المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الرابع: إن ظن تعليل الحكم في الأصل بعلة توجد في الفرع - الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي - جـ ٦

[تاج الدين ابن السبكي - تقي الدين السبكي]

فهرس الكتاب

- ‌(الكتاب الرابع: في القياس

- ‌الباب الأول: في بيان كونه حجة. وفيه مسائل:

- ‌استدل أصحابنا على حجية القياس بوجوه أربعة

- ‌أحدها: أنّ القياس مجاوزة

- ‌(الثاني: خبر معاذ وأبي موسى

- ‌(الثالث أنّ أبا بكر رضي الله عنه قال في الكلالة: أقول برأيي

- ‌(الرابع: إنّ ظنّ تعليل الحكم في الأصل بعلة توجد في الفرع

- ‌(الثانية: قال النظام والبصري وبعض الفقهاء التنصيص على العلّة أمر بالقياس، وفرَّق أبو عبد الله بين الفعل والترك)

- ‌(الثالثة: القياس إما قطعي أو ظني)

- ‌(الباب الثاني: في أركانه

- ‌(الفصل الأول: في العلّة

- ‌ اختلفت مقالات الناس في تفسيرها على مذاهب

- ‌الأول: وبه جزم المصنف واختاره الإمام(1)وأكثر الأشاعرة أنّها المعرِّف للحكم

- ‌المذهب الثاني: أنها الموجب لا لذاته بل بجعل الشارع إياه

- ‌الثالث: وهو قول المعتزلة أنّها المؤثر في الحكم بذاته

- ‌الرابع: واختاره الآمدي(1)وابن الحاجب(2)أنّها الباعث

- ‌الطرف الأول: مسالك العلة

- ‌ الأول: النص القاطع كقوله تعالى: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً}

- ‌(الثاني الإيماء:

- ‌(الثالث الإجماع

- ‌(الرابع المناسبة

- ‌(الخامس الشبه

- ‌فروع:

- ‌(السادس الدوران:

- ‌(السابع: التقسيم الحاصر

- ‌(الثامن الطرد

- ‌(التاسع تنقيح المناط

- ‌(الطرف الثاني: فيما يبطل العليّة

- ‌الأول: النقض

- ‌(الثالث الكسرُ

- ‌(الرابع القلب

- ‌(الخامس: القول بالموجب

- ‌(السادس الفرق

- ‌(الطرف الثالث في أقسام العلّة

- ‌ الأولى يستدل بوجود العلّة على الحكم لا بعليتها لأنها نسبة يتوقف عليه)

- ‌تعليلُ الحكم العدميِّ بالوصف الوجوديّ

- ‌(الثالثة لا يشترط الاتفاق على وجود العلّة في الأصل بل يكفي انتهاض الدليل عليه)

- ‌(الرابعة الشيء يدفع الحكم كالعدّة أو يرفعه كالطلاق أو يدفع ويرفع كالرضاع)

- ‌(الخامسة: العلة قد يعلل بها ضدان ولكن بشرطين متضادين)

- ‌(الفصل الثاني: في الأصل والفرع

- ‌الأول: ثبوت الحكم فيه بدليل غير القياس

- ‌الثاني: أنْ يكون ذلك الثبوت بدليل

- ‌الثالث: هو المشار إليه بقوله: "غير القياس

- ‌الشرط الرابع: أنْ لا يكون دليل الأصل بعينه دليل الفرع

- ‌الخامس: لا بد وأن يظهر كون ذلك الأصل معللا بوصف معين

- ‌السادس: أنْ لا يكون حكم الأصل متأخرا عن حكم الفرع وهو كقياس الوضوء على التيمم في اشتراطه النية

- ‌(الكتاب الخامس: في دلائل اختلف فيها

- ‌الباب الأول: في المقبولة منها

- ‌الأولى: الأصل في المنافع الإباحة

- ‌(الثاني الاستصحاب حجة خلافًا للحنفية والمتكلمين)

- ‌خاتمة:

- ‌(الثالث الاستقراء مثاله:

- ‌(الرابع أخذ الشافعي بأقلّ ما قيل إذا لم يجد دليلًا

- ‌ المناسب

- ‌(السادس فقد الدليل بعد التفحص البليغ يغلب ظنّ عدمه

- ‌(الباب الثاني: في المردودة

- ‌الأول: الاستحسان

- ‌(الثاني قيل: قول الصحابي حجة

الفصل: ‌(الرابع: إن ظن تعليل الحكم في الأصل بعلة توجد في الفرع

في تفسير القرآن، ونحن نسلم أنَّه لا مجال للرأي في ذلك؛ لكونه مستنِدًا إلى محض السمع عن النبي صلى الله عليه وسلم وأهل اللغة بخلاف الفروع الشرعية.

وأما قول عمر رضي الله عنه فإنّما

(1)

قصد به ذمّ من ترك الموجود من الأحاديث وعدل إلى الرَّأيِ، مع أنّ العمل به مشروطٌ بعدمِ النّصوص، ولذلك سمّاهم بأصحاب الرأي، وإلا فمن قال بالكتاب والسنّة والرأي، لا يقال له صاحب الرأي؛ لأنَّه لم يتمحض قوله بالرأي.

