الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال أبو خراش أيضًا
يذكر فرّة فرّها من فائد وأصحابِه الخُزاعيِّين، وكان مِن حديث أبي خِراش أنه خرج بزوجة (1) أبيه مُرّة "وكان مُرّة خلَف بعد لُبْنَى أمِّ أبى خراش وإخوته السبعة عليها"(2)، وأنّ أبا خراش أَتى بها مكّة وأمرها أن تقضِى ما أرادت من نُسُكٍ أو غيرِه، وقعد لها بالأخشَب (3)، وقال لها: احذرِى أن يعرِفك أحد، فإنّ بهذا البلد قوما قد وترتهم من بنى كعب بنِ خزاعة، فلقِيها فائد فعرفها، وقال لها: كم معكِ من بنِيكِ؟ فإنّى رجل من عشيرتِكِ أحدِ بنى سَهْم، فإنّ بهذه القرية قوما قد وتَرَهُم أبو خِراش، فاقعدى وأخبِرينى بحوائجكِ، فأقعدها واشترى لها حوائجها، وقال لها: أيُّ بنيكِ معك؟ قالت: أبو خِراش. قال: فامضى ولا تخبِرى أحدا سواى خبرى. قال: وتقدّم فائد لأبي خِراش حتى قعد له بالطريق، ورجعت المرأةُ إلى أبى خِراش، فقال لها: مَن لقِيَكِ؟ ومن رأيتِ؟ قالت: رأيت رجلاً من بنى سَهْم، وكان أحرصَ على أن أخفِىَ أمرى منك، فنعته لها أبو خِراش، فقالت:
(1) فى الأغانى ج 21 ص 55 طبع بولاق أن التي كانت مع أبى خراش هي زوجته أم خراش.
(2)
كذا وردت هذه العبارة التي بين هاتين العلامتين فى كلتا النسخين؛ والمعنى أن مرة كان قد تزوّج هذه الزوجة بعد لبنى أم أبي خراش. والذي فى الأغانى ج 21 ص 61 أن إخوة أبى خراش، كانوا عشرة وهم: أبو خراش وأبو جندب وعروة والأبح والأسود وأبو الأسود وعمرو وزهير وجناد وسفيان، وكانوا جميعاً شعراء دهاة سراعا لا يدركون عدوا
…
الخ.
(3)
الأخشب: واحد الأخشبين، وهما جبلان يضافان تارة إلى مكّة وتارة إلى منى؛ أحدهما أبو قبيس، والآخر قعيقعان. وقال ابن وهب: الأخشبان الجبلان اللذان تحت العقبة بمنى.
نعم، إنه لهو، قال: ذلك فائد، وقد قتلتنِى. قالت: فارجع إلى قريش فخذ منها جِوارا، فأبى (1) عليها أبو خِراش وذهب بها، وقال لها: القوم بالمُغمَّس (2) فامضِى إليهم، وحملها على جملٍ لمرّة نجيب، وقال لها: إذا خلفتِ القوم فاجهدى بعيركِ فإنى شاغلهم عنكِ، ولن يتعرّضوا لكِ حتى ييئسوا منّي. فمضت، وجاء أبو خِراش يبطئ فى المشى، ويُصلِح نعلَه حتى خلفتْهم المرأة، ثم جَهدتْ بعيرَها حتى كأنّ خمارَها فى أطراف الشجر نَسْجُ العنكبوت، وأتاهم أبو خِراش حتى سلّم عليهم يُطمِعهم فى نفسه لتذهب المرأة، فقالوا: مرحبا يا خُوَيلِد، وأقبلوا إليه غيرَ سِراع وهم يميلون نحوه، ولا يريدون ذُعْرَه، وقد قدّموا فائدا بذَنَب الثَّنِيّة، ثم عدَوْا عليه وشدّ أبو خِراش يؤمّ ذَنَب الثنيّة أسفلَ مِن فائد، وقالوا: إليك يا فائد، خذ يا فائد، اِضرب يا فائد، اِرمِ يا فائد، وزعموا أن قوس أبى خِراش انقطعتْ حِمالتها وانفلت أبو خراش، وجاءت امرأةُ مُرّة إليه (3)، فقال لها: ويلكِ ما فعل أبو خِراش؟ قالت: قتِل، قتله فائد وأصحابه. قال: ويلكِ، قتِل وأنتِ تنظرين؟ قالت: نعم، قال: كيف انفلتّ أنتِ؟ قالت: إنّه لم يُقتل حتى خلفتُ القوم، قال: فأخبِرينى كيف كان قتلُه؟ قالت: عهدى به وقد التفّ عليه القوم، فقال: هل سمعتِ من شيء؟ قالت: سمعتُ: "يا فائد اضرب، يا فائد ارم"؛ فقال: إن أخطأتْ أسهُمُ القومِ أجابنى، وصرخ مُرّة فاستجاب له أبو خِراش، ففى ذلك يقول أبو خِراش:
(1) فى كلتا النسختين "فأبلى"، وهو تحريف.
