الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة المنافقين
2879 -
* روى الشيخان عن جابر رضي الله عنه قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ثاب معه ناسٌ من المهاجرين حتى كثُروا، وكان من المهاجرين رجلٌ لعابٌ، فكسعَ أنصارياً، فغضب الأنصاري غضباً شديداً، حتى تداعوا، وقال الأنصاري: يال الأنصار، وقال المهاجري: يال المهاجرين، فخرج النبي صىل الهل عليه وسلم، فقال:"ما بالُ عدوى الجاهلية؟ ثم قال: ما شأنهم؟ فأُخبر بكسعةِ المهاجري الأنصاري، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعوها، فإنها خبيثةٌ، وقال عبد الله بن أُبي بن سلول: أقد تداعوا علينا؟ لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، قال عمر: ألا نقتُل يا نبي الله هذا الخبيث؟ - لعبد الله- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يتحدث الناس أنه كان يقتل أصحابه".
وفي رواية (1) نحوه، إلا أن قال: فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله القود؟ فقال: دعوها، فإنها منتنةً
…
الحديث.
وفي رواية (2) لمسلم قال: اقتتلَ غُلامان: غلامٌ من المهاجرين، وغلام من لأنصار، فنادى المهاجريُّ- أو المهاجرون-: يال الهماجرين، ونادى الأنصاري: يال الأنصار. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فقال ما هذا؟ دعوى أهل الجاهلية؟ قالوا: لا يا رسول الله. إلا أن غلامين اقتتلا، فكسع أحدهما الآخر. فقال: لا بأس. ولينصُرِ الرجلُ أخاه ظالماً أو مظلوماً، إن كان ظالماً فلينههُ. فإنه له نصرٌ. وإن كان مظلوماً، فلينصرهُ.
2879 - البخاري (8/ 648) 65 - كتاب التفسير، 5 - باب قوله (سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم
…
).
مسلم (4/ 1998) 45 - كتاب البر والصلة والآداب، 16 - باب نصر الأخ ظالماً أو مظلوماً.
(1)
مسلم ص 1899.
(2)
مسلم، الموضع السابق.
الترمذي (5/ 417، 418) 48 - كتاب تفسير القرآن، 64 - باب "ومن سورة المنافقينط.
(ثاب): إذا رجع.
(الكسع) أن تضرب دبُر الإنسان بيدك، أو بصدر قدمك.
(الخبيث) الرديء الكريه، أراد: أن دعوى الجاهلية "يال فلان" كريهة رديئة في الشرع.
(القودُ) القصاص.
وأخرجه الترمذي بنحوه. وفي أوله، قال سفيان: يرون أنها غزوة بني المصطلق.
وفي آخرها: لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه.
وقال غير عمرو بن دينار: فقال له ابنه عبد الله بن عبد الله لا تنقلب حتى تُقر أنك الذليل، ورسول الله: العزيز، ففعل.
(الكسع): قال الحافظ في "الفتح" 8/ 497، 498: المشهور فيه أنه ضرب الدبر باليد أو بالرجل. ووقع عند الطبري من وجه آخر عن عمرو بن دينار عن جابر "أن رجلاً من المهاجرين كسع رجلاً من الأنصار برجله، وذلك عند أهل اليمن شديد" والرجل المهاجري هو: جهجاه بن قيس ويقال: ابن سعيد الغفاري، وكان مع عمر بن الخطاب يقود له فرسه، والرجل الأنصاري: هو سنان بن وبرة الجهني حليف الأنصار - وفي رواية عبد الرزاق عن معمر عن قتادة مرسلاً، أن الأنصاري كان حليفاً لهم من جهينة، وأن المهاجري كان من غِفار، وسماهما ابن إسحاق في المغازي عن شيوخه - وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عقيل عن الزهري عن عروة بن الزبير وعمرو بن ثابت أنهما أخبراه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا غزوة المريسيع - وهي التي هدم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم مناة الطاغية، التي كانت بين قفا المشلَّل وبين البحر - فاقتتل رجلان فاستعلى المهاجري على الأنصاري، فقال حليف الأنصار: يا معشر الأنصار. فتداعوا إلى أن حجز بينهم، فانكفأ كل منافق إلى عبد الله بن أبي، فقالوا: كنت ترجى وتدفع، فصرت لا تضر ولا تنفع، فقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل" فذكر القصة بطولها، وهو مرسل جيد.
2880 -
* روى الشيخان عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ - أصاب الناس فيه شدةٌ - فقال عبدُ الله بن أُبي: لا تنفقوا على من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى ينفضوا من حوله، وقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرتُه بذلك، فأرسل إلى عبد الله بن أُبي، فسأله؟ فاجتهد يمينه ما فعل، فقالوا: كذب زيدٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:(1) فوقع في نفسي مما قالوا
2880 - البخاري (8/ 647) 65 - كتاب التفسير، 4 - باب (وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم
…
) الآية.
