الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو مركب منهما فليس يمينا محضًا، فإنّ يمين المدعي لا تقبل والملاعن مدع وليس بشهادة محضة، فإنّ الشاهد يشهد لغيره وهو إنما يشهد لنفسه وينبني على ذلك لعان الذمّي والرقيق فإنّهما ليسا من أهل الشّهادة وإنْ صحت منهما اليمين.
وقال الأصحاب: بصحة لعانهما؛ لأنّ المعروف عندهم أنّ
(1)
اللّعان يمين مؤكدة بلفظ الشهادة. وقيل: هو يمين فيها شوب
(2)
الشهادة
(3)
.
السادس: الجنين يشبه بعض أعضاء الأمّ في الحكم؛ لأنّه يتبعها في البيع المطلق، والهبة ونحوها ويشبه إنسانًا منفردًا في الصورة؛ لأنّه مستقل بالحياة والموت، فإذا قال: بعتك هذه الجارية إلا حملها، فعلى الأوّل يبطل البيع كاستثناء عضو من الأعضاء، وعلى الثاني يصحّ كما لو قال بعتك هذه الصيعان إلا هذا الصاع، والمذهب فيما إذا استثنى حملها أنَّه لا يصحّ البيع. وقيل: وجهان
(4)
.
قال
(السادس الدوران:
وهو أن يحدث الحكم بحدوث وصف ينعدم بعدمه وهو يفيد ظنًّا.
وقيل: قطعًا.
(1)
(أنّ) ليس في (غ).
(2)
في (ت): ثبوت.
(3)
ينظر: الوسيط: 6/ 89، وروضة الطالبين: 8/ 334.
(4)
ينظر: روضة الطالبين: 4/ 382، وحاشية البجيرمي: 3/ 83.
وقيل: لا ظنًّا ولا قطعًا)
عرَّف الدوران
(1)
: بحدوث الحكم بحدوث الوصف وانعدامه بعدمه، فذلك الوصف يسمى مدارًا والحكم دائرًا. والمراد بالحكم تعلقه عند من يجعل المحلق حادثًا ومنهم المصنف.
ثمّ قول المصنف: "يحدث بحدوثه وينعدم بعدمه" عبارة فيها نظر؛ لأنَّ ثبوت الحكم بثبوته هو كونه علّة فكيف تستدل به على عليّة الوصف لثبوت الحكم؟ وقد سبق الغزالي إلى هذه العبارة، وقال: هذا هو الدوران الصحيح
(2)
، وأمّا ثبوته عند ثبوته وعدمه عند عدمه ففاسد واعترض عليه بما ذكرناه. والعبارة المحررة ما زعم الغزالي فسادها
(3)
.
(1)
الدوران: لغة: مأخوذ من دار الشيء يدور دورًا ودورانًا، بمعنى طاف ويقال: دوران الفلك: أي توار حركاته بعضها إثر بعض من غير ثبوت ولا استقرار.
ينظر: الصحاح: 2/ 659، المصباح المنير: ص 202 "دار".
وفي الاصطلاح: عرفه بعضهم بأنه: (أن يوجد الحكم عند وجود الوصف وينعدم عند عدمه) وسماه بعضهم بالدوران الوجودي والعدمي والدوران المطلق. أما إذا كان بحيث يوجد الحكم عند وجود الوصف، ولا ينعدم عند عدمه، فإن هذا ما يسمى بالدوران الوجودي أو الطردي، وأما العكس: بأن ينعدم الحكم عند الوصف ولا يوجد عند وجوده، فهو ما يطلق عليه الدوران العدمي أو العكسي.
ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 285، البرهان: 2/ 835، التقرير والتحبير: 3/ 197، نشر البنود: 2/ 300.
(2)
ينظر: المستصفى: 2/ 307 - 308.
(3)
ينظر: المصدر نفسه.
ثم الدوران يقع على وجهين: -
أحدهما: أنْ يقع في صورة واحدة كالتحريم مع السكر في العصير؛ فإنّه لما لم يكن مسكرًا لم يكن حرامًا. فلمّا حدث السكر فيه وجدت الحرمة ثمّ لما زال السكر بصيرورته خلًّا صار حلالًا، فيدل على أنّ العلّة في تحريمه السكرَ، ومثل الحبّ يجري فيه الربا وهو مأكول فإذا زرع صار قصيلًا
(1)
غير مطعوم لا ربا فيه، فإذا عقد الحبّ فيه صار مطعومًا وعاد الربا فيه، فيدل على أنّ عليّة الربا فيه الطعم.