(2)
المغمس بفتح الميم المشدّدة وكسرها: موضع قرب مكة فى طريق الطائف.
(3)
إليه أي إلى مرة زوجها.
رَفَوْنِى وقالوا يا خويلدُ لا تُرَعْ
…
فقلت وأنكرتُ الوجوهَ همُ همُ
رفونى، أي سكّنونى، وكان أصلُها رفؤونى. قال أبو سعيد: وأهل الحجاز يهمزون. فترك الهمزة، وأنشد لحسان بنِ ثابت:
"يرفؤون (1)
…
"، قال ليس هذا باستفهام، هم هم أي هم الذين كنت أخاف.
فعَدّيتُ شيئا والدَّريسُ كأنمّا
…
يزعزِعه وِرْدٌ (2) من المُومِ (3) مُرْدِمُ
عَدّيتُ: صُرِفتُ عنهم، وهم أصحابه، أي انحرفتُ قليلا ولم آخذْ على وجهى.
والدَّرِيس: الثوب الخَلَق. والمُرْدِم: الملازم، يقال: أردمتْ عليه الحمّى إذا لازمته.
تَذَكُّرَ (4) ما أين المَفرُّ وإنّنى
…
بغرزِ الذى ينجِى من الموتِ معصِم
تذكُّرَ: نَصْبٌ، "وسألتُه (5) عنه" فقال: كان عيسى بن عمر يقول: تذكُّرُ ما أين المَفرّ؛ ولم يكن يدرى ما القراءة. وكان أبو عمرو يُنشِد: تَذكُّرَ ما أين المَفرّ، وهي القراءة. والمَفَرّ: المَنْجَى والذَّهابُ فى الأرض. وقوله: يَغْرزِ الذّى يُنجِى مِن
(1) كذا وردت هذه الكلمة فى كلا الأصلين؛ وقد راجعنا ديوان حسان بن ثابت فى عدة طبعات فلم نقف على وجه الصواب فيها.
(2)
فى الأغانى ج 21 ص 26 "وعك" مكان قوله: "ورد" والمعنى عليه يستقيم أيضاً.
(3)
الموم: الحمى. قاله ابن برى.
(4)
فى الأغانى ج 21 ص 56: "تذكرت" مكان قوله: "تذكر" و"بحبل" مكان قوله: "بغرز".
(5)
لم نتبين مرجع الضمير هنا.
الموت مُعصِم، يقول: أنا متعلّق بعَدْوٍ شديد فيُنجِينى. ويقال للرجل: اُشدد يديك بغَرْزِ (1) فلان، إذا أمره أن يَلزَمه. ويقال: أعصَمَ الرجلُ بعُرْفِ فرسِه إذا تعلّق به، والمُعصِم: المتعلّق.
فوالله ما رَبْداء أو عِلْجُ عانةٍ (2)
…
أقبُّ وما إنْ تَيْسُ رَبْلٍ (3) مصمِّمُ
الرَّبْل: نبت يَنبتُ فى قُبْلُ الشتاء (4). ورَبْداء: نعامة سوداء إلى الغُبرْة.
وعِلْج: حمارٌ غليظ. أقبّ: خميصُ البطن. ومصمِّم: يركب رأسَه ويمضِى. وعَنَى بالتّيسِ (5) ظبيا.
