المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌السادس: أن لا يكون حكم الأصل متأخرا عن حكم الفرع وهو كقياس الوضوء على التيمم في اشتراطه النية - الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي - جـ ٦

[تاج الدين ابن السبكي - تقي الدين السبكي]

فهرس الكتاب

- ‌(الكتاب الرابع: في القياس

- ‌الباب الأول: في بيان كونه حجة. وفيه مسائل:

- ‌استدل أصحابنا على حجية القياس بوجوه أربعة

- ‌أحدها: أنّ القياس مجاوزة

- ‌(الثاني: خبر معاذ وأبي موسى

- ‌(الثالث أنّ أبا بكر رضي الله عنه قال في الكلالة: أقول برأيي

- ‌(الرابع: إنّ ظنّ تعليل الحكم في الأصل بعلة توجد في الفرع

- ‌(الثانية: قال النظام والبصري وبعض الفقهاء التنصيص على العلّة أمر بالقياس، وفرَّق أبو عبد الله بين الفعل والترك)

- ‌(الثالثة: القياس إما قطعي أو ظني)

- ‌(الباب الثاني: في أركانه

- ‌(الفصل الأول: في العلّة

- ‌ اختلفت مقالات الناس في تفسيرها على مذاهب

- ‌الأول: وبه جزم المصنف واختاره الإمام(1)وأكثر الأشاعرة أنّها المعرِّف للحكم

- ‌المذهب الثاني: أنها الموجب لا لذاته بل بجعل الشارع إياه

- ‌الثالث: وهو قول المعتزلة أنّها المؤثر في الحكم بذاته

- ‌الرابع: واختاره الآمدي(1)وابن الحاجب(2)أنّها الباعث

- ‌الطرف الأول: مسالك العلة

- ‌ الأول: النص القاطع كقوله تعالى: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً}

- ‌(الثاني الإيماء:

- ‌(الثالث الإجماع

- ‌(الرابع المناسبة

- ‌(الخامس الشبه

- ‌فروع:

- ‌(السادس الدوران:

- ‌(السابع: التقسيم الحاصر

- ‌(الثامن الطرد

- ‌(التاسع تنقيح المناط

- ‌(الطرف الثاني: فيما يبطل العليّة

- ‌الأول: النقض

- ‌(الثالث الكسرُ

- ‌(الرابع القلب

- ‌(الخامس: القول بالموجب

- ‌(السادس الفرق

- ‌(الطرف الثالث في أقسام العلّة

- ‌ الأولى يستدل بوجود العلّة على الحكم لا بعليتها لأنها نسبة يتوقف عليه)

- ‌تعليلُ الحكم العدميِّ بالوصف الوجوديّ

- ‌(الثالثة لا يشترط الاتفاق على وجود العلّة في الأصل بل يكفي انتهاض الدليل عليه)

- ‌(الرابعة الشيء يدفع الحكم كالعدّة أو يرفعه كالطلاق أو يدفع ويرفع كالرضاع)

- ‌(الخامسة: العلة قد يعلل بها ضدان ولكن بشرطين متضادين)

- ‌(الفصل الثاني: في الأصل والفرع

- ‌الأول: ثبوت الحكم فيه بدليل غير القياس

- ‌الثاني: أنْ يكون ذلك الثبوت بدليل

- ‌الثالث: هو المشار إليه بقوله: "غير القياس

- ‌الشرط الرابع: أنْ لا يكون دليل الأصل بعينه دليل الفرع

- ‌الخامس: لا بد وأن يظهر كون ذلك الأصل معللا بوصف معين

- ‌السادس: أنْ لا يكون حكم الأصل متأخرا عن حكم الفرع وهو كقياس الوضوء على التيمم في اشتراطه النية

- ‌(الكتاب الخامس: في دلائل اختلف فيها

- ‌الباب الأول: في المقبولة منها

- ‌الأولى: الأصل في المنافع الإباحة

- ‌(الثاني الاستصحاب حجة خلافًا للحنفية والمتكلمين)

