المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الأول: في بيان كونه حجة. وفيه مسائل: - الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي - جـ ٦

[تاج الدين ابن السبكي - تقي الدين السبكي]

فهرس الكتاب

- ‌(الكتاب الرابع: في القياس

- ‌الباب الأول: في بيان كونه حجة. وفيه مسائل:

- ‌استدل أصحابنا على حجية القياس بوجوه أربعة

- ‌أحدها: أنّ القياس مجاوزة

- ‌(الثاني: خبر معاذ وأبي موسى

- ‌(الثالث أنّ أبا بكر رضي الله عنه قال في الكلالة: أقول برأيي

- ‌(الرابع: إنّ ظنّ تعليل الحكم في الأصل بعلة توجد في الفرع

- ‌(الثانية: قال النظام والبصري وبعض الفقهاء التنصيص على العلّة أمر بالقياس، وفرَّق أبو عبد الله بين الفعل والترك)

- ‌(الثالثة: القياس إما قطعي أو ظني)

- ‌(الباب الثاني: في أركانه

- ‌(الفصل الأول: في العلّة

- ‌ اختلفت مقالات الناس في تفسيرها على مذاهب

- ‌الأول: وبه جزم المصنف واختاره الإمام(1)وأكثر الأشاعرة أنّها المعرِّف للحكم

- ‌المذهب الثاني: أنها الموجب لا لذاته بل بجعل الشارع إياه

- ‌الثالث: وهو قول المعتزلة أنّها المؤثر في الحكم بذاته

- ‌الرابع: واختاره الآمدي(1)وابن الحاجب(2)أنّها الباعث

- ‌الطرف الأول: مسالك العلة

- ‌ الأول: النص القاطع كقوله تعالى: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً}

- ‌(الثاني الإيماء:

- ‌(الثالث الإجماع

- ‌(الرابع المناسبة

- ‌(الخامس الشبه

- ‌فروع:

- ‌(السادس الدوران:

- ‌(السابع: التقسيم الحاصر

- ‌(الثامن الطرد

- ‌(التاسع تنقيح المناط

- ‌(الطرف الثاني: فيما يبطل العليّة

- ‌الأول: النقض

- ‌(الثالث الكسرُ

- ‌(الرابع القلب

- ‌(الخامس: القول بالموجب

- ‌(السادس الفرق

- ‌(الطرف الثالث في أقسام العلّة

- ‌ الأولى يستدل بوجود العلّة على الحكم لا بعليتها لأنها نسبة يتوقف عليه)

- ‌تعليلُ الحكم العدميِّ بالوصف الوجوديّ

- ‌(الثالثة لا يشترط الاتفاق على وجود العلّة في الأصل بل يكفي انتهاض الدليل عليه)

- ‌(الرابعة الشيء يدفع الحكم كالعدّة أو يرفعه كالطلاق أو يدفع ويرفع كالرضاع)

- ‌(الخامسة: العلة قد يعلل بها ضدان ولكن بشرطين متضادين)

- ‌(الفصل الثاني: في الأصل والفرع

- ‌الأول: ثبوت الحكم فيه بدليل غير القياس

- ‌الثاني: أنْ يكون ذلك الثبوت بدليل

- ‌الثالث: هو المشار إليه بقوله: "غير القياس

- ‌الشرط الرابع: أنْ لا يكون دليل الأصل بعينه دليل الفرع

- ‌الخامس: لا بد وأن يظهر كون ذلك الأصل معللا بوصف معين

- ‌السادس: أنْ لا يكون حكم الأصل متأخرا عن حكم الفرع وهو كقياس الوضوء على التيمم في اشتراطه النية

- ‌(الكتاب الخامس: في دلائل اختلف فيها

- ‌الباب الأول: في المقبولة منها

- ‌الأولى: الأصل في المنافع الإباحة

- ‌(الثاني الاستصحاب حجة خلافًا للحنفية والمتكلمين)

- ‌خاتمة:

