المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قال: ‌ ‌(الخامس الشبه . قال القاضي: المقارن للحكم إن ناسبه بالذات - الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي - جـ ٦

[تاج الدين ابن السبكي - تقي الدين السبكي]

فهرس الكتاب

- ‌(الكتاب الرابع: في القياس

- ‌الباب الأول: في بيان كونه حجة. وفيه مسائل:

- ‌استدل أصحابنا على حجية القياس بوجوه أربعة

- ‌أحدها: أنّ القياس مجاوزة

- ‌(الثاني: خبر معاذ وأبي موسى

- ‌(الثالث أنّ أبا بكر رضي الله عنه قال في الكلالة: أقول برأيي

- ‌(الرابع: إنّ ظنّ تعليل الحكم في الأصل بعلة توجد في الفرع

- ‌(الثانية: قال النظام والبصري وبعض الفقهاء التنصيص على العلّة أمر بالقياس، وفرَّق أبو عبد الله بين الفعل والترك)

- ‌(الثالثة: القياس إما قطعي أو ظني)

- ‌(الباب الثاني: في أركانه

- ‌(الفصل الأول: في العلّة

- ‌ اختلفت مقالات الناس في تفسيرها على مذاهب

- ‌الأول: وبه جزم المصنف واختاره الإمام(1)وأكثر الأشاعرة أنّها المعرِّف للحكم

- ‌المذهب الثاني: أنها الموجب لا لذاته بل بجعل الشارع إياه

- ‌الثالث: وهو قول المعتزلة أنّها المؤثر في الحكم بذاته

- ‌الرابع: واختاره الآمدي(1)وابن الحاجب(2)أنّها الباعث

- ‌الطرف الأول: مسالك العلة

- ‌ الأول: النص القاطع كقوله تعالى: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً}

- ‌(الثاني الإيماء:

- ‌(الثالث الإجماع

- ‌(الرابع المناسبة

- ‌(الخامس الشبه

- ‌فروع:

- ‌(السادس الدوران:

- ‌(السابع: التقسيم الحاصر

- ‌(الثامن الطرد

- ‌(التاسع تنقيح المناط

- ‌(الطرف الثاني: فيما يبطل العليّة

- ‌الأول: النقض

- ‌(الثالث الكسرُ

- ‌(الرابع القلب

- ‌(الخامس: القول بالموجب

- ‌(السادس الفرق

- ‌(الطرف الثالث في أقسام العلّة

- ‌ الأولى يستدل بوجود العلّة على الحكم لا بعليتها لأنها نسبة يتوقف عليه)

- ‌تعليلُ الحكم العدميِّ بالوصف الوجوديّ

- ‌(الثالثة لا يشترط الاتفاق على وجود العلّة في الأصل بل يكفي انتهاض الدليل عليه)

- ‌(الرابعة الشيء يدفع الحكم كالعدّة أو يرفعه كالطلاق أو يدفع ويرفع كالرضاع)

- ‌(الخامسة: العلة قد يعلل بها ضدان ولكن بشرطين متضادين)

- ‌(الفصل الثاني: في الأصل والفرع

- ‌الأول: ثبوت الحكم فيه بدليل غير القياس

- ‌الثاني: أنْ يكون ذلك الثبوت بدليل

- ‌الثالث: هو المشار إليه بقوله: "غير القياس

- ‌الشرط الرابع: أنْ لا يكون دليل الأصل بعينه دليل الفرع

- ‌الخامس: لا بد وأن يظهر كون ذلك الأصل معللا بوصف معين

- ‌السادس: أنْ لا يكون حكم الأصل متأخرا عن حكم الفرع وهو كقياس الوضوء على التيمم في اشتراطه النية

- ‌(الكتاب الخامس: في دلائل اختلف فيها

- ‌الباب الأول: في المقبولة منها

- ‌الأولى: الأصل في المنافع الإباحة

- ‌(الثاني الاستصحاب حجة خلافًا للحنفية والمتكلمين)

- ‌خاتمة:

- ‌(الثالث الاستقراء مثاله:

