الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شعر عبد منافِ بنِ رِبع
وقال عبد منافِ بن رِبْعٍ الجُرَبىٌّ يذكر يومَ أَنفِ (1) عاذ
ماذا يَغِير ابنتيْ رِبع عَوِيلهُما
…
لا وترقُدان ولا بُوسَى لمن رَقَدا
قال أبو سعيد: يقال فلان يَغير أهلَه ويَمير أهلَه، والمَصَدر الغَيْر والمَيْر.
يقول: فماذا يردّ عليهما. ويَغِير يجيئهما بشئ، أي بخيرٍ يُكسِبُهما أنْ يُعْوِلا. ويقول: من رقد فليس عليه بؤس، إنما البؤس على من حَزِن لسهر أو مرض. والبُؤس: الضِّيق. وعَويلُهما، من العَوْلة أي بكاؤهما؛ يقال: يُعول عل الميّتْ أي يبكى عليه ويقال: فلان يَغير أهلَه أي يَكسِب لهم. قال أبو سعيد: وقيل لحسّان بن ثابت الأنصارىّ رضي الله عنه أيُّ الناس أشعَر؟ فقال: رجل بأذُنِه، أم قَبيلُ بأسِره (2)،؟ قال: هُذَيْل فيهم نيّف وثلاثون شاعرا أو نحو ذلك، وبنو سنان مِثلُهم مرّتين ليس فيهم شاعر واحد.
كلتاهما أبطِنتْ أحشاؤها قَصَبًا
…
مِن بطنِ حَلْيةَ لا رَطْبا ولا نَقِدا
(1) قال ياقوت: أنف بلد في شعر هذيل، ثم ذكر البيتين الثالث والسابع من هذه القصيدة، وروى الشطر الأول من البيت السابع بغير ما هنا وقال: كانوا غزوا ومعهم حمار فسماه جيش الحمار. قال: وفي أخبار هذيل: خرج المعترض بن حنواء الظفرى ثم السلمى لغزو بني هذيل فوجد بني قرد (من هذيل) بأنف، وهما داران إحداهما فوق الأخرى بينهما قريب من ميل، وسماه عبد مناف بن ربع الهذلى أنف عاذ وقد ورد خبر هذا اليوم مستوفى في خزانة الأدب ج 3 ص 174 فانظره ثم. كما ورد فيها أيضا شرح لهذه القصيدة.
(2)
كذا وردت هذه العبارة في الأصل. وقد ورد فيه أمامها ما نصه: قف على قول حسان هذا: على أنه يلاحظ أنه لا مناسبة بين هذا الكلام وشرح البيت الذي نحن بصدده.
يقول: كأنّ في جوفهما لأ البكاء والحنين مزاميرَ. وحَلْية: واد. والنَقِد: الذي قد نَخِر، ومِثله قول الشاعر (1):
بَرَكَتْ على ماء الرِّداع كأنّما
…
برَكتْ على قَصَبٍ أجشَّ مهضَّمِ
ويروى مهزَّم. ومهضَّم: مكسَّر، ومثلُه قول الشاعر:
أوما ترى إبلى كأنّ صدورها
…
قصَبٌ بأيدى الزامرِين مجوَّفُ
والنَّقد: المؤتكِل. ونَقِدتْ أسنانُه تَنْقَد: ائتَكَلتْ.
إذا تَجرَّد نَوْحٌ قامتاَ معه
…
ضربا أليما بسِبتٍ يَلعج الجِلدِا
إذا تجرّد: تهيّأ. نَوْح أي نساء يَنُحن قياما نُحْنَ (2) معهنّ. والنَّوْح: النساء القيام.
وقوله: "يَلعَج" يُحرِق الجلد. ويقال: وجدتُ لاعجَ الحُزْن أي حُرْقتَه. ووجدتُ في جلدى لعْجا، أي حُرقة.
لَنِعمَ ما أَحسنَ الأبياتُ نَهنَهةً
…
أُولَى العَدِىِّ وبَعْدُ أحسَنوا الطَّرَدا
الأبيات: قوم أُغيَر عليهم فَنهَنهوا عن أنفسهم، أي ردّوا العدوّ. والنَّهْنَهة الرّدّ.