- ‌خاتمة:

- ‌(الثالث الاستقراء مثاله:

- ‌(الرابع أخذ الشافعي بأقلّ ما قيل إذا لم يجد دليلًا

- ‌ المناسب

- ‌(السادس فقد الدليل بعد التفحص البليغ يغلب ظنّ عدمه

- ‌(الباب الثاني: في المردودة

- ‌الأول: الاستحسان

- ‌(الثاني قيل: قول الصحابي حجة

الفصل: ‌السادس: أن لا يكون حكم الأصل متأخرا عن حكم الفرع وهو كقياس الوضوء على التيمم في اشتراطه النية

قال: (غير متأخر عن حكم الفرع دليل سواه).

‌السادس: أنْ لا يكون حكم الأصل متأخرا عن حكم الفرع وهو كقياس الوضوء على التيمم في اشتراطه النية

؛ لأنَّ التعبد بالتيمم إنما ورد بعد الهجرة والتعبد بالوضوء كان قبله

(1)

.

قال المصنف تبعا للإمام

(2)

وهذا يستقيم إذا لم يكن للفرع دليل سوى القياس على ذلك الأصل المتأخر؛ لأنَّ قبل ذلك المتأخر، إن كان الحكم ثابتا في الفرع مع أنَّه لا دليل عليه سوى القياس عليه، لزم تكليف ما لا يطاق، وأمَّا إذا كان عليه دليل آخر سوى القياس عليه فيجوز كونه متأخرًا لزوال المحذور المذكور، وترادف الأدلة على المدلول الواحد جائز مليح وكتب الأصوليين إلا من نحا نحو الإمام ساكتة عن هذا التفصيل

(3)

.

ولقائل أنْ يقول: إذا كان للفرع دليل آخر سواه فكيف يكون هذا الذي سميتموه بالأصل أصلًا له وهو لم يتفرع عنه ولم ينبن عليه؟

نعم، هو صالح لأنْ يكون أصلًا، بمعنى أنَّه لو لم يوجد حكمة المستند إلى غير هذا الأصل لوجد مستندا إليه.

= السول: 3/ 120، وشرح المنهاج للأصفهاني: 2/ 743.

(1)

ينظر: المصادر نفسها.

(2)

ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 486.

(3)

ينظر: نهاية الوصول للصفي الهندي: 7/ 3189، والمعتمد: 2/ 806، والمستصفى: 2/ 231، وكشف الأسرار: 3/ 330، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 486.

ص: 2580

قال: (وشرط الكرخي عدم مخالفة الأصول أو أحد ثلاثة: التنصيص على العلة والإجماع على التعليل مطلقا وموافقة أمور أخر والحق أنَّه يطلب الترجيح بينه وبين غيره)

جعل الكرخي من شروط الأصل كونه غير مخالف في الحكم للأصول الثابتة في الشرع، أو وجدان أحد أمور ثلاثة على تقدير مخالفته لها.

أولها: تنصيص الشارع على علّة ذلك الحكم. قال: فإن التنصيص على عليته كالتصريح بوجوب القياس عليه.

وثانيها: إجماع الأمّة على تعليل ذلك ولا يضر مع هذا الإجماع أن يختلفوا في علته وإلى هذا أشار المصنف بقوله مطلقًا.

وثالثها: أنْ يكون القياس عليه موافقًا للقياس على أصول أخر كالتحالف عن اختلاف المتبايعين في قدر الثمن إذا لم يكن لأحد منهما بينة فإنه وإن كان مخالفا لقياس الأصول لأنَّ قياس الأصول يقتضي قول المنكر إذ الأصل عدم شغل ذمته بما يدعيه البائع من القدر الزائد لكن ثم أصل آخر يوافقه وهو أنّ المشتري ملك المبيع عليه فالقول قول من ملك عليه، أصله الشفيع من المشتري إذا اختلفا في قدر ثمن الشقص فإن القول قول المشتري لأنَّ الشفيع يملك عليه الشقص ولذلك قسنا في التحالف على الاختلاف ثمن المبيع ما عدا المبايعات من عقود المعاوضات كالسلم والإجازة والمساقاة والقراض والجعالة والصلح عن الدم والخلع والصداق والكتابة.