- ‌(الثالث الاستقراء مثاله:

- ‌(الرابع أخذ الشافعي بأقلّ ما قيل إذا لم يجد دليلًا

- ‌ المناسب

- ‌(السادس فقد الدليل بعد التفحص البليغ يغلب ظنّ عدمه

- ‌(الباب الثاني: في المردودة

- ‌الأول: الاستحسان

- ‌(الثاني قيل: قول الصحابي حجة

الفصل: ‌الباب الأول: في بيان كونه حجة. وفيه مسائل:

قال: (وفيه بابان:

‌الباب الأول: في بيان كونه حجة. وفيه مسائل:

الأولى: في الدليل عليه.

يجب العمل به شرعًا.

وقال القفال والبصري: عقلًا.

والقاساني والنهرواني: حيث العلةُ منصوصة، أو الفرع بالحكم أولى كتحريم الضرب على تحريم التأفيف.

وداود: أنكر التعبد به. وأحاله الشيعة والنظَّام)

يجوز التعبد

(1)

بالقياس في الشرعيات عقلًا ويجب العمل به شرعًا

(2)

،

(1)

إنّ عبارة الأصوليين تختلف في حكاية هذا النزاع. فمنهم من يحكيه بعنوان الحجية. فيقول: القياس حجة أو غير حجة. ومنهم من يحكيه بعنوان التعبد. فيقول: التعبد بالقياس جائز أو لا. أما حجية القياس فالمعقول في معناها أنّ القياس أصل ودليل نصبه الشارع ليستنبط منه من هو أهل لاستنباط الحكم الشرعي كالكتاب والسنة. قال الإمام في المحصول: 2/ 2/ 29 "والمراد من قولنا: "القياس حجة": أنَّه إذا حصل للمجتهد ظنُّ أنّ حكمَ هذه الصورة مثلُ حكمِ تلك الصورة فهو مكلف بالعمل به في نفسه ومكلفٌ أن يفتي غيره به". وأما التعبد بالقياس فاختلفوا في معناه على قولين: أحدهما: أنه عبارة عن إيجاب الله لنفس القياس، بمعنى إيجاب الله لإلحاق الفرع بالأصل. وهو ما جرى عليه الآمدي وبعض شراح مختصر ابن الحاجب. ثانيهما: أنه عبارة عن وجوب العمل بمقتضى القياس، وهو ما جرى عليه الإمام في المحصول، والعضد في شرح المختصر، والبيضاوي في المنهاج، وتبعه شراحه كالسبكي، وغيره. ينظر: نبراس العقول: ص 52 - 55.

(2)

هل التعبد بالقياس جائز عقلا أو ممتنع؟ فالجماهير من السلف والخلف قالوا =

ص: 2179

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بالجواز، وغيرهم قالوا بالامتناع. والقائلون بالامتناع افترقوا فرقتين: فالأكثر منهم على أنه واقع، وغيرهم أنه لم يقع. فجملة الفرق ثلاثة. القائلون بالجواز والوقوع، والقائلون بالجواز دون الوقوع، والقائلون بعدم الجواز.

ثم إن القائلين بالجواز دون الوقوع افترقوا من جهات ثلاث:

الأولى: أن الأكثر وقع بدلالة السمع فقط، والقفال من الشافعية، وأبو الحسين البصري من المعتزلة على أنه وقع بدلالة السمع والعقل.

الثانية: أن الأكثر على أن دلالة السمع عليه قطعية، وأبو الحسين ظنية.

الثالثة: بعضهم أن التعبد بالقياس وقع مطلقًا من غير تخصيص ببعض الصور أو بعض الحالات أو استثناء بعضها، وبعضهم على أنه وقع في بعض الصور والأحوال. صورتين فقط، وقد حصل اضطراب في النقل عنهما في تعيين هاتين الصورتين. وابن عبدان من الشافعية قال: وقع في حال الاضطرار إليه فقط. وأبو حنيفة أنه وقع في الأسباب والشروط والموانع والكفارات والرخص والتقديرات. والجبائي والكرخي قالا: وقع إلا في أصول العبادات. وبعضهم قال: وقع إلا في الأمور العادية والخلقية. وقوم إلا في النفي الأصلي، وبعضهم إلا القياس الجزئي الحاجي، وآخرون إلا القياس على المنسوخ، وبعضهم إلا في كل الأحكام.