وأما قول علي رضي الله عنه لو كان الدِّين بالقياس إلى آخره، فيجب حمله على أنَّه لو كان جميع الدّين بالقياس، ويكون المقصود منه، أنَّه ليس كلّ ما أتت به السنن على ما يقتضيه القياس

(2)

.

قال ‌

‌(الرابع: إنّ ظنّ تعليل الحكم في الأصل بعلة توجد في الفرع

، يوجب ظنّ الحكم في الفرع.

والنقيضان لا يمكن العمل بهما ولا الترك لهما.

والعمل بالمرجوح ممنوع، فيبقى الراجح).

هذا وجه عقلي

(3)

وتقريره: أنّ المجتهد إذا ظن أنّ الحكم في الأصل

(1)

في (ت): (فإنه).

(2)

هذه الأجوبة عن الآثار الواردة عن الصحابة أوردها إمام الحرمين في التلخيص: 3/ 212. قال: "على أن معظم ما ورد من الأخبار والآثار مطعونة لم يتقبلها أهل الصناعة فإياك أن تكترث بما تمسكوا به من الآثار فإنهم عارضوا بها المستفيض المتواتر" اهـ.

(3)

هذا هو الدليل الرابع على حجية القياس وتقريره كما جاء في شرح السبكي: =

ص: 2206

معلّل بعلّة موجودة في الفرع، حصل له ظنّ ثبوتِ الحكمِ في الفرعِ، والظنُّ بوجودِ الشيءِ يستلزم الوهمَ بعدمِه؛ لعدمِ انفكاك كلٍّ من الظنِّ أو الوهمِ عن الآخرِ، والعملُ بهما أو التركُ لهما يستلزم اجتماع النقيضين أو ارتفاعهما، والعملُ بالوهمِ المرجوح خلاف المعقول والمشروع، فتعين العمل بالراجح؛ لأنَّا استقرينا أمور الشرع كلّها جزئية وكلية، فوجدنا الراجع

(1)

يجب العمل به

(2)

؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "نحنُ نحكمُ بالظاهر"

(3)

، وما أشبه ذلك، وهذا معنى قولنا يتعين العمل بالراجح،

= القياس يفيد ظنّ حكم الأصل في الفرع. (مقدمة صغرى)

وكلّما كان كذلك يجب العمل بمقتضاه. (مقدمة كبرى)

فالقياس يجب العمل بمقتضاه. (نتيجة)

أما الصغرى: فوجهها؛ أنّ من ظنّ أنّ الحكم في الأصل معلل بوصف، وظنّ وجود ذلك الوصف في الفرع، ظنّ أنَّ حكم الفرع مثل حكم الأصل.

وأما الكبرى: فوجهها؛ أنَّ حكم الفرع الذي هو مقتضى القياس إذا كان مظنونًا كان نقيضه موهومًا، فإمَّا أنْ يُعملَ بمقتضى القياس ونقيضه معًا، أو لا يعمل بهما، أو يعمل بنقيضه فقط، والأول باطل لاجتماع النقيضين، والثاني باطل لارتفاع النقيضين، والثالث باطل؛ لأنّ بديهة العقل تمنع من العمل بالمرجوح مع وجود الراجح، فتعين العمل بمقتضى القياس وهو المطلوب. ينظر: النبراس مع التصرف: ص 114.

(1)

(لأنا استقرينا أمور الشريعة. . . . . . الراجح) ساقط من (ت).

(2)

ينظر: شرح الأصفهاني للمنهاج: 2/ 652، ومعراج المنهاج: 2/ 127، والحاصل: 2/ 849 - 850، والتحصيل: 2/ 177، ونفائس الأصول: 7/ 3167، ونهاية السول: 3/ 16 - 17.

(3)

هذا الحديث استنكره المزي فيما حكاه ابن كثير عنه في أدلة التنبيه، وقال النسائي =

ص: 2207

وليس المراد منه أنّ كونه راجحًا صفة يقتضي الثواب على فعله، والعقاب على تركه، حتّى يقال عليه: الأحكام عندنا، إنّما هي من جهة الشّرع دون العقل، وإنّما المراد بتعينه أنّ الشرع تقرر منه ذلك، فالعقل أدرك كونه راجحًا، والشّرع حكم بالعمل بالراجح، وللعقل أهلية الإدراك بلا نزاع بين العقلاء، وقد قيل: إنّ في

(1)

هذا الدليل نظرًا؛ لجواز ارتفاعهما بارتفاع محل الحكم، وذلك بألَّا يكون في الواقعة حكم شرعي البتّة، ويكون الأمر فيها محالًا على البراءة الأصلية، بناءً على أنَّه

(2)

لا يجب أنْ يكون في كلّ حادثة حكم شرعي.

