الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة النساء
2585 -
* روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن رجلاً كانت له يتيمة فنكحها، وكان له عذْقُ نخلٍ، فكانت شريكته فيه وفي ماله، فكان يمسكُها عليه، ولم يكن له من نفسه شيءٌ، فنزلت:{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} (1).
وفي رواية (2): أن عُروة سأل عائشة عن قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا - إلى قوله- أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} قالت: يا ابن أختي، هذه اليتيمةُ تكون في حِجْر وليِّها، فيرغبُ في جمالها ومالها، ويريد أن ينْتَقِصَ صداقها، فنُهُوا عن نكاحهن، إلا أن يُقْسِطوا لهن في إكمال الصداق، وأُمِرُوا بنكاح من سواهن، قالت عائشة: فاستفتى الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، فأنزل الله تعالى:{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} (3) فبين الله لهم أن اليتيمة إذا كانت ذات جمال ومال رغبُوا في نكاحها، ولم يلحقوها بسنتها في إكمال الصداق، وإذا كانت مرغوباً عنها في قلة المال والجمال، تركوها، والتمسوا غيرها من النساء، قالت: فكما يتركونها حين يرغبُون عنها، فليس لهم أنْ ينكحوها إذا رغِبُوا فيها، إلا أن يُقسِطُوا لها، ويُعْطُها حقها الأوفى من الصداق.
وفي رواية (4) نحوه، وفيه قالتْ: يا ابن أختي، هي اليتيمةُ تكون في حِجْر وليها، تشاركُه في ماله، فيعجِبُه مالُها وجمالثها، ويريد أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهُوا عن نكاحهن، إلا أن يقسطوا لهن، ويبلُغوا بهن
2585 - البخاري (8/ 238، 239) 65 - كتاب التفسير، 1 - باب (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى) ،.
مسلم (4/ 2315) 54 - كتاب التفسير.
(1)
النساء: 3.
(2)
البخاري (9/ 136، 137) 67 - كتاب النكاح، 16 - باب الأكفاء في المال، وتزويج المقل المثرية.
(3)
النساء: 127.
(4)
مسلم (4/ 2313، 2314) 54 - كتاب التفسير.
أعلى سُنَّتِهِنَّ من الصداق.
وفيه: قالت عائشة، والذي ذكر الله: أنهُ {يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ} الآية الأولى، التي قال فيها:{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ} قالت: وقول الله عز وجل في الآية الآخرة {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} : رغبة أحدهم عن يتيمته التي في حِجْره حين تكون قليلة المال، فنُهُوا أنْ ينْكِحُوا ما رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء، إلا بالقسط، من أجل رغبتهم عنهن.
زاد في رواية (1) آخرة: من أجل رغبتهم عنهن، إذا كُنَّ قليلات المال والجمال.
وفي أخرى (2) عنها في قوله: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} إلى آخر الآية، قال: هي اليتيمة تكون في حِجْر الرجل، قد شرِكَتْهُ في ماله، فيرغبُ عنها أنْ يتزوجها، ويكره أن يُزوِّجها غيره، فيُدْخِلُ عليه في ماله، فيحْبِسُها، فنهاهم الله عن ذلك.
وزاد أبو داود (3): قال يونسُ، وقال ربيعة في قول الله:{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} قال: يقول: اتركُوهُنَّ إن خفتم، فقد أحلَلْتُ لكم أربعاً.
2586 -
* روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها في قوله: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} (4)، إنما نزلتْ في والي اليتيم إذا
(1) مسلم (4/ 2314) 54 - كتاب التفسير.
(2)
البخاري (9/ 188) 67 - كتاب النكاح، 37 - باب إذا كان الوليُّ هو الخاطب.
(3)
أبو داود (2/ 225) كتاب النكاح، باب ما يكره أن يجمع بينهن من النساء.
(عذق) بفتح العين: النخلة مع حملها؛ وهو المراد هاهنا وبكسرها، القِنْوُ بما فيه من الرطب.
(تقسطوا) أقسط: إا عدل، والمراد هاهنا: العدل.
(حِجْرُ وليها) الحجر: حجرُ الإنسان، وهو طرف الثوب المقدم، والحجرُ: المنع من التصرف، والولي هاهنا: هو القائم بأمر اليتيم.
2586 -
البخاري (4/ 406) 34 - كتاب البيوع، 95 - باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم في البيوع.
مسلم (4/ 2315) 54 - كتاب التفسير، حديث رقم (3019).
(فليستعفف) العفة: وهي النزاهة عن الشيء.
والمعروف هاهنا: هو القصد في النفقة، وترك الإسراف، أي: فليقتصدْ.
(4)
النساء: 6.
كان فقيراً: أنه يأكل منه مكان قيامه عليه بمعروفٍ.
وفي رواية (1): أن يُصيب من ماله إذا كان محتاجاً بقدر ماله بالمعروف.
2587 -
* روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} (2) قال: هي مُحْكَمَةٌ، وليست بمنسوخة.
وفي رواية (3) قال: إنَّ ناساً يزعُمونَ أن هذه الآية نُسختْ، ولا والله ما نُسخت، ولكنها مما تهاون الناسُ بها، هما واليان: والٍ يرثُ، وذلك الذي يُرْزَقُ، ووالٍ لا يرثُ، وذلك الذي يقول بالمعروف، ويقول: لا أملك لك أن أعْطيكَ.
أقول: من المسْتَحسَنِ على هذا القول للورثة إذا كانوا بالغين أن يهدوا لمن لا يرث من الأقارب إذا رضي الورثة بذلك، أما الوارث غير البالغ فليس لأحد أن يتصدق بشيء من ميراثه.
2588 -
* روى البزار عن ابن عباس {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} قال: كن يُحْبَسْن في البيوت حتى يمُتْنَ فلما نزلَتْ سورةُ النور ونزلت الحدود نسختْها.
2589 -
* روى أحمد عن عُبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: كان نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم إذا أنْزِلَ عليه كُرب لذلك وتَرَبَّدَ وجْهُه، قال: فأُنزِلَ عليه ذات يومٍ، فلُقيَ كذلك، فلما
(1) البخاري (5/ 392) 55 - كتاب الوصايا، 23 - باب وما للوصي أن يعمل ف يمال اليتيم، وما يأكل من بقدر عمالته.
