الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الكهف
2727 -
* روى الطبراني عن عبد الرحمن بن سهل بن حُنيفٍ قال: نزلتْ هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بعض أبياته: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} (1) خرج يلتمس فوجد قوماً يذكرون الله منهم ثائر الرأس وجاف الجلد وذو الثوب الواحد فلما رآهم جلس معهم فقال: "الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرني أن أصبر نفسي معهم".
2728 -
* روى مالك عن سعيد بن المسيب رحمه الله قال: {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ} (2) هي قول العبد، الله أكبرُ، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
2729 -
* روى الشيخان عن سعيد بن جُبير رحمه الله قال: قلت لابن عباس رضي الله تعالى عنهما: إن نوفاً البكالي يزعُم أن موسى - صاحب بني إسرائيل- ليس هو صاحب الخضرِ.
فقال: كذَبَ عدوُّ الله، سمعتُ أُبي بن كعبٍ يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قام موسى عليه السلام خطيباً في بني إسرائيل، فسئل: أي الناس أعلمُ؟ قال: أنا أعلم، قال: فعتب الله عليه إذْ لم يرُدَّ العلم إليه، فأوْحى الله إليه: إنَّ عبداً من عبادي بمجمع البحرين، هو أعلم منك، قال موسى، أيْ ربِّ، كيْفَ لي به؟ فقيل له: احمِلْ حُوتاً في مكتَلٍ، فحيثُ تفقدُ الحوت، فهو ثمَّ، فانطلق وانطلق معه فتاهُ، وهو يُوشعُ بن نونٍ، فحمل مُوسى حوتاً في مكتلٍ، فانطلق هو وفتاه يمشيان، حتى أتيا الصخرة، فرقد موسى وفتاه، فاضطرب الحوتُ في
2727 - مجمع الزوائد (7/ 21) وقال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح وقد ذكر الطبراني عبد الرحمن في الصحابة.
(1)
الكهف: 28.
2728 -
الموطأ (1/ 210) 15 - كتاب القرآن، 7 - باب ما جاء في ذكر الله تبارك وتعالى وهو صحيح.
2729 -
البخاري (6/ 431، 432، 433) 60 - كتاب أحاديث الأنبياء، 27 - باب حديث الخضر مع موسى عليهما السلام.
(2)
الكهف: 46.
مسلم (4/ 1847، 1848، 1849، 1850) 43 - كتاب الفضائل، 46 - باب من فضائل الخضر عليه السلام. =
المكتل، حتى خرج من المكتل، فسقط في البحر، قال: وأمسك الله عنه جريةَ الماء حتى كان مثل الطاق فكان للحوت سرباً وكان لموسى وفتاه عجباً، فانطلقا بقية ليلتهما ويومهما، ونسي صاحب موسى أن يخبرهُ، فلما أصبح موسى عليه السلام قال لفتاه:{آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} (1).
قال: ولم ينصبْ حتى جاوز المكان الذي أُمِرَ به: {قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا} قال موسى: {ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} (2).
قال: يقُصَّان آثارهما، حتى أتيا الصخرة، فرأى رجلاً مُسجَّى ثوباً، فسلم عليه موسى، فقال له الخضر: أنى بأرضك السلام؟ قال: أنا موسى، قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم، قال: إنك على علمٍ من علم الله علمكهُ الله لا أعلمْهُ، وأنا على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه، قال له موسى:{هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} قال له الخضر: {قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} (3) قال نعم، فانطلق موسى والخضر يمشيان على ساحل البحر، فمرت بهما سفينةٌ، فكلموهم أن يحملوهُما، فعرفُوا الخضر، فحملوهما بغير نولٍ، فعمد الخضرُ إلى لوحٍ من ألواح السفينة، فنزعه، فقال له موسى: قومٌ حملونا بغير نوْلٍ، عمدت إلى سفينتهم، فخرقتها: {لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا،
= (مكتلٌ) المكتلُ: شبه الزنبيل وهو القُفة، يسعُ خمسة عشر صاعاً.
