الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فوائد)
- من أشهر كتب التفسير عند أهل السنة والجماعة التفاسير التالية:
أولاً: تفسير ابن جرير الطبري وهو من أجل التفاسير وأصحها وأجمعها، كما أنه جمع من أصناف التحقيق ما ندر أن يوجد في غيره، قال النووي في تهذيب:(كتاب ابن جرير في التفسير لم يصنف أحد مثله، وهذا التفسير موجود إلى اليوم ومنتشر مطبوع وهو عمدة لأكثر المفسرين) واشتهر هذا التفسير أنه من نوع التفسير بالمأثور، والحق أنه جمع إلى جانب ذلك من المعقول ما لا يوجد في غيره.
ثانياً: الدر المنثور في التفسير المأثور: وهو للإمام جلال الدين السيوطي.
ثالثاً: تفسير ابن كثير: وهو من أصح التفاسير بالمأثور وهو مطبوع طبعات متعددة، وقد اختصره بعض أهل العصر، وقد حاولت في كتابي الأساس في التفسير أن استقصي أخذ فوائده وميزاته.
رابعاً: تفسير البغوي: ومؤلفه كان جامعاً بين الإمامة في التفسير والحديث والفقه.
خامساً: تفسير الجلالين: لجلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي.
سادساً: تفسير البيضاوي: وهو تفسير رفع وصاية الزمخشري المعتزلي في كتابه الكشاف عن أهل السنة والجماعة، وقد اهتم به العلماء اهتماماً كثيراً حتى إنه أحصى للمعلقين عليه حوالي خمس وسبعين حاشية، وهو على اختصاره لا يكاد يترك شيئاً إلا ذكره، إلا أنه أخذ عليه ذكر بعض الأحاديث الموضوعة في فضائل سور القرآن، وهو كتابٌ يصلح أن يكون مرجعاً للعلماء، بل إن كثيراً من العلماء لا يستطيعون فهمه وتفهيمه، وبعضهم يعتبر القدرة على فهمه ميزاناً يعرف به علم العالم، فقد أعتاد العلماء أن يدرسوه لطلاب العلم.
سابعاً: تفسير الإمام فخر الدين الرازي المسمى: مفاتيح الغيب، وفيه بحار من العلوم وكنوز من التحقيق لا يوجد في غيره، ولا يسلم من خطأ.
ثامناً: تفسير أبي السعود العمادي الحنفي المسمى: إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن
الكريم، وهو من أرقى التفاسير وشأنه كشأن تفسير البيضاوي.
تاسعاً: تفسير النسفي الحنفي المسمى مدارك التنزيل وحقائق التأويل.
عاشراً: تفسير الألوسي: المسمى روح المعاني وفيه من عجائب التحقيق المدهش، وقد أدخل فيه معاني أراد بها جمع أقوال من سبقه بما في ذلك ما سُمي بالتفسير الإرشادي الذي أشرنا إلى خطورة الدخول فيه.
الحادي عشر: تفسير الخازن وهو لعلاء الدين علي بن محمد البغدادي، ويرى بعضهم أن فيه من الفوائد الكثيرة، وكان شيخنا محمد الحامد يعتمده كأصل للتدريس في حلقته، ومن ميزاته أنه إذا ذكر قصة أو رواية فيها أباطيل كر عليها وفندها.
الثاني عشر: تفسير الخطيب الشربيني المسمى السراج المنير في الإعانة على معرفة كلام ربنا الخبير، وصفه صاحب كتاب مناهل العرفان: بأنه كتاب عظيم يعني بثلاثة أشياء، تقرير الأدلة وتوجيهها، والكلام على المناسبات بين السور والآيات، وسرد كثير من القصص والروايات.
ومن التفاسير التي كان لها تأثير واسع في عصرنا ردت أناسي كثيراً إلى الإسلام بعد ردة عنه: كتاب: في ظلال القرآن لسيد قطب وقد حلق في إبراز عظمة هذا القرآن بنوع من البيان انفرد به في تاريخ الإسلام، وقد حاولنا كذلك أن نأخذ الكثير من غرر كلامه في تفسيرنا الأساس في التفسير.