2587 -
البخاري (8/ 242) 65 - كتاب التفسير، 3 - باب (وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين).
(2)
النساء: 8.
(3)
البخاري: نفس الموضع السابق، ذكرها ابن حجر في شرحه للحديث.
2588 -
كشف الستار (3/ 44) سورة السناء.
مجمع الزوائد (7/ 2) وقال الهيثمي: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير موسى بن إسحاق بن موسى الأنصاري، وهو ثقة.
2589 -
أحمد (5/ 313، 318، 320، 321، 327).
مسلم (3/ 1316، 1317) 29 - كتاب الحدود، 3 - باب حد الزنى.
الترمذي (4/ 41) 15 - كتاب الحدود، 8 - باب ما جاء في الرجم على الثيب. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(تربَّد وجهه): أي: تغيَّر.
سُرِّيَ عنه، قال: خُذوا عنِّي، خُذوا عني، فقد جعل الله لهنَّ سبيلا البِكْر بالبِكْر، جلدُ مائةٍ، ونفيُ سنةٍ، والثَّيِّبُ بالثَّيِّبِ، جلدُ مائةٍ والرجمُ.
2590 -
* روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} (1) كانوا إذا مات الرجلُ، كان أولياؤه أحقَّ بامرأته، إن شاء بعضهُم تزوجها، وإن شاؤوا زَوَّجوها، وإن شاؤوا لم يزوِّجوها، فهم أحقُّ بها من أهلها، فنزلتْ هذه الآية في ذلك.
وفي أخرى (2) لأبي داود، قال:{لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} وذلك أنَّ الرجل كان يرث امرأة ذي قرابته، فيعضِلُها حتى تموت، أو تَرُدَّ إليه صداقها، فأحكم الله عن ذلك أي نهي عن ذلك.
= (سُري عنه) أي: كُشف ما نزل به من شدة الوحي.
قال النووي في شرح مسلم- وهو شافعي-: أما قوله صلى الله عليه وسلم "فقد جعل الله لهن سبيلاً" فأشار إلى قوله تعالى: (فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت، أو يجعل الله لهن سبيلاً) فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا هو ذلك السبيل. واختلف العلماء في هذه الآية، فقيل: هي محكمة، وهذا الحديث مفسر لها، وقيل: منسوخة بالآية التي في أول سورة النور، وقيل: إن آية النور في البكرين، وهذه الآية في الثيبين، وأجمع العلماء على وجوب جلد الزاني البكر مائة، ورجم المحصن وهو الثيب، ولم يخالف في هذا أحد من أهل القبلة إلا ما حكى القاضي عياض وغيره عن الخوارج، وبعض المعتزلة، كالنظام وأصحابه فإنهم لم يقولوا بالرجم.
وأما قوله عليه الصلاة والسلام "البكر بالبكر، والثيب بالثيب" فليس هو على سبيل الاشتراط بل حد البكر: الجلد والتغريب، سواء زنا ببكر أم بثيب، وحد الثيب: الرجم، سواء زنا بثيب أم ببكر، فهو شبيه بالتقييد الذي يخرج على الغالب.
واعلم أن المراد بالبكر من الرجال والنساء: من لم يجامع في نكاح صحيح، وهو بالغ عاقل سواء جامع بوطء شبهة أو نكاح فاسد أو غيرهما أم لا، والمراد بالثيب: من جامع في دهره مرة في نكاح صحيح، وهو بالغ عاقل حر، والرجل والمرأة في هذا سواء، وسواء في هذا كله: المسلم والكافر، والرشيد والمحجور عليه لسفه.
2590 -
البخاري (8/ 245) 65 - كتاب التفسير، 6 - باب (لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً
…
) الآية.
أبو داود (2/ 230، 231) كتاب النكاح، باب قوله تعالى (لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن).
(1)
النساء: 19.
(2)
أبو داود (2/ 231) نفس الموضع السابق.
2591 -
* روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (1).
فكان الرجل يحْرَجُ أنْ يأكل عند أحدٍ من الناس بعد ما نزلت هذه الآية، فنُسِخَ ذلك بالآية الأخرى التي في النور، فقال:{وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} (2) فكان الرجلُ الغنيُّ يدعو الرجل من أهله إلى طعام، فيقول: إني لأجنحُ أن آكل منه - والتجنُّحُ: الحرجُ- ويقول: المسكين أحق به مني: فأُحِلَّ في ذلك أن يأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وأحل طعام أهل الكتاب.
2592 -
* روى الطبراني عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} قال إنها محكمة ما نسخت.
2593 -
* روى البزار عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه سُئِلَ عن الكبائر قال: ما بين أول سورة النساء إلى رأس ثلاثين.
2594 -
* روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} ورثة {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} (3) كان المهاجرون لما قدِمُوا المدينة يرثُ المهاجريُّ
2591 - أبو داود (3/ 343) كتاب الأطعمة، 6 - باب نسخ الضيف يأكل من مال غيره. إسناده حسن.
(1)
النساء: 29.
(2)
النور: 61.
(أجنحُ) أي: أرى جُناحاً وإثماً أن آكله.
(أشتاتاً): جمع شت، وهم المتفرقون.
2592 -
الطبراني (المعجم الكبير)(10/ 115).
مجمع الزوائد (7/ 2) وقال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله ثقات.
2593 -
كشف الأستار (3/ 44) كتاب التفسير، سورة النساء.
مجمع الزوائد (7/ 3) وقال الهيثمي: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح.
2594 -
البخاري (8/ 247) 65 - كتاب التفسير، باب (ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم، إن الله كان على كل شيء شهيداً).
أبو داود (3/ 128) كتاب الفرائض، باب نسخ ميراث العقد بميراث الرحم.
(3)
النساء: 33.
الأنصاريَّ، دون ذوي رحمه، للأخوَّةِ التي آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم، فلما نزلتْ:{وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} ، نسختها ثم قال:{وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} من النصْر والرفادةِ والنصيحة، وقد ذهب الميراثُ، ويُوصي له.
