الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قيل: لا يسند
(1)
العدم المستمر.
قلنا: الحادث يعرّف الأزلي كالعالم للصانع)
تعليلُ الحكم العدميِّ بالوصف الوجوديّ
يسمَّى تعليلًا بالمانع
(2)
،
(1)
في (ت): لا يستدل.
(2)
الكلام عن التعليل بالعدم يجرنا إلى الحديث عن أمور ثلاثة:
أحدها: تعليل الحكم العدمي بالوصف العدمي
ثانيها: تعليل الحكم الوجودي بالوصف العدمي
ثالثها: تعليل الحكم العدمي بالوصف الوجودي
وهذه الثلاثة اتفق الأصوليون في بعضها واختلفوا في البعض الآخر.
أما الأولى: فقد نقل القاضي عضد الدين الإيجي الاتفاق على جوازه ومثلوا له: بعدم نفاذ التصرف بالنسبة للمجنون. ينظر: مختصر ابن الحاجب مع شرح العضد: 3/ 314.
وأما الثاني: فإنه موضع خلاف بين الأصوليين حيث يرى أكثر المتقدمين منهم القاضي أبو بكر الطبري، والشيخ أبو إسحاق، وأبو الوليد الباجي الجواز، والبعض الآخر كالقاضي أبي حامد المروروذي كما نقله صاحب التبصرة يرى عدم صحة التعليل بالوصف العدمي. ومثلوا له بعلَّة تحريم متروك التسمية عدم ذكر اسم الله.
وأما الثالث: - وهو ما نحن بصدده - فهو ما حكاه الشارح يسمى تعليلًا بالمانع لكن محل الاختلاف في هل يشترط في صحة هذا التعليل بيان وجود المقتضى، وحكى الخلاف.
ينظر تفاصيل هذه المذاهب: المحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 438، والإحكام للآمدي: 3/ 350، والتبصرة: ص 456، ومختصر ابن الحاجب مع شرح العضد: 2/ 232، والبحر المحيط: 5/ 149، شرح تنقيح الفصول: ص 411، والأشباه والنظائر لابن السبكي: 2/ 192، ومناهج العقول للبدخشي: 3/ 155، ونهاية السول للإسنوي: 3/ 158، وشرح الكوكب المنير للفتوحي: 4/ 101، وفواتح الرحموت للأنصاري: 2/ 292.
واختلفوا في أنَّه هل يشترط في صحّة هذا التعليل بيان وجود المقتضى؟ .
فذهب جمع إلى اشتراطه، وهو اختيار الآمدي
(1)
، وأباه الآخرون
(2)
، وعليه الإمام
(3)
وشيعته كالمصنف، واختاره ابن الحاجب
(4)
، ولا يخفى عليك أنّ هذا الخلاف إنّما يتأتى إذا جوزنا تخصيص العلّة، فأمّا إذا لم نجوز ذلك، فلا يتصور هذا الخلاف؛ لأنَّ التعليل بالمانع حينئذ لا يتصور فضلًا عن أن يختلف في أنَّه مشروط ببيان وجود المقتضى. كذا قال صفي الدّين الهندي
(5)
، وهو متلقى من قول الإمام: إنّ هذه المسألة من تفاريع تخصيص العلّة، فإنّا إن أنكرناه امتنع الجمع بين المقتضى والمانع
(6)
.
(1)
ينظر: الإحكام للآمدي: 3/ 350.
(2)
كالرازي، وتبعه البيضاوي، وابن الحاجب، والصفي الهندي. ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 438، ونهاية السول: 3/ 116، ومختصر ابن الحاجب مع شرح العضد: 2/ 232، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3537.
قال الشارح ابن السبكي في الأشباه والنظائر: 2/ 192 "وهذا هو الراجح عند الإمام الرازي وابن الحاجب، واختياري في جمع الجوامع أولًا يجوز التعليل بها عند انتفاء المقتضى لأن الإحالة عليه أولى، وهذا هو الراجح عند الآمدي، واختياري في شرح المختصر والذي أراه الآن التعليل بالمانع لمن لم يدر بانتفاء المقتضى سواء أظن وجوده على تقدير وجود المقتضى. . . ."