من عجائب هذا القرآن أنك تجد النص في محله يعطيك معاني كثيرة، والنص في سياقه الأقرب يعطيك معاني، والنص في سياقه القريب يعطيك معاني، والنص في سياقه الخاص يعطيك معاني، ولكل سورة محورها وسياقها اللذان يعطيان من عثر عليهما معاني كثيرة وكل ذلك حاولنا إبرازه في تفسيرنا، ثم إن لكل سورة مجموعتها، ولكل مجموعة سُوَرٍ سياقُها، وللقرآن كله وحدته وسياقه العجيب المذهل الذي يعطيك معاني كثيرة، كل ذلك أبرزناه في تفسيرنا، فإذا ما أضفت إلى ذلك أن القراءات المتعددة للقرآن وتعدد مجال الوقف في آيات القرآن، تعطيك معاني كثيرة
كذلك عرفت كيف أن هذا القرآن تتوالد منه معاني لا حصر لها، وهذه المعاني يكم لبعضها بعضاً فلا تتناقض، وهذا وحده شيء لا يدخل بعضه في قدرة البشر فكيف به مجتمعاً، فكيف إذا كان هذا بعض معجزات القرآن فكيف إذا أضيف هذا كله إلى كون القرآن معجزاً بأقصر سورة من سوره، فعليك يا أخي بهذا القرآن تعلماً وتعليماً، فهذه ميزة الربانيين الذين يركزون في تعليمهم على القرآن أكثر مما يركزون على أي شيء آخر. قال تعالى:{وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} (1).
- ذكرنا أن هناك كتباً تسمى بالتفسير الإشارية وهي ليست من التفسير في شيء، وإن هناك كتباً في التفسير أدخلت التفسير الإشاري في مضمونها، وقد جرت العادة أن الصوفية هم الذين يهتمون بهذا النوع من الكلام وهو نوع من أنواع تداعى الأفكار بمناسبة قراءة القرآن، وهي في الأصل محاولة لتذكير السالك إلى الله بمعانٍ ترتبط باصطلاحات الصوفية في السلوك، وهذا الموضوع خطير جداً، فكثير من هذا التفسير الإشاري يكفر صاحبه إذا اعتقد أنه مراد الله من الآية، ثم ن بعض الصوفية ركزوا على هذا النوع من التفسير وأهملوا التفسير الحقيقي، وبعض من هؤلاء وصل إلى أن يشارك الفرق الباطنية الكافرة في اعتقادها أن للقرآن باطناً يخالف الظاهر، وأن االباطن هو المراد وقد وصل بعض الجاهلين إلى أن يستبيحوا لأنفسهم بحجة التفسير الإشاري، أن يقولوا بهذا القرآن بلا علم ولا حجة فدخلوا بذلك في دائرة يخشى على من تجاوز الحد فيها أن يكون من الكافرين وقد نبه صاحب مناهل العرفان على الشروط التي يكون التفسير الإشاري فيها مقبولاً، فإذا اختل شرط دخل الإنسان في دائرة الخطر إذا اعتقد أن ذلك تفسير للقرآن الكريم قال رحمه الله: إن التفسير الإشاري لا يكون مقبولاً إلا بشروط خمسة وهي:
(1)
ألا يتنافى وما يظهر من معنى النظم الكريم.
(2)
ألا يُدعى أنه المراد وحده دون الظاهر.
(3)
ألا يكون تأويلاً بعيداً سخيفاً، كتفسير بعضم قوله تعالى:{وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} يجعل كلمة "لمعَ" فعلاً ماضياً. وكلمة "المحسنين" مفعوله.
(1) آل عمران: 79.
(4)
ألا يكون له معارض شرعي أو عقلي.
(5)
أن يكون له شاهد شرعي يؤيده.
