المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مسائل وفوائد - يجد القارئ لكتب اللغة والنحو كثيراً من الكلام - الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام - جـ ٤

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأولفي فضل القرآن والإقبال على تلاوته وفي بعض الآداب والأحكام

- ‌المقدمة

- ‌الفقرة الأولىفي فضل القرآن والإقبال عليه وتلاوته

- ‌ فضل من يحمل شيئاً من القرآن ويقرؤه ويحافظ عليه والاجتماع على تلاوته:

- ‌ فضل تعلم القرآن وتعليمه:

- ‌ في وجوب تعهد القرآن وعدم الغفلة عنه:

- ‌ نزول الملائكة والسكينة على قارئ القرآن:

- ‌ حب القرآن وعلاماته:

- ‌الفقرة الثانية:في بعض الآداب والأحكام المتعلقة بالقرآن

- ‌ وجوب تعلم القرآن وتعليمه وآداب ذلك:

- ‌ إتقان القراءة:

- ‌ التغني بالقرآن وتزيينه بالصوت:

- ‌ الجمع بين حسن التلاوة وحسن الفهم والإخلاص فيهما:

- ‌ صفة قراءة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ في كم يقرأ القرآن:

- ‌ في ختم القرآن:

- ‌ ماذا يفعل من نام عن حزبه

- ‌ قراءة القرآن عند ائتلاف القلوب:

- ‌ في أحكام الجهر والإسرار بقراءة القرآن:

- ‌ في من جمع القرآن من الصحابة:

- ‌ في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخصّ أحداً بشيء من القرآن:

- ‌ من أسرار القرآن:

- ‌ أقسام القرآن ونسخه لما قبله وفضله على سائر الكتب:

- ‌ تلاوة القرآن من غير وضوء:

- ‌ حكم مس القرآن

- ‌ كراهة السفر بالقرآن إلى أرض العدو:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الثالثة: في بعض ما خص بالذكر من آيات وسور

- ‌ في البسملة:

- ‌ فضل سورة الفاتحة:

- ‌ فضل خواتيم سورة البقرة:

- ‌ فضل سورتي البقرة وآل عمران:

- ‌ في آية الكرسي:

- ‌ في السبع الطوال:

- ‌ في سورة الكهف:

- ‌ في فضل سورة تبارك "الملك

- ‌ في التكوير والانفطار والانشقاق:

- ‌ في سورة الزلزلة:

- ‌ في سورة الإخلاص:

- ‌ في المعوذتين:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الباب الثانيفي بعض علوم القرآن

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأولفي نزول القرآن على سبعة أحرف وفي القراءات

- ‌عرض إجمالي:

- ‌النصوص

- ‌وصل في نماذج عن الأحرف والقراءات

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفصل الثانيفي ترتيب القرآن وجمعه وجمع الناس على رسم واحدوفي حكم تنزيله منجماً وفي أول ما نزل وآخر ما نزل

- ‌عرض إجمالي

- ‌الحكمة الأولى

- ‌الحكمة الثانية

- ‌الحكمة الثالثة

- ‌الحكمة الرابعة

- ‌جمع القرآن على عهد عثمان رضي الله عنه

- ‌ترتيب آيات القرآن

- ‌فوائد حول الرسم العثماني للمصحف:

- ‌الفائدة الأولى:

- ‌الفائدة الثانية:

- ‌الفائدة الثالثة:

- ‌الفائدة الرابعة:

- ‌الفائدة الخامسة:

- ‌الفائدة السادسة:

- ‌هل رسم المصحف توقيفي

- ‌كيف أنفذ عثمان المصاحف العثمانية

- ‌المصاحف في دور التجويد والتحسين:

- ‌النصوص

- ‌ في عرضة جبريل الأخيرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌ في جمع القرآن:

- ‌ جمع عثمان الناس على رسم واحد:

- ‌ في وقوع النسخ في القرآن:

- ‌ في مصحف حفصة:

- ‌ في أول ما نزل وآخر ما نزل:

- ‌الفصل الثالثُفي بعض المأثور من التفسير وبعضأسباب النزول والناسخ والمنسوخ

- ‌مقدمة:

- ‌عرض إجمالي لموضوع التفسير:

- ‌من تفسير سورة الفاتحة

- ‌سورة البقرة

- ‌سورة آل عمران

- ‌سورة النساء

- ‌سورة المائدة

- ‌سورة الأنعام

- ‌سورة الأعْرَافِ

- ‌سورة الأنفال

- ‌سورة براءة

- ‌سورة يونس

- ‌سورة هود

- ‌سورة يوسف

- ‌سورة الرعد

- ‌سورة إبراهيم

- ‌سورة الحِجْر

- ‌سورة النحل

- ‌سورة الإسراء

- ‌سورة الكهف

- ‌سورة مريم

- ‌تفسير سورة طه

- ‌سورة الأنبياء

- ‌سورة الحج

- ‌سورة المؤمنون

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان

- ‌سورة طسم الشعراء

- ‌سورة القصص

- ‌سورة العنكبوت

- ‌سورة الروم

- ‌سورة لقمان

- ‌سورة السجدة

- ‌سورة الأحزاب

- ‌سورة سبأ

- ‌سورة فاطر

- ‌سورة يس

- ‌سورة ص

- ‌سورة الزُّمَر

- ‌سورة المؤمن (غافر)

- ‌سورة فصلت

- ‌سورة حم عسق (الشورى)