ص: 2581

وذهب أكثر أصحابنا

(1)

وبعض الحنفية

(2)

إلى جواز القياس على ما خالف قياس الأصول مطلقًا

(3)

.

والمختار عند المصنف تبعا للإمام أنَّه يطلب الترجيح بين ذلك الأصل وبين غيره من الأصول المخالفة له ويلحق الفرع بالراجح منهما

(4)

.

هذا شرح ما في الكتاب والموضع يزيد بسطة في الكلام.

وقد أحسن الغزالي في هذا الفصل ونحن لا نعتد بكلامه فنقول من شروط حكم الأصل أن لا يكون خارجا عن قاعدة القياس وهذا مما أطلق وهو محتاج إلى تفصيل فاعلم أنّ وصف الحكم بهذه الصفة باعتبارات.

الأول: القاعدة المستفتحة المشروعة ابتداء من غير أنْ تقطع عن أصل آخر التي لا يعقل معناها فلا يقاس عليها لتعذر العلة.

قال الغزالي: فيسمى هذا خارجا عن القياس تجوزًا إذ معناه أنه ليس منقاسا؛ لأنّه لم يدخل في القياس حتى يخرج عنه ومثاله المقدرات في أعداد الركعات ونصب الزكوات ومقادير الحدود والكفارات وجميع التحكمات

(1)

ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 489، ونهاية السول للإسنوي: 4/ 321، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 7/ 3194.

(2)

ينظر: فواتح الرحموت: 2/ 250.

(3)

وهو رأي الحنابلة أيضًا في القول الراجح عندهم. ينظر: المسودة: ص 399، والمدخل: ص 315، والروضة: 2/ 331 - 333.

(4)

ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 489.

ص: 2582

المبتدأة التي لا ينقدح فيها معنى

(1)

.

الثاني: ما استثني عن قاعدة عامة ولا يعقل معناه من غير أنْ تنسخ تلك القاعدة فلا يقاس عليه أيضًا لأنّه فهم ثبوت الحكم في المستثنى على الخصوص وفي القياس إبطال الخصوص مثل تخصيصه عليه الصلاة والسلام خزيمة

(2)

بقبول شهادته وحده

(3)

وتخصيص أبي بردة في

(1)

ينظر: المستصفى: 2/ 328، والإحكام للآمدي: 3/ 286، ومختصر ابن الحاجب مع شرح العضد: 2/ 211، وشرح الكوكب المنير: 4/ 21، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 7/ 3191.

(2)

هو خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة الأنصاري أبو عمارة صحابي، من أشراف الأوس في الجاهلية والإسلام. ينظر: الإصابة: 1/ 425، وصفة الصفوة: 1/ 293.

(3)

الحديث أخرجه أبو داود في سننه: ص 555، كتاب الأقضية (18) باب إذا علم الحاكم صدق الشاهد الواحد يجوز له أن يحكم به (20) رقم الحديث (3607)، وأخرجه النسائي في سننه كتاب البيوع (44) باب التسهيل في ترك الإشهاد على البيع (8) رقم الحديث (4651) 7/ 301. وأخرجه أحمد في المسند: 5/ 215، 216 إسناده صحيح. وأخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب البيوع 2/ 17 - 18 وقال هذا حديث صحيح الإسناد ورجاله ثقات ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وأخرجه البيهقي في كتاب الشهادات باب الأمر بالإشهاد: 10/ 145.