- ‌(الرابع أخذ الشافعي بأقلّ ما قيل إذا لم يجد دليلًا

- ‌ المناسب

- ‌(السادس فقد الدليل بعد التفحص البليغ يغلب ظنّ عدمه

- ‌(الباب الثاني: في المردودة

- ‌الأول: الاستحسان

- ‌(الثاني قيل: قول الصحابي حجة

الفصل: قال: ‌ ‌(الخامس الشبه . قال القاضي: المقارن للحكم إن ناسبه بالذات

قال: ‌

‌(الخامس الشبه

. قال القاضي: المقارن للحكم إن ناسبه بالذات كالسكر للحرمة فهو المناسب أو بالتبع كالطهارة لاشتراط النيّة فهو الشبه وإن لم يناسب فهو الطرد كبناء القنطرة للتطهير.

وقيل: ما لم يناسب إن علم اعتبار جنسه فهو المناسب. وإلا فالطرد).

اسم الشبه

(1)

ينطلق على كلّ قياس فإنّ الفرع يلحق بالأصل بجامع لشبَهِه

(2)

فيه، فهو إذن تشبيه، ولكن اصطلح على تسمية بعض الأقيسة به

(3)

، وقد اختلف في تعريف الشبه المصطلح على مقالات ذكر منها المصنف مقالتين:

الأولى: مقالة القاضي أبي بكر وهي

(4)

: مقتضى إيراد إمام الحرمين في البرهان

(5)

أنّ الوصف المقارن للحكم إمّا أنْ يناسبه بالذات فهو المناسب كالسكر للتحريم إذ السكر مناسب بالذات لتحريم المسكر أو لا.

= الشرعية ومن جوز ذلك فهو مخالف لأهل السنة مائل إلى أقاويل المعتزلة في أصولهم".

(1)

في (ص): الشبيه.

(2)

في (ص): يشبهه.

(3)

كقياس الدلالة. قال إمام الحرمن: ". . . . وهذا القسم سماه بعض المتأخرين قياس الدلالة من حيث إنه يتضمن شبيها دالا على المعنى". ينظر: البرهان: 9/ 867، والإحكام للآمدي: 3/ 425.

(4)

في (ص): وهو.

(5)

ينظر: البرهان: 2/ 870 - 877.

ص: 2357

فإمّا أن يناسبه بالتبع أي بالالتزام فهو الشبه كالطهارة لاشتراط النيّة فإنّ الطهارة من حيث هي لا تناسب اشتراط النيّة لكن تناسبها من حيث إنّها عبادة والعبادة مناسبة لاشتراط النية

(1)

.

أو لا يناسبه مطلقًا فهو الطرد، وهو حكم لا يعضده معنى ولا شبه، كقول بعضهم الخلّ مائع لا تُبْنَى القنطرة على جنسه، فلا تزال النجاسة به كالدّهن فكأنّه علل إزالة النجاسة بالماء بأنّه تبنى القنطرة على جنسه، واحترز عن الماء القليل وإن كان لا تُبنى القنطرة عليه، لأنّه يبنى على جنسه فهذه علّة مطردة لا نقض عليها، وليس فيها خصلة سوى الاطراد، ونعلم أنّها لا تناسب الحكم ولا تستلزم ما يناسبه، فإنّا نعلم أنّ الماء جعل مزيلًا للنجاسة لخاصية

(2)

وعلل وأسباب يعلمها الله تعالى وإن لم نعلمها، ونعلم أنّ بناء القنطرة مما لا يوهم الاشتمال عليها ولا يناسبها، وقد علم من هذا التقسيم أنّ الشبه هو الوصف المقارن للحكم المناسب له بالتبع، دون الذّات.

وإنْ شئت قلت: المستلزم لما يناسبه وهو الذي نقلوه عن القاضي كما عرفت والذي رأيته في مختصر التقريب والإرشاد من كلامه أنّ قياس الشبه هو

(3)

إلحاق فرعٍ

(4)

بأصلٍ؛ لكثرة أشباهه للأصل

(1)

(لكن تناسبها من حيث إنها عبادة والعبادة مناسبة لاشتراط النية) ساقط من (غ).

(2)

في (ص): بخاصة.

(3)

(هو) ليس في (ص).

(4)

في (ت): نوع.

ص: 2358

في الأوصاف من غير أنْ يعتقد أنّ الأوصاف التي شابه الفرع فيها الأصل علّة حكم الأصل

(1)

.