- ‌سورة حم: الدُّخان

- ‌سورة الأحقاف

- ‌سورة الفتح

- ‌سورة الحجرات

- ‌سورة ق

- ‌سورة الطور

- ‌سورة النجم

- ‌سورة القمر

- ‌سورة الواقعة

- ‌سورة الحديد

- ‌سورة المجادلة

- ‌سورة الحشر

- ‌سورة الممتحنّة

- ‌سورة الصف

- ‌سورة الجمعة

- ‌سورة المنافقين

- ‌سورة التغابن

- ‌سورة الطلاق

- ‌سورة التحريم

- ‌سورة ن (القلم)

- ‌سورة نوح

- ‌سورة الجن

- ‌سورة المزمل

- ‌سورة المدثر

- ‌سورة القيامة

- ‌سورة عم يتساءلون

- ‌سورة النازعات

- ‌سورة عبس

- ‌سورة التكوير

- ‌سورة ويل للمطففين

- ‌سورة إذا السماء انشقت

- ‌سورة البروج

- ‌سورة الأعلى

- ‌سورة والشمس وضحاها

- ‌سورة الضحى

- ‌سورة العلق

- ‌سورة إذا زلزلت

- ‌سورة التكاثر

- ‌سورة الكوثر

- ‌سورة النصر

- ‌سورة الإخلاص

- ‌سورة المعوذتيْن

- ‌(فوائد)

الفصل: ‌ ‌مسائل وفوائد - يجد القارئ لكتب اللغة والنحو كثيراً من الكلام

‌مسائل وفوائد

- يجد القارئ لكتب اللغة والنحو كثيراً من الكلام عما اختصت به بعض القبائل من لغات أو نطق لبعض الحروف أو طرائق أداء، وهذا كله يمكن أن يستأنس به لمعرفة الأحرف السبعة دون الجزم بأي منها على أنها من الأحرف السبعة وقد توسع الرافعي في كتابه (تاريخ آداب العرب) في عرضه لهذه الموضوعات ومما ذكره في هذا الموضوع:

ورأينا أن نقسم أنواع الاختلاف التي جمعناها إلى خمسة أقسام:

(1)

لغات منسوبة ملقبة.

(2)

لغات منسوبة غير ملقبة تجري في إبدال الحروف.

(3)

لغات من ذلك في تغير الحركات.

(4)

لغات غير منسوبة ولا ملقبة.

(5)

لغة أو لثغة في منطق العرب.

النوع الأول:

ومن أمثلته:

(1)

الكشكشة: وهي في ربيعة ومضر: يجعلون بعد كاف الخطاب في المؤنث شيناً، فيقولون في رأيتك: رأيتكش، وبكش وعليكش؛ وهم في ذلك ثلاثة أقسام: قسم يثبت الشين حالة الوقف فقط، وهو الأشهر؛ وقسم يثبتها في الوصل أيضاً؛ وقسم يجعل الشين مكان الكاف ويكسرها في الوصل ويسكنها في الوقف، فيقولون في مررت بك اليوم: مررت بشِ اليوم، وفي مررت بِكْ- في الوقف - مررت بِشْ.

وقد تروى الكشكشة لأسد وهوازن، وقال ابن فارس في فقه اللغة: إنها في أسد.

(2)

الكسكسة: وهي في ربيعة ومضر أيضاً: يجعلون بعد الكاف أو مكانها في خطاب المذكر سيناً على ما تقدم؛ وقصدوا بالفرق بين الحرفين، السين والشين، تحقيق الفرق بين

ص: 1691

المذكر والمؤنث في النطق.

ونقل الحريري أن الكسكسة لبكر لا لربيعة ومضر، وهي فيما نقله زيادة سين بعد كاف الخطاب في المؤنث لا في المذكر.

وروى صاحب القاموس أنها لتميم لا لبكر، وفسرها كما فسر الحريري.

(3)

الشنشنة في لغة اليمين: يجعلون الكاف شيناً مطلقاً، فيقولون في لبيك اللهم لبيك، لبيش اللهم لبيش.

(4)

العنعنة في لغة تميم وقيس: يجعلون الهمزة المبدوءة بها عيناً، فيقولون في إنك: عِنك، وفي أسلم: عَسْلم، وفي إذن: عِذَن، وهلم جرا.

(5)

الفحفحة في لغة هذيل: يجعلون الحاء عيناً، فيقولون في مثل حلت الحياة لكل حي: علت العياة لكل عيّ.

(6)

العجعجة في لغة قضاعة: يجعلون الياء المشددة جيماً فيقولون في تميمي "تميمج"؛ وكذا يجعلون الياء الواقعة بعد عين، فيقولون في الراعي: الراعج، وهكذا - وسيأتي في النوع الثاني عكس هذه اللغة - وكانت قضاعة إذا تكلموا غمغموا فلا تكاد تظهر حروفهم، وقد سمى العلماء ذلك منهم "غمغمة قضاعة".

(7)

الوتم في لغة اليمن أيضاً: يجعلون السين تاء: فيقولون في الناس: النات، وهكذا.

(8)

الوكم في لغة ربيعة، وهم قوم من كلب يكسرون كاف الخطاب في الجمع متى كان قبلها ياء أو كسرة، فيقولون في عليك وبكم: عليكِمِ وبكِمِ.