والثاني: أنْ يوجد في
(2)
صورتين، وهو كوجوبِ الزكاةِ مع مِلك نصابٍ تامّ في صورةِ أحدِ النّقدين وعدمِهِ مع عدمِ شيءٍ منها كمَا في ثيابِ البذْلةِ والمهنة، حيث لا يجب فيها الزكاة لفقد
(3)
شيء مما ذكرناه.
واختلف الأصوليون في إفادة الدوران العليّة
(4)
.
(1)
قصلته قصلًا من باب ضرب قطعته فهو قصيل، ومنه القصيل: وهو الشعير يجزُّ أخضر لعلف الدّواب قال الفارابي: سمي قصيلًا لأنه يقصل وهو رطبٌ وسيف قصَّالٌ أي قطاع ومقصل، ولسان مقصل أي حديد ذَرِبٌ. المصباح المنير: ص 506 "قصل"، والقاموس المحيط: 1354 "قصل".
(2)
في (ت): من صورتين.
(3)
في (ت): لعقد.
(4)
العلماء الأصول في حجية الدوران وإفادته العليّة مذاهب أربعة:
المذهب الأول: يفيد اليقين والقطع بالعليّة، وهو منقول عن المعتزلة وبعض الشافعية.
المذهب الثاني: يفيد ظنّ العليّة، بشرط عدم المزاحم وعدم المانع، وهو مذهب الجمهور ورجحه الصفي الهندي. =
فذهب الجمهور كإمام الحرمين وغيره
(1)
، ونقله عن القاضي أمما بكر بعضهم وليس بصحيح عنه إلى إفادته ظنّ العليّة بشرط عدم المزاحم
(2)
، وهو اختيار الجدليين
(3)
والإمام وأتباعه
(4)
، ومنهم المصنف.
وذهب بعض المعتزلة: إلى أنَّه يفيد يقين العلّة
(5)
.
وذهب الباقون إلى أنَّه لا يفيد ظنّ العليّة ولا يقينها وهو اختيار
= المذهب الثالث: لا يفيد العليّة بمجرده لا قطعًا ولا ظنًا وهو اختيار الآمدي وابن الحاجب وهو مذهب عامة الحنفية وظاهر مذهب المالكية.
المذهب الرابع: تفصيل الإمام الغزالي وهو تقسيمه الطرد والعكس إلى فاسد وصحيح. ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 264 - 265، والإحكام للآمدي: 3/ 275، وشفاء الغليل: ص 266، وفواتح الرحموت: 2/ 302، ونشر البنود: 2/ 201، ونهاية الوصول: 8/ 3352.
(1)
ينظر: البرهان لإمام الحرمين: 2/ 835.
(2)
وهو نقل الصفي الهندي: "فذهب الجمهور كالقاضي أبي بكر وغيره إلى أنه يفيد ظنّ العليّة بشرط عدم المزاحم" 8/ 3352.
(3)
الجدليون: وهم كل من مارس علم الجدل والجدل هو: القياس المؤلف من المشهورات والمسلمات، والغرض منه إلزام الخصم، وإفحام من هو قاصر عن إدراك مقدّمات البرهان. ينظر: التعريفات: ص 74، المبين في شرح معاني ألفاظ الحكماء والمتكلمين للآمدي: ص 91، والكليات: ص 353
(4)
ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 285، والحاصل: 2/ 902، والتحصيل: 2/ 206.
(5)
ينظر: المعتمد: 2/ 784. من هذه النقطة بدأ الاعتماد للمعتمد على الطبعة الكاثوليكية بدمشق.
الآمدي
(1)
.
قال إمام الحرمين: وذهب القاضي أبو الطيب الطبري، إلى أنَّه أعلى
(2)
المسالك المظنونة
(3)
وكَادَ يدّعِي إفضاءَه إلى القطع
(4)
.
