الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن قلت: لا
(1)
نسلمه ولو سلمناه فالدليل خاص بالزينة والدعوى عامة.
قلت: أمّا الأول فمبين في موضعه.
وأما الثاني فإذا دلّ على الزينة دلّ على ما لا زينة فيه من المنافع ضرورةَ أنَّه لا قائل بالفصل كما علمت.
نعم لقائل أنْ يقول الآية دالة على عدم الحرمة ولا يلزم من ذلك الإباحة إلا أن يستدل مع ذلك باللام في قوله: {أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} من حيث إنّها للاختصاص النافع على ما سلف.
فائدة: قد علمت قول الجماهير أنّ الأصل في المنافع الإباحة ولك أن تقول: الأموال من جملة المنافع، والظاهر أنّ الأصل فيها التحريم لقوله صلى الله عليه وسلم:"إن دماءكم وأموالكم"
(2)
الحديث وهو أخصّ من الدلائل المتقدمة التي استدلوا بها على الإباحة فيكون قاضيًا عليها إلّا أنَّه أصل طارئ على أصل سابق فإنّ المال من حيث كونُه من المنافع الأصل فيه الإباحة بالدلائل السابقة، ومن خصوصية الأصل فيه التحريم بهذا الحديث.
قال:
(الثاني الاستصحاب حجة خلافًا للحنفية والمتكلمين)
(1)
(لا) ليس في (ت).
(2)
هذا جزء من حديث جابر رضي الله عنه الطويل في خطة حجة الوداع. أخرجه مسلم في الصحيح 2/ 886 - 892، كتاب الحج (15) باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم (19) الحديث (147/ 1218).
الاستصحاب
(1)
يطلق على أوجه
(2)
:
أحدها: استصحاب العدم الأصلي وهو الذي عرف العقل
(3)
نفيه
(1)
الاستصحاب لغة: طلب الصحبة، والصحبة هي الملازمة، وكل شيء لازم شيئًا فقد استصحبه، يقال استصحبت الكتاب وغيره حملته صحبتي. ينظر القاموس المحيط: ص 134، المصباح المنير: ص 333 مادة "صحب".
وفي الاصطلاح: اختلفت عبارات الأصوليين في تعريفه لكن أقربها إلى الصواب - والله أعلم - تعريف الإسنوي، والأصفهاني في شرح المنهاج:"بأنه عبارة عن الحكم بثبوت أمر في الزمان الثاني، بناء على ثبوته في الزمان الأول" ينظر نهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 358، شرح المنهاج للأصفهاني: 2/ 756. كما ينظر في تعريفه وأنواعه وحجية كل نوع: كشف الأسرار: 3/ 109، والتبصرة: ص 526، والمستصفى للغزالي: 1/ 217، ولباب المحصول لابن رشيق: ص 360، والعدّة: 4/ 1262، والبرهان: 2/ 1135، والتمهيد للكلوذاني: 4/ 251، ومختصر ابن الحاجب مع شرح العضد: 2/ 284، وشرح تنقيح الفصول: ص 447، والمحصول: 2/ ق 3/ 148، وتيسير التحرير: 4/ 177، وشرح اللمع، 2/ 986، 975، وروضة الناظر بتحقيق النملة: 2/ 504، والإحكام: 4/ 172.
(2)
قال الصفي الهندي: 8/ 3955 - 3956 "أطلق الأصحاب الاستصحاب على أربعة أوجه:
أحدها: استصحاب العدم الأصلي وهذا متفق عليه.
ثانيها: استصحاب العموم إلى أن يرد تخصيص، ضرورة أنَّ العموم حجة وكذا استصحاب مقتضى النص إلى أن يرد النسخ.
ثالثها: استصحاب حكم دلّ الشارع على ثبوته ودوامه لوجود سببه كالمالك عند خصوص السبب المملك. . .
ورابعها: استصحاب حال الإجماع.
(3)
(العقل) ليس في (ت).
