم ببعضٍ، فلما صحوا جعل الرجل يرى الأثر بوجهه وبرأسه وبلحيته يقول فعل هذا أخي فلان والله لو كان بي رؤوفاً رحيماً ما فعل هذا بي

(1) محمد: من 12.

(2)

الأحقاف: من 20.

2634 -

الترمذي (5/ 255) الموضع السابق، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

2635 -

الطبراني (10/ 95).

مجمع الزوائد (7/ 18) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير وفي الصحيح بعضه ورجاله ثقات.

2636 -

الطبراني (12/ 56، 57).

مجمع الزوائد (7/ 18) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح.

ص: 1817

وقال وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائنُ فوقعتْ في قلوبهم الضغائنُ فأنزل الله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} فقال ناس من المتكلِّفين هي رجْسٌ وهي في بطن فلان قُتِلَ يوم بدرٍ وفلانٍ قتل يوم أُحدٍ، فأنزل الله تعالى:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} الآية.

2637 -

* روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنه قال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} (1) و {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} (2) نسختْها التي في المائدة {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (3).

2638 -

* روى البخار يعن أنسٍ رضي الله عنه: "إنَّ الخمرَ التي أهريقت الفضيخ" قال البخاري: وزادني محمدٌ البيكنديُّ عن أبي النعمان قال [أي أنس] "كنتُ ساقي القوم في منزل أبي طلحة، فنزل تحريم الخمر، فأمر مُنادياً فنادى، فقال أبو طلحة: اخرُج فانظرْ ما هذا الصوتُ، قال فخرجتُ فقلت: هذا منادٍ ينادي: ألا إن الخمر قد حُرِّمَت. فقال لي: اذهَبْ فأهرِقْها. قال فجرتْ في سككِ المدينة. قال وكانت خمرُهم يومئذٍ الفضيخُ، فقال بعض القوم: قُتل قومٌ وهي في بُطونهم، قال فأنزل الله:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} .

2639 -

* روى الشيخان عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خُطبةً ما سمعت مثلها قطُّ، فقال: "لو تعلمون ما أعلمُ لضحِكتم قليلاً،

2637 - أبو داود (3/ 325) كتاب الأشربة، باب في تحريم الخمر، وهو حخديث حسن.

(الميسر) القمار.

(الأنصاب) الأحجار التي كانوا ينصبونها، ويذبحون عليها لأصنامهم، وقيل: هي الأصنام.

(1)

النساء: 43.

(2)

البقرة: 219.

(3)

المائدة: 90.

2638 -

البخاري (8/ 278) 65 - كتاب التفسير، 11 - باب (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات).

(الفضيخ) شراب يتخذ من البُسر المفضوخ أي المشدوخ وسمي كذلك لأنه يسكر صاحبه فيفضخه.

2639 -

البخاري (8/ 280) 65 - كتاب التفسير، 12 - باب (لا تسألوا عن أشياء إن تُبد لكم تسؤكم).

=

ص: 1818

ولبكيْتُمْ كثيراً". قال: فغطَّى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم، ولهم خَنينٌ، فقال رجلٌ: من أبي؟ قال: فلانٌ، فنزلتْ هذه الآية:{لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (1).

وفي رواية أخرى (2): أخرى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حين زاغتِ الشمسُ، فصلَّى الظُّهرَ، فقام على المنبر فذكر الساعة، وذكر أن فيها أمُوراً عظاماً، ثم قال:"من أحبَّ أن يسأل عن شيءٍ فليسألْ، فلا تسألوني عن شيءٍ إلا أخبرتُكم، ما دمتُ في مقامي"، فأكثر الناسُ البكاء، وأكثر أن يقول:"سَلُوا" فقام عبد الله بن حُذافة السَّهْميُّ، فقال: من أبي؟ فقال: أبوكَ حُذافةُ، ثم أكثر أنْ يقول:"سلُوني"، فبرك عمر على رُكبتيه، فقال: رضينا بالله ربا، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبيًّا، فسكت، ثم قال:"عُرِضَتْ عليَّ الجنةُ والنارُ آنفاً في عُرْضِ هذا الحائط، فلم أرَ كاليوم في الخير والشرِّ"- قال: ابن شهابٍ: فأخبرني عبيدُ الله بن عبد الله بن عتبة قال: قالتْ أُمُّ عبد الله بن حُذافة لعبد الله بن حُذافة: ما سمعتُ قطُّ أعَقَّ منك، أمِنْتَ أن تكون أُمُّكَ قارفَتْ بعض ما يُقارفُ أهل الجاهلية فتفْضحَها على أعين الناس؟ فقال عبد الله بن حُذافة: لو ألحقني بعبد أسود للحِقْتُهُ.