والقائلون بالجواز دون الوقوع افترقوا فرقتين:

فرقة: ذهبت إلى عدم الوقوع لوجود الدليل على الوقوع.

وفرقة: لم تقنع بذلك، بل ذهبت إلى عدم الوقوع لوجود الدليل على ذلك من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة، وإجماع العترة.

والقائلون بالامتناع عقلا افترقوا فرقتين: فمنهم من ذهب إلى أنه ممتنع في شريعتنا، ومنهم من ذهب إلى أنه ممتنع في سائر الشرائع، وهؤلاء افترقوا ثلاث فرق؛ فمنهم من ذهب إلى أنه ممتنع؛ لأنّ القياس لا يفيد علمًا، ولا ظنًا. ومنهم من ذهب إلى أنه ممتنع؛ لأنّ القياس يفيد الظن والظن قد يخطئ ويصيب، ومنهم من ذهب إلى أنه ممتنع؛ لأنّ القياس وإن أفاد الظن والظن قد يعتد به إلا أن الرجوع إليه رجوع إلى أضعف الدليلين مع وجود أقواهما. =

ص: 2180

وبه قال السلف وجمهور الخلف

(1)

، وزاد القفَّال من أصحابنا وأبو الحسين البصري

(2)

، فزعما أن العقل موجب لورود التعبد بالقياس، ووافقهما أبو بكر الدّقاق

(3)

من أصحابنا، كما نقله الشيخ أبو إسحاق في شرح اللّمع

(4)

، ومن النّاس من أنكر التعبد به، وقد نقله في الكتاب عن داود

(5)

وهو قضية نقل غيره، ونقل الإمام عن

= هذا مجمل الفرق المختلفة في حجية القياس. ولم يبق إلا قول شاذ لابن حزم الظاهري لا يعول عليه، وهو قوله: إن القياس كان مشروعًا في صدر الإسلام قبل نزول {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} ثم نسخ. نقله عنه الزركشي في البحر المحيط. لخصته من النبراس لعيسى المنون ص 57 - 58.

(1)

ينظر: الإحكام: 4/ 5 - 6، والمستصفى: 2/ 239، والمحصول: 2/ ق 2/ 31، وبيان المختصر شرح ابن الحاجب: 3/ 141، والمسودة: ص 367، وشرح مختصر الروضة: 3/ 246.

(2)

حكى إجماع الصحابة على القياس القاصي عبد الجبار من المعتزلة فقال: "المعتمد في ذلك ما ذكره شيوخنا، من إجماع الصحابة على القياس والاجتهاد". ينظر: المغني في أبواب التوحيد: 17/ 276، وتبعه أبو الحسين البصري:"واختلف من أثبت التعبد به فقال قوم: العقل يدل على ذلك، والسمع، وقال آخرون: السمع فقط يدل عليه، والذي يبيِّن أنّ العقل يدلّ على التعبد به. . ." ينظر المعتمد: 2/ 215.

(3)

أبو بكر الدقاق هو القاضي أبو بكر محمد بن جعفر المعروف بـ (ابن الدقاق) البغدادي الأصولي الفقيه الشافعي، ولد عام (306 هـ) وتوفي عام (392 هـ) له من المصنفات (شرح المختصر). ينظر ترجمته في: طبقات الفقهاء: ص 118، وطبقات الإسنوي: 1/ 522، المنتظم: 7/ 222.

(4)

ينظر: شرح اللمع: 2/ 760 - 761.