= في سننه: باب الحكم بالظاهر، ثم أورد حديث أم سلمة. . . - "إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إليّ، ولعل بعضكم أن يكون ألحق بحجته من بعض". متفق عليه. - وقد ثبت في تخريج أحاديث المنهاج للبيضاوي، سبب وقوع الوهم من الفقهاء في جعلهم هذا حديثًا مرفوعًا، وقال الإمام الشافعي:"وقد أمر الله نبيه أن يحكم بالظاهر". وقال ابن عبد البر في التمهيد: "أجمعوا على أن أحكام الدنيا على الظاهر وأن أمر السرائر إلى الله". . . . . وفي الباب ما أخرجه البخاري كتاب الشهادات (52) باب الشهداء العدول (5) رقم الحديث (2641) ص 500، حديث عمر رضي الله عنه:"إنما كانوا يُؤْخَذُون بالوحي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم". وفي البخاري أيضًا: في كتاب المغازي (64) باب بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه وخالد بن الوليد رضي الله عنه إلى اليمن (61) رقم (4351)، ص 822 وهو حديث أبي سعيد:"إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم". ينظر تلخيص الحبير باب أدب القضاء: 4/ 1568، وتمييز الطيب من الخبيث: ص 31.

(1)

(في) ليس في (غ).

(2)

(على أنه) ساقط من (غ).

ص: 2208

قال: (احتجوا بوجوه الأول قوله تعالى: {لَا تُقَدِّمُوا} ، {وَأَنْ تَقُولُوا} ، {وَلَا تَقْفُ} ، {وَلَا رَطْبٍ} ، {إِنَّ الظَّنَّ} .

قلنا الحكم مقطوع والظن في طريقه)

ذكر من شُبَهِ الخصوم ستة:

أولها: ما تعلقوا به من الكتاب وذلك في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}

(1)

والقول بالقياس تقديم بين يدي الله ورسوله، إذ هو قول بغير الكتاب والسنة.

وأيضًا فالقياس إنَّما يفيد الظنّ، والظنّ منهي عنه لقوله تعالى:{وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}

(2)

.

وقوله: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}

(3)

أي ولا تتبع ما لا

(4)

تعلم، نهي عمّا ليس بعلم، ومن جملته الظنّ.

وأيضًا قوله تعالى: {وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}

(5)

يقتضي الاستغناء عن القياس.

وأيضًا قوله: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}

(6)

.

(1)

سورة الحجرات: الآية الأولى.

(2)

سورة الأعراف: من الآية 33.

(3)

سورة الإسراء: من الآية 36.

(4)

في (غ): لم.

(5)

سورة الأنعام: من الآية 59.

(6)

سورة النجم من الآية 28.

ص: 2209

وأجاب: في الكتاب بأن الحكم مقطوع به لا مظنون، والظنّ وقع في طريقه كما تقرر في أول الكتاب.

فإنْ قلت: هذا يشعر بأنه سلَّم أنّ الظنّ مذموم، لكنَّه وقع في طريق الحكم لا فيه، وعلى هذا يكون الطريق مذمومًا، ويكون الحكم

(1)

كذلك؛ لأنّه مستفاد من الطريق المذموم.

قلت: حاصل جوابه، أنَّه منع كون الحكم مظنونًا حتَّى لا يستدل الخصم عليه بما استدل، ولا يلزم من هذا المنع تسليم أنَّ الظنّ مذموم، ولا إشعار له به، ولو سلمنا أنَّه يشعر بذلك. فقال الشيرازي

(2)

شارح هذا الكتاب

(3)

لا نسلم أنّ المستفاد من المذموم مذموم ألا ترى إلى جواز كذب المقدمتين مع صدق النتيجة، مثل قولك: كل إنسان حجر، وكلّ حجر حيوان، ينتج كل إنسان حيوان، وهو صحيح مع كذب

(1)

(لا فيه، وعلى هذا يكون الطريق مذمومًا، ويكون الحكم) ساقط من (غ) لانزلاق النظر.

(2)

الشيرازي: هو شمس الدين محمد بن أبي بكر الأيكي الشِّيرازي، الشافعي، أبو عبد الله كان فقيها إمامًا في الأصلين ورد دمشق ودرس بالغزالية وشرح منطق مختصر ابن الحاجب ثم سافر إلى مصر وولي مشيخة الشيوخ، وعاد إلى دمشق فتوفي بالمزّة توفي سنة 697 هـ. ينظر: ترجمته في شذرات الذهب: 5/ 439.

(3)

اسم الكتاب: معراج الوصول، توجد منه نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية تحت رقم (132) كما توجد منه نسخة أخرى تحت رقم (500). وقد قام بتحقيقه والتقديم له الدكتور عبد المنعم النّجار. ينظر: فهرس المخطوطات دار الكتب المصرية: 1/ 395.

ص: 2210

مقدمتيه.

ولقائل أنْ يقول

(1)

: كل إنسان حيوان في هذا المثال صورة نتيجة لا نتيجة في نفسه، وصدقه لنفسه لا لكونه نتيجة، فلا نسلم أنّ هاتين المقدمتين ينتجان هذا القول الصادق.

واعلم أنّ هذا الذي أجاب به المصنف ليس شاملا للآية الأولى ولا للآية الرابعة.

والجواب عن الآية الأولى، أنَّا

(2)

لا نسلم أنّ العمل بالقياس تقديم بين يدي الله ورسوله؛ لأنَّه ثبت بالكتاب والسنة كما تقدم.

وعن الرابعة بأنَّه عام مخصوص؛ لعدم اشتمال الكتاب على جميع الجزئيات.

وقد أجيب عما استدل به الخصم على المنع من الظنّ بوجهين آخرين لم يذكرهما في الكتاب:

أحدهما: أنَّه حجة عليه، فإنّ القول ببطلان القياس ليس معلومًا عنده بل مظنون ضرورة أنَّه لا

(3)

قاطع على فساده.