وقصته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى ناقة من أعرابي وأوفاه ثمنها، ثمّ جحد الأعرابي استيفاءه، وجعل يقول: هلم شهيدًا فقال عليه الصلاة والسلام: من يشهد لي فقال خزيمة بن ثابت: أنا أشهد يا رسول الله أنك أوفيت الأعرابي ثمن الناقة فقال صلى الله عليه وسلم: كيف تشهد لي ولم تحضرني فقال: يا رسول الله أنا أصدقك فيما تأتيني به من خبر السماء أفلا أصدقك فيما تخبر به من أداء ثمن الناقة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من شهد له خزيمة فهو حسبه".

ص: 2583

الأضحية بالعناق

(1)

(2)

.

الثالث: ما استثني عن قاعدة لمعنى يعقل فهذا يقاس عديه، مثاله استثناء العرايا فإنه لم يرد ناسخًا لعلة الربا وإنما استثني فنقيس عليه العنب على الرطب وهذا القسم هو ما وقع فيه كلام المصنف واختلاف العلماء على الأقوال الثلاثة التي قد عرفها ولا يتجه جريان الخلاف في غيره.

والرابع: ما شرع مبتدأ غير مقتطع عن أصول أخر وهو معقول المعنى لكنه عديم النظر فلا يقاس عليه لأنّه لا يوجد له نظير خارج مما

(1)

عن البراء بن عازب قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر بعد الصلاة قال: "من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة فتلك شاة لحم" فقام بردة بن نيار، فقال: يا رسول الله والله لقد نسكت قبل أن أخرج إلى الصلاة وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب فتعجلت فأكلت وأطعمت أهلي وجيراني فقال رسول الله: "تلك شاة لحم" قال: فإن عندي عناق جذعة هي خير من شاتي لحم، فهل تجزئ عني؟ قال:"نعم ولن تجزئ عن أحد بعدك".

أخرجه البخاري في كتاب العيدين (13) باب كلام الإمام والناس في خطبة العيد (23) 1/ 334 الحديث رقم (983). وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب الأضاحي (35) باب وقتها (1) 3/ 1552 رقم (1961)

والعَنَاق: بفتح العين هي الأنثى من المعز ما لم تستكمل سنة وجمعها أعنق وعنوق. ينظر: المصباح المنير: ص 432 "عنق".

(2)

ينظر: المستصفى: 2/ 327، والإحكام للآمدي: 3/ 286، ومختصر ابن الحاجب مع شرح العضد: 2/ 211، وشرح الكوكب المنير: 4/ 21، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 7/ 3191.

ص: 2584

يتناوله النص والإجماع فالمانع من القياس فقد العلة في غير المنصوص فكأنه معلل بعلة قاصرة

(1)

.

ومثاله: رخص السفر والمسح على الخفين ورخصة المضطر في أكل الميتة وتعلق الأرش برقبة العبد وإيجاب غرة الجنين والشفعة في العقار وخاصية الإجارة والنكاح وحكم اللعان والقسامة ونظائرها.

وعدّ الغزالي من جملتها ضرب الدية على العاقلة

(2)

.

وذلك قول منه بأنها معقولة المعنى مخالف إمامه.

ويساعد ما أوردناه بحثا فيما تقدم:

(3)

فإنّ هذه القواعد متباينة المأخذ فلا يقال بعضها خارج عن قياس البعض، بلى لكل واحد معنى ينفرد به لا يوجد له نظير فليس البعض بأن يوضع أصلا ويجعل الآخر خارجا عن قياسه بأولى عن عكسه ولا ينظر فيه إلى كثرة العدد وقلته. وتحقيقه أنا نعلم أنَّه إنما جوز المسح على الخف لعسر النزع ومسيس الحاجة إلى استصحابه فلا نقيس عليه القفازين وما لا يستر جميع القدم، لا لأنَّه خارج عن القياس لكن لأنَّه لا يوجد ما يساويه في الحاجة

(1)

ينظر: المستصفى: 2/ 327، والإحكام للآمدي: 3/ 286، ومختصر ابن الحاجب مع شرح العضد: 2/ 211، وشرح الكوكب المنير: 4/ 21، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 7/ 3200.