(9)

الوهم في لغة كلب: يكسرون هاء الغيبة متى وليتها ميم الجمع مطلقاً "والفصيح أنها لا تكسر إلا إذا كان قبلها ياء أو كسرة نحو عليهم وبهم" فيقولون في منهم وعنهم وبينهم؛ منهمِ وعنهِم وبينهِم.

(10)

الاستنطاء في لغة سعد بن بكر وهذيل والأزد وقيس والأنصار يجعلون العين

ص: 1692

للساكنة نوناً إذا جاورت الطاء، فيقولون في أعطى: أنطى وعلى لغتهم قرئ شذوذاً: "إنا أنطيناك الكوثر".

(11)

التلتلة في بهراء، وهم بطن من تميم، وذلك أنهم يكسرون أحرف المضارعة مطلقاً، وقد ذكر سيبويه في الجزء الثاني من كتابه مواضع يكون فيها كسر أوائل الأفعال المضارعة عاماً في لغة جميع العرب إلا أهل الحجاز وذلك في نحو مضارع "فعل" إذا كانت لامه أو عينه ياءً أو واواً، نحو وجِلَ وخشَى، مثلاً، فيقولون: نيجل ونخشى؛ وهكذا، فراجعه في الكتاب فإن فيه تعليلاً حسناً. وقال في آخر هاذ الفصل: إن بني تميم يخالفون العرب ويتفقون مع أهل الحجاز في فتح ياء المضارعة فقط

(12)

القُطعة في لغة طيء: وهي قطع اللفظ قبل تمامه، فيقولون في مثل يا أبا الحكم يا أبا الحكا. وهي غير الترخيم المعروف في كتب النحو، لأن هذا مقصور على حذف آخر الاسم المنادى، أما القطعة فتتناول سائر أبنية الكلام.

(13)

اللخلخلانية: وهي تعرض في لغة أعراب الشحّر وعُمان، فيحذفون بعض الحروف اللينة، ويقولون في نحو ما شاء الله: مشاالله. ومن لغات الشحر المرغوب عنها ما نقله صاحب المخصص من أن بعضهم يقول في السيف: شَلقَى.

(14)

الطُّمطُمانية في لغة حِمْير: يبدلون لام التعريف ميماً، وعليها جاء الحديث في مخاطبة بعضهم:"ليس من امْبِرِّ امْصِيامُ في امْسفر": أي ليس من البر الصيام في السفر.

النوع الثاني:

لغاتُ منسوبة غير ملقبة عند العلماء، ومن أمثلته:

(1)

في لغة فُقيم [دارم] يبدلون الياء جيماً، ولغتهم في ذلك أعمُّ من لغة قضاعة التي مرت في النوع الأول؛ لأنها غير مقيدة، فيقولون في بختي وعليّ؛ بختجٌّ وعلجٌّ.

(2)

في لغة مازن يبدلون الميم باءً والباء ميماً، فيقولون في بكر: مكر، وفي اطمئن: اطبئن.

ص: 1693

ومما يريدونه: أن الخليفة الواثق المتوفى سنة 232 لما قدم عليه أبو عثمان المازني سأله: ممن الرجل؟ فقال: من بني مازن. قال: أي الموازن تميم أم مازن قيس أم مازن ربيعة؟ قال: من مازن ربيعة فكلمه الواثق بكلام قومه وقال: (باسْبُك)؟ يريد: ما اسمك؟ لأنهم يقلبون الميم باء والباء ميماً، قال المازني: فكرهت أن أحبيبه على لغة قومي كيلا أواجهه بالمكر- لأن اسمه بكر - فقلت: بكر يا أمير المؤمنين! فأعجبه ذلك وقال لي: اجلس فاطبئن. يريد: اطمئن

(3)

في لغة طيء يبدلون تاء الجمع هاء إذا وقفوا عليها، إلحاقاً لها بتاء المفرد؛ وقد سمع من بعضهم. "دفن البناه، من المكرماه" يريد: البنات، والمكرمات؛ وحكى قطرب قول بعضهم: كيف البنون والبناه، وكيف الإخوة والأخواه؟ وسيأتي في النوع الرابع عكس هذه اللغة.

(4)

في لغة طيء أيضاً يقلبون الياء ألفاً بعد إبدال الكسرة التي قبلها فتحة، وذلك من كل ماضٍ ثلاثي مكسور العين، ولو كانت الكسرة عارضة كما لو كان الفعل مبنياً للمجهول، فيقولون في رضي وهُدي رضا وهدى؛ بل ينطِقون بها قول العرب:"فرسٌ حظية بظية" فيقولون. حظاة بظاة، وكذلك يقولون: النصاة، في الناصية.

ومن لغتهم أنهم يحذفون الياء من الفعل المعتل بها إذا أُكِّد بالنون، فيقولون في: اخْشينَّ وارمينَّ

إلخ. اخْشَنَّ وارِمِنَّ. وجاء من ذلك في الحديث الشريف على لغتهم: "لتُؤدَّنَّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء تنطحها" تنسب هذه اللغة إلى فزارة أيضاً كما تنسب إلى طيئ.

(5)

في لغة طيئ على ما رواه ابن السكيت أنهم يبدلون في الهمزة في بعض المواضع هاء، فيقولون هِنْ فعلتُ، يريدون: إن فعلت.