قال: (لنا أنّ الحادث له علّة وغير المدار ليس بعلّة؛ لأنّه إن وجد قبله فليس بعلّة للتخلف وإلا فالأصل عدمه. وأيضًا عليّة بعض المدارات مع التخلف في شيء من الصّور لا يجتمع مع عدم عليّة بعضها؛ لأنَّ ماهية الدوران إمّا أنْ تدل على عليّة المدار فيلزم عليّة هذه المدارات أو لا تدل فيلزم عدم علية تلك للتخلف السالم عن المعارض.
والأوّل ثابت فانتفى الثاني، وعورض
(5)
في مثله.
وأجيب: بأن المدلول قد لا يثبت لمعارض)
اسْتُدِل على عليّة الدوران بوجهين:
أحدهما: أنّ الحكم لا بد له من علّة على ما تقرر فتلك العلّة إما المدار أو غيره، الثاني: باطل؛ لأنَّ ذلك الغير إنْ كان موجودًا قبل الحكم لزم
(1)
ينظر: الإحكام: 3/ 430. وعبارته "والذي عليه المحققون من أصحابنا وغيرهم أنّه لا يفيد العلية لا قطعًا ولا ظنًّا وهو المختار". وتبعه ابن الحاجب: مختصر ابن الحاجب مع شرح العضد: 2/ 246.
(2)
في (ت): إلى أنه أعني أعلى.
(3)
في (ت): المطلوبة.
(4)
ينظر: البرهان: 2/ 835.
(5)
في (غ): ويجوز.
تخلف الحكم عن العلّة وهو خلاف الأصل، وإن لم يكن موجودًا قبله لم يكن علّة لذلك الحكم إذ ذاك، والأصل بقاؤه على ما كان عليه من عدم عليته، فيحصل ظنّ
(1)
عدم عليّته باستصحاب هذا الأصل، وبحصول هذا الظنّ يحصل ظنّ عليّة المدار إذ ليس غيره.
فإن قلت: كما دار الحكم مع ذلك الوصف وجودًا وعدمًا كذلك دار مع تعينه وحصوله في ذلك المحل، فيحصل المزاحم حينئذ، وتمتنع الإضافة إلى الوصف أو يقال: العلّة مجموع الوصف مع التّعين والحصول في المحل عملا بالدورانين، وحينئذ لا يجوز تعديته عن
(2)
ذلك المحل.
قلت: التّعين والحصول في المحل أمران عدميان؛ إذ لو
(3)
كانا وجوديين لزم أنْ يكون للتّعين تعين آخر، وللحصول في المحل حصول آخر، فيتسلسل
(4)
ضرورةَ مشاركة التعيين حينئذ لسائر التعيينات في كونه تعينًا، وامتيازه عنها بخصوصية وكذا الحصول في المحل فإنّه
(5)
حينئذ يكون له حصول في المحل، إذ ليس هو بجوهر قائم بنفسه وهو معلوم بالضرورة، فيكون له حصول في المحل
(6)
فثبت أنّهما أمران عدميان، حينئذ
(1)
في (ت): عدم ظنّ.
(2)
(مع التّعين والحصول في المحل عملا بالدورانين، وحينئذ لا يجوز تعديته عن) ليس في (ت).
(3)
في (غ): أو.
(4)
في (ص): فيتسلل.
(5)
في (ت): فله.
(6)
(إذ ليس هو بجوهر قائم بنفسه وهو معلوم بالضرورة، فيكون له حصول في المحل) ليس في خ، (ت).
لا يجوز أنْ يكونا جزئي علّة ولا مزاحمًا لها كذا ذكر السؤال والجواب.
ولك أنْ تقول المختار عند صاحب الكتاب كصا صرح به في الطوالع
(1)
أنّ التّعيّن أمر وجودي فالسؤال وارد عليه وقد استدل على كونه وجوديًا أنَّه جزء من المعين الموجود إذ الموجود ليس هو الماهية الكلية بل المعينة وكل ما هو جزء الموجود فهو موجود.
ولقائل: أنْ يقول إن أريد بالمعين
(2)
معروض التّعين فيمنع أنّ التعين جزؤه، وإن كان المراد به المركبّ من العارض
(3)
والمعروض
(4)
فيمنع أنَّه موجود في الخارج على أنّ هذا العلم ليس موضع البسط في مسألة التعين.
