الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الحديد
2865 -
* روى مسلم عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله تعالى بقوله: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} (1) إلا أربع سنين.
2866 -
* روى النسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانت ملوكٌ بعد عيسى عليه السلام بدلوا التوارة والإنجيل، وكان فيهم مؤمنون يقرؤون التوراة والإنجيل، قيل لملوكهم: ما نجد شتماً أشدَّ من شتمٍ يشتمونا، هؤلاء، إنهم يقرؤون:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} مع ما يعيبوننا به من أعمالنا في قراءتهم، فادعُهمْ فليقرؤوا كما تقرأ، وليؤمنوا كما آمناً، فدعاهم فجمعهم، وعرض عليهم القتل أو يتركوا قراءة التوراة والإنجيل، إلا ما بدلوا منها، فقالوا: ما تريدون إلى ذلك؟ دعُونا، فقالتْ طائفةٌ منهم: ابنُوا لنا أسطانة، ثم ارفعونا إليها، ثم أعطونا شيئاً نرفعْ به طعامنا وشرابن، فلا نردُ عليكم، وقالت طائفةٌ: دعونا نسيحُ في الأرض، ونهيمُ ونشربُ كما يشربُ الوحشُ، فإن قدرتْم علينا في أرضكُم فاقتلُونا، وقالت طائفةٌ منهم: ابنُوا لنا دوراً في الفيافي، ونحتفرُ الآبار، ونحتَرِثُ القبول، ولا نردُ عليكم ولا نمُرُّ بكم، وليس أحدٌ من القبائل إلا ولهُ حميمٌ فيهم، قال: ففعلوا ذلك، فأنزل الله عز وجل:{وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} (2) والآخرون قالوا: نتعبدُ كما تعبد فلانٌ، ونسيحُ كما ساح فلانٌ، وهم على شركهمْ، لا علم لهم بإيمان الذين اقتدوا بهم، فلما بُعِث النبيُّ صلى الله عليه وسلم لم يبقَ منهم إلا قليلٌ، انحطَّ رجلٌ من
2865 - مسلم (4/ 2319) 54 - كتاب التفسير، 1 - باب في قوله تعالى (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذصكر الله).
(ألم يأن): ألم يقرب.
(الخاشع): الراجع إلى الله تعالى بالتوبة.
(1)
الحديد: 16.
2866 -
النسائي (8/ 231، 232) 49 - كتاب آداب القضاة، 12 - تأويل قول الله عز وجل (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) وإسناده قوي.
(نهيم) هام في البراري: إذا ذهب لوجهه على غير جادة، ولا طالب مقصد.
(الفيافي) البراري.
(2)
الحديد: 27.
صومعتهِ، وجاء سائحٌ من سياحته، وصاحبُ الديرِ من ديرِه، فآمنوا به وصدقوه، فقال الله تبارك وتعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} (1) أجرين، بإيمانهم بعيسى عليه السلام، وبالتوارة والإنجيل، وبإيمانهم بمحمدٍ صلى الله وعليه وسلم وتصديقهم، وقال:{وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ} (2) القرآن: واتباعهم النبي صلى الله عليه وسلم، قال:{لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} (3) الذين يتشبهون بكم: {أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}
…
الآية.
قوله وله حميم فيهم: أي صديق حبيب وهذا تعليل لقبولهم الإبعاد بدل القتل.
قال ابن كثير: "هذا السياق فيه غرابة". أقول: إنما استغرب ابن كثير هذا السياق لأن إطلاق الآية في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} يدل على أن الآية في كل مؤمن، لأن قوله تعالى:{لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} معناه: ليعلم أهلُ الكتاب من خلال إيمانكم وتقواكم يا أهل الإيمان أن فضل الله واسع وأنه يخصُّ من شاء وأنهم لا يقدرون أن يمنعوا فضل الله عمن يريد الله عز وجل أن يؤتيه فضله، فتخصيص ابن عباس لها بأنها في أهل الكتاب لا يسعفه ظاهر اللفظ إلا إذا قلنا بأن خصوص السبب لا ينفي عموم اللفظ.
قال محقق الجامع بمناسبة قوله تعالى: {إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ} .
فيه قولان: أحدهما: أنهم قصدوا بذلك رضوان الله، قاله سعيد بن جبير وقتادة. والآخر: ما كتبنا عليهم ذلك، إنما كتبنا عليهم ابتغاء رضوان الله، وقوله:{فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} أي: فما قاموا بما التزموه حق القيام، وهذا ذم لهم من وجهين. أحدهما: الابتداع في دين الله بما لم يأمر به الله. والثاني: في عدم قيامهم بما التزموه مما زعموا أنه قربة بقربهم إلى الله عز وجل، قاله ابن كثير.
(1) الحديد: 28.
(2)
الحديد: 28.
(3)
الحديد: 29.