بالبقاء على العدم الأصلي كنفي وجوب صلاة سادسة، وصوم شوال، فالعقل يدلّ على انتفاء وجوب ذلك لا لتصريح الشارع، لكن لأنّه لا مثبت للوجوب فبقي على النفي الأصلي لعدم ورود السمع به.
والجمهور
(1)
على العمل بهذا وادعى بعضهم فيه الاتفاق
(2)
.
فإنْ قلت: قصارى دلالة الاستصحاب الظنّ وعدم وجوب الصلاة السادسة وصوم شوال قطعي، فكيف يستفاد من الاستصحاب؟ .
قلت: عدم السمعي الناقل قد يكون معلومًا كما في هذين المثالين، ويدل الاستصحاب فيه على القطع، وقد يكون مظنونًا كعدم وجوب الوتر والأضحية وزكاة الخيل والحلي
(3)
.
(1)
من المالكية والشافعية والحنابلة وأكثر الظاهرية، ومال إليه بعض الحنفية.
ينظر: المستصفى للغزالي: 1/ 218، والمحصول: 2/ ق 3/ 148، وشرح تنقيح الفصول: ص 447، وإحكام الفصول: ص 608، ومفتاح الوصول: ص 648، ومختصر ابن الحاجب مع شرح العضد: 2/ 284، والمدخل إلى مذهب أحمد: ص 133، وشرح الكوكب للفتوحي: 4/ 404، وكشف الأسرار: 3/ 377، وأصول السرخسي: 2/ 225، وميزان الأصول للسمرقندي: 658، والإحكام لابن حزم: 2/ 590.
(2)
حكى السبكي نفسه الاتفاق بين الأصحاب في هذا النوع في شرحه لمختصر ابن الحاجب رفع الحاجب: ل 270/ أ. وقال الزركشي في تشنيف المسامع: ل 129/ أ "ولا يعرف في الثلاثة [أي الصور الثلاثة] خلاف عندنا".
(3)
فحيث يجزم بنفي هذا الاحتمال وجب القطع بالنفي. ينظر: نهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3954.
والثاني: استصحاب العموم إلى أن يرد مخصص
(1)
وهو دليل عند القائلين به واستصحاب النّص
(2)
إلى أن يرد ناسخ، وهو دليل على دوام الحكم ما لم يرد النّسخ كما دلّ العقل على البراءة الأصلية بشرط أن لا يرد سمع مغير
(3)
.
الثالث: استصحاب حكم دلّ الشرع على ثبوته ودوامه
(4)
كالملك عند جريان فعل الملك وكشغل الذهة عند جريان إتلاف أو إلزام فإنّ هذا وإن لم يكن حكمًا أصليًا فهو شرعي دلّ الشرع على ثبوته ودوامه جميعًا ولولا دلالات الشرع على دوامه إلى حصول براءة الذمة لما جاز
(5)
استصحابه فالاستصحاب ليس بحجة إلا فيما دلّ الدليل على ثبوته ودوامه بشرط عدم المغير كما دلّ على البراءة العقلية وعلى الشغل السمعي وعلى الملك الشرعي
(6)
.
ومن هذا القبيل الحُكْمُ بتكرر الأحكام عند تكرر
(1)
ضرورة أنّ العموم حجة عند القائلين به. أفاده صفي الدين ينظر: نهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3955.
(2)
(النص) ليس في (ت).
(3)
ينظر: المستصفى للغزالي: 1/ 218، ولباب المحصول لابن رشيق: ص 363، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3955.
(4)
لوجود سببه. ينظر: نهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3955.
(5)
(جاز) ساقط من (ت).
(6)
ينظر: المصدر نفسه.
أسبابها كشهود رمضان ونفقات الأقارب عند مسيس الحاجات وأوقات الصلوات؛ لأنّه لما عرف حملة الشريعة قصد الشارع صلوات الله عليه إلى نصبها أسبابًا وجب استصحابها ما لم يمنع منه مانع
(1)
.