(3)
ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 438.
(4)
ينظر: مختصر ابن الحاجب مع شرح العضد: 2/ 232.
(5)
ينظر: نهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3537 - 3538.
(6)
ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 438.
ولقائل أن يقول: هذا غير لازم فإنّ المانع من تخصيص العلّة جاز أنْ يقول شرط تعليل الحكمِ العدميّ بالوصفِ الوجوديّ وجود المقتضى في تلك الصورة، ويكون مراده أنّ هذا الشرطَ ممتنع، ويمتنع بامتناعه تعليلُ الحكم العدميّ بالوصف الوجوديّ.
واحتج المصنف بأنّ بين المقتضى والمانع معاندة ومضادة. والشيء لا يتّقوى بضدّه بل يضعف به فإذا كان المانع مؤثرًا حال ضعفه وهو وجود المقتضى، فلأن يكون ذلك حال قوّته وهو عدم المقتضى أولى
(1)
.
واحتج المشترطون بأنّ المعلول الذي هو عدم الحكم؛ إمّا أنْ يكون هو
(2)
العدم المستمر وذلك باطل؛ لأنَّ المانع حادثٌ والعدم المستمر أزلي، ويمتنع استناد الأزلي إلى الحادث، وإن كان هو العدم المتجدد فهو المطلوب؛ لأنَّ العدم المتجدد إنما يتصور بعد قيام المقتضى.
وأجاب: بأنّا لا نسلم امتناع تعليل المتقدم بالمتأخر بمعنى المعرّف، وحينئذ المعلل هو العدم المستمر، وهو جائز بهذا المعنى، كما أنّ العالم معرّف للصانع
(3)
.
وأجيب أيضًا: بأنّا نقول المعلل هو العدم المتجدد.
(1)
ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 439، ومختصر ابن الحاجب مع شرح العضد: 2/ 223، وشرح تنقيح الفصول: ض 411، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3541.
(2)
في (ت): أن يكون ذلك هو.
(3)
في (ص): الصنايع.
قولكم: لا يتحقق إلا عند قيام المقتضى.
قلنا: ممنوع لأنّا لا نعني بالعدم
(1)
المتجدد إلا أنَّه حصل لنا العلم بعدم الحكم من قِبَل الشرع، ومعلوم أنّ هذا لا يقتضي تحقق المقتضى.
ولقائل أنْ يقول: ما حكم فيه بالعدم بناءً على البراءة الأصلية لا يكون معروفًا من قبل الشرع؛ لأنَّ الشرع لم يرد فيه بشيء.
وقولهم: إنّ العلّة المعرّف والمتأخر يعرّف المتقدم.
قلنا: لا يصحّ أنْ تكون العلّة بمعنى المعرّف في هذا المقام؛ لأنّكم اعترفتم من قبل بأنّ الوصف ليس معرِّفًا للحكم في الأصل، بل هو معرّف بالحكم في الأصل معرّف للحكم في الفرع، فالوصف معرَّفٌ إمّا بالنّص إنْ ورد فيه نصّ كما قلتم أو بالبراءة الأصلية وعلى التقديرين لا يكون الوصف معرّفًا له.
والكلام لم
(2)
يقع إلا فيه، فامتنع استناد العدم في الأصل إلى هذا العدم المتجدد سواء جعلناه معرّفًا أو مؤثرًا.
إذا عرفت ضعْفَ ما أجاب به فنقول: وما استدل به أيضًا ضعيف؛ لأنَّ للخصم أنْ يقول: لا يلزم من جواز تعليل عدم الحكم بالمانع حال وجود المقتضى الذي هو شرط التعليل به جواز تعليله به حال عدم المقتضى الذي هو مناف لتعليله به.
(1)
في (ص): العدم.
(2)
في (ت): لا يقع.