المقالة الثانية: أنّ الوصف الذي لا يناسب الحكم إنْ علم اعتبار جنسه القريب في الجنس القريب لذلك الحكم فهو الشبه؛ لأنّه من حيث كونُه غير مناسب يظنّ

(2)

عدم اعتباره ومن حيث إنّه عرف تأثير جنسه القريب

(3)

في الجنس

(1)

ينظر: التلخيص: 3/ 235 - 236.

(2)

في (ت): فظنّ.

(3)

الجنس القريب: سبق وأن عرفنا الجنس، وبقي أن نقول أنه ينقسم إلى أقسام منها: الجنس القريب والجنس البعيد. يقول المناوي في التوقيف على مهمات التعاريف ص 264: "الرسم التام ما تركب من الجنس القريب والخاصة كتعريف الإنسان بالحيوان الضاحك الرسم الناقص ما يكون بالخاصة وحدها أو بها وبالجنس البعيد كتعريف الإنسان بالضاحك، وبالجسم الضاحك وبعرضيات تختص جملتها بحقيقة كقولنا في تعريف الإنسان إنه ماش على قدميه عريض الأظفار بادي البشرة مستقيم القامة ضحاك بالطبع".

قال الرازي في المحصول: 2/ ق 2/ 228 "ثم أعلم أنّ للجنسية مراتب فأعم أوصاف الأحكام كونها حكما ثم ينقسم الحكم إلى تحريم وإيجاب وندب وكراهة والواجب ينقسم إلى عبادة وغيرها والعبادة تنقسم إلى الصلاة وغيرها والصلاة تنقسم إلى فرض ونفل فما ظهر تأثيره في الفرض أخص مما ظهر تأثيره في الصلاة وما ظهر تأثيره في الصلاة أخص مما ظهر تأثيره في العبادة وكذا في جانب الوصف أعم أوصافه كونه وصفا تناط به الأحكام حتى تدخل فيه الأوصاف المناسبة وغير المناسبة" وينظر: نهاية السول مع حاشية بخيت: 4/ 97، والمدخل لابن بدران: ص 329، وروضة الناظر: 2/ 304.

ص: 2359

القريب

(1)

للحكم مع أنّ غيرَه من الأوصاف ليس كذلك لظنِّ أنَّه أولى بالاعتبار وتردد بين أنْ يكون معتبرًا أو لا يكون، وإن لم يعلم اعتبار جنسه القريب في الجنس القريب للحكم فهو الطرد

(2)

.

وعلم من هذا التقسيم أنّ الشبه هو الوصف الذي لا يكون مناسبًا للحكم المعلوم اعتبارُ جنسه القريب في الجنس القريب للحكم.

ومثال هذا: إيجاب المهر بالخلوة على القديم

(3)

، فإنّ الخلوة لا تناسب وجوب المهر؛ لأنَّ وجوبه في مقابلة الوطء إلّا أنّ جنس هذا الوصف وهو كون الخلوة مظنّة للوطء معتبرًا في جنس الوجوب وهو الحكم بتحريم الخلوة بالأجنبية.

واعلم أنّ تعبير المصنف عمّا ليس بمناسب ولا مستلزم للمناسب بالطرد، موافق

(4)

لعبارة الإمام

(5)

وأتباعه ومن قبلهم إمام الحرمين

(6)

(1)

(في الجنس القريب) ليس في (ت).

(2)

ينظر: الإحكام للآمدي: 3/ 425 - 426، وسيأتي تعريف الطرد قريبًا في مسالك العلّة.

(3)

قال الغزالي في الوسيط: "ولا يتقرر كمال المهر إلا بالوطء. . . فأما الخلوة، فلا تقرِّر على الجديد من القولين، ومنهم من قطع بأن الخلوة لا تقرر وجها واحدا، وحمل نص القديم على أن الخلوة تؤثر في جعل القول قولها إذا تنازعا في الوطء؛ لأجل التقرير" ينظر: الوسيط: 5/ 226، ومختصر المزني: ص 13.

(4)

في (غ)، (ت): هو موافق.

(5)

ينظر: المحصول للرازي: 2/ ق 2/ 305.