(6)

في لغة تميم يجيئون باسم المفعول من الفعل الثلاثي إذا كانت عينه ياءً على أصل الوزن بدون حذف، فيقولون في نحو مبيع مبيوع؛ ولكنهم لا يفعلون ذلك إذا كانت عين الفعل واواً إلا ما ندر، بل يتبعون فيه لغة الحجازيين، نحو: مَقُول ومصوغ؛ وهكذا.

ص: 1694

(7)

في لغة هذيل لا يبقون ألف المقصور على حالها عند الإضافة إلى ياء المتكلم، بل يقلبونها ياءً ثم يدغمونها، توصلاً إلى كسر ما قبل الياء، فيقولون في عصاي وهواي: عصيّ وهويّ.

ولا يفعلون ذلك إلا إذا كانت الألف في آخر الاسم للتثنية، كما في نحو "فتياي" بل يوافقون الجمهور في إبقائها دون قلب، كأنهم كرهوا أن يزيلوا دلالتها على المعنى الذي أُلحقت بالكلمة له.

(8)

في لغة فزارة وبعض قيس يقلبون الألف في الوقف ياءً، فيقولون: الهُويْ وأفعي وحُبليْ.

ومن تميم من يقلب هذه الألف واواً فيقول: "الهُدوْ وأفعوا وحبلو" ومنهم من يقلبها همزة فيقولك الهُدأ وأفعأ وحُبلأ".

وقريب من قلب الألف واواً ما رواه ابن قتيبة عن ابن عباس: "لا بأس بلبس الحِذَوْ للمحرم": أي الحذاء وهو دليل على أن من بعض لغاتهم قلب الألف مطلقاً واواً.

(9)

في لغة خثعم وزبيد يحذفون نون "مِنْ" الجارة إذا وليها ساكن، قال شاعرهم:

لقد ظفر الزوار أقفية العدا بما جاوز الآمال مِ الأسر والقتلِ

وقد شاعت هذه اللغة في الشعر واستخفها كثير من الشعراء فتعاوروها.

(10)

في لغة بلحرث يحذفون الألف من "على" الجارة واللام الساكنة التي تليها، فيقولون في على الأرض، علأرضِ، وهكذا.

(11)

في لغة قيس وربيعة وأسد أهل نجد من بني تميم، يقصرون "أولاء" التي يشار بها للجمع ويلحقون بها "لاماً" فيقولون: "أُولالك.

(12)

في لغات أسماء الموصول:

بلحرث بن كعب وبعض ربيعة يحذفون نون اللذين واللتين في حالة الفعل، وعلى لغتهم قول الفرزدق:

ص: 1695

أبني كليب، إن عمي اللذا

قتلا الملوك وفككا الأغلال

وقول الأخطل:

هما اللتا لو ولودت تميمُ

لقيل، فخْر لهمُ صميمُ

وتميم وقيس يثبتون هذه النون ولكنهم يشددونها، فيقولون: اللذان، واللتان؛ وذلك في أحوال الإعراب الثلاثة، وللنحاة في حكمة هذا التشديد أقوال ليست من غرضنا.

وطيء تقول في الذي ذو، وفي التي ذات. ولا يغيرونهما في أحوال الإعراب الثلاثة رفعاً ونصباً وجراً. وقال أبو حاتم: إن "ذو" الطائية للواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحد، وإعرابها بالواو في كل موضع.

وسيأتي في النوع الرابع بعض لغات غير منسوبة في أسماء الموصول.

(13)

في لغة ربيعة يقفون على الاسم المنون بالسكون في كل أحوال الإعراب، فيقولون: رأيت خالدْ، ومررت بخالدْ، وهذا خالدْ؛ وغيرهم يشاركهم إلا في النصب.

وفي لغة الأزد يبدلون التنوين في الوقف من جنس حركة آخر الكلمة فيقولون جاء خالدو، ومررت بخالدي.

وفي لغة سعد يضعفون الحرف الأخير من الكلمة الموقوف عليها إلا إذا كان هذا الحرف همزة أو كان ما قبله ساكناً، فيقولون: هذا خالدّ، ولا يضعفون في مثل رشأ وبكر.

(14)

في لغة بلحرث وخثعم وكنانة يقلبون الياء بعد الفتحة ألفاً، فيقولون في إليك وعليك ولديه:"إلاك، وعلاك، ولداهُ".

ومن لغتهم أيضاً إعراب المثنى بالألف مطلقاً، رفعاً ونصباً وجراً؛ وذلك لقلبهم كل ياء ساكنة انفتح ما قبلها ألفاً؛ فيقولون: جاء الرجلان، ورأيت الرجلان، ومررت بالرجلان؛ وأنشد ابن فارس في فقه اللغة لبعضهم:

تزود منا بين أذناه ضربةً

دعته إلى هابي التراب عقيم

ص: 1696

غير أنه خص هذه اللغة ببني الحارث بن كعب.

قال ابن جني في "سر الصناعة": إن من العرب من يقلب في بعض الأحوال الواو والياء. الساكنتين ألفين للفتحة قبلهما، وذلك نحو قولهم في الحيرة: حاري؛ وفي طييء: طائي.

(15)

ذكر المبرد في "الكامل" أن بني سعد بن زيد مناة، ولخم من قاربها، يبدلون الحاء هاء لقرب المخرج، فيقولون في مدحته. مدهتُه؛ وعليه قول رؤبة:

* لله در الغانيات المدّه *

أي المدّح؛ وفي هذه الأرجوزة:

* برَّاق أصلاد الجبين الأجله *

أي الأجلح.