واعترض النقشواني على هذا الدليل بأوجه أخر:
منها: أنَّه لا يختص بصورة الدوران بل لو قيل: ابتداء هذا
(5)
الحكم لا بد له من علّة حادثة وما كان موجودًا قبل هذا الحكم لا يصلح علّة له للتّخلف المذكور فوضح أنّ العلّة التي هي غير هذا الوصف لم تكن
(1)
أي الإمام البيضاوي.
(2)
في (ت): المعيّن.
(3)
في (ت): المعارض.
(4)
العارض والمعروض: العارض للشيء ما يكون محمولا عليه خارجًا عنه. وهو أعمّ من العَرَض، إذ يقال للجوهر عارض، ولا يقال عَرَض. ينظر: التعريفات: ص 145، والتوقيف على مهمات التعاريف: ص 495
(5)
(الدليل بأوجه أخر: منها: أنَّه لا يختص بصورة الدوران بل لو قيل: ابتداء هذا) ساقط من (ت).
موجودة قبل هذا الحكم فوجب بقاؤها على العدم بالاستصحاب فتعين كون هذا الوصف علّة، فهذه طريقة مستقلة لا تحتاج إلى الدوران.
ومنها: أنّه يمكن معارضته بأنْ يقال: ليس هذا الوصف علّة؛ لأنّه إن
(1)
وجد قبل هذا الحكم لا يكون علّة للتخلف، وإن لم يوجد قبله لا يكون علّة
(2)
أيضًا؛ لأنَّ الأصل استمرارُه على العدم. وهما اعتراضان صحيحان.
وأجاب عنهما بعض شرَّاحِ المحصول بما لا أرتضيه
(3)
.
الوجه الثاني: مما يدلّ على عليّة الدوران أنّ عليّة بعض المدارات للحكم
(4)
الدائر مع تخلف الدائر عنه في شيء من صور الدوران لا يجتمع مع عدم عليّة بعض المدارات
(5)
للدائر، وذلك لأنَّ ماهية الدوران من حيث هي إمّا أنْ تدلّ على عليّة المدار للدائر أو لا، فإن دلت لزم علية المدارات التي فرضنا عدم عليتها لوجود ماهية الدوران فيها فيكون جميع المدارات علّة لاشتراكها في وجود ماهية الدوران، وإن لم تدل لزم عدم علية البعض الذي فرضنا عليته وتخلف الدائر عنه في صورة من
(1)
(إن) ليس في (غ).
(2)
(وجد قبل هذا الحكم لا يكون علّة للتخلف، وإن لم يوجد قبله لا يكون علّة) ساقط من (ت).
(3)
يريد ببعض الشراح كالقرافي في نفائسه فقد أجاب عن اعتراضات النقشواني. ينظر: نفائس الأصول: 8/ 3343 - 3344.
(4)
(للحكم) ليس في (غ)، (ت).
(5)
(الدائر مع تخلف الدائر عنه في شيء من صور الدوران لا يجتمع مع عدم عليّة بعض المدارات) ساقط من (غ)، (ت).
صور الوجود المقتضي لعدم العلية وهو تخلف
(1)
الدائر عن المدار مع سلامته عن المعارض الذي هو دلالة ماهية الدوران على العليّة إذ الغرض ماهية الدوران لا يدل
(2)
على العليّة فلا تعارض، وهذا بخلاف ما لو دلّت ماهية الدوران على العليّة
(3)
إذا كانت تعارض التخلف لاقتضائه عدم العليّة فوضح أنّ عليّة بعض المدارات مع التخلف لا يجتمع مع عدم علية بعضها. لكنّ الأوّل وهو عليّة بعض المدارات مع التخلف في صورة من صوره ثابت.
فإنّ تناول السقمونيا
(4)
علّة للإسهال مع تخلفه عنه بالنسبة إلى بعض
(5)
الأشخاص في بعض الأوقات فينتفي الثاني وهو عدم عليّة بعض المدارات للدائر، ويلزم من انتفائه ثبوت عليّة جميع المدارات للدائر وهو المطلوب.
وإنّما قيّد المصنف عليّة بعض المدارات بالتخلف المذكور ليحتج به على عدم عليّة تلك على التقدير الثاني وهو عدم دلالة ماهية الدوران على العلية.
قوله: "وعورض"، أي عورض هذا الدليل الثاني بمثله.