(5)

ينظر: شرح اللمع: 2/ 761. وداود: هو داود بن علي بن خلف الأصبهاني إمام أهل الظاهر كان شافعيًا، ثم صار صاحب مذهب مستقل كان زاهدًا كثير =

ص: 2181

داود أنَّه أحاله عقلًا

(1)

وفي كل من النقلين نظر.

فقد قال أبو محمد ابن حزم

(2)

والآمدي: إن داود يقول بالقياس إذا كانت العلة منصوصةً كمذهب القاساني

(3)

والنهرواني

(4)

الآتي ذكره إن شاء الله تعالى

(5)

.

قال ابن حزم وأما نحن فلا نقول بشيء من القياس

(6)

.

= الورع من مصنفاته: إبطال القياس، والدعاء، والطهارة والصلاة، توفي ببغداد عام (270 هـ). ينظر ترجمته: طبقات الحفاظ: ص 256، طبقات المفسرين: 1/ 166.

(1)

ينظر المحصول: 2/ ق 2/ 34.

(2)

هو: علي بن أحمد بن سعيد بن حزم أبو محمد الفارسي الأصل ثم الأندلسي القرطبي الفقيه الحافظ، المتكلم الأديب، الوزير، الظاهري، له المحلِّي، ومراتب الإجماع، والإحكام، والفصل في الملل والنحل، وجوامع السيرة، وغير ذلك كثير، ولد سنة 384 هـ وتوفي سنة 456 هـ. ينظر ترجمته في: وفيات الأعيان: 3/ 325 - 330 رقم (448)، وسير أعلام النبلاء: 18/ 184 - 212 رقم (99)، والإحاطة بأخبار غرناطة: 4/ 111 - 116.

(3)

هو محمد بن إسحاق أبو بكر القاساني نسبة إلى قاسان ناحية من نواحي أصبهان، وقيل: القاشاني بالشين نسبة إلى ناحية مجاورة لـ (قم). كان من أصحاب داود ينفي القول بالقياس. توفي سنة 280 هـ. ينظر: طبقات الفقهاء للشيرازي: ص 176، معجم المؤلفين: 9/ 41.

(4)

هو المعافي بن زكريا بن يحيى يكنى بأبي الفرج ويلقب بالجريري لأنه على مذهب ابن جرير الطبري توفي عام 390 هـ وينسب إلى نهروان بلدة قديمة قرب بغداد لها عدة نواح، فقيه أصولي أديب. ينظر ترجمته: تاريخ بغداد: 13/ 230، وفيات الأعيان: 4/ 309، شذرات الذهب: 3/ 134.

(5)

ينظر الإحكام: 4/ 31.

(6)

ينظر الإحكام لابن حزم: 7/ 55، 143. وعبارته: "ذهب أهل الظاهر إلى إبطال =

ص: 2182

وأمَّا النّظّام والشيعة

(1)

فأحالوه عقلا كذا نقل المصنف

(2)

.

والنقل عن النّظّام ليس بجيد؛ لأنَّه خصّص النع من التعبد بشرعتنا خاصة. قال: لأنَّ مبناها على الجمع بين المختلفات والفرق بين المتماثلات وذلك يمنع من التعبد بالقياس.

وأما ما ذكره المصنف بعدُ من أنّ القياس الجلي لم ينكره أحد فمدخول، ولو صحَّ لكان وجهًا يرد عليه هنا

(3)

.

وأما القاشاني والنهرواني فقالا: يجب العمل بالقياس في صورتين:

إحداهما: أن تكون العلّة منصوصة. قالا: وذلك إما بصريح اللفظ أو بإيمائه كذا نقله عنهما القاضي في مختصر التقريب، وإمام الحرمين والغزالي

= القول بالقياس في الدين جملة، وقالوا: لا يجوز الحكم - ألبتة في شيء من الأشياء كلها - إلا بنص كلام الله تعالى، أو نص كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو بما صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم من فعل أو إقرار، أو إجماع من جميع علماء الأمة كلها، متيقن أنه قال كل واحد منهم، دون مخالف من أحد. . . . وهذا هو قولنا الذي ندين الله تعالى به". وقال في موضع آخر:"فإن لم نجد نصا ولا إجماعا ولا ضرورة، اقتصرنا على ما جاء به النص، ووقفنا حيث وقف، ولا مزيد اقتصرنا".

