الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال رحمه الله:
(الثالث الكسرُ
وهو عدم تأثير
(1)
أحد الجزئين ونقض الآخر.
كقولهم: صلاة الخوف صلاة يجب قضاؤها فيجب أداؤها.
قيل: خصوصية الصلاة ملغى؛ لأنَّ الحجّ كذلك فبقي كونه عبادة، وهو منقوض بصوم الحائض).
اتفق أكثر أهل العلم كما ذكره الشيخ أبو إسحاق في الملخص
(2)
وغيره على صحّة الكسر وإفساد العلّة به، وهذا ما اختاره
(3)
الإمام
(4)
والمصنف والآمديّ
(5)
، وهو نقض من طريق
(6)
المعنى وإلزام من سبيل
(7)
الفقه، وعبَّر عنه الآمدي وابن الحاجب بالنّقض المكسور وجعلا الكسر قسمًا آخر غيره
(8)
، وهو تعبير حسن
(9)
.
(1)
(تأثير) ليس في (ت)، وفي (ص): تأخير.
(2)
ينظر: الملخص للشيرازي: 2/ 697.
(3)
(اختاره) ليس في (ت).
(4)
ينظر: المحصول: 2/ ق 2/ 353.
(5)
ينظر: الإحكام للآمدي: 4/ 123.
(6)
(طريق) ليس في (ت).
(7)
في (ت): سبل.
(8)
ينظر: الإحكام للآمدي: 4/ 123، ومختصر ابن الحاجب مع شرح العضد: 2/ 269.
(9)
اختلفت تعابير الأصوليين وهم يعرفون الكسر، ويرجع ذلك إلى النظر إلى العلّة وأقسامها فالعلّة قد تكون مركبة وقد تكون بسيطة. فالمركبة يتحقق الكسر فيها بتخلف الحكم عن حكمة العلّة ومعناها، ولمزيد من بيان هذا التخلف يسقط =
وعبَّر عنه المصنف بأنَّه عدم تأثير أحدِ جزأي المركب الذي ادّعى المستدل عليّته ونقض الآخر.
ومثّل له تبعًا للإمام
(1)
بما إذا قيل: على لسان الشافعية في
(2)
إثبات صلاة الخوف صلاة يجب قضاؤها فيجب أداؤها كصلاة الأمن
(3)
.
فيقول: المعترض خصوصية كونها صلاة ملغاة لا أثر لها؛ لأنَّ الحجّ أيضًا كذلك فلم يبق غير كونها عبادة وهو منقوض بصوم الحائض حيث
= المعترض جزءا من العلّة بعد التأثير ثم يبين النقض لفظا في الجزء الآخر.
مثاله: كما جاء في الشرح. وخصّ البيضاوي اسم الكسر لهذا النوع فقط.
ومثال البسيطة: أن يقول الحنفي في العاصي بسفره: يترخص له في القصر والإفطار لأنه مسافر، كغير العاصي، ثم المناسبة في العلّة بأن في السفر مشقة. فيعترض عليه الشافعي: بأنّ الحمّال مع صنعته الشاقّة في الحضر لا يترخص له وقد وجدت المشقة. وخص الآمدي وابن الحاجب وابن الهمام وابن عبد الشكور اسم الكسر بهذا النوع فقط.
ولعلّ تعريف الشيرازي والباجي وأبو الخطاب والبصري أقرب إلى الصواب لكونه جمع بين الكسر في العلل البسيطة والمركبة ومن ثم تضمن نوعي الكسر: وهو قولهم بأنه: (وجود معنى العلّة ولا حكم).
ينظر: شرح اللمع، والمنهاج للباجي: ص 14، والمعتمد: 2/ 283 - ، والإحكام: 4/ 123، ومختصر ابن الحاجب مع شرح العضد: 2/ 229، والتمهيد لأبي الخطاب: 4/ 168، والتحرير لابن الهمام مع التيسير: 4/ 22، 19، وفواتح الرحموت: 2/ 281، 282.
(1)
ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 353.