(6)

ينظر: البرهان لإمام الحرمين: 2/ 788.

ص: 2360

والغزالي

(1)

وغيرهما، وعبّر عنه الآمدي بالطردي

(2)

بزيادة الياء، وهو أحسن، فإنّ الطرد

(3)

عند المصنف من جملة طرق العلّة كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

قال (واعتبر الشافعي رضي الله عنه المشابهة في الحكم.

وابن عليّة في الصورة.

والإمام ما يظن استلزامه.

ولم يعتبر القاضي مطلقًا).

المختارُ أنّ قياس الشبه

(4)

حجّة والخلاف فيه مع القاضي أبي بكر، والصيرفي، وأبي إسحاق المروزي

(5)

، وأبي إسحاق الشيرازي، فإنّهم لم

(1)

ينظر المستصفى للغزالي: 2/ 307.

(2)

ينظر: الإحكام للآمدي: 3/ 426.

(3)

في (ت): فإن الياء.

(4)

قياس الشبه: قال ابن قدامة في الروضة 2/ 312: "فصل في قياس الشبه واختلف في تفسيره ثم في أنه حجة؛ فأمّا تفسيره فقال القاضي يعقوب: هو أن يتردد الفرع بين أصليين حاظر ومبيح مثلا ويكون شبهه بأحدهما أكثر نحو: أن يشبه المبيح في ثلاثة أوصاف ويشبه الحاظر في أربعة فلنلحقه بأشبههما به. ومثاله تردد العبد بين الحر وبين البهيمة في أنه يملك فمن لم يملكه قال: حيوان مجوز بيعه ورهنه وهبته وإجارته وإرثه أشبه بالدابة".

(5)

هو إبراهيم بن أحمد المروزي الفقيه الشافعي الأصولي، تفقه على أبي العباس بن سريج، ونشر مذهب الشافعي في العراق، انتهت إليه طريقة العراقيين والخراسانيين في المذهب الشافعي، له شرح على مختصر المزني، توفي رحمه الله سنة (340 هـ) =

ص: 2361

يعتبروه وأنكروا حجيته، ولكن هو عند القاضي صالح لأنْ يُرَجح به

(1)

كما ذكر في باب ترجيح العلل من التقريب

(2)

.

ثمّ القائلون بأنّه حجّة اختلفوا في أنَّه في ماذا يعتبر؟ فاعتبر الشافعي رضي الله عنه المشابهة في الحكم ولهذا ألحق العبد المقتول بسائر المملوكات في لزوم قيمته على القاتل، بجامع أنّ كلّ واحد منهما يباع ويشترى

(3)

.

ومن أمثلته: أنْ نقول في الترتيب في الوضوء عبادة يبطلها الحدث فكان الترتيب فيها مستحقًا، أصله الصلاة، فالمشابهة في الحكم الذي هو البطلان بالحدث، ولا تعلق له بالترتيب وإنّما هو مجرد شبه.

= بمصر، ودفن عند الشافعي.

ينظر ترجمته في: تهذيب الأسماء واللغات: 2/ 185، وطبقات الشافعية للإسنوي: 2/ 375 - 376، وسير أعلام النبلاء: 15/ 429 - 430.

ومما ينبغي أن ننبه عليه في هذا المقام من باب تعميم الفائدة:

أنه حيث أطق أبو إسحاق في المذهب الشافعي فالمراد به المروزي المترجم له آنفًا.

وإذا قيد الكنية بلفظ الشيخ فالمراد به الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي صاحب المهذب. وإذا قيد الكنية بلفظ الأستاذ فالمراد به الأستاذ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الإسفراييني وهو الأصولي المشهور.

(1)

(به) ليس في (غ).

(2)

ينظر: التلخيص للجويني: 3/ 325 حيث قال "ومنها الترجيح بكثرة الأشباه على ما قدمناه في أقسام القياس وإلا ظهر أنا وإن لم نجوز التمسك به ابتداءً، فيجوز الترجيح به".

(3)

قال الشافعي في الأم: 6/ 23 "قال الشافعي: وهكذا لو أن حرا وعبدا قتلا عبدا عمدا كان على الحر نصف قيحمة العبد المقتول وعلى العبد القتل".