(1)
(عنه في صورة من صور الوجود المقتضى لعدم العلية وهو تخلف) ساقط من (غ).
(2)
(لا يدل) ليس في (غ)، (ت).
(3)
(على العليّة فلا تعارض، وهذا بخلاف ما لو دلّت ماهية الدوران) ساقط من (غ)، (ت).
(4)
السقمونيا: شراب مسهل للبطن. التعريفات: ص 140 عند تعريف الدوران.
(5)
(بعض) ليس في (ت).
وتقرير المعارضة: أنْ يقال: عليّة بعض المدارات مع التخلف في شيء من صوره مع عدم عليّة البعض مما لا يجتمعان؛ لأنَّ ماهية الدوران وإنْ دلت على العليّة لزم عليّة ذلك البعض المفروض عدم عليّته كما تقدم. وإنْ لم يدلْ لزم عدم عليّة البعض المفروض كونه علّة كما عرفت. لكن الثاني ثابت وهو عدم عليّة البعض؛ لأنَّ الأبُوةَ مع البنوة والعلمَ مع المعلوم، والجزء الأخير من العلّة المركبة مع المعلول ونظائرها من الأشياء المتلازمة تدور وجودًا أو عدمًا ولا علّة ولا معلول، وإذا ثبت الثاني انتفى الأوّل وهو عليّة البعض ويلزم منه عدم عليّة جميع المدارات للتنافي بين عليّة البعض وعدم عليّة البعض الآخر وذلك هو المطلوب.
وأجاب: عن هذه المعارضة بأنّ غاية ما يلزم مما ادعيناه من عليّة جميع المدارات للدائر
(1)
مع التخلف في بعض الصّور أنْ يوجد الدليل بدون المدلول وهذا أمر لا بدع فيه فإنّ المدلول
(2)
قد يتخلف لمانع وأمّا ما قلتموه من عدم عليّة المدارات فيلزم منه أنْ يوجد المدلول بدون الدليل وهو محال.
قال: (قيل الطرد لا يؤثر والعكس لم يعتبر.
قلنا: يكون للمجموع ما ليس لأجزائه).
هذه شبهة لمن منع الدوران، وتقريرها
(3)
أنَّه مركب من الطّرد وهو:
(1)
(للدائر) ليس في (ت).
(2)
(أن يوجد الدليل بدون المدلول وهذا أمر لا بدع فيه فإن المدلول) ساقط من (غ).
(3)
في (ت): وتقريره.
ترتُب وجود الشيء على وجود غيره والعكس، وهو ترتب عدمه على عدم غيره وكلّ منهما لا يدل على العليّة.
أما الطرد؛ فلأن حاصله يرجع إلى سلامة الوصف عن النّقص وسلامته عن مفسد واحد لا يوجب سلامته عن كلّ مفسد، ولو سلم عن كلّ مفسد لم يلزم من ذلك صحته، فإنّه كما يعتبر عدم المفسد يعتبر وجود المقتضي للعليّة.
والطرد من حيث هو طرد لا يشعر بالعلية، بل بعدم النقص
(1)
، فلا يفيد العليّة، والعكس غير معتبر في العلل الشرعية فمجموعها أيضًا كذلك.
وأجاب: بأنّه لا يلزم من عدم دلالة كلِّ واحدٍ منهما على الانفراد عدم دلالة المجموع، فإنّه يجوز أنْ يكون للهيئة الاجتماعية ما ليس لكلّ واحدٍ من الأجزاء. ألا ترى أنّ كلّ واحد من أجزاء العلّة ليس بعلّة مع أنّ المجموع علّة؟ .
وهذا ما أجاب به إمام الحرمين في البرهان بعد أنْ ذكر أنّ الشبهة المذكورة من فنّ التشدق والتفيهق
(2)
الذي يستدل به من لا يعدّ من الراسخين
(3)
.
(1)
في (غ): النقض.
(2)
التشدق: مأخوذة من الشدق؛ وهو الفم من باطن الخدين، وتشدق لوى شدقه للتفصح. ينظر: القاموس المحيط: ص 1158 مادة "شدق".
والتفيهق: تفيهق في كلامه: تنطع وتوّسع كأنه ملأ به فمّه. القاموس المحيط: مادة (فهق) ص 1188.
(3)
ينظر: البرهان لإمام الحرمين: 2/ 840.