(1)

قال الشريف الجرجاني: ص 169: "الشيعة: هم الذين شايعوا عليًا رضي الله عنه، وقالوا: إنه الإمام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج عنه وعن أولاده". وينظر: الملل والتحل للشهرستاني: ص 149، والفصل في الملل والنحل: 2/ 113.

(2)

ينظر: المحصول: 2/ ق 2/ 32.

(3)

قلت أنكره الظاهرية فقد صدر ابن حزم كتاب القياس قال فصل في إبطال دعواهم في دليل الخطاب. ينظر: الإحكام لابن حزم: 7/ 42.

ص: 2183

والإمام والآمدي وغيرهم

(1)

.

والثانية: أن يكون الفرع أولى بالحكم من الأصل، ومثّل له في الكتاب بقياس تحريم الضرب على تحريم التأفيف، وقد سبق منه أنّ هذا من باب المفهوم وسيأتي النظر في أنّ ذلك هل هو متناف؟ إن شاء الله تعالى.

وهذا إيضاح

(2)

ما في الكتاب مما يتعلق بمذهب القاشاني والنهرواني، وهو في النقل عنهما تابع لأصحابه، وقد نقل عنهما الآمدي أنَّهما لم يقضيا بوقوع القياس، إلا فيما كانت علّته منصوصة أو مُومأً إليها فقط

(3)

، والذي نقله الغزالي أنهما خصّصاه بموضعين:

أحدهما: النّص والإيماء كما عرفت.

والثاني: الأحكام المعلقة بالأسباب كرجم ماعز

(4)

لزناه

(5)

، . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(1)

ينظر: التلخيص: 3/ 246، والبرهان: 2/ 774، والمستصفى: 2/ 274 - 275، والمحصول: 2/ ق 2/ 32، والإحكام: 4/ 31 وما بعدها.

(2)

في (غ)، (ت): أيضًا.

(3)

ينظر الإحكام: 4/ 31 وعبارته: ". . . والقاشاني والنهرواني لم يقضوا بوقوع ذلك إلا فيما كانت علته منصوصة أو مومى إليها" اهـ

(4)

هو الصحابي ماعز بن مالك الأسلمي أبو عبد الله واسمه غريب، وماعز لقبه وقد رجم في عهده صلى الله عليه وسلم تائبًا وقصته مشهورة. ينظر في ترجمته: الإصابة: 5/ 705، والاستيعاب: 3/ 1345، طبقات ابن سعد: 4/ 324.

(5)

قصة ماعز بن مالك الأسلمي رضي الله عنه رواها جماعة من الصحابة منهم ابن عباس، =

ص: 2184

والمعلّق باسمٍ مشتقٍ

(1)

كالسارق والسارقة.

قال الغزالي: وكأنَّهما يعنيان بهذا القسم تنقيح المناط

(2)

= وجابر بن عبد الله، وأبو هريرة رضي الله عنهم.

وأخرج الحديث البخاري في كتاب الحدود (86)، باب هل يقول الإمام للمقر: لعلك لمست أو غمزت؟ (28): ص 1301 رقم (6824). وأخرجه مسلم في كتاب الحدود (29)، باب من اعترف على نفسه بالزنا (5) (ت): 703، رقم (19/ 1693).

(1)

الاشتقاق: هو نزع لفظ من آخر بشرط مناسبتهما معنى وتركيبًا ومغايرتهما في الصيغة. التعريفات: ص 49.

والاسم المشتق قسيم الاسم الجامد.

(2)

وللفرق بين تحقيق وتنقيح وتخريج المناط أورد قول الغزالي في الفرق بينها مع الأمثلة باختصار.