وبُثّت حِبالٌ فى مَرادٍ يَرودُه
…
فأخطأه منها كِفافٌ مخزَّمُ
فى مَرادٍ يَرودُه، أي فى مسارحَ يَسرَح فيها. وكِفاف، يعني كِفّةَ الحابل وهي شيء يُعمَل مِثل غِلاف القارورة؛ ثم يُجعل فيها خَرْق، ثم يُجعل عليها خَيْط بأُنشْوطة، ويغطَّى بتراب، فإذا دخلتْ يدُ الظبى فيها نفَضَها فنَشِبَت (6). وقوله: مخزَّم، أي منظَّم.
(1) الغرز فى الأصل: ركاب الرحل، وهو فى هذا البيت وفى قوله:"اشدد يديك بغرز فلان" استعارة.
(2)
العانة: القطيع من حمر الوحش.
(3)
فى الأغانى ج 21 ص 56 "رمل" مكان قوله "ربل".
(4)
فى قبل الشتاء بضم فسكون وبضمتين أي فى أوّله؛ والقبل بهذا الضبط من الزمان: أوّله. وعبارة اللغويين فى تفسير الربل أنه ضروب من الشجر إذا برد الزمان عليها وأدبر الصيف تفطرت بورق أخضر من غير مطر.
(5)
قال فى اللسان (مادة تيس): والعرب تجرى الظباء مجرى العنز فيقولون فى إناثها المعز، وفى ذكورها التيوس، قال الهذلى:
وعادية تلقى الثياب كأنها
…
تيوس ظباء محصها وانبتارها
(6)
عبارة اللسان: الكفة ما يصاد به الظباء يجعل كالطوق.
يَطيحُ إذا الشَّعْراء صاتت بجَنْبِه
…
كما طاح قِدْحُ المستفيضِ الموشَّمُ
يطيح: يُشرِف (1). والشَّعْراء: ذُباب يَلسَع. وصاتت هاهنا أصاتت، وليس بمعروف (2). ويروى أيضاً:"إذا الشَّعْراء طافت بجَنبِه" والمعنى دَنَت، وهو أحسن فى هذا. والمستفيض: الّذي يُفِيض بالقِداح يَضرِب بها. والموشَّم: قِدْح فيه علامات.
كأنّ المُلاء المَحْضَ خَلْفَ ذِراعِه
…
صُراحِيُّهُ والآخِنِىُّ المتحَّمُ
ويروى المخذَّم، وهو المقطَّع المشقَّق. قال: والمحض الخالص الأبيض. وصُراحِيّه: أبيضه. والآخِنىّ: ثياب كتان، وهي رديئة دون الجيدة (3). والأَتحمِىّ: بُرودٌ يَمانيّة فيها خطوط خُضر وحُمر.
تراه وقد فات الرُّماةَ كأنّه
…
أمامَ الكِلاب مُصْغى (4) الخدِّ أَصْلَمُ
قال: نصب "مصغِىَ" على الحال. وقوله: أصلم، يقول: كأنّه من شدّة ما صَرَّ أذنيه (5) أصلم. مُصغ: من شِدّة العَدْو.
(1) لعله "يسرع" إذا لم نجد الطوح والطيح بمعنى الإشراف، وإنما يكون بمعنى الذهاب فى الأرض أو الإشراف على الهلاك.
(2)
فى كتب اللغة أن صات وأصات كلاهما بمعنى واحد أي صوّت. فقوله هنا: "وليس بمعروف" غير ظاهر.
(3)
فى اللسان أن الآخنى ثياب مخططة. وقبل: الآخنى ثياب سود لينة يلبسها النصارى.
(4)
أصغى خدّه، أي أماله للاستماع.
(5)
صر أذنيه، أي سوّاهما ونصبهما للاستماع. وأصلم: مستأصل الأذن.
بأجوَدَ مِنّى يومَ كَفّتّ عادِياً (1)
…
وأخطأنى خَلْفَ الثَّنِيّةِ أسهُمُ
الكَفْت: الانقباض والسرعة. ويقال: اِكفِت إليك ثوابَك، أي اضمُمه إليك؛ وانكفِتْ فى مشيِك أي أَسِرع.