مسلم (4/ 2140) 50 - كتاب صفات المنافقين وأحكامهم.
شدة، حتى أنزل الله تصديقي {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} (1) قال: ثم دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم ليستغفر لهم، قال: فلووْا رؤوسهم، وقوله:{كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} قال: كانوا رجالاً أجمل شيء.
وفي رواية (2) أن زيداً قال: كُنتُ في غزاةٍ فسمعتُ عبد الله بن أُبي يقول- فذكر نحوه- قال: فذكرتُ ذلك لعمِّي فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعاني فحدثته فأرسل إلى عبد الله بن أُبي وأصحابه فحلفوا ما قالوا، فصدقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذبني، فأصابني غمٌّ لم يُصبني مثله قط، فجلست في بيتي، وقال عمي: ما أردت إلى أنْ كذبك النبي صلى الله عليه وسلم ومقتك؟ فأنزل الله عز وجل {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} إلى قوله {لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} (3) فأرسل إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأها عليَّ ثم قال:"إن الله قد صدقك".
وللبخاري (4) أيضاً قال: لما قال عبد الله بن أُبي: لا تنفقوا على من عند رسول الله، وقال أيضاً: لئن رجعنا إلى المدينة
…
أخبرتُ النبي صلى الله عليه وسلم، فلامني الأنصار، وحلف عبد الله بن أُبي ما قال ذلك، فرجعتُ إلى المنزل، فنمتُ، فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته، فقال: إن الله قد صدقك، فنزلت {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} (5).
وأخرجه الترمذي (6) مثل الرواية الثانية، ونحو الرواية الثالثة التي أخرجها البخاري، وقال:"في غزوة تبوك".
وفي رواية (7) أخرى له قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان معنا أُناسٌ من الأعراب، فكُنا نبتدرُ الماء، وكان الأعرابُ يسبقوننا إليه، فسبق أعرابيٌّ أصحابه، فيسبقُ الأعرابي، فيملأ الحوض، فيجعل حوله حجارة، ويجعل النطع عليه، حتى يجيء
(1) المنافقون: 1.
(2)
البخاري (8/ 644) 65 - كتاب التسير، 1 - باب قوله (إذا جاءك المنافقون ..).
(3)
المنافقون: 1 - 8.
(4)
البخاري (8/ 646، 647) 65 - كتاب التفسير، 3 - باب قوله (ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا ..).
(5)
المنافقون: 7.
(6)
الترمذي (5/ 415، ص 417) 48 - كتاب تفسير القرآن، 64 - باب "ومن سورة المنافقين" وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(7)
الترمذي (5/ 415، 416، 417) نفس الموضع السابق.
أصحابه، قال: فأتى رجلٌ من الأنصار أعرابياً، فأرخى زمام ناقته لتشرب، فأبى أن يدعه، فانتزع قباض الماء، فرفع الأعرابي خشبةً، فضرب بها رأس الأنصاري فشجه فأتى عبد الله بن أُبي رأس المنافقين فأخبره- وكان من أصحابه - فغضب بعد الله بن أُبي، ثم قال: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضو من حوله - يعني الأعراب - وكانوا يحضرون رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الطعام قال عبد الله: إذا انفضوا من عند محمد، فائتوا محمداً بالطعام فليأكل هو ومن عنده، ثم قال لأصحابه: لئن رجعتم إلى المدينة ليخرج الأعز منها الأذل - قال زيد: وأنا رِدْفُ عمي - فسمعت عبد الله، فأخبرت عمي، فانطلق فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحلف وجحد، قال: فصدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبني، قال: فجاء عمي إليَّ فقال: ما أردت إلى أن مقتك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبك والمسلمون، قال: فوقع عليَّ من الهم ما لم يقع على أحدٍ قال: فبينما أنا أسيرُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، قد خففتُ برأسي من الهم، إذ أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرك أذُني وضحك في وجهي فما كان يسرني أن لي بها الخُلد في الدنيا، ثم إن أبا بكر لحقني، فقال: ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلتُ: ما قال شيئاً، إلا أنه عرك أُذُني، وضحك في وجهي، فقال: أبشر، ثم لحقني عمر، فقلت له مثل قولي لأبي بكر، فلما أصبحنا قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة المنافقين.
قال الحافظ في "الفتح" 8/ 495 و 496 وفي الحديث من الفوائد: ترك مؤاخذة كبراء القوم بالهفوات لئلا تنفر أتباعهم والاقتصار على معاتبتهم وقبول أعذارهم وتصديق أيمانهم، وإن كانت القرائن ترشد إلى خلاف ذلك، لما في ذلك من التأنيس والتأليف، وفيه جواز تبليغ مالا يجوز للمقول فيه، ولا يعد نميمة مذمومة إلا إن قُصِدَ بذلك الإساد المطلق وأما إذا كانت مصلحة ترجح على المفسدة فلا.