قال الغزالي: "اعلم أنَّا نعني بالعلَّة في الشرعيات مناط الحكم، أي ما أضاف الشارع الحكم إليه وناطه به ونصبه علامة عليه.

والاجتهاد في العلَّة إما أن يكون في تحقيق مناط الحكم وإما في تنقيح مناط الحكم، وإما في تخريج مناط الحكم واستنباطه.

فأما تحقيق مناط الحكم: فلا نعرف خلافًا بين الأمة في جوازه. مثاله الاجتهاد في تعيين الإمام بالاجتهاد مع قدرة الشارع في الإمام الأول على النص، وكذا تعيين الولاة والقضاة، وكذلك في تقدير المقدرات وتقدير الكفايات في نفقة القرابات وإيجاب المثل في قيم المتلفات، وأورش الجنايات وطلب المثل في جزاء الصيد. فإن مناط الحكم في نفقة القريب الكفاية، وذلك معلوم بالنَّص، أما أن الرطل كفاية لهذا الشخص أم لا فيدرك بالاجتهاد والتخمين. وينتظم هذا الاجتهاد بأصلين أحدهما: لا بد من الكفاية، والثاني: أن الرطل قدر الكفاية فيلزم منه أن الواجب على القريب؛ أما الأصل الأوّل فمعلوم بالنص والإجماع، وأما الثاني فمعلوم بالظنّ. . . =

ص: 2185

ويعترفان

(1)

به

(2)

.

وكلام إمام الحرمين في البرهان قريب من ذلك فإنه قال: المقبول عندهما من مسالك النظر في مواقع الظنون شيئان:

أحدهما: ما دلّ من كلام الشارع على التعليل به، ولهذا صيغ:

منها: ربطه الحكمَ بالأسماء المشتقة كالزانية والزاني، ومن هذا القبيل: سها فسجد

(3)

، زنى ماعز فرجم، فالفاء تقتضي ربطا وتسبيبا وذلك

= الاجتهاد الثاني في تنقيح مناط الحكم: وهذا يقر به أكثر منكري القياس مثاله أن يضيف الشارع الحكم إلى سبب وينوطه به ويقترن به أوصاف لا مدخل لها في الإضافة فيجب حذفها عن درجة الاعتبار حتى يتسع الحكم. مثاله إيجاب العتق على الأعرابي حيث أفطر في رمضان بالوقاع من أهله، فإنا نلحق به أعرابيا آخر بقوله صلى الله عليه وسلم:"حكمي على الواحد حكمي على الجماعة" أو بالإجماع، على أنّ التكليف يعم الأشخاص.

الاجتهاد الثالث: في تخريج مناط الحكم واستنباطه: مثاله أن يحكم بتحريم في محل ولا يذكر إلا الحكم والمحل ولا يتعرض لمناط الحكم وعلته، كتحريم شرب الخمر والربا في البر، فنحن نستنبط المناط بالرأي والنظر، فنقول: حرمه لكونه مسكرًا، وهو العلَّة، ونقيس عليه النبيذ، وحرم الربا في البر لكونه مطعومًا ونقيس عليه الأرز والزبيب. . ." ينظر: المستصفى: 2/ 230 - 234.

(1)

في (ص): يفترقان.

(2)

ينظر: المستصفى: 2/ 274.

(3)

وهذا قريب من اللفظ الذي أخرجه أبو داود في سننه: ص 165 كتاب الصلاة (2) باب سجدتي السهو فيهما تشهد وتسليم (202) رقم الحديث (1039)(ولفظه "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم فسها فسجد سجدتين، ثم تشهد، ثم سلم". . وأصل هذا حديث ذي اليدين المروي في صحيح البخاري: 240 - 241 كتاب السهو (22) =

ص: 2186

مشعر بالتعليل. قال وربما يلحقون به الفحوى في مثل قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}

(1)

.