(2)
(في) ليس في (ت).
(3)
ينظر: مغني المحتاج: 1/ 301.
كان عبادة يجب قضاؤها ولا يجب أداؤها بل يحرم فيكون ذلك قدحًا في تمام العلّة بعدم التأثير وفي جزئها بالنّقض.
فنقول
(1)
: واعترض بأنّ العلّة إذا كانت مركبة فكلّ جزء من أجزائها يكون ملغى بالنسبة إلى ذلك الحكم، وحينئذ فالكسر غير صحيح؛ لأنَّ العلّة المجموعُ، ولم يرد النقض عليه وهو ضعيف؛ لأنَّ المعترض أزال الوصف الخاص بالنّقض وألزم بالوصف العام فصار المستدل عنده معللا بالوصف العام مع الوصف الآخر فوجَّه النقضّ عليه بعد ذلك فلم يرد إلا على المجموع هذا شرح ما في الكتاب.
وتعبيره عن الكسر بأنّه عدم تأثير أحد الجزأين ونقض الآخر تعبير لم يصرح به الإمام وإنْ دلّ عليه قوله، فيكون ذلك قدحًا في تمام العلّة بعدم التأثير وفي جزئها بالنقض والأمر فيه قريب.
ومن أمثلته أيضًا أن يقال على لسان الشافعية في بيع ما لم يره المشتري: مبيع مجهول الصفة عند العاقد فلم يصحّ، كما لو قال: بعتك ثوبا
(2)
.
فيقول: المعترض ينكسر بهذا ما
(3)
إذا نكح امرأة لم يرها، فإنّه يصحّ نكاحها مع كونها مجهولة الصفة عند العاقد فهذا كسر؛ لأنّه نقض من طريق المعنى بدليل أنّ النّكاح في الجهالة كالبيع بدليل أنّ الجهل بالعين في كلّ منهما يوجب الفساد.
(1)
(فنقول) ليس في (ص).
(2)
ينظر: المهذب للشيرازي: 1/ 264.
(3)
ليس في (غ)، (ت) ينكسر بهذا إذا نكح.
وإذا أردت تنزيل هذا المثال على عبارة المصنف. قلت: خصوص
(1)
كونه مبيعًا ملغى؛ لأنَّ المرهون كذلك فبقيَ
(2)
كونه عقدًا وهو منقوضٌ بالنّكاح وليس للمعترض إيراد الوصية بدل النّكاح؛ لأنّها ليست في
(3)
معنى البيع في باب الجهالة ألا ترى أنّ شيئًا من الجهالات لا ينافيها بخلاف النّكاح؟ .
ومنها: أنْ يقال على لسان الشافعية في إيجاب الكفارة في قتل العمد: قتلُ مَن يضمن بدية أو قصاص بغير إذن شرعي فيجب كفارته كالخطأ.
فيقول المعترض: خصوص كونه يضمن بالدّية أو القصاص ملغى لأنّها تجب على السيد في قتل عبده فبقِي كونه آدميًا، وهو منقوضٌ بالحربيِّ والمرتد وقاطع الطريق والزاني المحصن ولو أنّ المستدل قال: قتل معصوم الدم لما توجه عليه كسر.
ومنها: أن يقال على لسان الشافعية: صلاةُ الجمعة صلاة مفروضة فلم تفتقر
(4)
إقامتها إلى إذن السلطان كالظهر
(5)
.
فيقول: المعترض خصوص كونها مفروضة ملغى؛ لأنَّ التطوع كذلك فبقي كونها صلاة مطلوبة وهو منقوض بصلاة الاستسقاء، وإنما قلنا
(1)
في (ت): خصوصية.
(2)
في (ت): مع كونه
(3)
في (غ)، (ت): من معنى.
(4)
تقارب نهاية اللوحتين بسبب إعادة الناسخ فقرات بكاملها لسبق النظر.
(5)
ينظر: حاشية إعانة الطالبين للدمياطي: 2/ 58، وفتح المعين للمليباري: 1/ 58.