والثاني: أنَّه يجب تخصيصه بالأصول دون الفروع؛ لوجوب العمل بشهادة الشهود، وحكم القاضي، وفتوى المفتي، واجتهاد المجتهد في الماء

(1)

في (ص): أن يقال.

(2)

(أنا) ليس في (غ).

(3)

(لا) ليس في (ت).

ص: 2211

والثوب

(1)

، والقبلة وقت الصلاة، وهلال رمضان، وقيم المتلفات، وغلبة السلامة في ركوب البحر، وخبر الواحد والعموم، وقول المقدر في أرش

(2)

الجنايات والنفقات، وجزاء الصيد، وصدق الحالف في مجلس الحكم، كلَّ ذلك مظنون، ويرفع

(3)

به النَّفي في الأصل.

قال: (الثاني: وقوله صلى الله عليه وسلم: "تعمل هذه الأمة برهة بالكتاب وبرهة بالسنة وبرهة

(4)

بالقياس فإذا فعلوا ذلك فقد ضلوا".

الثالث: ذمَّ بعض الصحابة له من غير نكير.

قلنا: معارضان بمثلهما

(5)

فيجب التوفيق.

الرابع: نقل الإمامية إنكاره عن العترة.

قلنا: معارض

(6)

بنقل الزيدية.

الخامس: أَنَّه يؤدي إلى الخلاف والمنازعة، وقد قال تعالى:{وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا} .

قلنا: الآية في الآراء والحروب لقوله صلى الله عليه وسلم: "اختلاف أمتي رحمة").

(1)

في (ص): التراب.

(2)

أرش: اسم للواجب ما دون النفس، وهو دية الجراحات والجمع أروش بوزن فلوس. ينظر: أنيس الفقهاء: 295، والمصباح المنير: 1/ 13 (أرش)، والتعريفات:17.

(3)

في (غ): ويرافع.

(4)

(برهة) ليس في (غ).

(5)

في (غ): معرض بمثلها، وفي (ص): معارضان بمثليهما، وفي (ت): معارض بمثلهما.

(6)

"نقل الإمامية إنكاره عن العترة. قلنا: معارض" ساقط من (غ) لسبق النظر.

ص: 2212

الشبهة الثانية للخصوم: ما روي من قوله صلى الله عليه وسلم: "تعمل هذه الأمة برهة - أي قطعة - من الزمان بكتاب الله ثم تعمل برهة بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمّ تعمل برهة بالرأي، فإذا قالوا بالرأي، فقد ضلّوا وأضلّوا"

(1)

.

الثالثة: الإجماع فإنّه قد نقل عن بعض الصحابة ذمّ الرأي من غير نكير، فكان إجماعًا

(2)

.

والجواب عن هذين الدليلين بأنَّهما معارضان بمثليهما سنّة وإجماعًا، كما سلف فيجب الجمع بين الدليلين، بأنْ يحمل الذمّ على القياس الفاسد دون الصحيح، كما سبق. هذا ما في الكتاب.

(1)

الحديث رواه أبو يعلى في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: "تعمل هذه الأمة برهة بكتاب الله ثمّ تعمل برهة بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تعمل بالرأى فإذا عملوا بالرأي فقد ضلوا وأضلوا" كما أخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه: 1/ 449، ومجمع الزوائد: 1/ 179، جامع بيان العلم وفضله: ص 475، وإبطال القياس لابن حزم: ص 57. ودراسة سند الحديث تكلم الشارح فيه عن سنده فكفاني بذلك مؤنة الدراسة. وسيأتي مفصلًا.

(2)

وتقريره أن يقال: وقع ذمّ العمل بالقياس من بعض الصحابة، ولم يحصل من الباقي إنكار على ذلك. وكلما كان كذلك فهو مجمع على إنكاره وترك العمل به، وعلى أن الله لم يتعبدنا به، فالقياس لم نتعبد بالعمل بمقتضاه، وهو المطلوب.

فأما الصغرى: فدليلها ما ذكر من الروايات عن الصحابة في ذم القياس.

وأما باقي المقدمات فيعلم تقريرها من تقرير الإجماع السابق على الحجية.

والجواب كما ذكر الشارح، أن هذا الإجماع معارض بالإجماع السابق على الحجية، فيجب التوفيق بينهما بأن يحمل هذا الإجماع على القياس الفاسد، والإجماع السابق على القياس الصحيح والله أعلم. ينظر: النبراس: ص 152.

ص: 2213

والحديث المشار إليه لا تقوم به الحجَّة، ولا يصلح معارضًا؛ لأنَّ راويه جبارة بن المغلس

(1)

وهو ضعيف، عن حماد بن يحيى الأبح

(2)

، وقد قال فيه البخاري: يهم في الشيء بعد الشيء

(3)

.

