الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال أبو خراش يرثِى خالد بنَ زهير
أَرِقتُ لِهمٍّ ضافنى بعد هَجْعةٍ
…
على خالدٍ فالعَينُ دائمةُ السَّجْم
إذا ذكرتْه العينُ أغرَقَها البُكَى
…
وتَشرَق من تَهمالِها العَينُ بالدَّمِّ (1)
تَشَرق: تَنشَب، ومنه شِرق بالماء، إذا انتَشَب الماءُ فى حلقِه.
فباتت تراعى النجمَ عَينٌ مريضةٌ
…
لمِا عالهَا واعتادها الحزنُ باِلسُّقْم
عالها أي أثقَلَها أو بلغ منها.
وما بعد أن قد هَدّنى الدهر هَدّةً
…
تَضالَ لها جِسمِى ورَقَّ لها عَظْمِى
تَضالَ: مخفّفُ تَضاءل.
وما قد أَصابَ العَظْمَ منّى مُخامرٌ
…
من الداء داءٌ مستكِنٌّ على كَلْم
قوله: مُخامِر، أي مستِكنّ (2) ملازِم.
(1) نقل صاحب اللسان عن الكسائى (مادة دمى) قال: لا أعرف أحدا يثقل الدم، فأما قول الهذلى:
* وتشرق من تهمالها العين بالدم *
أي بتشديد الميم. مع قوله: "فالعين دائمة السجم"، فهو على أنه ثقل فى الوقف فقال الدمّ، فشدّد، ثم اضطر فأجرى الوصل مجرى الوقف. كما قال:"ببازل وجناء أو عيهل" أي بتشديد اللام الخ.
(2)
عبارة الخزانة ج 2 ص 318 "مخالط وملازم".
وأن قد بدا منّي لما قد أصابنى
…
من الحزن أنِّى ساهمُ الوجهِ ذو هَمِّ
شديد الأسى بادى الشُّحوبِ كأنّنى
…
أخو جِنّة يعتاده الخَبْلُ فى الِجسمِ
الأسى: الحزن. والخَبْل: فساد العقل والِجسم.
بفقد امرئ لا يجتوى الجارُ قُرْبَه
…
ولم يك يُشْكَى بالقطيعةِ والظُّلمِ
لا يجتوى: لا يكره.
يعود على ذى الجهلِ بالِحلِم والنُّهى
…
ولَم يَكُ فَحّاشا على الجار ذا عَذْمِ (1)
ولَم يكُ فَظًّا قاطعا لقرابةٍ
…
ولكن وَصولا للقرابةِ ذا رُحْم
ذا رُحْمِ: ذا رَحمةٍ.
وكنتَ إذا ساجرتَ منهم مُساجِرًا
…
صفحتَ بفَضْلٍ فى المُروءة والعِلِم
قوله: ساجَرْت، خالَلْت، من المُخالّة.
وكنتَ إذا ما قلت شيئاً فعلتَه
…
وفُتَّ بذاك الناسَ مجتمِعَ الحَزمِ
فإن تك غالتْك المنايا وصَرْفُها
…
فقد عِشتَ محمودَ الخلائقِ والِحلمِ
كريمَ سجيّات الأمور محبَّبا
…
كثيَرُ فضول الكفّ ليس بذى وَصْمِ (2)
(1) العذم: الأخذ باللسان واللوم والوقيعة.
(2)
وضع فوق كلمة "وصم" فى الأصل قوله: "عيب".
أَشمَّ كنَصْلِ السيفِ يرتاح للندَى
…
بعيدا من الآفاتِ والخُلُقِ الوَخْم
قوله: يرتاح للندى: يخِفّ للندى.
جمعتَ أمورا يُنفِذ المَرَّ بعضُها
…
من الحِلْم والمعروفِ والحَسَبِ الضَّخْم
المَرَّ: لغتهم، يريد المرءَ يا هذا. يقول: بعض هذه الأمور التي فيك تجعل المرء نافذا، فكيف كلّها، فقد اجتمعت فيك.
أتته المنايا وهو غَضٌّ شَبابُه
…
وما لِلمنايا عن حِمَى النَّفسِ مِن عَزْمِ (1)
وكلّ امرئ يوما إلى الموت صائر
…
قضاءً إذا ما حان يؤخذ بالكَظْم (2)
وما أحد حىٌّ تأخّرَ يَومُه
…
بأخلدَ ممّن صار قبَل إلى الرَّجْمِ
الرجم (3): القبر.
سيأتي على الباقِين يومٌ كما أتى
…
على من مضى حتمٌ عليه من الحَتْمِ
فلستُ بناسِيه وإن طال عهدُه
…
وما بعدَه للعيشِ عِندِىَ من طعمِ
(1) العزم هنا بمعنى الصبر، قاله البغدادى فى الخزانة ج 2 ص 319.
(2)
الكظم: "الحلق" وقيل "الفم" وأصله بفتحتين وسكَن ثانيه ضرورة قاله البغدادى فى الخزانة ج 2 ص 319 وفسر الكظم بالتحريك فى اللسان بأنه مخرج النفس بفتح الفاء، وأنشد بيت أبى خراش هذا وروايته "إلى الله" مكان قوله:"إلى الموت"، و"إذا ما كان" مكان قوله:"إذا ما حان".
(3)
أصله الرجم بفتح الجيم، وسكن ضرورة، انظر خزانة الأدب للبغدادي.
وقال أبو خِراش (1) أيضا
إنكِ لو أبصرتِ مَصرَع خالدٍ
…
بجَنْبِ السِّتارِ (2) بين أظْلَمَ فالحَزْمِ
أظلم: مكان (3). والحزم: مكان غليظ (4).
لأيقنتِ أن البَكْر ليس رزِيّةً
…
ولا النابَ لا انضمّت (5) يداكِ على غُنْمِ
خيّبكِ الله، أي لا غنِمت يداكِ إذ صِرتِ تحزنين على هذا البَكر.
تذكّرتُ شَحوًا ضافَنى بعد هَجْعةٍ
…
على خالدٍ فالعينُ دائمة السَّجْم
شجوا: حُزْنا. والسَّجْم: الصّبّ.
لَعمرُ أبِي الطّيرِ المُربّةِ (6) بالضّحى
…
على خالدٍ لقد وقعنَ على لحَم
(1) هذه القصيدة يرثى بها أبو خراش خالد بن زهير أيضا كالتى قبلها.
(2)
الستار: جبل بالعالية فى ديار بنى سليم.
(3)
قال الأصمعى عند ذكره جبال مكة "أظلم الجبل الأسود من ذات حبيس" وأنشد للحصين بن حمام المرى:
فليت أبا بشر رأى كر خيلنا
…
وخيلهم بين الستار وأظلما
(معجم البلدان).
(4)
فى خزانة الأدب ج 2 ص 317 أنه يريد حزم بنى عوال. وفي معجم البلدان أن حزم بنى عوال جبل بأكناف الحجاز على طريق من أم المدينة لغطفان.
(5)
فى خزانة الأدب: "لا اضطمت".
(6)
المربة: المقيمة. وقد روى هذا البيت بعدّة روايات ذكرها صاحب خزانة الأدب ج 2 من صفحة 316 إلى صفحة 319 فانظرها مع هذه القصيدة والقصيدة التي قبلها.