فإذن الاستصحاب عبارة عن التمسك بدليل عقلي أو شرعي وليس راجعًا إلى عدم العلم بالدليل بل إلى دليل مع العلم بانتفاء المغير أو مع ظنّ انتفاء المغير عند بذل الجهد في الطلب.
والرابع: استصحاب حال الإجماع في محل الخلاف
(2)
مثاله: من قال إنّ المتيمم إذا رأى الماء في خلال الصلاة مضى في الصلاة؛ لأنَّ الإجماع منعقد على صحة صلاته ودوامها وطريان وجود الماء كطريان هبوب الريح وطلوع الفجر وسائر الحوادث فنحن نستصحب دوام الصلاة حتّى يدل الدليل على أنّ رؤية الماء قاطعة فهذا ليس بحجة عند كافة المحققين
(3)
.
وذهب الصيرفي والمزني وأبو ثور إلى صحته وهو مذهب داود
(4)
.
(1)
المستصفى للغزالي: 2/ 222، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3956.
(2)
وهو أن تجمع الأمّة على حكم، ثمّ تتغير صفة المجمع عليه، ويختلف المجمعون فيه فهل يجب استصحاب حكم الإجماع بعد الاختلاف حتى ينقل عنه الدليل أم لا؟ أفاده أبو يعلى في العدة: 4/ 1265.
(3)
وهو اختيار أبي العباس بن سريج، وأبي بكر بن القفال، والغزالي، وهو قول الأكثر.
ينظر: التبصرة: ص 526، والمستصفى للغزالي: 1/ 223، والإحكام: 4/ 185، وتيسير التحرير: 4/ 177، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3957.
(4)
وهو قول أبي إسحاق بن شاقلا، وابن حامد من الحنابلة، وذكر الزنجاني أنه مذهب الشافعي، واختاره الآمدي ورجحه ابن القيم. ينظر: التبصرة: ص 526، =
قال الشيخ أبو إسحاق: وكان القاضي يعني أبا الطيب يقول: داود لا يقول بالقياس الصحيح وهنا يقول بقياس فاسد؛ لأنّه يحمل حالة الخلاف على حالة الإجماع من غير علّة جامعة
(1)
.
وللخصم في هذا أن يقول: أجمعنا على أنّ رؤية الماء قبل الدخول في الصلاة مبطلة فكذا بعد الدخول استصحابًا للحال وكذا إذا كان الكلام في زوال مِلك المرتد بالردة ويؤدي ذلك إلى تكافؤ الأدلة.
وهذه الأقسام الأربعة أوردها الغزالي كما ذكرناها
(2)
.
والخامس: الاستصحاب المقلوب
(3)
وهو استصحاب الحال في الماضي كما إذا وقع البحث في أنّ هذا المكيال مثلا هل كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقول القائل: نعم إذ الأصل موافقة الماضي للحال.
وكما إذا رأيت زيدًا جالسًا في مكان وشككت هل كان جالسًا فيه أمس فيقضى بأنّه كان جالسًا فيه أمس استصحابًا مقلوبًا.
= والمستصفى للغزالي: 1/ 223، والروضة: 2/ 509، والإحكام للآمدي: 4/ 185، التمهيد: 4/ 255، والعدّة: 4/ 1265. الإحكام: لابن حزم: 5/ 590، تخريج الفروع على الأصول للزنجاني: ص 73، وشرح اللمع: 2/ 987.
(1)
ينظر: شرح اللمع: 2/ 988.
(2)
ينظر: المستصفى: 1/ 223، ولباب المحصول لابن رشيق: ص 363.
(3)
ذكر السبكي هذا النوع من الاستصحاب في جمع الجوامع مع حاشية البناني: 2/ 350 - 351. وعرفه بقوله: "ثبوث الأمر في الأول لثبوته في الثاني". وينظر: الأشباه والنظائر للسبكي: 1/ 39، والآيات البينات على شرح جمع الجوامع للمحلي: 4/ 256 - 257.