قال ابن عدي

(4)

: وسمعت ابن حماد يقول: قال السعدي: حماد بن يحيى الأبح روى عن الزهري حديثا معضلًا

(5)

، يعني هذا الحديث، ورواه حماد عن الزهري كما ذكر عن سعيد بن المسيب

(6)

عن أبي هريرة

(1)

جبارة بن المغلس الحِمَّانِيّ الكوفي أبو محمد توفي سنة 241 هـ عن سن عالية روى عن شعيب بن أبي شيبة النهشلي. قال صاحب المغني: جبارة بن المغلس شيخ ابن ماجه: وَاهٍ. وقال ابن نمير: ما هو عندي ممن يكذب، صدوق كان يوضع له الحديث فيحدث به يعني فلا يدري، وما كان عندي ممن يتعمد الكذب. وقال ابن معين: كذَّاب. وقال الحسين بن الحسن الرازي عن يحيى بن معين: كذّاب، وقال البخاري: حديثه مضطرب، وقال ابن أبي حاتم: كان أبو زرعة حدث عنه في أول مرَّة ثُمّ ترك حديثه بعد ذلك. ينظر: المجروحين من المحدثين والضعفاء لابن حبان: 1/ 221.

(2)

حماد بن يحيى الأبح بالموحدة بعد مهملة أبو بكر السَّلمي البصري صدوق يخطئ من الثامنة. ينظر: تهذيب التهذيب: 3/ 19، والجرح والتعديل: 3/ 19، والثقات: 6/ 221.

(3)

ينظر الكامل في الضعفاء: 2/ 249.

(4)

ابن عدي: أبو أحمد عبد الله بن عدي بن عبد الله بن القطان الجرجاني، الحافظ الناقد، ولد سنة 277 هـ، له الكامل في ضعفاء الرجال، توفي سنة 365 هـ ينظر ترجمته في: تاريخ جرجان: ص 266 - 268 رقم (443)، والأنساب: 3/ 211 - 222، طبقات الشافعية الكبرى: 3/ 315 - 316 رقم (202).

(5)

الحديث المعضل: هو بفتح الضَّاد، يقولون أعضله فهو معضل: وهو ما سقط من إسناده اثنان فأكثر. بشرط التوالي. ينظر: تدريب الراوي: 1/ 183 - 184.

(6)

في (غ) كما ذكر عن ابن يحيى.

ص: 2214

مرفوعًا

(1)

(2)

.

فإن قلت: سلمنا ضعفَ الحديث

(3)

ومعارضتَه لما تقدم، ومعارضةَ الإجماع أيضًا، وأنَّه يجب التوفيق بينهما.

ولكن لا نسلم أنّ التوفيق متعين بما ذكرت من الطرق، بل جاز أنّ بعضهم كان قائلًا بالقياس، حين كان البعض الآخر منكرًا، ثمّ لما انقلب المنكِر مقِرًّا انقلبَ المقِرُّ مُنكِرًا، وحينئذ يكون كلُّ واحدٍ منهم قائلًا بالقياس ومنكِرًا باعتبار حالتين، فلا تناقض

(4)

، وتكون الروايتان صحيحتين مع أنَّه لا يحصل الإجماع على صحته، ولا على بطلانه، فلا يصحّ لك ولا لنا الاستدلال بالإجماع.

قلت: ما ذكرناه من التوفيق أولى؛ لأنَّه يقتضي بقاء ما كان على ما كان من استمرار كل ذي قول على قوله، وتوفيقكم يقتضي التعبير.

وأيضًا فلو وقع ما ذكرتموه لاشتهر؛ لغرابته أو كان في لفظ أحد منهم إشعار بالرجوع.

(1)

الحديث المرفوع: وهو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم خاصّة لا يقع مطلقه على غيره متصلا كان أو منقطعًا، وقيل هو ما أخبر به الصحابي عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم أو قوله.

ينظر: تدريب الراوي: 1/ 156.

(2)

ينظر: الكامل في الضعفاء لابن عدي: 2/ 246.

(3)

الحديث الضعيف: وهو ما لم يجمع صفة الصّحيح أو الحسن.

ينظر: تدريب الراوي: 1/ 151.

(4)

في (ت): فلا يتناقض.

ص: 2215

الرابعة: نقل الإمامية

(1)

من الشيعة

(2)

إجماع العِترة

(3)

على أنَّه لا يجوز

(1)

الإمامية: هم القائلون بإمامة علي رضي الله عنه بعد النبي صلى الله عليه وسلم نصًا وظاهرًا ويقينًا صادقًا من غير تعريض بالوصف بل إشارة إليه بالعين. ينظر الملل والنحل للشهرستاني: 1/ 218.

(2)

سبق التعريف بها.

(3)