(2)

وتعلق الأرش برقبة العبد وإيجاب غرة الجنين والشفعة في العقار وخاصية الإجارة والنكاح وحكم اللعان والقسامة ينظر: المستصفى: 2/ 327.

(3)

من هنا يبدأ كلام الغزالي.

ص: 2585

وكذا رخصة السفر ثابتة للمشقة ولا يقاس عليها مشقة أخرى لأنّه لا يشاركه غيرها في جملة معانيها ومصالحها لأنَّ المرض لا يحوج إلى الجمع بل إلى القصر وقد قصر في حقه بالرد من القيام إلى القعود ولما ساواه في حاجة الفطر سوى الشرع بينهما، وكذلك قولهم: تناول الميتة للمضطر رخصة خارجة عن القياس غلط لأنّه إن أريد بأنه لا يقاس عليه غير المضطر؛ فلأنه ليس في معناه وإلا فنقيس الخمر على الميتة والمكره على المضطر فهو مُنْقَاس، وكذلك بداية الشرع بأيمان المدعي في القسامة لشرف أمر الدم ولخاصية لا يوجد مثلها في غيره ولأنه عديم النظير وأقرب شيء إليه البضع. وقد ورد تصديق المدعي باللعان على ما يليق به وكذلك ضرب الدية على العاقلة كان ذلك رسم الجاهلية قرره الشرع؛ لكثرة وقوع الخطأ وشدَّة الحاجة إلى ممارسة السلاح، ولا نظير له في غير الدية، وهذا مما يكثر فبهذا

(1)

يعرف أنّ قول الفقهاء: تأقت الإجارة خارج عن قياس البيع والنكاح. خطأ كقولهم: تأبد البيع والنكاح خارج عن قياس تأقت المساقاة؛ فإذن هذه الأقسام الأربعة لا بد من فهم تباينها بحصول الوقوف على سر هذا الأصل

(2)

.

الخامس: ما شرع مبتدأ من غير اقتطاع عن أصول أخر وهو معقول المعنى وله نظائر وفروع فهذا هو الذي يجري فيه القياس وفي جزئياته تنافر القياسيين واضطراب آراء الجدليين

(3)

.

(1)

فبهذا، في (ت)، (غ)، (ص): وهو، والمثبت من المستصفى للغزالي: 2/ 329.

(2)

انتهى كلام الغزالي. ينظر: المستصفى: 2/ 329.

(3)

ينظر: مختصر ابن الحاجب مع شرح العضد: 2/ 211، ونهاية الوصول للصفي =

ص: 2586

قال: (وزعم عثمان البتي قيام ما يدل على جواز القياس علية وبشر المريسي الإجماع علية أو التنصيص على العلة وضعفهما ظاهر).

هذان بحثان:

الأول: لا يشترط في الأصل أنْ يقوم دليل على جواز القياس عليه بحسب الخصوصية نوعية كانت أو شخصية بل كل حكم انقدح فيه معنى مخيل غلب على الظن اتباعه فإنه يجوز أن يقاس عليه

(1)

.

والثاني: لا يشترط في الأصل انعقاد الإجماع على أنّ حكمه معللا وإن ثبت عليته بالنص

(2)

.

وخالف عثمان البتي

(3)

في الأول فزعم اشتراط قيام ما

= الهندي: 7/ 3200.

(1)

ينظر: المستصفى: 2/ 326، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 493 ونهاية الوصول للصفي الهندي: 7/ 3202.

(2)

ينظر: المعتمد: 2/ 761، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 493، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 7/ 3202.