وفي أخرى (3) قال: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحابه شيءٌ، فخطب، فقال:"عُرِضَتْ عليَّ الجنةُ والنارُ، فلم أرَ كاليومِ في الخير والشرِّ، ولو تعلمون ما أعلمُ لضحكْتُم قليلاً، ولبكيتُم كثيراً"، قال: فما أتى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومٌ أشدُّ منه، قال: غطَّوْا رؤوسهم، ولهم خنينٌ- ثم ذكر قيام عُمَرَ وقوله، وقول الرجل: مَنْ

= مسلم (4/ 1832، 1833) 43 - كتاب الفضائل، 37 - باب توقيره صلى الله عليه وسلم، وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه

إلخ.

(1)

المائدة: 101.

(2)

مسلم نفس الموضع السابق.

(3)

مسلم نفس الموضع السابق.

(آنفاً) فعلتُ الشيء آنفاً، أي: الآن.

(الخنين) بالخاء المعجمة، شبيه بالبكاء مع مشاركة في الصوت من الأنف.

(عُرْض) عُرضُ الشيء: جانبه.

(المقارفة): ههنا الزنا، وفي الأصل الكسب والعمل.

ص: 1819

أبي ونزول الآية.

وفي أخرى (1) قال: سألوا النبي صلى الله عليه وسلم، حتى أحْفَوْهُ في المسألة، فصعِد ذات يوم المنبر، فقال:"لا تسألوني عن شيء إلا بينتُهُ لكم"، فلما سمعُوا ذلك أرمُّوا ورهبُوا أن يكون بين يدي أمر قد حضر، قال أنسٌ: فجعلتُ أنظرُ يميناً وشمالاً، فإذا كلُّ رجلٍ لافٌّ رأسه في ثوبه يبْكي، فأنشأ رجلٌ - كان إذا لاحى يُدْعَى إلى غير أبيه - فقال: يا نبي الله، من أبي؟ قال:"أبو حُذافةُ"، ثم أنشأ عمر، فقال: رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمدٍ رسولاً، نعوذُ بالله من الفتن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما رأيت في الخير والشر كاليوم قطُّ، إني صُوِّرتْ لي الجنةُ والنارُ، حتى رأيتُهما دون الحائطِ".

قال قتادة: يُذكرُ هذا الحديث عند هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} .

وأخرج الترمذي منه (2) طرفاً يسيراً، قال: قال رجلٌ: يا رسول الله، منْ أبي؟ قال: أبوك فلانٌ، فنزلتْ:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} .

قال النووي في تفسير كلمة أم حذافة:

معناه: لو كنت من زنا فنفاك عن أبيك حذافة فضحتني.

وأما قوله: "لو ألحقني بعبد أسود للحقته" فقد يقال: هذا لا يتصور، لأن الزنا لا يثبت ب النسب. ويجاب عنه: بأنه يحتمل وجهين:

أحدهما: أن ابن حذافة ما كان بلغه هذا الحكم، وكان يظن أن ولد الزنا يلحق

(1) مسلم نفس الموضع السابق (4/ 1834).

(2)

الترمذي (5/ 256) 48 - كتاب التفسير، 6 - باب "ومن سورة المائدة".

(أحفوهُ) الإحفاء في السؤال: الاستقصاء والإكثارُ.

(أرَمُّوا) أرم الإنسان: إذا أطرق ساكتاً من الخوف.

(رهبةً) الرهبةُ: الخوف والفزعُ.

ص: 1820

بالزاني، وقد خفي هذا على أكبر منه، وهو سعد بن أبي وقاص، حين خاصم في ابن وليدة زمعة، فظن أنه يلحق أخاه بالزنا.