وفي أخرى (1) لأبي داود قال: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} كان الرجلُ يحالف الرجل، ليس بينهما نسبٌ فيرثُ أحدهما الآخر، فنسخ ذلك الأنفال، فقال:{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} .
2595 -
* روى مالك رضي الله عنه بلغه، أنَّ عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال في الحَكَمَيْنِ اللذين قال الله فيهما:{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} إنَّ إليهما الفُرقة بينهما والاجتماع.
2596 -
* روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} (2) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله لا يظلمُ
(1) أبو داود: نفس الموضع السابق.
(عاقدت أيمانكم) المعاقدةُ: المعاهدةُ والميثاق، و"الأيمانُ" جمع يمين: القسَمُ أو اليد. و (عاقدت) قراءة لبعض القراء غير عاصم وحمزة والكسائي وخلف فقرؤوا (عقدت) بغير ألف بعد العين.
(ذوي رحمِه) ذوو الرحم: الأقارب في النسب.
(الرفادة): الإعانة، رفدت الرجل: إذا أعنته، وإذا أعطيته.
2595 -
الموطأ (2/ 584) 29 - كتاب الطلاق، 26 - باب ما جاء في الحكمين.
(شقاق) الشقاق: الخلاف.
2596 -
مسلم (4/ 2162) 50 - كتاب صفات المنافقين، 13 - باب جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة.
(2)
النساء: 40.
(الذرة) هي الوحدة الدقيقة، أدق من الهباءة، تتكون منها الأشياء.
وقال القرطبي: الذرة: النملة الحمراء وهي أصغر النمل.
قال النووي في شرح مسلم: أجمع العلماء على أن الكافر الذي مات على كفره لا ثواب له في الآخرة، ولا يجازي فيها بشيء من عمله في الدنيا متقرباً به إلى الله تعالى، وصرح في هذا الحديث: بنه يطعم في الدنيا بما عمله من الحسنات، أي: بما فعله متقرباً به إلى الله تعالى، مما لا تفتقر صحته إلى النية، كصلة الرحم والصدقة والعتق والضيافة وتسهيل الخيرات ونحوها، وأما المؤمن فيدخر له حسناته وثواب أعماله في الآخرة، ويجزي بها مع ذلك أيضاً في الدنيا، ولا مانع من جزائه في الدنيا والآخرة، وقد ورد الشرع به، فيجب اعتقاده.
وقوله: إن الله لا يظلم مؤمناً حسنة، معناه: لا يترك مجازاته بشيء على حسناته، والظلم: يطلق بمعنى =
مؤمناً حسنةً، يُعطى بها في الدنيا، ويُجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيُطْعَمُ بحسناتِ ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة، لم تكُن له حسنةٌ يُجزى بها.
2597 -
* روى البخاري عن سعيد بن جُبير رحمه الله قال: قال رجل لابن عباس إني أجدُ في القرآن أشياء تختلفُ عليَّ، قال: ما هو؟ قال: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} (1)، وقال:{وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} (2)، وقال:{وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} (3)، وقال:{وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} (4)، وقد كتموا في هذه الآية، وفي {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} (5) فذكر خلْقَ السماء قبل خلق الأرض، ثم قال:{أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ -إلى قوله- طَائِعِينَ} (6) فذكر في خلْقَ الأرض قبل خلقِ السَّماء، وقال:{وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (7) وقال: {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} (8) وقال: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} (9) فكأنه كان، ثُمَّ مضى، قال ابن عباسٍ {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ} في النفخة في الصور، فيُصْعَقُ مَنْ في السموات ومنْ في الأرض إلا من شاء الله، فلا أنساب بينهم عند ذلك، ولا يتساءلون، ثم في النَّفْخةِ الآخرة: أقْبلَ بعضهم على بعض يتساءلون، وما قوله:{وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} فإن الله يغفرُ لأهل الإخلاص ذنُوبَهُمْ، فيقول المُشْرِكُ: تعالوا نقولُ: ما كُنَّا مشركين، فيخْتِمُ الله على أفواههمْ، فتنطقُ جوارحهم بأعمالهم، فعند ذلك عُرِفَ أن الله لا يكتمُ حديثاً، وعنده:{رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} وخلق الأرض في
= النقص، وحقيقة الظلم مستحيلة من الله تعالى.
ومعنى: أفضى إلى الآخرة، صار إليها، وأما إذا فعل الكافر مثل هذه الحسنات ثم أسلم، فإنه يثاب عليها في الآخرة على المذهب الصحيح.
2597 -
البخاري (8/ 555، 556) 65 - كتاب التفسير، 41 - باب سورة "حم" السجدة.
(دحاها) دحا الأرض: بسطها.
(فصعق) صعق الإنسان: إذا غشي عليه. وإذا مات.
(الآكام) جمع أكمة، وهي الروابي الصغار.
(جوارحهم) الجوارح: جمع جارحة، وهي الأعضاء، كاليد والرجل، ونحو ذلك.
(1)
المؤمنون: 101.
(2)
الصافات: 27.
(3)
النساء: 24.
(4)
الأنعام: 23.
(5)
النازعات: 27.
(6)
فصلت: 9 - 11.
(7)
الأحزاب: 50.
(8)
الفتح: 19.
(9)
النساء: 134.
يومين، ثم استوى إلى السماء فسواهُن سبع سموات في يومين آخرين، ثم دحى الأرض، أي: بسطها، وأخرج منها الماء والمرعى، وخلق فيها الجبال والأشجار، والآكام وما بينهما في يومين آخرين، فذلك قوله:{وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} (1) فخُلقت الأرضُ وما فيها من شيءٍ في أربعة أيامٍ، وخُلِقَتِ السموات في يومين، وقوله:{وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} سمى نفسه ذلك، أي: لم يزلْ، ولا يزالُ كذلك. وإن الله لم يُرد شيئاً إلا أصاب به الذي أراد، ويحكَ، فلا يختلفُ عليك القرآن، فإن كلاًّ من عند الله.
أقول: اعتمدنا في تفسيرنا قولاً غير القول الذي قاله ابن عباس هاهنا في أن الأرض خلقت بعد السماء، ومجمل ما اعتمدناه أن السماء بمجراتها خلقت قبل الأرض والسموات السبع خلقت بعد الأرض، وقد اعتمدنا هذا التفسير بانين على بعض أقوال العلماء القدماء، لأن خلق الأرض متأخر في الزمن على خلق مجرات هذا الكون وهو شيء تؤكده كثير من الأبحاث العلمية ويشهد له ظاهر النصوص.