(3)

هو أبو عمرو عثمان بن سليمان البتي، تابعي كوفي بصري، نُسب إلى ما كان يبيعه ويتاجر فيه وهي البتوت والبت: الكساء الذي يتخذ من الوبر أو الصوف كما قال الشاعر:

مَنْ يَكُ ذَا بَتٍّ فَهَذَا

بَتِّي مُقَيِّظٌ مُصَيِّفٌ مُشَتِّي

أو موضع بنواحي البصرة، أو قرية من قرى العراق وهو شيخ أهل الرأي بالبصرة توفي سنة 143 هـ.

ينظر: طبقات الفقهاء للشيرازي: ص 91، طبقات ابن سعد: 7/ 257.

ص: 2587

يدل على جواز القياس عليه بحسب الخصوصية النوعية فإن كانت المسألة من مسائل البيع مثلا فلا بد من دليل على جواز القياس في أحكام البياعات أو في النكاح فكذلك.

وخالف بشر بن غياث المريسي

(1)

في الثاني فزعم اشتراط قيام الإجماع عليه أو التنصيص على العلّة.

قال صاحب الكتاب: وضعفهما ظاهر يعني مذهب عثمان وبشر وهو كما قال فقد استعملت الصحابة رضي الله عنهم القياس من غير بحث عن ذلك وأيضا أدلة القياس مطلقة من غير تقييد باشتراط شيء مما ذكراه.

قال: (وأما الفرع فشرطه ثبوت العلة فيه بلا تفاوت وشرط العلم به والدليل على حكمه إجمالا ورد بأن الظن يحصل بدونهما).

ذكر المصنف مما اشترط في الفرع واحدًا يوافق عليه وآخرين لا يوافق عليهما

(2)

.

(1)

وهو بشر بن غياث بن أبي كريمة عبد الرحمن المريسي العدوي بالولاء. فقيه معتزلي عارف بالفلسفة تفقه على أبي يوسف صاحب أبي حنيفة ثم اشتغل بعلم الكلام، حكي عنه أقوال شنيعة ومذاهب منكرة وإليه تنسب الطائفة من المرجئة التي يقال لها المريسية من تصانيفه التوحيد والإرجاء والرد على الخوارج ولد سنة 138 هـ توفي سنة 218. ينظر: الفوائد البهية: ص 54، وشذرات الذهب: 2/ 44، وتاريخ بغداد: 7/ 56، ووفيات الأعيان: 1/ 91.

(2)

ذكر الغزالي والآمدي والصفي الهندي للفرع خمسة شروط وأوصلها صاحب البحر إلى ثمانية شروط واكتفى المصنف ببعضها:

1 -

وجود العلّة الموجودة أي قيامها ولا يشترط القطع بوجودها بل يكفي الظن.

2 -

أن تكون العلة الموجودة فيه مثل على الأصل بلا تفاوت أي بالنسبة إلى =

ص: 2588

أما الأول: فأن تكون العلّة الموجودة فيه مثل علة حكم الأصل من غير تفاوت ألبتة لا في الماهية ولا في القدر أي في النقصان.

فأمّا في الزيادة فلا يشترط إذ قد يكون في الفرع أولى كقياس الضرب على التأفيف.

والدليل على هذا الشرط أنّ القياس إثبات حكم معلوم في معلوم آخر لاشتراكهما في علّة الحكم فإذا لم توجد علّة حكم الأصل في الفرع لا يحصل إثبات حكمه فيه

(1)

.

= النقصان.

3 -

أن يساوي حكمه حكم الأصل فيما يقصد من عين أو جنس ليتأدى به مثل ما يتأدى بالحكم في الأصل. فإن كان حكم الفرع مخالفا لحكم الأصل فسد القياس.

4 -

أن يكون خاليًا عن معارض راجح يقتضي نقيض ما اقتضته على القياس.

5 -

أن لا يتناول دليل الأصل، لأنه يكون ثابتا به.

6 -

انتفاء نص أو إجماع يوافقه وهذا شرط شرطه الغزالي والآمدي.

7 -

أن لا يكون الحكم في الفرع ثابتا قبل الأصل.