العترة: قال ابن منظور في اللسان: مادة "عتر""وعِتْرةُ الرجل: أَقْرِباؤه من ولدٍ وغيرِهِ، وقيل: هم قومُهُ دِنْيًا، وقيل: هم رهطه وعشيرته الأَدْنَون مَنْ مَضى منهم ومَن غَبَرَ؛ ومنه قول أَبي بكر، رضي الله عنه: نحن عِتْرةُ رسول الله التي خرج منها وبيضته التي تَفَقَّأَتْ عنه، وإِنما جِيبَت العرَبُ عنَّا كما جِيبَت الرحى عن قُطْبِها؛ قال ابن الأثير: لأنهم من قريش؛ والعامة تَظُنُّ أَنها ولدُ الرجل خاصة وأَن عترة رسول الله ولدُ فاطمة، رضي الله عنها؛ هذا قول ابن سيده، وقال الأزهري، رحمه الله، وفي حديث زيد بن ثابت قال: قال رسول الله: "إِني تارك فيكم الثَّقَلَينِ خَلْفي: كتابَ الله وعتْرتِي فإِنهما لن يتفرّقا حتى يَرِدا عليَّ الحوض"؛ وقال: قال محمد بن إِسحاق: وهذا حديث صحيح ورفعَه نحوَه زيدُ بن أرقم وأبو سعيد الخدري، وفي بعضها: إِنِّي تاركٌ فيكم الثَّقَلَيْن: كتابَ الله وعِتْرَتِي أَهلَ بيتي، فجعل العترة أَهلَ البيت. وقال أَبو عبيد وغيره: عِتْرَةُ الرجل وأُسْرَتُه وفَصيلتُه رهطه الأَدْنَون. ابن الأَثير: عِتْرةُ الرجل أَخَصُّ أَقارِبه. وقال ابن الأَعرابي: العِتْرةُ ولدُ الرجل وذريته وعقِبُه من صُلْبه، قال: فعِتْرهُ النبي ولدُ فاطمة البَتُول، عليها السلام. وروي عن أبي سعيد قال: العِتْرةُ ساقُ الشجرة، قال: وعِتْرةُ النبي عبدُ المطلب وولده، وقيل: عِتْرتُه أهل بيته الأَقْرَبُون، وهم أَولاده وعليٌّ وأَولاده، وقيل: عِتْرَتُه الأَقربون والأَبْعدون منهم، وقيل: عِتْرةُ الرجل أَقْرباؤُه من ولد عمه دِنْيًا؛ ومنه حديث أَبي بكر، رضي الله عنه، قال للنبي صلى الله عليه وسلم حين شاوَرَ أَصحابَه في أُسَارَى بدر: عِتْرتُك وقَوْمُك؛ أَراد بعِتْرتِه العباسَ ومن كان فيهم من بني هاشم، وبقومه قُرَيشًا. والمشهور المعروف أَن عتْرتَه أَهلُ بيته، وهم الذين حُرِّمَت عليهم الزكاة والصدقة المفروضة، وهم ذوو القربى الذين لهم خُمُسُ الخُمُسِ المذكور في =

ص: 2216

العمل بالقياس.

والجواب: أنَّ ذلك معارض بنقل الزيدية

(1)

منهم، حيث نقلوا إجماع العترة على وجوب العمل به مع أنّ إجماع العترة غير حجة كما سبق

(2)

.

الخامس: أنّ القياس يؤدي إلى الخلاف والمنازعة، وكلّ ما كان كذلك فهو منهي عنه.

أما الصغرى

(3)

؛ فلأن القياس مبني على الظنّ، وهو مختلف باختلاف القياسين.

أما بيان الكبرى

(4)

؛ فلقوله تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا}

(5)

نهى عن النزاع، فاستلزم ذلك النهي عمّا يُفضي إليه.

والجواب: أنّ الآية إنّما وردت في مصالح الحروب؛ لقرينة قوله: {فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}

(6)

أو أنَّها محمولة على النزاع فيما يتعين فيه

= سورة الأنفال" اهـ.

(1)

الزيدية: أتباع زيد بن علي بن الحسين بن علي رضي الله عنه ساقوا الإمامة في أولاد فاطمة رضي الله عنها ولم يجوزوا ثبوت إمامة في غيرهم. ينظر: الملل والنحل للشهرستاني: 1/ 207 - 209.

(2)

ينظر ص: 2062 وما بعدها.

(3)

أي دليل المقدمة الصغرى وهي قوله: "أنَّ القياس يؤدي إلى الخلاف والمنازعة".

(4)

أما المقدمة الكبرى: فقوله: "وكلّ ما كان كذلك فهو منهي عنه".

(5)

سورة الأنفال من الآية 46.

(6)

سورة الأنفال من الآية 46.

ص: 2217

الحق كمسائل الأصول.

وأما التنازع فيما عدا ذلك فجائز لما روي من قوله صلى الله عليه وسلم: "اختلاف أمتي رحمة" فيحمل الحديث على ما عدا ذلك.

واعلم أنّ الحديث المشار إليه غير معروف، ولم أقف له على سند، ولا رأيت أحدًا من الحفاظ ذكره، إلا البيهقي رحمه الله في رسالته إلى الشيخ العميد عميد الملك

(1)

بسبب الأشعري، وقد ساقها الحافظ ابن عساكر

(2)

(1)

هو محمد بن منصور بن محمد الكندري أبو نصر عميد الملك، ولد سنة 412 هـ أول وزراء الدولة السلجوقية (التركمانية) وفي أيام القائم بالله العباسي أول سلاطين الدولة احتاج إلى كاتب يجمع بين الفصاحتين العربية والفارسية، فدل على محمد بن منصور فدعا به إليه وقرّبه ثم جعله من وزرائه وثقاته ولقبه بعميد الملك ثم لما تغير السلطان أمر عضد الدولة بالقبض عليه وأنفذه إلى مرو الروذ حيث مكث معتقلا عامًا كاملًا، ثم دخل عليه غلامان وهو محموم فقتلاه وحملا رأسه إلى عضد الدولة وكان ذلك سنة 456 هـ. ينظر: وفيات الأعيان: 2/ 70، الأعلام للزركلي: 7/ 112. وأخباره أيضًا في تبيين كذب المفتري ص 10.