الثاني: أنه يتصور الإلحاق بعبد وطئها بشبهة، فيثبت النسب منه، والله أعلم.

2640 -

* روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان قومٌ يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم استهزاءً، فيقول الرجل: من أبي؟ ويقولُ الرجلُ، تضِلُّ ناقَتُهُ: أين ناقتي؟ فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} الآية كلها.

ويفهم من مجموع ما تقدم من الأحاديث وغيرها أن هذه الآية أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب مسائل كان يسألها إياه أقوام امتحاناً له أحياناً واستهزاءً أحياناً، فيقول له بعضهم "من أبي؟ " ويقول له بعضهم إذا ضلت ناقته "أين ناقتي؟ " فقال لهم تعالى كره: لا تسألوا عن أشياء من ذلك إن أبدينا لكم حقيقة ما تسألون عنه ساءكم إبداؤها وإظهارها. (م) 2/ 126.

2641 -

* روى الشيخان عن سعيد بن المسيب (رحم الله) قال: البحيرةُ: التي يُمنع دَرُّها للطواغيت، فلا يحلبُها أحدٌ من الناس، والسائبة: كانوا يُسيِّبونها لآلهتهم، لا يُحمل عليها شيءٌ- وقال: قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيتُ عمرو بن عامرٍ الخُزاعيَّ يجُرُّ قُصْبَهُ في النَّارِ، وكان أول من سَيَّبَ السوائبَ"(1).

2640 - البخاري (8/ 280) 65 - كتاب التفسير، 12 - باب (لا تسألوا عن أِياء إن تُبد لكم تسؤكم).

2641 -

البخاري (8/ 283) 65 - كتاب التفسير، 13 - باب (ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام).

مسلم (4/ 2192) 51 - كتاب الجنة وصفة نعيمها، 13 - باب النار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء.

(البحيرة والسائبة) كانت العرب إذا تابعت الناقة بين عشر إناثٍ لم يُركب ظهرها، ولم يُجزَّ وبرها، ولم يشرب لبنها إلا ضيفٌ، وهي السائبة، أي أنهم يسيبُونها ويخلُّونها لسبيلها، فما نُتجتْ بعد ذلك من أنثى: شَقُّو أذنها، وخلوا سبيلها مع أمها في الإبل، وحرم منها ما حرم من أمها، وهي البحيرة بنت السائبة.

والبحيرة: هي المشقوقة الأذن، وقيل: البحيرة كانوا إذا وُلد لهم سقْبٌ. بحروا أذنه، وقالوا: اللهم إن عاش ففتيٌّ، وإن مات فذكي، فإذا مات أكلوه.

وأما السائبة: فكان الرجل يسيبُ من ماله، فيجيءُ به إلى السدنة، فيدفعه إليهم، فيطعمون منها أبناء السبيل. إلا النساء، فلا يطعمونهن منها شيئاً حتى يموت، فيأكله الرجال والنساء جميعاً، ابن الأثير.

ص: 1821

والوصيلةُ: الناقةُ البكر تُبَكِّرُ في أول نتاج الإبل بأنثى، ثم تُثَنِّي بعدُ بأنثى، وكانوا يسيبونها لطواغيتهم، إنْ وصلتْ إحداهما بالأخرى، ليس بينهما ذكر، والحام: فحلُ الإبل يضربُ الضراب المعدود، فإذا قضى ضرابهُ، ودعُوه للطواغيت، وأعْفَوْه من الحمل، فلم يُحْمَل عليه شيء، وسموْهُ الحامي.

وفي رواية (1) قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيتُ عمرو بن لُحَيِّ بن قمعةَ بن خندِفٍ، أخا بني كعبٍ، وهو يجُرُّ قُصْبَهُ في النار".

استشكل بعضهم أن يكون عمرو بن لحي في النار وهو جاهلي ولا إشكال، لأن الظاهر أن عمرو بن لحي قد بلغته دعوة إبراهيم وإسماعيل ومع ذلك فقد أدخل الأصنام على جزيرة العرب، فهو إذاً ليس من أهل الفترة الذين لم تبلغهم دعوة نبي، بل كان ممن بلغته دعوة نبي ومع ذلك عبد الأوثان وسَنَّ لغيره أن يعبدها فضلَّ وأضلَّ.