أُولَى منصوبة بقوله نهَنهة. والعَدِىّ: العاديَة، وهم الحاملة. أحسَنوا الطَّردَا أي أحسَنوا طردَهم بعد أن نَهنَهوا أُولَى العَدِىّ، ولا واحد لها. والطَّرَد هو الطّوْد عن أنفسهم.
(1) البيت لعنترة. والرداع بالكسر: واد يدفع في ذات الرئال؛ وقيل: الرداع بالضم ماء لبنى الأعرج ابن كعب بن سعد.
(2)
الصواب "ناحتا".
إذ قَدَّموا مائةً واستأخرتْ مائةٌ
…
وَفْيًا وزادوا على كلتيهما عَدَدا
وَفيا، أي تماما، أي قدَّموا مائة وأخَّروا مائة. وزادوا يريد على ما قدَّموا وأخَّروا.
صابوا بستّة أبياتٍ وأربعةٍ
…
حتى كأنّ عليهمْ جابيًا لَبِدا
صابوا أي وقعوا. قال: وهذا كقولك "صاب المطر ببلدة كذا وكذا" أي وقع بها. وقوله: حتى كأنّ عليهم جابيا لِبَدا، قال: يقال إنّ الجابىَ الجرادُ نفسُه، واللِّبَد: المتراكِب بعضُه على بعض. قال أبو سعيد: وليس الجابيء الجراد وحدَه، ولكنْ كلُّ ما طَلع فقد جَبَأ يَجْبَأُ جَبْأ. قال: وهو مِثلُ قول الشاعر:
* ولو ضَلَّ في أوصاله العَل يَرتقِى *
فالعَلُّ ها هنا القُراد، وكلّ صغير الجسم عَلُّ.
شَدُّوا على القوِم فاعتَطُّوا أَوائلَهم
…
جَيشَ الِحمارِ ولاقَوْا عارِضا بَرِدا
اعتطّوا أوائلهم، يقول: شقّقوا أوائلَ القومِ. ولاقَوا عارضا: ضربَه مَثَلا يقول: لاقَوا مثلَ عارضٍ من السماء فيه برَد؛ يقول: فجيشنا مِثلُ العارض الذي فيه بَرَد. قال أبو سعيد: وإنّما قيل له جيش الحمار لأنه كان معهم حمار يحَمِل بعضَ متاعهم. والعَطّ: الشَّق؛ ويقال: اِنعطّت مُلاءتُه.
فالطَّعْن شَغْشغةٌ والضَّرْب هَيقَعةٌ
…
ضربَ المعوِّل تحت الدِّيمة العَضَدا
شَغْشَغة: حكاية لِصوت الطعن حين يَدخل. والضَّرب هَيْقَعة حكايةٌ لصوت الضرب والوَقْع. وقوله: ضرْبَ المعوِّل، المعوِّل الّذي يبنى عالَةً، والعالة
شجر يقطعه الراعى فيَستظلّ به من المطر يكون الرجل يحتاج الى الكِنّ فيَقطع شجرةً فيضعها عل شجرتين فيستظِلّ تحتها. والعَضَد: ما قُطِع من الشجر، وجعله تحت الدِّيمة لأنّه أسمعُ لِصوتِه إذا ابتلّ.
وللقِسيِّ أزامِيلٌ وغمغَمةٌ
…
حِسَّ الجَنوب تَسوقُ الماءَ والبرَدَا
الأزامل: الصوت المختلِط (1). والغَمْغَمة: صوت مختلِط لا تفهمه. ويقال: غَمْغَة وغمَاغم؛ ويقال يغمغم غَغمةً إذا تكلّم بشئ لا يُفهَم، وحِسّ الجنوب: صوتُها. ويقال: سمعتُ حِسّا من أمرٍ رابنى. والحِسّ: الصوت. ويقال: سمعتُ له أزمَلا، ولا يقال منه فِعْل.