واعلم أنّ الطريق في إثبات الحكم به يعود إلى الاستصحاب المعروف وذلك لأنّه لا طريق له إلا قولك: لو لم يكن جالسًا أمس لكان الاستصحاب يفضي بأنّه غير جالس الآن لكنه جالس الآن فدلّ على أنَّه كان جالسًا أمس
(1)
.
وقد قال به الأصحاب في صورة واحدة وهي ما إذا اشترى شيئًا وادعاه مدع وأخذه منه بحجة مطلقة، فإنّ الذي أطبق عليه الأصحاب ثبوت الرجوع له على البائع بل لو باع المشتري أو وهب وانتزع المال من المنتهب أو المشترى منه فإنّ للمشتري الأول الرجوع أيضًا وهذا استصحاب للحال في الماضي. فإنّ
(2)
: البيّنة لا توجب الملك ولكنّها تظهره فيجب أن يكون الملك سابقًا على إقامتها ولو بقدر لحظة لطيفة ومن المحتمل انتقال الملك من المشتري إلى المدعي ولكنّهم استصحبوا مقلوبًا وهو عدم الانتقال منه فيما مضى استصحابًا للحال.
وقال الأصحاب: فيما إذا وجدنا ركازًا مدفونًا في الأرض ولم يعرف هل هو من دفين الجاهلية أو الإسلام؟ فالمنقول عن نصه أنَّه ليس بركاز وفيه وجه أنَّه ركاز؛ لأنَّ الموضع يشهد له وعلى هذا الوجه فقد استصحبنا مقلوبًا؛ لأنّا استدللنا بوجدانه في الإسلام على أنَّه كان موجودًا قبل
(1)
هذا قياس استثنائي متصل كبراه: المقدم فيها: لو لم يكن جالسًا أمس. وتاليها: لكان الاستصحاب يفضي بأنه غير جالس الآن. والصغرى: لكنه جالس الآن (وقد رفع فيها التالي) النتيجة: فدلّ على أنّه كان جالسًا أمس (وقد رفع فيها المقدم). وينظر هذا المثال للشارح في رفع الحاجب شرح مختصر ابن الحاجب: ل 277/ ب.
(2)
في (ص): فإن قيل.
ذلك
(1)
.
إذا عرفتَ هذه الأقسام فنقول: اختلف الناس في استصحاب الحال المشار إليه في القسم الثاني والثالث وكذا الأوّل إن لم نجعله محل وفاق على مذاهب بعد اتفاقهم على أنَّه لا بد من استفراغ الجهد في طلب الدليل وعدم وجدانه.
أحدها: أنَّه حجة، وبه قال الأكثرون وهو مختار الإمام وأتباعه منهم المصنف
(2)
.
والثاني: أنّه ليس بحجة. وبه قال الحنفية
(3)
كما نقله في الكتاب تبعًا لغيره وكثير من المتكلمين
(4)
.
والثالث: ما اختاره القاضي أبو بكر في كتابه التقريب والإرشاد أنَّه حجة على المجتهد فيما بينه وبين الله تعالى فإنّه لم يكلف إلا أقصى الطلب الداخل في مقدوره على العادة فإذا فعل ذلك ولم يجد دليلًا أخذ بنفي الوجوب ولا يسمع منه إذا انتصب مسؤولًا في مجالس
(5)
المناظرة فإنّ
(1)
ينظر مسألة الركاز في فتح العزيز: 3/ 138 - 139.
(2)
ينظر: التبصرة: ص 526، والمستصفى للغزالي: 1/ 223، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 148، والإحكام: 4/ 185، وتيسير التحرير: 4/ 177، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3957.
(3)
ينظر رأي الحنفية في: أصول السرخسي: 2/ 223، وكشف الأسرار: 3/ 378، وتيسير التحرير: 4/ 177.