وقال في موضع آخر: العرب تقول: هودج، وبنو سعد بن زيد مناة ومن وليهم يقولون: فودج؛ فيبدلون من الهاء فاءً.

وفي أمالي ثعلب: أزد شنوءة تقول: تفكهون، وتميم يقولون تفكنون، بمعنى تعجبون.

وأمثلة الاختلاف من هذا الضرب غير قليلة.

(16)

في أمالي القالي عن أبي زيد أن الكلابيين يلحقون علامة الإنكار في آخر الكلمة، وذلك في الاستفهام إذا أنكروا أن يكون رأي المتكلم على ما ذكر في كلامه أو أن يكون على خلاف ما ذكر.

فإذا قلت: رأيتُ زيداً، وأنكر السامع أن تكون رأيته قال: زيداً إنيه! بقطع الألف وتبيين النون، وبعضهم يقول: زيدنِّيه! كأنه ينكر أن يكون رأيك على ما ذكرت.

وهذه الزيادة تجري في لغة غيرهم على النحو الذي تسمعه في لغة العامة من مصر، فإنك إذا قلت لأحدهم: رأيتُ الأسد، يقول: أسد إيه! فالعرب تحرّك آخر الكلمة إذا كان ساكناً وتلحق به الزيادة، فإذا قال رجل: رأيت زيداً، قالا: أزَيْدنيه! ويقول: قدم

ص: 1697

زيدٌ فتقول: أزيْدُنيه! أما إذا كان آخر الكلمة مفتوحاً فإنهم يجعلون الزيادة ألفاً، ويجعلونها واواً إذا كان مضموماً، وياءً إذا كان مكسوراً، فإن قال: رأيت عثمان، قلت: أعثماناه! ويقول: أتاني عمر، فتقول: أعمروه! وهكذا. فإن كان الاسم معطوفاً عليه أو موصوفاً، جعلوا الزيادة في آخر الكلام؛ يقال: رأيت زيداً وعمراً، فتقول: أزيداً وعمرنيه! ويقال: ضربت زيداً الطويل، فتقول: أزيداً الطويلاه!

وذكر سيبويه أنه سمع رجلاً من أهل البادية وقيل له: أتخرج إن أخصبت البادية؟ فقال: أنا إنيه! وإنما أنكر أن يكون رأيه على خلاف الخروج وسيأتي وصف لغة أخرى للحجازيين في النوع التالي:

النوع الثالث:

وهو من تغيير الحركات في الكلمة الواحدة حسب اختلاف اللهجات؛ ومن أمثلته:

(1)

"هلُمَّ" في لغة أهل الحجاز تلزم حالة واحدة "بمنزلة رُوَيدَ"، على اختلاف ما تسند إليه مفرداً أو مثنى أو جمعاً، مذكراً أو مؤنثاً؛ وتلزم في كل ذلك الفتح؛ وفي لغة نجد من بني تميم تتغير بحسب الإسناد؛ فيقولون هَلُمَّ يا رجل، وهَلُمِّي، وهلُمُّوا، وهلْمُمن؛ وإذا أسندت لمفرد لا يكسرونها كما قال سيبويه، فلا يقولون: هلِمّ يا رجل، ولكنها تُكسَر في لغة كعب وغني.

(2)

في لغة تميم يكسرون أول فعِيل وفَعِل إذا كان ثانيهما حرفاً من حروف الحلق الستة، فيقولون في لئيم ونحيف ورغيف وبخيل: لئيم، ونحيف .. إلخ، بكسر الأول، ويقولون: هذا رجلٌ لِعبٌ، ورجلٌ محِكٌ وهذا ماضغٌ لهِمٌ "كثير البلع" وهذا رجل وغِلٌ "طفيلي على الشراب"، وفِخِد، ونحوها كل ذلك في لغتهم بالكسر وغيرهم بفتحه؛ وقد نقل صاحب المخصص في ذلك تعليلاً حسناً يرجع إلى الأسباب اللسانية.

(3)

في لغة خزاعة يكسرون لام الجر مطلقاً مع الظاهر والضمير، وغيرهم يكسرها مع الظاهر ويفتحها مع الضمير غير ياء المتكلم؛ فيقولون: المال لِك ولِهُ. ونقل اللحياني ذلك عن خزاعة أيضاً.

ص: 1698

وفي "سر الصناعة" لابن جني عن أبي عبيدة والأحمر ويونس، أنهم سمعوا العرب تفتح اللام الجار مع المظْهَر، وقال أبو زيد: سمعت من يقول: وما كان الله ليعذبهم؛ وفي لغة هؤلاء يقولون: المال للرجل؛ ومثل هذه اللغة في عامية الشام.

ولكن العرب إجماعاً "ومنهم خزاعة" على كسر اللام إذا اتصلت بياء المتكلم فلا يفتحها منهم أحد.

(4)

هاء الغائب مضمومة في لغة أهل الحجاز مطلقاً إذا وقعت بعد ياء ساكنة، فيقولون: لديه وعليه؛ ولغة غيرهم كسرها، وعلى منطق أهل الحجاز قرأ حفص حمزة:{وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ} و {عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ} وهي القراءة المتبعة أما غيرهم من القراء فيكسر الهاء.