كأنّهمْ تحت صَيْفى له نَحَمٌ
…
مصرِّحٍ طَحَرتْ أسناؤُه القَرِدا
له نَحَم، أي صوت ينتحِم مثل نَخيم الدابّة. ومصرِّح: صرّح بالماء أي صَبّه صبّا، صار خالِصا. طَحَرتْ: دَفَعتْ القَرِد من السحاب، وهو الصّغار المتراكب بعضُه فوق بعض، والواحدة قَرِدة. وأسناؤه: جمع سَنًا، وهو ضوءه. وطَحَر عنه القَرِدَ أي نحّاه. والطَّحْر: الدَّفْع. ويقال: سَهْمٌ مِطْحَر، إذا كان شديد الدَّفْعة يعني المذهب؛ وأنشد لطَرَفة بنِ العبد:
طحُورانِ عُوّارَ القَذَى فتراهما
…
كمكحولَتَىْ مذعورةٍ أُمِّ فَرْقدِ (2)
(1) كان الأولى أن يقول: الأصوات المختلطة. أو يقول: الأزامل، جمع أزمل، وهو الصوت المختلط. وفي اللسان (مادة زمل) أن أزملة القسيَّ رنينها؛ وأنشد هذا البيت.
(2)
يصف في هذا البيت عينا نافته، ويشبهما بعينى بقرة خائفة.
حتى إِذا أسلكوهم في قُتائِدةٍ
…
شَلًّا كما تَطرُدُ الجَمّالةُ الشُّرُدا
قال أبو سعيد: الجَمّالة أصحاب الِجمال. والضَّفّاطة: التي تَحِمل البَزّ والمتاع. يقال جاءت الضَّفّاطة. والرَّجّانة التي تَحمِل الزِّمْل (1) وهي مثلُها، والزَّوْمَلة: التي تحمِل المَتاع؛ وقال الأخطَل:
وداويّةٍ قَفْرِ كأنّ نَعامَها
…
بأرجائها القُصوَى رَواجنُ هُمَّلُ
قال: تسمَّى الرُّفْقة رَجّانة إذا كانت تَحمِل المتاع. والزَّوْملة: الإبل التي تَحمِل المتاع؛ يقال: جاء فلان في زَوْملة إذا جاء في إبل تَحمِل المتاع. وقوله: رواجن هُمَّل، قال: هذه الإِبل تَحمل المتاع وقد جَرِبَتْ وطُلِيتْ بالقَطِران، فكأنّها نعام (2)، وأنْشَدنا أبو سعيد:
* ورجّانة الشام التي نال حاتمُ *
قلت: فالدَّجّانة؟ قال: هي مثلُ الرَّجّانة أيضا. قال: وحاتمٌ هذا، حاتمُ بنُ النُّعمان الباهلي. والجَمّالة: أصحاب الِجمال. والحّمارة: أصحاب الحَمير. والسَّيّافة: أصحاب السيوف. وقوله:
* حتى إذا أسلَكوهمْ في قُتائدة *
قال: قُتائدة، ثَنِيّة، وكلّ ثَنِيّة قُتائدة. وقوله: شَلًّا، قال الأصمعيّ: ليس لها جواب (3).
قال أبو سعيد: وسمعتُ خَلَفا الأحمرَ يُنشِد رَجَزا عن أبي الجودىّ:
(1) الزمل: الحمل بكسر الحاء.
(2)
مقتضى لفظ بيت الأخطل تشببه النعام بالدواجن لا تشبيه الدواجن بالنعام كما ذكره الشارح.
(3)
ليس لها جواب أي ليس لقوله "إذا" في البيت جواب. وفي خزانة الأدب ج 3 ص 173 إن الجواب محذوف لتفخيم الأمر أي بلغوا أملهم أو أدركوا ما أحبوا أو نحو ذلك. قال: وهذا هو الصواب من أقوال ثلاثة.
لو قد حَداهن أبو الجُودىِّ
…
برَجزٍ مُسْحَنْفِر (1) الهُوِيِّ
* مستوِياتٍ كنَوَى البَرْنِىَّ *
فلمَ يجعل لها جوابا. وقد يقال: إنّ قوله: "شَلَّا" جوابٌ، كأنه قال: حتى إذا أسلكوهم شَلّوهم شلا (2).
* * *
وقال يرَثى دُبَيّة (3) السُّلَمّى، وأمّه هُذَليّة (4)
ألا ليت جيشَ (5) العَيْرِ لاقَوْا كَتِيبةً
…
ثلاثين منّا صَرْعَ ذاتِ الحَفائلِ
قال أبو سعيد: صرعُها ناحيتها، والصَّرْعان: الناحيتان؛ وصَرْعا النّهار أوّله وآخره؛ ويقال للّيل والنهار: الصَّرْعان، والعَصْران. والمِصْراعان مِن هذا. وبَيْت مصرَّع إذا كانت له قافيتان، مثلُ قوله:
ألا عِمْ صَباحا أيها الطَّلل البالى
…
وهل يعِمَنْ من كان في العُصُرِ الخالى
وذات الحَفائل: موضع (6) معروف في شِعر هُذَيل.