كذلك اشترطوا. بيد أن هذه الشروط متداخلة، فيمكن الاستغناء بالأول عن الثالث، وبالخامس عن الرابع. ويحسن ملاحظة شرطين بدلهما أحدهما بيان المعنى الموضوع له اللفظ الكريم أولاً. ثانيهما ألا يكون من وراء هذا التفسير الإشاري تشويش على المفسر له.
ثم إن هذه شروط لقبوله بمعنى عدم رفضه فحسب، وليست شروطاً لوجوب اتباعه والأخذ به. ذلك لأنه لا يتنافى وظاهر القرآن، ثم إن له شاهداً يعضده من الشرع، وكل ما كان كذلك لا يرفض. وإنما لم يجب الأخذ به لأن النظم الكريم لم يوضع للدلالة عليه، بل هو من بيل الإلهامات التي تلوح لأصحابها غير منضبطة بلغة، ولا مقيدة بقوانين. اهـ من مناهل العرفان.
أقول: هناك دقائق يفهمها من فتح الله عليه في فهم القرآن تدخل في الفم الصحيح للقرآن فهذه من التفسير المقبول ولا تعتبر من التفسير الإشاري، فالتفسير الإشاري هو ما تجاوز ذلك فلابد من الاعتقاد أن هذا النوع الذي يسمونه التفسير الإشاري ليس تفسيراً للقرآن ولا يحتمله النص القرآني لا من قريب ولا من بعيد ومن لم يعتقد ذلك فإنه يدخل إما في دائرة ضلال أو كفر على حسب نوع الكلام الذي يقوله من حيث قربه أو بعده عن التفسير الصحيح للقرآن الكريم.
- قال السيوطي في تبيان شرف علم التفسير:
قد أجمع العلماء أن التفسير من فروض الكفايات وأجلّ العلوم الثلاثة الشرعية. وقال الأصبهاني: أشرف صناعة يتعاطاها الإنسان تفسير القرآن. بيان ذلك أن شرف الصناعة: إما بشرف موضوعها مثل الصياغة فإنها أشرف من الدباغة، لأن موضوع الصياغة الذهب والفضة وهما أشرف من موضوع الدباغة الذي هو جلد الميتة. وإما بشرف غرضها مثل صناعة الطب، فإنها أشرف من صناعة الكناسة لأن غرض الطب إفادة الصحة وغرض الكناسة تنظيف المستراح. وإما بشدة الحاجة إليها كالفقه، فإن الحاجة إليه أشد من الحاجة
إلى الطب، إذ ما من واقعة في الكون في أحد من الخلق إلا وهي مفتقرة إلى الفقه، لأن به انتظام صلاح أحوال الدنيا والدين، بخلاف الطب فإنه يحتاج إليه بعض الناس في بعض الأوقات. إذا عرف ذلك فصناعة التفسير قد حازت الشرف من الجهات الثلاث. أما من جهة الموضوع فلأن موضوعه كلام الله تعالى الذي هو ينبوع كل حكمة ومعدن كل فضيلة، فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم، لا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه. وأما من جهة الغرض فلأن الغرض منه هو الاعتصام بالعروة الوثقى والوصول إلى السعادة الحقيقية التي لا تفنى. وأما من جهة شدة الحاجة فلأن كل كمال ديني أو دنيوي عاجلي أو آجلي مفتقر إلى العلوم الشرعية والمعارف الدينية، وهي متوقفة على العلم بكتاب الله تعالى. اهـ.