8 -

وهو ما شرطه أبو هاشم دلالة دليل غر القياس على ثبوت الحكم في الفرع بطريق الإجمال، ويكون حظ القياس إبانة فيصله والكشف عن موضوعه وحكاه إلكيا الطبري عن أبي زيد أيضًا.

انتهى ملخصًا من البحر المحيط: 5/ 107 - 110. وينظر أيضًا: المستصفى للغزالي: 2/ 330، والمحصول للرازى: ج 2/ ق 2/ 497، والإحكام للآمدي: 3/ 359، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3559، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 329.

(1)

ينظر: المستصفى للغزالي: 1/ 330، والمحصول للرازى: ج 2/ ق 2/ 497، والإحكام للآمدي: 3/ 359، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3559، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 329.

ص: 2589

وأما الثاني: فشرط دلالة دليل غير القياس على ثبوت الحكم في الفرع بطريق الإجمال حتى يدل القياس عليه بطريق التفصيل.

وهذا ذكره أبو هاشم وقال: لولا أنّ الشرع ورد بميراث الجدّ جملة لما نظر الصحابة رضي الله عنهم في توريث الجدّ مع الإخوة

(1)

.

ورد المصنف هذين القولين بأنّ ظنّ ثبوت الحكم في الفرع يحصل بدون حصول هذين الأمرين والعمل بالظنّ واجب فلا يشترطان.

وردّ الغزالي على قولي أبي هاشم بأن الصحابة رضي الله عنهم قاسوا قوله: أنت عليّ حرام على الطلاق والظهار واليمين ولم يكن ورد فيه حكم لا على العموم ولا على الخصوص

(2)

وقد أهمل المصنف من شروط الفرع كون حكمه مماثلا لحكم الأصل إمّا نوعًا كقياس وجوب القصاص في النفس في صورة القتل بالمثقل على وجوبه فيها في القتل بالمحدد أو جنسا كإثبات ولاية النكاح على البنت الصغيرة بالقياس على إثبات الولاية في مالها فإن المماثلة إنما هي في جنس الولاية لا في نوعها وهذا شرط معتبر بلا شك ويدل عليه قولنا: القياس إثبات مثل حكم معلوم في معلوم

(3)

.

(1)

ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 498.

(2)

ينظر المستصفى للغزالي: 2/ 330 - 331.

(3)

ينظر هذا الشرط الذي أضافه الشارح في: الإحكام للآمدي: 3/ 359، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3559، والبحر المحيط: 5/ 108.

ص: 2590

فإن قلت: كلامكم هنا ناطق بأن كون حكم الفرع مماثلا لحكم الأصل شرط وكذا وجود العلّة فيه بلا تفاوت، وظاهر ما ذكرتم في تعريف القياس يقتضي أنهما ركنان إذ قلتم: إنّه إثبات مثل حكم معلوم في معلوم آخر لاشتراكهما في علّة الحكم وإنما يذكر في الحدّ الأركان دون الشرائط.

قلت: الذي ذكرناه هنا أنَّه شرط للفرع وما ذكرناه في التحديد يقتضي أنْ يكون ركنًا في القياس ولا امتناع في أنْ يكون الشيء ركنًا لمجموع ويكون شرطًا لبعض أجزائه كقراءة الفاتحة ركن في الصلاة وشرط لصحة القيام وكذلك التشهد بالنسبة إلى القعود بل أركان الصلاة كلها بهذه المثابة فإن بعضها شرط لصحة البعض الآخر

(1)

.

قال: (تنبيه: يستعمل القياس على وجه التلازم ففي الثبوت يجعل حكم الأصل ملزوما وفي النفي نقيضه لازما مثل لما وجبت الزكاة في مال البالغ للمشترك بينه وبين مال الصبي وجبت في ماله ولو وجبت في الحلي لوجبت في اللآلئ قياسا عليه واللازم منتفٍ فالملزوم مثله).

القياس أكثر ما يستعمل لا على وجه التلازم

(2)

، ولما اشتمل الباب

(1)

ينظر هذا الاعتراض والرد عليه في: نهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3562 - 3563.