فِدًى لبني عَمرٍو وآلِ مؤمِّل
…
غداةَ الصّباح فِديةً غيرَ باطلِ
(1) المسحنفر: الماضى السريع.
(2)
ورد في الأصل بعد هذا الكلام قوله: "تم الجزء الرابع ويتلوه الخامس".
(3)
دبية السلمى هو الذي دل بني ظفر من سليم على أخواله من هذيل يوم أنف عاذ السابق ذكره وأم دبية هذا من بنى جريب بن سعد بن هذيل، وقتل دبية في هذا اليوم مع من قتل من بنى ظفر، وكان جيش بني ظفر وهو جيش الحمار مائتين، وكانت الغارة على بني قرد من هذيل إلى آخر ما ورد في خزانة الأدب ج 3 ص 174 عن هذا اليوم من كلام طويل، فانظره ثم.
(4)
ورد في الأصل قبل قوله (وقال يرثى) الخ قوله: الجزء الخامس من أشعار الهذليين عن الأصمعى.
(5)
جيش العير، هو جيش الحمار الذي سبق الكلام عليه.
(6)
في نسخة أخرى "مكان".
فِدى لبنى عمرو، يقول: إنّما أُحبّ أن أَفديهم فِدْيةً لستُ فيها بمبطل أي ليس فيها باطل.
همُ مَنعوكْم من حُنينٍ ومائه
…
وهم أسلَكوكم أَنفَ عاذِ المَطاحِلِ
أسلَكوكمْ: حَمَلوكمْ على أن سلكتموه. عاذ المَطاحل: موضع يقال له عاذ المطاحل، وأَنشَد:
* من حَجَّ من أهل عاذٍ إنَّ لى إِربَا *
الإرْب: الحاجة.
ألا رُبّ داعٍ لا يجاب ومُدّعٍ
…
بساحة أَعْواءٍ وناجٍ مُوائلِ
مدّع، يقول: أنا ابن فلان، وأَعْواء: بلد. والْمُوائل: الّذى
…
(1) مَنْجًى ويقال: لا وألت نَفْسُك، ويقال: وأَلَ يَئِل.
وآخَرَ عُرْيانٍ تعلَّقَ ثَوْبُه
…
بأهداب غُصْن مُدْبِر لم يُقاتِلِ
يريد وآخَر مُدْبرٍ: منهزمٍ فتعلَّقَ ثوبُه بشجرةِ طَلْحْ، فترَكَه وذهب لم يَلتفت إليه لأنه مَرّ وهو هارب فشقّ ثوبَه غصن. قال: والهُدْب: ما ليس له ورقة في وسطها خطّ نحوَ الأَسَل والطَّرفاء والأَثْل وشِبْهه.
ومستلفِجٍ يَبغِى المَلاجئَ نفسَه
…
يعوذ بجَنْبَى مَرْخةٍ وجَلائلِ
(1) موضع هذه النقط كلمة ساقطة من الأصل، ولعل صواب العبارة "الذي يطلب منجى".
المستلفِج: اللاّصق بالأرض الّذى لا يستطيع البَراحَ من الهُزال وذهابِ المالِ والضعف. ويقال للرجل إذا احتاج: قد استلفَجَ وقد أَلفَجَ، وألفَجَ البعيرُ إذا ضَعف فضرَبَه مثلًا، أي هذا ضعيف. والجَلائل:(1) الثُّمام، والواحد جلِيلة، وأنشد:
ألا ليت شعرى هل أبيتن ليلةً
…
بوادٍ وحَوْلى إذخرٌ (2) وجليلُ
تركْنا ابن حَنْواءَ الجَعورِ مجدَّلا
…
لَدَى نَفَر رءوسهم كالفَياشلِ
يقول: قد طار الشَّعْر عنها وبقيتْ تبرُق، ولم يفسّر ابن حَنْواء الجعور لأنّه هجاء (3).