2642 -

* روى البخاري في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (2) الأوليان واحدُها أولى، ومنه: أولى به.

والمعنى وآخران أي شاهدان آخران يقومان مقام الشاهدين الأولين من الذين استحق

(1) مسلم (4/ 2191) نفس الموضع السابق.

(درها) الدر: اللبن.

(للطواغيت) والطواغيتُ: الأصنام التي كانوا يعبدونها، واحدها: طاغوت.

(قصبه) القصْبُ: المِعَي. وجمعها: الأقصابُ.

(2)

المائدة: 106 - 108.

2642 -

البخاري (5/ 409) 55 - كتاب الوصايا، 35 - باب قول الله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم

) وقد أخرج البخاري هذا الحديث تعليقاً.

ص: 1822

عليه أي من الذين حق عليهم وهم أهل الميت وعشيرته والأوليان أي الأحقان بالشهادة لقرابتهما ومعرفتهما [الفتح: 5/ 410].

2643 -

* روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خرج رجلٌ من بني سهم مع تميم الداريِّ، وعديِّ بن بداءٍ، فمات السهميُّ بأرضٍ ليس بها مسلمٌ، فلما قدما بتركته فقدوا جاماً من فضةٍ مُخَوَّصاً بذهبٍ، فأحلفَهُما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وُجِد الجامُ بمكة، فقالوا: ابتعْناه من تميمٍ وعدي بن بداءٍ، فقام رجلان من أوليائه فحلفا: لشهادتُنا أحقُّ من شهادتهما، وأنَّ الجام لصاحبهم، قال: وفيهم نزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} .

وقد جاء في شرح المفردات ص 333: إذا كان مسلم مع رفقة كفار مسافرين ولم يوجد غيرهم من المسلمين، فوصى وشهد بوصيته اثنان منهم، قبل شهادتهما، ويُستحلفان بعد العصر: لا نشتري به ثمناً ولو كان ذا قربى، ولا نكتم شهادة الله، وأنها وصية الرجل بعينه، فإن عثر على أنهما استحقا إثماً قام آخران من أولياء الموصي فحلفا بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما ولقد خانا وكتما، ويقضي لهم. قال ابن المنذر: وبهذا قال أكابر العلماء. وممن قاله، شريح، والنخعي والأوزاعي، ويحيى بن حمزة، وقضى بذلك عبد الله بن مسعود في زمن عثمان، رواه أبو عبيد، وقضى به أبو موسى الأشعري، رواه أبو داود والخلال، وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: لا تقبل، لأن من لا تقبل شهادته على غير الوصية لا تقبل في الوصية كالفاسق وأولى. ولنا (أي الحنابلة) قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} (1) الآية، وهذا نص الكتاب، وقد قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عباس، وحمْلُ الآية على أنه أراد: من غير عشيرتكم لا يصح، لأن الآية نزلت في قصة عدي وتميم بلا خلاف

2643 - البخاري (5/ 409، 410) 55 - كتاب الوصايا، 35 - باب قول الله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم

).

أبو داود (3/ 307، 308) كتاب الأقضية، باب شهادة أهل الذمة وفي الوصية في السفر.

الترمذي (5/ 259) 48 - كتاب تفسير القرآن، 6 - باب "ومن سورة المائدة" وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

(1)

المائدة: 106.

ص: 1823

بين المفسرين، ودلت عليه الأحاديث، ولأنه لو صح ما ذكروه لم تجب اليمان لأن الشاهدين من المسلمين لا قسامة عليهما (م) 2/ 129.

والذين قالوا لا تقبل إنما قالوا إن الآية منسوخة الحكم انظر الفتح (5/ 412) وتفسير ابن كثير 2/ 111.

أقول: الظاهر أن ذلك كان من تميم الداري رضي الله عنه قبل إسلامه، فلا يجرح ذلك لتميم بعد أن أسلم وحسن إسلامه، فالإسلام يجُبُّ ما قبله وقد نص على ذلك ابن حجر في الفتح (5/ 411).

ص: 1824