(2)

هو علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين بن عساكر أبو القاسم ثقة الدين، ولد بدمشق أول محرم من سنة تسع وتسعين وأربعمائة (499 هـ)، تلقى العلم بدمشق عن أبي الحسن السلمي وسمع من والده وقصد مكة فسمع من عبد الله الغزال، وانتقل إلى المدينة فسمع بها من أبي الفتوح عبد الخلاق الهروي، وتوجه إلى الكوفة، عاد إلى بغداد، ومن تلاميذه معمر بن الفاخر وأبو العلاء الهمذاني وأبو سعد السمعاني وحدث عنه ولده وأخوه وغيرهم، ومن أهم مصنفاته الإشراف على معرفة الأطراف، تبيين كذب المفتري، تاريخ مدينة دمشق ومؤلفاته تفوق 70 مصنفا توفي رحمه الله في حادي عشر رجب سنة إحدى وسبعين وخمسمائة بدمشق. ينظر: مقدمة المحقق تبيين كذب المفتري، ص 2 - 6، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي: 7/ 218 ترجمة رقم (919)، شذرات الذهب: 2/ 239.

ص: 2218

في التبيين

(1)

إلا أنّ البيهقي لم يذكر له إسنادًا، بل قال: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا ولو لم يكن له أصل لما ذكره البيهقي، ثمّ قال البيهقي: سمعت الإمام ناصر العمري

(2)

يقول: سمعت القفال المروزي

(3)

يقول معناه اختلاف هممهم، فهمة واحد في الفقه وآخر في الكلام كاختلاف همم أصحاب الحِرَفِ في حِرَفِهم بما فيه مصالح العباد.

قلت: وهذا تأويل حسن، وهو أحسن مما نقله إمام الحرمين في النهاية

(4)

عن الحليمي

(5)

من أنّ معناه اختلافهم في الدرجات والمراتب

(1)

ينظر تبيين كذب المفتري لابن عساكر ص 100 وما بعدها، وقد ساق السبكي الرسالة في طبقاته الكبرى: 3/ 395 - 399.

(2)

ناصر بن الحسين بن محمد العمري المروزي الشافعي، مفتي أهل مرو تفقه على أبي بكر القفال وأبي الطيب الصعلوكي وروى عن أبي سعيد عبد الله الرازي وكان إمامًا ورعًا توفي بنيسابور سنة (444 هـ) ينظر: شذرات الذهب: 2/ 272.

(3)

هو عبد الله بن أحمد بن عبد الله أبو بكر المروزي القفال الصغير، شيخ الشافعية بخراسان صار إمام الخراسانيين كما القفال الكبير الشاشي شيخ طريقة العراقيين لكن المروزي أكثر ذكرًا في كتب الفقه ويذكر مطلقًا وإذا ذكر الكبير قيّد بالشاشي. وإنما قيل له القفال لأنه كان يصنع الأقفال في ابتداء أمره توفي سنة (417 هـ) ينظر: شذرات الذهب: 2/ 208، وطبقات ابن قاضي شهبة: 1/ 175 رقم (144).

(4)

نهاية المطلب في دراية المذهب في الفقه الشافعي مخطوط توجد منه نسخة بمركز إحياء التراث بجامعة أم القرى، وقيل: إنَّ الدكتور عبد العظيم الديب بدأ في تحقيقه.

(5)

الحليمي هو الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم البخاري الجرجاني، أبو عبد الله ففيه شافعي قاض كان رئيس أهل الحديث في ما وراء النهر، أخذ عن أبي بكر الشاشي، والأودني. له المنهاج في شعب الإيمان مولده بجرجان سنة 338 هـ ووفاته =

ص: 2219

والمناصب، وكلا التأويلين على أنَّه ليس المراد اختلافهم في الحلال والحرام.

قال والدي أيده الله: والقرآن دالٌ

(1)

على أنّ الرحمة تقتضي عدم الاختلاف، قال تعالى:{وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ}

(2)

وقال تعالى: {فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ}

(3)

وكذا

(4)

السنة قال صلى الله عليه وسلم "إنما هلكت بنو إسرائيل بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم"

(5)

، والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة.

والاختلاف على ثلاثة أقسام:

أحدها: في الأصول وهو المشار إليه في القرآن ولا شك أنَّه بدعة وضلال.

والثاني: في الآراء والحروب، وهو حرام أيضًا لما فيه من تضييع المصالح.

= في بخارى سنة (403 هـ). ينظر: طبقات الشافعية للسبكي: 4/ 333، وطبقات الشافعية لابن هداية الله: ص 120، والرسالة المستطرفة: ص 44، والأعلام للزركلي: 2/ 253.

(1)

في (غ): ذاك.

(2)

سورة هود من الآية 118 - 119.

(3)

سورة البقرة من الآية 253.

(4)

في (غ): وكذلك.

(5)

رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ذروني ما تركتكم فإنه إنما هلكَ من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فما أمرْتُكم به من أمرٍ فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فانتهوا". المسند: 2/ 509 رقم (10615).

ص: 2220

والثالث: في الفروع كالاختلاف في الحلّ والحرمة ونحوهما.