فيا لَهْفَتَا على ابنِ أُختِىَ لهفةً
…
كما سَقَط المنفوسُ بين القَوابل
النفوس: الذي أمّه نُفَساء؛ وهو الصبيّ؛ يقول: قد قُتِل فطُلَّ كما طُلّ هذا بين القوابل. يقول: هَلَك بيننا ولم نشعرْ كما هلكَ المولودُ بين القوابل وهنّ لا يَشعرن.
تَعاورتُما ثوبَ العُقوق كِلاكما
…
أبٌ غيرُ بَرٍّ وابنُمٌ غيرُ واصِلِ
يعنِي قاتلَ دُبَيّةَ ودُبَيَّة أتَيَا عُقوقا (4).
(1) الثمام: نبات ضعيف وتخشى به خصائص البيوت.
(2)
الإذخر: حشيش طيب الريح أطول من الثيل. قال أبو حنيفة الإذخر له أصل مندفن دقاق ذفر الريح، وله ثمرة كأنها مكاسح القصب إلا أنها أرق وأصغر، ويطحن فيدخل في الطيب، وهي تنبت في الحزون والسهول، وقلما تنبت الإذخرة منفردة. قال: وإذا جف الإذخر ابيض الخ ملخصا. والبيت لبلال.
(3)
الحنواء: الحدباء. والجعور بفتح الجيم: الكثيرة الجعر؛ والجعر: ما يبس من العذرة.
(4)
كذا ورد هذا التفسير في الأصل. وهو غير ظاهر. وكان الأولى كما يظهر لنا أن يقول "يعنى أبا دبية ودبية أتيا عقوقا" كما يقتضيه لفظ البيت، وذلك لأنهما حاربا بني هذيل مع صلتهما بهذه القبيلة أما قاتل دبية فهو من أخواله لا من آبائه.
فما لكم والفَرْطُ (1) لا تَقْرَبونه
…
وقد خِلْتُه أَدنى مآبٍ لقافلِ
فما لكم والفَرْط لا تَقْربونه، يقول: أجليتكم عن بلادكم بهزائمَ. قال أبو سعيد: ودُبَيّة قُتِل في الجاهليّة، ولم يقتله خالد بن الوليد -رضي الله تعالى عنه - قال: "وكانت العُزَّى شجرةً لها شُعبتان فقطعها خالد بن الوليد، وقال خالد للعُزَّى.
كُفرانَكِ اليومَ ولا سبحانَكِ
…
الحمد لله الّذى أهانك" (2)
والقافل: الراجع إلى أهله.
فعَيْنى ألا فابكى دُبَيّة إنه
…
وَصولٌ لأرحامٍ ومِعْطاءُ سائلِ
فقَلْصِى وَنْزلِى (3) ما وَجدتمْ حَفيلَه
…
وشَرِّى لكم ما عشتمُ ذو دَغاوِلِ
يقال: حَفَل عَقْله إذا اجتَمعَ، وكذا يقال للوادى إذا كثر ماؤه، وحَفَلَ المجلسُ إذا كثر أهله. وحَفَلت الناقةُ إذا اجتمع لبنها؛ ويقال للرّجل إذا عمل عملا اجتَهَد فيه: احتَفَل، واحتفال الشيء: شِدّته واجتماعه. قَلْصِى: انقباضى عنكم. ونَزْلَىْ (4): استرسالى لكم. وقوله: ذو دَغاوِل أي ذو غائلة. ولا ندرى واحدةَ دَغاوِل، ولكنّا نَرَى أنّها دَغْوَلة.
(1) يلاحظ أن الشارح لم يفسر الفرط وهو طريق بتهامة قاله ياقوت وأنشد هذا البيت.
(2)
ذكرت هذه العبارة هنا لأن المرثى كان صاحب العزّى ومن سدنتها انظر الأغانى ج 21.
(3)
في الأصل: "وبزلى"؛ بالباء. والتصويب عن اللسان (مادة قلص) وروى فيه "قد وجدتم".
(4)
قال في السان بعد ذكر ما ورد هنا في تفسير القلص والنزل: يقال للناقة إذا غارت وارتفع لبنها قد أقلصت، وإذا نزل لبنها قد أنزلت؛ وحفيله: كثرة لبنه (اهـ).