أُوائل بالشّدّ الذَّليقِ وحَثَّنى
…
لَدَى المتَنِ مشبوحُ الذِّراعان خَلْجَمُ
أَوائل بالشَّدّ، أي أطلب النجاة بالشّدّ. والمشبوحُ الذِّراعين: العريض الذراعين. وحَثَّنى على الشّدّ، يعنى رجلاً يعدو خلفه. والخَلْجَم: الطويل. والذَّليق: الحديد. وقوله: "لدى المَتْن" يريد خلف ظهرِه.
تذكَّرَ ذَحْلا عندنا وهو فاتِكٌ
…
مِن القوم يَعْروه اجتِراءٌ ومَأَثَمُ
يَعرُوه: يعتريه، يُلِمّ به. فاتِك: مُقدِم على الأمر. ويقال للرجل إذا كان جريئا على الأمر: فاتِك.
فكِدتُ وقد خَلّفتُ أصحابَ فائدٍ
…
لدى حَجَر الشَّغْرَى من الشَّدّ أَكْلَمُ
حَجَر الشَّغْرَى: حجر قريب من مكة (2). قال أبو سعيد: وكانوا يركبون منه الدابّة؛ وقيل: كانوا يقولون: إذا كان كذا وكذا [أتيناه (3)، فإذا كان ذلك] أتوه فبالوا
(1) روى فى الأغانى "وافيت ساعيا" مكان قوله "كفت عاديا" وقد ورد فى الأغانى أيضاً قبل هذا البيت قوله:
بأسرع مني إذ عرفت عديهم
…
كأنى لأولاهم من القرب توأم
ثم روى فيه "وأجود" مكان قوله "بأجود" ليصح عطفه على قوله "بأسرع".
(2)
قيل إنه الشغزى بالزاى المعجمة وألف التأنيث؛ وقيل بالراء المهملة، وقال نصر: هو شغراء بالراء ممدودا. قال ياقوت: كانوا يركبون منه الدواب. وقال فى (مادة حجر) إنه الشغرى بالراء على وزن سكرى. قال: وهو بالراء أكثر، ثم ذكر أنه حجر بالمعرّف، وأنشد بيت أبى خراش هذا؛ وانظر القاموس وشرحه (مادة شغز) بالزاى.
(3)
هذه التكملة التى تحت هذا الرقم لم ترد فى الأصل. وقد أثبتناها عن شرح القاموس (مادة شغر) بالراء.
عليه. فقيل: حَجَر الشَّغْرَى لضربٍ من الكُفْر، لأنّهم يَشغَرون عليه. وفائد: رجل من خُزاعة كان طرد أبا خِراش، وقد فرغْنا من قصّته.
تقول ابنتى لمّا رأتنى عشيّةً
…
سلِمتَ وما إن كِدتَ بالأمس تَسلَمُ
ولولا دِراكُ (1) الشَّدِّ قَاظْت حَليلتِى
…
تَخيّرُ من خُطّابها وهي أَيِّمُ
دِراك الشدّ: مُدارَكته، وهي سرعتُه. قاظت: أتت عليها قَيْظة أي صَيْفة.
فتَقعُد أو تَرضَى مكانى خليفةً
…
وكاد خِراشُ يومَ ذلك يَيْتَمُ
* * *
وقال أبو خِراش فى قتلُ زهير بن العَجْوة أخى بنى عمرو بنِ الحارث
وكان قتلَه جميلُ بنُ مَعَمر بنِ حبيب بنِ حُذافة (2) بن جُمَح بن عمرو بن هُصَيص يوم حُنين، وجده مربوطا فى أُناس أخذهم أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم فضرب عنقه (3)، وكان زهير خرج يطلب الغنائم، فقال أبو خراش يرثيه:
فَجَّعَ أضيافى جَميلُ بنُ مَعمَرٍ
…
بذى فَجَرٍ تأوِى إليه الأَرامِلُ
ويروى: فَجّع أصحابي. بذى فَجرٍ: بذى معروف.
(1) ورد فى الأغانى قبل هذا البيت قوله:
فقلت وقد جاوزت صارى عشية
…
أجاوزت أولى القوم أم أنا أحلم
(2)
فى الأغانى ج 21 ص 58 "ابن وهب" قبل قوله: "ابن حذافة".