ص: 2362

ومنها: الأخ لا يستحق النفقة

(1)

على أخيه؛ لأنّه لا تحرمُ منكوحة أحدهما على الآخر، فلا يستحق النفقة كقرابة بني العمّ.

واعتبر ابن علية

(2)

المشابهة في الصورة دون الحكم ومقتضى ذلك قتل الحرّ بالعبد وهذا ما نقله إمام الحرمين في البرهان عن أبي حنيفة في إلحاقه التّشهد الثاني بالأوّل في عدم الوجوب حيث قال: تشهد فلا يجب كالتّشهد الأوّل

(3)

فكذلك قوله: يقتل الحرِّ بعبد

(4)

الغير

(5)

.

وعن أحمد أيضا في إلحاقه الجلوس الأوّل بالثاني في الوجوب، حيث قال: أحد الجلوسين في الصلاتين فيجب كالجلوس الأخير

(6)

.

وقال الإمام: المعتبر حصول المشابهة فيما يظنّ أنَّه مستلزم لعلّة الحكم

(1)

في بقية النسخ: التقدم.

(2)

هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي بالولاء، البصري، أبو بشر، ولد سنة 110 هـ، وكان من أكابر حفاظ الحديث، كوفي الأصل، ثقة مأمون، وَلِيَ صدقات البصرة، ثم المظالم ببغداد في آخر خلافة هارون الرشيد وتوفي بها سنة 193 هـ وكان يكره أن يقال له ابن علية وهي أمه.

ينظر ترجمته في: طبفات ابن أبي يعلى: 1/ 99 - 102، تاريخ بغداد: 6/ 229، تهذيب التهذيب: 1/ 275 - 279.

(3)

ينظر: البرهان: 2/ 861

(4)

(تشهد فلا يجب كالتّشهد الأوّل فكذلك قوله يقتل الحر بعبد) ساقط في (غ).

(5)

ينظر: بدائع الصنائع للكساني: 7/ 232.

(6)

ينظر: الروض المربع: ص 59.

ص: 2363

أو علة

(1)

للحكم فمتى كان كذلك صحّ القياس سواء كانت المشابهة في الصورة أو المعنى

(2)

.

واعلم أنّ صاحب الكتاب لم يصرّح بذكر قياس عليّة الأشباه، وهو أنْ يكون الفرع مترددًا بين أصلين لمشابهته لهما، فيلحق بأحدهما لمشابهته له في أكثر

(3)

صفات مناط الحكم، ولعله ظنّه قسمًا من قياس الشبه، أو هو هو، وهو ظنّ صحيح، فالنّاس فيه على هذين الاصطلاحين ولم يقل أحدٌ إنّه قسيم للشبه، بل إمّا قسم منه أو هو هو، وحينئذ يكون قضية كلام المصنف بقوله: ولم يعتبر القاضي مطلقًا أنّ الخلاف جار فيه. وهذا الذي اقتضاه كلام المؤلف صحيح

(4)

(1)

في (ت): علم.

(2)

ينظر: المحصول: ج 2/ ق 2/ 279.

(3)

في (ص): أكبر.

(4)

لكن الإسنوي حين ذكر مخالفة القاضي الباقلاني في الشبه وفي قياس الأشباه. اعترض على البيضاوي في توهمه كلام الإمام، كما اعترض على كثير من الشراح الذين لم يفهموا كلامه وحملوه على غير محمله.

يقول الإسنوي في نهاية السول 4/ 12 - 115: "وقد أخذ الشارحون بظاهره فصرحوا به وليس كذلك فقد صرح الغزالي في المستصفى بأنّ قياس الأشباه ليس فيه خلاف، لأنه متردد بين قياسين مناسبين، ولكن وقع التردد في تعيين أحدهما. . . وكلام المحصول لا يرد عليه شيء فإنه نقل خلاف القاضي في الشبه خاصة، ولكن الذي أوقع المصنف في الوهم أن الإمام بعد فراغه من تفسير الشبه، قال: واعلم أن الشافعي رحمه الله يسمى هذا قياس غلبة الأشباه، وهو أن يكون الفرع واقعًا بين أصلين إلى آخر ما قال، فتوهم المصنف أنه أشار بقوله هذا إلى ما تقدم من تفسير قياس الشبه وليس كذلك بل هو إشارة إلى وقوع الفرع بين أصلين".