2598 -
* روى الترمذي عن عليِّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه قال: صنع لنا ابن عوفٍ طعاماً، فدعانا، فأكلنا، وسقانا خمراً قبل أن تُحرَّمَ، فأخذتْ منا، وحضرت الصلاةُ، فقدَّموني، فقرأت: قلْ: يا أيُّها الكافرون، لا أعبد ما تعبدون ونحن نعبدُ ما تعبدون، قال: فخلَّطْتُ، فنزلت:{لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} (2).
وأخرجه أبو داود (3) أنَّ رجلاً من الأنصار دعاهْ وعبد الرحمن بن عوفٍ، فسقاهما قبل أن تحرَّم الخمرُ، فحضرت الصلاة، فأمَّهُمْ عليٌّ في المغرب، فقرأ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} فخلَّط فيها، فنزلتْ {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} .
2598 - الترمذي (5/ 238) 48 - كتاب تفسير القرآن، 5 - باب ومن سورة النساء.
(1)
النازعات: 30.
(2)
النساء: 43.
(3)
أبو داود (3/ 325) كتاب الأشربة، 1 - باب في تحريم الخمر، وإسناده صحيح.
الحاكم (2/ 307) كتاب التفسير، قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي.
2599 -
*روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنه قال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} (1) و {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} (2) نسختها التي في المائدة {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (3).
2600 -
* روى أبو يعلي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا نُمسكُ عن الاستغفار لأهل الكبائر حتى سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} قال إني ادخرت دعوتي شفاعةً لأهل الكبائر من أمتي فأمسكنا عن كثير مما كان في أنفسنا، ثم نطقنا بعدُ ورجونا.
2601 -
* روى الطبراني عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: إن في سورة النساء لخمس آياتٍ ما يسُرُّني بها الدنيا وما فيها وقد علِمْتُ أن العلماء إذا مروا بها يعرفونها {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} وقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} الآية {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} .
2602 -
* روى الجماعة إلا الموطأ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزل قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} الآية [النساء: 59] في عبد الله
2599 - أبو داود (3/ 325) كتاب الأشربة، 1 - باب في تحريم الخمر، وإسناده صحيح.
(الميسرُ) القمار. (الأنصابُ) الأحجار التي كانوا ينصبونها، ويذبحون عليها لأصنامهم وقيل هي الأصنام.
(1)
النساء: 43.
(2)
البقرة: 219.
(3)
المائدة: 90.
2600 -
أبو يعلي (10/ 186).
مجمع الزوائد (7/ 5) وقال الهيثمي: رواه أبو يعلي ورجاله رجال الصحيح، غير حرب بن سريج وهو ثقة.
2601 -
الطبراني (المعجم الكبير)(9/ 250).
مجمع الزوائد (7/ 12) وقال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
2602 -
البخاري (8/ 253) 65 - كتاب التفسير، 11 - باب (أطيعوا الله، وأطيعوا الرسول، وأولي الأمر منكم).
مسلم (3/ 1465) 33 - كتاب الإمارة، 8 - باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية.
…
=
ابن حُذافة بن قيس بن عدي السهمي، إذ بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سريَّة.
قال ابن حجر في الفتح 8/ 254.
قوله (نزلت في عبد الله بن حذافة) كذا ذكره مختصراً، والمعنى نزلت في قصة عبد الله ابن حذافة أي المقصود منها في قصته قوله {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ} الآية، وقد غفل الداودي عن هذا المراد فقال: هذا وهم على ابن عباس، فإن عبد الله بن حذافة خرج على جيش فغضب فأوقدوا ناراً وقال اقتحموها فامتنع بعض، وهم بعض أن يفعل. قال: فإن كانت الآية نزلت قبل فكيف يخص عبد الله بن حذافة بالطاعة دون غيره، وإن كانت نزلت بعد فإنما قيل لهم إنما الطاعة في المعروف، وما قي للهم لِمَ لم تطيعوه؟ انتهى. والحمل الذي قدمته يظهر المراد، وينتفي الإشكال الذي أبداه، لأنهم تنازعوا في امتثال ما أمرهم به، وسببه أن الذين هموا أن يطيعوه وقفوا عند امتثال الأمر بالطاعة، والذين امتنعوا عارضه عدهم الفرارُ من النار، فناسب أن ينزل في ذلك ما يرشدهم إلى ما يفعلونه عند التنازع وهو الرد إلى الله وإلى رسوله، أي إن تنازعتم في جواز الشيء وعدم جوازه فارجعوا إلى الكتاب والسنة، والله أعلم. وقد روى الطبري أن هذه الآية نزلت في قصة جرت لعمار بن ياسر مع خالد بن الوليد وكان خالدٌ أميراً فأجار عمار رجلاً بغير أمره فتخاصما فنزلت، فالله أعلم.
واختلف في المراد بأولي الأمر في الآية، فعن أبي هريرة قال: هم الأمراء أخرجه الطبري بإسناد صحيح، وأخرج عن ميمون بن مهران وغيره نحوه، وعن جابر بن عبد الله قال: هم أهل العلم والخير، وعن مجاهد وعطاء والحسن وأبي العالية: هم العلماء، ومن وجه آخر أصح منه عن مجاهد قال: هم الصحابة، وهذا أخص. وعن عكرمة قال: أبو بكر وعمر، وهذا أخص من الذي قبله، ورجح الشافعي الأول واحتج له بأن قريشاً كانوا لا يعرفون الإمارة ولا ينقادون إلى أمير، فأمروا بالطاعة لمن ولي الأمر (1)، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم
= أبو داود (3/ 40) كتاب الجهاد، باب في الطاعة.
الترمذي (4/ 192) 24 - كتاب الجهاد، 3 - باب ما جاء في الرجل يُبعث وحده سرية.
النسائي (7/ 154) 39 - كتاب البيعة، 28 - باب قوله تعالى (وأولي الأمر منكم).
ابن ماجه (2/ 955، 956) 24 - كتاب الجهاد، 40 - باب لا طاعة في معصية الله.