(4)
ينظر: المعتمد: 2/ 882.
(5)
في (ت) هو لا في مجالس.
المجتهديْن إذا تناظرا وتذاكرا
(1)
طرق الاجتهاد فما يفي
(2)
المجيب. قوله: لم أجد دليلًا على الوجوب، وهل هو في ذلك إلا مدع فلا يسقط عنه عهدة الطلبة بالدلالة؟ وهذا التفصيل عندنا حق متقبل
(3)
.
والرابع: وهو المعمول به عند الحنفية كما صرح به أصحابهم في كتبهم أنَّه لا يصلح حجّة على الغير ولكن يصلح لإبداء العذر والدفع ولذلك قالوا حياة المفقود باستصحاب الحال تصلح حجّة لإبقاء ملكه لا في إثبات الملك له في مال مورثه
(4)
.
والخامس: أنّه يصلح للترجيح فقط
(5)
.
قال: (لنا أنّ ما ثبت ولم يظهر زواله ظنّ بقاؤه، ولولا ذلك لما تقررت المعجزة لتوقفها على استمرار العادة ولم تثبت الأحكام الثابتة في
(1)
في (ت): تناظروا وتذكروا.
(2)
في (ت): نفي.
(3)
ينظر قول القاضي أبي بكر الباقلاني في: التلخيص لإمام الحرمن: 3/ 130 - 131.
(4)
وهو رأي بعض المتأخرين من الحنفية كالقاضي أبي زيد الدبوسي وأبي اليسر البزدوي إلا أنه لا يصلح حجة على الغير ولا لإثبات حكم مبتدأ ولكن يصلح لإبداء العذر والدفع. ينظر: كشف الأسرار: 3/ 378، وتيسير التحرير: 4/ 177 والتوضيح والتلويح: 2/ 101، والأشباه والنظائر لابن نجيم: ص 73.
(5)
نقله الأستاذ أبو إسحاق عن الشافعي وقال: "إنه الذي يصح عنه، لا أنه يحتج به". قال الزركشي: "ويشهد له قول الشافعي رضي الله عنه: والنساء محرمات الفروج، فلا يحللن إلا بأحد أمرين: نكاح أو ملك يمين، والنكاح ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم. قال الروياني في البحر: وهذا استدلال من الشافعي باستصحاب الحال في جميع هذه المسائل". ينظر: البحر المحيط: 6/ 19.
عهده صلى الله عليه وسلم لجواز النسخ ولكن الشك في الطلاق كالشك في النكاح ولأن الباقيّ يستغني عن سبب أو شرط جديد، بل يكفيه دوامها دون الحادث ويقل عدمه لصدق عدم الحادث على ما لا نهاية له فيكون دوامها راجحا).
استدل على حجية الاستصحاب بأوجه:
أحدها: أنّ ما علم حصوله في الزمان الأول ولم يظهر زواله ظنّ بقاؤه في الزمن الثاني ضرورة، وحينئذ فيجب العمل به لما علم من وجوب العمل بالظن
(1)
(2)
.
الثاني: أنَّه لو لم يكن حجة لما تقررت المعجزة؛ لأنّها فعل خارق للعوائد ولا يحصل هذا الفعل إلا عند تقرير العادة ولا معنى للعادة إلا العلم بوقوعه على وجه مخصوص في الحال يقتضي اعتقاد أنَّه لو وقع لما وقع إلا على ذلك الوجه وهذا عين الاستصحاب
(3)
.
(1)
(ضرورة، وحينئذ فيجب العمل به لما علم من وجوب العمل بالظن) ساقط من (ت).
(2)
ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 148، والإحكام للآمدي: 4/ 172 - 173، ومختصر ابن الحاجب مع شرح العضد: 2/ 285، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 367، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3957.