ص: 2364

واقتضاه كلام غيره وقد صرّح به القاضي في مختصر التقريب والإرشاد لإمام الحرمين

(1)

.

والذي تحصّل لي من كلامه في هذا الكتاب: أنّ في قياس الشبه مذاهب:

أحدها: بطلانه.

والثاني: اعتباره.

ثمّ قال: إنّ ذلك يؤثر عن الشافعي رضي الله عنه ولا يكاد يصحّ عنه مع علو رتبته في الأصول

(2)

.

وهذا الذي قاله القاضي قاله الشيخ أبو إسحاق في شرح اللمع، وقال: كلام الشافعي متأولٌ محمولٌ على قياس العلّة، فإنّه ترجح بكثرة الأشباه، ويجوز ترجيح العلل بكثرة الأشباه

(3)

.

ثم قال القاضي: وأجمع القائلون بقياس الشبه على أنَّه لا يصار إليه مع إمكان المصير إلى قياس العلّة.

والثالث: أنّه لا يعمل بالشبه إلا بشرطين.

أحدهما: ما ذكرناه من عدم إمكان المصير إلى قياس العلّة.

والثاني: أنْ يجتذب الفرع أصلان، فيلحق بأحدهما

(1)

ينظر التلخيص لإمام الحرمين: 3/ 236.

(2)

ينظر التلخيص لإمام الحرمين: 3/ 237.

(3)

ينظر: شرح اللمع للشيرازي: 2/ 814.

ص: 2365

بعليّة الأشباه.

قال: وممّا اختلفوا فيه أنْ قال بعضهم الأشباه الحُكْمية أولى، ثمّ الأشباه الراجعة إلى الصيغة

(1)

. وذهب

(2)

آخرون: إلى أنَّه لا فرق بينهما

(3)

.

وهذان مذهبان لم يتقدم لهما حكاية؛ لأنَّ الذي تقدّم أنّ الشافعي يعتبر الحكم وغيره الصورة، والإمام ما يظنّ استلزامه. وهذان القولان متفقان

(4)

على اعتبار الحكم والصفة، وإنّما الخلاف عند القائلين بهما في أنّ الحكم أولى أو أنّهما مستويان.

وبهما

(5)

يحصل في

(6)

قياس الشبه سبعةُ مذاهب: -

أحدها: بطلانه.

والثاني: اعتباره في الحكم ثم الصورة.

والثالث: اعتباره فيهما على حد سواء.

والرابع: اعتباره في الحكم فقط.

والخامس: اعتباره في الصورة فقط.

والسادس: فيمّا يظن استلزامه للعلّة.

(1)

في (ص): الصفة.

(2)

في (ت): ومذهب آخرون.

(3)

ينظر: التلخيص لإمام الحرمين: 3/ 238.

(4)

في (غ): متيقنان.

(5)

في (ص): ولهما.

(6)

في (ت): من قياس.

ص: 2366

والسابع اعتبار قياس عليّة الأشباه دون غيره.

ورأيت نصّ الشافعي رضي الله عنه في الأمّ في باب اجتهاد الحاكم وهو بعد باب الأقضية

(1)

وقبل باب التثبيت في الحكم وغيره، قال رضي الله عنه ما نصه: والقياس قياسان: أحدهما يكون في معنى الأصل

(2)

، فذاك الذي لا يحلّ لأحد خلافه، ثمّ قياس أنْ يشَبّه الشيء بالشيء من الأصل، والشيء من الأصل غيرُه، فيشبه هذا بهذا

(3)

الأصل ويشبه غيره بالأصل غيره.

قال الشافعي: وموضع الصواب فيه عندنا - والله أعلم - أنْ ينظر فأيّهما كان أولى بشبهه صيّره إليه إنْ أشبه أحدهما في خصلتين والآخر في خصلة ألحقه بالذي هو أشبه في خصلتين انتهى هذا لفظه بحروفه. وهذا الباب في مجلد ثامن من الأمّ من أجزاء تسعة

(4)

.