السريةُ): الطائفة من الجيش، تخرج للغزو.
"من أطاع أميري فقد أطاعني" متفق عليه. واختار الطبري حملها على العموم وإن نزلت في سبب خاص، والله أعلم. اهـ.
2603 -
* روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا} (1) قال كنت أنا وأُمِّي من المستضعفين.
وفي رواية أخرجها (2) الإسماعيلي: قال: تلا ابن عباس {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ} فقال: كنت أنا وأمي ممن عَذَر الله، أنا من الولدان، وأمي من النساء.
2604 -
* روى النسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عبد الرحمن بن عوفٍ وأصحاباً له أتوُا النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، فقالوا: يا رسول الله، إنا كنَّا في عِزٍّ، ونحن مُشركون، فلما آمنَّا صِرْنا أذِلَّةً، فقال: إني أُمرتُ بالعفو، فلا تُقاتلوا، فلما حوَّله الله إلى المدينة أُمر بالقتال فكفُّوا، فأنزل الله عز وجل {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا} (3).
2605 -
* روى الطبراني في الصغير عن عائشة رضي الله عنها قالت جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنك لأحبُّ إليَّ من نفسي، وإنك لأحبُّ إليَّ من ولدي وإني
2603 - البخاري (8/ 255) 65 - كتاب التفسير، 14 - باب (وما لكم لا تقاتلون في سبي الله) - إلى (الظالم أهلها).
(1)
النساء: 75.
(2)
البخاري: نفس الموضع السابق، وقد أوردها ابن حجر في تعليقه على الحديث.
2604 -
النسائي (6/ 3) 25 - كتاب الجهاد، 1 - باب وجوب الجهاد.
الحاكم (2/ 307) كتاب التفسير، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح، على شرط البخاري، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
(فتيلاً) الفتيل: ما يكون في شق النواة، وقيل: هو ما يُقتل بين الأصبعين من الوسخ.
(3)
النساء: 77.
2605 -
الروض الداني (1/ 53، 54).
مجمع الزوائد (7/ 7) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الصغير والأوسط، ورجاله رجال الصحيح، غير عبد الله
…
=
لأكونُ في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتى فأنظر إليك وإذا ذكرتُ موتي وموتُكَ عرفْتُ أنك إذا دخلت الجنة رُفعت مع النبيين، وأني إذا دخلت الجنة خشيتُ أن لا أراك، فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه الآية:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} .
2606 -
* روى الشيخان عن سعيد بن جبير رحمه الله قال: قلت لابن عباس: ألِمَنْ قتل مُؤمناً متعمداً من توبةٍ؟ قال: لا، فتلوْتُ عليه هذه الآية التي في الفرقان {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (1) قال: هذه آية مكيَّة، نسختْها آية مدنية {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (2). وفي رواية (3) قال: اختلف أهل الكوفة في قتل المؤمن فرحلتُ فيه إلى ابن عباس فقال: نزلت في آخر ما نزل، ولم ينسخها شيء.
وفي أخرى (4) قال ابن عباس: نزلت هذه الآية بمكة: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} إلى قوله {مُهَانًا} فقال المشركون: وما يُغني عنا الإسلام وقد عدلنا بالله، وقد قتلنا النفس التي حرَّم الله، وأتينا الفواحش، فأنزل الله عز وجل {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (5).
زاد في رواية (6): فأما من دخل في الإسلام وعقله ثم قتل فلا توبة له.
= ابن عمران العابدي، وهوثقة.
2606 -
البخاري (9/ 492، 493) 65 - كتاب التفسير، 2 - باب (والذين لايدعون مع الله إلهاً آخر).
مسلم (4/ 2318) 54 - كتاب التفسير، حديث رقم (3024).
أبو داود (4/ 104، 105) كتاب الفتن والملاحم، باب في تعظيم قتل المؤمن.
النسائي (7/ 85، 86) 37 - كتاب تحريم الدم، 2 - تعظيم الدم.
(1)
الفرقان: 68.
(2)
النساء: 93.
(3)
مسلم (4/ 2317) 54 - كتاب التفسير.
(4)
مسلم: نفس الموضع السابق (4/ 2318).
(5)
الفرقان: 70.
(6)
مسلم: نفس الموضع السابق (4/ 2318).
وفي رواية للبخاري (1) ومسلم والنسائي قال سعيد: أمرني عبد الرحمن بن أبْزَى أن أسأل ابن عباس عن هاتين الآيتين؟ {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} فسألته، فقال، لم ينسخها شيء، وعن هذه الآية {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} قال: نزلت في أهل الشرك.
وفي رواية (2) لأبي داود عن سعيد بن جبير، قال: سألت ابن عباس فقال: لم نزلت التي في الفرقان {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} قال مشركو أهل مكة: قد قتلنا النفس التي حرم الله ودعونا مع الله إلهاً آخر وأتينا الفواحش فأنزل الله {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} فهذه لأولئك، قال: وأما التي في النساء {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} الآية، قال: الرجل إذا عرف شرائع الإسلام ثم قتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم لا توبة له، فذكرت هذا لمجاهد، فقال: إلا من نَدِمَ.
ابن عباس يرى أن القاتل العمد لا توبة له مستدلاً بآية النساء معتبراً آية الفرقان نزلت في أهل الشرك أي قبل أن يسلموا يفعلون ما يفعلون فإن أسلموا فإن التوبة حاصلة لهم وقد أنزل الله الآية رداً عليهم إذا قالوا قد قتلنا النفس إلخ
…
والجمهور على أن للقاتل توبة إذ أن في القتل ثلاثة حقوق حق الله وحق القتيل وحق أهل القتيل فحق أهل القتيل يسقط بالقصاص أو الدية، وحق الله تسقطه التوبة إن شاء الله أن يعفو، وحق القتيل يبقى في عنق القاتل فإن شاء الله أرضاه وأدخل القاتل الجنة وإلا فإن القاتل يعذب ما شاء الله أن يعذب ثم يخرج من النار في المآل إذا كان مؤمناً.