(3)
كمن خرج من داره وترك أولاده فيها على حالة مخصوصة كان اعتقاده لبقائهم على تلك الحالة التي تركهم عليها راجحًا على اعتقاده لتغير تلك الحالة. أفاده الرازي في المحصول. ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 164 - 165، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3977.
الثالث: أنَّه لو لم يكن حجة لم تكن الأحكام الثابتة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثابتة في زماننا واللازم باطل فكذا الملزوم.
ووجه الملازمة أنّ دليل ثبوت تلك الأحكام في زماننا هو اعتقاد استمرارها على ما كانت عليه وهذا هو الاستصحاب، فإذا لم تكن حجة لم يمكن الحكم بثبوتها لجواز تطرق
(1)
النسخ
(2)
.
الرابع: لو لم تكن حجة لتساوى الشك في الطلاق والشك في النكاح لاشتراكهما في عدم حصول الظنّ بما مضى وهو باطل اتفاقًا إذ يباح للشاك في الطلاق دون الشاك في النكاح
(3)
.
ولك أن تجعل هذه الأوجه الأربعة وجهًا واحدًا في الدليل فتقول: ما ثبت ولم يظهر زواله ظنّ بقاؤه وتجعل الأوجه الثلاثة دليلًا على ظنّ البقاء فتقول: لو لم يظنّ بقاؤه لما تقررت المعجزة ولم تثبت الأحكام الثابتة في عهده صلى الله عليه وسلم ولتساوى الشك في الطلاق والنكاح وعلى ذلك جرى العبري في شرحه
(4)
.
(1)
في (ت): طريق.
(2)
قال الإسنوي في نهاية السول: 3/ 131 "لجواز النسخ فإنه إذا لم يحصل الظنّ من الاستصحاب يكون بقاؤها مساويًا لجواز نسخها، فلا يمكن الجزم بثبوتها وإلا يلزم الترجيح من غير مرجح".
(3)
قال الإسنوي في نهاية السول: 3/ 132: "وحينئذ فيلزم أن يباح الوطء فيهما أو يحرم فيهما وهو باطل اتفاقًا".
(4)
ينظر: شرح العبري على المنهاج (الجزء الثاني) بتحقيق محمود حامد محمد عثمان: ص 568.
وكلام المصنف محتمل للأمرين فإنّ قوله ولولا ذلك يحتمل أن يريد ولولا حجية الاستصحاب وأن يريد ولولا ظنّ البقاء.
الخامس: أنّ الباقي لا يفتقر إلى سبب جديد وشرط جديد بل يكفيه دوام السبب والشرط أي لا يحتاج إلى مؤثر والحادث مفتقر إلى هذين فيكون الباقي راجحًا في الوجود على الحادث والعمل بالراجح واجب فيجب العمل بالاستصحاب لاستلزامه العمل بالباقي وإنما قلنا إنّ الباقي مستغن عن المؤثر؛ لأنّه لو افتقر إليه فإما أنْ يصدر منه والحالة هذه أثر أو لا وهذا الثاني محال؛ لأنّ فَرْضَ مؤثرٍ مفتقر إليه مع أنَّه لم يصدر منه أثر البتة جمع بين النقيضين والأول إن كان أثره عين ما كان حاصلا قبله فيلزم تحصيل الحاصل وإن كان غيره فيقتضي أن يكون الأثر الصادر عنه حادثًا لا باقيًا والفرض خلافه.
ولما كان افتقار الباقي إلى المؤثر يفضي إلى هذه الأقسام الباطلة كان باطلًا وأما كون الحادث مفتقرًا إليه فمتفق عليه بين العقلاء هذا تقرير الدليل المذكور
(1)
.
وعليه من الاعتراضات والأجوبة عنها ما لا يحتمل هذا الشرح ذكره.
قوله: "ويقل عدمه" هذا يصلح أن يكون دليلًا سادسًا وأنْ يكون دليلًا على أنّ الباقي راجح في الوجود على
(1)
ينظر هذه الاعتراضات والإجابة عنها في: نهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3962 - 3964.