- زعم قوم أن القرآن من الوضوح بحيث لا يحتاج إلى تفسير ثم بدؤوا يفسرون القرآن من عند أنفسهم فضلوا وأضلوا، ويكفي لبطلان هذا القول أن نقرأ قوله تعالى:{} (1). وقوله تعالى بمناسبة الكلام عن المتشابه: {} (2). وقوله تعالى في معرض المنة على هذه الأمة: {} (3) فهاهنا ذُكِرَتْ تلاوة وذُكِرَ تعليم، وقال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم:{} (4) فالحاجة إلأى علم التفسير قائمة، ولذلك فقد أكدنا في كثير من كتبنا على ضرورة الحلقات القرآنية تلاوة وحفظاً وتفسيراً، وقد عق دالسيوطي فصلاً لتبيان وجه الحاجة إلى علم التفسير فقال:
وأما وجه الحاجة إليه فقال بعضهم: اعلم أن من المعلوم أن الله إنما خاطب خلقه بما يفهمونه، ولذلك أرسل كل رسول بلسان قومه أنزل كتابه على لغتهم. وإنما احتيج إلى التفسير [لأن] القرآن إنما نزل بلسان عربي في زمن أفصح العرب، وكانوا يعلمون ظواهره
(1) العنكبوت: 43.
(2)
آل عمران: من 7.
(3)
البقرة: 151.
(4)
النحل: 44.
وأحكامه. أما دقائق باطنه فإنما كان يظهر لهم بعد البحث والنظر مع سؤالهم النبي صلى الله عليه وسلم في الأكثر كسؤالهم لما نزل قوله - ولم يلبسوا إيمانهم بظلم - فقالوا وأينا لم يظلم نفسه، ففسره النبي صلى الله عليه وسلمبالشرك، واستدل عليه بقوله - إن الشرك لظلم عظيم - وكسؤال عائشة عن الحساب اليسير فقال: ذلك العرض. وكقصة عديّ بن حاتم في الخيط الأبيض والأسود وغير ذلك مما سألوا عن آحاد منه، ونحن محتاجون إلى ما كانوا يحتاجون إليه وزيادة على لك مما لم يحتاجوا إليه من أحكام الظواهر لقصورنا عن مدارك أحكام اللغة بغير علم، فنحن أشد الناس احتياجاً إلى التفسير. ومعلوم أن تفسير بعضه يكون من قبل الألفاظ الوجيزة وكشف معانيها، وبعضه من قبل ترجيح بعض الاحتمالات على بعض اهـ. وقال الجويني: علم التفسير عسر يسير، أما عسره فظاهر من وجوه أظهرها أنه كلام متكلم لم تصل النسا إلى مراده بالسماع منه ولا إمكان الوصول إليه، بخلاف الأمثال والأشعار ونحوها فإن الإنسان يمكن علمه منه إذا تكلم بأن يسمع منه أو ممن سمع منه. وأما القرآن فتفسيره على وجه القطع لا يعلم إلا بأن يسمع من الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك متعذر إلا في آيات قلائل، فالعلم بالمراد يستنبط بأمارات ودلائل، والحكمة فيه أن الله تعالى أراد أن يتفكر عباده في كتابه فلم يأمر نبيه بالتنصيص على المراد في جميع آياته.
- مما وقع فيه أهل الكتاب من ضلال أنهم حرفوا الكلم عن مواضعه، وأنهم يلوون ألسنتهم بالكتاب، وقد وجد في عصرنا ناس تجاوزوا كل حد فقالوا بأن المراد من الصفا: الصفاء، ومن المروة: المروءة، ووجد في عصرنا من ألغى السنة بحجة الاكتفاء بالقرآن، بينما السنة هي الشارحة للقرآن، وكثير من الأوامر والنواهي لا تعرف تفصيلاتها من دون السنة، وهذا غيض من فيض من ضلالات العصر، فإذا ما اجتمع إلى مثل هذه الضلالات أن المؤسسات العلمية الإسلامية نفسها اختلط الحابل بالنابل في مجموع الأفكار التي تقدمها لروادها، وقل مثل ذلك في كثير من مناهج الحركات الإسلامية عرفت ضرورة ما دعونا إليه من إيجاد حلقات لطلاب الربانية، وسير للربانية على ضوء منهج مستقيم يجمع بين ثقافة أهل السنة والجماعة المتوارثة وبين الثقافة الإسلامية الصحيحة التي يقضتيها العصر.