(5)

في لغة بني مالك من بني أسد يضمون هاء التنبيه؛ فيقولون في يا أيها الناس، يا أيُّهُ الناسُ ويا أيُّهُ الرجلُ؛ إلا إذا تلاها اسم إشارة، نحو: أيُّهذا، فإنهم يوافقون فيها الجمهور.

(6)

في لغة بني يربوع- وهم من بني تميم - يكسرون ياء المتكلم إذا أضيف إليها جمع المذكر السالم فيقولون في نحو ضاربيَّ ضاربيِّ، وهكذا.

(7)

في لغة الحجازيين يحكون الاسم المعرفة في الاستفهام إذا كان علماً كما نطق به؛ فإذا قيل: جاء زيد، ورأيت زيداً، ومررت بزيد، يقولون: من زيدٌ ومن زيداً؟ أما إذا كان غير علم: كجاءني الرجل، أو كان علماً موصوفاً: كزيد الفاضل، فلا يستفهمون إلا بالرفع، يقولون: من الرجلُ؟ ومن زيدٌ الفاضلُ؟ في الأحوال الثلاث.

وإذا استفهموا عن النكرة المُعربة ووقفوا على أداة الاستفهام، جاءوا في السؤال بلفظة (من)، ولكنهم في حالة الرفع يُلحقون بها واواً لمجانسة الضمة في النكرة المُستفهم عنها، ويلحقون بها ألفاً في حالة النصب، وياءً في حالة الجر؛ فإذا قلت: جاءني رجل، ونظرت رجلاً، ومررت برجل؛ يقولون في الاستفهام عنه:(مَنو؟ ومضنا؟ ومني؟). وكذلك يلحقون بها علامة التأنيث والتثنية والجمع، فيقولون:(مَنَه)؟ في الاستفهام عن

ص: 1699

المؤنثة، منان ومنَيْن؟ للمثنى المذكر، ومنتان؟ ومنتين؟ للمثنى المؤنث، ومنون؟ ومنين؟ للجمع المذكر، ومنات؟ للجمع المؤنث؛ وهكذا كله إذا كان المستفهم واقفاً؛ فإذا وصل أداة الاستفهام جرَّدَها عن العلامة، فيقول: من يا فتى؟ في كل الأحوال.

وبعض الحجازيين لا يفرق بين المفرد وغيره في الاستفهام، فيقول: مَنُو، ومنا، ومنِي، إفراداً وتثنية وجمعاً، في التذكير والتأنيث.

(8)

من لغة الحجازيين أيضاً أنهم يعاقبون بين الواو والياء فيجعلون إحداهما مكان الأخرى؛ والمعاقبة إما أن تكون لغةً عند القبيلة الواحدة، أو تكون لافتراق القبيلتين في اللغتين، وليست بمطردة في لغة أهل الحجاز بين كل واو وياء، ولكنها محفوظة عنهم، فيقولون في الصواغ: الصيَّاغ؛ وقد دَوُخوا الرجل، ودَيَّخوه. وسمع الكسائي بعض أهل العالية يقول: لا ينفعني ذلك ولا يضورُني أي يَضِيرُني- وقوم يقولون في سريع الأوبة: سريع الأيْبَة؛ ومنهم من يقول في المصايب: مصاوب، ويقول بعضهم: حكوُت الكلام، أي حكيته؛ وأهل العالية يقولون: القصْوَى، ويقول فيها أهل نجد القُصْيا.

وقد وردت أفعال ثلاثية تحكي لاماتها بالواو والياء، مثل: عزوت وعزيْت، وكنوت وكنيْت، وهي قريب من مائة لفظة نظمها ابن مالك النحوي في قصيدة مشهورة.

(9)

في لغة بكر بن وائل وأناس كثير من بني تميم، يسكنون المتحرك استخفافاً، فيقولون في فخذ، والرَّجُل، وكرُم، وعلم: فخْد، وكرم، والرَّجْل، وعلْم.

وهذه اللغة كثيرة أيضاً في تغلب، وهو أخو بكر بن وائل. ثم إذا تناسبت الضمتان أو الكسرتان في كلمة خففوا أيضاً فيقولون في العنُق والإبل. العنْق، والإبْل.

(10)

في "الخصائص" لابن جني عن أبي الحسن الأخفش: أن من لغة أزد السراة تسكين ضمير النصب المتصل.

(11)

لغات في كلمات:

تميم من أهل نجد يقولون: نِهْيٌ، للغدير، وغيرهم يفتحها.

ص: 1700

والوُتر في العدد حجازية، والوتر - بالكسر - في الذحل: الثار. وتميم تكسرها جميعاً، وأهل العالية يفتحون في العدد فقط.

اللَّحد واللّحد: للذي يحفر في جانب القبر، والرَّفع والرُّفع: لأصول الفخذين، فالفتح لتميم، والضم لأهل العالية.

يقال: وتِد، ووتد. وأهل نجد يُدغمونها فيقولون: وَدّ.

وفي لغة بعض الكلابيين يقولون: الدِّواء، وغيرهم يفتحها.

والعرب يقولون: شواظ من نار، والكلابيون يكسرون الشين.

ويقولون: رُفقة، للجماعة، ولغة قيس كسر الراء.

وقالوا: وجنة ووُجنة، وبالكسر لغة أهل اليمامة.

أهل الحجاز يقولون: خمس عشرة، وتميم يقولون: خمس عشرة، ومنهم مني فتح الشين.

والحجازيون يقولون: لعَمْري، وتميم تقول: رعَمْلي، وتحكي عنهم رعَمْري أيضاً.