وقد بات فِيكم لا يَنام مهجِّدا
…
يُثبِّت في خالاته بالجَعائلِ
يقول: حين دلهّمْ على هُذَيل قال: ما تجعلون لى وتُعْطوننى، يقول: دَلّ على خالاته، يُثبِّت فيه (1) الجَعالة، وكانت أمّه من هذيل وأبوه من بني سُلَيم، فدَلَّ على خالاته وهو يثبِّت الجَعالة عليهم ليُعْطوه ما وعدوه إذا ظفِروا بهم. يقول: اقتلوهم وأعطونى جَعائل. قال: وواحدة الجَعائل جَعِيلة.
فوالله لو أدركتُه لمنعتُه
…
وإن كان لم يَتركْ مقالا لقائل
فوالله لو أدركتُه، يقول: لو أدكتُه لم يُقتَل لمنعتُه وإن كان قد استوجب القتل. قال أبو سعيد -ولم يَشهدْه لمّا قُتِل-:
وما القومُ إلا سبعةٌ وثلاثةٌ
…
يخوتون أولَى القوم خَوْتَ الأَجادِلِ
يَخُوتون، يقول: ينقضّون انقضاض الصّقور، أي يمَشقونهم (2) مَشْقَ الصُّقور.
وما القومُ إلّا سبعة وثلاثة، قال: يقول هؤلاء الّذين امتنعوا هذا عدَدُهم، يريد
بذلك مدحَهم؛ يخوتون: ينقضّون. وخوّات إنّما سُمّى بهذا، وأنشد أبو سعيد:
فخاتت غزالا جاثمًا بَصُرتْ به
…
لَدَى سَمُراتٍ عند أَدْماءَ سارِبِ (3)
(1) صوابه فيهن، أي في خالاته.
(2)
يمشقونهم، أي يطعنونهم. والمشق: الطعن الخفيف السريع.
(3)
البيت لصخر الغيّ. وخاتت غزالا أي انقضت عليه واختطفته، يصف عقابا، وأدماء سارب: أي تسرب في الأرض، يريد أم هذا الغزال.
وقال يردّ على المعترض بن حَنْواءَ الظَّفَرىّ
ألا أبلغ بنى ظَفَرٍ رسولا
…
ورَيْبُ الدهر يَحدُث كلَّ حينِ
يريد ما يَريبك من الدهر يجئ في كلّ زمان من الزمن.
أحقًّا أنّكم لمّا قَتلتمْ
…
نَداماىَ الكرامَ هجوتمونى
فإِنّ لدى التَّناضِب من عُوَيْر
…
أبا عمرٍو يَخِرّ على الجبين
التناضب: واحدته تَنْضبة (1). وعُوَير: مكان.
وإنّ بعُقْدة الأنصاب منكم
…
غلاما خَرّ في عَلَقِ شَنِين
عُقْدة الأنصاب: موضع. والشَّنين: الّذى يتشنّن، أي يتصبّب. ويقال: شَنَّ على رأسه قِربةً من ماء.
ورَدْناه بأسيافٍ حِدادٍ
…
خَرجن قبُيلَ من عند القُيونِ
قوله: من عند القُيون أي حديث عهدهن بالشَّحذ والصِّقال (2).
تركناه يَخِرّ على يديه
…
يَمُجّ عليهما عَلق الوَتينِ
فما أَغنَى صِياحُ الحيِّ عنه
…
ووَلوَلةُ النّساء مع الرَّنينِ
وإِنّا قد قَتَلنا من علمتمْ
…
ولستم بعدُ في قُفٍّ حَصينِ
(1) ذكر ياقوت التناضب بكسر الضاد وقال: كذا وجدته بخط ابن أخي الشافعي؛ ثم قال: وغيره بضمها.
(2)
يلاحظ أن الذي يفيد هذا المعنى الذي ذكره الشارح هو قوله "قبيل" لا قوله: "من عند القبون". فكان الأولى أن يقول: "قوله قبيل من عند" الخ.
يقول: قتلنا من علمتم ولستم في مَنَعة بعد أن فعلْنا بكم ما فعلْنا؛ نحن سنعود عليكم، أي ليس يمنعنا منكم شيء. والقُفّ: المكان الغليظ. يقول: أنتم في مكان ليس بالحصين ولا المنيع. وقُفّ وقِفاف. قال: والقِفاف يُمتَنع فيها لغِلَظها.
يقول: وقد قتلْنا منم رجالا قد علمتموهم أنتم.