واعلم أنّ القاضي بنى قياس الشبه على أنّ المصيب واحد من المجتهدين أو كلّ مجتهد مصيب، وقال: إن كنت تذّب عن القول بأنّ المصيب واحد من المجتهدين، فالأولى بك إبطال قياس الشبه. وإن قلنا: بتصويبهم فلو غلب على ظنّ المجتهد حكم من قضية اعتبار الأشباه، فهو مأمور به قطعًا عند الله تعالى

(5)

.

(1)

في (ت): باب في الأقضية.

(2)

(الأصل) ليس في (ص).

(3)

في (ت): هذا هذا الأصل.

(4)

ينظر الأم للشافعي: 7/ 94.

(5)

ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 81 - 88.

ص: 2367

قال إمام الحرمين: وأومأ، يعني القاضي إلى أنّ

(1)

ردّ قياس الشبه والقول به، لا يبلغ إلى القطع وهو من مسائل الاحتمال

(2)

.

قال: وهذا فيه

(3)

نظر عندنا، فإنّ

(4)

الأليق بما مهّده من الأصول أن يقال: كلّما آل إلى إثبات دليل من الأدلة فيطلب فيه القطع. قال: على أنّ ما قاله من أنّ المجتهد مأمورٌ بما غلب على ظنّه سديد فيما رامه فإنّا

(5)

ربما نقول: إنّ المجتهد المتمسك بضرب من القياس إذا غلب على ظنّه شيء وفي الحادثة نص لم يبلغه، فهو مأمور قطعًا بما أدّى إليه اجتهاده وإنْ كان القياس في مخالفة النّص مردود انتهى

(6)

.

قلت: وحاصل هذا أنّ إمام الحرمين لم يوافق القاضي على أنّ المسألة ظنية، ووافقه على البناء على مسألة تصويب المجتهدين على تقدير ثبوت كونها ظنية.

وفي هذا البناء على

(7)

هذا التقدير أيضًا نظر، فإنّ قياس الشبه إنْ كان باطلًا، فكيف يغلب على ظنّ المجتهد حكم مستند إليه مع

(1)

(أنّ) ليس في (ت).

(2)

في (ت): الاجتهاد.

(3)

(فيه) ليس في (غ).

(4)

(فإن) في (غ): (فلأن).

(5)

(قاله من أنّ المجتهد مأمورٌ بما غلب على ظنّه سديد فيما رامه فإنّا) ساقط من (ت).

(6)

ينظر: التلخيص لإمام الحرمين: 3/ 242.

(7)

(مسألة تصويب المجتهدين على تقدير كونها ظنية وفي هذا البناء على) ساقط من (غ). لسبق النظر.

ص: 2368

كونه عنده باطلًا؟ ، وكيف يجوز له العمل بما هو مبني على باطل؟ ، وإن فرض حصول ظنّ مستند إليه، فلا عبرة به لبنائه على فاسد، وإنْ كان قياس الشبه صحيحًا، فهو معمول به كسائر الأدلة من غير تعلق بتصويب المجتهدين.

وقول إمام الحرمين: "إذا غلب على ظنه شيء وفي الحادثة نصّ لم يبلغه فهو مأمور به، وإن كان القياس في مقابلة النّص مردودًا" من غير ما نحن فيه؛ لأنَّ الذي غلب على ظنّه حكم مستند إلى اجتهاده، ولم يبلغه النص فغلب على ظنّه أنّ الاجتهاد الذي جاء به دليل يجب عليه العمل به بخلاف قياس الشبه، فإنّه يظنّ بطلانه فكيف يستند إليه أو يبني اجتهاده عليه؟ .

قال: (لنا أنَّه يفيد ظنّ وجود العلية فيثبت الحكم.

قالوا: ما ليس بمناسب فهو مردود بالإجماع.

قلنا: ممنوع).

احتجّ على أنّ قياس الشبه حجّة؛ بأنّه يفيد

(1)

ظنّ وجود العليّة:

إمّا على التفسير المنقول عن القاضي؛ فلأنه مستلزم للمناسب.

وإمّا على الثاني؛ فلأنه لما أثّر جنس الوصف في جنس الحكم دون غيره من الأوصاف أفاد ظنّ إسماد الحكم إليه، وإذا ثبت كونه مفيدًا للظنّ وجب العمل به.

(1)

(يفيد) ليس في (ت).

ص: 2369