واللص في لغة طيئ، وغيرهم يقول: اللِّصْت.

(12)

لغات في الإعراب:

في لغة هذيل يستعملون "متى" بمعنى "مِن"، ويجرُّون بها؛ سُمِع من بعضهم: أخرجا متى كُمِّه: أي من كُمه؛ ويروون من ذلك البيت المشهور:

شَربْنَ بماءِ البحر ثم ترفَّعتْ

متى لججٍ خضْرٍ لهُنَّ نئيجُ

وفي لغة تميم ينصبون تمييز "كم" الخبرية مفرداً، ولغةُ غيرهم وجوبُ جره وجوازُ إفراده وجمعِه، فيقال: كم درهمٍ عندك، وكم عبيدٍ ملكتَ! وتميم يقولون: كم درهماً، وكم عبداً!

في لغة الحجازيين ينصب الخبر بعد "ما" النافية نحو: ما هذا بشراً، وتميم يرفعونه.

في لغة أهل العالية ينصبون الخبر بعد "إن" النافية، سُمِع من بعضهم: إنْ أحدٌ خيراً

ص: 1701

من أحدٍ إلا بالعافية.

الحجازيون ينصبون خبر ليس مطلقاً، وبنو تميم يرفعونه إذا اقترن بإلا؛ فيقول الحجازيون: ليس الطيبُ إلا المسك، وبنو تميم: إلا المسكُ.

في لغة بني أسد يصرفون ما لا ينصرف فيما عِلةُ منْعِه الوصفيَّة وزيادة النون، فيقولون: لست بسكرانٍ، ويلحقون مؤنثه التاء، فيقولون: سكرانة.

في لغة ربيعة وغنمٍ، يبنون "مع" الظرفية على السكون، فيقولون: ذهبتُ معه، وإذا وليها ساكن يكسرونها للتخلص من التقاء الساكنين، فيقولون: ذهبتُ مع الرجل، وغنْمٌ: حي من تغلب بن وائل.

في لغة بني قيس بن ثعلبة يعربون "لدُن" الظرفية، وعلى لغتهم قرئ:"من لدُنِه علماً".

الحجازيون يبنون الأعلام التي على وزن فعال: كحزام، وقطام، على الكسر في كل حالات الإعراب؛ وتميم تعربها ما لم يكن آخرها راءً وتمنعها من الصرف للعلمية والعدل؛ فإذا كان آخرها راءً كوبار "قبيلة" وظفار "مدينة" فهم فيها كالحجازيين.

في لغة هذيل أو "عقيل" يعربون "الذين" من أسماء الموصول إعرابَ جمع المذكر السالم، قال شاعرهم:

نحن الَّذونَ صبَّحوا الصباحا

يوم النُّخَيل غارةً ملْحاحاً

ومن لغة هذيل أيضاً فتح الياء والواو في مثل: بيضات، وهيآت، وعورات، فيقولون: بيضات، وهيآت، وعورات، والجمهور على إسكانها.

النوع الرابع:

وهو يشمل اللغات التي ذكرها العلماء ولم ينسبوها وتكون في جملتها راجعة إلى تباين المنطق واختلاف اللهجات، وهذا القسم هو اللغة أو أكثرها: لأن الذين دونها جمعوا كل لغات العرب وجعلوها لغة جنسية فلم يميزوا منطقاً من منطق، ولا أفردوا لغة عن لغة؛ إذ

ص: 1702

كان ذلك من سبيل خدمة التاريخ اللغوي، وهم إنما أرادوا بصنيعهم خدمة القرآن وعلومه، فلولاه لمضت لغة العرب في سبيل ما تقدمها، ولماتت مع أهلها، وكان من يظفر اليوم بحرف منها فقد أحيا شيئاً من التاريخ.

ولو أردنا استغراق هذا النوع لخرجنا بالكتاب عن معناه إلى أن يكون مُعحماً من معاجم اللغة: ولكنا نأتي شيء من نادره ونقتصر على القليل من غريبه مما يجانس ما قدمناه ويتحقق به نوعٌ من أنواع الاختلاف اللساني في العرب، ومن أمثلة ذلك:

(1)

إبدالهم أواخر بعض الكلمات المجرورة ياء، كقولهم في الثعالب والأرانب والضفادع: الثعالي، والأراني، والضفادي.

وفي الصحاح: قد يبدلون بعض الحروف ياء كقولهم: في أمَّا: أيْما وفي سادس: سادي، وفي خامس: خامي. وجاءت لغات الإبدال وكلها غير منسوبة ولا مُسماة، وهي كثيرة؛ ومنها نوع طريف يعدّ من "لغات اللغويين" لأنهم جمعوه ورتبوه؛ وهو في الألفاظ التي يُنطق فيها بلغتين بحيث يؤم التصحيف: كالتي تنطق بالياء والتاء والباء والثاء؛ ونحوها مما يقع في حروفه التصحيف، وهذه الحروف هي:

ب

ت

ث

ج

ح

خ

د

ذ

ر

ز

س

ش

ص

ض

ط

ظ

ع

غ

ف

ق

ك

ل

ن

وفالنون تشتبه بالتاء والثاء، والواو تشتبه بالراء؛ أما سائر الحروف فالاشتباه فيها ظاهر. وعلى أن هذا مما يرجع إلى الخط ويبعد أن يكون العرب أرادوه، ولكن اللغويين وفقوا في عده من لغات الإبدال، ومن أمثلته: الثَّرى والبرى: بمعنى التراب، وثجَّ الجريح ونجَّ: سال دمُه، وفاح الطيب وفاخ وهلمَّ جراً

(2)

من العرب من يجعل الكاف جيماص، فيقول مثلاً: الجعبة، في "الكعبة" وبعضهم ينطق بالتاء طاء: كأفْلِطني، في "أفلتني" قال الخليل: وهي لغة تميمية قبيحة.