(2)

هذا بيان أنواع الأقيسة وأصنافها وإن تقدم ذكر بعضها فنبه على قسم واحد.

وقد جعلها الصفي خاتمة بحث الأركان في القياس وجعل القسمة سداسية وأذكرها على وجه الاختصار. =

ص: 2591

على الكثير منه نبه المصنف بهذه الجملة على أنَّه لا ينحصر في ذلك بل قد يستعمل أيضًا على وجه التلازم وذلك بأنه يصرح فيه بصيغة الشرطية وذلك قد يكون في الإثبات وقد يكون في النفي فإذا استعمل في الثبوت يجعل حكم الأصل ملزومًا لحكم الفرع وحكم الفرع لازمًا والعلّة مشتركة بيانًا للملازمة حتى يلزم من ثبوت حكم الأصل حكم الفرع وإذا استعمل في النفي جعل حكم الفرع ملزومًا ونقيض حكم الأصل لازمًا والعلّة المشتركة دليلًا على الملازمة حتى يلزم في الأول من وجود اللازم وفي الثاني من نفي اللازم نفي الملزوم

(1)

.

= القسمة الأولى: القياس إما أن يكون بذكر الجامع، أو بإلغاء الفارق.

القسمة الثانية: القياس ينقسم إلى مؤثر وملائم.

القسمة الثالثة: القياس ينقسم إلى ما يكون ثبوت الحكم في الفرع مساويا لثبوته في الأصل والثاني مطلقا من غير تقييد.

القسمة الرابعة: القياس إما تكون العلّة فيه منصوصة أو مستنبطة والاستنباط لا يخلو أن يكون عن طريق المناسبة أو الإخالة أو السير والتقسيم أو الشبه أو الطرد والعكس أو الطرد فقط.

القسمة الخامسة: القياس ينقسم إلى قياس التلازم وإلى غيره، وهذا هو المقصود عند الشارح.

القسمة السادسة: القياس ينقسم إلى ما يكون الحكم في الأصل المقيس عليه ثابتا بعلتين مختلفتين.

ينظر: نهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3566 - 3571.

(1)

ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 501، 502، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3570 - 3571.

ص: 2592

مثال الأول: لما وجبت الزكاة في مال البالغ للعلة المشتركة بينه وبين مال الصبي وهي دفع حاجة الفقراء لزم أن تجب في مال الصبي ولو لم يستعمله على وجه التلازم لقلت تجب الزكاة في مال الصبي قياسًا على البالغ بجامع دفع حاجة الفقراء فجعلت في التلازم ما كان أصلا وهو مال البالغ ملزوما لما كان فرعا وهو مال الصبي والعلة المشتركة دليل الملازمة

(1)

.

ومثال الثاني: لو وجبت الزكاة في الحلي لوجبت في اللآلئ واللازم منتف لأنها بإجماع الخصمين لا تجب في اللآلئ فالملزوم الذي هو الوجوب في الحلي مثله وبيان الملازمة اشتراكهما في المشترك وهو الزينة ولو لم يستعمله على وجه التلازم لقلت لا زكاة في الحلي قياسا على اللآلئ بجامع الزينة واعلم أنّ المقدمة المنتجة في جانب الثبوت قد استعمل المصنف فيها لما لإفادتها ذلك واستعمل في المنتجة في جانب النفي لفظة (لو) لدلالتها على امتناع الشيء لامتناع غيره

(2)

.

وهذا منتهى القول في كتاب القياس والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين وحسبنا الله ونعم الوكيل.

(1)

ينظر: نهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3571، شرح المنهاج للأصفهاني: 2/ 748.

(2)

ينظر: المصدران أنفسهما.

ص: 2593

الكتاب الخامس: الأدلة المختلف فيها

ص: 2595

الباب الأول: الأدلة المختلف فيها (المقبولة منها)

ص: 2597