(سرباً) السربُ: المسلك.
(نصباً) النصب: التعب.
(1)
الكهف: 62.
(أوينا) أوى يأوي إلى المنزل: إذا انضم إليه ورجع.
(فارتدا) افتعلا من الارتداد: وهو الرجوع.
(قصصاً) القصص: تتبع الأثر شيئاً بعد شيء، والمعنى: رجعا من حيث جاءا، يقصان الأثر.
(مسجى) المسجى: المغطى.
(2)
الكهف: 63 - 64.
(رشدا) الرشد والرُّشد: الهدى.
(نول) النول: العطية والجُعل: تقول: نلت الرجل أنوله نولاً: إذا أعطيته، ونلت الشيء أناله نيلاً: وصلت إليه.
(3)
الكهف: 66 - 70.
(إمراً) الإمر: الأمرُ العظيم المنكر.
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا؟ قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ، وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} (1)، ثم خرجا من السفينة، فبينما هما يمشيان على الساحل، إذ غلامٌ يلعبُ مع الغلمان، فأخذ الخضر برأسه، فاقتلعهُ بيده، فقتله، فقال موسى:{أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} (2) قال: وهذه أشدُ من الأولى: {قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} يقول: مائل، قال الخضر بيده هكذا فأقامه، قال له موسى: قومٌ أتيناهمْ، فلم يضيفونا، ولم يُطعمونا:{لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} (3) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يرحمُ الله موسى، لوددتُ أنه كان صبر، حتى كان يقصُّ علينا من أخبارهما" قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كانت الأولى من موسى نسياناً" قال: وجاء عُصفورٌ حتى وقع على حرف السفينة، ثم نقر في البحر، فقال له الخضر: ما نقص علمي وعلمُك من علم الله، إلا مثل ما نقص هذا العصفُور من البحر".
زاد في رواية (4): "وعلم الخلائق" ثم ذكر نحوه.
قال سعيد بن جبير: كان يقرأ: "كان أمامهم ملك يأخذ كل سفينةٍ غصباً" وكان يقرأ: وأما الغلام: فكان كافراً".
وفي رواية (5) قال: "بينما موسى عليه السلام في قومه يُذكِّرهُم بأيام الله، وأيامُ الله: نعماؤه وبلاؤه، إذْ قال: ما أعلم في الأرض رجلاً خيراً أو أعلم مني" قال
…
وذكر الحديث.
وفيه: "حوتاً مالحاً".
(1) الكهف: 71 - 73.
(2)
الكهف: 74 - 75.
(3)
الكهف: 75 - 77.
(4)
البخاري (8/ 423) 65 - كتاب التفسير، 5 - باب (أرأيت إذ أوينا إلى (الصخرة).
(5)
مسلم (4/ 1850) 43 - كتاب الفضائل، 46 - باب من فضائل الخضر عليه السلام.
وفيه: "مُسجّى ثوباً، مستلقياً على القفا، أو على حُلاوةِ القفا".
وفيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رحمة الله علينا وعلى موسى، لولا أنه عجَّل لرأي العجب، ولكنه أخذته من صاحبه ذمامةٌ"، قال:{إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} ولو صبر لرأى العجب، قال: وكان إذا ذكر أحداً من الأنبياء بدأ بنفسه، ثم قال:{فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ} لئامٍ، فطافا في المجلس، فاستطعما أهلها:{فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا} إلى قوله: {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} قال: وأخذ بثوبه، ثم تلا إلى قوله:{أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} إلى آخر الآية (1): فإذا جاء الذي يُسخرُها وجدها منخرقة، فتجاوزها، فأصلحوها بخشبةٍ وأما الغلام فطُبع يوم طُبع كافراً، وكان أبواه قد غطفا عليه، فلو أنه أدرك:{يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} .
وفي رواية (2) قال: "وفي أصل الصخرة عينٌ يقال لها: الحياة لا يُصيبُ من مائها شيءٌ إلا حييَ، فأصاب الحوت من ماء تلك العين فتحرَّكَ، وانْسلَّ من المكتل" وذكر نحوه.