* * *
وقال أيضًا
ولقد أتاكم ما تَصُوبُ سيوُفنا
…
بعد الهَوادة كلَّ أحمرَ صِمْصِمِ
قال أبو سعيد: صوْبُها ها هنا هو قصدُها لعدوّها. بعد الهوادة يعني بعد الدَّعة (1) التي بيننا وبينكم. والهَوادة: اللِّين والدَّعة. والصِّمْصِم: الغليظ، أي أنتم حُمْر (2). يقول: فسيوفنا تقصد قصدَ كلِّ أحمَر صمْصِم.
حَصَّ الجَدائرُ رأسَه فتركنَه
…
قَرعَ القَذالِ كبيْضةِ المستلئِم
الجَدائر: جمع جَديرة، وهي زَرْبُ الغنم، وهو صغير الباب. فيقول: أنتم أصحاب شاءٍ فتدخلون في الزَّرْب الصغير فيصيب رءوسكَم، فينحصّ شَعرها. والقَذال: ما عن يمين القَمَحْدُوَة (3) وشمالِها، وهما قَذالان. والمستلئم: الّذى قد لبس لَأْمَتَه، والَّلأْمة: السلاح. والجَديرة: زَرْب الغَنَم.
لولا تُفلَّقُ بالِحجارة رأسُه
…
بعد السيوف أتاكُم لم يُكلَم
(1) في الأصل: "الديمة"؛ وهو تحريف.
(2)
حمر: لا سلاح معهم.
(3)
القمحدوة: الهنة الناشزة فوق القفا، وهي بين الذؤابة والقفا منحدرة عن الهامة، إذا استلقى الرجل أصابت الأرض من رأسه.
يقول: هذا الّذى حَصَّ الجَدائُر رأسَه لولا أنّ رأسه يُشدَخ بالحجارة قلّ عملُ السيوف فيه من شدّته وغِلَظه وهُجونته. وإنّما يصفهم بالكِدْنة والهُجُونة.
وأنا الّذى بَيَّتُّكمْ في فِتيةٍ
…
بمَحَلّةٍ شَكِسٍ وليلٍ مظلِم
أغارَ عليهم ليلا، يقول: أغرتُ عليكم ليلا وأنتم في مكان غليظ بليل مظلم ومَحَلّة عسِرة شديدة ليست بسهلة ولا ليّنة.
كانت على حَيّان (1) أوّلُ صَوْلةٍ
…
منّى فأَخضبُ صفحتَيه بالدَّمِ
حيّان: اسم رجل منهم. والصفحتان: الجَنْبان.
ثم انصرفتُ إلى بنيه حولَه
…
بالسيف عَدْوةَ شابكٍ مستلحِم
هذا أَسَد. ومستلحِم: آكلِ اللَّحم. والشابك: الّذى قد اشتَبكتْ أنيابُه.
أُنحِى صَبيَّ السَّيف (2) وَسْطَ بيوتِهمْ
…
شَقَّ المعيِّث في أَديم الملْطَم
أُنحِى: أعتمد، وبعض الناس ينشد:"أَنحَى صبيَّ السيف" أي حَرَّفه. والمعيِّث: الذي يَعيث ويُفسِد. وأنشدنا "فعَيَّث في الكنانة (3) يَرجِع". والمِلطَم (4): أديمٌ يقابَلُ به آخَرُ فذاك لَطْمُه، وهو مِثلُ قول الجَعديّ:
لُطِمن بُترسٍ شديدِ الصِّفا
…
قِ من خَشَب الجَوْزِ لم يُثْقَب (5)
(1) كذا ورد هذا الاسم في الأصل.
(2)
صبي اليف: حدّه.
(3)
هذا بعض عجز بيت لأبي ذؤيب حمارا وصائده؛ وهو:
فبدا له أقراب هذا رائغا
…
عجلا فعيّث. . . . . . . . الخ
ويلاحظ أن التعييث في بيت أبي ذؤيب معناه إمالة الصائد يده في الكنانة ليأخذ سهما، وليس معناه الإفساد كما هنا.
(4)
في القاموس أن الملطم أديم يفرش تحت العيبة لئلا يصيبها التراب.
(5)
يصف حصانا؛ وقبله:
كأن مقطّ شراسيفه
…
إلى طرف القنب فالمنقب
لطمن الخ.