قال والدي أيده الله

(1)

: والذي يظهر لنا ويكاد أنْ يقطع به أنّ الاتفاق فيه خير من الاختلاف، لكن هل نقول الاختلاف ضلال كالقسمين المذكورين، أو لا؟ .

كلام ابن حزم ومن سلك مسلكه ممن منع التقليد يقتضي أَنَّه مثلهما

(2)

.

وأمّا نحن فإنّا نجوّز التقليدَ للجاهل، والأخذَ بالرخصة

(3)

من أقوال العلماء بعض الأوقات عند مسيس الحاجة من غير تتبع الرخص

(4)

.

ومن هذا الوجه يصحّ أنْ يقال الاختلاف رحمة إذ الرخص رحمة.

قال: (السادس: الشارع فضّل بين الأزمنة والأمكنة في الشّرف، والصلاة في القصر، وجمع بين الماء والتراب في التطهير، وأوجب التعفف على الحرّة الشوهاء دون الأمة الحسناء، وقطع سارق القليل دون غاصب الكثير، وجلد في الزنا وشرط فيه شهادة أربعة دون الكفر،

(1)

في (غ): أعزّه الله.

(2)

ينظر رأي ابن حزم في الإحكام: 6/ 59 - 61.

(3)

الرخصة: لغة السهولة واليسر ينظر المصباح المنير: 2/ 565، مادة "رخص" القاموس المحيط: مادة "رخص" الصحاح: 3/ 1041 مادة "رخص". واصطلاحًا: ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح. ينظر: شرح الكوكب المنير: 1/ 478، كشف الأسرار 2/ 298، الإحكام للآمدي: 1/ 132، شرح تنقيح الفصول:85.

(4)

في (غ): الرخصة.

ص: 2221

وذلك ينافي القياس.

قلنا: القياس حيث عرف المعنى)

الوجه السادس: وعليه اعتمد النظام أنّ مدار شرعنا على الجمع بين المختلفات والفرق بين المتماثلات، فإنّه فرّق بين الأزمنة في الشرف كليلة القدر وليلة الإسراء وليلة الجمعة ويومها وشهر رمضان والأشهر الحرم ويومي العيدين ويوم عرفة، وكذلك بين الأمكنة كمكة والمدينة والمسجد الأقصى مع الاستواء في الحقيقة، وفرّق بين الصلوات في القصر

(1)

فرخّص في قصر الرباعيات دون الثنائية

(2)

والثلاثية، وجمع بين الماء والتراب في استباحة الصلاة بهما مع أنّ الماء ينظف والتراب بضدّه، وجعل الحرّة الشّوهاء تحصّن، ويحرم النّظر إليها، دون الجارية الحسناء.

وعبارة المصنف أوجبت التعفف على الحرّة الشوهاء، فيحتمل

(3)

أن يريد ما ذكرناه، وأن يريد أَنَّه أوجب عليها الستر دون الأمة الحسناء التي يميل الطبع إليها.

وقطع سارق القليل ما لم ينقص عن ربع دينار، دون غاصب الكثير مع أنّ غاصب الكثير

(4)

أبلغ في الفحش؛ لأنَّه يأخذ المال جهرًا على تغلب، والسارق يأخذه سرًّا على تخوف، وأعظم في الأذى لكثرته.

(1)

في (غ): والعصر. وهو خطأ

(2)

في (غ): الثانية. وهو خطأ أيضًا.

(3)

في (غ): يحمل على.

(4)

في (غ)، (ت): الغاصب للكثير.

ص: 2222

وجلد في القذف بالزنا بخلاف القذف في الكفر مع كونه أبلغ، وشرط فيه شهادة أربعة، واكتفى في الشهادة على القتيل والكفر باثنين.

وإذا ثبت هذا وجب أنْ لا يصحّ القياس لأنَّ

(1)

مبناه على أنّ

(2)

الصورتين لما اشتركا في الحكمة وجب اشتراكهما في الحكم، وهو باطل

(3)

.

والجواب: أنّ القياس إنما يجوز حيث عرف أنّ الحكم في الأصل معلل بعلة معلومة موجودة في الفرع، وامتناع القياس في صور معدودة لا يقتضي امتناعه من أصله

(4)

.

واعلم أنّ ما ذكره النظام من أنّ الشريعة مبنية على الجمع بين المختلفات والفرق بين المتماثلات كذب وافتراء، وإنّما حمله على ذلك زندقته وقصده الطعن في الشريعة المطهرة، وقد كان زنديقا يبطن الكفر ويُظْهِر الاعتزالَ، صنَّف كتابًا في ترجيحِ التثليثِ على التوحيدِ لعنه الله، وقد نبهنا على ذلك في أوَّل كتاب الإجماع

(5)

.

(1)

في (ت): أنَّ.

(2)

(أن) ليس في (غ).

(3)

ينظر: نهاية السول: 3/ 22، وشرح المنهاج للأصفهاني 2/ 605 - 657، ومعراج المنهاج: 2/ 131 - 312، ونفائس الأصول: 3172 - 3173، والتحصيل: 2/ 179، والحاصل: 2/ 853، وقواطع الأدلة للسمعاني: 2/ 77، والسراج الوهاج في شرح المنهاج: 2/ 874.

(4)

ينظر: المصادر نفسها.

(5)

ينظر ص: 235.

ص: 2223