وفي رواية (3): "أنه قيل له: خُذْ حوتاً، حتى تُنفخ فيه الروح، فأخذ حوتاً، فجعله في مكتل، فقال لفتاه: لا أكلِّفُك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت، فقال: ما كلَّفت كبيراً" .. وذكر الحديث.
وفيه: "فوجدا خضراً على طنفُسَةٍ خضراء على كبد البحر، وأن الخضر قال
(1) الكهف: 79.
(2)
البخاري (8/ 423) الموضع السابق.
(3)
البخاري (8/ 411) الموضع السابق، 3 - باب (فلما بلغا مجمع بينهما
…
).
(حلاوة القفا) قال الجوهري: حلاوة القفا بالضم: وسطه، وكذلك حلاوى القفا، فإن مددت، فقلت: حلاواء القفا: فتحت.
(ذمامة) الذمامة بالذال المعجمة: الحياء والإشفاق من الذم.
(ارهقهما طغياناً) يقال: رهقه - بالكسر - يرهقه رهقاً، أي: غشيه، وأرهقه طغياناً وكفراً، أي: أغشاه إياه، ويقال: أرهقني فلانٌ إثماً حتى رهقته، أي: حملني إثماً حتى حملته له، والطغيان: الزيادة في المعاصي.
(طنفسة) الطنفسة: واحدة الطنافس: وهي البُسط التي لها خملٌ رقيق.
لموسى: أما يكفيك أن التوراة بيديك، وأن الوحي يأتيك، ياموسى، إن لي علماً لا ينبغي لك أن تعلمه، وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعلمه".
وفيه في صفة قتل الغلام: "فأضجعهُ فذبحه بالسكين".
وفيه: "كان أبواه مؤمنين، وكان كافراً: {فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا} يحملهما حبه على أن يُتابعاهُ على دينه: {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً}، لقوله: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً}، {وَأَقْرَبَ رُحْمًا} أرحمُ بهما من الأول الذي قتلَ الخضرُ".
وفي رواية (1): "أنهما أُبْدِلا جاريةً".
وفي رواية (2) عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعودٍ: "أن ابن عباس تمارى هو والحرُّ بن قيس بن حصنٍ الفزاريُّ في صاحب موسى عليه السلام، فقال ابن عباس: هو الخضر، فمر بهما أُبيُّ بن كعبٍ، فدعاهُ ابن عباس فقال: يا أبا الطُّفيل، هلُمَّ إلينا فإنِّي قد تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى الذي سأل موسى السبيل إلى لُقِيِّهِ، فهل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر شأنه؟ فقال أُبي: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بينا موسى في ملأ من بني إسرائيل، إذ جاءه رجل، فقال له: هل تعلَمُ أحداً أعلم منك؟ قال موسى: لا، فأوحى الله تعالى إلى موسى: بلى، عبدُنا الخضر، فسأل موسى السبيل إلى لُقِيِّهِ، فجعل الله له الحوت آيةً
…
وذكر الحديث إلى قوله: {فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} فوجدا خضراً، فكان من شأنهما ما قص الله في كتابه".
ولمسلم رواية (3) أخرى بطولها، وفيها: "فانطلقا، حتى إذا لقيا غِلماناً يلعبون،
= (كبد البحر) كبدُ كل شيء: وسطه، وكأنه أراد به هاهنا: جانبه.
(تمارى) المماراة: المجادلة والمخاصمة.
قال في الفتح عن نوف البكالي: تابعي صدوق ويقال: إنه ابن امرأة كعب الأحبار وقيل: ابن أخيه وهو منسوب إلى بني بكال وهم بطن من حمير.
(1)
البخاري (8/ 412) نفس الموضع السابق.
(2)
مسلم (4/ 1852، 1853) 43 - كتاب الفضائل، 46 - باب فضائل الخضر عليه السلام.
(3)
مسلم (4/ 1850، 1851، 1852) نفس الموضع السابق.