(3)
زاد فى الأغانى قبل هذه العبارة قوله: وكانت بينهما إحبة فى الجاهلية.
طويل نِجادِ البَزِّ (1) ليس بَجيدَرٍ
…
إذا اهتزّ واسترخت عليه الحمائل
نِجاد البزّ، يريد بالبَزّ هاهنا السيف. والجَيْدَر: القصير. واسترخت عليه الحمائل، حمائل طويلة، وأراد أنه طويل.
إلى بيته يأوِى الغريب إذا شتا
…
ومُهتلِكٌ بالى الدَّريسَيْن عائلُ
الدريسان: الثوبانِ الخَلَقان. وعائل: فقير. وعالَ الميزانُ إذا مال. وعالَ الرجلُ إذا افتقر.
تَروَّحَ مَقْرورا وراحت عشيّةً
…
لها حَدَبٌ يحَتثُّه فيُوائِلُ
وراحت عشيّةً، أي راحَ رائحُها. لها حَدَب: لها عُرْفٌ (2). والحدب يحتثّ هذا الرجلَ إلى الحىّ.
تكاد يداه تُسْلِمان رِداءَه
…
من الجُود لما استقبلَتْه الشَّمائلُ
أي يداه لا تَحبِسان شيئا من مالِه أي يعطِى إذا هاجت الشَّمال فى الشتاء.
فما بالُ أهلِ الدّارِ لم يتحمّلوا (3)
…
وقد بان منها اللَّوْذَعِىُّ الحُلاحِلُ
اللّوذعىّ: الحديد البيِّن اللسان. والحُلاحِل: الرَّزِين فى مجلسه.
(1) فى الأغانى "السيف". مكان "البز" و "إذا قام واستنت" مكان قوله: إذا اهتز واسترخت.
(2)
كذا ورد هذا اللفظ فى الأصل مضبوطا بضم العين وسكون الراء وضمتين على الفاء، وهو تحريف إذ لم نجد الحدب بهذا المعنى فيما راجعناه من كتب اللغة؛ على أنه إن كان فهو غير مستقيم، ولعل صوابه:"لها عنف" أي شدّة. وفى كتب اللغة أن حدب الشتاء شدة برده قال الشاعر:
لم يدر ما حدب الشتاء ونقصه
…
ومضت صنابره ولم يتخدّد
(3)
رواية اللسان (مادة لذع): لم يتفرّقوا
…
وقد خف عنها
…
الخ.
فوالله لو لاقيتَه غيرَ مُوثَقٍ
…
لآبكَ بالِجزْعَ الضِّباع النَّواهلُ
النّواهل: المشتهِيات للأكل كما تَشتهَى الإبلِ الماء. والجِزع: منعطف الوادى.
وإنّك لو واجهتَه إذ لقِيتَه
…
فنازلتَه أو كنتَ ممّن ينازِلُ
لظلّ جَميلُ أسوأَ القوِم (1) تَلّةً
…
ولكنّ قِرْنَ الظَّهْرِ للمرءِ شاغِل (2)
ولم أنسَ أيّاما لنا وليالِيا
…
بحَلْيَةَ إذ نَلقَى بها من نُحاولُ
فليس كعهد الدّار يا أمَّ مالِكٍ
…
ولكن أحاطتْ بالرِّقاب السَّلاسِلُ
أراد الإِسلام أحاط برقابنا، فلا نستطيع أن نعمل شيئاً.
وعاد الفتى كالكهلِ ليس بقائلٍ
…
سِوى العَدْل (3) شيئا فاستراح العواذل
يقول: رجع الفتى عما كان عليه من فتوّته وصار كأنه كَهْل. قوله: فاستراح
العواذل لأنهنّ لا يَجِدن ما يعذلْن فيه سِوى العدْل أي سوى الحقّ.
فأصبح إخوانُ الصَّفاءِ كأنّما
…
أَهالَ عليهمْ جانِبَ التُّربِ هائلُ
(1) فى رواية "أفحش القوم صرعة".
(2)
تلة أي صرعة. ويريد بقرن الظهر القرن الذي جاءه من جهة ظهره. ورواية الأغانى ج 21 ص 59 "ولكن قرن المرء للظهر" الخ.
(3)
رواية الأغانى "سوى الحق".