قال النووي تعليقاً على جواب ابن عباس أن لا توبة:
واحتج [ابن عباس] بقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} هذا هو المشهور عن ابن عباس، وروي عنه: أن له توبة، وجواز المغفرة له،
(1) البخاري (8/ 495) 65 - كتاب التفسير، 4 - باب (إلا من تاب وآمن ..).
مسلم (4/ 2317) 54 - كتاب التفسير.
النسائي (7/ 86) 37 - كتاب تحريم الدم، 20 باب تعظيم الدم.
(2)
أبو داود (4/ 104، 105) كتاب الفتن والملاحم، باب في تعظيم قتل المؤمن.
لقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} (1) فهذه الرواية الثانية: هي مذهب جميع أهل السنة والصحابة والتابعين ومن بعدهم، وما روي عن بعض السلف، مما يخالف هذا، فمحمول على التغليظ والتحذير من القتل، والتأكيد في المنع منه، وليس في هذه الآية التي احتج بها ابن عباس - تصريح بأنه يُخلد في النار، وإنما فيها جزاؤه، ولا يلزم منه أن يجازى. اهـ.
وقال ابن كثير 1/ 537: قال أبو هريرة وجماعة من السلف هذا جزاؤه إن جازاه
…
ومعنى هذه الصيغة أن هذا جزاؤه إن جوزي عليه وكذا كل وعيد على ذنب
…
لكن قد يكون لذلك معارض من أعمال صالحة تمنع وصول ذلك الجزاء إليه وعلى قول ابن عباس أنه لا توبة له وعلى قول الجمهور حيث لا عمل صالحاً ينجو به فليس بمخلد فيها بداً بل الخلود هو المكث الطويل وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنه يخرج من النار من كان في قلبه أدنى مثقال ذرة من إيمان)
…
اهـ.
2607 -
* روى النسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما سُئل عمنْ قتل مؤمناً متعمداً، ثم تاب وآمن، وعمل صالحاً، ثم اهتدى؟ فقال ابن عباس: فأنَّى له بالتوبة؟ سمعتُ نبيكمْ صلى الله عليه وسلم يقول: "يجيءُ المقتول متعلقاً بالقاتل، تشخَبُ أوداجُهُ دماً، فيقول: أي رَبِّ، سل هذا فيم قتلني؟ " ثم قال: "والله لقد أنزلها الله، ثم ما نسخها".
وفي رواية (2) له أيضاً وللترمذي: أن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يجيء المقتولُ بالقاتل يوم القيامة، ناصيته ورأسه بيده، وأوداجُهُ تشخَبُ دماً، يقول: يا ربِّ، قتلني هذا، حتى يدنيَهُ من العرش"، قال: فذكروا لابن عباس التوبة، فتلا هذه الآية:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} قال: ما نُسختْ هذه الآيةُ، ولا بُدِّلَتْ، وأنَّى له التوبة؟!.
(1) النساء: 110.
2607 -
النسائي (7/ 85) 37 - كتاب تحريم الدم، 2 - تعظيم الدم.
(2)
النسائي (7/ 87) نفس الموضع السابق.
الترمذي (5/ 240) 48 - كتاب تفسير القرآن، 5 - باب "ومن سورة النساء" وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وإسناده قوي، وأخرجه أحمد.
(تشخبْ) أي تسيل.
بيّنا في التعليق السابق الفهم الذي يجمع بين الآيات دون القول بالنسخ في أي منهما
…
وقد علق محقق الجامع فقال: 2/ 95.
إن باب التوبة لم يغلق دون كل عاص، بل هو مفتوح لكل من قصده ورام الدخول فيه، وإذا كان الشرك - وهو أعظم الذنوب وأشدها - تمحوه التوبة إلى الله تعالى، ويقبل من صاحبه الخروج منه، والدخول في باب التوبة، فكيف بما دونه من المعاصي التي من جملتا القتل عمداً؟.
2608 -
* روى أبو داود عن أبي مِجْلزٍ رحمه الله في قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} قال: هي جزاؤه، فإنْ شاء الله أن يتجاوز عن جزائه فعلَ.
بهذا الأثر استدل الجمهور على تفسير الآية وبغيره من عمومات الشريعة ومقاصدها ومنها قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} راجع تفسير ابن كثير (1/ 537) وابن جرير ج 5/ 136 - 139 قال ابن جرير 5/ 139:
وأولى القول في ذلك بالصواب قول من قال معناه ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه - إن جزاه - جهنم خالداً فيها ولكنه يعفو أو يتفضل على أهل الإيمان به وبرسوله فلا يجازيهم بالخلود فيها ولكنه عز ذكره إما أن يعفو بفضله فلا يدخله النار وإما أن يدخله إياها ثم يخرجه منها بفضل رحمته لما سلف من وعده عباده المؤمنين بقوله {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} فإن ظن ظان أن القاتل إن وجب أن يكون داخلاً في هذه الآية فقد يجب أن يكون المشرك داخلاً فيه لأن الشرك من الذنوب فإن الله عز ذكره قد أخبر أنه غير غافر الشرك لأحد بقوله {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} والقتل دون الشرك.
2609 -
* روى الشيخان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لَقِيَ ناسٌ من المسلمين رجلاً في غُنيمنةٍ له، فقال: السلام عليكم، فأخذوه فقتلوه، وأخذوا تلك الغُنَيْمَ' (1)،
2608 - أبو داود (4/ 105) كتاب الفتن والملاحم، باب في تعظيم قتل المؤمن ورجاله ثقات.
2609 -
البخاري (8/ 258) 65 - كتاب التفسير، 17 - باب (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً).
مسلم (4/ 2319) 54 - كتاب التفسير.
…
=
فنزلت: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} وقرأها ابن عباس: السلام.
ولفظ الترمذي قال "مرَّ رجلٌ من بني سُليْم على نفرٍ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه غنمٌ له، فسلَّم عليهم، فقالوا: ما سَلَّمَ عليكم إلا ليتعوذ منكم، فقاموا فقتلوه، وأخذوا غنمه، فأتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله الآية.
أقول: وقراءة ابن عباس من القراءات المعتمدة وهذه قراءة حفص ومن وافقه أما قراءة نافع وابن عامر وحمزة فبفتح اللام وبحذف الألف (السَّلَمَ). فالقراءتان سبعيتان متواترتان.