ص: 1703

(3)

نقل صاحب المخصص في "باب ما يجيء مقولاً بحرفين وليس بدلاً "أن بعض العرب يقول: أردت عن تفعل كذا، وبعضهم يقول. لألني في "لعلني" وقال في موضع آخر: وفي "لعل" لغات يقولها بعض العرب دون بعض، وهي: لعلِّي، لعلني، علِّي، علَّني، لعنِي لغنِّي؛ وأنشد للفرزدق:

هل أنتم عائجون بنا لعنَّا

نرى العرصات أو أثر الخيام

وتروى في "لعل" لغة بكسر اللام- لِعلّ-؛ و .... لغة عقيل الجر بلعل وهو مما عزاه إليهم أبو زيد، وغيره يقول إن ذلك في لغة بعض العرب.

ومما أورده في هذا الباب: قرأ فما تلعثم، وبعضهم يقول: تلعْزَم. وتضَيَّفَت الشمسُ للغروب، وتضيفت، قال: ومنه اشتقاق الصيف.

(4)

وفي المخصص أيضاً عن السِّكِّيت في "لغات: عند" تقول: هو عِندي، وعُندي، وعَندي؛ ومنه أيضاً "لدن" فيه ثماني لغات، وهي: لدُن، ولُدُن، ولدّى، ولدُ، ولدْن، ولُدْن، ولَدْ، ولدىً؛ ومنه أيضاً في "الذي" لغات: الذي بإثبات الياء، واللذِ، واللّذْ، واللذيُّ؛ وفي التثنية اللذانِ، واللذانِّ، واللذا؛ وفي الجمع: الذي والذون واللاؤون، واللاءوا، واللائي- بإثبات الياء في كل حال - والأولى؛ وللمؤنث؛ اللائي، واللاء، واللاتي، واللتِ، واللاتْ، واللتان، واللتا، واللتانِّ؛ وجمع التي: اللاتي، واللات، واللواتي، واللوات، واللوا، واللاءِ، واللآتِ.

ومن لغات "هو وهي": هُوْ -بالسكون- وهُوّ، وهِيّ، قال بعضهم: وتُحكى فيها لغةً رابعة، وهي أن تحذف الواو والياء وتبقى الهاء متحركة فتقول: هُـ، هِـ.

ومن لغات "لا جَرَمَ" على ما رواه الكوفيون: لا جَرَ، ولا ذا جرم، ولا ذا جر، ولا إن ذا جرم؛ ولا عِنّ ذا جرم.

ص: 1704

ومن لغات "نعم، حرف الإيجاب": نَعِم، ونِعِم، ونَحَم، بإبدال العين حاءً كما أبدلت الحاء من "حتى" عيناً في فحفحة هذيل فقيل: عَتّى، كما مر في موضعه.

(5)

بعض العرب يبدل هاء التأنيث تاءً في الوقف، فيقول: هذه أمَتْ، "في أمَهْ" وسُمع بعضهم يقول: يا أهل سورةِ البقرَتْ، فقال مُجيب: ما أحفظ منها ولا آيَتْ! ويؤخذ مما ذكره ابن فارس في فقه اللغة أن هذه اللهجة كانت من اللغات المسماة المنسوبة إلى أصحابها في القرن الرابع، ولكنا لم نقف على نسبتها.

النوع الخامس:

وهو ما يروونه على أنه لغة في الكلام أو لثغة من المتكلم، كالألفاظ التي وردت بالراء والغين، أو بالراء واللام، أو بالزاي والذال، أو بالسين والثاء، أو بالشين والسين؛ فكل ذلك مما يشك فيه الرواة، لا يجزمون بأنه لغة فرد أو لغة قبيلة، وقد قال الأنباري في شرح المقامات يذكر أنواع اللثغة في منطقهم: اللغثة تكون في السين، والقاف، والكاف، واللام، والراء؛ وقد تكون في الشين. فاللثغة في السين أن تبدل ثاءً، وفي القاف أن تبدل طاءً، وربما أُبدلت كافاً، وفي الكاف أن تبدل همزة، وفي اللام أن تبدل ياءً وربما جعلها بعضهم كافاً؛ وأما اللثغة في الراء فإنها تكون في ستة أحرف:"ع غ ي د ل ط"، وذكر أبو حاتم أنها تكون في الهمزة. ا. هـ.

قلنا: وليس ما ذكره أبو حاتم بغريب، فقد رأينا في "بغية الوعاة" في ترجمة ركن الدين بن القوابع النحوي المتوفى سنة 738 أنه كان يلثغ بالراء همزة.

وبعضهم يلثغ في اللام فيجعلها تاءً، ويسمونه الأرَتّ؛ أما النطق بالحاء هاء فيسمونه ههَّة، كقول صاحب الصحاح: اللَّهْمسُ لغةٌ في اللَّحْس، أو ههّة. (1/ 140/161).

ص: 1705