…
=
قال: فانطلق إلى أحدهم بادي الرأي، فقتله، قال: فذُعِر عندها موسى ذُعرةً مُنكرةً، قال:{أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، عند هذا المكان:"رحمةُ الله علينا وعلى موسى، لولا أنه عجَّلَ لرأي العجب، ولكنه أخذتْهُ من صاحبه ذمامةٌ".
وفي رواية (1) في قوله تعالى: {أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} قال: "كانت الأولى نسياناً، والوسطى: شرطاً، والثالثة عمداً".
وفي رواية (2) لمسلم: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: {لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} .
وعنده (3) قال: "إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الغلامُ الذي قتله الخضر طُبع كافراً، ولو عاش لأرْهق أبويه طُغياناً وكفراً".
وفي رواية (4) الترمذي أيضاً: قال: "الغُلام الذي قتله الخضر: طُبع يوم طُبع كافراً .... " لم يزِدْ.
وأخرج أبو داود (5) من الحديث طرفيْنِ مختصريْنِ عن أُبيِّ بن كعبٍ: الأول، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الغلام الذي قتله الخضر: طُبع يوم طبع كافراً ولو عاش لأرهق أبويه طغياناً وكفراً".
والثاني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أبصر الخضر غُلاماً يلعبُ مع الصبيان، فتناول رأسه فقلعه، فقال موسى: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً} الآية".
قال الحافظ ابن حجر في الإصابة: ثبت في "الصحيحين". أن سبب تسميته الخضر "أنه جلس على فروة بيضاء، فإذا هي تهتز تحته خضراء" هذا لفظ الإمام أحمد من رواية
(1) البخاري (5/ 326) 54 - كتاب الشروط، 12 - باب الشروط مع الناس بالقول.
(2)
مسلم (4/ 1852) الموضع السابق.
(3)
مسلم (4/ 2050) 46 - كتاب القدر، 6 - باب معنى كل مولود يولد على الفطرة.
(4)
الترمذي (5/ 312) 48 - كتاب تفسير القرآن، 19 - باب ومن سورة الكهف، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
(5)
أبو داود (4/ 227، 228) كتاب السنة، باب في القدر.
المبارك عن معمر عن همام عن أبي هريرة. و"الفروة" الأرض اليابسة.
في قول ابن عباس: (كذب عدو الله).
قال العلماء: هو على وجه الإغلاظ والزجر عن مثل قوله، لا أنه يعتقد أنه عدو الله حقيقة، إنما قاله مبالغة في إنكار قوله لمخالفته قول رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان ذلك في حال غضب ابن عباس لشدة إنكاره، وفي حال الغضب تطلق الألفاظ، ولا يراد بها حقائقها.
قال في "الفتح" 1/ 219 قوله "هو أعلم منك" ظاهر في أن الخضر نبي، بل مرسل، إذ لو لم يكن كذلك للزم تفضيل العالي على الأعلى، وهو باطل من القول، ومن أوضح ما يُستدل به على نبوة الخضر قوله:{وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} وينبغي اعتقاد كونه نبياً، لئلا يتذرع بذلك أهل الباطل في دعواهم: إن الولي أفضل من النبي، حاشا وكلا.
قال النووي: "فتاه" صاحبه. و"نون" معروف، كنوح. وهذا الحديث يرد قول من قال من المفسرين: إن فتاه: عبد له، وغير ذلك من الأقوال الباطلة. قالوا: هو يوشع بن نون بن إفراييم بن يوسف.
قال النووي: قوله: "وأمسك الله عنه جِرْية الماء، حتى كان مثل الطاق" الجرية: بكسر الجيم، والطاق: عقد البناء، وجمعه: طوق وأطواق، وهو الأزج وما عقد أعلاه من البناء، وبقي ما تحته خالياً. والأزج: بناء مستطيل مقوس السقف.