والأمر الثاني: ما يكون في معنى المنصوص عليه بالمنصوص عليه كقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يبولن أحدكم في الماء الراكد"

(2)

قالا: لو جمع جامع بولًا في وعاء وصبه في الماء الراكد كان في معنى البول في الماء انتهى

(3)

.

وكذلك كلامه في مختصر التقريب والارشاد للقاضي أبي بكر وقال: إنَّ القياسيين اختلفوا؛ فذهب قومٌ إلى أنَّ ما صاروا إليه ليس قولًا بالقياس، وإنَّما هو تتبع منهما للنّص. وقال آخرون - وهو الحق - هو قول ببعض القياس

(4)

.

= باب إذا سلم في ركعتين (3) رقم الحديث (1227)، باب من لم يتشهد في سجدتي السهو (4) رقم الحديث (1228).

(1)

سورة الإسراء من الآية 23.

(2)

رواه مسلم كتاب الطهارة 28 باب النهي عن البول في الماء الراكد رقم (95)، ورواه ابن ماجه في كتاب الطهارة 25 باب النهي عن البول في الماء الراكد رقم 344، وأحمد 2/ 532، 464، 288، 4/ 350، 341.

والحديث المتفق عليه بلفظ: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم" رواه البخاري في كتاب الوضوء (4) باب البول في الماء الدائم (68) رقم (239)، ومسلم في كتاب الطهارة (2) باب النهي عن البول في الماء الراكد (28) رقم (95/ 282).

وينظر: تلخيص الحبير: 1/ 156 رقم 133.

(3)

ينظر: البرهان: 2/ 774 - 775.

(4)

ينظر كتاب التلخيص: 3/ 214.

ص: 2187

وقال إمام الحرمين في البرهان: إن أبا هاشم قال بهذين الوجهين وزاد ثالثا، وهو ما إذا طولب المكلف بشيء واعتاص

(1)

عليه الوصول إليه يقينا فيتمسك بالأمارات المفضية إلى الظنّ، ومثَّل أبو هاشم هذا بوجوب استقبال القبلة عند إشكال جهاتها انتهى

(2)

.

وهذا من أبي هاشم يحتمل أنْ يكون منعًا

(3)

من القياس إلَّا في هذه الأماكن الثلاثة، ويكون حينئذ مذهبًا آخر في القياس لم يتقدم له ذكر، ويحتمل أنْ يكون منعًا من العمل بالظنّ مطلقًا إلا فيها.

وفي الباب مذهب آخر ذهب إليه أبو الفضل بن عبدان

(4)

من أصحابنا أنّ مِنْ شَرْطِ صحّةِ القياسِ حدوثُ حادثةٍ تؤدي الضرورة إلى معرفة حكمها

(5)

.

(1)

اعتاص: واعتصت النواة: اشتدت، وتعصّى الأمر اعتاص. والعصيان خلاف الطاعة، عصاه يعصيه عصيًا ومعصية وعاصاه، فهو عاصٍ وعصيّ. القاموس المحيط: ص 1692 مادة "عصى".

(2)

ينظر: البرهان: 2/ 775 - 776.

(3)

في (ت): ممتنعًا.

(4)

هو عبد الله بن عبدان بن محمد بن عبدان الشيخ أبو الفضل شيخ همذان ومفتيها وعالمها، كان ثقة فقيها ورعًا جليل القدر ممن يشار إليه توفي رحمه الله سنة (433 هـ) من مصنفاته شرح العبادات. ينظر ترجمته في: طبقات الشافعية الكبرى: 5/ 65 - 66 الترجمة رقم (431)، شذرات الذهب: 3/ 251، طبقات ابن هداية الله:48.

(5)

ينظر: المحصول: 2/ ق 2/ 32، الإحكام: 4/ 24، نهاية الوصول: 7/ 3054. ورأي ابن عبدان في القياس ذكره صاحب النبراس وعزاه لصاحب البحر المحيط الزركشي =

ص: 2188