الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولكن استصحاب لما تيقن في الماضي وهو الأصل، وأطلق عليه اليقين مجازًا.
وقد قال أبو العباس ابن القاص: "لا يستثنى عن هذه القاعدة إلا إحدى عشرة مسألة فيترك اليقين فيها بمجرد الشك
(1)
. وقد سردناها في الأشباه والنظائر وزدنا ما أمكن مع التحري والتحرير في كلّ ذلك فلا نطول بذكره هنا"
(2)
.
قال:
(الثالث الاستقراء مثاله:
الوتر يؤدَّى على الراحلة فلا يكون واجبًا لاستقراء الواجبات وهو يفيد الظنّ، والعمل به لازم لقوله صلى الله عليه وسلم نحن نحكم بالظاهر)
الاستقراء
(3)
ينقسم إلى تام وناقص:
فأمّا التام: فهو إثبات الحكم في جزئي لثبوته في الكلي وهذا هو القياس المنطقي وهو يفيد القطع
(4)
.
= للسيوطي: ص 57.
(1)
ينظر قول ابن القاص في الأشباه والنظائر: 1/ 29.
(2)
ينظر: المصدر نفسه: 1/ 31 - 33.
(3)
الاستقراء: أحد الوسائل التي اعتمد عليها علماء المسلمين في تصنيف العلوم من نحو وعروض وفقه وحديث وتاريخ وأدب وحكم، وفي العلوم التجريبية، ومع تفجر الثورة العلمية المادية الحديثة أخذ الاستقراء دورًا أكبر في العالم الغربي وتحدّدت له مفاهيم أكثر دقة وأكثر ضبطًا من الناحية العلمية. ينظر: ضوابط المعرفة: ص 188 - 190 بتصرف.
(4)
ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 217، شرح تنقيح الفصول: ص 448، نهاية =
مثاله: كلّ جسم متحيز فإنا استقرينا جميع جزئيات الجسم وجدناها منحصرة في الجماد والنبات والحيوان وكلّ منها متحيز فقد أفاد هذا الاستقراء الحكم يقينًا في كليّ وهو قولنا: كل جسم متحيز بوجود التحيز في جميع جزئياته.
وأمّا النّاقص: وفيه كلام المصنف فهو إثبات الحكم في كلي لثبوته في أكثر جزئياته وهذا هو المشهور بإلحاق الفرد بالأعمّ والأغلب ويختلف فيه الظنّ باختلاف الجزئيات فكلما كانت أكثر كان الظنّ أغلب
(1)
.
وقد اختلف في هذا النوع واختار المصنف أنَّه حجة تبعًا لتاج الدين صاحب الحاصل
(2)
وهو ما اختاره صفي الدين الهندي
(3)
وبه نقول
(4)
.
وقال الإمام الأظهر أنَّه لا يفيد الظنّ إلا بدليل منفصل ثمّ بتقدير الحصول بكونه حجة
(5)
. وهذا يعرفك أنّ الخلاف الواقع في أنَّه هل يفيد الظنّ لا في أنّ الظن المستفاد منه هل يكون حجة؟ .
= السول للإسنوي: 3/ 133، وشرح المنهاج للأصفهاني: 2/ 759.
(1)
ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 217، وشرح تنقيح الفصول: ص 200، ونهاية السول: 3/ 133، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 4050.
(2)
ينظر: الحاصل لتاج الدين الأرموي: 2/ 1068.
(3)
ينظر: نهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 4050.
(4)
وهو رأيه في جمع الجوامع: 2/ 345.
(5)
ينظر: المحصول للرازي: ج 1/ ق 3/ 218. وتبعه صاحب التحصيل سراج الدين الأرموي: ينظر التحصيل: 2/ 331
ولقائل أن يقول: الدليل المنفصل لا يُصَير
(1)
ما لا يفيد الظنّ مفيدًا للظنّ فإن أراد بالدليل المنفصل ما يعضد
(2)
الاستقراء، فالمفيد للظنّ حينئذ هو مجموع المنفصل والاستقراء لا الاستقراء بالدليل المنفصل، وإن أراد بالدليل المنفصل
(3)
ما يدل على أنَّه مفيد للظن أو أنَّه حجّة فسوف يأتي به إن شاء الله.
وقد مثل المصنف له بقولنا: "الوتر يصلى على الراحلة" بالإجماع منّا ومن الخصم أو بالدليل الذي يدل عليه ولا شيء من الواجبات يؤدَّى على الراحلة؛ لأنّا استقرأنا القضاء والأداء من الظهر والعصر وغيرهما من الواجبات فلم نر شيئا منها يؤدى على
(4)
الراحلة، والدليل على أَنَّه يفيد الظنّ أنا إذا
(5)
وجدنا صورًا كثيرة
(6)
داخلة تحت نوع واحد وقد اشتركت في حكم ولم نر شيئا مما نعلم أنَّه منها خرج عن ذلك الحكم أفادتنا هذه الكثرة بلا ريب ظنّ أنّ ذلك الحكم وهو عدم الأداء على الراحلة في مثالنا هذا من صفات ذلك النوع وهو الصلاة الواجبة.