قال الحافظ في "الفتح" 1/ 154 قوله: "ذلك ما كنا نبغي" أي: نطلب، لأن فقد الحوت جُعِلَ آية، أي: علامة على الموضع الذي فيه الخضر. وفي الحديث جواز التجادل في العلم إذا كان بغير تعنت، والرجوع إلى أهل العلم عند التنازع، والعمل بخبر الواحد الصدوق، وركوب البحر في طلب العلم، بل في طلب الاستكثار منه، ومشروعية وحمل الزاد في السفر، ولزوم التواضع في كل حال. ولهذا حرص موسى على الالتقاء بالخضر وطلب العلم منه، تعليماً لقومه ان يتأدبوا بأدبه. وتنبيهاً لمن زكى نفسه أن يسلك مسلك التواضع.
قال الحافظ في "الفتح" 1/ 220 قوله: "أنيَّ" أي: كيف بأرضك السلام. ويؤيده
ما في التفسير "هل بأرضي من سلام؟ " أو من أين، كما في قوله تعالى:{أَنَّى لَكِ هَذَا} .
والمعنى: من أين السلام في هذه الأرض التي لا يُعرف فيها، وكأنها كانت بلاد كفر، أو كانت تحيتهم بغير السلام، وفيه دليل على أن الأنبياء ومن دونهم، لا يعلمون من الغيب إلا ما علمهم الله، إذ لو كان الخضر يعلم كل غيب لعرف موسى قبل أن يسأله.
قوله تعالى: {عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} .
قراءة ابن كثير بإثبات الياء، وعاصم بحذفها.
قال النووي: في الحديث: الحكم بالظاهر حتى يتبين خلافه لإنكار موسى عليه السلام عليه، قال القاضي؛ اختلف العلماء في قول موسى:{لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} و {شَيْئًا نُكْرًا} أيهما أشد؟ فقيل "إمراً" لأنه العظيم. ولأنه في مقابلة خرق السفينة، الذي يترتب عليه في العادة هلاك الذين فيها وأموالهم، وهلاكهم أعظم من قتل الغلام، فإنها نفس واحدة. وقيل:"نكراً" أشد. لأنه قاله عند مباشرة القتل حقيقة. وأما القتل في خرق السفينة فمظنون. وقد يسلمون في العادة. وقد سلموا في هذه القضية فعلاً. وليس فيها ما هو محقق إلا مجرد الخرق. والله أعلم.
قال الحافظ في "الفتح" 8/ 316: قوله: "يا موسى، إن لي علماً لا ينبغي لك أن تعلمه" أي: جميعه "وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعلمه" أي: جميعه. وتقدير ذلك متعين، لأن الخضر كان يعرف من الحكم الظاهر مالا غنى بالمكلف عنه، وموسى كان يعرف من الحكم الباطن ما يأتيه بطريق الوحي. ووقع في رواية سفيان "يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه، لا تعلمه أنت" وهو بمعنى الذي قبله.
(زكيَّة): بتشديد الياء وزاكية: " قراءتان سبعيتان متواترتان فقد قرأ عاصم وحمزة والكسائي وابن عامر (زكية) وقرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير (زاكية)، وهما بمعنى واحد.
(لتخذت): قرأ هذه القراءة (لتخذْتَ) بفتح التاء من دون تشديد وكسر الخاء من
القراء السبعة ابن كثير وأبو عمرو، قرأ الباقون بتشديد التاء وفتح الخاء وكلا القراءتين متواتران.
(وكان وراءهم ملك): القراءة التي وردت في الحديث: (وكان أمامهم ملك).
قال عنها الزركشي هي كالتفسير اهـ إذ أنها تخالف الرسم العثماني للمصحف فلا يجوز أن تقرأ على أنها قرآن.
2730 -
* روى الشيخان عن (زينب بنت جحشٍ): أن النبي صلى الله عله وسلم دخل عليها فزعاً يقول: "لا إله إلا الله ويلٌ للعرب من شرٍ قد اقترب، فُتح اليوم من ردْم يأجوج ومأجوج مثلُ هذه، وحَلَّق بأصبعيه الإبهام، والتي تليها، فقلت: يا رسول الله أنهلكُ وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث".