2610 -
* روى أحمد عن عبد الله بن أبي حدْرَدٍ قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إِضَمٍ فخرجت في نفر من المسلمين فيهم أبو قتادة الحارث بنُ ربعي ومُحَلِّمُ بن جثامة بن قيسٍ فخرجنا حتى إذا كنا ببطن إضم مَرَّ بنا عامرُ بن الأضبط الأشجعيُّ على قعودٍ له معه متيع ووطْب من لبن فلم مر بنا سلم علينا فأمسكنا عنه وحمل عليه مُحَلِّمُ بن جَثّامة فقتله بشيء كان بينه وبينه وأخذ بعيره ومتيعه فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرناه الخبر نزل فينا القرآن {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ [السَّلَامَ] لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} .
وقع عند ابن جرير الطبري 5/ 140 (1).
= الترمذي (5/ 240) 48 - كتاب تفسير القرآن، 5 - باب "ومن سورة النساء" وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
(ليتعوذ) التعوذ: الالتجاء والاحتماء.
2610 -
أحمد (6/ 11).
مجمع الزوائد (7/ 8) وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات وأخرجه الطبري (5/ 140).
(إضم): اسم جبل.
(قعُود): من الإبل ما أمكن ركوبه، وأدناه ابن سنتين.
(متيع): تصغير متاع وهو ما يُتَبَلَّغُ به من الزاد.
(الوطبُ): الزق الذي يكون فيه السمن واللبن.
أن مُحَلِّماً هذا جاء فجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر له فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا غفر لك الله فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه فما مضت له سابعة حتى مات فدفنوه فلفظته الأرض
…
إلخ فهذه رواية منكرة متناً وضعيفة سنداً وأحببنا ذكرها للإشارة إلى أنها منكرة.
2611 -
* روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} (1) عن بدر والخارجون إليها.
2612 -
* روى الطبراني عن زيد بن أرْقم رضي الله عنه قال لما نزلت {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} جاء ابنُ أمِّ مكتومٍ فقال يا رسول الله أمالي من رُخصةٍ؟ قال: "لا" قال: ابنُ أم مكتوم اللهم إني ضريرٌ فرَخّص لي. فأنزل الله عز وجل: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابتها.
وعند الترمذي: لما نزلتْ غزوةُ بدرٍ، قال عبد بن جحش وابن أم مكتومٍ: إنا أعميان يا رسول الله، فهل لنا رخصةٌ؟ فنزلت {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} فضل الله المجاهدين على القاعدين درجة فهؤلاء القاعدة غير أُولي الضرر {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا دَرَجَاتٍ مِنْهُ} على القاعدين من المؤمنين غير أولي الضرر.
أقول: عبد بن جحش هو أخو عبد الله بن جحش وكان أعمى ووقع في المطبوع من نسخة الترمذي بتحقيق إبراهيم عطوة: عبد الله بدل عبد وهو وهم. انظر الإصابة (4/ 3) منْ كنيته أبو أحمد.
2611 - البخاري (7/ 290) 64 - كتاب المغازي، 5 - باب: 3954، وهذا الحديث طرفه في البخاري في:4595.
(1)
النساء: 95.
2612 -
الطبراني (المعجم الكبير)(5/ 190).
مجمع الزوائد (7/ 9) وقال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله ثقات.
الترمذي (5/ 241) 48 - كتاب تفسير القرآن، / 5 - باب "ومن سورة النساء" وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
2613 -
* روى الشيخان عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: لما نزلت {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيداً، فجاء بكتفٍ، وكتبها، وشكا ابن أمِّ مكتوم ضرارته، فنزلت {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} .
وفي أخرى (1) قال: لما نزلت {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادعُوا فلاناً"، فجاءه، ومعه الدواةُ واللوحُ أو الكتفُ، فقال: "اكتُبْ (لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله) وخَلْفَ النبي صلى الله عليه وسلم ابنُ أُمِّ مكتوم، فقال: يا رسول الله، أنا ضريرٌ، فنزلت مكانها {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} .
وفي رواية الترمذي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ائتوني بالكتف أو اللوح فكتب {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} وعمرو بنُ أمِّ مكتومٍ خَلْفَ ظهره، فقال: هل لي رُخصة؟ فنزلت {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} .
وفي أخرى (2) له وللنسائي بنحوها، قال: لما نزلت {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} جاء عمرو بن أم مكتوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكان ضرير البصر - فقال: يا رسول الله، ما تأمرني؟ إني ضريرُ البصر، فأنزل الله {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ائتوني بالكتف والدواة، أو اللوح والدواة".
2614 -
* روى الطبراني عن ابن عباس في قوله تعالى {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ
2613 - البخاري (8/ 259) 65 - كتاب التفسير، 18 - باب (لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله).
مسلم (3/ 1508) 33 - كتاب الإمارة، 40 - باب سقوط فرض الجهاد على المعذورين.
الترمذي (4/ 191) 24 - كتاب الجهاد، 1 - باب ما جاء في الرخصة لأهل العذر في القعود.
(1)
البخاري (8/ 259، 260) 65 - كتاب التفسير، 18 - باب (لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله).
(2)
الترمذي (5/ 240، 241) 48 - كتاب تفسير القرآن، 5 - باب "ومن سورة النساء: وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
النسائي (6/ 10) 25 - كتاب الجهاد، 4 - باب فضل المجاهدين على القاعدين.
2614 -
الطبراني (المعجم الكبير)(12/ 165).
…
=
الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} قال هم قوم كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغزون معه لأسقامٍ وأمراضٍ وأوجاعٍ وآخرون أصحاءُ لا يغزون معه فكان المرضى في عُذْرٍ من الأصحاء.
أقول: عندما يكون الجهاد فرض عين فإن من يتخلف من غير أولي الضرر عنه يكون آثما يستحق العذاب، وعندما يكون القتال فرض كفاية فيقاتل ناس ويقعد ناس من غير أولي الضرر فإن الله يفضل المقاتلين على القاعدين درجات منه، أما أولو الضرر الذين حبسهم العذر فهؤلاء إن كانت لهم نية صالحة صادقة في الجهاد، فهم شركاء في الأجر مع المقاتلين.