(1)
(لا يصير) ليس في (ت).
(2)
في (غ): ما يقصد.
(3)
(المنفصل) ليس في (غ).
(4)
الراحلة لأنا استقرأنا القضاء والأداء من الظهر. . . . . . فلم نر شيئا منها يؤدى على) ساقط من خ، ص.
(5)
(إذا) ليس في (ت).
(6)
في (ت): صورة كبيرة.
ومنهم من استدل عليه بأن القياس التمثيلي حجة عند القائلين بالقياس في الحكم الشرعي وهو أقلّ مرتبة من الاستقراء؛ لأنّه حكم على
(1)
جزئي لثبوته في جزئي آخر والاستقراء حكم على كليّ لثبوته في أكثر الجزئيات، فيكون أولى من القياس التمثيلي ولكنّ هذا مدخول؛ لأنه يشترط في إلحاق الجزئي بالجزئي الآخر أن يكون بالجامع الذي هو علّة الحكم وليس الأمر كذلك في الاستقراء بل هو حكم على الكلّ بمجرد ثبوته في أكثر جزئياته. ولا يمتنع عقلا أنْ يكون بعض الأنواع مخالفًا للنوع الآخر في الحكم وإن اندرجا تحت جنس واحد. وإذا كان مفيدًا للظنّ كان العمل به لازمًا
(2)
.
واستدل المصنف على ذلك مما روي من قوله صلى الله عليه وسلم: "نحن نحكم بالظاهر والله متولي السرائر"
(3)
.
(1)
(على) ليس في (غ).
(2)
ينظر الاعتراض والإجابة في نهاية الوصول للصفي الهندى: 8/ 4051.
(3)
قال ابن الديبع الشيباني في كتابه تمييز الطيب من الخبيث "حديث: "أمرت أن أحكم بالظاهر والله يتولى السرائر" اشتهر بين الأصوليين والفقهاء وقد وقع في شرح مسلم للنووي في شرح قوله صلى الله عليه وسلم: "إني لم أؤمر ان أنقب عن قلوب الناس" والحديث لا وجود له في كتب الحديث المشهورة ولا الأجزاء المنثورة وجزم العراقي بأنه لا أصل له. وكذا أنكره المزي. اهـ" ص 31. قال الحافظ ابن حجر في التلخيص: 4/ 1568 "هذا حديث استنكره المزي فيما حكاه ابن كثير عنه في أدلة التنبيه". والحديث معناه صحيح حيث عقد له النسائي: بابًا خاصا في سننه أخرجه النسائي في كتاب آداب القضاء (49) باب الحكم بالظاهر رقم (5401) فقال: باب الحكم بالظاهر ثمّ أورد تحته حديث أم سلمة: "إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إليّ ولعلّ بعضكم ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق =
وهو حديث لا أعرفه
(1)
وقد سألت عنه شيخنا أبا عبد الله الذهبي فلم يعرفه.
ولو استدل بأنّ العمل بالظنّ واجب لما تقدم من الأدلة لكفاه ذلك والله أعلم.
= أخيه شيئًا فلا يأخذه إنما أقطع له قطعة من نار" متفق عليه رواه البخاري في كتاب المظالم (46) باب إثم من خاصم في باطل وهو يعلم رقم (2458)، ورواه مسلم في كتاب الأقضية (30) باب الحكم بالظاهر واللحن بالحجة (3) رقم (4).
ويشهد له أيضًا ما أخرجه البخاري من قول عمر رضي الله عنه: "إنما كانوا يؤخذون بالوحي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الوحي قد انقطع وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم" رواه البخاري في كتاب الشهادات (52) باب الشهداء العدول رقم (2641).
ويشهد له أيضًا حديث أبي سعيد المرفوع: "إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق على بطونهم" أخرجه البخاري في كتاب المغازي (64) باب بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه وخالد بن الوليد إلى اليمن رقم (1064).
وقال الحافظ ابن حجر: بعد أن أورد الإمام الشافعي رحمه الله حديث أم سلمة في كتاب القضاء من كتابه الأم: 6/ 199 قال: "فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه إنما يقضي بالظاهر وأن أمر السرائر إلى الله" فبعضهم ظنّ هذا حديثا منفصلًا فنقله كذلك، والحال أنه تفسير من الشافعي رحمه الله ولهذا يوجد هذا الحديث كثيرًا في كتب أصحاب الشافعي دون غيرهم.
ينظر: المقاصد الحسنة: ص 91، وتلخيص الحبير 4/ 1568، وكشف الخفاء: 1/ 221، وتمييز الطيب من الخبيث: ص 31، ولمزيد الفائدة يراجع هامش محقق المحصول: 1/ ق 2/ 132 - 136.
(1)
("نحن نحكم بالظاهر والله متولي السرائر" وهو حديث لا أعرفه) ساقط في (غ).