أقول: ذكر هذا الحديث ها هنا بمناسبة قوله تعالى في سورة الكهف: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا} (1) بمناسبة الكلام عن يأجوج ومأجوج في سورة الكهف، وقد حققنا الكلام عن السد في قسم العقائد ولعل في هذا الحديث إشارة إلى الغزو التتري والمغولي للأرض الإسلامية التي سقطت بسببه الخلافة العباسية، وهذا القدر من انفتاح يأجوج ومأجوج هو صغيرٌ بالنسبة لما سيكون من انفتاحهم على العالم زمن نزول المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام.
2731 -
* روى البخاري عن مصعب بن سعد بن أبي وقاصٍ قال: يعني أبي - سألتُ عن قوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا} (2).
2730 - البخاري (6/ 381) 60 - كتاب الأنبياء، 7 - باب قصة يأجوج ومأجوج.
مسلم (4/ 2207) 52 - كتاب الفتن وأشراط الساعة، 1 - باب اقتراب وفتح باب يأجوج ومأجوج.
الترمذي (4/ 480) 34 - كتاب الفتن، 23 - باب ما جاء في خروج يأجوج ومأجوج، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(1)
الكهف: 98.
(2)
الكهف: 103 - 106.
أهم الحرْورية؟ قال: لا، هم اليهود والنصارى، أما اليهود: فكذبوا محمداً صلى الله عليه وسلم، وأما النصارى: فكذبوا بالجنة، قالوا: لا طعام فيها ولا شراب، والحرورية:{الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ} (1) وكان سعدٌ يسميهم: الفاسقين.
قال في الفتح 8/ 323: "الحرورية" بفتح الحاء المهملة وضم الراء نسبة إلى حروراء، وهي القرية التي كان ابتداء خروج الخوارج على علي منها.
ولابن مردويه من طريق حصين عن مصعب "لما خرجت الحرورية، قلت لأبي: أهؤلاء الذين أنزل الله فيهم؟ " وله من طريق أبي القاسم بن أبي بزة عن أبي الطفيل عن علي في هذه الآية، قال:"أظن أن بعضهم الحرورية".
وللحاكم من وجه آخر عن أبي الطفيل قال: قال علي "منهم أصحاب النهروان" وذلك قبل أن يخرجوا، ولعل هذا هو السبب في سؤال مصعب إياه عن ذلك وليس الذي قاله عليُّ بن أبي طالب ببعيدٍ لأنَّ اللفظ يتناوله وإن كان السببُ مخصوصاً.
في ابن كثير: عن مصعب قال: سألت أبي، يعني سعد بن أبي وقاص عن قول الله
…
وهذا أصح.
وفي البخاري هم الحرورية؟ بدون همزة.
وفي البخاري وأما النصارى كفروا بالجنة بدل فكذبوا.
2732 -
* روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنهُ ليأتي الرجُلُ العظيم السمينُ يوم القيامة لا يزنُ عند الله جناح بعوضةٍ، وقال: اقرؤوا: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} (2) ".
(1) البقرة: 27.
2732 -
البخاري (8/ 426) 65 - كتاب التفسير، 6 - باب (أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه).
مسلم (4/ 2147) 50 - كتاب صفات المنافقين، باب صفة القيامة والجنة والنار.
(بعوضة) البعوضة، وجمعها البعوض: صغار البقِّ.
(2)
الكهف: 105.
2733 -
* روى الترمذي عن أبي سعيد بن أبي فضالة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا جمع الله الناس ليومٍ لا ريب فيه، نادى منادٍ: منْ كان يشرك في عمل عمله لله أحداً فليطلبْ ثوابه منه، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك".
أقول: ذكر هذا الحديث بمناسبة قوله تعالى في سورة الكهف: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} آخر الكهف (1).
2733 - الترمذي (5/ 314) 48 - كتاب تفسير القرآن، 19 - باب ومن سورة الكهف وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن بكر.