الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحريق عثمان للمصاحف والصحف المخالفة:
بعد أن أتم عثمان نسخ المصاحف عمل على إرسالها وإنفاذها إلى الأقطار، وأمر أن يحرق كل ما عداها مما يخالفها، سواء أكانت صحفاً أم مصاحف. وذلك ليقطع عرق النزاع من ناحية، وليحمل المسلمين على الجادَّة في كتاب الله من ناحية أخرى، فلا يأخذوا إلا بتلك المصاحف التي توافر فيها من المزايا ما لم يتوافر في غيرها.
وهذه المزايا هي:
(1)
الاقتصار على ما ثبت بالتواتر، دون ما كانت روايته آحاداً.
(2)
وإهمال ما نسخت تلاوته ولم يستقرَّ في العرضة الخيرة.
(3)
وترتيب السور والآيات على الوجه المعروف الآن. بخلاف صحف أبي بكر رضي الله عنه فقد كانت مرتبة الآيات دون السور.
(4)
وكتابتها بطريقة كانت تجمع وجوه القراءات المختلفة والأحرف التي نزل بها القرآن.
(5)
وتجريدها من كل ما ليس قرآناً كالذي كان يكتبه بعض الصحابة في مصاحفهم الخاصة شرحاً لمعنى، أو بياناً لناسخ ومنسوخ، أو نحو ذلك.
وقد استجاب الصحابة لعثمان، فحرقوا مصاحفهم، واجتمعوا جميعاً على المصاحف العثمانية، حتى عبد الله بن مسعود الذي نقل عنه أنه أنكر أولاً مصاحف عثمان، وأنه أبى أن يحرق مصحفه، رجع وعاد إلى حظيرة الجماعة، حين ظهر له مزايا تلك المصاحف العثمانية، واجتماع الأمة عليها، وتوحيد الكلمة بها.
ترتيب آيات القرآن
انعقد إجماع الأمة على أن ترتيب آيات القرآن الكريم على هذا النمط الذي نراه اليوم بالمصاحف، كان بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى، وأنه لا مجال للرأي والاجتهاد فيه. بل كان جبريل ينزل بالآيات على الرسول صلى الله عليه وسلم ويرشده إلى موضع كل آية من سورتها، ثم
يقرؤها النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه واستدل أصحاب هذا الرأي بأن الصحابة أجمعوا على المصحف الذي كتب في عهد عثمان ولم يخالف منهم أحدٌ. وإجماعهم لا يتم إلا إذا كان الترتيب الذي أجمعوا عليه عن توقيف، لأنه لو كان عن اجتهاد لتمسك أصحاب المصاحف المخالفة بمخالفتهم. لكنهم لم يتمسكوا بها بل عدلوا عنها وعن ترتيبهم، وعدلوا عن مصاحفهم وأحرقوها، ورجعوا إلى مصحف عثمان وترتيبه جميعاً، ثم ساقوا روايات لمذهبهم كأدلة يستند إليها الإجماع.
منها ما رواه الإمام أحمد وأبو داود عن حذيفة الثقفي قال: "كنت في الوفد الذي أسلموا من ثقيف: إلى أن جاء في هذه الرواية ما نصه:
فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: طرأ عليَّ حزبٌ من القرآنِ فأردت ألا أخرج حتى أقضيه فسألنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا نُحذِّبُه ثلاث سورٍ، وخمس سور، وسبع سور، وتسع سور، وإحدى عشرة سورة، وثلاث عشرة، وحزب المفصَّل من "ق" حتى نختم قالوا: فهذا يدل على أن ترتيب السور على ما هو في المصحف الآن كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
واحتجوا لمذهبهم أيضاً بأن السور المتجانسة في القرآن لم يلتزم فيها الترتيب والولاء، ولو كان الأمر بالاجتهاد للوحظ مكانُ هذا التجانس والتماثل دائماً، لكن ذلك لم يكن، بدليل أن سور المسبحات لم ترتب على التوالي بينما هي متماثلة في افتتاح كل منها بتسبيح الله. بل فصل بين سورها بسورة "قد سمع" والممتحنة والمنافقين، وبدليل أن (طسم الشعراء وطسم القصص) لم يتعاقبا مع تماثلهما، بل فصل بينهما بسورة أقصر منهما وهي "طس".
وقد أيد هذا المذهب أبو جعفر النحاس فقال: "المختار أن تأليف السور على هذا الترتيب من رسول الله صلى الله عليه وسلم لحديث وائلة: أعطيتُ مكان التوراة السبع الطوال".
وكذلك انتصر أبو بكر الأنباري لهذا المذهب فقال: "أنزل الله القرآن إلى سماء الدنيا ثم فرَّقه في بضع وعشرين سنة، فكانت السورة تنزل لأمرٍ يحدث والآية جواباً لمستخبر،