2615 -
* روى البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان ناسٌ من أهل مكةَ قد أسلموا وكانوا مُستخفين بالإسلام. فلما خرج المشركون إلى بدرٍ أخرجوهم مُكْرَهين، فأصيب بعضهم يوم بدرٍ مع المشركين، فقال المسلمون أصحابُنا هؤلاء مسلمون أخرجوهم مُكْرَهين فاستغفروا لهم، فنزلت هذه الآية {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} فكتب المسلمون إلى من بقي منهم بمكة بهذه الآية فخرجوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق ظهر عليهم المشركون وعلى خروجهم فلحقوهم فرَدُّوهم فرجعوا معم فنزلت هذه الآية {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} فكتب المسلمون إليهم بذلك فحزنوا فنزلتْ هذه الآية {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} فكتبوا إليهم بذلك.
2616 -
* روى الجماعة إلا البخاري والموطأ عن يعلي بن أمية رضي الله عنه قال: قُلت لعمر بن الخطاب (1) {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ
= مجمع الزوائد (7/ 9) وقال الهيثمي: رواه الطبراني من طريقين، ورجال أحدهما ثقات.
2615 -
كشف الأستار (3/ 46) سورة النساء.
مجمع الزوائد (7/ 9) وقال الهيثمي: روى البخاري بعضه، ورواه البزار، ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن شريك، وهو ثقة.
2616 -
مسلم (1/ 478) 6 - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، 1 - باب صلاة المسافرين وقصرها.
…
=
الَّذِينَ كَفَرُوا} (1). فقد أمنَ الناسُ؟ فقال: عجبتُ مما عجبتَ منه، فسألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ فقال:"صدقةٌ تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته".
2617 -
*روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما نزلت {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} (2) بلغتْ من المسلمين مبلغاً شديداً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قاربُوا وسدِّدُوا، ففي كلِّ ما يُصابُ به المسلم كفارةٌ، حتى النَّكْبةُ يُنْكَبُها، والشوْكَةُ يُشَاكُهَا".
وفي رواية الترمذي مثله، وفيه، شَقَّ ذلك على المسلمين، فشكوْا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
الحديث.
2618 -
* روى أحمد عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً تلا هذه الآية: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} قال إنا لنُجزي بما عمِلْنا؟ هلكْنَا إذاً، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"نعم يُجزَى به المؤمنُ في الدنيا في مصيبة، في جسده، فيما يؤذيه".
2619 -
* روى الشيخان عن جابرٍ رضي الله عنه قال: مَرِضْتُ، فأتاني رسول الله
= أبو داود (2/ 3) تفريع أبواب صلاة السفر، باب صلاة المسافر.
الترمذي (5/ 243) 48 - كتاب تفسير القرآن، 5 - باب "ومن سورة النساء" وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
النسائي (3/ 116، 117) 15 - كتاب تقصير الصلاة في السفر.
ابن ماجه (1/ 339) 5 - كتاب إقامة الصلاة، 73 - باب تقصير الصلاة في السفر.
(1)
النساء: 101.
2617 -
مسلم (4/ 1993) 45 - كتاب البر والصلة والآداب، 14 - باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك.
الترمذي (5/ 247، 248) 48 - كتاب تفسير القرآن، 5 - باب "ومن سورة النساء" وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
(2)
النساء: 123.
(قاربوا) المقاربة: الاقتصاد في العمل.
(سددوا) السدادُ: الصواب.
2618 -
أحمد (6/ 65، 66).
أبو يعلي (8/ 135).
مجمع الزوائد (7/ 12) وقال الهيثمي: رواه أحمد وأبو يعلي ورجالهما رجال الصحيح.
2619 -
البخاري (10/ 114) 75 - كتاب المرضى، 5 - باب عيادة المغمى عليه.
…
=
صلى الله عليه وسلم يعُودُني وأبو بكرٍ، وهما ماشيان فوجداني أُغمِيَ عليَّ، فتوضأ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ثم صبَّ وضوءهُ عليَّ، فأفقْتُ، فإذا النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقلتُ، يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت، يا رسول الله كيف أصنع في مالي؟ كيف أقضي في مالي؟ فلم يُجبني بشيء، حتى نزلت آية الميراث.
وفي رواية (1): فعقلْتُ، فقلت: لا يرثُني إلا كلالةٌ، فكيف الميراث؟ فنزلت آية الفرائض.
وفي أخرى (2): فلم يرُدَّ عليَّ شيئاً، حتى نزلتْ آيةُ الميراُث:
وفي رواية (4) للترمذي مثل رواية البخاري ومسلم، وزاد فيها: وكان لي تسع أخواتٍ، حتى نزلت آية الميراث:{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} . وفي رواية (5) لأبي داود قال: اشتكيتُ وعندي سبْعُ أخواتٍ، فدخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنفخ في وجهي فأفقْتُ، فقلتُ: يا رسول الله، ألا أُوصي لأخواتي بالثلثين؟ قال: أحْسِنْ، قلتُ، بالشطرِ؟ قال: أحْسِنْ، ثم خرج وتركني، فقال: يا جابرُ، لا أُرَاك ميِّتاً مِنْ وجعك هذا، وإنَّ الله قد أنزل فبَيَّن الذي لأخواتك، فجعل لهن الثُّلُثَيْنِ، قال: فكان جابرٌ يقول: أُنزِلَت فيَّ هذه الآية {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} .
= مسلم (3/ 1234) 23 - كتاب الفرائض، 2 - باب ميراث الكلالة.
ابن خزيمة (1/ 56) 81 - كتاب إباحة الوضوء بالماء المستعمل.
(1)
البخاري (10/ 132) 75 - كتاب المرضى، 21 - باب وضوء العائد للمريض.
(2)
مسلم (3/ 1235) 23 - كتاب الفرائض، 2 - باب ميراث الكلالة.
(3)
النساء: 176.
(4)
الترمذي (417، 418) 30 - كتاب الفرائض، 7 - باب ميراث الأخوات، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(5)
أبو داود (3/ 119، 120) كتاب الفرائض، باب من كان ليس له ولد وله أخوات.
(كلالةٌ) الكلالة: هو أن يرث الميت غير الوالد والولد، وتطلق على من ليس بوالدٍ ولا ولدٍ من الوارثين.