الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال سلم بن جنادة: فما زال يُسرَّى عنه، وقال: واقف بعرفة، ولم يقل: لا يزال، وقال: يستمع قراءته، وقال: فقال عمر: والله لأغدونَّ إليه".
أقول: هاتان الروايتان تؤكدان أن الجمع للقرآن كان جمعاً لما كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن إظهار عمر الغضب ممن يملي القرآن من حفظه ليكتبه الناس دليل على ذلك ولم يخفف عن عمر إلا معرفته بإتقان المملي.
-
جمع عثمان الناس على رسم واحد:
2479 -
* روى البخاري عن محمد بن شهاب الزُّهريِّ رحمه الله عن أنسٍ، أن حُذيفة ابن اليمان قدم على عثمان - وكان يُغازي أهل الشام في فتح إرْمينيَّة وأذربيجان مع أهل العراق - فأفزع حُذيفة اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرِكْ هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل عثمان إلى حفصة: أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف، ثم نرُدُّها إليك، فأرسلتْ بها إليه، فأمر زيد بن ثابتٍ وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوُها في المصاحف، وال عثمان للرهْطِ القرشيين: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابتٍ في شيء من القرآن، فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف، ردَّ عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفقٍ بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سوى ذلك من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يُحرقَ.
قال ابن شهابٍ: وأخبرني خارجة بن زيدٍ بن ثابت: أنه سمع زيد بن ثابت يقول: فقدتُ آيةً من سورة الأحزاب - حين نسختُ الصحف- قد كنتُ أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، فالتمسناها، فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} (1) فألحقناها في سورتها من المصحف.
قال في رواية (2) أبي اليمان: خُزيمة بن ثابتٍ الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته شهادة رجلين.
2479 - البخاري (9/ 11) 66 - كتاب فضائل القرآن 3 - باب جمع القرآن.
الترمذي (5/ 284، 285) 48 - كتاب تفسير القرآن، 10 - باب "من سورة التوبة".
(1)
الأحزاب: 23.
(2)
البخاري (8/ 518) 65 - كتاب التفسير، 3 - باب (فمنهم من قضى نحبه ....).
…
=
زاد في رواية أخرى (1): قال ابن شهابٍ: اختلفوا يومئذ في (التابوت) فقال زيد: (التابوهُ) وقال ابن الزبير وسعيد بن العاص (التابوت) فرُفع اختلافهم إلى عثمان، فقال: اكتبوه (التابوت) فإنه بلسان قُريش.
أقول: قوله: (اختلفوا يومئذ في التابوت فقال زيد: التابوه):
هذا نموذج على حرف من الأحرف السبعة التي كان يُقرئ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ملاحظاً لغات العرب ولهجاتها وقد قدم الصحابة مصلحة اجتماع الأمة على رسم واحد للقرآن على أي مصلحة أخرى وتفرع عن هذا التصرف أن بنى فقهاء المسلمين على ذلك فروعاً منها: أن لإمام المسلمين أن يفرض على الأمة حكماً متخيراً من أقوال أئمة الاجتهاد لوحدة القضاء.
2480 -
* روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر: أُبيُّ أقرأنا وإنا لندعُ من لحن أُبي، وأبيٌّ يقول: أخذتُ من فيِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا أتركُه لشيءٍ، وقال الله:{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} (2).
(1) الترمذي (5/ 285) نفس الموضع السابق.
= وفي آية الأحزاب قال محقق الجامع:
قال الحافظ في "الفتح" 9/ 17: وظاهر حديث زيد بن ثابت هذا، أنه فقد آية الأحزاب من الصحف التي كان نسخها في خلافة أبي بكر، حتى وجده مع خزيمة بن ثابت. ووقع في رواية إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن ابن شهاب، أن فقده إياها إنما كان في خلافة أبي بكر، وهو وهم منه. والصحيح ما في الصحيح، وأن الذي فقد في خلافة أبي بكر الآيتان من آخر براءة. وأما التي في الأحزاب: ففقدها لما كتب المصحف في خلافة عثمان.
قال العلماء: الفرق بين جمع أبي بكر وبين جمع عثمان: أن جمع القرآن في عهد أبي بكر كان عبارة عن نقل القرآن وكتابته في صحف مرتب الآيات، مقتصراً فيه على ما لم تنسخ تلاوته مستوثقاً له بالتواتر والإجماع. وكان الغرض منه تسجيل القرآن وتقييده بالكتابة، مجموعاً مرتباً خشية ذهاب شيء منه بموت حملته وحفاظه. وأما الجمع في عهد عثمان فقد كان عبارة عن نقل ما في تلك الصحف في مصحف واحد إمام، واستنسخ مصاحف منه ترسل إلى الآفاق الإسلامية، ملاحظاً فيها ترتيب سور وآياته جميعاً، وكتابته بطريقة تجمع وجوه القراءات المختلفة، وتجريده من كل ما ليس قرآنا، والغرض منه إطفاء الفتنة التي اشتعلت بين المسلمين حين اختلفوا في قراءة القرآن وجمع شملهم وتوحيد كلمتهم والمحافظة على كتاب الله من التغيير والتبديل.
2480 -
البخاري (9/ 47) 66 - كتاب فضائل القرآن 8 - باب القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
(نحن أُبي): هو أُبي بن كعب الأنصاري، ولحنه: لغته وقراءته.
(وإنا لندع من لحن أبي) طريقته التي يقرأ بها القرآن: أيك من قراءته، ولحن القول: فحواه ومعناه، والمراد به هنا: القول.
(2)
البقرة: 107.